السؤال رقم: (5091) هل هناك تعارض بين نسبة خلق الإنسان للملك في الحديث وبين أن الله هو الخالق الحقيقي؟

 

نص السؤال: هنالك. حديث. في مسلم أشكل علي، إن صدقته أشعر أني كافرة مشركة، لأنه يخالف كلام الله، وإن كذبته أخشى أن أكفر بتكذيبي لحديث صح عن النبي ﷺ أنه قال: (وخلق سمعها وبصرها ولحمها وجلدها وعظمها.) والله تعالى يقول (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ)

وقال تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ)

وقال تعالى (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ)

وقال تعالى (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)

وقال تعالى (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى)

وقال تعالى (قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)

كما أنّ هناك حديثًا يخالف الحديث المذكور ألا وهو (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات‏ بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد‏)

ذكر في الحديث أنه يأتي لينفخ ويكتب، لا أن يخلق بحثت ولم أجد جوابًا مقنعًا، فمنهم من يقول إن خلق الملك تعبير مجازي! كيف مجازي لم أفهم

ومنهم من يقول يخلق بأمر الله، كيف والآيات تخالف ذلك؟

فلو قيل مثل الوفاة، ملك الموت يقبض الروح، لقلت أن الله قد أخبر بذلك في قوله تعالى (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ)

ومنهم. من يقول. لا يباشر الله تعالى خلقه، إنما يرسل. وسيط. من. ملائكته

كيف والحديث يقول (خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش والقلم وعدن وآدم، ثم قال لسائر الخلق: كن فكان

ألا يحتمل. أن. يكون. الحديث. غير. صحيح كحديث. التربة. الذي. رده العلماء وهو في صحيح مسلم؟

أريد أن أكذب نسبة هذا الحديث للرسول، فكيف أؤمن أن من يخلق الجنين سمعه وبصره ولحمه ويكسوه العظام هو ملك! ولو قيل بأمر الله، فالمعنى لن يتغير وهو أن الملك خلق الجنين بأمر الله، وقد تعلمنا أن من خلقنا هو الله تعالى وحده، كن فيكون، كما دلت الآيات.

 

الرد على الفتوى

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:

فمما ينبغي التنبيه له: أنه لا يوجد تعارض حقيقي بين آيتين أو بين حديثين صحيحين أو بين آية وحديث صحيح، وإذا بدا تعارض بين نصين من هذه النصوص، فإنما هو تعارض ظاهري فقط بحسب ما يبدو لعقولنا، وليس بتعارض حقيقي، لأن الشارع الواحد الحكيم لا يمكن أن يصدر عنه دليلٌ آخر يقتضي في الواقعة نفسها حكماً خلافه، في الوقت الواحد.

فإن وجد نصان ظاهرهما التعارض وجب الاجتهاد في صرفهما عن هذا الظاهر، والوقوف على حقيقة المراد منهما لا ردهما كما تزعمين فهذا مسلك خطير، بل الواجب عليك تنزيه الشارع العليم الحكيم عن التناقض في تشريعه، فإن أمكن إزالة التعارض الظاهري بين النصين بالجمع والتوفيق بينهما، جُمع بينهما وعُمل بهما، وكان هذا بياناً، لأنه لا تعارض في الحقيقة بينهما.

والذي أنصحك به أيتها السائلة هو الاجتهاد في الطاعات وعمل الصالحات، والابتعاد عن الوساوس الجالبة للهموم، وعليك بتعلم العلم النافع والابتعاد عن هذا الذي ذكرتيه والالتفاف حول العلماء، فإنه يقيك بإذن الله من أنواع الفتن والشبهات.

والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.