خطبة بعنوان: “تحية السلام ـ فضائل وآداب”

الخميس 7 صفر 1442هـ 24-9-2020م

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين؛ الملك القدوس السلام، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه أحب السلام وأفشاه بين الأنام، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه إلى يومِ الدينِ. أما بعدُ:  

فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ؛{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} [الحشر:18].

أيُّها المؤمنونَ: الإسلام حثَّ على أفضل الأخلاق وأشرفها، وحوى أجمل الآداب وأقومها، يسعى دائما إلى تآلف القلوب وتقاربها، وصفاء النفوس وتوافقها. ولقد اختار لأهله أيسر الألفاظ وأجملها، وأحسن المعاني وأكملها، عند اللقاء والتعامل فيما بينهم، وهي قول المسلم: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، وقد جعلها الله تعالى تحية لعباده فيما بينهم في الدنيا، وتحية الملائكة للمؤمنين في الجنة، قال تعالى:{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً} [الأحزاب44].

والسلام عبادة جليلة يؤجر عليها المسلم إذا أدّاها محتسبًا، وهي دليل على تواضعه ونزاهة قلبه وسلامته من الكبر والاحتقار، وهي سبب من أسباب زيادة المحبة والمودة وحصول التعارف والألفة بين الناس، وسبب في دخول الجنة بسلام، قال نبينا صلى الله عليه وسلم:(لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)(رواه مسلم).

عباد الله: اعلموا أن ابتداء السلام سُنّة وردِّه واجب، فإن كان المسلَّم عليه واحدًا تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة كان الرد فرضَ كفاية في حقهم، فإن رد واحد منهم كفى عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام وأن يرد الجميع. ويستحب عند السلام أن يقول المسلم:(السلام عليكم)، أو يزيد عليه، والواجب على من يرد السلام أن يقول:(وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) وهو أعلاها وأكملها وأفضلها، ولو اقتصر على (وعليكم السلام) أو (عليكم السلام) أجزأه. لقول الله تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}[النساء: 86].

عباد الله: ويشرع للمسلم السلام على من يعرف وعلى من لا يعرف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمّا سُئِلَ: أي الإسلام خير؟ قال: (تُطعم الطعام، وتُقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) (متفق عليه).

وتستحب المصافحة عند السلام إلا في الأحوال الاستثنائية مثل كورونا، وإذا تلاقى اثنان في طريق، فيسلم الراكب على المترجل، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير، وإذا حادث المسلم أخاه بالهاتف ونحوه فينبغي أن يبدأه بالسلام، كما يستحب إذا دخل المسلم بيته أن يسلم على أهله {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61]، وينبغي أن يكون التسليم بصوت مسموع لا يُزعج المستمع ولا يُوقظ النائم، ويُستحب تكراره إذا فارق الرجلُ أخاهُ ولو لفترةٍ وجيزة.

ويستحب للجالس أن يُسلّم إذا قام من المجلس لقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة) (رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن).

أعوذُ باللهِ منْ الشَّيطانِ الرجيمِ: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}[النساء:86].

باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، فاسْتَغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين. أما بعدُ:  

فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واعلموا أنَّه يستحب السلام على الصبيان، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وفي هذا تبسط لهم، وزرع للثقة في نفوسهم، وغرس لتعاليم الإسلام في قلوبهم.

ولا ينبغي إلقاء السلام على من يقرأ القرآن، أو من هو مشغول بالدعاء أو التلبية في الحج أو العمرة، ولا على المؤذن أثناء الأذان، ولكن إذا سلَّم عليه أحد فعليه رد السلام.

وتُكرَه الإشارة بالسلام، سواء كان ذلك باليد أو غيرها بدون تلفظ بالسلام؛ لأن ذلك تشبُّهٌ بغير المسلمين.

وأما من كان بعيدًا، بحيث لا يسمع التسليم، فإنه يجوز السلام عليه إشارة، ويتلفظ مع ذلك بالسلام.

ولا يُسلّم على من بداخل الحمام؛ ولا يردُّ من بداخله على من سلّم عليه.

فأحيوا بارك الله فيكم هذه السنة، لتتقارب القلوب، ويزيد التآلف، ويحصل الأجر والمثوبة.

هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ جلَّ وعلا:[إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا].  

الجمعة: 23 /1/1442هـ