خطبة بعنوان (المخرج من الفتن) .

السبت 4 جمادى الآخرة 1440هـ 9-2-2019م

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

أما بعد:

فاتقوا الله يا عباد الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

فبالتقوى تفوزوا وتسعدوا وتفلحوا . أيها المؤمنون ، تعيش أمتنا أزمات خانقة وفتناً مدلهمة وتمر بمنعطفات اختلطت فيها الموازين عند بعض الناس وأصبح الحق عندهم ملتبساً وزين لهم الشيطان وأعوان السوء الباطل فراحوا وراءه يلهثون باحثين عن المخارج الآمنة مدعين نصرة الحق وأهله ولكن هيهات أن يوزن الحق بالرجال بل نزن الرجال بالحق، ولذا سأذكر لكم بعض المعالم في التعامل مع الفتن على مستوى الأفراد والجماعة والأمة،

فأقول:

(1) لا بد من التعوذ من الفتن، والمؤمن الصادق يلجأ في أحواله كلها وجميع حياته إلى الله ولا سيما في وقت الفتن، ففي اللجوء إلى الله العصمة من الفتن والسلامة من الانزلاق فيها برأي أو فعل وهذا هو هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فعن عائشة رضي الله عنها- وعن أبيها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم وعذاب النار ومن شر فتنة القبر وعذاب القبر وفتنة النار وعذاب النار وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد}.

(2) الحذر من الانتكاسة في الفتنة وذلك حين لا يميز بين المعروف والمنكر فلا يعرف ولا ينكر وهذا ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله {كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً} ولك يا عبد الله أن تتصور ذلك القلب المنكوس الذي لا يعرف ولا ينكر ماذا سيكون أثره وخطره على نفسه وعلى أمته، نعوذ بالله من الفتن .

(3) الحذر من السير في ركاب المنكر لأن الكثرة رضوا به والحرص على السير في ركب الجماعة من المسلمين وإمام المسلمين ولذا ما أكثر الدعاة إلى الشر الذين يلبسون لبوساً مختلفاً وقد يكون ظاهرهم الصلاح والشفقة على الناس لكنهم من أكثر الناس ضرراً على البلاد والعباد، وهؤلاء من الدعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها.

(4) الحذر من نشر الأقاويل الباطلة والقصص الكاذبة والإشاعات المغرضة لأنها تكثر في أيام الفتن، فكم من رأي قاصر وهوى مضل وإشاعة لا أساس لها ومع ذلك سرت في الناس وتلقفوها دون تمحيص أو تحقيق، جاء عن ابن عمر قوله {لم يكن يُقص في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر ولا عثمان إنما كان القصص في زمن الفتنة}.

(5) الحرص على العلم والصدور عن رأي العلماء في قضايا الأمة المصيرية ولا سيما في أوقات الفتن لأن الخلط يكثر وكل يعجب برأيه والعلماء أحرص الناس على نفع الناس وهدايتهم ودلالتهم على الطريق الصحيح.

(6) التزام الطائفة المنصورة التي لا تضرها الفتن كما قال صلى الله عليه وسلم {لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى}.

(7) لزوم العبادة والطاعة، كما قال صلى الله عليه وسلم {العبادة في الهرج كهجرة إليّ} وقال صلى الله عليه وسلم بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً}

ولذا إذا خاض الناس في أمر لا مصلحة فيه فاحرص أيها الموفق ألا تخوض معهم بل عالج قلبك بالتسبيح والتهليل وانصرف للطاعة والعبادة واشتغل بما ينفعك قال تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) بارك الله لي ولكم….

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين وأشهد أن لا إله إلا الله مالك يوم الدين وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله إمام المتقين وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم أما بعد:
فاتقوا الله يا عباد الله وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

عباد الله! يتجه أبناؤنا وبناتنا إلى قاعات الاختبارات يوم غد ليجني كل زارع ما زرع ويحصد ما غرس ويأخذ كل عامل ثمرة عمله وهنا لا مقارنة بين الامتحان الدنيوي والأخروي فالبون شاسع والفرق كبير لكن بالدنيوي يتذكر الناس الأخروي ولذا أوصي الآباء والمربين والمربيات والطلاب والطالبات فأقول:

ينبغي للآباء الانتباه لأولادهم لا سيما بعد الخروج من الاختبار فهناك وقت طويل يقضيه الطالب قد يحصل له فيه ضرر كبير وعلى وليّه متابعته أين يذهب ومع من يجلس لئلا يُهدم ما بناه الأب خلال هذه الاختبارات.

وعلى الآباء والأمهات تهيئة الأجواء للأولاد للمذاكرة وإبعاد المشغلات كلها سواء ما يخصهم أو يخص غيرهم في البيت.

وعلى الآباء والأمهات توفير المتطلبات في البيت لمتابعة الدرس والمذاكرة، وعلى المعلمين والمعلمات أن يشجعوا الطلاب والطالبات وأن يبعدوا شبح الاختبار وأن يركزوا على حصول النتائج الطيبة لمن تجهز وتهيأ وتابع تحصيله طيلة العام.

أما الطلاب والطالبات فوصيتي لهم أن :

1. يحرصوا على سلامة النية وحسن المقصد قال تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله) فالعلم وبال على صاحبه إذا لم يصاحبه صدق وإخلاص وطلب لمرضاة الله.

2. تفريغ النفس وتهيئة الجو النفسي والذهني والعائلي وإبعاد المشكلات كلها والتفرغ الكامل للاستيعاب والتحصيل.

3. الحرص على الفهم والاستيعاب وعدم اللجوء إلى الحفظ إلا فيما سبيله الحفظ كالنصوص مثل الآيات والأحاديث والأبيات وغير ذلك.

4. الحرص على ما يساعد على المذاكرة مثل المشي ورفع الصوت وتغيير المكان وهكذا.

5. وإذا ضاق عليكم الوقت فخذوا فكرة عن المنهج واضبطوا فقراته الأساسية والعناوين ثم فرعوا عليها الجزئيات ولا ينبغي أن يتابع الطالب الجزئيات ويترك جزءاً في المنهج لا يمر عليه.

6. يحسن استخدام الملخصات بعد الإلمام بالمنهج كاملاً .

7. مكان المذاكرة ينبغي أن يكون بعيداً عن الملهيات والمشغلات والأصوات وأن يكون هادئاً مهيئاً من كل الوجوه.

8. القيام مبكراً والنوم مبكراً و الذهاب إلى مكان الاختبار مبكراً لئلا يحصل ما يزعج قبيل الاختبار.

9. الحرص على الأوراد والأذكار في ليالي الاختبار وعند الخروج من البيت ودخول المدرسة والخروج منها.

10. الحرص على بر الوالدين وطلب دعائهما والاجتهاد في رضاهما لأن هذا يعينك على التحصيل والوصول للنتائج المرضية.

11. قراءة الأسئلة جيداً واستيعابها وتصور الإجابة قبل البدء في الكتابة.

12. بعض الطلاب والطالبات همه الخروج من القاعة ولو جلس وفكر وراجع لحصل له خير كثير فاجتهدوا في المراجعة واستكملوا الوقت المتاح واستفيدوا منه.

13. إذا لم تستحضر إجابة سؤال فانتقل لما بعده واجعله آخر شيء ليكون التفكير فيه أكثر.

14. لا تدخل الاختبار وفي نيتك أن تستفيد من غيرك فهذا وبال عليك في يوم الاختبار ويوم الحساب ولن تستفيد شيئاً وقد يكون غشك سبباً في حرمانك نهائياً.

15. احذر من المذاكرة الجماعية فليس فيها إلا التشويش وضياع الوقت اللهم إلا إذا كانت تحت نظر مربٍّ فاضل يتابع ويحاسب الطلاب أما تجمعات الطلاب هنا وهناك فضررها أكثر من نفعها.
والعزيمة العزيمة والجد الجد والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً اللهم وفق أبناءنا وبناتنا لكل خير…