71 – أهمية العلم للمرأة المسلمة

الأربعاء 19 رجب 1445هـ 31-1-2024م

71 –  أهمية العلم للمرأة المسلمة pdf

  

 

أهمية العلم للمرأة المسلمة

 

تأليف

أ.د عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

 

  

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(آل عمران: 18).

والقائل {يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}(المجادلة: 11).

والقائل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}(الزمر: 9).

والصلاة والسلام على معلم البشرية الخير القائل في سنته الغراء {مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ}(متفق عليه).

والقائل:{العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ}(رواه البخاري)، والقائل:{فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ}(رواه أبو داود). وبعد:

فالحديث عن أهمية العلم للمرأة حديث ذو شجون لأن المرأة صاحبة العطاء، والموجهة في البيت، وهي المدرسة والقدوة:

الأم مدرسة إذا أعددتها
*** أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم روض إن تعاهده الحيا
*** بالري أورق أيما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الأولى
*** شغلت مآثرهم مدى الآفاق

 

لقد أمر الله بالنفور لطلب العلم والحرص عليه قال تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}(التوبة: 122).

وشجع رسولنا صلى الله عليه وسلم على طلب العلم وسلوك طريقه فقال: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ)(رواه أبو داود، وابن ماجة).

وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ)(رواه الترمذي).

لكن أيتها الأخوات ما هو هذا العلم الذي جاء فضله في كتاب الله وسنة رسوله وما نصيب المرأة منه إنه العلم الشرعي الذي يعود على طالبه رجلاً أو امرأة بالخير والبركة في الدنيا والآخرة.

لقد اعتنى الإسلام منذ عصوره الأولى بمسألة تعليم المرأة وطلبها للعلم الشرعي النافع، فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضوان الله عنها وعن أبيها تروي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبلغها للصحابة، وتجيب على ما يشكل على الصحابة من أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهله وداخل بيته، وكانت تبين وتوضح ما يستحي الرجال من بيانه مما يشكل على النساء وتحتاج إليه.

ولعل من الأدلة على عناية المرأة بالعلم الشرعي مخاطبة تلك المرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتي فيه تعلمنا مما علمك الله فقال صلى الله عليه وسلم اجتمعن يوم كذا وكذا فاجتمعن فجاء رسول الله فعلمهن مما علمه الله.

وفي العصور المتأخرة يسر الله جل وعلا التعليم للمرأة ففتحت المدارس والمعاهد والجامعات والكليات لكن هل النتائج بقدر ما أتيح من الفرص الواقع يقول لا.

فالمتأمل في حالة الفتاة يرى أن المتعلمات على أقسام:

الأول: فتيات درسن ثم تخرجن وتركن العلم والدراسة وكل ما يتصل بهما من الوعي والثقافة الشرعية حتى القراءة المجردة لا تقرأ بعض الفتيات والعذر هو الانشغال بالبيت والأولاد لكن الجلسات واللقاءات والعلاقات الاجتماعية حدث عنها ولا حرج والحديث عن الموضات والأزياء والبعض تجلس الساعات خلف الشاشات الفضية دون فائدة تذكر.

الثاني: فتيات تعلمن ودرسن وتخرجن وتوظفن ولكن حدودها الوظيفة فبعدها تركن القراءة والمطالعة والعلم وحب الفائدة والخير وهذا القسم في الغالب مشغول بوظيفته وليس له نصيب من العلم الشرعي لا قراءة ولا سماع أشرطة علمية هادفة.

الثالث: فتيات تعلمن ودرسن وتخرجن لكنهن يعتبرن أنفسهن مثقفات العصر وهن اللاتي جمعن المجلات من كل مكان والروايات والقصص الغرامية وكل سيء وغريب ومستورد فهو زاد لهؤلاء وهذه الثقافة المزعومة طريق إلى الهاوية وأمثال هذه النساء أضر على المجتمع من أعدائه وفتياتنا ولله الحمد يجللهن الحياء ويقويهن الرجاء ولا يرضين إلا بالتدين مسلكاً وصدق القائل:  

ومن رضي الحياة بغير دين
*** فقد جعل الفناء له قريباً

 

وهذه الثقافة الغربية سبب للفحش والعري والاختلاط وإذا سبرنا حال المرأة المسلمة في كثير من البلاد والإسلامية وجدنا ذلك واضحاً للعيان.

ووصيتي إليك أيتها المرأة العاقلة أن تعتني بما يأتي:

1) كتاب الله تعالى:

أول العلوم وأصلها وأساسها كتاب الله فعليك بقراءته والتدبير في آياته والتفكر في قصصه وعظاته… واغتنام الأجر والثواب فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ)(رواه الترمذي).

وصدق القائل:

سمعتك يا قرآن والليل غافلُ
*** سريت تهز القلب سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق صبحها
*** وطفنا ربوع الكون نملؤها أجراً

 

2) سنة الرسول صلى الله عليه وسلم:

المطلوب منك أيتها الأخت الإطلاع على سنة رسول الله وحفظ ما استطعت منها وسنته كل قول أو فعل أو وتقرير.

وصدق الله:{وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7). وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}(الأحزاب: 21).

3) العقيدة (التوحيد):

وهو من أشرف العلوم وأرفعها بعد الكتاب والسنة وهذا العالم يربط المرأة بخالقها ارتباطاً خالصاً لا تشوبه شوائب.

فكم نحن بحاجة إلى دراسة العقيدة صافية خالصة مما ابتدعه الناس وأحدثوه، والإنسان بلا عقيدة كالبهيمة لا يشعر بشيء، ولذا نعى الله على الكفار وأخبر أنهم كالأنعام، بل هم أضل سبيلاً.

فالذي لا يكون على معتقد صحيح يجري وراء الشهوات والملذات دون رادع أو وازع وصدق الله {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ}(القصص: 50).

4) علم التفسير:

وهذا العلم طريقك إلى فهم كتاب الله فيحسن الاطلاع على كتب التفسير الموثوقة منها المختصرة، ومن أجمل ما وقفت عليه وأحضره وأسهله وأنسبه للفتاة المسلمة تفسير ابن سعدي رحمه الله.

5) علم الفقه:

وهذا العلم تعرفين من خلاله ما يهمك من الأحكام في عباداتك ومعاملات وعلاقاتك ولعل هذا العلم هو أكثر العلوم حاجة علمية إذ تحتاجه المرأة في كل حين لا سيما أحكام الحيض والطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والعلاقة مع الزوج والأقارب والناس جميعاً.

أنسب الطرق لطلب العلم الشرعي:

1) قراءة الكتب الإسلامية.

2) استماع الأشرطة النافعة.

3) الدروس العلمية وحضورها دورياً.

4) الندوات والمحاضرات وحضورها باستمرار.

5) الحرص على قدوة صالحة من أهل الخير والفضل والعلم، وإن تيسر من بنات جنسك فهو أولى وأحرى وأحسن.

أثر العلم الشرعي على المرأة:

 له آثار على نفسها، على بيتها، على أولادها، على علاقاتها مع الآخرين.

ويظهر ذلك جلياً في حياة المعلمات توجيهاً وتعليماً وتربية للبنات.  

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.