اللقاء الشهري مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (المقدمة).

السبت 18 جمادى الآخرة 1440هـ 23-2-2019م

المقدمة


إعداد
الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
دار الوطـن للنشر

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أذنت للشيخ الدكتور (عبد الله بن محمد الطيار) أن يتولى جمع وترتيب وإخراج المواد التالية:
1) لقاء الباب المفتوح.
2) اللقاء الشهري.
3) برنامج منار الإسلام.
مع تصحيحها وطباعتها وكل ما فيه المصلحة في ذلك.
قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 7/6/1414هـ.

 

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم.

[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ](آل عمران:102).
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً](النساء:1).
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً] (الأحزاب:70،71)، أما بعد:

فقد اشتدت الحاجة في وقتنا الحاضر إلى تيسير العلم، وتعريف الناس بالأحكام الشرعية، وتقريبها لهم، ليعبدوا الله مخلصين له الدين، وفق ما شرعه المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم.

وحسب العلم فضلاً أن مجالسه تحفها ملائكة الله، وتنزل عليها السكينةُ، وتغشاها الرحمة، ويذكرها الله في الملأ الأعلى، يقول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أيها الناس عليكم بطلب العلم، فإن الله رداء محبة، فمن طلب باباً من العلم رداه الله بردائه ذاك([1]).

وقال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: (نعم المجلس مجلس تنشر فيه الحكمة، وترجى فيه الرحمة([2]). يعني مجلس العلم وقال معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه :ـ تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقه، وبذله لأهله قربه، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة، والدليل على الدين، والنصير على السراء والضراء، والوزير عند الأخلاء، والقريب عند القرباء، ومنار سبيل الجنة، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة سادة هداة يقتدى بهم، أدلة في الخير تقتفى آثارهم، وترمق أفعالهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وكل رطب ويابس ليستغفر لهم، حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها. . . إلى أن قال: به يطاع الله وبه يعبد، وبه يوحد، وبه يمجد، وبه يتورع، وبه توصل الأرحام وبه يعرف الحلال والحرام، وهو إمام والعمل تابعه، يُلهمه السعداء ويُحرمه الأشقياء.

إن العلماء والأعلام والمفكرين هم كالنجوم الهادية ليلاً وكالدفة المحكمة لمن خاض عباب البحر الموحشة، وكالمطر للأرض اليابسة تهتز وتربو، فتثمر الثمار اليانعة، هم قدوة الأمة وموجهوها، وهداة البشرية بعد رسل الله عليهم السلام، حقاً إنهم ورثة الأنبياء.
إن العلم النافع والعمل الصالح هما مفتاح السعادة، وأساس النجاة للعبد في معاشه ومعاده. ومن رزقه الله علماً نافعاً، ووفقه لعمل صالح، فقد حاز الخير، وحظي بسعادة الدارين.

وإذا أكمل المسلم ذلك بنشر العلم وبذله للناس، فقد كملت فيه معاني الخير وأمارات الصلاح، وأصبح كالغيث أينما حل نفع وهكذا عاش العلماء العاملون في كل عصر ومصر.

ولقد كان لوالدنا وشيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين قصب السبق في هذا المضمار، إذ نفع الله بعلمه، وأقبل الطلاب على حلقته من كل مكان، وكان لدروسه في الجامع الكبير في عنيزة ولقاءاته العامة في مختلف مناطق المملكة الأثر الكبير في توجيه الناس وإرشادهم، وتيسير سبل تحصيل العلم لهم.

إن من أكثر لقاءات الشيخ فائدة وأعظمها نفعاً ـ فيما يظهر ـ اللقاء الشهري الذي كان يعقد في يوم الأحد الثالث من كل شهر عربي وذلك في الجامع الكبير بعنيزة، وفي هذا اللقاء، يجيب الشيخ ـ حفظه الله ـ على أسئلة الحاضرين والجميع ينصت ويستفيد، فكم من مشاكل عالجها خلال هذا اللقاء، وكم من فتاوى أصدرها، وكم من جراح وصف لها الدواء، وكم عاصٍ اهتدى بفضل الله ثم بسبب حضوره هذه اللقاءات، وحيث ألح عليَّ بعضُ من طلبُهم عندي محل التقدير، أن أخرج هذه اللقاءات على شكل رسائل، فقد عقدت العزم على ذلك، وعرضت الأمر على شيخنا فشكر هذا الصنيع، ودعا بالتوفيق والتسديد والإعانة، وها أنا ذا أضعها بين أيدي القراء، بعد أن بذلت فيها جهداً، أرجو بره وذخره في ميزان الحسنات، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ولا أنسى وأنا أسطر هذه المقدمة، أن أسجل عظيم شكري، وخالص تقديري، لأولئك الذين أشاروا عليّ بإخراجها، وكذا أولئك الذين ساعدوا على ذلك، وأخصّ ـ دار الوطن للنشر ـ والقائمين عليها، الذين تابعوا معي خروج هذه اللقاءات بهذا الثوب الجيد، فأسأل الله لهم العون والتوفيق، وأن يصلح لنا ولهم النيات والأعمال، وأختم هذه المقدمة بقول أبي الحسن علي الجرجاني:

يقولون لي فيك انقباض وإنما *** رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

ولم أقض حق العلم إن كان كلما *** بدا طمع صيرته لي سلما

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي *** لأخدم من لاقيت لكن لأخدما

أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة *** إذا فاتباعُ الجهل قد كان أحزما

فإن قلت زندُ العلم كاب فإنما *** كبا حين لم نحرس حماه وأظلما

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم *** ولو عظموه في النفوس لعظما

ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا *** محياه بالأطماع حتى تجهما([3]).

أخي القارئ:
لقد اجتهدت في إخراج هذه اللقاءات بهذه الصورة التي تراها، وإني التمس منك صادقاً إلا تحرمني من ملاحظة أو توجيه أو اقتراح، فالمرء قليل بنفسه، كثير بإخوانه ولا أزيد على قولي لك.

إذا رأيت عيباً فسد الخللا *** جلَّ من لا عيب فيه وعلا

أسأل الله أن يصلح لي ولك النيات والأعمال، وأن يأخذ بأيدينا لما يحبه ويرضاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وكتب
أبو محمد عبد الله بن محمد بن احمد الطيار
الزلفي ـ سنيدان ـ
ظهر الخميس 16/8/1414هـ
منهج التخريج

هذا وكان المنهج الذي اتبعناه في تخريج الأحاديث كالتالي:

أولاً: إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، اكتفينا بالعزو إليهما دون غيرهما من كتب الحديث. ولم نتكلم على صحة الحديث لاتفاق الأمة على صحة ما رواه البخاري ومسلم مسنداً.

ثانياً: إذا كان الحديث في غير الصحيحين، خرجناه من السنن الأربع ومسند أحمد، أو ما تيسر لدينا من مصادر حديثية، كالمستدرك، وصحيح ابن حبان (الإحسان)، وسنن الدارمي وغير ذلك.

ثالثاً: إذا كان الحديث في غير الصحيحين نبهنا على درجته في الغالب.

رابعاً: اكتفينا في التخريج بذكر رقم الحديث، واسم الكتاب، وذلك إذا كان العزو على الصحيحين، أو السنن الأربع، مع اعتمادنا على أرقام فتح الباري، عند العزو إلى البخاري. وعزونا إلى الجزء والصفحة من مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم.

ترجمة فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
حفظه الله

نسبه: هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين الوهيبي التميمي.

مولده: ولد في مدينة عنيزة في 27 من رمضان المبارك عام 1347هـ.

نشأته: قرأ القرآن على جده من جهة أمه، عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ ـ رحمه الله ـ، فحفظه، ثم اتجه إلى طلب العلم، فتعلم الخط والحساب وبعض فنون الآداب، وكان الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ قد أقام اثنين من طلبة العلم عنده ليدرسا الطلبة الصغار، أحدهما الشيخ علي الصالحي، والثاني الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع ـ رحمه الله ـ، قرأ عليه مختصر العقيدة ومنهاج السالكين في الفقه للشيخ عبد الرحمن أيضاً، والأجرومية والألفية.

وقرأ على الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان في الفرائض والفقه.

وقرأ على الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الذي يعتبر شيخه الأول، حيث لازمه وقرأ عليه التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والفرائض ومصطلح الحديث والنحو والصرف.

وكانت لفضيلة الشيخ منزلة عظيمة عند شيخه ـ رحمه الله ـ فعندما انتقل والد الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ إلى الرياض، إبان أول تطوره، رغب في أن ينتقل معه فضيلة الشيخ ـ حفظه الله ـ فكتب له الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ (إن هذا لا يمكن نريد محمداً أن يمكث هنا حتى يستفيد).

ويقول فضيلة الشيخ حفظه الله (إنني تأثرت به كثيراً في طريقة التدريس، وعرض العلم، وتقريبه للطلبة بالأمثلة والمعاني، وكذلك أيضاً تأثرت به من ناحية الأخلاق، لأن الشيخ عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ كان على جانب كبير من الأخلاق الفاضلة، وكان ـ رحمه الله ـ على قدرة في العلم والعبادة، وكان يمازح الصغير ويضحك إلى الكبير، وهو ما شاء الله من أحسن من رأيت أخلاقاً).

قرأ على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، حيث يعتبر شيخه الثاني، فابتدأ عليه قراءة صحيح البخاري، وبعض رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية (الكتب الفقيهة).

يقول الشيخ: (تأثرت بالشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله من جهة العناية بالحديث، وتأثرت به من جهة الأخلاق أيضاً، وبسط نفسه للناس).

وفي عام 1371هـ جلس للتدريس في الجامع، ولما فتحت المعاهد العلمية في الرياض، التحق بها عام 1372هـ، يقول الشيخ حفظه الله:

دخلت المعهد العلمي، ونظراً لما يعلم المسؤلون فيه عن مستواي العلمي دخلت السنة الثانية، والتحقت به بمشورة من الشيخ علي الصالحي، وبعد أن استأذنت من الشيخ عبد الرحمن السعدي عليه رحمة الله، وكان المعهد العلمي في ذلك الوقت ينقسم إلى قسمين، خاص وعام، فكنت في القسم الخاص، وكان في ذلك الوقت أيضاً من شاء أن يقفز ـ كما يعبرون ـ بمعنى أنه يدرس السنة المستقبلة له في أثناء العطلة، ثم يختبرها في أول العام الثاني، فإذا نجح انتقل إلى السنة التي بعدها، وبهذا اختصرت الزمن أ.هـ.

وبعد سنتين تخرج وعين مدرساً في معهد عنيزة العلمي، مع مواصلة الدراسة انتساباً في كلية الشريعة، ومواصلة طلب العلم على يد الشيخ عبد الرحمن السعدي.

ولما توفي الشيخ ابن سعدي ـ رحمه الله ـ تولى إمامة الجامع الكبير بعنيزة، والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية، بالإضافة إلى التدريس في المعهد العلمي، ثم انتقل إلى التدريس في كليتي الشريعة وأصول الدين بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم حتى الآن، بالإضافة إلى عضوية هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، ولفضيلة الشيخ ـ حفظه الله ـ نشاط كبير في الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ وتبصير الدعاة في كل مكان وله جهود مشكورة في هذا المجال.

والجدير بالذكر، أن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ قد عرض بل ألح على فضيلة الشيخ في تولي القضاء، بل أصدر قراره بتعيينه ـ حفظه الله تعالى ـ رئيساً للمحكمة الشرعية بالأحساء، فطلب منه الإعفاء، وبعد مراجعات واتصال شخصي من فضيلة الشيخ سمح ـ رحمه الله تعالى ـ بإعفائه من منصب القضاء).

مؤلفاته

1) أول كتاب طبع لفضيلة الشيخ هو تلخيص الحموية عام 1380هـ، وقد فرغ منه في 8 ذي القعدة سنة 1380هـ.
2) تفسير آيات الأحكام ـ لم يكمل.
3) شرح عمدة الأحكام ـ لم يكمل.
4) مصطلح الحديث.
5) الأصول من علم الأصول.
6) رسالة في الوضوء والغسل والصلاة.
7) رسالة في كفر تارك الصلاة.
8) مجالس رمضان.
9) الأضحية والذكاة.
10) المنهج لمريد الحج والعمرة.
11) تسهيل الفرائض.
12) شرح لمعة الاعتقاد.
13) شرح الوسطية.
14) عقيدة أهل السنة والجماعة.
15) القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى.
16) رسالة في أن الطلاق الثلاث واحدة ولو بكلمات.
17) تخريج أحاديث الروض المربع.
18) رسالة الحجاب.
19) رسالة في الصلاة والطهارة لأهل الأعذار.
20) رسالة في مواقيت الصلاة.
21) رسالة في سجود السهو.
22) رسالة في أقسام المداينة.
23) رسالة في وجوب زكاة الحلي.
24) رسالة في أحكام الميت وغسله.
25) تفسير آية الكرسي.
26) نيل الأدب من قواعد ابن رجب.
27) أصول وقواعد نظم على بحر الرجز.
28) الضياء اللامع من الخطب الجوامع.
29) الفتاوى النسائية.
30) زاد الداعية إلى الله ـ عز وجل ـ وهو الرسالة الأولى من سلسلة أطلق عليها (سلسة العقد الثمين من محاضرات فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين).
31) فتاوى الحج.
32) المجموع الكبير من الفتاوى. خ.
33) حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة.
34) الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه.
35) من مشكلات الشباب.
36) رسالة في المسح على الخفين.
37) رسالة في قصر الصلاة للمبتعثين.
38) أصول التفسير.
39) رسالة في الدماء الطبيعية.
40) أسئلة مهمة.
41) الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع ـ وهو آخر ما صدر عن فضيلة الشيخ. حفظ الله الشيخ وبارك في جهوده وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً([4]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
([1]) جامع بيان العلم وفضله ص 59.
([2]) جامع بيان العلم وفضله ص 50.
([3]) أدب الدين والدنيا للماوردي ص47.
([4]) مجلة البحوث الإسلامية عدد12. مجلة اليمامة عدد (953). مجلة اليمامة عدد (954).