السؤال رقم (5389) ما حكم ارغام البنت أن تدخل على رجل لا ترغب الزواج به؟ وهل للاب حق أن يدخلها غصبًا عليه حتى لو كان الأب ملتزمًا ومن المشائخ؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فأولًا: يحرم على ولي المرأة أن يكرهها على الزواج ممن لا ترضاه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ). رواه البخاري (6968) ، ومسلم (1419).

ويدخل في الحديث الثيب وإنما اختص البكر بالذكر لكونها أكثر حياءً في هذا الموقف، وقد بوّب البخاري لهذا الحديث بعنوان: (باب لا يُنكح الأبُ وغيره البكرَ والثَّيِّبَ ، إلا برضاهما”.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

” وأمَّا تزويجها مع كراهتها للنكاح ، فهذا مخالف للأصول والعقول ، والله لم يُسوِّغ لوليها أن يُكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها ، ولا على طعام ، أو شراب ، أو لباس ، لا تريده ، فكيف يكرهها على مباضعة ومعاشرة من تكره مباضعته ! ، ومعاشرة من تكره معاشرته !.

والله قدجعل بين الزوجين مودةً ورحمة ، فإذا كان لا يحصل إلا مع بغضها له ونفورها عنه ، فأيُّ مودةٍ ورحمةٍ في ذلك !! “. انتهى من ” مجموع الفتاوى” (32/25).

ثانيًا: فصّل بعض الفقهاء القول في هذه المسألة فذهب بعضهم إلى جواز أن يزوج الأب ابنته البكر الصغيرة بغير رضاها إذا كان زواجها من كفؤ لها.

وأما إن كانت البكر كبيرة فلا يجوز له ذلك، وأما إن كانت ثيبًا فلا يجوز إكراهها على النكاح سواء أكانت صغيرة أم كبيرة.

وهذا الحكم للأب فقط أما غير الأب من الأولياء فلا يجوز له إكراهها على الزواج ممن لا ترضاه مطلقًا.

والذي يظهر عدم  جواز تزويج المرأة العاقلة البالغة، بكرًا كانت أم ثيبًا، جبرًا عنها، بل لا بد من رضاها، ولو كان المزوِّج لها أبًا أو جدًّا.

يقول ابن القيم: (وموجب هذا الحكم، أنه لا تجبر البالغ على النكاح، ولا تزوج إلا برضاها، وهذا قول جمهور السلف، ومذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايات عنه، وهو القول الذي ندين الله به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافق لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره، ونهيه، وقواعد شريعته، ومصالح أمته) زاد المعاد 5/ 96.

ثالثًا: إذا أكره الأب ابنته على الزواج ممن لا ترضاه  فإن هذا العقد يكون موقوفاً على إجازة المرأة ، فإن أجازته صار عقداً صحيحاً ، وإن لم تجزه فهو عقد فاسد .لما ورد عن بُرَيْدَةَ بن الحصيب قال : (جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ .فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا .فَقَالَتْ : قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ).

رواه ابن ماجه (1874) ، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة (2/102)

رابعًا: الواجب على الأب، وكل من ولي أمر امرأة أن يتقي الله فيها ، فلا يزوجها إلا ممن ترضى به من الأكفاء والنظراء ، فإنه إنما يزوجها لمصلحتها لا لمصلحته. ولأنه نائب عنها شرعًا، فلم يصح تصرفه لها شرعًا بما لا حظ لها فيه كالوكيل.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.