ليلة القدر.

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1440هـ 1-3-2019م
هذه الليلة من خصائص الأمة المحمدية وهي ليلة الشرف والتقدير لهذه الأمة العظيمة حيث فيها نزل أول الدستور الخالد على المبعوث رحمة للعالمين وصدق الله العظيم: [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ]

أخذت أمة الإسلام بهذا الكتاب الخالد تبني صروح المجد وتنشئ معاقل الحضارة وتدفع الناس إلى آفاق الصفاء والنور [كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ] كانت هذه الليلة المباركة بنزول القرآن مفرقاً بين عهدين الظلام وعهد النور عهد الرق والذل والانحطاط وعهد السمو والعزة والرفعة والكرامة هذه الليلة المباركة اختص الله بها أمة الإسلام لتظل مناراً يهدي إلى الخير وعلماً يخفف بالهدى وحافزاً يحرك العزائم المؤمنة إلى أفضل الأعمال وأجلها ودليلاً قوياً إلى صراط الله المستقيم وهذه الليلة المباركة تتجدد كل عام في رمضان لتذكر المسلمين كلما قعدت بهم شهواتهم أو استعبدتهم النزوات أو تسلطت عليهم مطالب الأجساد الفانية.
وقد أخفى الله سبحانه وتعالى هذه الليلة على عباده كي يجتهدوا في العبادة ولئلا يتكلوا على فضلها فيقصروا في العبادة اعتماداً على أنهم قاموا هذه الليلة لوجوده:

1) أنه أخفاها كم أخفى سائر الأشياء فقد أخفى سبحانه رضاه في الطاعات حتى يرغب العباد في كل الطاعات وأخفى سبحانه غضبه في المعاصي حتى يتبعدوا عن كل المعاصي وأخفى الإجابة في الدعاء ليحرصوا على كل الدعوات وأخفى الإسم الأعظم ليعضموا كل الأسماء.

2) أخفاها سبحانه وتعالى لئلا يتجاسر الناس على المعصية في هذه الليلة وهم يعلمونها فتكون المصيبة أعظم لكن المعصية مع عدم العلم كالمعصية في سائر الأوقات.

3) أخفاها سبحانه ليتبين فضل بني آدم ممن أطاع الله جل وعلا إذ يلتمسون هذه الليلة ويجتهدون فيها بأنواع الطاعات مع جهلهم بها ولو علموا بها لزادت طاعتهم وعظموها أكثر من ذلك.

إن من نعمة الله على هذه الأمة المباركة أن جعل لها مواسم يتضاعف فيها العمل ون أخص هذه الأزمنة شهر رمضان لأن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي ما يزيد على ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر وهذه الليلة وصفها الله بأنها مباركة وشرفها على سائر الليالي وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن قيامها سبب لمغفرة ذنوب العبد فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله: (من قام القدر إيماناًُ وإحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري.

وههذ الليلة مقطوع بأنها في رمضان لأن القرآن أنزل في رمضان والله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم).

وقد اختلف أهل العلم في تحديدها خلافاً واسعاً ومن أشهر أقوالهم:

1)أنها أو ليلة من العشر الأخيرة من رمضان.
2) أنها ليلة اثنين وعشرين من رمضان.
3) أنها ليلة ثلاث وعشرين وقال به جميع كبير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
4) أنها ليلة أربع وعشرين.
5) أنها ليلة خمس وعشرين.
6) أنها ليلة سبع وعشرين وقال به أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
7) أنها ليلة تسع وعشرين.
8) أنها آخر ليلة من رمضان.
9) أنها في أوتار العشر الأخير من رمضان وخلاصة القول أن ليلة القدر في العشر الأواخر في أوتارها وأرجاها والله أعلم ليلة سبع وعشرين ثم ليلة ثلاث وعشرين ثم ليلة إحدى وعشرين ووقتها من غروب الشمس إلى طلوع الفجر يدل لذلك قوله: (سلام هي حتى مطلع الفجر).

أخي المسلم عليك بالدعاء في ليلتها أكثر منه وقدم بين يديه التسبيح والتحميد والتهليل واختمه بالصلاة والسلام على الحبيب صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال: (قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني).

اللهم إني أسألك المغفرة والعتق من النار والفوز بالجنة دار القرار يا عزيز يا غفار يا ذا الجلال والإكرام وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.