خطبة بعنوان: (مخاطر الإنترنت على الشباب والفتيات) بتاريخ 15-3-1432هـ.

الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م

 

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم وأشهد ألا إله إلا الله يعلم السر وأخفى وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله فتح أبواب الخير وسد منافذ الشر صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فأوصيكم ونفسي أيها المؤمنون بتقوى الله فهي جماع كل خير فمن اتقى الله وقاه وكفاه وحماه من كل الشرور [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ](آل عمرن: الآية102).

عباد الله نحن نعيش في هذا العصر انفتاحاً عالمياً وثورة معلوماتية وتقنيات حديثة لها آثار خطيرة على شبابنا وفتياتنا الذين هم عماد الأمة وسبيل نهضتها وهم زينة حاضرها وأمل مستقبلها ولذا صوب الأعداء لهم سهامهم ورموهم عن قوس واحدة.

وحاولوا تضليلهم وإغرائهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة وأخطرها وأكثرها ضرراً الإنترنت الذي يبثون من خلاله ما يشاؤون ويشوهون صورة الخير وأهل الخير ويدسون السم بالدسم لقد أصبح الإنترنت شراً مستطيراً وبلاء خطيراً ومعولاً هداماً للدين والأخلاق والقيم لقد ضيع أوقات كثير من الشباب والفتيات وجرهم إلى مستنقع أسن من الفوضى والانحلال والبعض منهم غرقى لا يدركون عواقب الأمور ومآلاتها ولذا فمعظم المستخدمين له من فئة الشباب والفتيات يرون أن في الإنترنت وسيلة للهرب من المشاكل اليومية وأصبحت إغراءات غرف الدردشة وتصفح الإنترنت لأبناء هذا الجيل لا تقاوم وقد تصل بالفعل إلى حد الإدمان وقد ساعد على ذلك الفراغ العاطفي عند بعضهم وفراغ الوقت عند أكثرهم وقد ثبت من خلال دراسات كثيرة أن خطر الإنترنت أشد على بعض الفئات من خطر الحروب والكوارث لأن العدو في الحروب واضح ظاهر يقاوم بكل وسيلة متاحة أما خطر الإنترنت فيكمن في كون العدو خفيا غير معروف ولذا يصل إلى مبتغاه دون مقاومة تذكر.

عباد الله لقد تحولت شبكة الإنترنت إلى ساحة فيها معركة شرسة تستهدف أجيال الغد في
ترويج الجنس ونشر الإباحية وذبح الأخلاق لقد أفسدت بعض المواقع في هذه الشبكة في وقت قصير ما لم تفسده بعض القنوات في سنوات ونحن اليوم بدأنا نلمس آثار ذلك في تصرفات بعض الشباب والفتيات وحركاتهم وملابسهم فهذا شاب يقع في شراك مخادعة تغريه حتى تفضحه وتهتك أستاره وأسراره.

وهذه فتاة تقع ضحية لشاب يبتزوها حتى يوقعها في حبائله ثم يرميها كما يرمي لباسه.

وهذه فتاة تنخدع بإغراء شابٍ وتعطيه أسرار بيتها فيفضحها ويعلن ذلك لأهلها وزميلاتها.

وتلك فتاة تعقد صداقة عن طريق الإنترنت مع فتاة أخرى تنتهي هذه العلاقة بخلاف وخصام وعداوة جعلت كل واحدةٍ تنتقم من الأخرى بنشر صورها وأسرارها للآخرين والأخريات، وغير هذه الوقائع كثير.

عباد الله ولو أردنا أن نلخص مخاطر الشبكة العنكبوتية على شبابنا وفتياتنا لأوجزناها فيما يأتي:
1) انهيار المجتمع بسقوط شبابه وفتياته.
2) ضياع أوقات الشباب والفتيات في ألعاب ومحادثات ودردشةٍ ضررها على دينهم وأخلاقهم ظاهر للعيان.
3) إصابة كثير من الشباب والفتيات بأمراض نفسية حادة نتيجة لما يتعرضون له من المزالق التي تجعلهم يعيشون صراعاً خطيراً لا يستطيعون التخلص منه.
4) الغرق في أوحال الدعارة والفساد والإطلاع على مقاطع جنسية فاضحة ويكون ذلك في بداية الأمر بدافع حب الاستطلاع ثم يكون رغبة قد يتبعها فعل مشين عياذاً بالله.
5) حدوث الخلافات الزوجية وتحطم العلاقة بين الزوجين بعد حدوث الشكوك والوساوس نتيجة لما يطلع عليه كل واحد منهم من فضائح وخيانات فيسيء الظن بالطرف الآخر بسبب ما يطلع عليه من وقائع منشورة.
6) التشكيك ببعض مسلمات الدين وذلك بتوارد الشبه على عقول الشباب والفتيات ولا يستطيعون دفعها لضعف خلفيتهم الشرعية ومن ثم يبدأ الانحراف الفكري ويصطادهم أصحاب الأفكار الهدامة والمبادئ المضللة ويوظفونهم في خدمة أهدافهم ومبادئهم ويصبحون صيداً سهلاً لهم.

وربنا جلا وعلا يقول وهو أصدق القائلين [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ](التحريم الآية6).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فاعلموا أيها الإخوة أنه لا بد من تضافر الجهود للحيلولة دون هذا الخطر الداهم فبعض الأسر تركت الحبل على الغارب للشباب والفتيات يجلسون أمام الشاشة الساعات الطويلة دون رقيب أو حسيب ومع أننا نحترم خصوصية الشباب والأطفال ذكوراً وإناثا إلا أنه لا ينبغي بحال أن يسمح لهم باستخدام الإنترنت وإغلاق الغرف عليهم بل يحسن وضع الإنترنت في مكان مفتوح يكون متاحاً لأن يطلع عليه كل واحد من أفراد العائلة ولا بد من تحديد مدة استخدامه حسب وقت الشباب والفتيات وعلينا أن نؤكد عليهم عدم نشر الأسرار الخاصة بالأسرة بما في ذلك أسماء الأطفال وأهليهم كما أنه ينبغي أن نؤكد عليهم أن كلمة السر مهمة جداً وأنه لا ينبغي أن يطلع عليها أحد وكذلك عدم الانسياق وراء الرسائل التي قد تصل إلى بريد الأسرة لا سيما إذا كانت هذه الرسائل تنطوي على كلمات بذيئة أو عبارات سيئة كما أنه ينبغي تحصين الأطفال وتوجيهم باستمرار لما يعود عليهم بالنفع ودرء المخاطر عنهم حسب الاستطاعة.

عباد الله ونحن نلحظ أن الليالي القادمة حبلى يلدن كل عجيب ولا سيما في مجال التقنية الحديثة فعلينا أن نكون يقظين حذرين ندفع الأسباب بالأسباب ونحصن الناشئة لئلا يدب إليهم الخطر ونحن غافلون وكم بيت ينخر فيه الفساد والأب والأم غافلان عن الأولاد كل ذلك بسبب الاستخدام السيء للإنترنت.

هذا صلوا وسلموا على البعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وجعل ولايتنا فيما خافك واتقاك يارب العالمين، اللهم وفق ولاة أمر المسلمين عامة للحكم بكتابك والعمل بسنة نبيك ووفق ولاة أمرنا خاصة لكل خير.
[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ]
اللهم ارحم هذا الجمع من المؤمنين والمؤمنات واستر عوراتهم وارفع درجاتهم وأصلح نياتهم وذرياتهم.
عباد الله [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. (النحل الآية 90).
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء إليك اللهم أنزل علينا الغيث اللهم أنزل علينا الغيث اللهم أنزل علينا الغيث اللهم أغث القلوب بالإيمان وأغث الديار بالأمطار ياذا الجلال والإكرام وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الجمعة :15-3-1432هـ