أركان الإسلام

الثلاثاء 14 جمادى الآخرة 1440هـ 19-2-2019م
إعداد:الأستاذ الدكتور / عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
1427هـ ـ 2006م
تقديم عميد البحث العلمي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على خير المرسلين، أما بعد: فرسالة الجامعة في المجتمع كبيرة، وليست مقتصرة على العملية التعليمية، بل لها عمل آخر لا يقل أهمية عن التعليم، وإجراء البحوث العلمية المتخصصة، وهو الإسهام في خدمة هذا المجتمع بنشر الوعي الصحيح، ورفع سجف الظلام والجهالة، وما يصاحبها من أمور كثيرة، وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بأركان الإسلام التي أولها الشهادتان، وهكذا سائرأركان هذا الدين الحنيف.
إن تقديمه بصورة واضحة بعيدة عن اللبس والغموض والخلاف يعطي الصورة الحقة لهذا الدين.ولهذا حرصت الجامعة على الاستكتاب في هذا الموضوع، فكلِّف الأستاذ الدكتور/ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار بإعداد هذا الكتاب تمهيداً لطبعه وترجمته إلى لغات الشعوب الإسلامية، وذلك بتاريخ: 26/8/1419هـ بناء على توجيه مدير الجامعة آنذاك الأستاذ الدكتور/عبد الله بن يوسف الشبل، وقد طال أمد هذا العمل كثيراً؛ لأنه خضع للتحكيم والمراجعة عدة مرات، حتى استوى على هذه الصورة التي تخرجه العمادة بها اليوم.
وهنا لابد من شكر جميع من أسهم في التخطيط لهذا العمل، أو أمر باعتماده، كما أشكر المؤلف على سعة صدره وتحمله كثرة المراجعة، كما أشكر جميع الزملاء المراجعين الذي بذلو جهدهم لإخراج هذا الكتاب، سائلاً الله العلي القدير أن ينفع به.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تركي بن سهو العتيبي
المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)([1])،

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)([2]).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ*وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيْمًا)([3]).
أما بعد:
فقد شرع الله عبادته وجعلها الغاية من خلق الخلق قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)[4]) وكان نداء كل نبي لقومه: (أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[5])، (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ)([6])

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية حول هذا المعنى: ( إنما الدين الحق هو تحقيق العبودية لله بكل وجه وهو تحقيق محبة الله بكل درجة وبقدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه فتكمل محبة الرب لعبده… وكل محبة لا تكون لله فهي باطلة، وكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل)([7])

وكم هم الذين يقصرون مفهوم أركان الإسلام ويأخذون به مبتوراً، ولذا نرى كثرة الأخطاء في أمهات العبادات: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والأمة مطالبة بالرجوع إلى النبع الصافي والاطلاع على سيرة سلف الأمة لتحقق القدوة الصادقة للمجتمع ولا نجاة ولا عز ولا فلاح إلا بالعبادة الحقة لله وفق ما شرعه سبحانه وكل عبادة تحيد عن المنهج الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي باطلة مردودة؛ وهذا هو نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع الأسماع:” من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد”([8])

لكن الكثير لم يستجيبوا لهذا النداء وحرفوا مفهوم العبادة، ولذا لزم تصحيح هذا المفهوم وبيان أركان الإسلام بشيء من التيسير والتوضيح لا سيما لعامة الناس وبعض الجاليات الإسلامية التي تحتاج إلى معلومات في هذا الباب واضحة سهلة مبنية على الدليل.

وقامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ وهي السبَّاقة في هذا السياق ـ بإصدار سلسلة رسائل التعريف بالإسلام.
وقد كلفتني الجامعة مشكورة أن أضع كتاباً يجمع أركان الإسلام بأسلوب سهل واضح ليكون معيناً للمحتاجين ممن يجهلون بعض الأحكام مما يتعلق بأركان الإسلام فكان هذا الكتاب استجابة لطلبها؛ وأرجوا أن ينتفع منه الكثيرون سائلاً الولي ـ جلا وعلا ـ أن ينفعني بما علمني وأن يعلمني ما جهلت، وأن يكتب الأجر والثواب لمن اشار وأعان وشجع، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد.

التمهيد: الإيمان

معنى الإيمان
لغة: التصديق.
وشرعاً: الاعتقاد بالقلب والنطق باللسان والعمل بالجوارح والأركان.

قال تعالى: (قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)[9]) وقال صلى الله عليه وسلم: “الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره”([10])

وقال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ: (ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن شيء وقر في القلب، وصدقه العمل).

وإذا اجتمع الإسلام والإيمان فسرالإسلام بالأعمال الظاهرة، والإيمان بالأعمال القلبية.

وإذا افترق الإسلام والإيمان بأن جاء ذكر الإسلام دون الإيمان فالمراد بالإسلام الدين كله.

وهكذا إذا جاء ذكر الإيمان وحده غير مقترن بالإسلام فالمراد به الدين كله، فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اتفقا. والله أعلم.

أصول الإيمان
أصول الإيمان التي يجب الإيمان بها ستة ذكرها الله في كتابه، وكذا جاءت بها نصوص السنة. قال الله تعالى: ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)([11])

فهذه الآية قد جمعت بين خمسة من أصول الإيمان، وهي:
1ـ الإيمان بالله.

2ـ الإيمان باليوم الآخر.

3ـ الإيمان بالملائكة.

4ـ الإيمان بالكتب.

5ـ الإيمان بالرسل.

وبقي الإيمان بالقدر، فقد ذكره الله تعالى في قوله: ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ([12]) أما نصوص السنة فهي كثيرة، نكتفي بذكر دليل منها، وهو العمدة في بيان أصول الإيمان والإسلام والإحسان.
وهوحديث جبريل، وفيه قال: حدثني عن الإيمان؟ قالصلى الله عليه وسلم: “الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره” ([13])

فهذه هى أركان الإيمان الستة التي سنعرض لها بشىء من التفصيل.
أولاً: الإيمان بالله:

معنى الإيمان بالله:
الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول للأخبار والإذعان للأحكام، بأن لهذا الكون خالقاً موجوداً ربا منفرداً بالربوبية والأولهية والأسماء والصفات.

مايتضمنه الإيمان بالله:

وعلى هذا المعنى الذي ذكر يتضح لنا أن الإيمان بالله يتضمن أموراً:

الأمر الأول: الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى:

وقد دل على وجود الرب سبحانه وتعالى أمور أربعة:

1ـ العقـل. 2ـ الحس.

3ـ الفطرة. 4ـ الشرع.

1ـ دلالة العقل على وجود الله تعالى:

هذا الكون بما فيه من الآيات الكونية والكائنات الحسية دليل عقلي على وجود ـ الله تعالى ـ ؛ فإن هذه العوالم العلويات والسفليات لا بد لها من موجد أوجدها، ويتصرف فيها ويديرها، ومحال أن تُوجد بدون مُوجد، ومحال أن توجد أنفسها، قال الله تعالى ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ*أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ(([14])

ولذا لما سمع جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ هذه الآيات وكان لم يسلم بعد قال: ( كاد قلبي أن يطير) ([15]) ، وذلك لما وقر الإيمان في قلبه، فكثيراً ما يرشد الرب سبحانه وتعالى عباده إلى الاستدلال على معرفته بآياته الظاهرة من المخلوقات العلوية والسفلية، كما قال تعالى: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ( ([16])

والمعنى: انظروا إلى هذه الأرض وما فيها من الآيات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة، وذلك مما فيها من صنوف النبات.

2ـ دلالة الحس على وجود الله سبحانه وتعالى:

فإن الإنسان يدعو ربه سبحانه وتعالى بما يريد من أمور الدنيا، فيقول: يارب؛ ويدعو بالشيء الذي يريده فما يلبث إلا وقد استجيب له، يرى ذلك رأي العين، ألا يدل ذلك على وجوده سبحانه؟ وهذا أمر مشاهد يعترف به الكافرون والملحدون، وما أجمل هذه القصة التي سمعتها، فقد ذكرها لي أحد الدعاة، فقال: (بينما نحن في سفر إلى بعض البلدان، وكنا قد ركبنا طائرة لهذا السفر، إذا بالطائرة يحدث فيها شيء، وأحس الركاب أنهم هالكون لا محالة، فأخذت مصحفي، وأخذت أقرأ، فجاء ناحيتي ملحد، فقال لي بأعلى صوته: زد من القراءة. ووقف بجانبي وهو يقول: زد، ارفع صوتك، لعل الله أن ينجينا. والحمد لله فقد نجونا من هذا الأمر الخطير)، ولا غرابة من فعله هذا، فقد فعله من قبله من المشركين الذين قال الله تعالى في وصفهم: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ([17])

فهذه دلالة حسية على وجوده سبحانه وتعالى.

3ـ دلالة الفطرة على وجوده سبحانه:

فإن كثيراً من الناس الذين لم تنحرف فطرهم يؤمنون بوجود الله، حتى البهائم العجم تؤمن بوجود الله، فالفطر مجبولة على معرفة الرب سبحانه وتعالى وتوحيده

قال الله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ *أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ([18])

فهذه تدل على أن الإنسان مجبول بفطرته على شهادته بوجوده سبحانه وتعالى.

4ـ دلالة الشرع على وجوده سبحانه:

فقد جاءت الرسل بشرائع الله المتضمنة لجميع ما يصلح للخلق، وهذا يدل على أن الذي أرسلها هو رب العالمين سبحانه وتعالى، ولا سيما هذا القرآن المجيد الذي أعجز البشر أن يأتوا بمثله.

ومما يدل على وجود الله هذه الحيوانات والمهاد والجبال والأنهار والبحار، واختلاف ألسنة الناس وألوانهم وما بينهم من تفاوت العقول والفهوم والحركات والسعادة والشقاوة وفي تركيبهم من الحكم في وضع كل عضو من أعضائهم في المحل الذي هو محتاج إليه فيه، ولذا قال تعالى:

(وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)([19])

فيا عجباً كيف يعصى الإلـه
أم كـيف يجحده الجــاحــد
***
ولله في كل تحريكـــــة
وفـي كـل تسكينة شــاهـد
***
وفي كـل شـيء لـه آيـة
تــدل عـلـى أنـه واحــد

وصدق أبو نواس حين قال:

تأمل في رياض الأرض وانظر
إلـى آثـار مـا صنع المـــليك
***
عيـون من لجين شـاخصات
بأحـداق هي الذهب السميـــك
***
على قضب الزبرجد شـاهدات
بـأن الله لـيس لـه شـريــك.

وما أجمل هذه الإجابة التي أجاب بها الأعرابي حين سئل عن وجود الرب سبحانه وتعالى، فقال: يا سبحان الله! إن البعر ليدل على البعير، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير؛ فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟.

الأمر الثاني: الإيمان بالألوهية:

ومعناه أن تعتقد بقلبك مع الإقرار بلسانك أنه وحده الإله الحق لا شريك له في ألوهيته وجميع ما يعبد من دونه ألوهية باطلة.

قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)([20])

والإيمان بألوهية الرب تبارك وتعالى يقتضي أن لا يصرف العبد نوعاً من أنواع العبادة لغيره سبحانه وتعالى فهو الإله الحق الذي يستحق أن يعبد فلا يتوجه العبد بعبادة قلبية ولا بعبادة قولية ولا بعبادة عملية إلا له سبحانه وتعالى.

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ([21])

وقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)([22])

وقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ) ([23])

وقال صلى الله عليه وسلم: “قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه”([24])

فالواجب على العبد أن لا يتوجه بأي نوع من أنواع العبادة كنذر وذبح ودعاء واستغاثة واستعانة وذل وخضوع وخشية وإنابة وصلاة وحج وزكاة وغيرها من سائر العبادات لغير الله تعالى؛ فصرفها لغيره شرك.

الأمر الثالث: الإيمان بأسماء الله وصفاته:

ومعنى الإيمان بأسماء الله وصفاته إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا( ([25])

وعلى العبد أن يستشعر عظمة هذه الأسماء والصفات فيتعبد لله سبحانه وتعالى بها؛ فإن الإيمان بهذه الأسماء يورث العبد محبة وخوفاً ورجاًء لمعبوده سبحانه وتعالى.

ثمرات الإيمان بالله تعالى:

للإيمان بالله تعالى ثمرات عظيمة نذكر منها:

1ـ تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره.

2ـ كمال محبة الله تعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.

3ـ تحقيق عبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.

4ـ تحرير العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم فإن هذا هو العز الحقيقي.

ثانياً: الإيمان بالملائكة:

من هم الملائكة:

هم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور، وجعلهم طائعين له، متذللين له، ولكل منهم وظائف خصه الله بها.

فجبريل وكل بالوحي، وإسرافيل موكل بنفخ الصور، وهو أيضاً أحد حملة العرش وميكائيل موكل بالقطر والنبات، ومنهم من وكل بقبض أرواح بني آدم وكل ذي روح وهو ملك الموت وأعوانه. وغير هؤلاء ممن علمنا أعمالهم ووظائفهم.

كيف تؤمن بالملائكة؟

1ـ تؤمن بأنهم عالم غيبي لايشاهدون، وقد يشاهدون ولكن الأصل أنهم لا يشاهدون، وهم مخلوقون من نور، خاضعون لله أتم الخضوع. قال الله تعالى

(لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(([26])

2ـ نؤمن بأسماء من علمنا أسماءهم، ونؤمن بوظائف من علمنا وظائفهم.

ثمرات الإيمان بالملائكة:

1ـ العلم بعظمة الله وقوته وسلطانه.

2ـ شكر الله على عنايته ببني آدم؛ حيث وكَّل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم.

3ـ محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله([27])

ثالثاً: الإيمان بالكتب:

معنى الإيمان بالكتب:

هو التصديق الجازم بأنها كلها منزلة من عند الله عزوجل إلى عباده بالحق المبين والهدى المستبين، وأن هذه الكتب كلام الله عزوجل لا كلام غيره.

ما يتضمنه الإيمان بالكتب:

1ـ الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً.

2ـ الإيمان بما علمنا اسمه منها، كالقرآن الذي نزل على محمدصلى الله عليه وسلم، والتوراة التي أنزلت على موسىصلى الله عليه وسلم، والإنجيل الذي أنزل على عيسىصلى الله عليه وسلم، والزبور الذي انزل على داودصلى الله عليه وسلم، أما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالاً.

3ـ تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.

4ـ العمل بأحكام ما لم ينسخ منها، والرضا والتسليم بها، فجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم. قال الله تعالى:

)وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْه( ([28]).

أي حاكماً عليه، وعلى ذلك لا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة، إلا ما صح منها، وأقره القرآن.

ثمرات الإيمان بالكتب:

1ـ العلم بعناية الله بخلقه حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.

2ـ العلم بحكمة الله حيث شرع لكل قوم ما يناسبهم في أحوالهم .

قال تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ( ([29]).

3ـ شكر نعمة الله في ذلك ([30]).

رابعاً: الإيمان بالرسل:

من هم الرسل؟

الرسل هم قوم اختارهم الله تعالى؛ ليكونوا واسطة بينه وبين خلقه، وذلك بإبلاغهم شرعه وما يجب عليهم لله، وغير ذلك مما أوحاه الله إليهم، وأول الرسل نوح عليه السلام، وآخرهم محمدصلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ( ([31])

والرسل بشر مخلوقون، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، فلا يجوز الاستغاثة بهم ولا دعاؤهم ولا النذر لهم ولا الذبح، وغير ذلك من أنواع العبادة، لا يجوز صرفها لأحد منهم.

قال الله تعالى لنبيهصلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ([32])

ما يتضمنه الإيمان بالرسل:
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:

1ـ أن رسالتهم حق من عند الله؛ فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع؛ فالنصارى الذين كذبوا محمداًصلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبون للمسيح ابن مريم غير متبعين له أيضاً؛ لأنه بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم.

2ـ الإيمان بمن علمنا اسمه منهم مثل محمد وابراهيم وعيسى وموسى ونوح وغيرهم ممن ذكر اسمه في القرآن، ومن لم نعلم اسمه منهم نؤمن به إجمالاً.

3ـ تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.

4ـ العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو محمدصلى الله عليه وسلم، فهو خاتم الرسل.

ثمرات الإيمان بالرسل:

1ـ العلم برحمة الله وعنايته بعباده، حيث أرسل إليهم الرسل، ليهدوهم إلى صراط الله، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله.

2ـ شكر الله على هذه النعمة.

3ـ محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم والثناء عليهم.

خامساً: الإيمان باليوم الاخر:

معنى الإيمان باليوم الآخر:

والمراد باليوم الآخر: يوم القيامة الذي يبعث الله الناس فيه للحساب والجزاء، وسمي باليوم الآخر؛ لأنه لايوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم.

قال الله تعالى: )وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ(([33])

وقال تعالى: )وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ( ([34]).

فهذا هو الركن الخامس من أركان الإيمان، فمن كذب به فقد كفر، قال الله تعالى:

)زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ( ([35]).

ما يتضمنه الإيمان باليوم الآخر:

والإيمان باليوم الآخر يتضمن بعض الأمور منها:

1ـ الإيمان بالحساب والجزاء حيث يحاسب الله العباد على أعمالهم، فيجازي كلاً بعمله، قال الله تعالى: )إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ(([36]).

2ـ الإيمان بالجنة والنار، وأنها الحياة الأبدية للخلق؛ فالجنة أعدها الله لأهل طاعته: المؤمنين الصادقين المخلصين، والنار أعدها لأهل معصيته: الكافرين والمنافقين.

قال الله تعالى في بيان دار المؤمنين: ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدا(([37])

وقال في بيان الكافرين والمنافقين: ً)وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ( ([38])

وقال أيضاً: )إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً(([39])

ما يلحق بالإيمان باليوم الآخر:

ومما يلحق بالإيمان باليوم الآخر، الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل:

1ـ فتنة القبر: ونعني بها سؤال الميت بعد دفنه؛ حيث يُسأل عن ربه ودينه ورسوله؛ فأما المؤمن فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمدصلى الله عليه وسلم، أما الكافر فيقول: ها .. ها لا أدري.

2ـ عذاب القبر ونعيمه: فأهل الإيمان ينعمون في قبورهم، ويفسح لهم فيها مد البصر، ويرى كل منهم منزله في الجنة.

أما الكافرون والمنافقون والظالمون فيعذبون في قبورهم، ويضيّق عليهم فيها، وتُملأ عليهم ناراً، ويرى كل منهم منزله في النار، نعوذ بالله منها.

ثمرات الإيمان باليوم الآخر:

1ـ الرغبة في فعل الطاعة والحرص عليها والندم على فواتها.

2ـ الرهبة من فعل المعصية والخوف منها.

3ـ تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة.

سادساً: الإيمان بالقدر:

معنى الإيمان بالقدر:

وهذا هو الركن السادس من أركان الإيمان: ومعنى الإيمان بالقدر أن الله سبحانه وتعالى قدَّر الأشياء في القدم، وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى وفي أمكنة معلومة، وهي تقع على حسب ما قدره الله تعالى.

ما يتضمنه الإيمان بالقدر:

والإيمان بالقدر يتضمن أمورًا([40])

الأول: الإيمان أن الله تعالى عالمٌ بكل شيء جملة وتفصيلاً أزلاً وأبداً، فقد علم ما كان وما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون.

الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ. قال تعالى: ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ(([41])

وفي صحيح مسلم: ” كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ([42])

الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئته، سواء كانت مما يتعلق بفعله سبحانه وتعالى، أو مما يتعلق بفعل العباد.

قال الله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)([43])

وقال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ)([44])

الرابع: الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله سبحانه، وأنه ما من ذرة في السموات والأرض إلا والله خالقها وخالق حركاتها وسكناتها، لا خالق غيره ولا رب سواه.

قال الله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)([45])

وقال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)([46])

ثمرات الإيمان بالقدر:

1ـ الاعتماد على الله تعالى عند فعل السبب، بحيث لا يعتمد العبد على السبب نفسه، بل يعتمد على الله تعالى؛ لأن كل شيء بقدر الله تعالى.

2ـ أن العبد لا يعجب بحصول ما تمناه ورجاه؛ لأن حصوله نعمة من من الله على العبد بما قدره له من أسباب الخير والنجاح.

3ـ الطمأنينة والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله، فلا يقلق بفوات محبوب أو حصول مكروه؛ لأن الكل بقدر الله تعالى.

أهمية العقيدة

الاهتمام بالعقيدة:

يتضح لنا مما ذكر أن الركن الأساس الذي يبني عليه هوالعقيدة؛ إذ بدونها يتخبط الناس في ظلمات الشرك وشهوات الدنيا؛ فهي المحرك الأساسي لحياة الإنسان؛ إذ بدونها يكون الإنسان كالأنعام. قال الله تعالى فيمن حُرم هذه العقيدة )أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً(([47])

ولما كانت حاجة الناس للعقيدة أعظم من حاجتهم للأكل والشرب كان لابد لهم أن يهتموا بها.

أهداف العقيدة الإسلامية

1ـ إخلاص النية والعبادة لله تعالى؛ لأنه الخالق لا شريك له، فوجب أن يكون القصد والعبادة له وحده.

2ـ تحرير العقل والفكر من التخبط الفوضوي الناشىء عن خلو القلب من هذه العقيدة؛ لأنه من خلا منها فإنه إما فارغ القلب من كل عقيدة وعابد للمادة الحسية فقط، وإما يتخبط في ضلالات العقائد والخرافات.

3ـ الراحة النفسية والفكرية فلا قلق في النفس ولا اضطراب في الفكر؛ لأن هذه العقيدة تصل المؤمن بخالقه.

4ـ سلامة القصد والعمل من الانحراف في عبادة الله تعالى؛ لأن الرسل بينوا هذه العقيدة واتباع الرسل ركن من أركان الدين؛ فمن ضل في اتباع الرسل انحرف عن هذه العقيدة.

5ـ الحزم والجد في الأمور بحيث لا يجد العبد فرصة في عمل صالح إلا وسارع إليها، ولا يرى موقع إثم إلا ابتعد عنه.

6ـ تكوين أمة قوية تبذل كل غال ورخيص في تثبيت دينها غير مبالية بما يصيبها في سبيل الله.

7ـ الوصول إلى سعادة الدنيا والآخرة بإصلاح الأفراد والجماعات ونيل الثواب والمكرمات.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يحققها لنا ولجميع المسلمين آمين.

الولاء والبراء

أهميته في عقيدة المسلم:

من أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها، فيحب أهل التوحيد والاخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم؛ وهذه هي ملة إبراهيم عليه السلام والذين معه الذين أمرنا بالاقتداء بهم. قال الله تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(([48])

وقال أيضاً للمؤمنين الذين آمنوا برسالة محمدصلى الله عليه وسلم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(([49])

فالولاء والبراء أصل عظيم من أصول الدين، ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس جهل هذا الأصل؛ فكم تسمع ممن ينتسب لهذا الدين يقولون بدعوات تدعو إلى وحدة الأديان، ويقولون بأن النصارى إخوة لنا، بل يزعمون أن اليهود كذلك إخوة لنا، وهذا كله ردة عن الإسلام.

قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)([50])

لقد حرم الله على المؤمن موالاة الكفار ولو كانوا أقرب قريب، قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(([51])

وكما أنه سبحانه حرم موالاة الكفار أعداء العقيدة الإسلامية فقد أوجب سبحانه موالاة المؤمنين.

قال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ*وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ) ([52])

المبحث الأول: الشهادتان

التوحيد

تعريف علم التوحيد:

هو علم يبحث عما يجب لله من صفات الجلال والكمال، وما يستحيل عليه من كل ما لا يليق به وما يجوز له من الأفعال وما يجب لله من اخلاص العبادة وأداء حقه بامتثال أومره واجتناب نواهيه وعما يجب للرسل والأنبياء، وما يستحيل عليهم، وما يجوز في حقهم، وما يتصل بذلك من الإيمان بالكتب المنزلة والملائكة الأطهار ويوم البعث والجزاء والقدر والقضاء. وفائدته تصحيح العقيدة والسلامة من العواقب ونيل السعادة في الدارين.

معنى الإسلام:

الإسلام في اللغة: الانقياد والإذعان.

وشرعاً: الأعمال الظاهرة، ومعناه الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك.

قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)([53])

وقال تعالى: )وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى(([54]). وقال تعالى: )فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ(([55])

وإذا أطلق الإسلام فإنه يشمل الدين كله.

قال تعالى:

(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) ([56]) . فهو يشتمل على الأركان الخمسة، ودليل ذلك حديث جبريل الطويل، حينما جاء يعلم الناس دينهم، فقال: “… الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً”([57])

أنواع التوحيد:

التوحيد نوعان:

نوع في العلم والاعتقاد: ويسمى التوحيد العلمي؛ ويتعلق بالأخبار والمعرفة، وتدل عليه سورة )قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ( ([58]).

وهذا النوع يشمل توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

نوع في الإرادة والقصد: ويسمى التوحيد القصدي الإرادي ويتعلق بالقصد والإرادة، وتدل عليه سورة )قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(([59]).

وهذا النوع يشمل توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.

فأنواع التوحيد ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

توحيد الربوبية:

هو إفراد الله بأفعاله: كالخلق والرزق، والتدبير والإحياء والإماته والبعث والنشور وغيرها. فالله هو الخالق الرازق المحيي المميت، الذي يدبر الأمور وينزل الغيث، وقد أقر به المشركون، ولكن إقرارهم به لم ينفعهم ولم يدخلهم الإسلام،

قال تعالى )وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ(([60]).

ودليل هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: )الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(([61]).

فالإقرار بوجود الله والاعتراف بأنه الخالق الرازق المدبر لا يكفي في دخول العبد الإسلام، فإن كثيراً من المشركين يقرون بتوحيد الربوبية، ومع ذلك لم يدخلهم في الإسلام؛ لعدم إذعانهم لتوحيد العبادة، وكثير من الناس يظن أن توحيد الربوبية هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل، وأنهم إذا أثبتوه لله فقد وحدوه حق التوحيد، وهذا خطأ ظاهر، ولذلك يعبدون غير الله ومع ذلك يزعمون أن فعلهم ليس بشرك إنما الشرك بزعمهم إذا جعلت خالقاً مدبراً مع الله، ونظراً لجهلهم بالتوحيد جعلهم يشركون بالله شركاً جلياً.

توحيد الألوهية: ([62]):

وهو إفراد الله بالعبادة فلا يشرك مع الله أحد، فالدعاء والذبح والنذر والصلاة والخوف والرجاء والتوكل والإسعانة وغيرها من العبادات يجب أن يفرد الرب سبحانه وتعالى بها؛ من صرف منها شيئاً لغير الله لم يكن موحداً، بل يكون مشركاً بالله سبحانه وتعالى وإن أقر بالتوحيد الربوبية.

فتوحيد الألوهية هو الذي من أجله أرسلت الرسل وأنزلت الكتب؛ فمن عرفه حق المعرفة عرف ما عليه الكثير من الناس من إضاعتهم له وإهمالهم جانبه وجهل الكثير بحقوقه.

وليعلم أن التوحيد ليس التخلي فحسب عن عبادة غير الله من الأصنام والأوثان، بل لا بد من التخلي عن جميع العبادات التي يراد بها غير الله والبراءة منها ومن أهلها وإخلاص جميع العبادة له. فمن عبد الله ولم يكفر بها يعبد من دون الله لم يكن متمسكاً بالعروة الوثقى.

قال الله تعالى:

(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)([63])

وفي صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: “من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله”([64])

فمن لم يكفر بالطاغوت لم يكن متمسكاً بالعروة الوثقى ( لا إله إلا الله ) بل تخلى عنها وأهملها وأضاع حقوقها ولم يكن معصوم الدم والمال؛ فأصل توجيد الرسل بل أصل الدين الذي دعت إليه الرسل هو: إفراد الله بالعبادة والبراءة من كل معبود سوى الله؛ فهذه هي ملة ابراهيم التي قال فيها: )قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(([65])

وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ*إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ*وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)([66])

وإذا نظرت إلى حال توحيد الإلهية في وقتنا هذا تراه قد ضاعت آثاره ومعالمه عند كثير من الناس، ونضرب مثالين لذلك:

المثال الأول: الذبح: فإن الذبح عبادة من أجلِّ العبادات وأعظمها. قال الله تعالى لنبيه: ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ( ([67])

فإذا تبين أن الذبح عبادة فصرفها لغير الله شرك.

وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول اللهصلى الله عليه وسلم باربع كلمات وذكر منها: “لعن الله من ذبح لغير الله”([68])

وقد كثر الذبح لغير الله في هذا الزمان لعموم الجهل بتوحيد الألوهية (العبادة)؛ فبعض الجهلة عندما ينزل منزلاً يذبح نسكاً تقرباً للجن لكي لا يؤذوه ونحو ذلك مما هو شرك بالله.

المثال الثاني: دعاء غير الله.

فالدعاء عبودية عظيمة، وهومن أعظم الأسباب وأقواها لجلب النفع و دفع الضر، وهو علامة على افتقار العبد لربه واحتياجه له؛ فقد أمر الله تعالى عباده بدعائه،

فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ([69])

وقال صلى الله عليه وسلم : “الدعاء هوالعبادة” ([70])

وإذا كان الدعاء عبادة من أجل العبادات وأعظمها فصرفه لغير الله شرك، ولكن انظر إلى أحوال الكثير من البشر ممن ينتسبون للإسلام وحالهم عند أصحاب القبور.

فقد صرفوا للأموات والغائبين دعاءهم، فتراهم يدعونهم كأنهم يسمعون، ويستنجدون بهم كأنهم حاضرون قادرون.

قال الله تعالى: )وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ*إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (([71])

فطلب الشفاعة من الموتى وطلب الحاجات منهم سواء كانوا أنبياء أو صالحين ونحو ذلك شرك بالله، مناقض لتوحيد الألوهية، ولا يغفره الله إلا بالتوبة، ومن مات عليه أصبح من الخالدين في النار، نعوذ بالله من ذلك.

توحيد الأسماء والصفات:

ومعنى توحيد الأسماء والصفات هو أن يُسَمَّى الله ويوصف بما سمىَّ ووصف به نفسه. أو سماه ووصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تأويل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

ودليل الإيمان بأسماء الله وصفاته قوله نعالى:

(وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) ([72])

(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)[73])

وقوله صلى الله عليه وسلم: “إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة”([74])

وإنكار أسماء الله وصفاته إنكار للخالق وجحد له، ولا يدخل العبد في الإسلام حتى يؤمن بأسماء الله وصفاته.

وهذا النوع من التوحيد يجب تدبره وفهمه، فقد غلط فيه بعض المنتسبين إلى العلم، وزل فيه فئام من الناس، فنفوا عن الله ما وصف به نفسه، زاعمين نفي التشبيه، فضلوا بفهمهم الفاسد، وخالفوا ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة([75])

أثر التوحيد على الأعمال وفضله:

للتوحيد آثار على الأعمال منها:

1ـ أنه من حققه دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب.

2ـ أنه سبب لمغفرة الذنوب وتكفيرها.

3ـ أنه يمنع الخلود في النار.

4ـ أنه يحصل لصاحبه الهدى والأمن التام في الدنيا والآخرة.

5ـ أن جميع الأعمال والأقوال متوقفة على التوحيد.

6ـ أنه يخفف على العبد المكاره ويهون عليه الآلام.

7ـ أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر([76]).

معنى لا إله إلا الله:

إن معنى لا إله إلا الله الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة هو:

(لا معبود بحق إلا الله) وعلى هذا التعريف لهذه الكلمة العظيمة نكون قد جمعنا بين نفي وإثبات؟ فالنفي المراد به نفي استحقاق العبادة عن كل ما سوى الله، ولإثبات يراد به إثبات العبادة لله عزوجل وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه.

قال الله تعالى: )ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ(([77])

معنى محمد رسول اللهصلى الله عليه وسلم:

هو التصديق الجازم من صميم القلب المواطىء لقول اللسان بأن محمداً عبد الله ورسوله إلى كافة الناس: إنسهم وجنهم، شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فيجب تصديقه في جميع ما أخبر به من أنباء ما قد سبق وأخبار ما سيأتي، وفيما أحل من حلال وحرم من حرام، والامتثال والانقياد لما أمر، والكف والانتهاء عما نهى عنه، واتباع شريعته، والتزام سنته مع الرضا بما قاله والتسليم له.

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ: (ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله : طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع)([78])

العبادة

معنى العبادة:

قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ([79])

إن المتأمل لهذه الآية العظيمة يجد أنها بينت الغاية العظمى التي من أجلها خُلقنا،

وهي تحقيق العبودية لله تعالى في أرضه، هذه المهمة العظيمة التي من قام بها

فقد حقق غاية وجوده، ومن قصر فيها باتت حياته فارغة من القصد، خاوية من

معناها الأصيل.

والعبادة التي من أجلها خلقنا الله، هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، والبراءة مما ينافي ذلك ويضاده.

قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ([80])

شروط العبادة([81]) : ولكي تكون العبادة صحيحة لابد لها من شروط ثلاثة:

الأول: صدق العزيمة: فهذا شرط في وجودها، ومعناه ترك التكاسل والتواني وبذل الجهد في أن يصدق قوله بفعله، قال الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ(([82])

الثاني: إخلاص النية: ومعناها أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله، قال الله تعالى: )وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ(([83]).

الثالث: موافقة الشرع الذي أمر الله به: فلا يعبد الله إلا بوفق ما شرع، وهو دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد سواه، كما قال تعالى: )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ(([84]).

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : ” من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد”([85]).

فهذه ثلاثة شروط للعبادة لا قوام لها إلا بها؛ فالعزيمة الصادقة شرط في صدورها، والنية الخالصة وموافقة السنة شرط في قبولها؛ فلا تكون عبادة مقبولة إلا باجتماعها.

الأصول التي تبنى عليها العبادة:

أما الأصول التي تبنى عليها العبادة فهما أصلان:

الأول: كمال الحب الثاني: كمال الذل

ولا تنفع عبادة بواحد من هذين دون الآخر، ولذا قال بعض السلف: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجىء، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد([86]).

قال تعالى في وصفه للمؤمنين: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ)([87]).

وقال أيضاً: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُون(([88]).

وقال أيضاً: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ(([89]).

أنواع العبادة:

والعبادة لها أنواع كثيرة منها: الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والذبح والنذر والركوع والسجود والطواف والحلف والخشية والخشوع والاستعانة والاستغاثة، وغيرها من أنواع العبادة المشروعة.

وقد جاءت غالب سور القرآن، بل كلها تقرر هذا الأمر وتدعوإليه؛ فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم.

وقد أرسل جميع الرسل لتقرير هذا الحق والدعوة إليه. قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ(([90]).

فمن حقق التوحيد تحققت له الهداية في الدنيا، وكُفِّرت ذنوبه وخطاياه، وأمن في الآخرة من العذاب المؤبد.

قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(([91]).

وقال صلى الله عليه وسلم: “حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً”([92]).

الشرك وأقسامه

تعريف الشرك:

أن تجعل لله نداً وقد خلقك.

أقسام الشرك:

الشرك قسمان:

أولاً: الشرك الأكبر.

تعريفه:

وهو أن تجعل لله نداً في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته([93]).

وقيل أيضاً في تعريفه: هو أن يجعل لله نداً يدعوه كما يدعو الله، أو يخافه أو يرجوه أو يحبه كحب الله، أو يصرف له نوعاً من أنواع العبادة([94]).

فقولنا: (أن نجعل لله نداً في ربوبيته) كأن تعتقد فيه الخلق والرزق والإحياء والإماتة وسائر صفات الربوبية، أو أن تجعل لله نداً في ألوهيته، كأن تعبده من دون الله، فتركع وتسجد له وتذبح له وتنذر له وتدعوه من دون الله وهكذا، أو أن تجعل لله نداً في أسماء الله وصفاته كاشتـقاق اللات من الإله، والعزى من العزيز؛ هذا في الأسماء. أما في الصفات فتشبه المخلوق بالخالق.

خطر الشرك الأكبر على صاحبه:

الشرك الكبرلايغفره الله إلا بالتوبة، وصاحبه إن لقي الله به فهو مخلد في النار.

قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً(([95]).

وغالب من يقع في هذا الشرك سببه إعراضهم عن تعلم أصل الدين، وتساهلهم في جانب التوحيد وعدم الوقوف على حقيقته وما يرشد إليه ويدل عليه، وإعراضهم عن تعلم نواقض الإسلام ومفسداته التي متى دخلت عليه أفسدته وأحبطت عمل صاحبه.

أنواع الشرك الأكبر:

1ـ شرك العبادة: وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله: كادعاء والنذر والذبح وغيرها من العبادات كما ذكرنا.

2ـ شرك المحبة: وهو أن يتخذ أنداداً من دون الله يحبونهم كحب الله،

كما قال الله تعالى:

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ([96]).

3ـ شرك الهوى: وهو أن يقدم المرءُ هواه على طاعة الله، فإن كان هواه من الشرك والكفر فهذا شرك وكفر مخرج عن الملة، وإن كان هواه في المعاصي فهذا نوع من الشرك، حيث أشرك هواه مع الله عزوجل، وهذا النوع لا يخرج من الملة، بل إن المعاصي كلها لا تكون إلا عن طريق الهوى.

قال الله تعالى:

أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً([97]). فبالهوى يقع الإنسان في معصية الله من البدع والشرك؛ فصاحب الهوى لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه.

4ـ شرك الطاعة: وذلك يكون بطاعة الإنسان في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، فقد جعل الله ذلك شركاً بقوله: )أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ([98]). وقال: )اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّه([99]). جاء في تفسير هذه الآية أن عدي ابن حاتم قال: يا رسول الله لسنا نعبدهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألم يكونوا يحلون لكم الحرام فتحلونه ويحرمون الحلال فتحرمونه” قال: بلى. قال: “تلك عبادتهم”([100]).

ثانياً: الشرك الأصغر وأنواعه:

تعريف الشرك الأصغر:

هوما أتى في نصوص الشريعة بتسميته شركاً، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر.

أنواع الشرك الأصغر:

الحلف بغير الله، ويسير الرياء، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت؛ ولولا الله وفلان، وكذا طلب العلم لغير الله ولكن لتحصيله الوظيفة والشهادة، أوطلب العلم لأجل الرياء والسمعة، ونحو ذلك مما ينافي الإخلاص.

خطر الشرك الأصغر على صاحبه:

صاحب الشرك الأصغر لا يخلد في النار، ولكنه معرض للوعيد وصاحبه على خطر عظيم، فلا يستهان به؛ فما أكثر الواقعين فيه ممن يدعي العلم فضلاً عن غيرهم من العامة وأشباههم، وقد يترقى بصاحبه إلى الشرك الأكبر، فيجب التحرز منه.

أنواع الشرك الأصغر:

ينقسم الشرك الأصغر إلى نوعين:

1ـ شرك ظاهر. 2ـ شرك خفي.

أولاًً: الشرك الظاهر:

وهذا الشرك ينقسم إلى قسمين:

1ـ شرك في الأفعال. 2ـ شرك في الأقوال.

شرك الأفعال: كلبس الحلقة والخيط ونحوهما وتعليق التمائم والحروز والطلاسم من أجل اتقاء العين أو اتقاء الجن أو المرض أو المصائب ونحو ذلك، فهذا شرك أصغر، ولكنه مشروط؛ فإن اعتقد أن هذه الأشياء تستقل في النفع والضر فقد صار شركاً أكبر. أما إن اعتقد أنها مجرد سبب فقد جعل ما ليس سبباً سبباً؛ فهذا شرك أصغر.

شرك الأقوال: وذلك كالحلف بغير الله مثل أن يحلف بأبيه أو جده أو الكعبة أو وحياتي وحياة فلان، أو يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قول البعض مطرنا بنوء كذا، وكذا قول: ما شاء الله وشئت، أو لولا البط في الدار لسرقنا اللصوص، وما شابه ذلك.

ثانياً: الشرك الخفي:

والمراد به شرك الإرادات أي النيات، وهذ النوع أكثر أنواع الشرك وقوعاً، حيث لايسلم منه العالم فضلاً عن الجاهل إلا من رحم ربك، وهو البحر الذي لا ساحل له.

الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر:

الشرك الأكبر:

أن صاحبه خالد مخلد في النار

أنه يحبط الأعمال بالكلية

أن صاحبه حلال الدم والمال

أن الله تعالى لا يغفره إلا بالتوبة

منه قبل الممات

الشرك الأصغر:

لا يخلد صاحبه في النار

لا يحبط الأعمال بالكلية

أن صاحبه لا يحل دمه وماله

أن صاحبه بين المشيئة إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له

زيارة القبور([101])

شرع الله لعباده زيارة القبور حثاً لهم على الاستعداد للقائه وتسليةً لهم مما يحصل لهم في الدنيا، ولكن حينما شرع لعباده زيارة هذه القبور بيّن لهم أن هناك من الزيارات ما لم يكن مشروعاً لهم. فما هو المشروع إذاً، وما هو غير مشروع؟

أقسام زيارة القبور:

معلوم أن زيارة القبور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1ـ زيارة شرعية . 2ـ زيارة بدعية . 3ـ زيارة شركية .

1ـ الزيارة السنية أي الشرعية :

دليل هذه الزيارة حديث بريدة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة”([102]).

ولهذه الزيارة آداب:

أ ـ أن تكون نية الزائر لهذه الزيارة تذكرة الآخرة ليتعظ بالقبور.

ب ـ قصد الزيارة بالدعاء لنفسه وللأموات من المسلمين.

ج ـ أن لا تكون الزيارة مصحوبة بشد رحال، لنهيه صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لاتشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجدالحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصي”([103]).

2ـ الزيارة البدعية:

والمراد بها الزيارة التي قام بها صاحبها على غيرهدي النبيصلى الله عليه وسلم، فذهب لغرض الدعاء عندهم والصلاة كذلك عند قبورهم، أوالاعتكاف عند قبورهم ، أوالتوسل بجاه بعضهم عند الله تعالى، فيقول: اللهم إني أسألك بجاه فلان وهو ميت أو غائب ظناً منه أن صاحبه له جاه ومكانة عند الله ، فهذا وإن كان يرى أنه لم يَدعُ إلا الله ولم يعبد سواه، فهو قد عبد الله بغير ما شرع، وابتدع في الدين ماليس منه، واعتدى في دعائه، ودعا الله بغير ما أمره أن يدعوه به.

3ـ الزيارة الشركية:

وهي أن يقوم الزائر قاصداً المقبور نفسه، فيدعوه من دون الله بجلب نفع أو دفع ضر: كشفاء مريض، ورد غائب، أو نحو ذلك من قضاء الحاجات؛ فهذا قد أشرك بالله تعالى شركاً أكبر، لا يغفر له إلا بالتوبة منه.

قال الله تعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ*وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ(([104]). وقال أيضاً: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ([105]).

النفاق وأنواعه

معنى النفاق:

النفاق معناه في لغة العرب: إظهار الخير وإبطان الشر، أي إظهار الإيمان وإخفاء الكفر، وقد جاءت سورة التوبة التي تسمى الفاضحة ببيان ما عليه أهل النفاق، وحذرت المؤمنين من شرهم وما يخفونه من خبث وعداوة للمسلمين.

أنواع النفاق:

ينقسم النفاق إلى نوعين: أكبر وأصغر:

أولاً: النفاق الأكبر: والمراد به النفاق الاعتقادي، وهو ينقسم إلى ستة أقسام:

1ـ تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم.

2ـ تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

3ـ بغض الرسولصلى الله عليه وسلم.

4ـ بغض ما جاء به الرسولصلى الله عليه وسلم.

5ـ المسرة بانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم.

6ـ كراهية انتصار دين الرسولصلى الله عليه وسلم.

ثانياً النفاق الأصغر: ويراد به النفاق العملي:

وهو جريمة كبرى، وذنب عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولكنه لا يخرج صاحبه عن ملة الإسلام.

من أنواع النفاق الأصغر:

1ـ الكذب. 2ـ الغدر. 3 ـ الخيانة.

4ـ إخلاف الوعد. 5ـ الخصام المتبوع بالفجور.

دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “أية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان”. وفي رواية: “إذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر”([106]).

ومنه أيضاً التخلف عن صلاة الفجر والعشاء في جماعة المسلمين لغير عذر شرعي.

دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : “أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولوحبواً”([107])

السحروالشعوذة وغيرهما([108])

أولآ : حقيقة السحر:

السحر متحقق وقوعه ووجوده، ولو لم يكن موجوداً حقيقة لم ترد النواهي عنه في الشرع والوعيد على فاعله والعقوبات الدنيوية والأخروية على متعامليه والاستعاذة منه أمراً وخبراً، وقد أخبر الله أنه كان موجوداً في زمن فرعون، وأنه أراد أن يعارض به معجزات نبي الله موسى عليه السلام.

ثانياَ:هل له تأثير:

نعم للسحر تأثير، فمنه ما يمرض، ومنه ما يقتل، ومنه ما يأخذ بالعقول، ومنه ما يأخذ بالأبصار، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه، ولكن لا يستقل السحر بالتأثير بذاته، وإنما يؤثر بقضاء الله وقدره وخلقه وتكوينه؛ لأنه سبحانه خالق الخير والشر، والسحر من الشر، ولذلك قال سبحانه: )وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ(([109]).

ثالثا : ضرر السحر على الفرد والمجتمع:

أما ضرره على الإنسان: فهو يؤثر عليه في حياته الدينية والدنيوية؛ حيث يدعوه إلى ترك الطاعة وعصيان رب العالمين؛ فبسببه يذهب المرءُ إلى السحرة والمشعوذين لإيجاد الحلول المناسبة لشفائه؛ ومن ثم يقع في الشرك. قال صلى الله عليه وسلم: “من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد”([110]).

أما آثاره الدنيوية: فهو يمرض الإنسان أو يقتله أو يجعله في حيرة من أمره، فيجعله يتخبط في دنياه ليس له هدف مأمول، بل حياة كلها ألم وحزن.

أما تأثيره على المجتمع: فهو ظاهر وواضح؛ فالفرد لبنة من لبنات المجتمع، فإذا وجدنا أفراد الأمة قد أُصيبوا بهذا المرض فمن أين تكون رفعة الأمة وصلاحها. إن السحر تأثيره على المجتمع واضح وبين، فهو يزرعُ الشبه والشكوك في نفوس الناس ويورث البغضاء والحقد والحسد، لا سيما إذا علم الإنسان أنَّ فلاناً من الناس قد سحره؛ فإن ذلك يدعو للانتقام منه بكل وسيلة، وهنا يحصل الخلل في المجتمع، وينتشر العدوان والقتل، وتضيع الأخلاق الإسلامية التي ترفرف على المجتمع بالأمن والطمأنينة، ويحل محلها الذعر والخوف وحب الجريمة.

رابعاً: حكم السحر والسحرة:

أما حكم السحر: فقد حكم الله تعالى على متعلم السحر بالكفر في كتابه، فقال تعالى: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ(([111]). فتعلُّم السحر حرام، سواء تعلمه للعمل به أو ليتقيه، وقد جعله صلى الله عليه وسلم من السبع المهلكات فقال “اجتنبوا السبع الموبقات”([112]) وذكر منها السحر.

أما حكم الساحر: فاتفق جمهور أهل العلم على أن الساحر حكمه في شريعة الإسلام القتل، وهذا هو المروي عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فعن جندب موقوفاً: “حد الساحر ضربة بالسيف”([113]).

وعن بجالة بن عبدة قال: “كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن أقتلوا كل ساحر وساحرة” قال: “فقتلنا ثلاث سواحر”([114]) وعن حفصة ـ رضي الله عنهما ـ: “أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت”([115]).

خامساً : كيف تحصن نفسك من السحر([116])؟

1ـ تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى؛ وذلك بتجريد القلب من التعلق بغير الله تعالى، وكذا اجتناب الشرك بأنواعه، ويكون أيضاً باجتناب كبائر الذنوب وصغارها؛ فهذه الأمور لها تأثير كبير في دفع شرور السحرة بإذن الله تعالى.

2ـ الإخلاص: فتحقيق الإخلاص هو سبيل الخلاص من الشيطان.

قال تعالى على لسان الشيطان: )قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ(([117]).

3ـ التزام الجماعة: قال صلى الله عليه وسلم: “من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة؛ فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد”([118]).

4ـ المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة ولا سيما صلاة الفجر؛ وذلك لأن التهاون في صلاة الجماعة يسهل غواية الشيطان لابن آدم.

5ـ الاعتصام بالكتاب والسنة: فهذا أعظم سبيل للحماية من الشيطان؛ فالالتزام بالكتاب والسنة علماً وعملاً يكونان حرزاً للإنسان من شرور السحرة والكهان، روى ابن الجوزي بسنده عن الأعمش قال: “حدثنا رجل كان يكلم الجن، فقالوا: ليس علينا أشد ممن يتبع السنة، وأما أصحاب الأهواء فإنا نلعب بهم لعباً”([119]).

6ـ تقوى الله تعالى والإنابة إليه: قال الله تعالى: )وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ(([120]).

7ـ التوبة النصوح والتخلص من الآثام.

8ـ بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس: فمن الوسائل والسبل التي يتقى بها الشر بذل الصدقات للفقراء والمحتاجين؛ فإن في بذلها دفعاً لكثير من الشرور أو تخفيفها.

9ـ الرقى الشرعية ويشترط فيها:

1ـ أن تكون بكلام الله تعالى أو أسمائه وصفاته.

2ـ أن تكون باللسان العربي أو ما يعرف منه أو معناه.

3ـ أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل يعتقد أنها سبب والمؤثرهوالله تعالى.

المبحث الثاني : الصلاة

الطهارة

حكمها:

الطهارة واجبة بالكتاب والسنة.

قال الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا([121]).

وقال أيضاً: )إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ(([122]).

وقال صلى الله عليه وسلم : “مفتاح الصلاة الطهور”([123]).

أنواعها :

الطهارة نوعان : معنوية وحسية.

فالطهارة المعنوية : يراد بها تطهير النفس من آثار الذنب والمصية، وذلك بالتوبة الصادقة، وتطهير القلب من أقذار الشرك والشك والحسد والحقد والغل والكبر وحب الجاه والسلطان، ولا يكون ذلك التطهيرإلا بالإخلاص وحب الخير والحلم والتواضع والصدق وإردة وجه الله تعالى بالأعمال.

أما الطهارة الحسية: المراد بها طهارة الخبث وطهارة الحدث.

فطهارة الخبث: تكون بإزالة النجاسات بالماء الطهور من لباس المصلي وبدنه ومكان صلاته.

وطهارة الحدث: المراد بها الوضوء والغسل والتيمم.

قضاء الحاجة وآدابها:

لقضاء الحاجة آداب منها:

أولاً قبل التخلي:

يراعي من أراد قضاء حاجته هذه الآداب:

1ـ أن يطلب مكاناً خالياً من الناس بعيداً عن أنظارهم.

2ـ أن لا يدخل معه ما فيه ذكر الله.

3ـ أن يقدم رجله اليسرى عند الدخول إلى الخلاء.

4ـ أن يقول إذا أراد الدخول: بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

5ـ أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ستراً لعورته.

6ـ أن لا يجلس للغائط أو البول مستقبل القبلة أو مستدبرها.

7ـ أن لا يجلس للغائط أو البول في ظل الناس أو طريقهم أو مياههم أو أشجارهم المثمرة.

ثانياً الآداب التي تراعى بعد قضاء الحاجة وإرادة الخروج:

1ـ أن لا يستجمر بعظم أو روث، ولا بما فيه منفعة، ولا بما كان ذا حرمة: كمطعوم ونحوه.

2ـ أن لا يتمسح أو يستنجي بيمينه، أو يمس ذكره بها.

3ـ أن يقطع الاستجمار على وتر كأن يستجمر بثلاثة، فإن لم يحصل النقاء استجمر بخمس مثلاً.

4ـ إن جمع بين الماء والحجارة قدم الحجارة أولاً، ثُم استنجى بالماء وإن اكتفى بأحدهما أجزأه.

5ـ عند خروجه من الخلاء يقدم رجله اليمنى.

6ـ أن يقول عند خروجه: “غفرنك”.

الوضوء
قبل أن يبدأ العبد في الصلاة يجب أن يكون طاهراً من الحدث الأكبر والحدث الأصغر، ويرتفع الحدث الأكبر بالغسل والحدث الأصغر بالوضوء، وينوب التيمم عن الوضوء والغسل عند فقد الماء أو الضرر في استعماله.

معنى الوضوء:

هو استعمال الماء الطهور في الأعضاء الأربعة: (الوجه، واليدين، والرأس، والرجلين) على صفة مخصوصة جاءت بها نصوص الكتاب والسنة.

دليل الوضوء :

دليله من الكتاب :

قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا(([124]).

دليله من السنة:

قولهصلى الله عليه وسلم: “لاتقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ”([125]).

فضل الوضوء:

يشهد لما للوضوء من فضائل عظيمة ما جاءت به نصوص السنة المطهرة، وسنذكر بعضاً منها لبيان فضله.

قال الله تعالى في بيان فضله: )مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(([126]).

أما نصوص السنة فهي كثيرة، فمنها:

1ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول صلى الله عليه وسلم”إن أمتي يُدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء؛ فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل”([127]).

2ـ وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : “من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظافره”([128]).

3ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولصلى الله عليه وسلم قال: “إذا توضأ العبد المسلم ـ أوالمؤمن ـ فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياُ من الذنوب”([129]).

4ـ وعن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ ـ أو فيسبغ الوضوء ـ ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء”([130]).

زاد الترمذي: “اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين”.

فرائض الوضوء

فرائض الوضوء ستة:

1ـ غسل الوجه مرة واحدة من أعلى الجبهة إلى منتهى الذقن، ومن وتد الأذن إلى وتد الأذن، لقوله تعالى: )فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ(([131]).

ويدخل معه المضمضة والاستنشاق، لدخول الفم والأنف في حد الوجه، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر”([132]).

2ـ غسل اليدين إلى المرفقين، لقوله تعالى: )وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ(([133]).

3ـ مسح الرأس من الجبهة إلى القفا، لقوله تعالى: )وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ(([134]).

4ـ غسل الرجلين إلى الكعبين، لقوله تعالى: )وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ(([135]).

5ـ الترتيب: وذلك بأن يبدأ بالوجه أولاً ثم اليدين ثم يمسح الرأس ثم يغسل الرجلين لورودها مرتبة في أمر الله تعالى.

6ـ الموالاة: والمراد بها عمل الوضوء في وقت واحد بلا فاصل من الزمن، لكن إذا كان الفصل يسيراً يعفى عنه.

سنن الوضوء:
1ـ السواك.

2ـ غسل الكفين ثلاثاً، لكن إذا كان قائماً من نوم ليل فيجب غسلهما قبل أن يدخلهما في الإناء، لقولهصلى الله عليه وسلم: “إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده”([136]).

3ـ المضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه.

4ـ تخليل اللحية الكثيفة.

5ـ التيامن، وذلك بغسل الأعضاء اليمنى أولاً ثم اليسرى.

6ـ الدعاء بعد الفراغ من الوضوء.

7ـ صلاة ركعتين بعده، وهي التي تسمى سنة الوضوء.

مكروهات الوضوء:

1ـ الوضوء في المكان النجس خشية أن يتطاير إليه شيء من النجاسة.

2ـ الزيادة على الثلاث.

3ـ الإسراف في الماء.

4ـ ترك سنة أو أكثر من سنن الوضوء؛ لأنه يترتب على تركها ضياع أجر ينبغي عدم تفويته.

5ـ الوضوء بفضل المرأة.

صفة الوضوء:

للوضوء صفتان:

الأولى: صفة الوضوء المجزئ.

الثانية: صفة الوضوء الكامل.

1ـ صفة الوضوء المجزئ :

وهي أن ينوي الوضوء ثم يسمي فيقول: بسم الله، ثم يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه، ثم يديه إلى المرافق، ثم يمسح رأسه مع الأذنين، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين يغسل كل عضو من هذه الأعضاء مرة واحدة، فهذه صفة الوضوء المجزئ.

2ـ صفة الوضوء الكامل:

وهي أن ينوي ثم يسمي ويغسل كفيه ثلاثاً، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثاً بثلاث غرفات، ثم يغسل وجه ثلاثاً، ثم يغسل اليد اليمنى مع المرفق ثلاثاً، ثم اليسرى كذلك، ثم يمسح رأسه مرة واحدة من مقدمة الرأس إلى قفاه، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه، ثم يدخل يديه في صماخي أذنيه ويمسح بإبهامه ظاهرهما، ثم يغسل رجله اليمنى مع الكعب ثلاثاً، ثم اليسرى كذلك، فإذا فرغ من ذلك كله رفع بصره إلى السماء، ويقول: “أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله”.

نواقض الوضوء:

1ـ الخارج من السبيلين كالبول والغائط والريح.

2ـ زوال العقل بإغماء أو سكر أو جنون.

3ـ النوم الذي يزول معه الإحساس.

4ـ مس الذكر بشهوة بباطن الكف والأصابع.

5ـ الردة عن الإسلام.

6ـ أكل لحم الجزور.

7ـ مس الرجل المرأة بشهوة والعكس.

مسائل مهمة يحسن ذكرها:

المسألة الأولى: من تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة .

المسألة الثانية: من تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين وهو الحدث فليتطهر.

المسألة الثالثة: بول ما يؤكل لحمه وروثه، ومني الآدمي طاهر.

المسألة الرابعة: إذا شك المسلم في طهارة ماء أو نجاسته بنى على اليقين وهو أن الأصل في الأشياء الطهارة.

المسألة الخامسة: إذا اشتبه ماء طاهر بنجس تحرى ثم توضأ.

المسح على الخفين

1ـ تعريف الخفين:

الخفان: هما ما يُلبس على الرِّجل من الجلود، وما يلحق به من الكتان والصوف ونحوه.

2ـ دليل مشروعية المسح على الخفين:

قد تواترت نصوص السنة المطهرة ببيان ذلك الحكم، فمن هذه الأدلة:

عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين، وأن عبد الله بن عمر سئل عن ذلك. فقال: نعم. إذا حدثك شيئاً سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره([137]).

عن عمرو بن أمية الضمري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلميمسح على عمامته وخفيه([138]).

حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وفيه: ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال “دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين” ومسح على خفيه وصلى([139]).

3ـ شروط المسح على الخفين:

يشترط للمسح على الخفين أن يلبس على طهارة دليل ذلك حديث عروة بن المغيرة عن أبيه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه، فقال: “دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين” فمسح عليها”([140]).

وأن يكون الخف أو الجورب طاهراً فلو كان نجساً لا يصح المسح عليه.

وأن يكون ساتراً لمحل الفرض.

4ـ مدة المسح:

مدة المسح للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بليالهن، ويبدأ حساب زمن المسح من وقت البدء في المسح على الصحيح.

5ـ صفة المسح:

يدخل يده بالماء، ويمسح ظاهر الخف من أصابعه إلى ساقه مرة واحدة دون أسفله وعقبه.

6ـ مبطلات المسح:

1ـ إذا نزع الملبوس من القدم.

2ـ إذا لزمه غسل جنابة.

3ـ إذا تمت مدة المسح.

الغسل

موجبات الغسل:

1ـ الجنابة: وتشمل الجماع وهو التقاء الختانين ولو بدون إنزال ، والإنزال هو خروج المني دفقاً بلذة في نوم أو يقظة من رجل أو امرأة، لقول الله تعالى: )وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا(([141])

وقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل”([142])

2ـ انقطاع دم الحيض أوالنفاس: لقوله تعالى: )فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ(([143])

ولقولهصلى الله عليه وسلم:” امكثي قدر ما كانت تحسبك ثم اغتسلي”([144])

أن يقول (بسم الله)، ناوياً رفع الحدث الأكبر باغتساله، ثم يغسل كفيه ثلاثاً، ثم يستنجي فيغسل ما بفرجه وما حوله من أذى، ثم يتوضأ إلا رجليه؛ فإن له أن يغسلهما مع وضوئه، وله أن يؤخرهما إلى الفراغ من غسله، ثم يغسل رأسه مع أذنيه ثلاث مرات بثلاث غرفات، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن من أعلاه إلى أسفله، ثم الأيسر كذلك متتبعاً أثناء الغسل الأماكن الخفية كالسرة وتحت الإبطين والركبتين ونحوهما.

التيمم

وهو من خصائص الأمة الإسلامية وهو بدل طهارة الماء.

ومعناه: التعبد لله تعالى بقصد الصعيد الطيب لمسح الوجه والكفين.

متى يشرع التيمم؟

1ـ إذا لم يجد الماء.

2ـ إذا كان به جراحة أو مرض، وخاف أن يضره الماء.

3ـ إذا كان الماء شديد البرودة ولم يتمكن من تسخينه وخاف الضرر باستعمال الماء.

4ـ إذا احتاج إلى الماء لشربه أو شرب غيره وخاف العطش.

مبطلات التيمم:

1ـ وجود الماء 2ـ نواقض الوضوء السابقة.

صفة التيمم:

أن ينوي، ثم يسمي، ويضرب التراب مرة واحدة بباطن يده، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه.

الحيض والنفاس والاستحاضة

التعريف:

الحيض: هو دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة، فيخرج من فرج المرأة في أوقات معلومة، وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً.

النفاس: هو الدم الخارج من فرج المرأة بسبب الولادة، ولا حد لأقله؛ فمتى رأت النفساء الطهر اغتسلت وصلَّت.

المستحاضة: هي التي لا ينقطع عنها جريان الدم أكثر من خمسة عشر يوماً.

بعض أحكام الحائض والنفساء:

1ـ يحرم وطء الحائض والنفساء، لقوله تعالى: )وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ(([145])

2ـ يحرم عليهما الصلاة والصيام، غير أن الصوم يُقضى بعد الطهر، والصلاة لا

تقضى.

3ـ يحرم عليهما الطواف بالبيت حتى تطهر وتغتسل.

4ـ لا يجوز لهما أن يمسا المصحف إلا من وراء حائل من قفاز ونحوه.

حالات المستحاضة

للمستحاضة ثلاث حالات:

1ـ أن تكون مدة الحيض معروفة لها، فتجلس تلك المدة ثم تغتسل وتصلي.

2ـ أن تكون مدة الحيض غير معلومة؛ ولاتمييز لها فهذه تجلس مثل عادة قريباتها؛ فإن لم يكن لها قريبات جلست غالب الحيض ستّاً أو سبعاً.

3ـ أن لا تكون لهاعادة، ولكنها تستطيع تمييز دم الحيض الأسود من غيره؛ فإذا انقطع دم الحيض المميز اغتسلت وصلًّت.

بعض أحكام المستحاضة:

المستحاضة تغتسل وتصوم وتصلي غير أنها تتوضأ لكل صلاة، ويجوز لزوجها أن يجامعها. وبالجملة يجوز لها فعل ما منعت عنه أثناء حيضها.

الصلاة

أولاَََِ: تعريف الصلاة:

الصلاة هي صلة بين العبد وربه، يعلن فيها العبد لربه الطاعة والمحبة والخضوع والاستكانة، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ إذ هي عماد الدين، ونور اليقين، فيها طيب النفس، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب، وهي زاجرة عن فعل المنكرات، وسبب لتكفير السيئات.

ثانياً:حكم تاركها:

إذاكان منكراً لوجوبها غير معذور كفر لجحده،ولو فعلها لإنكاره ما علم من الدين بالضرورة وتكذيبه لله ورسوله؛ ويقتل لقوله صلى الله عليه وسلم :”من بدل دينه فاقتلوه”([146]) وتطبق عليه أحكام المرتد.

وإن كان معتقداً وجوبها وتركها تكاسلاً حتى خروج الوقت، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم. قيل: كافر كفراً مخرجاً من الملة يقتل إذا لم يتب ويصلِّ، وقيل: لا يكفر بل يفسق؛ فإن تاب وإلا قتل حدًا.

وقيل: لا يكفر ولا يقتل، بل يعزر ويحبس حتى يصلي أو يموت.

ثالثاَ : أركان الصلاة:

أركان الصلاة التي لا تصح الصلاة إلا بها أربعة عشر ركناَ هي:

1ـ القيام مع القدرة.

2ـ تكبيرة الإحرام.

3ـ قراءة الفاتحة.

4ـ الركوع.

5ـ الاعتدال منه.

6ـ السجود على الأعضاء السبعة (الوجه، اليدين، الركبتين، القدمين).

7ـ الاعتدال من السجود.

8ـ الجلوس بين السجدتين.

9ـ الطمأنينة لكل ما ذُكر.

10ـ التشهد الأخير.

11ـ الجلوس للتشهد الأخير.

12ـ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

13ـ الترتيب في هذه الأركان.

14ـ التسليم.

رابعاً: شروط الصلاة:

شروط الصلاة تسعة وهي:

1ـ الإسلام؛ فلا تصح من الكافر وإن كان يحاسب عليها على الصحيح.

2ـ العقل، فغير العاقل ليس أهلاً للتكليف.

3ـ التمييز.

4ـ دخول الوقت.

5ـ الطهارة من الحدث.

6ـ اجتناب النجاسات.

7ـ ستر العورة.

8ـ استقبال القبلة.

9ـ النية.

خامساً: واجبات الصلاة:

الواجب: هو ما أمر الشارع به على وجه الإلزام، وتبطل الصلاة بتركه عمداً، ويجبره حال السهو سجود السهو.

وواجبات الصلاة ثمانية:

1ـ التكبيرات عدا تكبيرة الإحرام.

2ـ قول: سمع الله لمن حمده.

3ـ قول: ربنا ولك الحمد.

4ـ قول: سبحان ربي العظيم في الركوع.

5ـ قول: سبحان ربي الأعلى في السجود.

6ـ سؤال الله المغفرة بين السجدتين.

7ـ التشهد الأول.

8ـ الجلوس للتشهد الأول.

سادساً: سنن الصلاة:

والمراد بها الأفعال المشروعة التي لاتبطل الصلاة بتركها عمداً ولا سهواً.

وسنن الصلاة كثيرة منها:

1ـ رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام.

2ـ رفع اليدين عند الركوع.

3ـ رفع اليدين عند الرفع من الركوع.

4ـ وضع اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر حال القيام.

5ـ النظر موضع السجود.

6ـ دعاء الاستفتاح.

7ـ التعوذ أي قول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وغيرها من السنن.

صلاة الجماعة

أولاً: فضلها:

وردت أدلة كثيرة في بيان فضل صلاة الجماعة منها:

1ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة”([147]).

2ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً…”([148]).

3ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ أعمى فقال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد؛ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته. فرخص له؛ فلما َولَّى دعاه فقال له: “هل تسمع النداء بالصلاة؟” قال: نعم، قال: “فأجبه”([149]).

ثانياً: حكمها:

صلاة الجماعة واجبة على الرجال حضراً وسفراً، لقوله تعالى: )وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ(([150]).

قال في شرع المنتهى:(والأمر للوجوب، وإذا كان ذلك مع الخوف فمع الأمن أولى، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:”أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولوحبواَ، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي رجال معهم حزم من الحطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار”([151])، ولقوله صلى الله عليه وسلم لما استأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له في بيته. قال: “هل تسمع النداء؟” قال: نعم، قال:”فأجب([152]))([153]).

ثالثاً: العدد المطلوب لانعقادها:

تنعقد صلاة الجماعة باثنين: إمام ومأموم ولو أنثى، لقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: “وليؤمكما أكبركما” ([154]).

رابعاً: الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة:

الخائف حدوث مرض، والمدافع لأحد الأخبثين، ومن له ضائع يرجوه أو يخاف ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه، أو خاف على مال استؤجر لحفظه([155]).

خامساً: بعض الأحكام التي تتعلق بالمأموم:

ـ يحرم أن يؤم بمسجد له إمام راتب إلا بإذنه ما لم يضق الوقت([156]).

ـ إذا أقيمت الصلاة للفريضة فلا يجوز الشروع في صلاة نفل، لقوله صلى الله عليه وسلم:”إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة” ([157]).

ـ يحرم على المأموم أن يركع أو يسجد قبل إمامه، فإن فعل لزمه أن يعود، ومن سابق الإمام في أي عمل من أعمال الصلاة فهو آثم، إلا إن كان جاهلاً أو ناسياً([158]).

ـ لا تصح صلاة المأموم الواحد خلف الصف إلا إذا كان الصف مكتملاً ولا مكان فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم:”لا صلاة لمنفرد خلف الصف” ([159]).

سادساً: بعض الأحكام التي تتعلق بالإمام:

ـ الأحق بالإمامة: الأقرأ لكتاب الله، ثم الأعلم بالسنة، ثم الأقدم هجرة، ثم أقدمهم إسلاماً، ثم الكبر سناً ([160]).

ـ يسن للإمام التخفيف في صلاته مراعاة للمريض والكبير وذوي الحاجة.

صلاة المريض

ـ يلزم أن يصلي المريض المكتوبة قائماً ولو مستنداً إلى جدار أو عصا، فإن لم يستطع فقاعداً، والمستحب في حقه عند صلاته قاعداً أن يجلس متربعاً، فإن لم يستطع أن يصلي قاعداً فعلى جنبه، فإن عجز صلى على حسب استطاعته ولو مستلقياًعلى ظهره لقوله تعالى: )فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ(([161])، ولقوله تعالى: )لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا(([162])، وإن لم يقدر على ذلك أومأ برأسه فإن لم يقدر أومأ بطرفه ونوى بقلبه ([163]).

ـ إذا شق على المريض فعل كل صلاة في وقتها، فله الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت أحدهما، والأفضل فعل الأرفق به في تقديم الجمع أو تأخيره.

ـ وإذا عجز المريض عن الوضوء وضأه غيره، وإذا كان في محل ولم يجد ماء ولا تراباً ولا من يحضر له الموجود منها صلى على حسب حاله، وليس له تأجيل للصلاة ([164]).

ـ على المرض استقبال القبلة بما يقدر عليه كوجهه ورجليه، فإن عجز عن ذلك صلى على حسب حاله.

صلاة الجمعة

أولاً: حكمها:

صلاة الجمعة واجبة، وفرضها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، وهي فرض عين، والظهر عوض عنها إن فاتت لعذر([165]).

ثانياً: على من تجب الجمعة:

تجب الجمعة بشروط ثمانية:

1ـ الإسلام.

2ـ البلوغ.

3ـ العقل.

4ـ الذكورية.

5ـ الحرية.

6ـ الاستيطان.

7ـ انتفاء الأعذار المسقطة للجماعة.

8ـ أن يكون مقيماً بمكان الجمعة أو قريباً منها([166]).

ثالثاً: الحكمة من مشروعيتها:

شرع الله لعباده صلاة الجمعة لتنبيههم لعظمة نعمة الله عليهم، وشرع فيها الخطبة لما تشتمل عليه من تذكيرهم بهذه النعم وحثهم على شكرها، وفي صلاة الجمعة تعليم وتوجيه وموعظة وتذكير وتجديد للعهد مع الله وإحياء لعاطفة الأخوة وتركيز

للوحدة وإظهار القوة([167]).

رابعاً: شروط صحة صلاة الجمعة:

1ـ الوقت: فلا تصح الجمعة قبل وقتها ولا بعده بالإجماع.

2ـ الجماعة: فلا تصح من مفرد.

3ـ الاستيطان.

4ـ أن يتقدم صلاة الجمعة خطبتان.

صلاة العيدين

أولاً: حكمها:

اختلف أهل العلم في حكم صلاة العيدين بعد اتفاقهم على مشروعيتها، فذهب البعض إلى أنها فرض كفاية، وذهب آخرون إلى أنها سنة مؤكدة، وأدلة كل فريق مبسوطة في كتب الفقه([168]).

ثانياً: وقت صلاة العيد:

ذهب عامة أهل العلم إلى أن وقت صلاة العيد هو ما بعد طلوع الشمس قدر رمح إلى زوال الشمس؛ حيث تحرم الصلاة وقت الشروق، وتكره بعده إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح([169]).

ثالثاً: مكانها:

السنة صلاةُ العيد في المصلى خارج البلد، وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم؛ هذا إذا لم يكن هناك عذر يمنع من صلاتها في المصلى([170]).

رابعاً: صفتها:
صلاة العيد ركعتان، يكبر للأولى بتكبيرة الإحرام كسائرالصلوات، ثم يكبربعدها ست تكبيرات، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة الأعلى أو أن يقرأ بسورة (ق)؛ فإذا فرغ من القراءة كبر وركع، ثم إذا أكمل الركعة وقام وكبر من السجود ثم كبر خمساً متوالية، فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة بفاتحة الكتاب وسورة الغاشية وإن قرأ بسورة القمر فهذا أيضاً سنة؛ غير أنه قرأ في الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى) فإنه يقرأ في الثانية بـ (هل آتاك حديث الغاشية) وإن قرأ في الأولى بـ (ق والقرآن المجيد) يقرأ في الثانية بـ (اقتربت الساعة وانشق القمر)([171]).

صلاة الكسوف

الكسوف والخسوف:

كسوف الشمس وخسوف القمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده لينظر ما يحدث منهم من توبة ورجوع إليه وهما مظهر من مظاهر قدرة الخالق سبحانه وتعالى.

وليعلم أن الكسوف والخسوف لا يحدثان لحياة أحد أو موت أحد، وإنما يحصلان بسبب ما يجنيه الناس من ذنوب ومعاصٍ في حق ملك الملوك سبحانه وتعالى.

صفة صلاة الكسوف:

ينادى لها ليلاً ونهاراً بقول: (الصلاة جامعة).

ثم يكبر الإمام ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة جهراً، ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يرفع من الركوع ويقرأ الفاتحة، ثم سورة أقل من الأولى، ثم يركع أقل من الركوع الأول ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين طويلتين الأولى أطول من الثانية ثم يقوم ويأتي بالركعة الثانية على هيئة الأولى لكنها أخف([172]).

صلاة الاستسقاء

شرع الله لعباده المؤمنين إذا أجدبت الأرض وانحبس المطر أن يفزعوا إليه ويتضرعوا ويستسقونه ويستغيثوه، ويكون ذلك بالصلاة جماعة أو فرادى أو بالدعاء في خطب الجمعة، وهذا كله يدل على فقر بني آدم وحاجتهم إلى ربهم. قال تعالى: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ(([173]).

حكم صلاة الاستسقاء:

هي سنة مؤكدة ثابتة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه رضي الله عنهم، وأجمع المسلمون على مشروعيتها([174]).

صفة صلاة الاستسقاء:

صفة صلاة الاستسقاء كصفة صلاة العيد من كونها ركعتين ومن كونها تصلى في المصلى والجهر بالقراءة فيها ومن كونها تصلى قبل الخطبة، ونحو ذلك.

صلاة التطوع
من حكمة الله ورحمته بخلقه أن شرع لهم صلاة التطوع، وجعل لكل عبادة واجبة تطوعاً من جنسها، ليكون جبراً لما قد يقع في الفرائض من نقص.

وصلاة التطوع ليست واجبة يطالب المكلف بفعلها، بل هي زيادة خير له.

وصلاة التطوع تنقسم إلى قسمين:

1ـ راتبة مؤكدة. 2ـ وراتبة غير مؤكدة.

فالمؤكدة: هي التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حال الحضر، ودعا إلى فعلها، ولكنه كان يتركها قليلاً، وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.

أما الصلاة غير المؤكدة: فهي التي كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً، ولكن يغلب عليه صلى الله عليه وسلم تركها مثل ركعتين أو أربع قبل العصر، وركعتين قبل المغرب، وركعتين قبل العشاء، فهذه سنن غير مؤكدة.

صلاة الجنازة

أولاً مشروعيتها:

صلاة الجنازة شرعها الله سبحانه وتعالى تكريماً لأرواح المسلمين الذين انتقلوا من دار العمل إلى دار الحساب، وهي شعيرة عظيمة منَّ الله تعالى بها على عباده المؤمنين، فهي تدل على محبة بعضهم بعضاً، لأنها تشتمل على أسمى معاني الأخوة، ففيها الدعاء من المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب وفيها اتباع لجنازته حتى يدفن، وهذا عنوان على قوة الرباط الديني، فيالها من شعيرة! ما أعظمها! نسأل الله تعالى أن يرحم موتى المسلمين إنه سميع قريب.

ثانياً: حكم صلاة الجنازة:

صلاة الجنازة فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط عن الباقين؛ لأنه الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم، وكذلك من قوله([175]).

ثالثاً: شروط صلاة الجنازة:

يشترط لصلاة الجنازة ما يشترط للصلاة المكتوبة من النية والتكليف واشتراط القبلة وستر العورة وطهارة الثوب والبدن والمكان وإسلام المصلي.

ويشترط للميت: إسلامه وطهارته وحضوره بين يدي المصلي إن كان بالبلد.

رابعاً: أركان صلاة الجنازة:

1ـ القيام مع القدرة.

2ـ التكبيرات الأربع.

3ـ قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى.

4ـ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية.

5ـ الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة.

6ـ ترتيب الأركان.

7ـ التسليم.

خامساً: صفة صلاة الجنازة:

يقف الإمام عند رأس الرجل ووسط المرأة، ثم يقف المأمومون خلفه، ثم يكبر الأولى فيقرأ الفاتحة، ثم يكبرالثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبرالثالثة فيدعو للميت ولنفسه وللوالدين والمسلمين، ثم يكبر الرابعة ويقف بعدها قليلاً ثم يسلم عن يمينه واحدة.

سادساً: بعض المسائل المهمة في صلاة الجنازة([176]).

1ـ من فاته شيء من التكبير قضاه على صفته، وإن لم يقضه وسلم مع الإمام صحت صلاته.

2ـ إذا اختلطت جنائز المسلمين والكفار جازالصلاة على الكل، ونوى الصلاة على المسلمين.

3ـ السقط إذا بلغ أربعة أشهر ثم مات غسل وصُلِّي عليه.

4ـ من تعذرغسله لاحتراق أوتمزق ييمَّم، وتجوزالصلاة على بعض أجزاء الميت.

5ـ من دفن ولم يصل عليه صُلِّي عليه وهو في قبره.

المبحث الثالث: الزكاة

أولاً: تعريف الزكاة:

هي حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص، لتحقيق رضا الله وتزكية النفس والمال والمجتمع([177]).

ثانياً: أهميتها وحكمة تشريعها:

للزكاة أهمية عظيمة في الإسلام، ولذا كانت الحكمة في تشريعها تدل دلالة واضحة على أهميتها، ولذا سنذكر جوانب عدة من حكمة تشريعها، والمتأمل في هذه الحكم سيرى أهمية هذا الركن العظيم.

بيان بعض حكم تشريع الزكاة:

1ـ تطهير النفس البشرية من رذيلة البخل والشح والشره والطمع.

2ـ مواساة الفقراء وسد حاجات المعوزين والبؤساء والمحرومين.

3ـ إقامة المصالح العامة التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها.

4ـ الحد من تضخم الأموال عند الأغنياء وبأيدي التجار والمحترفين، كيلا تحصر الأموال في طائفة محدودة أو تكون دولة بين الأغنياء.

5ـ أنها تجعل المجتمع الإسلامي كأنه أسرة واحدة يعطف فيها القادر على العاجز والغني على المعسر.

6ـ أنها تطفئ حرارة ثورة الفقراء وحقدهم على الأغنياء.

7ـ أنها تمنع الجرائم المالية مثل السرقات والنهب أو السطو.

8ـ أنها تزكي المال أي تنميه.

9ـ أنها سبب لنزول الخيرات([178]).

ثالثاً: أدلة وجوبها:

جاءت نصوص الكتاب والسنة لتدل دلالة واضحة على وجوب الزكاة، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنها إحدى دعائم الإسلام القوية التي بُني عليها، ولذا كانت الركن الثالث من أركان هذا الدين. وهذه بعض الدلة على وجوبها:

أدلة الكتاب:

قوله تعالى: وأقيموا الصلاة وآتو الزكاة واكعوا مع الراكعين([179]).

وقوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ([180])

وقوله تعالى: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ([181]).

وأدلة السنة منها:

1ـ حديث جبريل المشهور وفيه: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة، وتوتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً”([182]).

2ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً”([183]).

فهذه بعض نصوص الكتاب والسنة التي تدل دلالة واضحة على أن الزكاة هي أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام التي لا يتم الإسلام إلا به([184]).

رابعاً: الفرق بين الزكاة والضريبة([185]).

1ـ الزكاة تدفع بنية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا المعنى غير قائم بالنسبة للضريبة؛ لأنها التزام وإلزام مدني محض.

2ـ الزكاة حق قدره الشارع على عكس الضريبة؛ فهي تحدد من قبل ولي الأمر، يزيد فيها متى شاء كيف شاء ما يرى فيه المصلحة.

3ـ الزكاة يتعين توزيعها في مصارفها الشرعية التي حددها الله، أما الضريبة فهي تجمع لخزانة الدولة، وتنفق في المصالح المختلفة للدولة.

4ـ الزكاة فريضة ثابتة دائمة ما دام في الأرض إسلام ومسلمون أما الضريبة فليس لها صفة الثبات والدوام ([186]).

خامساً: هل تغني الضريبة عن الزكاة؟

من خلال الفروق السابقة بين الزكاة والضريبة يتبين لنا أنه لا يمكن بأي حال أن تغني الضريبة عن الزكاة، فإننا لو أجزنا ذلك لحكمنا بالأعدام على هذا الركن، أعني ركن الزكاة؛ فلا يجوز إطلاقاً أن تقوم الضريبة مقام الزكاة؛ لأن الزكاة تصرف في مصارف خاصة لا يجوز أن تتعداها إلى غيرها، وهي خاضعة لقيود خاصة في تحصيلها وفرضها ومن تجب عليه وغير ذلك مما ذكر.

فخلاصة القول: 

أن الضريبة لا تقوم مقام الزكاة، وهذا هو رأي المحققين من أهل العلم([187]). لأن الزكاة تشريع من الله والضريبة من وضع البشر.

سادساً: شروط الزكاة:

الشروط التي تتعلق بالمزكي:

1ـ الإسلام.

2ـ التكليف.

3ـ الحرية.

4ـ النية.

الشروط التي تتعلق بالمال نفسه:

1ـ الملك التام للمال.

2ـ نماء المال.

3ـ بلوغ المال نصاباً.

4ـ حولان الحول على المال.

5ـ أن يكون فاضلاً عن حوائجه الأصلية([188]).

سابعاَ: حكم مانع الزكاة:

لا يخلو مانع الزكاة من أمرين:

الأمر الأول: أن يمنعها إنكاراً لوجوبها وفرضيتها، وهذا لا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون حديث عهد بإسلام أو نشأ في بادية؛ فهنا لا يحكم بكفره إلا بعد قيام الحجة عليه، بل يعرَّف بوجوبها ثم تؤخذ منه قهراً، فإن جحدها بعد ذلك حكم بكفره وقُوتل حتى تؤخذ منه.

الحالة الثانية: أن يكون مما لا يخفى عليه أمرها لكونه في بلد إسلامي مثلاً فإنه في هذه الحالة يحكم بكفره ويقاتل على منعها.

الأمر الثاني: أن يمنع الزكاة بخلاً مع اعترافه بوجوبها.

فإنه لا يحكم بكفره بل تؤخذ منه قهراً ويعزر حسب ما يراه الحاكم، هذا إذا كان الإمام عادلاً يصرف الزكاة في مصارفها الشرعية، ولا يأخذ أكثر مما توجبه الزكاة، أما إن كان الإمام ظالماً فإنه لا يعزر وتؤخذ منه ([189]).

ثامناً: الأموال التي تجب فيها الزكاة:

تجب الزكاة في أربعة أشياء:

1ـ الذهب والفضة وما يقوم مقامهما:

فالذهب شرط زكاته أن يحول عليه الحول، وأن يبلغ نصاباً، فنصاب الذهب عشرون دينارأً، والواجب فيه ربع العشر، ففي كل عشرين ديناراً نصف دينار، وما زاد فبحسابه قل أو كثر.

وقد ثبت لي أن العشرين ديناراً تساوي سبعين جراماً من الذهب فيكون الواجب فيها (1.75جرام).

الفضة: وشرطها أن يحول عليها الحول وأن تبلغ النصاب، ونصابها خمس أواق، والأوقية أربعون درهماً، فيكون نصابها مائتي درهم، والواجب فيها ربع العشر كالذهب، ففي مائتي درهم خمسة دراهم وما زاد فبحسابه.

وقد ثبت لي أن نصاب الفضة بالجرامات يساوي (460) جراماً والواجب فيها ربع العشر وهو يساوي (11.5) جرام.

إخراج زكاة الذهب والفضة بالعملات الورقية المتداولة:

إذا ملك المسلم نصاباً من الذهب أوالفضة، وأراد أن يخرج زكاتها بالعملات الورقية المتداولة لزمه الآتي:

أـ أن يسأل عن سعر الجرام من الذهب والفضة حال وجوب الزكاة عليه.

بـ أن يخرج حاصل ضرب سعر الجرام من الذهب أوالفضة في ربع العشر مما يملك.

النصاب بالعملات المتداولة:

قد يظن ظان أنه ما دام أنه لا يملك ذهباً ولا فضة، لا تجب عليه الزكاة؛ لأن النصوص الشرعية إنما وردت فيها. نقول له: هذا ظن فاسد، بل كل من كان عنده ما يساوي (70) جراماً من الذهب أو(460) جراماً من الفضة فقد وجبت عليه الزكاة، فيزكي ما عنده بنسبة ربع العشر أي (2.5%) أي: يجب عليه اثنان ونصف في المائة مما يملكه من نقود.

2ـ الماشية:

والمراد بها هنا بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم.

شروط زكاة الماشية:

أـ أن تبلغ النصاب فنصاب الإبل خمس، والغنم أربعون شاة، والبقر ثلاثون بقرة، وما دون ذلك فلا زكاة فيها.

ب ـ أن يحول عليها الحول عند مالكها.

ج ـ أن تكون الأنعام سائمة، والمرد بها التي ترعى أكثر العام.

د ـ أن لا تكون عاملة، وهي التي يستخدمها صاحبها في حرث وغيره([190]).

جداول توضح نصاب زكاة الأنعام والواجب إخراجها منها

جدول ببيان زكاة الإبل:

من إلى الواجب

5 إلى 9 شاة

10 إلى 14 شاتان

15 إلى 19 ثلاث شياه

20 إلى 24 أربع شياه

25 إلى 35 بنت مخاض (ما لها سنة ودخلت في الثانية)

36 إلى 45 ابن لبون ( ما له سنتان ودخل في الثالثة)

46 إلى 60 حقه ( ما تم له ثلاث سنين ودخل في الرابعة)

61 إلى 75 جذعة (ما أتم أربع سنين ودخل في الخامسة)

76 إلى 90 بنتا لبون

91 إلى 121 حقتان

جدول ببيان زكاة البقر:

من إلى الواجب

30 إلى 39 عجل تبيع (ما كان له سنة كاملة)

40 إلى 59 مسنة (ما تم له سنتان كاملتان)

60 إلى 69 تبيعان

70 إلى 79 مسنة وتبيع

جدول ببيان زكاة الغنم:

من إلى الواجب

40 إلى 120 شاة

121 إلى 200 شاتان

201 إلى 399 ثلاث شياه

400 إلى 499 أربع شياه

500 إلى 599 خمس شياه

3ـ عروض التجارة:

أ ـ تعريفها:

كل ما يعد للبيع والشراء بقصد الربح.

ب ـ شروط عروض التجارة:

0الملك التام لهذه العروض.

0بلوغ عروض التجارة النصاب، وذلك بتقويمها بأحد النقدين.

0حَوَلان الحول على هذه العروض([191]).

ج ـ القدر الواجب في عروض التجارة:

يجب فيها ربع العشر مهما كانت، وهو اثنان ونصف في المائة([192]).

دـ أنواع عروض التجارة:

عروض التجارة نوعان:

مُدَارَة: (أي التي تباع ولا ينظر بها ارتفاع الأسعار).

ومحتكرة: (وهي التي ينتظر بها غلاء الأسعار).

فإن كانت مدارة فهي كما وضحناه سابقًا، وإن كانت محتكرة زكاها يوم بيعها لسنة واحدة، ولو مكثت أعواماً عنده ينتظر بها غلاء الأسعار.

4ـ الزروع والثمار:

أـ ما تجب فيه الزكاة من الزروع والثمار:

تجب زكاة الزروع والثمار في الحنطة والشعير والزبيب والتمر. واختلف في غير هذه الأربعة هل تجب بها الزكاة أم لا؟ جمهور أهل العلم يرون وجوبها في غير الأربعة المذكورة.

والذي نراه هو كل ما يقتات ويدخرتجب فيه الزكاة وما عداه فلا تجب([193]).

ب ـ نصاب زكاة الزروع والثمار:

نصاب الزروع والثمار هي خمسة أوسق فأكثر فلا يجب فيما دون ذلك؛ ودليل ذلك قوله:” ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة “([194])، وهي تعادل(675) كيلو جرام.

ج ـ تنبيهات في زكاة الزروع والثمار:

0 يشترط للحب والثمر أن يزهو الثمر ـ يصفر أو يحمر ـ0 وأن يفرك الحب، وأن يطيب العنب والزيتون.

0 إن كانت الزروع والثمار تسقى بلا كلفة أي عثرية ( التي تشرب من ماء الأرض بدون سقي) أوتسقى بماء العيون والأنهار؛ فالواجب بها العشر. وإن كانت تسقى بكلفة كأن تسقى بالدلاء أوالسواقي ونحوها؛ فالواجب فيها نصف العشر، لقوله :صلى الله عليه وسلم”فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وفيما سُقي بالنضح نصف العشر”([195]).

0 من كان يسقي مرة بآلة ومرة بدونها الواجب عليه ثلاثة أرباع العشر([196]).

مسائل عامة في الزكاة:

المسألة الأولى: من كان له دين على مليء فيخرج زكاته إذا قبضه لما مضى، والأفضل أن يزكيه قبل قبضه، وإن كان الدَّين على معسر فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة إذا حال عليه الحول([197]).

المسألة الثانية: الأوقاف التي على جهة خيرية عامة كالمساجد والمدارس ونحوها ليس فيها زكاة.

المسألة الثالثة: الدوروالعقارات والسيارات والآلات ونحوها إذا كانت معدة للتجارة فتقدر قيمتها وفيها ربع العشر إذا حال عليها الحول، وإن كانت معدة للأجرة فالزكاة على الأجرة ربع العشر إذا حال عليها الحول([198]).

السألة الرابعة: الدين لا يمنع وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة ([199]).

المسألة الخامسة: من مات ولم يخرج زكاته أخرجها الوارث من التركة قبل قسمتها([200]).

المسألة السادسة: من ملك قسطًا من الذهب لم يبلغ النصاب وآخر من الفضة لم يبلغ النصاب يجمعهما معًا، فإذا بلغا نصابًا زكاهما معًا كلاً بحسابه، كما يجزئ إخراج أحد النقدين عن الآخر، وقيل بعدم ضم النقدين كلاهما للآخر، وهذا اختيار شيخنا محمد الصالح العثيمين([201]) رحمه الله.

السألة السابعة: في الركاز: المراد به دفن الجاهلية؛ فمن وجد في داره مالاً مدفونًا من أموال الجاهلية وجب عليه أن يزكيه بدفع خمسه إلى الفقراء والمساكين([202]).

لقوله:صلى الله عليه وسلم” في الركاز الخمس”([203]) متفق عليه.

المسألة الثامنة: هل يشترط للركاز بلوغ النصاب وحلول الحول؟ الصحيح الذي تعضده الأدلة هو اعتبار النصاب كسائر الزكوات وعدم اعتبار الحول لحصوله دفعة واحدة، فأشبه الزروع والثمار([204]).

المسألة التاسعة: زكاة الأسهم والسندات :

أولاَ : تعريف الأسهم والسندات:

الأسهم: هي حقوق مالية يمتلكها الأفراد في شركات أومؤسسات ويقبض أرباحها حسب نظام المؤسسة أوالشركة.

السندات: هي تعهد مكتوب من جهة معينة كاملة بسداد مبلغ مقدر من قرض في تاريخ معين نظير فائدة مقدرة.

ثانياَ: كيف تخرج زكاة الأسهم والسندات؟

1ـ زكاة الأسهم:

صاحب الأسهم مخير بين أمرين:

الأمرالأول: مخير أن يزكي رأس ماله كل سنة، وإذا قبض الربح زكَّاه لما مضى أو لعام واحد على خلاف بين أهل العلم.

الأمرالثاني: أن يسأل رأس كل حول عن قيمة أسهمه ويزكيها حسب ما يفيده به القائمون على الشركة أو المؤسسة التي ساهم فيها أوما يفيده به أهل الخبرة سواء كانت رابحة أوخاسرة.

وزكاتها زكاة النقدين إذا بلغت نصابًا وهو ربع العشر (5, 2%)([205]).

2ـ زكاة السندات:

ذكرنا أن السندات هي ديون مؤجلة، وعلى ذلك تكون زكاتها كما ذكرنا في زكاة الدّين؛ بمعنى أنها إن كانت الديون على موسرين زكاها كغيرها من الأموال الموجودة عنده إذا حال عليها الحول. أما إن كانت على معسرين فزكاتها حين قبضها لما مضى.

السألة العاشرة: في المال المستفاد:

والمراد المال المستفاد بربح تجارة أو نتاج حيوان فهذا يزكى بزكاة أصله، ولا يلتفت إلى الحول فيه.

فإن كان المستفاد من غير ربح تجارة أو نتاج حيوان استقبل به إن كان نصابًا حولاً كاملاً ثم زكاه، فمن وُهِبَ له مال أو ورثه لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول.

المسألة الحادية عشرة: هل يجب إخراج الزكاة على الفورية؟

الراجح وجوبها على الفورية، فمتى بلغت النصاب وحال عليها الحول وجب أخراجها فورًا؛ لأن الأصل في الأوامر الفوريةُ.

لكنَّ هناك أمرًا آخر، وهو أنه يجوز أن يؤخرها لمصلحة وليس لضرر. فمثلاً في رمضان يكثر إخراج الزكاة ويغتني الفقراء أو أكثرهم، لكن في أيام الشتاء التي لا توافق رمضان يكونون أشد حاجة، ويقل من يخرج الزكاة فيها؛ فلهذا يجوز تأخيرها للمصلحة المترتبة على إخرجها ولكن بشرطين:

الأول: أن يبرزها عن ماله.

الثاني: أن يكتب وثيقة يبين فيها ذلك.

وأيضًا مما يجوز فيه تأخير الزكاة هو التحري من أجل أن يتعرف على مستحقيها؛ وذلك نظرًا لضياع الأمانة في وقتنا الحاضر([206]).

تاسعَا: مصارف الزكاة:

المراد بمصارف الزكاة: بيان من تصرف لهم، وبمعنى آخر بيان المستحقين لها.

وقد حدد الله تعالى المستحقين لها وقصر الا ستحقاق بين ثمانية، وهم:

1ـ الفقراء. 2ـ المساكين.

3ـ العاملون عليها. 4ـ المؤلفة قلوبهم.

5ـ في الرقاب. 6ـ الغارمون.

7ـ في سبيل الله. 8ـ ابن السبيل.

1ـ الفقراء:

الفقير: هو من لا يجد شيئاً أصلاً، وقيل من له أدنى شيئ من المال، ولكنه لا يكفيه.

والمعتبر في الفقر ليس كفاية الشخص وحده، بل كفايته وكفاية من يعوله، والمعتبر أيضاً ليس فقط ما يكفيه للأكل والشرب والسكن والكسوة فحسب، بل يشمل حتى الإعفاف، فلو فرض أن الإنسان محتاج إلى الزواج وعنده ما يكفيه لأكله وشربه وكسوته وسكنه لكن ليس عنده ما يكفيه من المهر فإنه يعطى من الزكاة ما يكفيه ولو كان كثيراً([207]).

مسألة في الفقير:

لوأن رجلاً قادراً على التكسب ليس عنده مال ويريد أن يتفرغ لطلب العلم هل يعطى من الزكاة؟

نعم يعطى من الزكاة؛ لأن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله([208]).

2ـ المساكين:

المسكين: هو من كان أخف فقراً من الفقير، ولكن ما عنده لا يكفيه لسد حاجته، وقد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه، ولا يُفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس”([209]). والمسكين يتبع الفقير في الحكم.

3ـ العاملون عليها:

وهم الذين يبعثهم الإمام لجباية الصدقات؛ فهؤلاء يعطيهم الإمام ما يكفيهم هم وأعوانهم مدة ذهابهم وإيابهم، فهؤلاء يعطون أجر عملهم وإن كانوا أغنياء غير محتاجين.

4ـ المؤلفة قلوبهم:

وهؤلاء هم السادات المطاعون في عشائرهم؛ فهم الذين يطلب تأليف قلوبهم على أمور ثلاثة، وهي:

أـ رجاء إسلامه بحيث يكون كافراً فيرجى إسلامه، أما إن كان لا يرجى إسلامه فلا يعطى من الزكاة، ويعرف من يرجى إسلامه ببعض القرائن منها أن نعرف أنه يميل للمسلمين أو أنه يطلب كتباً أو ما شابه ذلك.

ب ـ أن يرجى كف شره بمعنى أن يكون شريراً على المسلمين وعلى أموالهم وأعراضهم، فيعطى لكف شره.

ج ـ أن يرجى بعطيته قوة إيمانه، كأن يكون رجلاً ضعيف الإيمان عنده تهاون في بعض الواجبات، فيعطى ليقوى إيمانه.

5ـ الرِّقاب:

وهم على أنواع:

أ ـ المكاتبون وهم الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم فيعطى من الزكاة ليكون حراً بعد ذلك.

ب ـ أن يكون مسلماً وأسيراً في أيدي أعداء المسلمين فيعطى من الزكاة لفك أسره.

ج ـ أن يكون رقيقاً فيشترى ليعتق.

6ـ الغارمون:

الغارم: وهو المدين الذي تحمَّل ديناً في غير معصية الله ورسوله. ويتعذر عليه تسديده فيعطى من الزكاة ما يسد به دينه.

والغارمون نوعان :

الأول: لإصلاح ذات البين، وهو أن يكون بين جماعة وأخرى عداوة وفتنة، فيصلح بينهما، لكن قد لا يمكن من الإصلاح إلا ببذل المال، فيقول: أنا ألتزم لكل واحد منكم بكذا من المال بشرط الصلح. ويوافقون على ذلك، فيعطى هذا الرجل من الزكاة ما يدفع به هذه العداوة ولو كان غنياً.

الثاني: الغارم لنفسه مع الفقر أي لشيئ يخصه مع الفقر فهنا فقره للعجز عن الوفاء وإن كان عنده ما يكفيه ويكفي عياله.

مسألة: في إبراء الغريم الفقير بنية الزكاة:

هذه المسألة صورتها رجل له مدين فقير يطلبه بمبلغ معين، وكان الدائن عليه من الزكاة نفس المبلغ الذي هو على الغريم، فهل يسقط الدائن المبلغ الذي هوعلى المدين بنية الزكاة؟

الصحيح أنه لا يجوز ولا يجزئ ذلك؛ لأن الزكاة أخذ وإعطاء، ولأن هذا بمنزلة إخراج الخبيث من الطيب.

7 ـ في سبيل الله:

وهم الغزاة وأسلحتهم وكل ما يعينهم على الجهاد في سبيل الله، فهؤلاء يعطون من الزكاة.

وقد أدخل بعض أهل العلم أعمال الخير والبر مما هو في سبيل الله؛ وهذا فيه نظر؛ إذ لو كان صحيحًا لبينه القرآن الكريم. ولبينته سنة النبيصلى الله عليه وسلم، فالصحيح هو قصره على المجاهدين في سبيل الله وكل ما يعين على الجهاد في سبيل الله وما عداه فلا([210]).

8ـ ابن السبيل:

وابن السبيل هو المسافر المنقطع به وليس معه ما يوصله إلى بلده، فيعطى من الزكاة ما يسد حاجته في غربته وإن كان غنيًا في بلاده، نظرًا لما عرض له من الفقر في حال سفره وانقطاعه بشرط أن يكون السفرمباحًا؛ لأن سفرالمعصية فيه إعانة على الشر.

من لا يجوز إخراج الزكاة لهم :

1 ـ الأغنياء.

2ـ الكفار؛ وذلك لأن في صرفها لهم إعانة لهم على كفرهم وإقرارهم عليه.

3ـ من تجب عليه نفقته كالزوجة والآباء والأمهات والأجداد والجدات, ولا إلى

الفروع من الأولاد وأولاد الأولاد.

4ـ آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب, وقيل: بنو هاشم فقط.

زكاة الفطر

حكمها :

أنها واجبة على أعيان المسلمين, لقول ابن عمر رضي الله عنهما: ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر في رمضان صاعاً من تمرأوصاعاً من شعير على العبد والحر والذكروالأنثى والصغيروالكبير من المسلمين “([211]).

الحكمة في تشريعها:

1ـ أنها إحسان للفقراء وكف لهم عن السؤال في أيام العيد, ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم.

2ـ فيها تطير للصائم مما يحصل في صيامه من نقص ولغو وإثم.

وقت إخراجها:

يجب إخرجها بحلول ليلة العيد, وأوقات إخرجها: وقت جواز, ووقت فضيلة.

أما وقت الجواز: فهو إخرجها قبل يوم العيد بيوم أويومين, أما وقت الفضيلة: وهو من بعد صلاة فجر يوم العيد إلى قبيل صلاة العيد.

مصارف زكاة الفطر:

تدفع زكاة الفطر للفقراء والمساكين.

ولكن هل هي خاصة لفقراء بلد المزكي؟

الصحيح أنه يجوز نقلها تحقيقاً للمصلحة العامة للمسلمين .

هل يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر ؟

الصحيح أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر ؛ لأنها عبادة مفروضة من جنس معين , فلا يجوز إخراجها من غير الجنس المعين([212]).

المبحث الرابع: الصيام

شرع الله الصيام، وجعله رابع أركان الإسلام، وجاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تبين أحكامه وتوضح معالمه بصورة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وسنقف مع طرف مما يتعلق بالصيام في هذه الصفحات التالية:

تعريف الصيام في اللغة:

الصوم في اللغة يطلق على الكف عن الشيء، والامتناع والترك، ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم:

إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِ([213]).

قال أهل اللغة([214]): صام صومًا وصيامًا: أمسك عن الطعام والشراب والنكاح، ومنه قيل للفرس: صائم لإمساكه عن العلف.

تعريف الصيام في الا صطلاح:

هوالإمساك بنية التعبد لله عن أشياء مخصوصة في زمن معين من شخص مخصوص بشروط خاصة.

يدل على ذلك قوله تعالى:

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ([215]).

فالصوم لا يصح إلا بنية ومن طلوع الفجر إلى غروب الشمس بشروط خاصة لا يصح الصيام إلا بها.

مكانة الصيام في الإسلام:

1ـ الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو من أفضل العبادات؛ لأن الله اختصه لنفسه، فقال في الحديث القدسي:”كل عمل ابن آدم له إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به..”([216]).

2ـ الصوم سرٍّ بين العبد وخالقه، يتمثل فيه عنصر المراقبة الصادقة في ضمير المؤمن؛ إذ لا يمكن أن يتطرق له الرياء بحال؛ فهو يربي في المؤمن مراقبة الله وخشيته؛ وتلك غاية نبيلة وهدف سام تقصر دونه مطامع كثير من الناس([217]).

3ـ أنه يعود الأمة النظام والاتحاد وحب العدل والمساواة، ويكوّن في المؤمنين عاطفة الرحمة وخلق الإحسان، كما يصون المجتمع من الشرور والمفاسد.

4ـ أن الصيام يجعل المسلم يشعر ويحس بآلام أخيه، فيدفعه ذلك إلى البذل والإحسان إلى الفقراء والمساكين، فتتحقق بذلك المحبة والأخوة بين المسلمين.

5ـ الصيام تدريب عملي على ضبط النفس وتحمل المسؤولية وتحمل المشاق.

فضائل الصيام:

نحمد الله أنه لا تخلو عبادة من العبادات التي يتعبد بها المسلم لربه سبحانه من فضائل؛ فللصلاة والزكاة فضائل، وكذا للحج، وكذلك الصوم.

فمن فضائل الصوم:

1ـ أنه وقاية للإنسان من الوقوع في الإثم، وأنه يجزى به الخيرالكثير، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم، مرتين. والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه من أجلي، الصيام لي، وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها”([218]).

2ـ أنه تكفير للذنوب والآثام: عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة” ([219]).

3ـ أنه خصه الله تعالى بباب لا يدخل منه أحد إلا الصائمون. عن سهل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد”([220]).

دليل وجوب الصوم:

صيام رمضان أحد أركان الإسلام وفرض من أهم فرائض الله معلوم من الدين بالضرورة مجمع عليه بين المسلمين، وقد دل على فرضيته الكتاب والسنة والإجماع.

الكتاب: قال الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ(

إلى قوله: )وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(([221]).

السنة:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا”([222]).

الإجماع:

فقد أجمعت الأمة على أن الصيام ركن من أركان الإسلام، وأنه معلوم من الدين بالضرورة، بل وأجمعوا على أن من أنكر وجوبه كفر([223]).

على من يجب الصوم؟

يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر خال من الموانع.

فقولنا: (على كل مسلم) خرج منه الكافر، فلا يجب عليه الصوم، ولا يصح منه؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة، ومتى أسلم لزمه الصيام من حين إسلامه ولا يقضي ما مضى.

وقولنا: (عاقل) خرج منه ضده، وهو فاقد العقل كالمجنون والمعتوه وكذا المهذري أي المخرف.

وقولنا: (بالغ) خرج منه الصغير الذي لم يبلغ، وذلك لرفع القلم عنه حتى يبلغ.

ويحصل البلوغ بواحدة من ثلاث:

1ـ إنزال المني من احتلام أو غيره.

2ـ نبات شعر العانة.

3ـ بلوغ تمام خمسة عشر سنة([224]).

وقولنا: (مقيم) ضده المسافر، فلا يجب عليه الصوم، بل هو مخير بين الفطر والصيام، والأفضل له فعل الأيسرعليه.

وقولنا: (قادر) خرج به العاجز على الصيام لمرض أو كبر، فلا يجب عليه الصيام، بل يقضيه بعد رمضان، والكبير يطعم عن كل يوم مسكيناً.

وقولنا: (خال من الموانع) أي خالٍ من موانع الصوم: كالحيض والنفاس للمرأة([225]).

رؤية هلال رمضان وأحكامها:

أولاً: بم يثبت دخول شهر رمضان؟

يثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين:

الأول: رؤية هلاله.

الثاني: إتمام شعبان ثلاثين يوماً.

ثانياً: بم تثبت الرؤية لهلال رمضان؟

تثبت رؤية هلال رمضان بشهادة عدل وخروجه بشهادة اثنين، ويشترط لقبول الشهادة بالرؤية أن يكون الشاهد بالغاً عاقلاً مسلماً موثوقاً بخبره لأمانته وبصره([226]).

ثالثاً: صيام يوم الشك:

يوم الشك هو ليلة الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ فيها الهلال لغيم أو قتر أوغير ذلك.َ والصحيح من أقوال أهل العلم وجوب الفطر فيه حال الغيم والقتر لقوله صلى الله عليه وسلم:”فإن غم عليكم فاقدروا له”([227]) ولقوله صلى الله عليه وسلم : “فأكملوا شعبان ثلاثين”([228]).

الأعذار المبيحة للفطر:

1ـ السفر: قال الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)([229]). فهذا نص صريح في إباحة الفطر للمسافر وأن عليه القضاء بقدر الأيام التي أفطرها.

2ـ العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً لا يرجى زواله: لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)([230]). وقوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)([231]).

ولكنه متى أفطر وجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً([232]).

3ـ المريض مرضاً برؤه: هذا رخص له الشارع الفطر، وأوجب عليه القضاء.

وهذا القسم له ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم.

الحالة الثانية: أن يشق عليه الصوم ولا يضره، فيفطر ولا ينبغي له الصوم، لأنه خروج عن رخصة الله تعالى وتعذيب لنفسه.

الحالة الثالثة: أن يضره الصوم فيجب عليه الفطر، ولا يجوز له الصوم،

لقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)([233]).

4ـ الحائض والنفساء: يحرم على الحائض والنفساء الصوم، ولو صامتا لم يصح منهما، ويجب عليهما القضاء بعدد الأيام التي أفطرتا فيها([234]).

أما دليل عدم صيامها: حيث أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؛ فذلك نقصان دينها”([235]).

أما دليل وجوب القضاء عليها: قوله تعالى: ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)([236]).

وحديث عائشة رضي الله عنها وفيه: “كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة”([237]).

5ـ الحامل والمرضع: ولهما ثلاث حالات:

الحالة الأولى: إذا خافتا على نفسيهما وولديهما أفطرتا وقضتا، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : “إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم، وعن الحبلى والمرضع الصوم”([238]).

الحالة الثانية: إذا خافتا على ولديهما فقط لزمهما مع القضاء الكفارة على الصحيح من كلام أهل العلم.

الحالة الثالثة: أن تخافا على نفسيهما فقط، فتقضيان فقط يعني لا زيادة على

ذلك([239]).

مفسدات الصوم:

يفسد الصوم بحصول أحد هذه المفسدات السبع:

1ـ الجماع.

2ـ إنزال المني.

3ـ الأكل والشرب عمداً.

4ـ ما كان بمعنى الأكل والشرب كحقن الدم بحيث يستغني عن الأكل والشرب، وكذا الإبرة المغذية.

5ـ القيء عمداً، أما إذا خرج القيء من غير اختياره فإنه لا يؤثرعلى صيامه.

6ـ الحجامه، وهي شرط الجلد المتصل قصداً لإخراج الدم من الجسد دون العروق.

7ـ خروج دم الحيض والنفاس([240]).

آداب الصيام:

للصوم آداب واجبة ومستحبة([241]).

الآداب الواجبة هي:

1ـ أن يجتنب الصائم الكذب؛ لأنه محرم في كل وقت، وفي وقت الصيام أشد تحريماً.

2ـ أن يجتنب الصائم الغيبة.

3ـ اجتناب النميمة، وهي نقل الكلام من شخص لآخر. بغية حصول الإفساد بينهما؛ فهي من كبائر الذنوب.

4ـ اجتناب الغش في جميع المعاملات من بيع وإجارة وصناعة وغير ذلك.

5ـ اجتناب الصائم شهادة الزور؛ لأنها مما ينافي الصوم لقوله صلى الله عليه وسلم: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه([242]).

الآداب المستحبة للصائم:

1ـ السحور: يسن للصائم التسحر، لقوله صلى الله عليه وسلم :”تسحروا؛ فإن في السحور بركة”([243]).

2ـ تأخيره أي تأخير السحور؛ لأنه ثابت من فعله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن زيد بن ثابت قال: “تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة” قال أنس بن مالك لزيد: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال:”قدر خمسين آية”([244]).

3- تعجيل الفطر لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر))([245]).

4- حفظ اللسان عن فضول الكلام.

5- غض البصر عما حرم الله، لأن للعين صياماً كسائر الجوارح وصيامها غضها عن الحرام.

6- كثرة قراءة القرآن والذكر الدعاء والصلاة والصدقة([246]).

التراويح

صلاة التراويح سنة للرجال والنساء، تؤدى عقب صلاة العشاء، ويستمر وقتها إلى آخر الليل، وتصلى جماعة وفرادى، والجماعة أفضل.

ودليل فضلها قوله:”صلى الله عليه وسلم من قام رمضان إيمانََا واحتسابَا غفر له ما تقدم من ذنبه”([247]) .

أما عدد ركعاتها: أرجح الأقوال فيها أنها إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة مع طول القيام والركوع والسجود، دليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها حين سألت عن صلاة النبيr في رمضان، فقالت:” ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً لا تَسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً”([248]) .

أما كونها ثلاث عشرة لما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم : “ثلاث عشرة ركعة يعني بالليل”([249]).

صوم التطوع

والمراد به الصوم المندوب، الذي وردت النصوص باستحبابه، وهو:

1ـ صيام ستة أيام من شوال، لقوله صلى الله عليه وسلم :”من صام رمضان، ثم أتبعه ستَا من شوال كان كصيام الدهر”([250]).

2ـ صيام يوم عرفة لغير الحاج، لقوله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم :”صيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية”([251]).

3ـ صيام يوم عاشوراء مع يوم قبله أو يوم بعده لقوله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عاشوراء: “يكفر السنة الماضية”([252]).

4ـ صيام أيام البيض، وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، لقوله صلى الله عليه وسلم في فضلها: “صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله”([253]).

5ـ صوم يومي الإثنين والخميس، لقوله صلى الله عليه وسلم : “تعرض الأعمال يومي الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم”([254]).

6ـ الإكثار من الصيام في شهري شعبان والمحرم لقوله صلى الله عليه وسلم : “أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم …”([255]) . ولقول عائشة رضي الله عنها: “لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان…”([256]).

7ـ صيام يوم وإفطار يوم، لقوله صلى الله عليه وسلم :”أحب الصيام إلى الله صيام داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً”([257]).

الآثار المترتبة على صوم النافلة:

من الآثار المترتبة على صوم النافلة:

1ـ أنه مما يتقرب به العبد لربه؛ لأن معاودة الصيام بعد رمضان علامة على قبول العمل إن شاء الله.

2ـ الصيام بعد رمضان علامة على شكر العبد لربه سبحانه وتعالى: لأن صيام رمضان إيماناً واحتساباً يوجب مغفرة الذنوب قبله، ولذا شرع الصيام بعده، شكراً لله على هذه النعمة.

3ـ صيام النافلة عهد من المسلم لربه بأن موسم الطاعة مستمر وأن الحياة كلها عبادة.

4ـ نافلة الصوم سبب في محبة الله لعبده وإجابة دعائه وتكفير سيئاته.

أسأل الله تعالى أن يضاعف لنا الأجر، وأن يرحمنا برحمته إنه سميع قريب مجيب.

المبحث الخامس: الحج

تعريف الحج:

هو قصد البيت الحرام في زمن مخصوص بنية لأداء المناسك من طواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها([258]).

الأصل في مشروعيته:

جاءت نصوص الكتاب والسنة على فرضيته، وانعقد إجماع الأمة على ذلك.

فمن أدلة الكتاب:

قوله تعالى: )وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ(([259]).

ومن أدلة السنة:

حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”بني الإسلام على خمس” وذكر منها الحج ([260]).

وكذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا”، فقال رجل: أكل عام يارسول الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قالها ثلاثاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم”([261]).

وأدلة الكتاب والسنة كثيرة في ذلك.

أما الإجماع فقد نقل الإجماع على فرضية الحج غير واحد من أهل العلم، منهم الكاساني في بدائع الصنائع([262]). وابن قدامة في المغني([263]).

فضائل الحج:

للحج فضائل عظيمة بينتها نصوص الكتاب والسنة، ونذكر بعض نصوص السنة التي وردت في فضائل الحج فمن هذه الفضائل:

1ـ أنه يهدم ما كان قبله من الشرك والكفر وسائر الذنوب والمعاصي.

دليل ذلك: عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:.. فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك. فبسط يمينه. قال: فقبضت يدي، قال: “مالك ياعمرو”؟ قال: قلت أردت أن اشترط, قال:”تشترط بماذا؟” قلت: أن يُغفَرلي، قال: “أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟”([264]).

2ـ أن الحاج يعود من حجه كيوم ولدته أمه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”([265]).

3ـ الحج ضرب من ضروب الجهاد وهو أفضلها:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يارسول الله! نرى الجهاد أفضل الأعمال؛ أفلا نجاهد؟ قال: “لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور”([266]).

4ـ الفوز بأعلى المطالب وهي الجنة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “… والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”([267]).

أهداف الحج:

للحج أهدافه العظيمة التي من أجلها شرع، ولو أردنا أن نحصي أهدافه ما استطعنا، ولكن نذكر بعض الأهداف التي من أجلها شرع، فمنها:

1ـ الحج فيه امتثال لأوامر الله واستجابة لندائه، هذه الاستجابة وهذا الامتثال تتجلى فيهما الطاعة الخالصة والإسلام الحق.

2ـ الحج فيه ارتباط بروح الوحي؛ إذ أن الديار المقدسة هي مهبط الوحي، وكلما ارتبط المسلمون بهذه البقاع الطاهرة كلما كانوا أقرب إلى الرعيل الأول، الذين جاهدوا في سبيل الله وبلغوا شرعه.

3ـ في الحج إعلان عملي لمبدأ المساواة بين الناس، وذلك حينما يقف الناس موقفاً واحداً في صعيد عرفات، لا تفاضل بينهم في أي عرض من أعراض الدنيا.

4ـ في الحج توثيق لمبدأ التعارف والتعاون، حيث يقوى التعارف ويتم التشاور ويحصل تبادل الآراء، وذلك بالنهوض بالأمة ورفع مكانتها القيادية([268]).

شروط الحج:

يشترط للحج شروط خمسة وهي:

1ـ الإسلام: فلا يصح من الكافر، فإن الشارع رتب وجوب التكاليف الشرعية على من نطق بالشهادتين.

2ـ العقل: فلا يصح من المجنون؛ لأن العقل شرط للتكليف. والمجنون ليس مكلفاً، فلا يجب عليه الحج.

3ـ البلوغ: فالصبي قبل بلوغه غير مكلف للحج، فإذا حج صح حجه، ولكن لا يكفيه عن حجة الإسلام.

4ـ الحرية: فالرق مسقط لوجوب الحج، فلو حج حال رقه صح حجه تطوعاً، ويلزمه حجة الإسلام؛ هذا عند كثير من أهل العلم، وقيل: تكفيه عن حجة الإسلام([269]).

5ـ الاستطاعة: فهي شرط لوجوب الحج، لقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً([270]).

الاستطاعة قسمان([271]).

قسم يشترك فيه الرجال والنساء.

وقسم يختص به النساء.

القسم الأول: فيما يشترك فيه الرجال والنساء، وهي أربع خصال:

1ـ القدرة على الراحة والزاد.

2ـ صحة البدن.

3ـ أمن الطريق.

4ـ إمكان السير.

القسم الثاني: فيما يشترط في الاستطاعة مما يختص به النساء.
كما ذكرنا أنه يشترط للاستطاعة للرجال والنساء نفس الشروط سابقة الذكر، ولكن يختص النساء بشرطين آخرين هما:

1ـ اشترط المحرم.

2ـ أن لا تكون المرأة معتدة([272]).

مواقيت الحج:

المواقيت التي وقتها الله للحج والعمرة نوعان:

ميقات زماني يختص به الحج عن العمرة، ويبدأ من شهر شوال إلى العاشر من ذي الحجة، قال الله تعالى في ذلك )الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ(([273]).

أما العمرة فليس لها توقيت زماني؛ فله أن يحرم بها متى شاء.

الميقات المكاني: وهو يشمل الحج والعمرة.

والمراد بها الحدود التي لا يجوز للحاج أن يتعداها إلى مكة بدون إحرام، وهي:

1ـ ذو الحُليفة: وهي ميقات أهل المدينة.

2ـ الجُحفَة: وهي ميقات لأهل الشام ومصر والمغرب.

3ـ قرن المنازل: وهو ميقات لأهل نجد ويسمى الآن بالسيل الكبير.

4ـ يلملم: وهو ميقات لأهل اليمن.

5ـ ذات عرق: وهو ميقات لأهل العراق وأهل المشرق.

بعض المسائل المهمة بالنسبة للمواقيت:

المسألة الأولى:

هذه المواقيت سابقة الذكر يحرم منها أهلها المذكورون، ويحرم منها من مربها من غيرهم وهو يريد حجًا أوعمرة.

المسألة الثانية:

من كان منزله دون هذه المواقيت، فإنه يحرم من منزله للحج أو العمرة، ومن حج من أهل مكة فإنه يحرم من مكة، ولا يحتاجون إلى الخروج للميقات للإحرام منه بالحج، أما العمرة فإنهم يخرجون للإحرام بها من أدنى الحل.

المسألة الثالثة:

من كان مسافرًا بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى هذه المواقيت من الجو، ولا يجوز له تأخير الإحرام إلى أن يهبط إلى مطار جدة كما يفعله بعض الحجاج؛ فإن جدة ليست ميقاتًا وليست محلاً للإحرام؛

فمن فعل ذلك فقد ترك واجبًا من واجبات الحج وعليه الفدية.

المسألة الربعة:

من تعدى الميقات بدون إحرام يجب عليه الرجوع إليه، ويحرم منه؛ لأنه واجب يمكنه إدراكه، فلا يجوز تركه فإن لم يرجع وأحرم من دونه فعليه فدية.

مناسك الحج:

الإحرام:

تعريف الإحرم وحكمه:

الإحرام هو أول ركن من أركان الحج والمراد به نية الدخول في النسك، وسمِّي بالإحرام؛ لأن المسلم يحرِّمُ على نفسه بنيته ما كان مباحًا له قبل الإحرام من النكاح والطيب وتقليم الأظفار وحلق الرأس وأشياء من اللباس.

أنواع الإحرام:

أنواع الإحرام ثلاثة هي:

1ـ التمتع: وهو أن ينوي العمرة وحدها في أشهر الحج؛ ثم إذا انتهى منها وتحلل أحرم بالحج من عامه هذا، ويقول في هذا النوع من الإحرام: (لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج).

2ـ القران: وهو قرن الحج بالعمرة، يعني ينوي أداءهما معاً بإحرام واحد وسفر واحد، ويقول في هذه الحالة: (لبيك عمرة وحجاً).

3ـ الإفراد: وهو أن ينوي أداء الحج وحده، فيقول: (لبيك حجاً).

تنبيه: يلزم المتمتع والقارن هدي، وأما المفرد فلا شيء عليه.

واجبات الإحرام:

للإحرام واجبان على الرجال، أما النساء فيجب عليهن واحد فقط، وهما:

1ـ الإحرام من الميقات لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وفعله.

2ـ التجرد من المخيط في حق الرجال.

وليعلم أنه متى ترك الحاج واجباً من واجبات الإحرام فإنه يطالب بفدية وهي على التخيير صيام ثلاثة أيام أو طعام ستة مساكين أو ذبح شاة. توزع على فقراء الحرم، جبراً لما أصاب إحرامه من خلل بترك الواجب.

سنن الإحرام:

1ـ الاغتسال: فكل من أراد الإحرام استحب له الغسل حتى الحائض والنفساء.

2ـ تقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب وحلق شعر العانة ومس الطيب قبل الإحرام.

3ـ الإحرام في رداء وإزار أبيضين.

4ـ التلبية من حين إحرامه حتى يبدأ بالطواف بالبيت.

5ـ وقوع الإحرام بعد صلاة، والأفضل أن تكون فريضة([274]).

محظورات الإحرام:

أولاً ما يحرم على الذكور والإناث:

1ـ إزالة الشعر من الرأس وكذا سائر الجسد بحلق أو غيره.

2ـ تقليم الأظفار من اليدين أوالرجلين.

3ـ استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أوالبدن وغيرهما.

4ـ الجماع ودواعيه كعقد النكاح والنظر بشهوة ونحوه.

5ـ لبس القفازين وهما شراب اليدين.

6ـ قتل الصيد والمراد به الحيوان البري المتوحش.

ثانياً: ما يحرم على الذكور دون الإناث:

1ـ لبس المخيط كالثياب ونحوها.

2ـ تغطية الرأس بملاصق بعمامة أو غترة أو طاقية وغير ذلك.

ثالثاً: ما يحرم على الإناث دون الذكور:

وهو شيء واحد فقط وهو: النقاب، وهو ما يسمى بالبرقع، وهو غطاء تغطي به المرأة وجهها، فيه نقبان على العينين، فلا تلبسه المحرمة بل تغطي المحرمة وجهها بغيره من الخمار والجلباب([275]).

التلبية:

معنى التلبية:

هي قول الحاج أو المعتمر: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).

حكمها:

سنة عقب الإحرام، وتنتهي حين يستلم المحرم الحجر الأسود ويبدأ بالطواف.

الطواف:

تعريف الطواف:

هو دوران الحاج أو المعتمر حول الكعبة سبع مرات بنية التعبد بذلك، مبتدئاً بالحجر الأسود منتهياً به، جاعلاً الكعبة عن يساره.

حكمه:

يختلف حكم الطواف باختلاف نوعه.

أولاً: طواف القدوم، وهو مستحب لمن دخل المسجد الحرام.

ثانياً: طواف العمرة، والإفاضة كلاهما ركن من أركانهما.

ثالثاً: طواف الوداع، وهو واجب من واجبات الحج.

شروط الطواف:

1ـ النية عند الشروع في الطواف.

2ـ الطهارة من الحدث والخبث.

3ـ سترة العورة.

4ـ كون الطواف داخل المسجد الحرام.

5ـ أن يكون الطواف حول البيت فلو طاف من الحطيم لم يصح طوافه.

6ـ أن يكون البيت عن يساره فإن كان عن يمينه لم يصح.

7ـ أن يبدأ بالحجر الأسود فإن بدأ من غيره لم يصح. لكن لو بدأ قبله لم يعتد إلا من الحجر فقط.

8ـ أن يكون الطواف سبعة أشواط.

9ـ الموالاة في ذلك إلا من عذر كصلاة فريضة أو تعب ونحوه.

سنن الطواف:

1ـ الرَّمَل وهو سنة في حق الرجال فقط، وذلك في طواف القدوم خاصة في الأشواط الثلاثة منه.

2ـ الاضطباع في طواف القدوم فقط.

3ـ تقبيل الحجر الأسود.

4ـ عدم الكلام أثناء الطواف إلا لحاجة.

5ـ الدعاء والذكر ونحوه.

6ـ استلام الركن اليماني باليد دون تقبيله.

7ـ صلاة ركعتين بعد الطواف.

8ـ الشرب من ماء زمزم بعد الفراغ من الركعتين.

السعي:

حكم السعي:

السعي هو ركن من أركان الحج لا يتم إلا به.

شروطه:

يشترط لصحة السعي ما يلي:

1ـ أن يكون بعد طواف صحيح.

2ـ الترتيب وذلك بأن يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة.

3ـ كون السعي سبعة أشواط كاملة.

الوقوف بعرفة:

حكمه:

الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا يتم حج المسلم إلا به، لقوله صلى الله عليه وسلم : “الحج عرفة”([276]).

حكم من فاته الوقوف بعرفة:

من فاته الوقوف بعرفة فإنه يتحلل بعمل عمرة أي ينقلب حجه إلى عمرة، وتسقط عنه توابع الوقوف بعرفة كالمبيت بمزدلفة وبمنى ورمي الجمار، فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر وعليه قضاء الحج الذي فاته وإن كان مندوباً، وعليه أيضاً ذبح شاة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع لأهله.

مسائل تتعلق بالوقوف بعرفة:

المسألة الأولى: من دفع من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دم لتركه واجباً.

المسألة الثانية: من تأخر فلم يستطع الوقوف إلا ليلاً فلا شيء عليه؛ لأنه معذور.

المسألة الثالثة: يصح الوقوف من الحائض والنفساء والمحدث؛ لأنه لا يشترط للوقوف بعرفة طهارة.

المبيت بمزدلفة:

حكم المبيت بمزدلفة:

المبيت بها واجب من واجبات الحج من تركه لزمه أن يجبره بدم([277]).

حكم من ترك المبيت بمزدلفة:

إن تركه لعذر كمن لم يتيسر له أن يقف بعرفة إلا آخر الليل فلا شيء عليه وحجه صحيح.

وإن تركه لغير عذر فعليه دم، وهذا هو قول جمهور أهل العلم.

رمي الجمرات([278]):

حكم رمي الجمرات:

ذهب جماهير أهل العلم إلى وجوب رمي الجمار؛ فمن تركها أو ترك بعضاً منها لزمه دم.

وقت الرمي:

أما جمرة العقبة فإنه يبدأ بعد طلوع الشمس من يوم النحر، ويستمر إلى غروب الشمس أما الضعفة فلهم أن يرموا بعد الدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس.

أما أيام التشريق فيبدأ وقت الرمي بعد الزوال, ولا يجوز قبله, ويستمر حتى غروب الشمس.

مسألة:

ويجوزالرمي بالليل يوم النحر وفي يومي التشريق، وذلك لشدة الزحام وكثرة الناس وهذا ما عليه الفتوى في الوقت الحاضر.

شروط رمي الجمرات:

1ـ أن تكون سبع حصيات لكل جمرة.

2ـ أن تكون سبع رميات، فلو رماها دفعة واحدة أو دفعتين ونحوه وقعت واحدة.

3ـ أن يكون الرمي بحصيات؛ فلا يجوز غيرها.

4ـ أن يتحقق من وقوع الحصيات في المرمى(الحوض).

5ـ الترتيب بين الجمرات؛ وذلك بأن يبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة الكبرى.

حكم الإنابة في الرمي:

1ـ يجوز لولي الصغير أن يرمي عنه إذا خاف عليه من الزحام.

2ـ يجوز للعاجز لكبر أو مرض أو حمل ونحوه أن يوكل غيره، شريطة أن يكون الوكيل حاجاً([279]).

الحلق أو التقصير:

حكمها:

واجبان من واجبات الحج، يجبران بدم، لقوله تعالى:

)لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ(([280]).

زمان الحلق:

زمان الحلق أيام النحر، ويجوز تأخيره إلى آخر أيام التشريق.

بعض مسأل الحلق والتقصير:

المسألة الأولى: اتفق أهل العلم على أن الحلق أو التقصير جائز وكاف في تحقيق النسك.

المسألة الثانية: اتفق أهل العلم على أن الحلق أفضل من التقصير إلا في حق التمتع؛ فإنه يقصر ويؤخر الحلق للحج.

المسألة الثالثة: الراجح وجوب تعميم الرأس بالحلق أو التقصير؛ لأنه أحوط في أداء العبادة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم استوعب رأسه بالحلق.

ذبح الهدي:

المراد به:

ما يقدمه الحاج أو المعتمر تقرباً إلى الله من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم ([281]).

أقسامه:

ينقسم إلى قسمين:

1ـ هدي شكران.

2ـ هدي جبران.

1ـ أما هدي الشكران: وهو الهدي الواجب على المتمتع والقارن، شكراً لله تعالى أن وفقه لأداء هذه الشعيرة العظيمة، وحكمه واجب.

2ـ هدي الجبران: أي لجبر الخلل الواقع في الحج أو العمرة، وذلك بترك واجب من واجبات الحج أو بارتكاب محظور من المحظورات، وكذا الهدي الواجب للإحصار، وهذا القسم من الهدي واجب.

ويختلف هدي الشكران عن الجبران في أن الأول (هدي الشكران) يجوز بل يستحب أن يأكل منه الحاج. أما الثاني (هدي الجبران) فلا يجوز أن يأكل منه، بل يجب التصدق به على فقراء الحرم.

الشروط التي يجب توافرها في الهدي:

1ـ أن يكون من بهيمة الأنعام.

2ـ أن يكون سليماً خالياً من العيوب.

3ـ أن يكون عمر الإبل خمس سنوات، والبقر سنتين، والمعز سنة، والضأن ستة أشهر.

المبيت بمنى:

حكمه:

ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب المبيت بمنى؛ وعلى ذلك فمن ترك المبيت بمنى لزمه الفدية، سواء ترك الليالي كلها أو ترك ليلة واحدة([282]).

عمن يسقط المبيت بمنى:

يسقط عن المريض أو من يقوم على شؤونه، وكذا المرابطين في المهمات الرسمية التي تتعلق بمصالح الحجاج، ويكون ذلك بتقدير أهل العلم المعتبرين.

المبيت المطلوب:

والمراد به أن يقضي الحاج بمنى معظم الليل ليلتي الحادي عشر والثاني عشر إن تعجل، وليلة الثالث عشر إن تأخر.

أخطاء يقع فيها بعض الحجاج ([283]):

هذه جملة من الأخطاء التي قد يقع فيها البعض أحببنا التنبيه عليها:

1ـ أن يقصد الحج بحجه التكسب أو الرياء والسمعة والمفاخرة.

2ـ سفر المرأة بغير محرم، وهذا يحصل كثيراً مع الخادمات اللواتي يأتين بغير محرم ثم يؤدين فريضة الحج.

3ـ اصطحاب بعض الآلات المحرمة كآلات التصوير وكذا الغناء ونحوه؛ فإننا نجد بعض الحجاج بعد لبس ملابس الإحرام يطلب من غيره أخذ صورة فوتوغرافية وهذا خطأ ظاهر.

4ـ بعض الحجاج يعتقد بأنه لا يجوز له لبس الحذاء والساعة والنظارة وغير ذلك مما يحتاجه، وهذا خطأ، فالصحيح أنه لا حرج في ذلك.

5ـ بعض الحجاج يظن أن الإحرام يبدأ من حين لبس ملابس الإحرام، فيمتنع عن محظورات الإحرام بمجرد لبس ملابس الإحرام، والصحيح أن الإحرام يبدأ بنية الإحرام لا بمجرد اللبس.

6ـ أكثر الحجاج يلتزمون بأدعية خاصة عند الطواف، سواء كانوا فرادى أو جماعات، وهذا خطأ، فليس للطواف دعاء خاص.

7ـ بعض الحجاج يقبل الركن اليماني وهذا خطأ؛ فالركن اليماني يُستلم، فإن لم يتيسر استلامه فإنه لا يشير إليه كما يفعله البعض.

8ـ بعض الحجاج حال الزحام يدخلون وسط الحطيم الذي يسمَّى (حجر إسماعيل) فهؤلاء أخلوا بطوافهم؛ لأن الحجر من الكعبة.

9ـ بعض الحجاج يبقى مضطبعاً بعد الطواف ويصلي ركعتي الطواف، وهو على هذه الحالة وهذا خطأ بل ينبغي أن يستر كتفيه.

10ـ بعض الحجاج يظن أن ركعتي الطواف لابد أن تكونا خلف المقام، وهذا غير صحيح، بل في أي مكان من المسجد صلاها أجزأته؛ فلا ينبغي للحجاج أن يؤذوا إخوانهم فيزاحموهم بغرض أداء هاتين الركعتين.

العمرة وأحكامها

تعريف العمرة:

هي التعبد لله بالطواف بالبيت وبالصفا والمروة والحلق أو التقصير([284]).

حكم العمرة:

الصحيح من أقوال أهل العلم أنها واجبة([285]).

لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ حينما سألت النبي صلى الله عليه وسلم : هل على النساء جهاد؟ قال: “نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة([286]).

صفة العمرة:

إذا أراد المسلم أن يحرم بالعمرة فالمشروع في حقه:

ـ أن يغتسل ويتنظف ويزيل ما به من شعر تحت إبطه وكذا عانته ويقلم أظفاره ويتطيب بما شاء، وهذا كله سنة في حق الرجال، وكذا النساء وحتى الحائض والنفساء فإنها تفعله.

ـ بعد ذلك يصلي غير الحائض والنفساء فإنهما لا تصليان.

ـ ثم ينوي الإحرام قائلاً: لبيك عمرة.

ـ ثم يلبي التلبية المعروفة: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) يرفع بها صوته، أما النساء فتسر بها.

ـ إذا كان من يريد الإحرام خائفاً فإنه ينبغي له أن يشترط عند إحرامه قائلاً: (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني).

ـ إذا وصل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى قائلاً: (بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك).

ـ ثم يذهب فيبدأ بالطواف فيستلم الحجر السود بيده اليمنى، ويقبله إن تيسر له ذلك فإن لم يتيسر استلامه بيده أشار إليه بيده ولا يقبلها ويقول عند ذلك: الله أكبر.

ـ وفي أثناء طوافه بالبيت يدعو الله بما شاء ويذكره ويكثر من ذلك.

ـ فإذا انتهى إلى الركن اليماني استلمه بيده إن أمكن وإن لم يتيسر له فإنه لا يشير إليه.

ـ والمعتمر الذي أراد الطواف بالبيت يضطبع من ابتداء الطواف إلى انتهائه، وصفة الاضطباع أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، وهذا خاص بطواف القدوم للعمرة أو الحج.

ـ وفي أثناء طوافه فإنه يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط بحيث يسرع في المشي، أما إن كان في رمله أذية للحجاج والمعتمرين فإنه لا يفعله.

ـ فإذا انتهى من طوافه تقدم إلى مقام إبراهيم وصلى خلفه ركعتين.

ـ ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ )إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ( ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد الله ويدعو بما شاء.

ـ فإذا انتهى من دعائه نزل إلى المروة ماشياً، فإذا بلغ العلم الأخضر ركض قدر استطاعته مع عدم إيذاء أحد حتى إذا بلغ العلم الآخر عاد إلى مشيه حتى يصل إلى المروة، ويفعل عليها ما فعل على الصفا.

ـ فإذا انتهى من الشواط السبعة حلق رأسه أو قصره كله، أما المرأة فإنها تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة.

ـ وبهذا يكون قد انتهى المسلم من عمرته.

أركان العمرة:

للعمرة ثلاثة أركان وهي:

1ـ الإحرام.

2ـ الطواف بالبيت.

3ـ السعي بين الصفا والمروة.

واجبات العمرة:

1ـ الإحرام من الميقات.

2ـ الحلق أو التقصير.

الفهرس

الموضوع الصفحة

تقديم عميد البحث العلمي

المقدمة

التمهيد: الإيمان

معنى الإيمان…………………………………………………..

أصول الإيمان………………………………………………….

أولاً: الإيمان بالله……………………………………………….

معنى الإيمان بالله……………………………………………….

ما يتضمنه الإيمان بالله…………………………………………..

الأمر الأول: الإيمان بوجوده ـ سبحانه وتعالى ـ…………………..

الأمر الثاني: الإيمان بالألوهية…………………………………….

الأمر الثالث: الإيمان بأسماء الله وصفاته……………………………

ثمرات الإيمان بالله ـ تعالى ـ……………………………………

ثانياً: الإيمان بالملائكة……………………………………………

من هم الملائكة………………………………………………….

كيف تؤمن بالملائكة………………………………………………

ثمرات الإيمان بالملائكة…………………………………………..

ثالثاً: الإيمان بالكتب………………………………………………

معنى الإيمان بالكتب………………………………………………

ما يتضمنه الإيمان بالكتب………………………………………….

ثمرات الإيمان بالكتب……………………………………………..

رابعاً: الإيمان بالرسل……………………………………………..

من هم الرسل؟……………………………………………………

ما يتضمنه الإيمان بالرسل………………………………………….

ثمرات الإيمان بالرسل……………………………………………..

خامساً: الإيمان باليوم الآخر…………………………………………

معنى الإيمان باليوم الآخر…………………………………………..

ما يتضمنه الإيمان باليوم الآخر………………………………………

ما يلحق بالإيمان باليوم الآخر………………………………………..

ثمرات الإيمان باليوم الاخر………………………………………….

سادساً: الإيمان بالقدر……………………………………………….

معنى الإيمان بالقدر…………………………………………………

ما يتضمنه الإيمان بالقدر…………………………………………….

ثمرات الإيمان بالقدر………………………………………………..

أهمية العقيدة:………………………………………………………

الاهتمام بالعقيدة……………………………………………………..

أهداف العقيدة الإسلامية……………………………………………..

الولاء والبراء………………………………………………………

أهمية في عقيدة المسلم……………………………………………….

المبحث الأول: الشهادتان

التوحيد…………………………………………………………….

تعريف علم التوحيد………………………………………………….

معنى الإسلام……………………………………………………….

أنواع التوحيد……………………………………………………….

نوع في العلم والاعتقاد……………………………………………….

نوع في الإرادة والقصد……………………………………………….

توحيد الربوبية……………………………………………………….

توحيد الألوهية……………………………………………………….

توحيد الأسماء والصفات………………………………………………

أثر التوحيد على الأعمال وفضله……………………………………….

معنى لا إله إلا الله……………………………………………………

معنى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم………………………………

العبادة………………………………………………………………

معنى العبادة…………………………………………………………

شروط العبادة………………………………………………………..

الأصول التي تبنى عليها العبادة…………………………………………

أنواع العبادة………………………………………………………….

الشرك وأقسامه………………………………………………………

تعريف الشرك………………………………………………………..

أقسام الشرك………………………………………………………….

أولاً: الشرك الأكبر……………………………………………………

تعريفه……………………………………………………………….

خطر الشرك الأكبر على صاحبه………………………………………..

أنواع الشرك الأكبر……………………………………………………

ثانياً: الشرك الأصغر وأنواعه…………………………………………..

تعريف الشرك الأصغر…………………………………………………

أنواع الشرك الأصغر………………………………………………….

خطر الشرك الأصغر على صاحبه……………………………………….

أنواع الشرك الأصغر…………………………………………………..

الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر…………………………………

زيارة القبور…………………………………………………………..

أقسام زيارة القبور……………………………………………………..

الزيارة السنية وآدابها…………………………………………………..

الزيارة البدعية…………………………………………………………

الزيارة الشركية………………………………………………………..

النفاق وأنواعه…………………………………………………………

معنى النفاق……………………………………………………………

أنواع النفاق……………………………………………………………

السحر والشعوذة وغيرهما………………………………………………

أولاً: حقيقة السحر……………………………………………………..

ثانياً: هل له تأثير………………………………………………………

ثالثاً: ضرر السحر على الفرد والمجتمع…………………………………..

رابعاً: حكم السحر والسحرة……………………………………………..

خامساً: كيف تحصن نفسك من السحر…………………………………….

المبحث الثاني: الصلاة

الطهارة…………………………………………………………

حكمها…………………………………………………………..

أنواعها………………………………………………………….

قضاء الحاجة وآدابها………………………………………………

الوضوء…………………………………………………………

معنى الوضوء……………………………………………………

دليل الوضوء…………………………………………………….

فضل الوضوء……………………………………………………

فرائض الوضوء………………………………………………….

سنن الوضوء…………………………………………………….

مكروهات الوضوء……………………………………………….

صفة الوضوء……………………………………………………

نواقض الوضوء………………………………………………….

مسائل مهمة يحسن ذكرها………………………………………….

المسح على الخفين………………………………………………..

تعريف الخفين…………………………………………………….

دليل مشروعية المسح على الخفين……………………………………

شروط المسح على الخفين………………………………………

مدة المسح…………………………………………………….

صفة المسح…………………………………………………..

مبطلات المسح………………………………………………..

الغسل………………………………………………………..

موجبات الغسل………………………………………………..

كيفية الغسل…………………………………………………..

التيمم………………………………………………………..

متى يشرع التيمم………………………………………………

مبطلات التيمم…………………………………………………

صفة التيمم……………………………………………………

الحيض والنفاس والاستحاضة…………………………………..

التعريف………………………………………………………

بعض أحكام الحائض والنفساء……………………………………

حالات المستحاضة……………………………………………..

بعض أحكام المستحاضة…………………………………………

الصلاة…………………………………………………………

أولاً: تعريف الصلاة…………………………………………….

ثانياً: حكم تاركها……………………………………………….

ثالثاً: أركان الصلاة……………………………………………..

رابعاً: شروط الصلاة……………………………………………

خامساً: واجبات الصلاة………………………………………….

سادساً: سنن الصلاة……………………………………………..

صلاة الجماعة…………………………………………………..

أولاً: فضلها…………………………………………………….

ثانياً: حكمها…………………………………………………….

ثالثاً: العدد المطلوب لانعقادها……………………………………..

رابعاً: الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة…………………………

خامساً: بعض الأحكام تتعلق بالمأموم……………………………….

سادساً: بعض الأحكام التي تتعلق بالإمام…………………………….

صلاة المريض…………………………………………………..

صلاة الجمعة…………………………………………………….

أولاً: حكمها………………………………………………………

ثانياً: على من تجب الجمعة………………………………………..

ثالثاً: الحكمة في مشروعيتها………………………………………..

رابعاً: شروط صحة صلاة الجمعة……………………………….

صلاة العيدين………………………………………………….

أولاً حكمها……………………………………………………

ثانياً: وقت صلاة العيد………………………………………….

ثالثاً: مكانها……………………………………………………

رابعاً: صفتها…………………………………………………..

صلاة الكسوف………………………………………………….

الكسوف والخسوف……………………………………………..

صفة صلاة الكسوف…………………………………………….

صلاة الاستسقاء………………………………………………..

حكم صلاة الاستسقاء…………………………………………….

صفة صلاة الاستسقاء……………………………………………

صلاة التطوع…………………………………………………..

صلاة الجنازة…………………………………………………..

أولاً: مشروعيتها………………………………………………..

ثانياً: حكم صلاة الجنازة………………………………………….

ثالثاً: شروط صلاة الجنازة………………………………………..

رابعاً: أركان صلاة الجنازة……………………………………….

خامساً: صفة صلاة الجنازة……………………………………….

سادساً: بعض المسائل في صلاة الجنازة…………………………….

المبحث الثالث: الزكاة

الزكاة…………………………………………………………..

أولاً: تعريف الزكاة……………………………………………….

ثانياً: أهميتها وحكمة تشريعها………………………………………

ثالثاً: أدلة وجوبها…………………………………………………

رابعاً: الفرق بين الزكاة والضريبة………………………………….

خامساً: هل تغني الضريبة عن الزكاة………………………………..

سادساً: شروط الزكاة………………………………………………

سابعاً: حكم مانع الزكاة…………………………………………….

ثامناً: الأموال التي تجب فيها الزكاة………………………………….

1ـ الذهب والفضة وما يقوم مقامها………………………………….

إخراج زكاة الذهب والفضة بالعملات الورقية المتداولة………………….

النصاب بالعملات المتداولة………………………………………….

2ـ الماشية……………………………………………………….

شروط زكاة الماشية………………………………………………..

جدول ببيان زكاة الإبل……………………………………..

جدول ببيان زكاة البقر……………………………………..

جدول ببيان زكاة الغنم……………………………………..

3ـ عروض التجارة………………………………………..

أـ تعريفها………………………………………………..

ب ـ شروط عروض التجارة………………………………..

ج ـ القدر الواجب في عروض التجارة……………………….

د ـ أنواع عروض التجارة…………………………………..

4ـ الزروع والثمار…………………………………………

أـ ما تجب فيه زكاة من الزروع والثمار………………………

ب ـ نصاب زكاة الزروع والثمار……………………………

ج ـ تنبيهات في زكاة الزروع والثمار………………………..

مسائل عامة في الزكاة……………………………………….

المسألة الأولى: من كان له دين على مليء يخرج زكاته………….

المسألة الثانية: في الأوقاف التي على جهات خيرية………………

المسألة الثالثة: في الدور والعقارات والسيارات…………………..

المسألة الرابعة: في الدّين في الأموال الظاهرة……………………

المسألة الخامسة: من مات ولم يخرج زكاته………………………

المسألة السادسة: حكم ضم الذهب إلى الفضة في تكملة النصاب…….

المسألة السابعة: في الركاز وتصريفه……………………………

المسألة الثامنة : هل يشترط للركاز بلوغ النصاب وحلول الحول…….

السألة التاسعة : في زكاة الأسهم والسندات………………………..

المسألة العاشرة : في المال المستفاد………………………………

المسألة الحادية عشر: هل يجب إخراج الزكاة على الفورية………..

تاسعاً : مصارف الزكاة……………………………………….

1 ـ الفقراء………………………………………………….

2 ـ المساكين………………………………………………..

3 ـ العاملون عليها…………………………………………..

4ـ المؤلفة قلوبهم…………………………………………….

5ـ الرِّقاب…………………………………………………..

6ـ الغارمون………………………………………………..

7ـ في سبيل الله……………………………………………..

8ـ ابن السبيل……………………………………………….

من لا يجوز إخرج الزكاة لهم………………………………….

زكاة الفطر…………………………………………………..

حكمها………………………………………………………

الحكمة في تشريعها………………………………….

وقت إخرجها……………………………………….

مصارف زكاة الفطر………………………………..

هل يجوز إخراج القيمة لزكاة الفطر…………………..

المبحث الرابع: الصيام

الصيام……………………………………………

تعريف الصيام في اللغة…………………………….

تعريف الصيام في الاصطلاح……………………….

مكانة الصيام في الإسلام……………………………

فضائل الصيام…………………………………….

دليل وجوب الصوم………………………………..

على من يجب الصوم………………………………

رؤية هلا رمضان وأحكامها………………………..

الأعذار المبيحة للفطر……………………………..

مفسدات الصوم……………………………………

آداب الصيام……………………………………..

الآداب الواجبة……………………………………

الآداب المستحبة………………………………….

صلاة التراويح…………………………………..

صوم التطوع…………………………………….

الآثار المترتبة على صوم النافلة……………………..

المبحث الخامس: الحج

الحج………………………………………………..

تعريف الحج…………………………………………

الأصل في مشروعيته…………………………………

فضائل الحج………………………………………….

أهداف الحج………………………………………….

شروط الحج………………………………………….

مواقيت الحج…………………………………………..

بعض المسائل المهمة بالنسبة للمواقيت…………………….

المسألة الأولى: أهلها ومن مَّر بها…………………………

المسألة الثانية: من كان منزله دونها……………………….

المسألة الثالثة: من كان مسافراً بالطائرة…………………….

المسألة الرابعة: من تعدى الميقات…………………………

مناسك الحج…………………………………………….

الإحرام………………………………………………….

تعريف الإحرام وحكمه…………………………………….

أنواع الإحرام…………………………………………….

واجبات الإحرام…………………………………………..

سنن الإحرام……………………………………………..

محظورات الإحرام………………………………………..

التلبية……………………………………………………

معناها……………………………………………………

حكمها…………………………………………………….

الطواف…………………………………………………..

تعريفه…………………………………………………….

حكمه……………………………………………………..

شروط الطواف…………………………………………….

سنن الطواف……………………………………………….

السعي……………………………………………………..

حكمه………………………………………………………

شروطه……………………………………………………

الوقوف بعرفة……………………………………………….

حكمه………………………………………………………

حكم من فاته الوقوف بعرفة…………………………………..

المبيت بمزدلفة………………………………………………

حكم المبيت بمزدلفة………………………………………….

حكم من ترك المبيت بمزدلفة………………………………

رمي الجمرات…………………………………………..

حكمه…………………………………………………..

وقت الرمي………………………………………………

مسألة…………………………………………………..

شروط رمي الجمار………………………………………

حكم الإنابة في الرمي…………………………………….

الحلق أو التقصير………………………………………..

حكمهما………………………………………………..

زمان الحلق…………………………………………….

بعض مسائل الحلق والتقصير……………………………..

ذبح الهدي………………………………………………

المراد به……………………………………………….

أقسام الهدي……………………………………………..

الشروط التي يجب توافرها في الهدي………………………..

المبيت بمنى………………………………………………

حكمه…………………………………………………….

عمن يسقط المبيت بمنى……………………………………

المبيت المطلوب…………………………………………..

أخطاء يقع فيها بعض الحجاج……………………………….

العمرة وأحكامها…………………………………………..

تعريف العمرة……………………………………………..

حكم العمرة……………………………………………….

صفة العمرة………………………………………………

أركان العمرة……………………………………………..

واجبات العمرة…………………………………………….

الفهرس

* * * * * * * * * * * * * *
——————————————————————————–

([1]) آل عمران: 102.

([2]) النساء: 1.

([3]) الأحزاب: 71،70.

([4]) الذاريات: 56.

([5]) النحل: 36.

([6])الأعراف: .65

([7]) العبودية: (ص41).

([8]) مسلم، في كتاب الأقضية: برقم (4493).

([9]) سورة الحجرات: الآية 14.

([10]) البخاري: (1/20)، مسلم: (1/30).

([11]) سورة البقرة: الآية 177.

([12]) سورة القمر: الآية 49.

([13]) صحيح البخاري: (1/15).

([14]) سورة الطور: الآيتان 35، 36

([15]) رواه مسلم في الصلاة: (463)، والبخاري في صفة الصلاة: (3/206).

([16]) سورة الذاريات: الآية 20.

([17]) سورة العنكبوت: الآية 65.

([18]) سورة الأعراف: الآيتان 172، 173.

([19]) سورة الذاريات: الآية21.

([20]) سورة الحج: الآية 62.

([21]) سورة البقرة: الآية21.

([22]) سورة النساء: الآية36.

([23]) سورة الإسراء: الآية23.

([24]) رواه مسلم: (2298).

([25]) سورة الأعراف: الآية180.

([26]) سورة التحريم: الآية6.

([27]) محاضرات في العقيدة والدعوة، للشيخ صالح الفوزان(1/281).

([28]) سورة المائدة: الآية48.

([29]) سورة المائدة: الآية 48.

([30]) شرح أصول الإيمان، للشيخ محمد بن صالح العثيمين.

([31]) سورة الأحزاب: الآية40.

([32]) سورة الأعراف: الآية188.

([33]) سورة البقرة: الآية 177.

([34]) سورة البقرة: الآية4.

([35]) سورة التغابن: الآية7.

([36]) سورة الغاشية: الآيتان25. 26.

([37]) سورة البينة: الآيتان7، 8.

([38]) سورة آل عمران: الآية131.

([39]) سورة الأحزاب: الآيتان64، 65.

([40]) شرح أصول الإيمان: للشيخ محمد بن صالح العثيمين. ( رسالة صغيرة).

([41]) سورة الحج: الآية 70.

([42]) مختصر صحيح مسلم، للمنذري، تحقيق الألباني: (ص486، ج1841).

([43]) سورة القصص: الآية86.

([44]) سورة آل عمران: الآية6.

([45]) سورة الزمر: الآية 62.

([46]) سورة الصافات: الآية96.

([47]) سورة الفرقان: الآية44.

([48]) سورة الممتحنة: الآية4.

([49]) سورة المائدة: الآية51.

([50]) سورة آل عمران: الآية19.

([51]) سورة التوبة: الآية23.

([52]) سورة المائدة: الآيتان55، 56.

([53]) سورة النساء: الآية 125.

([54]) سورة لقمان: الآية 22.

([55]) سورة الحج: الآية 34.

([56]) سورة آل عمران: الآية19.

([57]) البخاري: (1/20) ، ومسلم: (1/30).

([58]) سورة الإخلاص: الآية 1.

([59]) سورة الكافرون: الآية 1.

([60]) سورة الزمر: الآية38.

([61]) سورة الفاتحة: الآية1.

([62]) ((القول الرشيد في حقيقة التوحيد)) للشيخ سليمان بن ناصر العلوان.

([63]) سورة البقرة: الآية 256.

([64]) مسلم: (1/53).

([65]) سورة الممتحنة: الآية4.

([66]) سورة الزخرف: الآيات26-28.

([67]) سورة الكوثر: الاية2.

([68]) مسلم (3/1567)، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله.

([69]) سورة غافر: الآية60.

([70]) الترمذي: (3371) ، فتح الباري، (11/94) ، كنز العمال: (3114).

([71]) سورة فاطر: الآيتان13، 14.

([72]) سورة الأعراف: الآية180.

([73]) سورة طه: الآية8.

([74]) البخاري: (11/180-192) ، مسلم برقم: (3677).

([75]) القول الرشيد في حقيقة التوحيد.

([76]) ((القول السديد لشرح كتاب التوحيد)) لابن سعدي: (ص16-19).

([77]) سورة الحج: الآية 62.

([78]) الأصول الثلاثة.

([79]) سورة الذاريات: الآية56.

([80]) سورة الأنعام: الآيتان 162، 163.

([81]) “معارج القبول” (1/399).

([82]) سورة الصف: الآيتان 2، 3.

([83]) سورة البينة: الآية5.

([84]) سورة آل عمران: الآية 85.

([85]) صحيح البخاري: ( 2/166) ، مسلم: ( 5/133).

([86]) “معارج القبول” : ( 1/397).

([87]) سورة البقرة: الآية 165.

([88]) سورة المؤمنون: الآية57.

([89]) سورة الأنبياء: الآية90.

([90]) سورة النحل: الآية 36.

([91]) سورة الأنعام: الآية 82.

([92]) رواه البخاري ومسلم، سبق تخريجه في الصفحة السابقة.

([93]) “معارج القبول”: (2/483)، “اللجنة الدائمة” (1/516).

([94]) “القول السديد في شرح كتاب التوحيد” لابن سعدي: ( ص24).

([95]) سورة النساء: الآية 48.

([96]) سورة البقرة: الآية165.

([97]) سورة الفرقان: الآية 43.

([98]) سورة الشَّورى: الآية21.

([99]) سورة التوبة: الآية31.

([100]) أخرجه الترمذي في تفسير القرآن: (8/248)، والبيهقي: (10/116)، وحسنه شيخ الإسلام في كتاب الإيمان: ( ص64).

([101]) انظر “معارج القبول”: (1/417-433).

([102]) مسلم: (977)، الترمذي: (1054)، النسائي: (2034).

([103]) مختصر صحيح البخاري، للألباني: (ص280، ح613).

([104]) سورة يونس: الآيتان 106، 107.

([105]) سورة الأحقاف: الآية5.

([106]) البخاري: (5/289)، مسلم: (8/78).

([107]) البخاري: (2/116)، مسلم: (ح437).

([108]) انظر كتاب المؤلف “بلاد الحرمين الشريفين والموقف الصارم من السحر والسحرة”

([109]) سورة البقرة: الآية 102.

([110]) رواه ابن ماجه: (1/209) ، وصححه الألباني: (1/105) برقم 523.

([111]) سورة البقرة: الآية102.

([112]) البخاري: (3/197) ، (7/29) ، (8/33).

([113]) رواه الترمذي: (5/156).

([114]) عبد الرازق: (10/179) ، أحمد: (1/190).

([115]) البخاري في التاريخ الكبير: (2/222).

([116]) كتاب بلاد الحرمين الشريفين والموقف الصارم من السحر والسحرة.

([117]) سورة الحجر: الآيتان 39، 40.

([118]) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه: (4/465).

([119]) “تلبيس إبليس”: (ص39).

([120]) سورة فصلت: الآية 18.

([121]) سورة المائدة: الآية6.

([122]) سورة البقرة: الآية222.

([123]) رواه الترمذي: (1/9)، وابن ماجة: (275)، وأحمد: (1/123). وحسنه الألباني في الإرواء: (2/9).

([124]) سورة المائدة: الآية6.

([125]) رواه البخاري: (1/43) كتاب الوضوء، مسلم (1/204).

([126]) سورة المائدة: الآية 6.

([127]) البخاري: (1/207) ، ومسلم: (146).

([128]) رواه مسلم: (245).

([129]) رواه مسلم: (244).

([130]) مسلم: (234) ، وزيادة الترمذي ضعفها الألباني: (55).

([131]) سورة المائدة: الآية6.

([132]) رواه مسلم: (1/212)ح 237.

([133]) سورة المائدة: الآية6.

([134]) سورة المائدة: الآية6.

([135]) سورة المائدة: الآية6.

([136]) أخرجه مالك: (1/21/9)، والبخاري: (1/54)، ومسلم: (1/16-161).

([137])”مختصر صحيح البخاري” للألباني: (ص 62).

([138])”مختصر صحيح البخاري” للألباني: (ص63).

([139])”مختصر صحيح البخاري” للألباني: (ص106).

([140]) رواه البخاري: (1/59) كتاب الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان.

([141]) سورة المائدة: الآية6.

([142]) أخرجه الترمذي: (1/80-81) ، وابن ماجة: (1/221) ، وأحمد: (6/161).

([143]) سورة البقرة: الآية 222.

([144]) رواه أبو داود وابن ماجة: (1/315) ، والدار قطني: (1/148).

([145]) سورة البقرة: الآية 222.

([146]) رواه البخاري: (8/50) باب حكم المرتد والمرتدة.

([147]) البخاري: (2/109) ، مسلم: (650).

([148]) البخاري: (2/112) ، مسلم: (649).

([149]) مسلم: (653).

([150]) سورة النساء: الآية102.

([151]) البخاري: (2/107) ، مسلم: (651).

([152]) مسلم: (653).

([153]) شرح المنتهى: (1/244) ، المغنى مع الشرح الكبير: (1/2).

([154]) البخاري: (1/165-171-178) ، مسلم: (2/134).

([155]) المغني: (2/83).

([156]) شرح المنتهى: (1/257).

([157]) مسلم: (2/153).

([158]) مختصر الفقه الإسلامي: (ص63).

([159]) أخرجه أبو داود: (682) ، الترمذي: (1/448) ، وصححه الألباني في الإرواء: (2/323).

([160]) المغني: (2/17).

([161]) سورة التغابن: الآية 16.

([162]) سورة البقرة: الآية 286.

([163]) المغني: (1/813).

([164]) من قتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله.

([165]) كتاب الصلاة، للمؤلف: (ص6).

([166]) المصدر السابق: (ص207).

([167]) العبادة في الإسلام، للقرضاوي: (ص223).

([168]) كتاب الصلاة، للمؤلف: (ص331).

([169]) المواعظ الحسنة، صديق حسن خان: (ص43، 44).

([170]) “المغنى”: (3/260).

([171]) “زاد المعاد”: (1/442-444).

([172]) مختصر الفقه الإسلامي: (ص65).

([173]) سورة فاطر: الآية 15.

([174]) كتاب الصلاة: للمؤلف: (ص354).

([175]) “المغني”: (2/344).

([176]) من مختصر الفقه الإسلامي: (ص75، 76).

([177]) كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص11).

([178])”الشرح الممتع على زاد المستنقع”: (6/12-14) ، “منهاج المسلم”: (ص367).

([179]) سورة البقرة: الآية43.

([180]) سورة البقرة: الآية 110.

([181]) سورة البقرة: الآية5.

([182])”صحيح البخاري”: (1/15).

([183]) البخاري: (1/8).

([184]) انظر كتاب الزكاة،للمؤلف: (ص34، 35).

([185]) انظر كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص57).

([186]) انظر كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص57).

([187]) فتاوي ابن تيمية: (25/93)، موجز من فقه العبادات، محمد الحسيني: (ص65)، فقه الزكاة، للقرضاوي: (2/1119).

([188]) كتاب الزكاة للمؤلف: (ص63).

([189]) المغني (2/435) ، كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص75 – 76).

([190]) كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص81).

([191]) كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص96).

([192]) نفس المصدر السابق: (ص97).

([193]) كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص97).

([194]) مسلم: (2/67).

([195]) البخاري: (2/107).

([196]) المغني: (2/559).

([197]) مختصر الفقه الإسلامي: (ص79).

([198]) المصدر السابق: (ص79).

([199]) المصدر السابق: (ص79).

([200]) المغني: (2/466).

([201]) المغني: (2/603-604). الممتع في شرح زاد المستنقع: (6/107- 108 ).

([202]) المغني: (2/585).

([203]) أخرجه البخاري: (1449) في الزكاة، باب في الركاز الخمس.

([204]) المغني: (2/604).

([205]) كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص106).

([206]) الممتع في شرح زاد المستنقع: (6/189-190).

([207]) الممتع: (6/220).

([208]) “الروض المربع مع حاشية ابن قاسم”: (3/310) ، الاختيارات لابن تيمية: (ص105).

([209]) رواه البخاري: (2/153) ، ومسلم باب الزكاة: (34رقم 112).

([210]) الممتع: (6/241-242) ، كتاب الزكاة، للمؤلف: (ص115).

([211]) البخاري: (2/138) ، مسلم: (3/68).

([212]) “مجالس شهر رمضان” للشيخ محمد بن عثيمين: (ص228).

([213]) سورة مريم: الآية 26.

([214]) انظرالقاموس المحيط ، لسان العرب، مادة (صوم).

([215]) سورة البقرة: الآية 187.

([216]) البخاري: (3/22) ، مسلم: (3/157).

([217]) كتاب الصيام، للمؤلف: (ص14).

([218]) البخاري: (3/157).

([219]) البخاري: (3/22)، مسلم(:3/ 173)

([220]) البخاري” (3/23) ، مسلم: (3/57).

([221]) سورة البقرة: الآيات 183-185.

([222]) صحيح البخاري: (1/8) ، مسلم: (1/34).

([223]) انظر بدائع الصنائع: (2/75) ، المجموع: (6/248) ، المغني: (4/324).

([224])”الممتع في شرح زاد المستنقع” للشيخ محمد الصالح العثيمين: (6/ 332).

([225]) انظر بداية المجتهد: (1/274) ، بدائع الصنائع: (2/73) ، السيل الجرار: (2/308).

([226]) كتاب الصيام، للمؤلف: (ص47).

([227]) البخاري: (3/24) ، مسلم: (3/ 122).

([228]) البخاري: (3/24) ، مسلم: (3/ 122).

([229]) سورة البقرة: الآية 184.

([230]) سورة التغابن: الآية 16.

([231]) سورة البقرة: الآية 286.

([232]) تفسير ابن كثير: (1/215) ، فتح القدير: (1/180).

([233]) سورة النساء: الآية29.

([234]) مجموع فتاوي شيخ الإسلام: (25/220).

([235]) رواه البخاري: (3/36).

([236]) سورة البقرة: الآية185.

([237]) صحيح البخاري مع فتح الباري: (1/420).

([238]) رواه أبو داود: (1/796) ، انسائي: (4/190) ، الترمذي: (2/109).

([239]) الممتع شرح زاد المستنقع: (6/360- 361).

([240]) انظر: كتاب الصيام، للمؤلف: (ص99-108).

([241]) انظر: كتاب الصيام، للمؤلف: (ص130).

([242]) أخرجه البخاري: (3/24).

([243]) صحيح البخاري: (2/76) ، مسلم: (3/130).

([244]) صحيح البخاري: (3/26) ، مسلم: (3/131).

([245]) البخاري: (3/33) ، مسلم: (3/131).

([246]) المحلي: (6/541) ، المجموع: (6/359) ، نيل الأوطار: (4/107).

([247]) البخاري: (3/39) ، مسلم: (3/177).

([248]) البخاري: (3/40).

([249]) البخاري: (2/46) ، مسلم: (2/178).

([250]) مسلم: (1164).

([251]) مسلم: (1162).

([252]) مسلم: (1134).

([253]) البخاري: (4/192) ، مسلم (1159).

([254]) الترمذي: (747).

([255]) مسلم: (1163).

([256]) البخاري: (4/186) ، مسلم: (2/811).

([257]) البخاري: (3/13) ، مسلم: (2/826) رقم (189).

([258]) انظر: حاشية ابن عابدين: (2/454) ، حاشية الدسوقي: (2/2) الروض الربع: (3/500).

([259]) سورة آل عمران: الآية 97.

([260]) سبق تخريجه ص 124.

([261]) مسلم: (4/102).

([262]) بدائع الصنائع: (2/118).

([263]) المغني: (5/6).

([264]) مسلم: (1/78).

([265]) البخاري: (2/164)، مسلم: (3/107).

([266]) صحيح البخاري: (2/164).

([267]) صحيح مسلم: (4/107).

([268]) كتاب الحج للمؤلف: (ص: 27).

([269]) المغني: (5/44) ، سنن الترمذي: (3/266).

([270]) سورة آل عمران: الآية 97.

([271]) كتاب الحج للمؤلف: (ص35).

([272]) انظر شروط الاستطاعة في “أحكام القرآن” لابن العربي: (1/288)، و” الجامع لأحكام القرآن” للقرطبي: (4/148) و” أضواء البيان” للشنقيطي: (5/74).

([273]) سورة البقرة: الآية197.

([274]) شرح الإيضاح للنووي (ص: 145).

([275]) انظر” بدائع الصنائع”: (2/183) ، “بداية المجتهد”: (4/375) ، “المجموع” للنووي (6/249) ، “المغني”: (5/53).

([276]) “صحيح سنن أبي داود”: (1/367).

([277]) “بدائع الصنائع”: (2/135) ، “المقنع”: (1/469).

([278]) “أضواء البيان”: (5/ 588) ، “كشاف القناع”: (2/498) ، “حاشية ابن عابدين”: (2/513) “النهاية”: (1/292).

([279]) كتاب الحج، للمؤلف: (ص:117).

([280]) سورة الفتح: الآية 27.

([281]) المجموع: (8/268).

([282]) انظر في المبيت في منى “الهداية” (1/149) ، المغني: (5/325) ، زاد امعاد: (2/285).

([283]) انظر كتاب “الحج” للمؤلف: (ص: 155).

([284]) “الممتع شرح زاد المستقنع” للشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- (7/8).

([285]) انظر في حكم العمرة، المغني (5/13) ، روضة الطالبين: (3/17).

([286]) “أخرجه أحمد: (6/71، 165) ، النسائي (5/86) ، الإرواء (4/151).