135 – شرح رسالة صفة الصلاة لابن عثيمين رحمه الله

الثلاثاء 25 رجب 1445هـ 6-2-2024م

 

135 –  شرح رسالة صفة الصلاة لابن عثيمين

رحمه الله pdf

 

 

شرح رسالة

صفة الصلاة

لابن عثيمين رحمه الله

 

شرح وتعليق

 أ. د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

 عضو الإفتاء بالقصيم

والأستاذ بكلية التربية بالزلفي جامعة المجمعة

 

 

مقدمة الشارح

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:

فإن التفقه في الدين، ومعرفة أحكام العبادات وبخاصة الصلاة التي هي الركن الثاني بعد الشهادتين، من أهم المهمات، وأوجب الواجبات، ليكون المسلم على بصيرة منها كيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم فمتى أقام المصلي الصلاة وأداها وفق ما أمر الله تعالى ورسوله  صلى الله عليه وسلم خالصةً لوجه الله تعالى، فقد حظي بقبول العمل والأجر العظيم من الله تعالى.

ولقد بذل العلماء رحمهم الله وقتهم وجهدهم في استنباط الأحكام الشرعية المتعلقة بالصلاة، وتقريبها للأذهان، وبيان ما يتعلق بها من شروط وأركان وواجبات وسنن، وقد تنوعت هذه المؤلفات ما بين مطول ومختصر، ومنظوم ومنثور.

ومن هؤلاء العلماء الذين أعطاهم الله تعالى بصيرة في العلم وقوة في الاستنباط سماحة شيخنا محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله فمن نظر إلى شروحه ومؤلفاته أيقن يقيناً تاماً بذلك ولا أدل على ذلك من شروحه الكثيرة وأخص بالذكر منها (الشرح الممتع على زاد المستقنع) فقد اعتنى فيه بحل ألفاظه، وتبيين معانيه، وذكر القول الراجح، مع تقرير المذهب في كل مسألة من مسائله. وفي الحقيقة من قرأ في كتب المتقدمين بل والمتأخرين لم يجد مثل هذا الشرح.

ومن جملة ما ألفه رحمه الله رسالته الموسومة بــ (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم) التي تميزت بدقة العبارة وتحريرها مع سهولتها ووضوحها، وتقريبها لطالب العلم مع كثرة الأمثلة التي يسوقها لفهم الطالب.

وفي عام (1436هـ) وقع اختياري على هذا الرسالة لتدريسها في الحرم النبوي ضمن الدروس المقامة في الحرم، وذلك لأسباب منها:

الأول: لما يعلمه القاصي والداني من منزلة الصلاة ومكانتها والأجر المترتب لمن أقامها وأحسنَ أدائها.

الثاني: أنها رسالة مختصرة سهلة العبارة واضحة المعني مليئة بالأدلة التي تساهم بلا شك في قوة الاستدلال وتريح الباحث من عناء البحث في أمهات الكتب المؤلفة في فقه الصلاة والتي لم تخلوا من تعصب لمذهب أو لرأي عالم لم يستعمل الأدلة الشرعية في استدلاله على قوله أو رأيه.

الثالث: أنها حوت مسائل لا توجد في غيرها من الرسائل التي ألفت في الصلاة.

الثالث: أنها لم تشرح فيما أعلم من قبل.

ثم إني لما انتهيت من شرحها في الحرم النبوي رغبت في إخراج الشرح ونشره لكي تعم الفائدة، فاستعنت بالله تعالى، وأعدت النظر في الأصل، وزدت ما رأيت فائدته، وحذفت منه ما يستغنى عنه.

وقد سلكت في شرحها المنهج الآتي:

1-وضحت عبارة المؤلف بأسلوب يناسبها، ليس بالطويل المُمِلِّ، ولا بالقصير المُخِلِّ، وقرنت الأحكام بأدلتها الشرعية المعتبرة في مقام الاستدلال.

2-خرَّجت الأحاديث التي ذكرها المؤلف وذكرتها في ثنايا الشرح، واقتصرت على الصحيحين إن كان الحديث فيهما أو في أحدهما، فإن لم يكن خرجته من السنن.

3-ذكرت أقوال الفقهاء إذا كان في المسألة ثَمَّ خلاف ثم ذكرت الراجح من أقوال العلماء بناء على قوة الدليل.

4-أضفت بعض المسائل التي يُحتاج إلى معرفتها ولم يذكرها المؤلف في رسالته.

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يجعل عملي صالحاً، ولوجهه خالصاً، وأن ينفع به، وأن يرزقنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

                                                                                         وكتبه

                                                                        أ.د عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

                                                                                    عضو الإفتاء بالقصيم

                                                                             والأستاذ بكلية التربية بالزلفي

                                                                                      جامعة المجمعة

 

نبذة مختصرة

عن السيرة الذاتية لفضيلة الشيخ

محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى

أولاً: اسمه ومولده:

العالم الجليل، والمربي الفاضل، والقدوة الصالحة، والطود الشامخ في العلم، والزهد، والصدق، والإخلاص، والتواضع، والورع، والفتوى.

شيخ التفسير، والعقيدة، والفقه، والسيرة النبوية، والأصول، والنحو، وسائر العلوم الشرعية، الداعي إلى الله بصيرة، المشهود له بصدق العمل، ومواقف الخير، والدعوة، والارشاد، والإفتاء، الذي انتفع بعلمه المسلمين في شتى أنحاء العالم الإسلامي، والذي أجمعت القلوب على قبوله، ومحبته، وفضله، وعلو مرتبته.

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي.

كان مولده في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1347هـ، في مدينة عنيزة -إحدى مدن القصيم- بالمملكة العربية السعودية.

ثانياً: نشأته العلمية:

تعلم القرآن الكريم على جده من جهة أمه عبد الرحمن بن سليمان الدامغ رحمه الله، ثم تعلم الكتابة وشيئاً من الأدب والحساب، والتحق بإحدى المدارس، وحفظ القرآن عن ظهر قلب في سن مبكرة، ومختصرات المتون في الحديث والفقه.

كان فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-قد رتب من طلبته الكبار لتدريس المبتدئين من الطلبة، وكان منهم الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع رحمه الله فانضم إليه فضيلة شيخنا.

ولما أدرك ما أدرك من العلم في التوحيد والفقه والنحو جلس في حلقة شيخه فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فدرس عليه في التفسير والحديث والتوحيد والفقه وأصوله والفرائض والنحو.

ويعتبر الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي شيخه الأول الذي نهل من معين علمه، وتأثر بمنهجه، وتأصيله، واتباعه للدليل، وطريقة تدريسه، وتقريره، وتقريبه العلم لطلابه بأيسر الطرق وأسلمها، وقد توسم فيه شيخه النجابة والذكاء وسرعة التحصيل، فكان به حفيًّا، ودفعه إلى التدريس وهو لا يزال طالباً في حلقته.

قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان رحمه الله في علم الفرائض حال ولايته القضاء في عنيزة، وقرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله في النحو والبلاغة أثناء وجوده في عنيزة.

ولما فُتحَ المعهد العلمي بالرياض أشار عليه بعض إخوانه أن يلتحق به، فاستأذن شيخه عبد الرحمن السعدي، فأذن له؛ فالتحق بالمعهد العلمي في الرياض سنة 1372هـ وانتظم في الدراسة سنتين انتفع فيهما بالعلماء الذين كانوا يدرسون في المعهد حينذاك ومنهم العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد، والشيخ عبد الرحمن الأفريقي، وغيرهم رحمهم الله.

واتصل بسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، فقرأ عليه في المسجد من صحيح البخاري، ومن رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، وانتفع منه في علم الحديث، والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها، ويعتبر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز شيخه الثاني في التحصيل والتأثر به.

وتخرج من المعهد العلمي، ثم تابع دراسته الجامعية انتساباً حتى نال الشهادة الجامعية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض.

ثالثاً: أعماله ونشاطه العلمي:

بدأ التدريس منذ عام 1370هـ في الجامع الكبير بعنيزة على نطاق ضيق في عهد شيخه عبد الرحمن السعدي، وبعد أن تخرج من المعهد العلمي في الرياض عين مدرساً في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ.

وفي سنة 1376هـ توفي شيخه عبد الرحمن السعدي رحمه الله فتولى بعده إمامة المسجد بالجامع الكبير في عنيزة والخطابة فيه، والتدريس بمكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع والتي أسسها شيخه في عام 1359هـ.

ولما كثر الطلبة وصارت المكتبة لا تكفيهم صار يدرس في المسجد الجامع نفسه واجتمع إليه طلاب كثيرون من داخل المملكة وخارجها حتى كانوا يبلغون المئات وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل لا لمجرد الاستماع – ولم يزل مدرساً في مسجده وإماماً وخطيباً حتى توفي رحمه الله.

استمر مدرساً بالمعهد العلمي في عنيزة حتى عام 1398هـ، وشارك في آخر هذه الفترة في عضوية لجنة الخطط ومنهاج المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وألف بعض المناهج الدراسية.

ثم لم يزل أستاذاً بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم بكلية الشريعة وأصول الدين منذ العام الدراسي 1398-1399هـ حتى توفي رحمه الله.

درّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج وشهر رمضان والعطل الصيفية.

شارك في عدة لجان علمية متخصصة عديدة داخل المملكة العربية السعودية.

ألقى محاضرات علمية داخل المملكة وخارجها عن طريق الهاتف.

تولى رئاسة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة منذ تأسيسها عام 1405هـ حتى وفاته رحمه الله.

كان عضواً في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للعامين الدراسيين 1398 – 1399 هـ، و1399 – 1400 هـ.

كان عضواً في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين، ورئيساً لقسم العقيدة فيها.

كان عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1407هـ حتى وفاته رحمه الله.

وكان بالإضافة إلى أعماله الجليلة والمسؤوليات الكبيرة حريصاً على نفع الناس بالفتوى وقضاء حوائجهم، ليلاً ونهاراً، حضراً وسفراً، وفي أيام صحته ومرضه رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

كما كان يلزم نفسه باللقاءات العلمية والاجتماعية النافعة المنتظمة المجدولة، فكان يعقد اللقاءات المنتظمة الأسبوعية مع قضاة منطقة القصيم وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عنيزة ومع خطباء مدينة عنيزة ومع كبار طلابه ومع الطلبة المقيمين في السكن ومع أعضاء مجلس إدارة جمعية تحفيظ القران الكريم ومع منسوبي قسم العقيدة بفرع جامعة الإمام بالقصيم.

وكان يعقد اللقاءات العامة كاللقاء الأسبوعي في منزله، واللقاء الشهري في مسجده، واللقاءات الموسمية السنوية التي كان يجدولها خارج مدينته؛ فكانت حياته زاخرة بالعطاء والنشاط والعمل الدؤوب، وكان مباركاً أينما توجه كالغيث من السماء أينما حل نفع.

رابعاً: منهجه في التدريس:

كان للشيخ رحمه الله أسلوب تعليمي رائع فريد، فقد سلك رحمه الله منهج شيخه ابن سعدي في التدريس والتعليم، فكان الشيخ رحمه الله يحث طلابه على حفظ المتون العلمية والاهتمام بقراءة شروحها، وكان يقوم بتوضيحها وتقريبها لهم.

وكان يوصيهم رحمه الله بالاهتمام بعلوم الشريعة من التفسير والحديث والعقيدة والفقه وأصوله والفرائض والعربية وغيرها.

وكان أيضاً يوجههم إلى العناية بالدليل، وبناء الحكم عليه، والاستنباط منه ليكون ذلك أكثر طمأنينة للعالم والمتلقي.

وكانت له رحمه الله طريقته الخاصة والسهلة في تدريس طلابه، بحيث يمكن الطلاب من الاستفادة الجادة المرتبطة بالمواد العلمية التي تدرس لهم، بحيث يخصص للدرس وقتاً معيناً ثم يتخلله بعض الأسئلة من الطلاب، ولما وجد أن هذه الطريقة تضيع بعض أوقات الدرس وتشوش على بعض الطلاب أجّل الأسئلة إلى نهاية الدرس حسب الوقت المتاح.

وكان من حرصه رحمه الله على طلابه أنه يكلفهم كثيراً بالبحوث وتحرير المسائل المشكلة، بحيث يعود ذلك عليهم بالنفع من ناحية البحث والتدقيق والوصول إلى الترجيح المبني على الدليل الشرعي، وكان لذلك أثره على كثير من طلابه، حيث مكنهم من الاجتهاد في الوصول إلى حلِّ كثير من المسائل الدقيقة والتي تحتاج إلى جهد ووقت كبير، فكانت تعرض عليه تلك البحوث والرسائل، ويناقشها أمام طلابه، ليعلمهم كيفية الحصول على الثمرة بعد البحث والتحري.

خامساً: ملامح من مناقبه وصفاته الشخصية:

كان الشيخ رحمه الله تعالى قدوة صالحة ونموذجاً حيًّا فلم يكن علمه مجرد دروس ومحاضرات تلقى على أسماع الطلبة وإنما كان مثالاً يحتذى في علمه وتواضعه وحلمه وزهده ونبل أخلاقه.

تميز بالحلم والصبر والجلد والجدية في طلب العلم وتعليمه، وتنظيم وقته والحفاظ على كل لحظة من عمره. كان بعيداً عن التكلف، كان قمّة في التواضع والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة، وقدوة عمله وتعبده وزهده وورعه، وكان بوجهه البشوش اجتماعياً يخالط الناس ويؤثر فيهم ويدخل السرور إلى قلوبهم، تقرأ البشر يتهلل من محياه، والسعادة تشرق من جبينه وهو يلقي دروسه ومحاضراته.

كان حريصاً على تطبيق السنة في جميع أموره، عطوفاً مع الشباب يستمع إليهم ويناقشهم ويمنحهم الوعظ والتوجيه بكل لين وأدب.

ومن ورعه أنه كان كثير التثبيت فيما يفتي ولا يتسرع في الفتوى قبل أن يظهر له الدليل، فكان إذا أشكل عليه أمر من أمور الفتوى يقول انتظر حتى أتأمل المسألة، وغير ذلك من العبارات التي توحي بورعه وحرصه على التحرير الدقيق للسائل الفقهية.

لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم حتى أنه في رحلته العلاجية إلى أمريكا قبل ستة أشهر من وفاته نظم العديد من المحاضرات في المراكز الإسلامية والتقى بجموع المسلمين من الأمريكيين وغيرهم ووعظهم وأرشدهم كما أمهم في صلاة الجمعة.

وكان يحمل هم الأمة الإسلامية وقضاياها في مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك رغم شدة مرضه فقد واصل رحمه الله تعالى مسيرته التعليمية والدعوية بعد عودته من رحلته العلاجية، فلم تمنعه شدة المرض من الاهتمام بالتوجيه والتدريس في الحرم المكي حتى قبل وفاته بأيام.

أصابه المرض فتميز بنفس صابرة راضية محتسبة، وقدم للناس نموذجاً حيًّا صالحاً يقتدي به لتعامل المؤمن مع المرض المضني، نسأل الله تعالى أن يكون في هذا رفعة لمنزلته عند رب العالمين.

كان رحمه الله يستمع إلى شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم قدر استطاعته، وقد خصص لهذا العمل الخيري وقتاً محدداً في كل يوم لاستقبال هذه الأمور، وكان يدعم جمعيات البر، وجمعيات تحفيظ القرآن، بل قد منَّ الله عليه ووفقه لجميع أبواب البر والخير ونفع الناس، فكان شيخناً بحق مؤسسة خيرية اجتماعية وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

سادساً: وفاته رحمه الله تعالى:

قبل مغرب يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال سنة 1421هـ رزئت الأمة الإسلامية جميعها بإعلان وفاة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية  وأحس بوقع المصيبة كل بيت في كل مدينة وقرية وصار الناس يتبادلون التعازي في المساجد والأسواق والمجمعات، وكل فرد يحس وكأن المصيبة مصيبته وحده، وجاءت البرقيات وقدمت الوفود لتعزية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي ولي العهد وصاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء حفظهم الله بفقيد البلاد وفقيد المسلمين جميعاً، وأخذ البعض يتأمل ويتساءل عن سر هذه العظمة والمكانة الكبيرة والمحبة العظيمة التي امتلكها ذلك الشيخ الجليل في قلوب الناس رجالاً ونساء صغاراً وكباراً؟ امتلأت أعمدة الصحف والمجلات في الداخل والخارج شعراً ونثراً تعبر عن الأسى والحزن على فراق ذلك العالم الجليل فقيد البلاد والأمة الإسلامية.  رحمه الله تعالى.

وصليَّ على الشيخ في المسجد الحرام بعد صلاة العصر يوم الخميس السادس عشر من شهر شوال سنة 1421هـ الآلاف المؤلفة وشيعته إلى المقبرة في مشاهد عظيمة لا تكاد توصف، ثم صلى عليه من الغد بعد صلاة الجمعة صلاة الغائب في جميع مدن المملكة وفي خارج المملكة جموع أخرى لا يحصيها إلا باريها، ودفن بمكة المكرمة رحمه الله.

وبوفاته فقدت البلاد والأمة الإسلامية علماً من أبرز علمائها وصلحاء رجالها الذين يذكروننا بسلفنا الصالح في عبادتهم ونهجهم وحبهم لنشر العلم ونفعهم لإخوانهم المسلمين.

نسأل الله تعالى أن يرحم شيخنا رحمة الأبرار ويسكنه فسيح جناته، وأن يغفر له، وأن يجزيه عما قدم للإسلام والمسلمين خيراً ويعوض المسلمين بفقده خيراً والحمد لله على قضائه وقدره وإنا لله وانا إليه راجعون.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

شرح الرسالة

أولاً: اعتقد أنك إذا قمت إلى الصلاة فإنما تقوم بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم ما توسوس به نفسك، وحينئذٍ حافظ على أن يكون قلبك مشغولاً بصلاتك، كما أن جسمك مشغول بصلاتك، جسمك متجه إلى القبلة إلى الجهة التي أمرك الله عز وجل فليكن قلبك أيضاً متجهاً إلى الله. أما أن يتجه الجسم إلى ما أمر الله بالتوجه إليه ولكن القلب ضائع فهذا نقص كبير، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا غلب الوسواس ـ أي الهواجس ـ على أكثر الصلاة فإنها تبطل، والأمر شديد.

فإذا أقبلت إلى الصلاة فاعتقد أنك مقبل على الله عز وجل. وإذا وقفت تصلى فاعتقد أنك تناجي الله عز وجل، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ “([1]) رواه البخاري. وإذا وقفت في الصلاة فاعتقد أن الله عز وجل قبل وجهك، ليس في الأرض التي أنت فيها، ولكنه قبل وجهك وهو على عرشه عز وجل، وما ذلك على الله بعسير، فإن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته، فهو فوق عرشه، وهو قبل وجه المصلي إذا صلى، وحينئذٍ تدخل وقلبـك مملوء بتعظيم الله عز وجل، ومحبته،  والتقرب إليه”.

الشرح:

قوله رحمه الله: (أولاً: اعتقد أنك إذا قمت إلى الصلاة فإنما تقوم بين يدي الله عز وجل… إلى قوله: وحينئذٍ تدخل وقلبك مملوء بتعظيم الله عز وجل، ومحبته، والتقرب إليه).

هذه المقدمة ذكرها المؤلف رحمه الله بين يدي المصلي؛ فذكر من خلالها بعض الأمور التي ينبغي أن يكون عليها من أراد الصلاة والنتيجة المترتبة على ذلك، فمن هذه الأمور:

الأمر الأول: أنك إذا قمت إلى الصلاة اعتقد أنك تقوم بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. وللعبد بين يدي الله موقفان موقف بين يديه في الصلاة وموقف بين يديه يوم لقائه، فمن قام بحق الموقف الأول هوّن عليه الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شدد عليه ذلك الموقف ([2]).

الأمر الثاني: أن يعتقد من أراد الصلاة أنه مقبل على الله فإن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله تعالى أبدا، وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه.

الأمر الثالث: أن يعتقد من أراد الصلاة أنه يناجي ربه، وذلك بإقبال العبد على الله بدعائهِ وتمجيدِهِ، والمعنى أنّ المصلي تجردَ لمخاطبةِ ربهِ وانقطعَ عن مخاطبةِ الناسِ لمخاطبةِ الله.

الأمر الرابع: أن يستحضر عظمة من هو واقف بين يديه سبحانه وتعالى ويتذكر أنه في حضرته سبحانه وتعالى، وأنه تناجيه جل وعلا. فإذا تذكر المصلي هذه الأمور، خشع قلبه، كما قال الله سبحانه وتعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون:1 ،2]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ)([3]).

 

ـ فتكبر وتقول: الله أكبر.

الشرح:

قوله رحمه الله: (فتكبر وتقول: الله أكبر).

كلمة الله أكبر معناها أن الله سبحانه وتعالى أكبر من كل شيء في هذا الوجود، وأعظم وأجل وأعز وأعلى من كل ما يخطر بالبال أو يتصوره الخيال. ولهذا فإن على العبد إذا وقف بين يدي الله تعالى لمناجاته وأداء عبادته وتلفظ بهذه الكلمة عليه أن يستحضر هذه المعاني.

والجملة مركبة من كلمتين: من اسم الجلالة “الله” وهذه الكلمة اسم علم على الذات العلية المستحقة لجميع المحامد، وهو أشهر أسمائه، ولهذا تأتي بعده أوصافا له، وقد قبض الله تعالى عنه الألسن فلم يسم به سواه عز وجل.

قال تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:65]. أي هل تعلم أحدًا تسمى الله استفهامًا بمعنى النفي، وقد ذكر في القرآن الكريم ألفين وثلاث مائة وستين مرة (2360). وكلمة “أكبر” بصيغة أفعل التفضيل معناها أجل وأعظم.

وهنا مسائل:

المسألة الأولى: تكبير الإحرام ركن، لا تنعقد الصلاة بدونها، وهو قول الجمهور ([4])، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ([5]).

وقال أبو حنيفة([6])تنعقد الصلاة بكل لفظ يقتضي التعظيم. والراجح قول الجمهور فلا يجزئ المصلي أن يقول غيرها.

لقوله صلى الله عليه وسلم:(مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)([7]). وحديث أبي هريرة رضي الله عنه في المسيء صلاته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، …) ([8])، وهذا أحسن الأدلة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر له في هذا الحديث إلا الفروض خاصة، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر للإحرام.

وعن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)([9]) وهذا مقتضى وجوب كل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما خرج وجوبه بدليل.

المسألة الثانية: إذا عجز الإنسان عن التكبير، لكونه أخرس لا يستطيع النطق، فإنه ينوي ذلك بقلبه، ولا يحرك شفتيه ولا لسانه، لأن ذلك عبث وحركة في الصلاة لا حاجة إليها.

المسألة الثالثة: أنه لا يشترط أن يسمع المصلي نفسه بالتكبير، لأن الإسماع أمر زائد على القول والنطق، فمتى تأكد الإنسان من خروج الحروف من مخارجها، ولم يسمع نفسه، سواء كان ذلك لضعف سمعه، أم لأصوات حوله، أم لغير ذلك، فالراجح أن جميع أقواله معتبرة، وأنه لا يشترط أكثر مما دلت النصوص على اشتراطه وهو القول.

المسألة الرابعة: قول المصلي (الله أكبر) فلا يجزئ غيرها، ولو قام مقامها، لأن ألفاظ الذكر توقيفية، يتوقف فيها على ما ورد به النص، ولا يجوز إبدالها بغيرها.

 

ومع هذا التكبير ترفع يديك حذو منكبيك، أو إلى فروع أذنيك.

الشرح:

قوله رحمه الله:(ومع هذا التكبير ترفع يديك حذو منكبيك، أو إلى فروع أذنيك).

هذه هي صفة رفع اليدين عند التكبير في الصلاة، فذكر صفتين:

الأولى: أن ترفع يديك حذو منكبيك. والمنكبان: هما الكتفان، فيكون منتهى الرفع إلى الكتفين. لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ: “يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ ([10]).

الثانية: أن يرفعهما إلى فروع أذنيه، يعني أعلى أذنيه، بل في بعض الأحاديث أنه حاذى بأصبعيه أذنيه، وهذا منتهى الرفع. كما في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم “كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ” فَقَالَ:”سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ” فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ([11]).

وهذا اختلاف تنوع، فالسنَّة رفعهما إلى المنكبين أحيانًا، وإلى الأذنين أحيانًا أخرى، ليكون المصلي عاملًا بكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما يفعله بعض الناس من مس شحمتي الأذنين عند رفع اليدين، فهو بدعة لا أصل لها.

وهذا الرفع سنة في أربع مواضع في الصلاة: عند تكبيرة الإحرام، وعند التكبير للركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام للركعة الثالثة. فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان: “إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ ([12]).

ومعنى قوله (إذا قام من الركعتين رفع يديه): أي إذا قام من التشهد الأول، وقد اختلف في الحكمة في رفع اليدين.

فقال الشافعي رحمه الله: هو إعظام لله تعالى وإتباع لرسوله.

وقيل: استكانة واستسلام وانقياد. وكان الأسير إذا غلب مد يديه علامة لاستسلامه.

وقيل: هو إشارة إلى استعظام ما دخل فيه.

وقيل: إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بكليته على صلاته ومناجاته ربه كما تضمن ذلك قوله الله أكبر فيطابق فعله قوله.

وقيل: إلى رفع الحجاب بينه وبين المعبود.

وقيل: الحكمة من الرفع عند الإحرام أن يراه من لا يسمع التكبير فيعلم دخوله في الصلاة فيقتدي به.

وقيل غير ذلك. قال النووي: وفي أكثرها نظر([13]).

وقوله: (ومع هذا التكبير ترفع يديك). الأحاديث الواردة في ابتداء رفع اليدين وردت على وجوه متعددة، فبعضها يدل على أنه يرفع ثم يكبر، وبعضها على أنه يكبر ثم يرفع، وبعضها على أنه يرفع حين يكبر يعني يكون ابتداء التكبير مع ابتداء الرفع، وانتهاؤه مع انتهاء الرفع، ثم يضع يديه. قلت: والأمر في هذا واسع، يعني سواء رفعت ثم كبرت، أو كبرت ثم رفعت، أو رفعت مع التكبير، فإن فعلت أي صفة من هذه الصفات فأنت مصيب للسنة.

 

ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، على الذراع، كما صح ذلك في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: “ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ اليُسْرَى فِي الصَّلاَةِ”([14])رواه البخاري.

الشرح:

قوله رحمه الله:(ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، على الذراع): أي: ويسن بعد التكبير ورفع اليدين أن تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، وبعض الناس يقول: الله أكبر، ثم يرسل يديه، ثم يرفعهما ويقبضهما، وهذا ليس له أصل، بل من حين أن ينزلهما من الرفع يقبض الكوع.

وهناك صفة أخرى: وهي أن تقبض كوع اليد اليسرى (مفصل الكف من الذراع) بيدك اليمنى، وقد وردت السنة بهذا وهذا.

أما قبض المرفق كما نشاهده من بعض الناس، فليس له أصل، وإنما يقبض الكوع أو يضع يده على الذراع.

ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة صفتان :

الصفة الأولى: أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد.

لحديث وَائِل بْن حُجْرٍ أنه قال: قُلْتُ: لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا بِأُذُنَيْهِ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ. . . إلخ الحديث([15]) .

قال السندي في حاشية النسائي:(ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ)” (الرُّسْغ) هُوَ مَفْصِل بَيْن الْكَفّ وَالسَّاعِد ، وَالْمُرَاد أَنَّهُ وَضَعَ بِحَيْثُ صَارَ وَسَط كَفّه الْيُمْنَى عَلَى الرُّسْغ، وَيَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَكُون بَعْضهَا عَلَى الْكَفّ الْيُسْرَى، وَالْبَعْض عَلَى السَّاعِد”([16])  انتهى .

الصفة الثانية: أن يقبض بيده اليمنى على اليسرى لحديث وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ قَائِمًا فِي الصَّلاةِ قَبَضَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ ([17]).

قال الألباني رحمه الله: “وكان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، وأمر بذلك أصحابه، وكان أحياناً يقبض باليمنى على اليسرى، وكان يضعهما على الصدر ” ([18]) انتهى .

وهنا مسألة: أين يضع يديه؟ هل يضعهما تحت السرة كما هو المشهور من المذهب ([19])  أم يضعهما فوق السـرة كما نص الإمام أحمد([20]) على ذلك أم أنه يضعهما على الصدر؟

قلت أقرب الأقوال: أنه يضعهما على الصدر لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: “صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ ([21]).

وهنا مسألة أخرى: نرى بعض الناس يضعهما على جنبه الأيسر، وإذا سألته لماذا؟ قال: لأن هذا جانب القلب، وهذا تعليل عليل لأنه في مقابل السنة، وكل تعليل في مقابل السنة فإنه مردود على صاحبه، لأن السنة أحق بالاتباع.

 

ثم تخفض رأسك فلا ترفعه إلى السماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم “نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة” ([22])رواه البخاري. واشتد قوله في ذلك حتى قال: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم)([23])رواه البخاري ومسلم. ولهذا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى تحريم رفع المصلي بصره إلى السماء، وهو قول وجيه جداً لأنه لا وعيد على شيء إلا وهو محرم. فتخفض بصرك وتطأطئ رأسك. لكن كما قال العلماء: لا يضع ذقنه على صدره ـ أي لا يخفضه كثيراً ـ حتى يقع الذقن وهو مجمع اللحيين على الصدر، بل يخفضه مع فاصل يسير عن صدره.

الشرح:

قوله رحمه الله:(ثم تخفض رأسك فلا ترفعه إلى السماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم “نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة” رواه البخاري…: إلى قوله: “بل يخفضه مع فاصل يسير عن صدره).

أي: السنة للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده، وعلى هذا كثير من أهل العلم، وقيل: بل ينظر تلقاء وجهه، إلا إذا كان جالسًا، فإنه ينظر إلى يده حيث يشير عند الدعاء.

والأمر في هذا واسع، ينظر الإنسان إلى ما هو أخشع له، إلا في الجلوس، فإنه يرمي ببصره إلى أصبعه حيث تكون الإشارة.

واستثنى بعض أهل العلم: فيما إذا كان في صلاة الخوف، لقوله تعالى: {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}[النساء:102]، ولأن الإنسان يحتاج إلى النظر يمينًا وشمالًا في حال الخوف.

واستثنى بعض العلماء أيضًا: المصلي، في المسجد الحرام. وقالوا: ينبغي أن ينظر إلى الكعبة، لأنها قبلة المصلي، ولكن هذا القول ضعيف، فإن النظر إلى الكعبة يشغل المصلي بلا شك، لأنه إذا نظر إلى الكعبة نظر إلى الناس وهم يطوفون فأشغلوه، والصحيح أن المسجد الحرام كغيره، ينظر فيه المصلي، إما إلى موضع سجوده، أو إلى تلقاء وجهه.

وأما النظر إلى السماء فإنه محرمٌ، كما ذكر المؤلف رحمه الله، بل من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، واشتد قوله فيه حتى قال:(مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ)، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ:(لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ)([24]).

وفي لفظ: (أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ) ([25]).

وهذا وعيد، والوعيد لا يكون إلا على شيء من كبائر الذنوب.

بل قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا رفع بصره إلى السماء وهو يصلي بطلت صلاته، ولكن جمهور أهل العلم على أن صلاته لا تبطل برفع بصره إلى السماء، لكنه على القول الراجح آثم بلا شك، لأن الوعيد لا يأتي على فعل مكروه فقط.

أما تغميض العينين في الصلاة: فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهيته، وعللوا ذلك بأنه مظنّة النوم، وبأن السنة أن يرمي المصلي ببصره إلى موضع سجوده، وفي التغميض ترك لتلك السنة، كما عللوه بأن كل عضوٍ وطرف ذو حظ من هذه العبادة، وحظ العين منها النظر.

ومن الفقهاء من لم يكره التغميض أصلا.

والراجح: ما ذهب إيه الجمهور وهو كراهية تغميض العينين في الصلاة، أما دعوى أنه أخشع للمصلي في صلاته فهذه دعوى غير صحيحة، لأن الخشوع لا يحصل بفعل المكروه. والشيطان قد يبعد عن قلبك إذا أغمضت عينيك فلا يوسوس، من أجل أن يوقعك فيما هو مكروه، فنقول: افتح عينيك، وحاول أن تخشع في صلاتك.

 

ويستفتح ويقول: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ )([26]). رواه البخاري ومسلم، وهذا هو الاستفتاح الذي سأل أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ فذكر له الحديث. وله أن يستفتح بغير ذلك وهو :(سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ)([27])رواه أبو داود

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويستفتح ويقول:( اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ،…..)  

أي: بعد ما سبق من التكبير ووضع اليدين وغير ذلك يستفتح الصلاة بقوله:(اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ). ومعنى (بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ)، أي: باعد بيني وبين فعلها بحيث لا أفعلها، وباعد بيني وبين عقوبتها وذلك بمَحو الذنوب وعدم المؤاخذة عليها والتوفيق للبُعد عنها، والمباعدة بين المشرق والمغرب هو غاية ما يبالغ فيه الناس، فالناس يبالغون في الشيئين المتباعدين، إما بما بين السماء والأرض، وإما بما بين المشرق والمغرب.

وقوله:(اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ)، أي: كما يغسل الثوب الأبيض إذا أصابه الدنس فيرجع أبيض، كذلك نقني من ذنوبي. وإنما ذكر الأبيض، لأن الأبيض هو أشد ما يؤثر فيه الوسخ، بخلاف الأسود.

وقوله:(اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ).

أي: كما جعلت هذه الثلاث الماء والثلج والبرد سبباً لحصول الطهارة، فاجعلها سبباً لحصول المغفرة، وخصَّصَ الماء والثلج والبرد لأن الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضعفًا، فيرتخي القلب وتضطرم فيه نار الشهوة وتنجسه، فالخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذي يمد النار ويوقدها. ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب وضعفه، والماء يغسل الخبث ويطفئ النار، فإن كان باردًا أورث الجسم صلابةً وقوةً، فإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدته، فكان أذهب لأثر الخطايا.

قوله رحمه الله: (وله أن يستفتح بغير ذلك وهو:(سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ) رواه أبو داود.

أي: وللمصلي أيضاً أن يستفتح بحديث (سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ).

وهذا الاستفتاح أُخلِص للثناء على الله سبحانه وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق به، وأنَّه تبارك وتعالى منزَّهٌ عن كلِّ عيب، سالمٌ من كلِّ نقص، محمودٌ بكلِّ حمد.

فقوله: (سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ) تضمن التنزيه والإثبات. فالتنزيه في قوله: (سُبْحَانَكَ اللهُمَّ)، والإثبات في قوله:(وَبِحَمْدِكَ) لأن الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع محبته وتعظيمه، فتكون هاتان الجملتان جامعتين للتنزيه والإثبات.

فينزه الله عن ثلاثة أشياء:

1 ـ عن النقص في صفات الكمال.

2 ـ عن صفات النقص المجردة عن الكمال.

3 ـ عن مماثلة المخلوقين.

وقوله:(تَبَارَكَ اسْمُكَ) أي أسمك مبارك. وقوله: (وَتَعَالَى جَدُّكَ) يعني: ارتفعت وعلَت عظمتُك، وجلَّت فوق كلِّ عظمة، وعلا شأنُك على كلِّ شأن، وقهر سلطانُك على كلِّ سلطان، فتعالى جدُّه تبارك وتعالى أن يكون معه شريك في المُلك أو الربوبية أو الألوهية، أو في شيء من أسمائه وصفاته، كما قال مؤمنو الجنِّ: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}[الجن:3]، أي: تعالت عظمتُه وتقدَّست أسماؤه من أن يكون له صاحبة أو ولد.

وقوله: (وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ) هذه هي كلمة التوحيد التي أرسل بها جميع الرسل وهي أفضل الذكر، ومعناها: لا معبود حق إلا الله.

فاشتمل هذا الاستفتاح العظيم على أنواع التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

وللاستفتاح أدعية أخرى جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

مسألة: هل يجمع بين أنواع الاستفتاح؟

الجواب: لا يجمع بينها، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم -لم يجمع بينها في جوابه على سؤال أبي هريرة. بل يقول هذا تارة وهذا تارة. أي ينوع في الاستفتاحات، ليأتي بالسنن كلها، وليكون ذلك إحياء للسنة وإحضاراً للقلب، ولا يجمع بينها.

مسألة: هل يستفتح في صلاة الجنازة؟ فيه خلاف:

قيل: يستفتح، لأنها صلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم يستفتح في الصلاة.

وفي قول آخر ([28]): أنه لا يستفتح، لأنها مبنية على التخفيف، فلا ركوع فيها، ولا سجود، ولا تشهد، مما يدل على أن الشارع لاحظ فيها التخفيف، وهذا أقرب.

 

ويستفتح صلاة الليل بما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستفتح به وهو: (اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)([29]) رواه مسلم. ولكن لا يجمع بين هذه الاستفتاحات، بل يقول هذه مرة وهذه مرة ليأتي بالسنة على جميع وجوهها.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويستفتح صلاة الليل بما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستفتح به..): أي ويستفتح من قام لصلاة الليل بهذا الدعاء العظيم.

وقوله:(رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ)، إنما خصص هؤلاء بالذكر من بين سائر المخلوقات، كما جاء في القرآن والسنة من نظائره، تشريفاً لهم.

ومعنى قوله:(عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) أي: ما غاب عن العباد وما شاهدوه.

قوله: (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ) يوم القيامة.

قوله: (فيما كانوا فيه يختلفون) أي من أمر الدين في أيام الدنيا.

وقوله: (اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِـفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) أي: وفقني إلى الحق الذي اختُلف فيه وثبتني عليه.

قوله:(بِإِذْنِكَ) أي: بتيسيرك وفضلك.

قوله:(إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي: طريق الحق والصواب.

وقوله رحمه الله:(ولكن لا يجمع بين هذه الاستفتاحات، بل يقول هذه مرة وهذه مرة ليأتي بالسنة على جميع وجوهها) قد سبق بيانه.

وفائدة هذا التنوع بالأذكار يجعلنا نستشعر الصلاة ونتدبر ما فيها، فتارة بهذا الذكر، وتارة بهذا الذكر، ففي فعل العبادات الواردة على وجوه متنوعة فوائد منها:

1-حتى لا نشعر بالملل.       

2-التجديد دومًا.

3-استشعار العبادة.          

4-حتى لا تصبح عادةً.

5-حصول اللذة والخشوع.     

6-عدم هجر السنة.

7-وأعظم من ذلك كله إحياء سنة نبينا – صلى الله عليه وسلم -.

 

ثم يقول (بسم الله الرحمن الرحيم) بعد التعوذ

الشرح:

قوله رحمه الله: (ثم يقول “بسم الله الرحمن الرحيم” بعد التعوذ):

أي بعد أن يأتي المصلي بالتعوذ وهو “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، وإن شاء قال: “أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه”، وإن شاء قال: “أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم” فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ قبل قراءة الفاتحة في الصلاة([30]).

ومعنى الاستعاذة: الالتجاء إلى الله من شرِّ كل ذي شرٍّ، فهي تقال لدفع الشرور عن الإنسان، فكأن المستعيذ يقول: أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه.

وهل الاستعاذة واجبة أم مستحبة؟

ذهب بعض العلماء إلى أنها واجبة؛ لقوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل:98].

فأمر الله تعالى بالاستعاذة من الشيطان عند قراءة القرآن، قالوا: وفي الآية أمرٌ بالاستعاذة، والقاعدة أن الأمر يفيد الوجوب ما لم تأت قرينـة – يعني دليل – آخر يدل على أن المقصود بالأمر الاستحباب.

وذهب أكثر الفقهاء إلى أنها مستحبة، وهذا هو الصواب.

أما عن استدلالهم بالآية فقد أجيب عليه بأنه قد جاءت بعض القرائن فصرفت الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب، وهذه القرائن هي:

1-حديث المسيء صلاته: فقد عَلَّمَه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة فقال له: (إٍذَا قُمتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّر ثُمَّ اقرَأ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرآنِ ثُمَّ اركَع ..إلخ)([31])ولم يذكر له الاستعاذة .

2 – أن إجماع السّلف على سنّيّته.

مسألة: هل يستعيذ في كل ركعة، أو في الركعة الأولى فقط، بناء على القراءة في الصلاة: هل هي قراءة واحدة، أو لكل ركعة قراءة منفردة؟

نقول: المذهب عند الحنابلة ([32]) أن الاستعاذة تكون في الركعة الأولى فقط؛ لأن القراءة في الصلاة قراءة واحدة ليس لكل ركعة قراءة منفردة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تكون في كل ركعة لكل قراءة، وهي رواية في المذهب ([33]).

الذي يظهر: أن قراءة الصلاة واحدة، فتكون الاستعاذة في أول ركعة، إلا إذا حدث ما يوجب الاستعادة، كما لو انفتح عليه باب الوساوس، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا انفتح عليه باب الوساوس أن يتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

وقوله رحمه الله:(ثم يقول: “بسم الله الرحمن الرحيم”)

أي بعد الاستعاذة يبسمل للقراءة. والبسملة ليست من الفاتحة على القول الصحيح، بل هي آية مستقلة يفتتح بها كل سورة من القرآن، ما عدا (سورة براءة)، فإنه ليس فيها بسملة.

والدليل على أنها ليست من الفاتحة ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:181]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي…) ([34])، فلم يذكر فيه البسملة، وسيأتي ما يفيد ذلك من كلام المؤلف – رحمه الله -.

 

ويقرأ الفاتحة، والفاتحة سبع آيات أولها (الحمد لله رب العالمين) وآخرها (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تبارك وتعالى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ:[الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] [الفاتحة:2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: [الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] [الفاتحة: 3]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ:[مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ] [الفاتحة: 4]، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي – وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي – فَإِذَا قَالَ:[إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] [الفاتحة: 5]، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ:[اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ] [الفاتحة:6، 7] قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ) رواه مسلم، فتبين بهذا الحديث أن أول الفاتحة (الحمد لله رب العالمين) .

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويقرأ الفاتحة، والفاتحة سبع آيات أولها “الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين”)، وآخرها (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين) أي ثم يقرأ المصلي الفاتحة.

و(أل) هذه للعموم، يعني: يقرؤها كاملة مرتبة بآياتها، وكلماتها، وحروفها، وحركاتها، فلو قرأ ست آيات منها فقط لم تصح، ولو قرأ سبع آيات، لكن أسقط (وَلاَ الضَّالِّين) لم تصح، ولو قرأ كل الآيات، ولم يسقط شيئا من الكلمات، لكن أسقط حرفًا مثل أن يقول:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، فأسقط (التاء) لم تصح، ولو أخلف الحركات فإنها لا تصح، إن كان الّلحن يحيل المعنى، وإلا صحت، ولكنه لا يجوز أن يتعمد الّلحن.

مثال الذي يحيل المعنى: أن يقول:(اهْدِنَا) بفتح الهمزة: لأن المعنى يختلف، لأن معناه يكون مع فتح الهمزة أعطنا إياه هدية، لكن (اهْدِنَا) بهمزة الوصل بمعنى: دلنا عليه، ووفقنا له، وثبتنا عليه.

ولو قال:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لم تصح، لأنه يختلف المعنى، يكون الإنعام من القارئ، وليس من الله عز وجل. ومثال الذي لا يحيل المعنى: أن يقول: (الحمدِ لله) بكسر الدال بدل ضمها.

ولو قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} بدون تشديد الباء في كلمة (رَبِّ) لم تصح، لأنه أسقط حرفًا، لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين.

إذاً لا بد أن يقرأها تامة، بآياتها، وكلماتها، وحروفها، وحركاتها، فإن ترك آية، أو حرفًا، أو حركة تخل بالمعنى لم تصح.

والفاتحة ركن من أركان الصلاة، وشرط لصحتها، فلا تصح الصلاة بدونها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ)([35]).

 

أما البسملة فهي آية في كتاب الله، ولكنها ليست آية من كل سورة، بل هي أية مستقلة يؤتى بها في كل سورة سوى سورة براءة فإنه ليس فيها بسملة، وليس فيها بدل، خلافاً لما يوجد في بعض المصاحف، يكتب على الهامش عند ابتداء براءة، “أعوذ بالله من النار، ومن كيد الفجار، ومن غضب الجبار، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين” وهذا خطأ ليس بصواب، فهي ليس فيها بسملة وليس فيها شيء يدل على البسملة.

الشرح:

قوله رحمه الله: (أما البسملة فهي آية في كتاب الله، ولكنها ليست آية من كل سورة..)، سبق الإشارة إلى ما ذكره المؤلف.

ومعنى (بسم الله) أي أَبتدأُ هذا الفعل مصاحبًا أو مستعينًا بـ (اسم الله) ملتمسًا البركة منه، ولفظ الجلالة (الله): هو الاسم الأعظم وهو أعرف المعارف الغني عن التعريف، وهو علمٌ على الباري جلَّ جلاله، مختصٌ به دون سواه.

والصحيح أنه مشتقٌ من أله يأله، ألوهة وإلهة فهو إله بمعنى مألوه، أي معبود فهو: ذو الألوهية.

و(الرحمن): اسم من أسماء الله الخاصة به، ومعناه ذو الرحمة الواسعة.

و(الرحيم): اسم من أسماء الله: معناه الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده.

 

فإذا انتهى من الفاتحة يقول: (آمين) ومعناها: اللهم استجب، فهي اسم فعل أمر بمعنى استجب. ثم يقرأ بعد ذلك سورة ينبغي أن تكون: في المغرب غالباً بقصار المفصّل. وفي الفجر بطوال المفصّل. وفي الباقي بأوساطه. والمفصل أوله (ق) وآخره (قل أعوذ برب الناس)، وقصاره من (الضحى) إلى آخر القرآن. ولا بأس بل من السنة أن يقرأ الإنسان بطوال المفصل، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بـ (الطور) و(المرسلات)([36]) رواه البخاري ومسلم .

الشرح:

قوله رحمه الله: (فإذا انتهى من الفاتحة يقول: (آمين) ومعناها: اللهم استجب).  أي متى فرغ من قراءة الفاتحة سن للمصلي أن يؤمن، فالذي دلت عليه الأحاديث، أن الإمام والمأموم يسن في حقهما، الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية. لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ([37]).

وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا قَالَ الْإِمَامُ:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:7]، فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ([38]).

وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ {وَلَا الضَّالِّينَ}، قَالَ:”آمِينَ”، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ” ([39]). أما إذا كان الشخص يصلي مع قوم لا يرون سنية الجهر بالتأمين، وكان يترتب على جهره بالتأمين مفسدة، فإنه لا يجهر بالتأمين في هذه الحال، فتركه للتأمين ترك للسنة، والشرع والحكمة يقتضيان: أن لا يفعل الإنسان السنن التي تفضي إلى النزاع والشقاق.

قوله رحمه الله:(ثم يقرأ بعد ذلك سورة ينبغي أن تكون: في المغرب غالباً بقصار المفصّل …) أي: ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة، وقراءة السورة بعد الفاتحة سنة وليست بواجبة، لأنه لا يجب إلا قراءة الفاتحة.

والأفضل أن تكون السورة كاملة في كل ركعة، فإن شق فلا حرج عليه أن يقسم السورة بين الركعتين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ذات يوم سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1]، فلما وصل إلى قصة موسى وهارون أخذته سعلة فركع([40]).

فدل هذا على جواز قسم السورة، ولا سيما عند الحاجة.

وتكون قراءته في المغرب من قصار المفصل، يعني: من الضحى إلى آخره. دليل ذلك حديث رافع بن خديج رضي الله عنه:“كنا نُصلي المغرِبَ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَنصرِفُ أحدُنا، وإنه ليُبصِرُ مَواقِعَ نَبلِهِ” ([41]) ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبادر بصلاة المغرب ويخففها أيضاً، بحيث ينصرفون قبل أن تشتد ظلمة الليل، فهذا دليل على أنه لا يطيل في صلاة المغرب، بل يقصرها ويقرأ فيها بقصار المفصل.

وإن قرأ أحياناً بالأواسط، وببعض السور الطوال فقد أصاب السنة لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقد قرأ مرة في المغرب بسورة {الأعراف}، وقرأ بسورة {الطور}، وقرأ {بالمرسلات}، وكل هذا من أطول ما يكون من السور، فدل ذلك على أنه ينبغي للإمام أن يكون غالبا على ما ذكر المؤلف، ولكن لا بأس أن يطيل في بعض الأحيان في المغرب، ويقصر في الفجر.

أما الفجر فقد ذكر المؤلف أنه يستحب للإنسان أن يقرأ فيها بطوال المفصل، وذلك لأدلة كثيرة جداً منها: حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه الطويل وفيه:“وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ” ([42])، يعني: في الركعتين، وفي حديث ابن مسعود:” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ: بِــ {الم تَنْزِيلُ} فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}[الإنسان:1] ([43])، ولذلك قالوا: يقرأ في الفجر بطوال المفصل.

وإنما شرع أن تكون في الصبح من طوال المفصل، لأن الله عز وجل نص على القرآن في صلاة الفجر فقال:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}[الإسراء:78]، فعبَّر عن الصلاة بالقرآن إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون القرآن مستوعبا لأكثرها، ولهذا بقيت صلاة الصبح على ركعتين لم تزد، بينما الظهر والعصر والعشاء زيدت.

 

وبعد أن يقرأ السورة مع الفاتحة. يرفع يديه مكبراً ليركع ويضع اليدين على الركبتين مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جانبيه، ويسوي ظهره برأسه فلا يقوسه، قالت عائشة رضي الله عنها:” وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ “([44]) رواه أحمد ومسلم وأبو داود. ويقول:”سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ”([45]) رواه أحمد وأبو داود يكررها ثلاث مرات. ويقول أيضاً: “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي”([46]) رواه البخاري. ويقول أيضاً:” سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ”([47]) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع.

الشرح:

قوله رحمه الله: (وبعد أن يقرأ السورة مع الفاتحة. يرفع يديه مكبراً ليركع ويضع اليدين على الركبتين)

أي إذا فرغ من القراءة وأراد الركوع فإنه يرفع يديه دليل ذلك: حديث ابن عمر رضي الله عنهما: “أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ” ([48]) .

عَنْ نَافِعٍ: ” أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” ([49]). إذًا فمواضع رَفْع اليدين في الصلاة أربعة: عند تكبيرة الإحرام، وعند الرُّكوعِ، وعند الرَّفْعِ منه، وإذا قام من التشهُّدِ الأول. وقد تقدم الكلام على مواضع رفع اليدين عند التكبير.

قوله رحمه الله:(ويضع اليدين على الركبتين، مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جانبيه، ويسوي ظهره برأسه فلا يقوسه).

أي أنه حال ركوعه يضع اليدين على الركبتين، مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جانبيه، ويسوي ظهره برأسه فلا يقوسه.

والدليل على قبض المصلي ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه لما سأل عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه:“فَلَمَّا رَكَعَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَجَعَلَ أَصَابِعَهُ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَجَافَى بَيْنَ مِرْفَقَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، “ ([50]).

ولحديث وائل بن حجر:“أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كان إذا ركَع فرَّج أصابعَه وإذا سجَد ضمَّ أصابعَه” ([51]) ، وهذا هو الموضع الوحيد الذي تفرج فيه الأصابع “أي إذا كانت على الركبتين” وما عدا هذه الحالة فلا تفرج أصابع اليدين.

وأما الدليل على مد الظهر حال الركوع وجعله حيال رأسه “أي مساوياً لرأسه”، فحديث عائشة رضي الله عنها الذي ذكره المؤلف “وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ” ([52]).

والمجافاة بين العضدين مشروطة بما إذا لم يكن فيه أذية، فإن كان فيه أذية لمن كان إلى جنبه، فإنه لا ينبغي للإنسان أن يفعل سنة يؤذي بها غيره، لأن الأذية فيها تشويش على المصلي إلى جنبه وتلبيس عليه.

 

ويقول: “سبحان ربي العظيم” رواه أحمد وأبو داود يكررها ثلاث مرات. ويقول أيضاً: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لّي” رواه البخاري. ويقول أيضاً: “سبوح قدوس رب الملائكة والروح” رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويقول: “سبحان ربي العظيم” رواه أحمد وأبو داود يكررها ثلاث مرات. ويقول أيضاً: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لّي” رواه البخاري…).

أي ويقول حال ركوعه “سبحان ربي العظيم” لحديث حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: “صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ثم ذكر الحديث …. وفيه: ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ” ([53]). ولحديث عائشة الذي ذكره المؤلف.

ويقول أيضاً: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لّي” لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي” ([54]).

ويقول أيضاً: “سبوح قدوس رب الملائكة والروح”. لحديث عائشة رضي الله عنها “أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ:” سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ” ([55]). ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع.

فينبغي للمسلم أن يحافظ على هذه السنن الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن يجمعَ بين هذه الأذكار كلها إن تمكن من ذلك بحيث لا يشقّ على غيره، ويُستحبّ إذا اقتصر على البعض أن يفعل في بعض الأوقات بعضها، وفي وقت آخر بعضاً آخر، وهكذا يفعل في الأوقات حتى يكون فاعلاً لجميعها.  

وهنا تنبيهات:

التنبيه الأول: الواجب من الركوع أن ينحني بحيث يكون إلى الركوع التام أقرب منه إلى الوقوف التام، يعني: بحيث يعرف من يراه أن هذا الرجل راكع.

التنبيه الثاني: يجب أن يكون التكبير فيما بين الانتقال والانتهاء، حتى قال الفقهاء رحمهم الله: “لو بدأ بالتكبير قبل أن يهوي، أو أتمه بعد أن يصل إلى الركوع، فإنه لا يجزئه”.

لأنهم يقولون: إن هذا تكبير في الانتقال فمحله ما بين الركنين، فإن أدخله في الركن الأول لم يصح، وإن أدخله في الركن الثاني لم يصح، لأنه مكان لا يشرع فيه هذا الذكر، فالقيام لا يشرع فيه التكبير، والركوع لا يشرع فيه التكبير، إنما التكبير بين القيام وبين الركوع.

التنبيه الثالث: الواجب في التسبيح مرة واحدة لكن ينبغي للمصلي أن لا يقل في تسبيحات الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات كما ذكر المؤلف، فذلك أقل الكمال، أما الزيادة فلا حد لها، وكلما زاد المصلي من التسبيح فهو أفضل، إلا إذا كان إمامًا فلا يطيل إطالة تشق على المأمومين.

 

ثم يرفع رأسه قائلاً:” سمع الله لمن حمده”([56]) رواه البخاري ومسلم. رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه. ويضع يده اليمنى على ذ راعه اليسرى في هذا القيام لقول سهل بن سعد: “ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ اليُسْرَى فِي الصَّلاَةِ”([57]) رواه أحمد والبخاري. فيبقى القيام الذي قبل الركوع والذي بعده داخلاً في عموم قوله :(في الصلاة).

الشرح:

قوله رحمه الله:(ثم يرفع رأسه قائلاً: “سمع الله لمن حمده” رواه البخاري ومسلم)

أي: إذا انتهى المصلي من الركوع فإنه ينتصب رافعاً رأسه قائلاً عند رفعه من الركوع (سمع الله لمن حمده). وقد اختلف العلماء في حكم التسميع (يعني قول: سمع الله لمن حمده)، والتحميد (يعني قول: ربنا ولك الحمد) في الصلاة على قولين: القول الأول: قول الجمهور([58]) أنه سنة من سنن الصلاة وليس من واجباتها.

القول الثاني: وهو الراجح أنه من واجبات الصلاة، وهو قول الحنابلة. قال ابن قدامة: “والمشهور عن أحمد أن تكبير الخفض والرفع، وتسبيح الركوع والسجود، وقول “سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد”، وقول “رب اغفر لي” بين السجدتين، والتشهد الأول – واجب، وهو قول إسحاق وداود. وعن أحمد أنه غير واجب، وهو قول أكثر الفقهاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمهُ المسيء في صلاته، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة” ([59]).

واستدل من قال بالوجوب بعدة أدلة:

1- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، وأَمرُهُ للوجوب.

2- وفَعَلَهُ وقال: (صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي) ([60]).

3- وعن علي بن يحيى بن خلاد عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لاَ تَتِمُّ صَلاَةٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.. إلى قوله.. ثُمَّ يَقُولُ “سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ” حَتَّى يَستَوِيَ قَائِمًا) ([61])

4- ولأن مواضع هذه الأذكار أركان الصلاة، فكان فيها ذكرٌ واجبٌ كالقيام. وأما حديث المسيء في صلاته فقد ذَكَرَ في الحديث تعليمَه ذلك، وهي زيادة يجب قبولها، على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمهُ كُلَّ الواجبات، بدليل أنه لم يُعَلِّمْهُ التشهد ولا السلام، ويحتمل أنه اقتصر على تعليمه ما رآه أساء فيه.

فائدة: قال بعض العلماء يجب أن يكون قوله: (سمع الله لمن حمده) ما بين النهوض إلى الاعتدال، فإن قاله قبل أن ينهض، أو أخّر بعضه، أو كله حتى اعتدل فلا عبرة به.

قلت: والصحيح أن الأمر في هذا واسع، وأنه لا ينبغي إلحاق الحرج بالناس في هذا الأمر.

قوله رحمه الله: (رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه)

قد سبق الإشارة إلى ذلك وبيان الأدلة الدالة على رفع اليدين عند الرفع من الركوع وكيفية رفعهما.

قوله رحمه الله: (ويضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في هذا القيام)

هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم رحمهم الله: فمنهم من رأى أن وضع اليد اليمنى على ذراع اليسرى في القيام بعد الركوع سنة مستحبة لعموم حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه الذي ذكره المؤلف أنه قال:” كان النَّاسُ يؤمرون أن يضعَ الرَّجُلُ يدَه اليُمنى على ذِرِاعِهِ اليُسرى في الصَّلاةِ”([62]).

وقالوا: إن من نظر في عموم قوله “في الصلاة” يتبين له أن القيام بعد الركوع يشرع فيه الوضع، لأن القيام يشمل ما قبل الركوع وما بعده، فيضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في القيامين جميعٍا، كما ذكر ذلك المؤلف – رحمه الله -، وقالوا إن اليدين في الصلاة حال الركوع تكونان على الركبتين، وفي حال السجود على الأرض، وفي حال الجلوس على الفخذين، وفي حال القيام على الصّدر. وهذا موضعهما في القيام قبل الركوع أو بعده، وأنّ حال الذلّ والأدب بين يدي الربّ ينبغي أن يكون في القيامين، وأنّه أبعد عن العبث.

ومن أهل العلم من رأى عدم مشروعية وضع اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع، واحتجوا بعدم ورود نص خاص في هذا الموضع، وأن عموم القيام لا يشمله لأنه اعتدال وليس بقيام، وعليه فإن المصلي يرسل يديه. وقال بعضهم إن المصلي مخيّر بين الوضع وعدمه لأنه لم يرد في السنة ما هو صريح في هذا.

وما ذكره المؤلف هو الرّاجح -إن شاء الله – فيسن أن يضع المصلي يده اليمنى على اليسرى على صدره بعد القيام من الركوع.

وقد صنَّف الشيخ المحدث بديع الدين السندي رسالة خاصة في هذه المسألة أيَّد فيها قول من ذهب إلى سنية وضع اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع وسماها: “زيادة الخشوع بوضع اليمنى على اليسرى بعد الركوع”.

ولشيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز رسالة في الموضوع أيضًا بعنوان “أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع؟”، نصر فيها القول بوضع اليدين على الصّدر بعد الرفع من الركوع. والله تعالى أعلم.

 

ويقول بعد رفعه:(ربنا لك الحمد)([63])رواه البخاري ومسلم. أو (ربنا ولك الحمد) ([64])رواه البخاري ومسلم، أو (اللهم ربنا لك الحمد)([65]) رواه البخاري ومسلم، أو (اللهم ربنا ولك الحمد) ([66])رواه البخاري. فهذه أربع صفات ولكن لا يقولها في آن واحد، بل يقول هذا مرة وهذا مرة.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويقول بعد رفعه: “ربنا لك الحمد” رواه البخاري ومسلم)

أي: ثم يقول المصلي بعد رفعه من الركوع وبعد قوله (سمع الله لمن حمده) يقول: (ربنا لك الحمد)، وهذا الذكر واجب من واجبات الصلاة كما تقدم، وقد ذكر المؤلف الصيغ الواردة من الذكر بعد الرفع من الركوع؛ فذكر أربع صفات:

الصفة الأولى: ربنا ولك الحمد. دليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ..) ([67]).

الصفة الثانية: ربنا لك الحمد. دليل ذلك حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول:” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ….” ([68]).

الصفة الثالثة: اللهم ربنا لك الحمد. يدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:“إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”([69]).

الصفة الرابعة: اللهم ربنا ولك الحمد. أي بالجمع بين “اللهم” و”الواو” “اللهم ربنا ولك الحمد”، ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ”([70]).

وكل واحدة من هذه الصفات مجزئة، ولكن الأفضل أن يقول هذا أحيانا، وهذا أحيانا لا يجمع بينها، على القاعدة التي قررناها فيما سبق، من أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة الأفضل فيها فعلها على هذه الوجوه.

 

وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها: أن العبادات إذا وردت على وجوه متنوعة فإنها تفعل على هذه الوجوه، على هذه مرة، وعلى هذه مرة، وفي ذلك ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى: الإتيان بالسنة على جميع وجوهها.

الفائدة الثانية: حفظ السنة، لأنك لو أهملت إحدى الصفتين نُسيت ولم تحفظ.

الفائدة الثالثة: ألا يكون فعل الإنسان لهذه السنة على سبيل العادة، لأن كثيراً من الناس إذا أخذ بسنة واحدة صار يفعلها على سبيل العادة ولا يستحضرها، ولكن إذا كان يعودّ نفسه أن يقول هذا مرة وهذا مرة صار متنبهاً للسنة. وإذا كان الإنسان مأموماً فإنه لا يقول (سمع الله لمن حمده) لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” وإذا قال -أي الإمام- سمع الله لمن حمده فقولوا: ” اللهم ربنا ولك الحمد” رواه مسلم. ويكون هذا في حال رفعه من الركوع قبل أن يستتم قائماً.

الشرح:

قوله رحمه الله: (وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها: أن العبادات إذا وردت على وجوه متنوعة فإنها تفعل على هذه الوجوه، على هذه مرة، وعلى هذه مرة..)

سبق الكلام عن هذه القاعدة وبيانها.

قوله رحمه الله: (وإذا كان الإنسان مأموماً فإنه لا يقول “سمع الله لمن حمده”):

أي المأموم لا يُسمّع، بخلاف من ذهب إلى أن المأموم يقول كما يقول الإمام والمنفرد “سمع الله لمن حمده”. دليل ما ذهب إليه المؤلف حديث أنس مرفوعاً وفيه:“إذا قال الإمام “سمع الله لمن حمده” فقولوا “ربنا ولك الحمد”([71]).

فإذا قال قائل: ما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم:صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي، وقد كان يقول: “سمع الله لمن حمده” فيقتضي أن المأموم يقول ذلك؟

فالجواب على هذا أن قوله صلى الله عليه وسلم: صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي عام، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: “وإذا قال: سمع الله لمن حمده”، فقولوا: “ربنا ولك الحمد” فهذا خاص، والخاص يقضي على العام، فيكون المأموم مستثنى من هذا العموم بالنسبة لقول: سمع الله لمن حمده” فإنه يقول: ربنا ولك الحمد.

 

وبعد أن يقول (ربنا ولك الحمد) بصفاتها الأربع، يقول: “ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعده، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد” رواه مسلم والنسائي.

الشرح:

قوله رحمه الله: (وبعد أن يقول “ربنا ولك الحمد” بصفاتها الأربع، يقول: “ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعده..). أي ويزيد على الذكر الواجب هذه العبارة.

ومعنى قوله: (ملء السماوات والأرض). هو أن الله سبحانه وتعالى محمود على كل مخلوق يخلقه، وعلى كل فعل يفعله. ومعلوم أن السماوات والأرض بما فيها كلها من خلق الله، فيكون الحمد حينئذ مالئاً للسماوات والأرض، لأن المخلوقات تملأ السماوات والأرض.  

وقوله: (وملء ما شئت من شيء بعد) تحتمل معنيين:

أحدهما: أن يراد بذلك ما سوى السماوات والأرض مما لا نعلمه.

والثاني: أن يراد بذلك ما يشاؤه تعالى بعد فناء السماء والأرض. والأول أشمل.

 

ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين، لقول ابن عمر:” وكان لا يفعل ذلك في السجود”. ويخرُّ على الركبتين لا على يديه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير” ([72])رواه أبو داود. والبعير عند بروكه يقدم اليدين فيخرّ البعير لوجهه، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرّ الإنسان في سجوده على يديه، لأنه إذا فعل ذلك برك كما يبرك البعير، هذا ما يدل عليه الحديث خلافاً لمن قال: إنه يدل على أنك تقدم يديك ولا تخرّ على ركبتيك لأن البعير عند البروك يخرّ على ركبتيه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير …. فلو قال ذلك، لقلنا نعم إذن لا تبرك على الركبتين، لأن البعير يبرك على ركبتيه، لكنه قال : ” فلا يبرك كما يبرك البعير” فالنهي إذن عن الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه الإنسان ويخر عليه، والأمر في هذا واضح جداً لمن تأمله، فلا حاجة إلى أن نتعب أنفسنا وأن نحاول أن نقول: إن ركبتي البعير في يديه، وأنه يبرك عليهما، لأننا في غنى عن هذا الجدل، حيث إن النهي ظاهر الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه. ولهذا قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد: إن قوله في آخر الحديث:” وليضع يديه قبل ركبتيه” منقلب على الراوي لأنه لا يطابق مع أول الحديث، وإذا كان الأمر كذلك فإننا نأخذ بالأصل لا بالمثال فإن قوله: ” وليضع يديه قبل ركبتيه” هذا على سبيل التمثيل، وحينئذٍ إذا أردنا أن نرده إلى أصل الحديث صار صوابه: “وليضع ركبتيه قبل يديه”. إذاً يخرّ على ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين…)

أي إذا أراد السجود فإنه لا يرفع يديه كما رفعهما عند الرفع من الركوع بل يسجد بدون رفع لليدين.

قوله رحمه الله : (ويخرُّ على الركبتين لا على يديه).

هذه المسألة اختلف فيها الفقهاء على قولين:

القول الأول: ما ذهب إليه المؤلف أن السنة عند السجود وضع الركبتين قبل اليدين حين الهوى إلى السجود، وهذا هو قول جمهور الفقهاء من الحنفية([73])، والحنابلة([74])، والشافعية([75])، وهو قول سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز([76])-رحمه الله -ودليل ذلك حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: ” رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ “ ([77]).

القول الثاني: وهو قول المالكية([78]) وإحدى الروايتين عند أحمد([79])، وهو قول أصحاب الحديث: أن المصلي الأفضل له عند سجوده وضع اليدين قبل الركبتين، واحتجوا لذلك بحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه” ([80]) ، وأيضا احتجوا بتبويب البخاري لذلك حيث قال: “باب يهوي بالتكبير حين سجد ثم جبهته وأنفه” وقال نافع: “وكان ابن عمر رضي الله عنهما يضع يديه قبل ركبتيه”([81])، وفي رواية: “كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه ويقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك”([82])، وقال الأوزاعي: “أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم” ([83]). والذي يظهر أن الأمر في ذلك واسع، فمن رأى أن السنة تقديم الركبتين كما ذهب إليه المؤلف فعل، ومن رأى أن السنة تقديم اليدين فعل، لكن القول الأول عندي أصرح دليلا، وقد نصره العلامة ابن القيم في زاد المعاد وغيره، وبيّن أن في الحديث انقلاباً.

 

ويسجد على سبعة أعضاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم” ثم فصلها النبي صلى الله عليه وسلم: “على الجبهة، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين “([84])رواه البخاري ومسلم، فيسجد الإنسان على هذه الأعضاء.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويسجد على سبعة أعضاء..)

السجود ركن من أركان الصلاة، وكيفية السجود كما ذكرها المؤلف تكون على الأعضاء السبعة وهي: الجبهة مع الأنف، والكفان، والركبتان، وأطراف القدمين. فلا يكفي مجرد السجود، بل لابد من السجود على هذه الأعضاء السبعة.

فإن عجز عن السجود بجبهته لزمه أن يأتي بما يستطيع، كأن تمس يده الأرض أو يمس أنفه الأرض إذا كان يمكنه ذلك، بخلاف ما ذهب إليه بعض الفقهاء من أنه يسقط عنه باقي الأعضاء، لأن الجبهة هي الأصل وغيرها تابع لها وهذا غير صحيح، فالأعضاء كلها أصل.

والصواب كما ذكرنا أنه متى عجز عن الإتيان ببعض أعضاء السجود لزمه الإتيان بالباقي.

وهنا بعض الفوائد:

الفائدة الأولى: أن أقل السجود هو أن يضع شيئاً من كل عضو، فلو سجد ووضع شيئاً من الأنف أو شيئاً من الجبهة أجزأ ذلك، بمعنى أنه يكفي أن يضع بعض العضو، فإذا فعل ذلك أجزأه، لكن لو رفع عضواً من الأعضاء كلية مع تمكين بقية الأعضاء، فهذا لا يجزئ، فلابد من تمكين جميع الأعضاء، أو تمكين بعض جميعها.

الفائدة الثانية: السجود على نحو القطن المنفوش وغيره لا يصح، لأنه لا يعتبر ساجداً على الأرض، لكن إذا كان هذا القطن ونحوه كالإسفنج خفيفاً بحيث أنه ينكبس على الأرض عند السجود فلا بأس بذلك.

الفائدة الثالثة: وضع الحائل بين الإنسان وبين موضع سجوده ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- أن يكون الحائل من أعضاء السجود، كما لو سجد على كفه مثلاً، فهذا لا يجوز، ولا يجزئ السجود، لإفضائه إلى تداخل أعضاء السجود، ولأنه خلاف أمره وفعله عليه الصلاة والسلام.

2- أن يكون الحائل من غير أعضاء السجود لكنه متصل بالمصلي، كما لو سجد على طرف شماغه مثلاً، فهذا له حالتان:

الحالة الأولى: أن يكون لعذر، فهذا جائز بلا كراهة، لما روى أنس قال “كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف ثوبه من شدة الحر مكان السجود”([85]).

الحالة الثانية: أن يكون لغير عذر فهذا مكروه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: “فالأحاديث والآثار تدل على أنهم في حال الاختيار كانوا يباشرون الأرض بالجباه، وعند الحاجة كالحر ونحوه يتقون بما يتصل بهم من طرف ثوب وعمامة وقلنسوة، ولهذا كان أعدل الأقوال في هذه المسألة أنه يرخص في ذلك عند الحاجة، ويكره السجود على العمامة ونحوها عند عدم الحاجة” ([86]) أ.هـ.

3-أن يكون الحائل غير متصل بالمصلي، فهذا لا بأس به، لكن قال الفقهاء: يكره أن يخص جبهته بما يسجد عليه، لأنه يشبه فعل الرافضة.

 

وينصب ذراعيه فلا يضعهما على الأرض ولا على ركبتيه. ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه فيكون الظهر مرفوعاً.

ولا يمد ظهره كما يفعله بعض الناس، تجده يمد ظهره حتى إنك تقول: أمنبطح هو أم ساجد؟ فالسجود ليس فيه مد ظهر، بل يرفع ويعلو حتى يتجاف عن الفخذين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اعتدلوا في السجود “([87])رواه البخاري ومسلم.

وهذا الامتداد الذي يفعله بعض الناس في السجود يظن أنه السنة، هو مخالف للسنة، وفيه مشقة على الإنسان شديدة، لأنه إذا امتد تحمل نقل البدن على الجبهة، وانخنعت رقبته، وشق عليه ذلك كثيراً، وعلى كل حال لو كان هذا هو السنة لتحمل الإنسان ولكنه ليس هو السنة.

وفي حال السجود يقول: “سبحان ربي الأعلى ثلاثة مرات”([88]) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة. “سبحانك اللهمَّ رَبَّنا وبحمدك، اللهمَّ اغْفِرْ لي”([89])رواه البخاري ومسلم. “سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الملائكةِ والرُّوح”([90])رواه مسلم.

الشرح:

قوله رحمه الله: (وينصب ذراعيه فلا يضعهما على الأرض ولا على ركبتيه. ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه فيكون الظهر مرفوعاً…)

لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك، حتى إن الصحابة يرقون له من شدة مجافاته صلوات الله وسلامه عليه، وحتى إنه ليرى بياض إبطه من شدة مجافاته، وحتى إنه لو شاءت أن تمر البهمة ـ وهي صغار الغنم ـ من تحته لمرت من شدة مجافاته.

قوله رحمه الله: (وفي حال السجود يقول: “سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات”رواه..).

أي: حال السجود يقول ما ذكره المؤلف: “سبحان ربي الأعلى” دون أن يقول ربي العظيم، لأن ذكر علو الله هنا أنسب من ذكر العظمة، لأن الإنسان الآن أنزل ما يكون، لذا كان من المناسب أن يثني على الله بالعلو. فإن النزول نقص، فكان ذكر التسبيح أولى، لتنزيه الله عز وجل عن النقص الذي كان فيه الآن، فكان من المناسب أن يذكر الإنسان نفسه بمن هو أعلى منها.

وقول المصلي في سجوده سبحان ربي الأعلى واجب. والدليل على هذا: أنه: لما نزل قول الله تعالى:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[الحاقة:52]، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ)([91])، وهذا بيان من النبي صلى الله عليه وسلم لموضع هذا التسبيح.

والواجب عليه في تسبيح الركوع والسجود مرة واحدة، وأدني الكمال ثلاث مرات، وله أن يزيد على ذلك. إلا أن يكون إماماً، فلا يفعل ما يكون فيه مشقة على المأموم. لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ”([92]).

 

ويكثر في السجود من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم” ([93])رواه مسلم. أي حري أن يستجاب لكم، وذلك لأنه أقرب ما يكون من ربه في هذا الحال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد “([94]) رواه مسلم.

الشرح:

قوله رحمه الله:(ويكثر في السجود من الدعاء…)

أي يستحب الإكثار من الدعاء في السجود والإطالة فيه لغير الإمام، لقوله صلى الله عليه وسلم قال: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ).

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أطال السجود مرة وهو يسبح حتى كان سجوده قريبا من قيامه في تلك الركعة وقد قرأ فيها بسورة البقرة وآل عمران والنساء.

وأما الإمام فإنه مطالب شرعا بالتخفيف على المأمومين حتى لا يشق عليهم كما سبق. لقوله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ” ([95]).

 

ولكن لاحظ أنك إذا كنت مع الإمام فالمشروع في حقك متابعة الإمام فلا تمكث في السجود لتدعو، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا كَبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا”([96]) رواه البخاري فأمرنا أن نتابع الإمام وألا نتأخر عنه.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ولكن لاحظ أنك إذا كنت مع الإمام فالمشروع في حقك متابعة الإمام…)

المشروع للإمام والمنفرد والمأموم ، الدعاء في السجود ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظّمُوا فِيهِ الرَّبّ، وأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُعَاء، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ). لكن المأموم تبع إمامه فلا يمكث في السجود ليدعو وإمامه قد قام من سجوده، بل عليه متى كبر وقام من سجوده أن يبادر بمتابعة إمامه. وأن يأتي بأفعال الصلاة عقب إتيان الإمام بها مباشرة لما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) ([97]).

والتخلف عن الإمام وإطالة السجود بعد رفعه منه خلاف السنة الواضحة بلا شك، بل قد يؤدي ذلك إلى بطلان الصلاة عند بعض العلماء الذين يرون أن المأموم إن تخلف عن الإمام لغير عذر حتى سبقه بالركن بطلت صلاته.

فإن كان المصلي منفردا فله أن يطول ما يشاء، لأنه ليس خلفه من يشق عليه، فله أن يصلي كيف يشاء مع مراعاة الأمر الشرعي في كل شيء.

 

ثم ينهض من السجود مكبراً. ويجلس بين السجدتين مفترشاً وكيفيته: أن يجعل الرجل اليسرى فراشاً له، وينصب الرجل اليمنى من الجانب الأيمن.

 أما اليدان فيضع يده اليمين على فخذه اليمنى أو على رأس الركبة، ويده اليسرى على فخذه اليسرى أو يلقمها الركبة، فكلتاهما صفتان واردتان عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ثم ينهض من السجود مكبراً. ويجلس بين السجدتين مفترشاً وكيفيته: أن يجعل الرجل اليسرى فراشاً له، وينصب الرجل اليمنى من الجانب الأيمن).

هذه هي صفة الجلوس بين السجدتين، فالسنة أن يجلس بين السجدتين مفترشًا، وصفة الافتراش كما ذكره المؤلف هي أن يثني رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها وينصب رجله اليمنى، ودليل ذلك حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: “وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى”([98]).

قوله رحمه الله:(أما اليدان فيضع يده اليمين على فخذه اليمنى)

قد ورد لوضع الكفين أثناء الجلوس بين السجدتين والتشهد صفتان:

الصفة الأولى: أن يضع الكف اليمنى على الفخذ اليمنى، واليسرى على الفخذ اليسرى، وتكون أطراف أصابعه عند ركبتيه، ويدل لذلك حديث عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ يَدْعُو، وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى، وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ “ ([99]).

الصفة الثانية: أن يضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، واليد اليسرى يلقمها الركبة كأنه قابض لها، ويدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما “أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي التَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ” ([100]).

  

لكن اليد اليمنى يضم منها الخنصر والبنصر والوسطى والإبهام، أو تحلق الإبهام على الوسطى وأما السبابة فتبقى مفتوحة غير مضمومة، ويحركها عند الدعاء فقط فمثلاً إذا قال: “ربي اغفر لي ” يرفعها،”وارحمني” يرفعها، وهكذا في كل جملة دعائية يرفعها.

أما اليد اليسرى فإنها مبسوطة. ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم – فيما أعلم – أن اليد اليمنى تكون مبسوطة وإنما ورد أنه يقبض منها الخنصر والبنصر، ففي بعض ألفاظ حديث ابن عمر رضي الله عنهما: “كان إذا قعد في الصلاة”([101]) رواه مسلم. وفي بعضها ” إذا قعد في التشهد”([102]) رواه مسلم، وتقييد ذلك بالتشهد لا يعني أنه لا يعم جميع الصلاة لأن الراجح من أقوال الأصوليين أنه إذا ذكر العموم ثم ذكر أحد أفراده بحكم يطابقه فإن ذلك لا يقتضي التخصيص .

فمثلاً إذا قلت أكرم الطلبة، ثم قلت أكرم فلاناً – وهو من الطلبة – فهل ذكر فلان في هذه الحال يقتضي تخصيص الإكرام به؟ كلا كما أنه لما قال الله تعالى:[تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا][القدر: الآية 4] لم يكن ذكر الروح مخرجاً لبقية الملائكة، والمهم أن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص ولكن يكون تخصيص هذا الفرد بالذكر لسبب يقتضيه، إما للعناية به أو لغير ذلك .

المهم أنني – إلى ساعتي هذه – لا أعلم أنه ورد أن اليد اليمنى تبسط على الفخذ اليمنى حال الجلوس بين السجدتين، والذي ذكر فيها أنها تكون مقبوضة الخنصر والبنصر والإبهام مع الوسطى، وقد ورد ذلك صريحاً في حديث وائل بن حجر في مسند الإمام أحمد الذي قال عنه بعض أهل العلم إن إسناده جيد، وبعضهم نازع فيه ولكن نحن في غنى عنه في الواقع ، لأنه يكفي أن نقول: إن الصفة التي وردت بالنسبة لليد اليمنى هو هذا القبض، ولم يرد أنها تبسط فتبقى على هذه الصفة حتى يتبين لنا من السنة أنها تبسط في الجلوس بين السجدتين .

الشرح:

قوله رحمه الله:(لكن اليد اليمنى يضم منها الخنصر والبنصر والوسطى والإبهام……. إلى قوله: حتى يتبين لنا من السنة أنها تبسط في الجلوس بين السجدتين)

اختلف الفقهاء فيما ذكره شيخنا فجمهور الفقهاء أن اليدين اليمنى واليسرى تكونان مبسوطتي الأصابع موجهة إلى القبلة.

وقال ابن القيم واختاره المؤلف -رحمه الله- أن السنة في ذلك أن تكون اليد اليسرى مبسوطة مضمومة الأصابع موجهة إلى القبلة، أما اليمنى فالسنة أن يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام على البنصر الوسطى ويرفع السبابة ويحركها عند الدعاء كما ذكره المؤلف.

والراجح ما ذكره المؤلف، دليل ذلك ما استدل به الشيخ وهو حديث وائل بن حجر رضي الله عنه ولفظه: “رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حلَّق الإبهام والوسطى، ورفع التي تليهما يدعو بها في التشهد”([103])

 

وفي هذا الجلوس يقول: “رب اغفر لي وارحمني واهدني، واجبرني وعافني وارزقني”([104])رواه الترمذي وأبو داود، سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً. فإن قلت كيف يفرد الإمام الضمير وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل إذا كان إماماً وخص نفسه بالدعاء، “فقد خان المأمومين”؟. فالجواب على ذلك: أن هذا في دعاء يؤمن عليه المأموم، فإن الإمام إذا أفرده يكون قد خان المأمومين مثل دعاء القنوت، علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بصيغة الإفراد “اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت…. ” ([105])رواه أبو داود والترمذي وأحمد. فلو قال الإمام: اللهم اهدني فيمن هديت يكون هذا خيانة، لأن المأموم سيقول: آمين، والإمام قد دعا لنفسه وترك المأمومين، إذاً فليقل: “اللهم اهدنا فيمن هديت”، فلا يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين في دعاء يؤمن عليه المأموم لأن ذلك خيانة للمأموم.

الشرح:

قوله رحمه الله:(وفي هذا الجلوس يقول: “رب اغفر لي وارحمني واهدني ، واجبرني وعافني وارزقني..)

هذا الذكر ذهب الجمهور([106]) إلى أنه سنة وليس بواجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه المسيء صلاته. والمشهور عند الحنابلة([107]) أنه واجب، وهو الراجح والواجب في الصلاة والمجزئ مرة واحدة، والمستحب الإتيان به ثلاثا، وأقله مرة واحدة، وأقل الكمال ثلاث، والكمال للمنفرد ما لا يخرجه إلى السهو، وبالنسبة للإمام: ما لا يشق على المصلين والواجب منه “رب اغفر لي”. وإن زاد المصلي على ذلك فقال:(رَبِّ اغْفِرْ لِيْ وَارْحَمْنِيْ وَاجْبُرْنِيْ وَارْفَعْنِيْ وَارْزُقْنِيْ وَاهْدِنِيْ)([108])، لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم فحسن.

قوله رحمه الله:(فإن قلت كيف يفرد الإمام الضمير …. إلى قوله: لأن ذلك خيانة للمأموم)

جملة ما ذكره الشيخ هنا أن الدعاء الذي يشترك فيه الإمام والمأمومون في صلاة الجماعة، يعني: أن الإمام يدعو، ويؤمن المأمومون، هو الذي يكره فيه للإمام أن يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين، وذلك لما جاء عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ثَلَاثٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ: لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ. وَلَا يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ. وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ حَقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ) ([109]). وقد ضعف هذا الحديث ابن خزيمة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والألباني ([110]) وغيرهم -رحمهم الله-. وعلى تقدير ثبوت الحديث، فالمراد به ما ذكرناه أولاً: أن يخص نفسه في دعاء يشاركه المأمومون فيه.

أما المواضع التي يدعو فيها كل إنسان لنفسه، كالاستفتاح، وما بعد التشهد، ونحو ذلك، فكما أن المأموم يدعو لنفسه، فالإمام يدعو لنفسه.

 

ثم يسجد للسجدة الثانية كالسجدة الأولى في الكيفية وفيما يقال فيها. ثم ينهض للركعة الثانية مكبراً معتمداً على ركبتيه قائماً بدون جلوس، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد. وقيل بل يجلس ثم يقوم معتمداً على يديه، كما هو المشهور من مذهب الشافعي، وهذه الجلسة مشهورة عند العلماء باسم جلسة الاستراحة. وقد اختلف العلماء – رحمهم الله -في مشروعيتها فقال بعضهم: فإذا قمت إلى الثانية أو إلى الرابعة فاجلس ثم انهض معتمداً على يديك إما على صفة العاجن – إن صح الحديث في ذلك أو على غير هذه الصفة عند من يرى أن حديث العجن ضعيف، المهم أنهم اختلفوا في هذه الجلسة، فمنهم من يرى أنها مستحبة مطلقاً، ومنهم من يرى أنها غير مستحبة على سبيل الإطلاق، ومنهم من يفصل ويقول: إن احتجت إليها لضعف، أو كبر، أو مرض، أو ما أشبه ذلك فإنك تجلس ثم تنهض، وأما إذا لم تحتج إليها فلا تجلس، واستدل لذلك أن هذه الجلسة ليس لها دعاء، وليس لها تكبير عند الانتقال منها، بل التكبير واحد من السجود للقيام، فلما كان الأمر كذلك دل على أنها غير مقصودة في ذاتها لأن كل ركن مقصود لذاته في الصلاة لابد فيه من ذكر مشروع، وتكبير سابق، وتكبير لاحق. قالوا: ويدل لذلك أيضاً أن في حديث مالك ابن الحويرث: ” أنه يعتمد على يديه “، والاعتماد على اليدين لا يكون غالباً إلا من حاجة وثقل بالجسم لا يتمكن من النهوض .

فلهذا نقول: إن احتجت إليها فلا تكلف نفسك في النهوض من السجود إلى القيام رأساً، وإن لم تحتج فالأولى أن تنهض من السجود إلى القيام رأساً، وهذا هو ما اختاره صاحب المغنى – ابن قدامة المعروف بالموفق رحمه الله – وهو من أكابر أصحاب الإمام أحمد، وأظنه اختيار ابن القيم في زاد المعاد أيضاً. ويقول صاحب المغني: إن هذا هو الذي تجتمع فيه الأدلة – إي التي فيها إثبات هذه الجلسة ونفيها .

والتفصيل هنا – عندي – أرجح من الإطلاق، وإن كان رجحانه – عندي – ليس بذلك الرجحان الجيد، لأنه لا يتعارض في فهمي مع الجلسة. فالمراتب عندي ثلاث:

أولاً: مشروعية هذه الجلسة عند الحاجة إليها، وهذا لا إشكال فيه.

ثانياً: مشروعيتها مطلقاً، وليس بعيداً عنه في الرجحان.

ثالثاً: أنها لا تشرع مطلقاً، وهذا عندي ضعيف، لأن الأحاديث فيها ثابتة، لكن هل هي ثابتة عند الحاجة أو مطلقاً؟ هذا محل الإشكال، والذي يترجح عندي يسيراً أنها تشرع للحاجة فقط.

وفي الركعة الثانية، يفعل كما يفعل في الركعة الأولى، إلا في شيء واحد وهو الاستفتاح، فانه لا يستفتح، وأما التعوذ ففيه خلاف بني العلماء منهم من يرى أنه يتعوذ في كل ركعة، ومنهم من يرى أنه لا يتعوذ إلا في الركعة ا لأولى.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ثم يسجد للسجدة الثانية كالسجدة الأولى في الكيفية وفيما يقال فيها).

أي كالسجدة الأولى في الأقوال والأفعال، يعني: فيما يقال فيها من الأذكار، وما يفعل فيها من الأفعال.

قوله رحمه الله: (ثم ينهض للركعة الثانية مكبراً معتمداً على ركبتيه قائماً بدون جلوس…..الخ)

أطال المؤلف في الكلام على هذه المسألة، أعني مسألة جلسة الاستراحة.

وقد اختلف في سنيتها؛ كما ذكر الشيخ رحمه الله، فذهب الشافعية([111])، إلى أن الجلوس للاستراحة سنة مطلقًا، سواء احتاج الإنسان إليه أم لم يحتج، وهذا هو قول سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز([112]) رحمه الله، وهو قول أكثر أهل الحديث.

واستدلوا لذلك بحديث مالك بن الحويرث الليثي رضي الله عنه :”أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِيْ وِتْرٍ مِنْ صَلاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا([113]).

وفي رواية: “جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ قَامَ([114]).

وذهب شيخنا محمد العثيمين كما هو واضح في هذه الرسالة إلى قول وسط في هذه المسألة فقال: إن كان المصلي يحتاج إلى الجلوس أي لا يستطيع أن ينهض بدون جلوس فيجلس تعبداً، وإن كان يستطيع أن ينهض فلا يجلس، وهو قول صاحب المغني([115])، واختاره ابن القيم([116])، وهذا هو الراجح.

تنبيه: إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة، فهل يشرع للمأموم أن يجلس لها إذا كان يرى أنها سنة؟

الجواب: متابعة الإمام أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلا تَخْتَلِفُوْا عَلَيْهِ([117])، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوْا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوْا([118])، فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بدون مهلة، فدل ذلك على أن الأفضل في حق المأموم ألا يتأخر عن الإمام ولو يسيرا.

قوله رحمه الله: (وفي الركعة الثانية، يفعل كما يفعل في الركعة الأولى) أي يصنع في الركعة الثانية مثل ما صنع في الركعة الأولى، قال صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: (ثُمَّ افْعَلْ ذلِكَ فِيْ صَلاتِكَ كُلِّهَا)([119])، لكن الركعة الثانية تخلو من النية وتكبيرة الإحرام والاستفتاح، والاستعاذة على القول الراجح لأن هذه من خصائص الركعة الأولى.

 

فإذا صلى الركعة الثانية جلس للتشهد كجلوسه بين السجدتين في كيفية الرجلين، وفي كيفية اليدين.

الشرح:

قوله رحمه الله: (فإذا صلى الركعة الثانية جلس للتشهد كجلوسه بين السجدتين في كيفية الرجلين، وفي كيفية اليدين).

أي إذا فرغ من الركعة الأولى والثانية جلس للتشهد مفترشًا، أي يفرش رجله اليسرى، فيجلس عليها وينصب اليمنى، فيكون جلوسه هنا مثل جلوسه بين السجدتين المتقدم ذكره.

ويبسط يده اليسرى على فخذه اليسرى، ويده اليمنى على فخذه اليمنى فيقبض منها الخنصر والبنصر والخنصر هو الأصبع الأصغر والبنصر هو الذي يليه. ويحلق الإبهام مع الوسطى والإبهام هو الأصبع الأكبر، فيحلق مع الوسطى أي يحلق مقدم الإبهام مع مقدم الوسطى فيأخذ شكل حلقة، وهذه هي إحدى الصفات الواردة. وهناك صفة أخرى وهي أن يضم الخنصر والبنصر والوسطى ويضم إليها الإبهام وتبقى السبابة مفتوحة.

ويشير بالسبابة وهي ما بين الإبهام والوسطى، وسميت بذلك لأن الإنسان يشير بها عند السب، وتسمى أيضا السباحة لأنه يشير بها عند التسبيح. لكن متى يشير بالسبابة؟

قال الفقهاء: يشير بها عند ذكر الله في الصلاة، ويكون ذلك من بداية التشهد إلى آخره، وقال بعضهم: بل يشير بها عند قول: “أشهد أن لا إله إلا الله”، والصواب أنه يشير بها عند الذكر والدعاء فقط، لقوله في الحديث (يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا)([120]).

مسألة: اختلف الفقهاء في الإشارة بالسبابة في التشهد، فذهب بعض الحنفية([121]) إلى عدم مشروعيته، وإجماع السلف على خلافه، لكن ورد الخلاف في تحريكها حال الإشارة بها، فالمذهب([122]) لا يرى التحريك أي يشير بالسبابة من غير تحريك. 

والصواب: أن تحريك السبابة مستحب، ويكون تحريكها كما ذكرنا عند الذكر والدعاء، ولا يكون التحريك كما نراه من البعض عبارة عن اهتزاز الأصبع كهيئة المرتعش، بل يكفي التحريك الذي هو عبارة عن إشارة فقط، وليس معنى التحريك أيضا تحريك السبابة يمينًا وشمالًا كما يحدث من البعض، لأنه لم يرد دليل على ذلك، بل يكون التحريك بالإشارة فقط عند الدعاء.

 

ويقرأ التشهد؛ وقد ورد فيه صفات متعددة وقولنا فيه كقولنا في دعاء الاستفتاح، أي أن الإنسان ينبغي له أن يأتي مرة بتشهد ابن عباس ومرة بتشهد ابن مسعود، ومرة بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هاتين الصفتين فيقول: ” التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله “([123]) رواه البخاري ومسلم.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويقرأ التشهد؛ وقد ورد فيه صفات متعددة وقولنا فيه كقولنا في دعاء الاستفتاح…)

هذا هو التشهد، وقد اختلف الفقهاء في حكمه، فقال الحنفية([124])  والمالكية([125]) بأنه سنة، وقال الشافعية([126])، والحنابلة([127]) بوجوبه، وهذا هو الحق، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: “كنا نقول في الصلاة قبل أن يفرض التشهد السلام على الله السلام على جبريل وميكائيل فقال رسول صلى الله عليه وسلم لا تقولوا هكذا فإن الله عز وجل هو السلام ولكن قولوا التحيات لله…” ([128]) .

ومعنى (التحيات لله) أي جميع أنواع التعظيمات من دعاء وصلوات وكل طيب من الأقوال والأفعال لله تعالى، واللام في قوله “التحيات” للاستحقاق والاختصاص، فلا يستحق أي نوع من التحيات إلا لله عز وجل.

ومعنى قوله: (والصلوات) أي الصلوات كلها، فرضها ونفلها وكل الأدعية لله استحقاقا لا أحد يستحقها غيره، فلازم أن تكون هذه الصلوات المؤداة لله إخلاصًا وعبوديةً، وقيل في معناها أيضًا: العبادات، وقيل: الرحمة.

ومعنى قوله: (والطيبات) كل طيب من الأقوال والأفعال والصفات لله تعالى، فما يتعلق به سبحانه وتعالى له من الأوصاف أطيبها، ومن الأفعال أطيبها، ومن الأقوال أطيبها، فهو سبحانه وتعالى لا يقول إلا الطيب، ولا يفعل إلا الطيب، ولا يتصف إلا بالطيب، فهو سبحانه وتعالى طيب في كل شيء، في ذاته وصفاته وأفعاله، فالطيبات إذا هي الكلام الذي هو ثناء على الله تعالى وذكر له.

ومعنى قوله: (السلام عليك أيها النبي) السلام هو السلامة من كل شر في الدنيا والآخرة، وهذه الجملة خبر بمعنى الدعاء، بمعنى أنك تدعو بأن الله يسلم نبيه من شرور الدنيا والآخرة، وخبر بمعنى قوة رجاء كأن الإجابة أمر واقع.

ومعنى قوله: (ورحمة الله) جملة معطوفة على ما قبلها، وهي قوله: “السلام عليك أيها النبي”، أي السلام عليك ورحمة الله عليك أيها النبي.

ومعنى قوله “وبركاته” جمع بركة، والبركة هي دوام الخير وثبوته، وأصل البركة من البركة بكسر الباء وهي مجمع الماء الكثير الثابت، والبركة أيضا معناها النماء والزيادة في كل خير.

والدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالبركة يكون حال حياته وبعد مماته، فأما في حال حياته فقد حصل من الصحابة رضوان الله عليهم- حيث كانوا يدعون له في صلاتهم- بالبركة كما هو معروف في أثناء تشهدهم، والمراد به هنا أن يبارك الله تعالى له في أهله وعمله وطعامه وكسوته ونحو ذلك، ويكون ذلك بثبوت الخير له ودوامه عليه.

أما بعد مماته فيكون الدعاء بالبركة له بأن يبارك الله في أتباعه وما يتبع فيه، فكثرة الأتباع تكون بزيادتهم وما يتبع فيه يكون بكثرة أعمال الخير ودوامها، فيحصل له بذلك الأجر العظيم بكثرة الأتباع وكثرة العمل من الأتباع.

ومعنى قوله: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) بعد أن فرغ المصلي من الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالسلامة والرحمة والبركة، هنا يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين.

والضمير في قوله (علينا) قيل يعود على المصلين، وقيل على الملائكة، وقيل على جميع الأمة المحمدية وهذا هو الأظهر، فالمصلي يدعو لنفسه ولإخوانه من هذه الأمة. 

أما قوله: (وعلى عباد الله الصالحين) هذا تعميم بعد تخصيص، وذلك لأن عباد الله الصالحين هم في الحقيقة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

ومعنى قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله) أي أشهد أنه لا معبود بحق إلا الله.

ومعنى قوله: (وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) أي أشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبد الله، أي عابد له لا يملك من الربوبية شيء بل هو بشر مثلنا، لكن ميَّزه الله تعالى بالوحي وبما جبله عليه من العبادة والأخلاق العظيمة.

مسألة: هل يأتي المصلي بالصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول؟

قولان لأهل العلم:

فأكثر أهل العلم على أنه لا تشرع إلا في التشهد الأخير، وهذا اختيار شيخنا محمد العثيمين([129]) ، وذهب النووي([130])  كما في المجموع وبعض أهل العلم واختاره سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز([131]) إلى أن الصلاة على النبي تشرع في التشهد الأول، وقال هذا على الصحيح.

وهذا هو الراجح لعموم الأدلة فلم تخصص هذه الأدلة التشهد الأخير، بل هي عامة تشمل التشهدين، لكنها في التشهد الأول مستحبة وليست بواجبة.

 

وإن كان في ثلاثية أو رباعية قام بعد التشهد الأول رافعاً يده كما رفعها عند تكبيرة الإحرام، وصلى بقية الصلاة وتكون بالفاتحة فقط فلا يقرأ معها سورة أخرى، وإن قرأ أحياناً فلا بأس لوروده في ظاهر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه([132])

ثم يجلس إذا كان في ثلاثية أو رباعية للتشهد الثاني، وهذا التشهد يختلف عن التشهد الأول.

وفي كيفية الجلوس لأنه يجلس متوركاً والتورك له ثلاثة صفات:

الصفة الأولى: أن ينصب الرجل اليمنى ويخرج الرجل اليسرى من تحت الساق، ويجلس بإليتيه على الأرض.

والصفة الثانية: أن يفرش رجليه جميعاً ويخرجها من الجانب الأيمن، وتكون الرجل اليسرى تحت ساق اليمنى.

والصفة الثالثة: أن يفرش الرجل اليمنى ويجعل الرجل اليسرى بين الفخذ والساق.

فهذه ثلاثة صفات للتورك ينبغي أن يفعل هذا تارة، وأن يفعل هذا تارة أخرى.

الشرح:

قوله رحمه الله: (وإن كان في ثلاثية أو رباعية قام بعد التشهد الأول رافعاً يده كما رفعها عند تكبيرة الإحرام….إلى قوله: لوروده في ظاهر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه).

أي وإن كان في صلاة ثلاثية، مثل المغرب، أو صلاة رباعية مثل الظهر، والعصر، والعشاء. نهض مكبرا بعد التشهد الأول رافعاً يديه وصلى ما بقي كالثانية بالحمد فقط لا يزيد عليها، وهذا هو مقتضى حديث أبي قتادة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب فقط ([133])، ولكن في حديث أبي سعيد الخدري ما يدل على أن الركعتين الأخريين يقرأ فيهما، لأنه ذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الركعتين الأوليين بسورة، ولا يطول الأولى على الثانية، ويقرأ بالركعتين الأخريين بنصف ذلك. وهذا يدل على أنه جعل الركعتين الأوليين سواء، والركعتين الأخريين سواء.

لكن بعض العلماء رجح حديث أبي قتادة، لأنه متفق عليه، وحديث أبي سعيد في مسلم، ولأن حديث أبي قتادة جزم به الراوي، وأما حديث أبي سعيد فقال: “حزرنا قيامه” أي: خرصناه وقدرناه، وفرق بين من يجزم بالشيء وبين من يخرصه ويقدره .

وتمتاز هاتان الركعتان عن الأوليين، بأنه يقتصر فيهما على الحمد، وأنه يسر فيهما بالقراءة في الصلاة الجهرية، فهما ركعتان من نوع جديد.

قوله رحمه الله:(ثم يجلس إذا كان في ثلاثية أو رباعية للتشهد الثاني.)

ذكر المؤلف رحمه الله هنا صفة الجلوس للتشهد الأخير؛ فذكر لذلك هذه الصفات الثلاثة، وكل هذه الصفات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة التورك، وعلى هذا فنقول: ينبغي أن يفعل الإنسان هذا مرة، وهذا مرة، بناء على القاعدة التي قعدها أهل العلم وهي: أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة، ينبغي أن يفعلها على جميع الوجوه الواردة، لأن هذا أبلغ في الاتباع مما إذا اقتصر على شيء واحد وقد سبق الإشارة إلى هذه القاعدة.

تنبيهان:

الأول: ذهب بعض الفقهاء إلى التفريق بين الرجل والمرأة في هيئة الجلوس في الصلاة، فقالوا: يسن للرجل في الصلاة الافتراش وللمرأة التورك، لا فرق في ذلك بين التشهد الأول والأخير أو الجلسة بين السجدتين، والصحيح أن المرأة كالرجل تمامًا لعدم الدليل الذي يدل على التفريق بينهما، فالأصل في النساء أنهن كالرجال في الأحكام.

الثاني: ذهب الحنابلة ([134]) أن المرأة تضم نفسها في الحال التي يشرع للرجل فيها التجافي كما في الركوع والسجود، والصحيح أن المرأة كالرجل في الأحكام وليس هناك دليل على التفريق.

 

ثم يقرأ التشهد الأخير ويضيف على التشهد الأول: “اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد” ([135]) رواه البخاري ومسلم.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ثم يقرأ التشهد الأخير ويضيف على التشهد الأول) هذه إحدى صفات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فالمشهور من المذهب ([136])  أنها ركن لا تصح الصلاة بدونها، وفي رواية في المذهب([137])  أنها واجبة تصح بدونها مع جبر الصلاة بسجود سهو.

وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد وهي المذهب عند الحنفية([138])، والمالكية([139])، أن الصلاة الإبراهيمية في الصلاة سنة وليست بركن ولا واجبة، واختار هذا القول شيخنا محمد العثيمين([140])، وذهب الشافعية([141])  إلى أنها فرض في التشهد الثاني.

والراجح: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير في الصلاة ركن لا تتم الصلاة إلا بها، أما في التشهد الأول فمستحبة.

ومعنى قوله: (اللهم صل على محمد) الصلاة من الله على أنبيائه ورسله هي ثناؤه عليهم عند الملائكة المقربين، فقولنا اللهم صل على محمد، أي أثن عليه وأعل ذكره، وزده تعظيما وتشريفا.

وقوله:(وعلى آل محمد) أي أقاربه الذين تحرم عليهم الصدقة وهم بنوا هاشم وبنوا المطلب وأزواجه. ومعنى قوله “كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ” أي كما مننت بهذه الصلاة على إبراهيم امنن بها على نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -.

ومعنى قوله: (إنك حميد مجيد) إنك أنت المستحق للمحامد والتمجيد.

ومعنى قوله: (وبارك على محمد وعلى آل محمد) أي أنزل عليهم البركة.

ومعنى قوله: (وعلى آل محمد) (الآل) إن أفردت تشمل جميع الأتباع، ويكون المراد بها أتباعه صلى الله عليه وسلم من قراباته ومن آمن به واتبعه من أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وهذا هو المراد في التشهد فأنت حينما تقول: “وبارك على محمد وعلى آل محمد” فقد دعوت لأقارب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ودعوت لنفسك أنت كذلك بالبركة.

ومعنى قوله: (كما باركت على آل إبراهيم) أي كما خصصت نبيك وخليلك إبراهيم وآله بالبركة، فكذلك أنزل بركتك على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وآله.

ومعنى قوله: (إنك حميد مجيد) قد سبق ذكره.

فما أعظمه من دعاء، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لننال هذه البركة أعني البركة في العمل والبركة في العمر والبركة في نعم الدنيا.

ويقول: ” أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال”([142]) رواه البخاري ومسلم. ويدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة.

 

والتعوذ بالله من هذه الأربع في التشهد الأخير أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب التعوذ من هذه الأربع في التشهد الأخير وقال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، وكثير من الناس اليوم لا يبالي بها، تجده إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم سَلّم مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن نستعيذ بالله من هذه الأربع، وكان طاووس رحمه الله وهو من التابعين يأمر من لم يتعوذ بالله من هذه الأربع بإعادة الصلاة، كما أمر ابنه بذلك، فالذي ينبغي لك أن لا تدع التعوذ بالله من هذه الأربع لما في النجاة منها من السعادة في الدنيا والآخرة.

الشرح:

قوله رحمه الله: (ويقول: “أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال..)

اختلف العلماء في حكم هذا الدعاء المذكور، فالجمهور([143]) على أنه سنة في الصلاة.

وقيل: بأنه واجب وهذا رواية عن الإمام أحمد([144]).

والراجح أنه سنة لكن ينبغي للمصلي أن لا يترك هذا الدعاء لخطورة هذه الأربع التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منها.

ومعنى قوله: (عذاب جهنم) علم على النار وهي مخلوقة وموجودة الآن كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.

ومعنى قوله: (ومن عذاب القبر) معطوف على ما قبلها أي أستعيذ بالله من عذاب القبر أي ما يحصل فيه من العقوبة والإيمان بفتنة القبر، وعذابه ثابت بنصوص الكتاب والسنة.

قوله: (ومن فتنة المحيا والممات) فتنة الدنيا تشمل الافتتان بها بشهواتها وما خلق فيها، وكذا الافتتان بشبهاتها كالتباس الحق بالباطل فيرى الإنسان الباطل حقا والحق باطلا. أما فتنة الممات فقيل هي سؤال الملكين في قبره عن ربه ودينه ونبيه صلى الله عليه وسلم، وقيل أيضا ما يكون عند الموت في آخر الحياة.

ومعنى قوله: (ومن فتنة المسيح الدجال) أي وأستعيذ بالله من فتنة المسيح الدجال، والمراد بفتنته ما يحصل به من الإضلال والإغواء بما معه من الشبهات، ولما كانت فتنته عظيمة أمر المسلم أن يستعيذ من فتنته في أحب الأعمال إلى الله تعالى وهي الصلاة.

 

وبعد ذلك تسلم “السلام عليكم ورحمة الله”، وعن يسارك ” السلام عليكم ورحمة الله “.

الشرح:

قوله رحمه الله:(وبعد ذلك تسلم “السلام عليكم ورحمة الله”، وعن يسارك “السلام عليكم ورحمة الله”).

اختلف الفقهاء في حكم التسليم في الصلاة، والراجح أن التسليم في الصلاة ركن. لقوله صلى الله عليه وسلم:(مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)([145])  ولأنه صلى الله عليه وسلم واظب عليه ولم يتركه أصحابه من بعده، وهو القائل: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)([146])

واختلفوا في التسليمة الثانية، فقيل أنها سنة، والمذهب أنها ركن، وهذا هو اختيار ابن القيم([147])، والعلامة ابن سعدي ([148]) رحمهما الله وهو الراجح.

وهل يزيد على ذلك فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟

الجواب: محل خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه إن فعل ذلك أحيانا فله ذلك، لصحة الخبر الوارد في ذلك فعن وائل بن حجر رضي الله عنه : “صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله”([149]).

 لكن لا يواظب عليه، أما إن كان إمامًا ويحصل من هذه الزيادة تشويش على الناس ويستنكرون عليه فلا يفعل ذلك.

           

وبهذا تنتهي الصلاة.

وينبغي للإنسان إن كان يحب أن يدعو الله عز وجل أن يجعل دعاءه قبل أن يسلم أي بعد أن يكمل التشهد، وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من التعوذ، يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ومن قال من أهل العلم إنه لا يدعو بأمر يتعلق بالدنيا، فقوله ضعيف، لأنه يخالف عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم “ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ” ([150])رواه البخاري ومسلم فأنت إذا كنت تريد الدعاء فادع الله قبل أن تسلّم وبذلك نعرف أن ما اعتاده كثير من الناس اليوم كلما سلّم من التطوع ذهب يدعو الله عز وجل حتى يجعله من الأمور الراتبة والسنن اللازمة؛ فهذا أمر لا دليل عليه والسنة إنما جاءت بالدعاء قبل السلام .

الشرح:

قوله رحمه الله: (وبهذا تنتهي الصلاة. وينبغي للإنسان أن كان يحب أن يدعو الله عز وجل أن يجعل دعاءه قبل أن يسلم أي بعد أن يكمل التشهد …..)

قلت: لا حرج من الدعاء بأمور الدنيا في الصلاة على الصحيح من قولي أهل العلم كما ذكر ذلك المؤلف رحمه الله، وهو ما ذهب إليه المالكية([151])، والشافعية([152])، وبعض الحنابلة([153])، كأن يسأل الله التوفيق في الدراسة أو الزواج أو يسأله تيسير عمل معين أو شفاء صديق أو قريب أو تيسير صحبة صالحة ونحو ذلك. 

والدليل على ذلك: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم الصحابة التشهد ثم قال في آخره: (ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ المَسْأَلَةِ مَا شَاءَ) ([154]) وقال أبو حنيفة([155])، وأحمد([156]). لا يجوز الدعاء إلا بالأدعية المأثورة الموافقة للقرآن. وقد استدلوا لقولهم بما ورد عن جماعة من السلف، أنهم كانوا يستحبون الدعاء في الفريضة بما في القرآن فقط، بل روى عن ابن عون عن محمد قال: “كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا”([157]).

والصحيح كما ذكرنا: أنه لا بأس أن يدعو بشيء يتعلَّق بأمور الدُّنيا، وذلك لأن الدُّعاء نفسه عبادة ولو كان بأمور الدنيا، وليس للإنسان ملجأ إلا الله، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أقربُ ما يكون العبدُ مِن ربِّه وهو ساجد)، ويقول: (أمَّا السُّجودُ فأكثروا فيه مِن الدُّعاء فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم) ([158]) فأطلق الأمر بالدعاء ولم يقيده، فتناول كل ما يُسَمَّى دعاءً. ويقول في حديث ابن مسعود لما ذَكَرَ التَّشهُّدَ: (ثم ليتخيَّر مِن الدُّعاء ما شاء) ([159]) والإنسان لا يجد نفسه مقبلاً تمام الإقبال على الله إلا وهو يُصلِّي، فكيف نقول: لا تسأل الله -وأنت تُصلِّي- شيئاً تحتاجه في أمور دنياك! هذا بعيد جدًّا. وقد جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام: (ليسألْ أحدُكم ربَّه حاجته كلها حتى شِسْعَ نَعْلِه) ([160]). وشِسْع النَّعل: يتعلَّق بأمور الدُّنيا.

 

هذه صفة الصلاة فيما نعلمه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فينبغي للإنسان أن يحرص على تطبيق ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق كيفية الصلاة ليكون ممتثلاً لقوله: “صلوا كما رأيتموني أصلي ” ([161]).

وأهم شيء بالنسبة للصلاة بعد أن يُجري الإنسان أفعاله على السنة فيما أراه: هو حضور القلب، لأن كثيراً من الناس الآن لا تتسلط عليه الهواجس والوساوس إلا إذا دخل في الصلاة، وبمجرد ما ينتهي من صلاته تطير عنه هذه الهواجس والوساوس.

والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الشرح:

قوله رحمه الله:(هذه صفة الصلاة فيما نعلمه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم …… الخ).

قلت: وبهذا نكون قد انتهينا بفضل الله تعالى وعونه وتوفيقه من شرح صفة الصلاة التي ألفها فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين المتوفى رحمه الله تعالى عام 1421هـ والحمد لله رب العالمين.

 

الفهرس

الموضوع
مقدمة الشارح       
نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
أولاً: اسمه ومولده:
ثانياً: نشأته العلمية:
ثالثاً: أعماله ونشاطه العلمي:
رابعاً: منهجه في التدريس:
خامساً: ملامح من مناقبه وصفاته الشخصية:
سادساً: وفاته رحمه الله تعالى:
شرح الرسالة
من قوله: (أولاً: اعتقد أنك إذا قمت إلى الصلاة …..)، إلى: (..ومحبته، والتقرب إليه).
وقوله: (فتكبر وتقول: الله أكبر).
وهنا مسائل:
المسألة الأولى: أن هذا التكبير ركن، لا تنعقد الصلاة بدونه..
المسألة الثانية: إذا عجز الإنسان عن التكبير، لكونه أخرس لا يستطيع النطق…
المسألة الثالثة: أنه لا يشترط أن يسمع المصلي نفسه بالتكبير..
المسألة الرابعة: قول المصلي (الله أكبر) فلا يجزئ غيرها…
وقوله: (ومع هذا التكبير ترفع يديك حذو منكبيك، أو إلى فروع..)
الصفات الواردة في رفع اليدين عند التكبير في الصلاة:
الأولى: أن ترفع يديك حذو منكبيك.
الثانية: أن يرفعهما إلى فروع أذنيه، يعني أعلى أذنيه..
وقوله:(ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، على الذراع..)
وهنا مسألة: أين يضع يديه؟
وهنا مسألة أخرى: نرى بعض الناس يضعهما على جنبه الأيسر..
وقوله: (ثم تخفض رأسك فلا ترفعه إلى السماء ..) إلى قوله: (..بل يخفضه مع فاصل يسير عن صدره)
وقوله:(ويستفتح ويقول: “اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ..”) إلى قوله: (..وله أن يستفتح بغير ذلك وهو: “سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ” رواه أبو داود) 
مسألة: هل يجمع بين أنواع الاستفتاح؟
مسألة: هل يستفتح في صلاة الجنازة؟ فيه خلاف:
وقوله: (ويستفتح صلاة الليل بما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستفتح به..) إلى قوله:(..ولكن لا يجمع بين هذه الاستفتاحات، بل يقول هذه مرة وهذه مرة ليأتي بالسنة على جميع وجوهها)
وقوله: (ثم يقول “بسم الله الرحمن الرحيم” بعد التعوذ):
وهل الاستعاذة واجبة أم مستحبة؟
مسألة: هل يستعيذ في كل ركعة، أو في الركعة الأولى فقط
وقوله:(ويقرأ الفاتحة….) إلى قوله:(..فتبين بهذا الحديث أن أول الفاتحة “الحمد لله رب العالمين”).
وقوله: (أما البسملة فهي آية في كتاب الله..) إلى قوله:(.. وليس فيها شيء يدل على البسملة).
وقوله:(فإذا انتهى من الفاتحة يقول: “آمين”..) إلى قوله: (.. بل من السنة أن يقرأ الإنسان بطوال المفصل).
وقوله: (وبعد أن يقرأ السورة مع الفاتحة..) إلى قوله: (..ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع).
وقوله: (ويقول: “سبحان ربي العظيم”..) إلى قوله: (.. ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع).
وهنا تنبيهات:
التنبيه الأول: الواجب من الركوع أن ينحني..
التنبيه الثاني: يجب أن يكون التكبير فيما بين الانتقال والانتهاء.
التنبيه الثالث: الواجب في التسبيح مرة واحدة..
وقوله: (ثم يرفع رأسه قائلاً:” سمع الله لمن حمده..) إلى قوله: (..فيبقى القيام الذي قبل الركوع والذي بعده..).
وقوله:(ويقول بعد رفعه: “ربنا لك الحمد”) إلى قوله: (..بل يقول هذا مرة وهذا مرة).
الصيغ الواردة من الذكر بعد الرفع من الركوع:
الصفة الأولى: ربنا ولك الحمد.
الصفة الثانية: ربنا لك الحمد.
الصفة الثالثة: اللهم ربنا لك الحمد.
الصفة الرابعة: اللهم ربنا ولك الحمد.
وقوله: (وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها…) إلى قوله: (..ويكون هذا في حال رفعه من الركوع قبل أن يستتم قائماً).
وقوله: (وبعد أن يقول “ربنا ولك الحمد” بصفاتها الأربع).
وقوله: (ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين..) إلى قوله: (… يخرّ على ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه).
وقوله: (ويسجد على سبعة أعضاء…).
وهنا بعض الفوائد:
الفائدة الأولى: أن أقل السجود هو أن يضع شيئاً من كل عضو..
الفائدة الثانية: السجود على نحو القطن المنفوش وغيره لا يصح..
الفائدة الثالثة: وضع الحائل بين الإنسان وبين موضع سجوده..
وقوله: (وينصب ذراعيه فلا يضعهما على الأرض ولا على ركبتيه..) إلى قوله:(..”سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الملائكةِ والرُّوح”).
وقوله: (ويكثر في السجود من الدعاء..).
وقوله:(ولكن لاحظ أنك إذا كنت مع الإمام..) إلى قوله: (.. فأمرنا أن نتابع الإمام وألا نتأخر عنه).
وقوله:(ثم ينهض من السجود مكبراً. ويجلس بين السجدتين مفترشاً) إلى قوله: (..فكلتاهما صفتان واردتان عن النبي صلى الله عليه وسلم)
والتشهد صفتان:
الصفة الأولى: أن يضع الكف اليمنى على الفخذ اليمنى، واليسرى على الفخذ اليسرى، وتكون أطراف أصابعه عند ركبتيه…
الصفة الثانية: أن يضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، واليد اليسرى يلقمها الركبة كأنه قابض لها…
وقوله: (لكن اليد اليمنى يضم منها الخنصر والبنصر والوسطى والإبهام..) إلى قوله: (..حتى يتبين لنا من السنة أنها تبسط في الجلوس بين السجدتين ).
وقوله: (وفي هذا الجلوس يقول: “رب اغفر لي وارحمني واهدني، واجبرني وعافني وارزقني”..) إلى قوله: (.. فلا يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين في دعاء يؤمن عليه المأموم لأن ذلك خيانة للمأموم).
وقوله: (ثم يسجد للسجدة الثانية كالسجدة الأولى في الكيفية ..) إلى قوله: (.. ومنهم من يرى أنه لا يتعوذ إلا في الركعة ا لأولى).
تنبيه: إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة، فهل يشرع للمأموم أن يجلس لها إذا كان يرى أنها سنة؟
وقوله: (فإذا صلى الركعة الثانية جلس للتشهد ..).
مسألة: اختلف الفقهاء في الإشارة بالسبابة في التشهد..
وقوله: (ويقرأ التشهد؛ وقد ورد فيه صفات متعددة ..).
مسألة: هل يأتي المصلي بالصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول؟
وقوله:(وإن كان في ثلاثية أو رباعية قام بعد التشهد الأول رافعاً يده..) إلى قوله: (..فهذه ثلاث صفات للتورك ينبغي أن يفعل هذا تارة، وأن يفعل هذا تارة أخرى).
تنبيهان:
الأول: ذهب بعض الفقهاء إلى التفريق بين الرجل والمرأة في هيئة الجلوس في الصلاة…
الثاني: ذهب الحنابلة أن المرأة تضم نفسها في الحال التي يشرع للرجل فيها التجافي…
وقوله: (ثم يقرأ التشهد الأخير ويضيف على التشهد الأول..).
وقوله: (ويقول: ” أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر..) إلى قوله: (..فالذي ينبغي لك أن لا تدع التعوذ بالله من هذه الأربع لما في النجاة منها من السعادة في الدنيا والآخرة) .
وقوله: (وبعد ذلك تسلم “السلام عليكم ورحمة الله..).
وقوله:(وبهذا تنتهي الصلاة..) إلى قوله:(..والسنة إنما جاءت بالدعاء قبل السلام).
وقوله: (هذه صفة الصلاة فيما نعلمه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم..) إلى قوله: (والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين).
فهرس الموضوعات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة (410)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب النهي عن البصاق في المسجد (548) (52).

([2]) انظر: الفوائد لابن قيم الجوزية، ص (200).

([3]) سبق تخريجه، ص17.

([4]) انظر: الشرح الصغير (1/425). المجموع (3/260).

([5]) الاختيارات الفقهية ص 192.

([6]) بدائع الصنائع (1/130).

([7]) رواه الإمام أحمد (1/ 123، 129)؛ وأبو داود، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء (61)؛ والترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور (3) وقال: (هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن)؛ وابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور (275)؛ والحاكم (1/ 132) وقال: (صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي.

([8]) رواه البخاري، كتاب الاستئذان، باب من رد فقال: عليك السلام، رقم (6251)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة، رقم (397).

([9]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة (631).

([10]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب رفع اليدين إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع (739)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين، مع تكبيرة الإحرام والركوع، وفي الرفع من الركوع (390)، (21).

([11]) رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام، والركوع، وفي الرفع من الركوع، وأنه لا يفعله إذا رفع من السجود (25)، (391).

([12]) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين (739).

([13]) شرح صحيح مسلم (4/96).

([14]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (740).

([15]) رواه أبو داود (726) والنسائي (889) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

([16]) حاشية السندي على النسائي (2 / 126)

([17]) رواه النسائي (887)، و صححه الألباني في صحيح النسائي .

([18]) صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم  (ص 68)

([19]) المغني لابن قدامة (1/694)

([20]) المرجع السابق.

([21]) رواه ابن خزيمة في صحيحه (479)؛ والبيهقي (2/ 30)؛ قال الألباني: إسناده ضعيف لأن مؤملا وهو ابن اسماعيل سيئ الحفظ لكن الحديث صحيح جاء من طرق أخرى بمعناه وفي الوضع على الصدر أحاديث تشهد له. (صحيح ابن خزيمة 1 / 243)

([22]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (740).

([23]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (740).

([24]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة (750)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة (428) (118).

([25]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة (428) (117).

([26]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير (744)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب ما يقول بين تكبيرة الإحرام والقراءة (598) (147).

([27]) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك (775، 776)؛ والدار قطني (1/298)؛ والحاكم (1/235)؛ والبيهقي (2/34)؛ والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (243).

([28]) انظر: بدائع الصنائع (1/314)، المجموع للنووي (5/194)، مجموع فتاوى ابن باز (13/141)، مجموع فتاوى ابن عثيمين (17/119).

([29]) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (200) (770).

([30]) انظر: المغني لابن قدامة (2/ 145).

([31]) سبق تخريجه، ص21.

([32]) المغني (3/ 216).

([33]) المرجع السابق.

([34]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (395) (38).

([35]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها (756)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (394) (34).

([36]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب الجهر في المغرب (765)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح (463) (174).

([37]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتأمين (780)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين (410) (72).

([38]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب جهر المأموم بالتأمين (782).

([39]) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التأمين وراء الإمام (932)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (863).

([40]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح (455) (163).

([41]) رواه البخاري كتاب مواقيت الصلاة: باب وقت المغرب (559)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب بيان أو أول وقت المغرب عند غروب الشمس رقم 637.

([42]) رواه البخاري، كتاب المواقيت: باب وقت العصر، رقم (547)، ومسلم، كتاب المساجد: باب استحباب التبكير في الصبح، رقم (647).

([43]) رواه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة برقم (891)، مسلم في الجمعة باب ما يقرأ في يوم الجمعة رقم (880).

([44]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة وما تفتتح به ويختم به وصفة الركوع (498) (240).

([45]) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (203) (772)، وأحمد (3514)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (871)

([46]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع (794)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقول في الركوع والسجود (484) (217).

([47]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقول في الركوع والسجود (487) (223).

([48]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب رفع اليدين إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع (739)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين، مع تكبيرة الإحرام والركوع… (390) (21).

([49]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين (739).

([50]) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (863) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (809).

([51]) رواه ابن حبان في صحيحه (1920)، وابن خزمة (594)، والحاكم في المستدرك (1/227)، ومعجم الطبراني الكبير (22/ 26). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/135)، وقال: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (809).

([52]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة وما تفتتح به ويختم به وصفة الركوع (498) (240).

([53]) سبق تخريجه، ص28.

([54]) سبق تخريجه، ص48.

([55]) سبق تخريجه، ص48.

([56]) رواه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب التكبير إذا قام من السجود صحيحه (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة صحيحه (392).

([57]) رواه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (740).

([58]) انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 334)، تبيين الحقائق (1/ 115)، حاشية الدسوقي (1/ 243)، مغني المحتاج (1/ 165)

([59]) المغني (1/578).

([60]) سبق تخريجه، ص21.

([61]) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (857)، وصححه الألباني في صحيح أبي برقم (803).

([62])  رواه البخاري، كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (740).

([63]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب التكبير إذا قام من الركوع (789)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (203) (772).

([64]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة (732)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام (411) (77).

([65]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل اللهم ربنا ولك الحمد (796)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين (409) (71).

([66]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع (795).

([67]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به (689)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام (411) (77) (473) (84).

([68]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب التكبير إذا قام من الركوع (789).

([69]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل اللهم ربنا ولك الحمد (796)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين (409) (71).

([70]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع (795).

([71]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة (732)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام (411) (77).

([72]) رواه الإمام أحمد (2/381)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه (840).

([73]) حاشية ابن عابدين (1/ 335).

([74]) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/ 500).

([75]) مغني المحتاج (1/ 170).

([76]) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (11/ 159).

([77]) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه (838)، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (151).

([78]) حاشية الدسوقي (1/ 250)، الشرح الصغير (1/ 451).

([79]) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/ 500).

([80]) رواه الإمام أحمد (2/ 381)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه (840).

([81]) رواه البخاري معلقاً موقوفاً عن نافع عن ابن عمر في كتاب الأذان، باب يهوي بالتكبير حين يسجد (1/159).

([82]) رواه ابن خزيمة (627)، قال الألباني في تحقيقه لابن خزيمة قال الألباني: إسناده صحيح وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ورجحه الحافظ على حديث وائل وعلقه البخاري (1/318).

([83]) قال الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (رواه المروزي في ” مسائله ” (1/147/1) بسندٍ صحيح عن الإمام الأوزاعي}.

([84]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب السجود على الأنف (812)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة (490) (230).

([85]) رواه البخاري في الصلاة، باب السجود على الثوب في شدة الحر (385)، ومسلم في المساجد، باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت (620) (191).

([86]) مجموع الفتاوى (22 / 172).

([87]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب لا يفترش ذراعيه في السجود (822)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود (493) (233).

([88]) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب مقدار الركوع والسجود (886)، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب التسبيح في الركوع والسجود (888) وصححه الألباني في صفة الصلاة (113).

([89]) سبق تخريجه، ص51.

([90]) سبق تخريجه، ص48.

([91]) رواه الإمام أحمد (4/ 155)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (869)؛ وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب التسبيح في الركوع والسجود (887)؛ والحاكم (2/ 477) وصححه ووافقه الذهبي.

([92]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب إذا صَلَّى لنفسه فليُطوّل ما شاء (703)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة (467) (13).

([93]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (479) (207).

([94]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يُقال في الركوع والسجود (482) (215).

([95]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب إذا صَلَّى لنفسه فليُطوّل ما شاء (703)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة (467) (13).

([96]) رواه البخاري، كتاب الأذان: باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، رقم (733)، ومسلم، كتاب الصلاة: باب ائتمام المأموم بالإمام، رقم (411) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

([97]) سبق تخريجه، ص59.

([98]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول (240) (498).

([99]) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صفة الجلوس في الصلاة، وكيفية وضع اليدين على الفخذين (113) (579).

([100]) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صفة الجلوس في الصلاة، وكيفية وضع اليدين على الفخذين (115) (580).

([101]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين (112) (579).

([102]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين (115) (579).

([103]) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة. (726)، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب الإشارة في التشهد (912) وأحمد في مسنده (18870). قال الألباني: صحيح انظر: صحيح أبي داود (716).

([104]) رواه الترمذي في أبوب الصلاة، باب ما يقول بين السجدتين (284)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين (850)، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين (898)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (796).

([105]) رواه الإمام أحمد (1/199)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر (1425)؛ والترمذي، الصلاة، باب ما جاء في القنوت في الوتر (464)، وقال: «حديث حسن»، والحاكم (3/172)، وصححه على شرط الشيخين.

([106]) انظر: حاشية ابن عابدين (1/340)، والحطاب (1/545)، والخرشي (1/290)، والمغني لابن قدامة (1/503، 522).

([107]) انظر: المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/ 521).

([108]) رواه الإمام أحمد (7/ 367) رقم (3334)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين – رقم (724)، والترمذي في أبواب الصلاة، باب ما يقول بين السجدتين، رقم (262)، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، رقم (888).

([109]) رواه الإمام أحمد (5/280)؛ والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يخصَّ الإمام نفسه بالدُّعاء (357) وحسّنه؛ وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ولا يخصُّ الإمام نفسه بالدُّعاء (923).

([110]) قال الألباني –رحمه الله–(قلت: إسناده ضعيف، وضعفه شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم. وقال ابن خزيمة في الجملة الأولى منه: “إنه حديث موضوع”) انظر: ضعيف سنن أبي داود الحديث رقم(12).

([111]) المجموع شرح المهذب (3/ 419 – 421).

([112]) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (11/ 99).

([113]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب من استوى قاعداً في وتر من صلاته، ثم نهض (823).

([114]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة (824).

([115]) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/526).

([116]) زاد المعاد في هدي خير العباد (1/233).

([117]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به (689)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام (411) (77) (473) (84).

([118]) رواه البخاري، في كتاب الأذان، باب أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، رقم (751)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، رقم (602).

([119]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، رقم (733)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، رقم (411) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

([120]) رواه أحمد (38/331) رقم (18115)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب موضع اليمين من الشمال في الصلاة، رقم (879) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (1/ 193) رقم (856).

([121]) بدائع الصنائع (1/ 214).

([122]) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/ 535).

([123]) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة (831)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة (403) (60).

([124]) بدائع الصنائع (1/ 213).

([125]) الشرح الصغير (1/441).

([126]) المجموع (3/430).

([127]) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/670).

([128]) رواه النسائي (1/187)، والدارقطني (133 ـ 134)، والبيهقي (2/138) وصححه الألباني في الإرواء برقم (319).

([129]) الشرح الممتع (3/ 161، 162).

([130]) المجموع شرح المهذب (3/ 441).

([131]) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (11/ 202).

([132]) رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر (451).

([133]) رواه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب (743)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر (451).

([134]) انظر: المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/ 586).

([135]) رواه البخاري في كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (5996)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد (406).

([136]) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/ 672).

([137]) المرجع السابق.

([138]) حاشية ابن عابدين (1/ 344).

([139]) حاشية الدسوقي (1/ 251).

([140]) الشرح الممتع (3/ 311، 312).

([141]) المجموع شرح المهذب (3/ 447).

([142]) رواه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر (1311)، ومسلم في كتاب المساجد، باب ما يستعاذ منه في الصلاة (588).

([143]) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (3/ 553).

([144]) المرجع السابق.

([145]) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة (618)، والترمذي في جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور. كلاهما من حديث علي رضي الله عنه. (3)، وابن ماجة، كتاب الطهارة، باب مفتاح الصلاة الطهور (276).

([146]) سبق تخريجه، ص21.

([147]) زاد المعاد (1/ 259 – 261).

([148]) نور البصائر (ص 17).

([149]) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في السلام (997)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (915).

([150]) رواه البخاري في صحيحه كتاب صفة الصلاة، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب. (800)  ولفظه: (ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو).

([151]) المدونة (1/192).

([152]) المجموع (3/454).

([153]) الإنصاف (1/81-82).

([154]) سبق تخريجه، ص107.

([155]) الفتاوى الهندية (1/100)، فتح القدير (1/319) ، نصب الراية (1/558).

([156]) الإنصاف (1/81-82).

([157]) المصنف لابن أبي شيبة (1/332).

([158]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (479) (207).

([159]) سبق تخريجه، ص107.

([160]) رواه الترمذي، كتاب الدعوات، باب ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها (3604) (8) وحسنه الألباني في المشكاة برقم (2251).

([161]) سبق تخريجه، ص21.