100 – رسالة في المسح على الخفين والجبيرة

الأربعاء 19 رجب 1445هـ 31-1-2024م

 

100 –  رسالة في المسح

على الخفين والجبيرة pdf

 

 

رسالة في

 المسح على الخفين

 

تأليف

أ.د عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

 

 

مقدمة

مكتب الدعوة في حوطة بني تميم

الحمد لله أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة وجعلنا أهل الإسلام في الناس خير أمة، أرسل رسول بالهدى ودين الحق وكان بشرى للمؤمنين ولجميع العالمين رحمة، وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شيك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، كمل به بناء النبوة وختم به ديوان الرسالة، فالفلاح لمن تبعه، والخزي والخسار لمن عصاه وخالف أمره، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن من أجل المقاصد وأسمى المراتب أن يعبد المؤمن ربه على علم وبصيرة، ولذا فإن معرفة الحلال والحرام مما يعين على أن يعبد المؤمن رب سبحانه على هدى وبصيرة، والمسلم مطالب بتعلم أحكام دينه، أو سؤال أهل العلم عما يشكل عليه، وربنا يقول: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[النحل:43].

ومن ها هنا جاءت هذه الرسالة المباركة في باب مهم يحتاجه الناس كثيراً، ألا وهو أسئلة في المسح على الخفين، وهذه الأسئلة عرضت على فضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الطيار حفظه الله ونفع بعمله، فتفضل بالإجابة عليها رغم كثرة مشاغله، وزاد فيها وفقه الله ورعاه مسائل تتعلق بهذا الباب المهم، والذي يقع عنه السؤال كثيرا من الناس، فجاءت هذه الرسالة المباركة في إجاباتها المسددة من عالم فقيه قد قبل الناس فتواه وارتضوها، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ولا يزال الناس بخير ما دام فيهم علماء ربانيون يهدون حائرهم، ويبصرون جاهلهم ويدلونهم على كل خير وهدى.

والمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في محافظة حوطة بني تميم يسره أن يقدم هذا العمل المبارك، وأن يتولى طباعته انطلاقاً من أهدافه التي قام عليها من نشر العلم وتوعية الناس وإرشادهم في ظل هذه الصحوة العلمية المباركة.

وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه هي الطبعة الأولى لرسالة (المسح على الخفين) وهي عبارة عن مجموعة أسئلة عرضها أخونا فضيلة الشيخ/ علي بن عبد الله الحجي، وقد رغب أن ينشرها لتعم الفائدة بها، وقد أذنت له بذلك.

كما أذنت للمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحوطة بني تميم بطباعتها وتوزيعها حسب ما يرونه.

سائلاً الله جل وعلا أن ينفع بجهودهم، وأن يثيبهم على ما يقومون به من أعمال جليلة في الدعوة والإرشاد، وتوجيه الناس، وبث العلم للآخرين ملتمساً منهم العناية بالتصحيح والإخراج، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

                                                                                                               وكتب أبو محمد

                                                                                                    عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

                                                                                                     غفر الله له ولوالديه والمسلمين

 

(1)  ما الأصل في المسح على الخفين؟

الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالأصل فيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ..} [المائدة:6].

فإن قوله: {أَرْجُلَكُمْ} فيها قراءتان صحيحتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

الأولى: {أَرْجُلَكُمْ} عطفًا على قوله {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} فتكون الرجلان مغسولتين، والثانية: {وَأَرْجُلِكُم} بالجرّ عطفًا على {بِرُءُوسِكُمْ} فتكون الرجلان ممسوحتين.

والذي بيّن أن الرجل تكون ممسوحة ومغسولة هي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت رجلاه صلى الله عليه وسلم مكشوفتين يغسلهما، وإذا كانتا مستورتين بالخفاف وما في حكمهما يمسح عليهما.

ومن السنة ما روى جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:(رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ)([1]).

ومن حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، قال المغيرة: فأهويت لأنزع خفيه، فقال صلى الله عليه وسلم: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)([2]).

وقد قال الإمام أحمد في المسح على الخفين: “ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “.

 

(2) ما المراد بالجوارب والخفين عند الإطلاق؟

الإجابة: المراد بالجوارب والخفين عند الإطلاق هو ما يلبس على الرجلين من جلد وقطن ونحوه، ومنها ما يلبسه الناس اليوم من الكنادر والشراب.

 

(3) ما حكم المسح على الخفين؟

الإجابة: حكم المسح على الخفين سُنّة لما ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، قال المغيرة: فأهويت لأنزع خفيه، فقال صلى الله عليه وسلم:(دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)([3]). فمن كان لابسًا لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.

 

(4) ما هي الشروط المعتبرة الصحيحة للمسح على الخفين؟

الإجابة: الأول: لبسهما على طهارة، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) ([4]).

الثاني: أن تكون الخفاف أو الجوارب طاهرة، فإن كانت نجسة فلا يجوز المسح عليهما لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إنَّ جبريلَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أتاني فأخبرَني أنَّ فيهِما قذرًا – أو قالَ أذًى – وقالَ إذا جاءَ أحدُكُم إلى المسجدِ فلينظُر فإن رأى في نعليهِ قذرًا أو أذًى فليمسَحهُ وليصلِّ فيهِما) ([5]).

الثالث: أن يكون المسح في الحدث الأصغر وليس فيما يوجب الغسل، والدليل على ذلك ما رواه صفوان بن عسال رضي الله عنه قال:(كُنَّا نَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، وَبَوْلٍ، وَنَوْمٍ)([6]).

الرابع: أن يكون المسح يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، لما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:(جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ) ([7]) يعني في المسح على الخفين.

 

(5) هل هذه الشروط محل اتفاق بين أهل العلم؟

الإجابة: هذه الشروط الأربعة تكاد محل اتفاق، وأما ما عداها من الشروط فهي محل خلاف، مثل: كون الممسوح عليه صفيقًا، وكونه يثبت بنفسه، ويمكن متابعة المشي فيه، وساترًا لا يبدو من القدم شيء.

 

(6) هل النية واجبة لمن لبس الخفين أن يكون مراده المسح عليهما؟

الإجابة: النية ليست بواجبة لأن هذا عمل علق الحكم على مجرد وجوده، فلا يحتاج إلى نية، كما لو لبس الثوب فإنه لا يشترط أن ينوي به ستر عورته في صلاته مثلاً، فلا يشترط في لبس الخفين أن ينوي أنه يمسح عليهما، ولا كذلك نية المدة، بل إن كان مسافرًا فله ثلاثة أيام ولياليهن نواها أم لم ينوها، وإن كان مقيمًا فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها.

 

(7) يظن بعض الناس أنه إذا تيمم وعليه شراب أن عليها خلعها، فهل هذا الفعل صحيح؟

الإجابة: التيمم لا علاقة له بالمسح على الخفين، فإذا كان المرء معذوراً يتيمم للعبادة، فله أن يلبس الخفين باستمرار ولا يلزمه خلعهما ولا المسح عليهما لأن هذا خاص بطهارة الماء.

 

(8) متى يكون ابتداء المدة للمسح على الخفين؟

الإجابة: يكون ابتداء مدة المسح على الخفين من أول مسح بعد الحدث، وهذا هو الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت المسح على الخفين يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، والمسح لا يتحقق إلا بوجوده وفعله، فالمدة التي سبقت المسح لا تحسب على اللابس.

مثال: رجل لبس الشراب أو الخف لصلاة الفجر، وأحدث في الساعة العاشرة صباحاً، ومسح عند زوال الشمس، فابتداء مدة المسح يكون من حين زوال الشمس، فإذا جاء زوال الشمس من اليوم الثاني انتهت مدة المقيم، وإذا جاء زوالها من اليوم الرابع انتهت للمسافر، أي أنه يحسب مدة أربع وعشرين ساعة للمقيم واثنتين وسبعين ساعة للمسافر.

 

(9) اشتهر عند العامة أن المسح يكون لخمس صلوات فقط ولا يزيدون ثم يعيدون المسح مرة أخرى، فهل هذا صحيح؟

الإجابة: هذا غير صحيح، فمن المعلوم أن من شروط المسح على الخفين أن يكون في المدة المحدودة شرعًا لقول علي رضي الله عنه:(جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ) ([8]).

 

(10) إذا انتهت مدة المسح أو نزع الممسوح عليه، فهل تنتقض الطهارة ؟

الإجابة: نعم تنتقض طهارته لما ورد من تحديد النبي صلى الله عليه وسلم لوقت المسح، وكذلك إذا نزع الممسوح انتقضت طهارته في أصح قولي العلماء؛ لأن الحكم متعلق بالممسوح عليه.

 

(11) هل يشترط في الخفين أن يكونا ساترين لمحل الفرض ؟.

الإجابة: إذا كان المقصود أنه يغطي الكعبين فهذا لابد منه، أما إذا كان المقصود أن الخف غير مخرق فهذا الشرط غير صحيح حيث لا دليل عليه، فإن جنس الجورب أو الخف ما دام باقيًا فإنه يجوز المسح عليه؛ لأن المسح جاء بإطلاقه، وما أطلقه الشارع فليس لأحد أن يقيده إلا إذا كان هناك نص من الشارع أو إجماع أو قياس صحيح، وبناء على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرق، ويجوز المسح على الخف الخفيف؛ لأن غالب صحابة النبي صلى صلى الله عليه وسلم كانوا فقراء ومعلوم أن الفقير يغلب عليه كونه خفه مخروقًا، فإذا كان ذلك غالبًا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينبه عليه، فدل ذلك على أنه ليس بشرط.

وليس القصد من الخف أو الجورب ستر البشرة، إنما المقصود أن يكون مدفئًا للرجلين ونافعًا لهما، وأجيز المسح على الخف لأن نزعه يشق، وما دام أن اسم الخف باق فإن المسح عليه جائز لما ورد به الدليل.

 

(12) إذا نزع الشراب وهو على طهارة ثم أعادها قبل انتقاض الطهارة، فهل يجوز المسح عليها؟

الإجابة: إذا خلع الشراب ثم أعاده وكان على وضوئه ولم ينتقض وضوؤه بعد لبسه فلا حرج عليه، وجاز له المسح عليهما لأنه لا يزال على طهارة من ماء، وأما إن كان قد سبق له المسح على الشراب فإنه لا يجوز له المسح عليهما مرة أخرى بل عليه إعادة وضوئه؛ لأنه لابد من لبس الجوارب أو الخفاف على طهارة بالماء وهذه طهارة بالمسح.  

 

(13) إذا مسح شخص بعد انتهاء مدة المسح وصلى بعض الصلوات، فما الحكم؟

الإجابة: إذا مسح بعد انتهاء مدة المسح وصلى بعض الصلوات فإن كان أحدث بعد انتهاء المدة ومسح وجب عليه أن يعيد الوضوء كاملاً مع غسل الرجلين ويجب عليه إعادة الصلوات التي صلاها، وذلك لأنه لم يغسل محل الفرض وهو الرجلان فقد صلى بوضوء غير تام، وأما إذا انتهت مدة المسح وبقي الإنسان على طهارته، وصلى بعد انتهاء المدة فيرى شيخنا أن صلاته صحيحة؛ لأن انتهاء مدة المسح لا تنقض الوضوء، والصواب أن طهارته تنتقض وبالتالي يلزمه أن يعيد هذه الصلوات.

 

(14) ما هي الكيفية الصحيحة للمسح على الخفين؟

الإجابة: كيفية المسح على الخفاف أو الجوارب كالآتي: يأخذ ماء بيده ثم يمرر يده من أطراف أصابع الرجلين إلى ساقه فقط، ويكون المسح باليدين معًا على الرجلين جميعًا، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس الوقت كما تمسح الأذنان، وله أن يمسح اليمنى باليمنى ثم اليسرى باليسرى، وله أن يمسح اليمنى بيديه معًا ثم الرجل اليسرى بيديه معًا، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله تعالى، والمسح يكون لأعلى الخف فقط.

 

(15) رجل غسل رجله اليمنى ثم لبس الخف، ثم غسل اليسرى ولبس الخف، فما الحكم؟

الإجابة: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء على قولين:

الأول: أنه لابد من إكمال الطهارة قبل لبس الخف أو الجورب.

الثاني: يرون جواز غسل الرجل اليمنى ثم يلبس الخف أو الجورب، ثم يغسل الرجل اليسرى ويلبس الخف أو الجورب، لأنه لم يدخل اليمنى إلا بعد غسلها واليسرى كذلك فيصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين.

لكن هناك حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه)([9]). فقوله (إذا توضأ) قد يرجح القول الأول لأن من لم يغسل اليسرى لا يصدق عليه أنه توضأ، وعليه فالقول الأول هو الصواب، ولا ينبغي للإنسان أن يدخل الرجل اليمنى بعد غسلها في الخف أو الجورب قبل أن يغسل الرجل اليسرى لأنه هنا أدخلها قبل تمام طهارته والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) ([10]).

 

(16) إذا لبس خفاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل الحدث، فما الحكم؟

الإجابة: إذا لبس خفًا ثم لبس عليه آخر قبل الحدث فله أن يمسح على أيهما شاء لأنه ما زال على طهارة من ماء.

 

(17) إذا لبس خفًا ثم أحدث ثم لبس عليه آخر، فما الحكم؟

الإجابة: إذا لبس خفًا ثم أحدث ثم لبس عليه آخر فالحكم للأول، فإذا أحدث وأراد المسح فيخلع الأعلى ثم يمسح على الأول، وإذا لبس الثاني مرة أخرى بعد المسح على الأول فلا حرج عليه ووضوؤه صحيح، لكن يتعلق المسح بالأول ولا يمسح على الثاني.

 

(18) إذا لبس خفًا ثم أحدث ومسح عليه ثم لبس آخر، فما الحكم؟

الإجابة: إذا لبس خفًا ثم أحدث ومسح عليه ثم لبس الآخر فلا حرج عليه لكن يكون المسح على الأول وتكون بداية المسح من أول المسح على الأول، ويلزمه أن يخلع الثاني كلما أراد المسح لأن الحكم تعلق بالأول.

 

(19) إذا لبس خفًا على خف ومسح الأعلى ثم خلعه، فهل يمسح على الأسفل بقية المدة؟

الإجابة: إذا لبس خفًا على خف ومسح الأعلى ثم خلعه فالذي أراه أنه ينتقض وضوؤه ويلزمه خلع التحتاني وإعادة الوضوء.

وهناك قول آخر أنه إذا لبس جوربًا على جورب بعد أن مسح على الأسفل فله أن يمسح على الأعلى. ولكن الراجح ما ذكرته سابقًا أن الحكم يتعلق بالممسوح عليه.

 

(20) هل يجوز أن يمسح على الكنادر مع الشراب إذا كان بعض الشراب ظاهرًا؟

الإجابة: نعم، يجوز المسح على الكنادر مع الشراب إذا كان طرفه ظاهرًا، وله أيضًا المسح على الشراب وحده دون الكنادر، وله أن يمسح على الكنادر دون الشراب إذا كانت تغطي الكعبين، فإن كانت دون الكعبين مسح عليها ومعها ما ظهر من الشراب.

 

(21) إذا وصل المسافر أو سافر المقيم وهو قد بدأ بالمسح، فكيف يكون حساب مدته؟

الإجابة: إذا مسح المسافر ثم وصل لبلد إقامته فإنه يتم مسح مقيم على الراجح من كلام أهل العلم إن كان قد تبقى من مدة مسحه شيء وإلا نزع ملبوسه وتوضأ وغسل رجليه. وإذا مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مقيم في أصح قولي العلماء لأنه بدأ المسح وهو مقيم فتعلق الحكم بالإقامة.

والقول الثاني في المسألة له أن يتم مسح مسافر لأنه يصدق عليه أنه مسافر ولو بدأ المسح مقيمًا، لكن الأول أرجح.

 

(22) إذا شك الإنسان في ابتداء وقت المسح، فماذا يفعل؟

الإجابة: يبني على اليقين، فإن كان شاكًا هل مسح لصلاة العصر أو المغرب فإنه يجعل بداية مدة المسح من صلاة المغرب لأن الأصل عدم المسح ـ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، ولأن الأصل العدم، والرسول صلى الله عليه وسلم شكا إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في صلاته فقال له صلى الله عليه وسلم:( لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا)([11]).

 

(23) هل المرأة مثل الرجل في أحكام المسح على الخفين؟

الإجابة: نعم، المرأة مثل الرجل في أحكام المسح على الخفين، وليس هناك فرق بينها وبين الرجل في هذا، ومعلوم أن الأصل أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء، وأن ما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال إلا بدليل يدل على تخصيص أحدهما بالحكم.

 

(24) هل يجوز خلع الشراب أو بعضه ليحك قدمه ونحوه؟

الإجابة: من خلع شرابه ليحك قدمه فله حالتان:

الأولى: إذا خلع الماسح شرابه أو خفه خلال مدة مسحه بطل المسح وعليه أن يغسل الرجلين مع الوضوء.

والثانية: إذا أدخل يده من تحت الشراب أو الخف ليحك قدمه فلا بأس في ذلك ولا يبطل المسح لأنه لم يخلعهما، أما إن خلعهما فينظر إن خلع جزءًا يسيرًا فلا يضر، وإن خلع جزءًا كبيرًا بحيث يظهر أكثر القدم فإنه يبطل المسح عليهما ويلزمه أن يتوضأ ويغسل رجليه لانتهاء مسحه.

 

(25) هل يجوز المسح على العمائم، وما صفة ذلك؟

الإجابة: ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على العمامة، وعلى ذلك فيجوز المسح عليها، إما أكثرها أو كلها، ويسن في حقه أن يمسح على ما ظهر من الرأس كالناصية وجانب الرأس والأذنين، والأولى لمن أراد أن يمسح عليها أن يكون على طهارة وفي المدة المحدودة للمسح على الخفين.

وصفة المسح: أن يأخذ ماء بيديه ثم يبدأ بالمسح على مقدم رأسه بداية من الناصية وانتهاءً بالعمامة من خلف الرأس مع جانب الرأس ومسح الأذنين كما في المسح على الرأس بدون حائل عليها.

 

(26) هل يقاس على العمائم شماغ الرجل وغطاء المرأة؟

الإجابة: لا يقاس الشماغ والطاقية على العمامة إطلاقًا، وأما غطاء المرأة فله حالتان:

الأولى: إن كان الغطاء خمارًا يشق نزعه جاز للمرأة أن تمسح عليه.

والثانية: إن كان الغطاء خفيفًا بحيث يسهل نزعه فلا يمسح عليه.

 

(27) ما حكم المسح على الجبيرة وما في معناها، وهل لها من شروط؟

الإجابة: معلوم أن الجبيرة تطلق على ما يجبر به الكسر، والمراد بها شرعًا: ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة، مثل الجبس الذي يوضع على الكسر، واللزقة التي تكون غالبًا على الجرح، أو توضع بسبب بعض آلام الروماتيزم في الظهر وغيره فيجوز المسح عليهما بدلاً عن الغسل إن كانت في أماكن الفروض أو غيرها وتكون طهارة المسلم كاملة حينئذ، ويجوز أن يمسح عليها حتى وإن وضعت على غير طهارة في الحدث الأصغر والأكبر، ويجوز أن يمسح عليها طيلة فترة وجودها حتى ولو طال وقتها، والجبيرة معلوم أنها لا تختص بعضو معين بل تشمل جميع الجسد وما قام مقامها من اللفائف واللزق و الشاش.

 

(28) وهل يدخل في حكم الجبيرة اللفائف والشاش واللزقة؟

الإجابة: نعم، كلها تدخل في معناها، وله أن يمسح عليها ما دام في حاجة إليها وليس لها مدة معينة مثل المسح على الخفين.

 

(29) إذا وجد جرح في أحد أعضاء الطهارة، فما الحكم؟

الإجابة: يجوز له أن يضع عليه الشاش أو اللفائف أو اللزق ويمسح عليه في الحدث الأصغر والأكبر حتى يبرأ.

 

(30) ما صفة المسح على الجبيرة؟

الإجابة: صفة المسح على الجبيرة: أن يأخذ ماء ثم يمسح عليها كلها لأن الأصل أن البدل له حكم المبدل ما لم ترد السنة بخلافه، فكما أن الغسل يجب أن يعم العضو فكذلك يجب أن يكون المسح على جميع الجبيرة.

 

(31) ما حكم المسح على البسطار والقبع؟

الإجابة: يجوز المسح على البسطار لأنه في حكم غيره من الخفاف والكنادر والجوارب، وأما القبع فإذا كان لا يشق نزعه فلا يجوز المسح عليه لأنه يشبه الطاقية من بعض الوجوه، والأصل وجوب مسح الرأس حتى يتبين للإنسان أن هذا مما يجوز المسح عليه، وإن كان يشق نزعه فيجوز المسح عليه.

 

(32) ما حكم المسح على الخف المخرق؟

الإجابة: يجوز المسح على الخف المخرق لأن حكمه حكم الشراب المخرق، وقد ذكرنا جواز المسح عليه لأن المسح جاء بإطلاقه ولا يجوز لأحد أن يقيده إلا إذا كان هناك نص أو إجماع أو قياس صحيح، وليس من شرط المسح ألا يكون الخف مخرقاً والأصل جواز المسح عليه، وهذا هو رأي شيخنا رحمه الله.

 

(33) هل يأخذ ماء جديدًا حال مسحه على الخفين؟

الإجابة: هذا الأمر يحتاج إلى تفصيل؛ فإذا أراد أن يمسح بكلتا يديه مرة واحدة فلا يحتاج إلى أخذ ماء جديد، وإذا أراد أن يمسح على اليمنى لحالها فيأخذ بيمينه ماءً ثم يمسح عليها، وإذا أراد أن يمسح اليسرى أخذ ماءً جديدًا بشماله فمسح عليها، والمسح مرة واحدة فقط سواء كان بكلتا يديه أو بدأ باليمنى ثم اليسرى، وسواء مسح بيده اليمنى فقط أو باليسرى، فالأمر في ذلك واسع.

 

(34) هل المسح يكون بالأصابع أو الراحتين؟

الإجابة: المسح يكون باليد كاملة وليس بالراحة فقط، أو الأصابع فقط؛ لأن الوارد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليهما بكلتا يديه أي بالراحة والأصابع معًا، ولكن هناك من يكون مقطوع اليد اليمنى فيمسح باليد اليسرى على الرجل اليمنى ثم الرجل اليسرى والعكس بالعكس، وإن كان مقطوع اليدين فيمسح بما يظهر من يديه إن استطاع ذلك، وإن كانت الأصابع مقطوعة فقط مسح براحتيه على رجليه، وإن كان لا يستطيع المسح لعدم وجود اليدين استعان بأحد الأشخاص ليمسح له وذلك يجزئه إن شاء الله لقوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج :78]، وقوله{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:16].

 

(35) إذا كانت مدة المسح تنتهي بعد صلاة المغرب ثم جمع معها العشاء، هل يلزمه أن يتوضأ للعشاء أم تكفي طهارة المسح لصلاة المغرب؟

الإجابة: لا يلزمه الوضوء للعشاء وتكفيه طهارة المسح لأن وضوئه لم ينتقض وقد صلى العشاء في وقت المغرب.

 

(36) هل يلزم مسح الجبيرة من الأعلى والأسفل إذا كان محل الفرض في القدم؟

الإجابة: قد ذكرنا سابقًا أنه يجب تعميم الجبيرة كلها بالمسح إذا كانت في محل الفرض دون الرجلين؛ لأن الأصل أن البدل له حكم المبدل ما لم ترد السنة بخلافه، فهنا المسح بدل عن الغسل، فكما أن الغسل يجب أن يعم العضو كله فكذلك المسح يجب أن يعم جميع الجبيرة، وأما المسح على الخفين فهو رخصة، وقد وردت السنة بجواز الاكتفاء بمسح بعضه، وعلى ذلك فلا يجوز المسح على أعلى الجبيرة فقط وأسفلها بل يمسح عليها من جميع الجهات ويعمم المسح عليها؛ لأنها تقوم مقام الفرض.

 

(37) هل يلزم المسح على اللزقة التي تكون على الظهر مع أن الماء يمرّ عليها من جميع جوانبها؟

الإجابة: إذا كان الغسل على اللزقة لا يضر صاحبها فهذا أولى وأحسن كمن يلبسها بسبب المرض دون الجرح، وإن كان غسلها بالماء يضر فيجوز المسح عليها بدلاً عن الغسل وتكون هذه الطهارة كاملة، ولا بد من تعميمها بالمسح لكون المسح بدلاً عن الغسل، وهذا فقط في الحدث الأكبر وتكون اللزقة في محل غير الأعضاء التي يجب غسلها في الوضوء، وأما إن كانت في محل الفرض فيمسح عليها بدلاً عن الغسل كما ذكرنا سابقًا.

 

(38) ما معنى قول الفقهاء: (إذا تجاوزت الجبيرة موضع الحاجة لزمه أن يتيمم)؟

الإجابة: قول الفقهاء: الصواب أنه لا يلزمه ذلك، وفي الغالب أنه لا يشدّها إلا على موضع الحاجة، ولا يجمع بين طهارتين في وقت واحد، وهذا هو رأي العلامة ابن سعدي رحمه الله، وهو رأي شيخنا وهو الراجح. والفقهاء يقصدون أنه إذا شدّها على العضو وزاد عن مكان الجرح لزمه أن يجمع إلى المسح التيمم، ولكن هذا القول غير مسلم كما ذكرنا سابقاً.

 

(39) إذا كان بعض اليد مكشوفًا وبعضها عليه جبيرة، فماذا يفعل؟

الإجابة: يغسل المكشوف من محل الفرض بالماء ويمسح على الجبيرة، ويعممها بالمسح.

 

(40) هل يجوز المسح على النعال؟

الإجابة: لا يجوز المسح على النعال لأنها ليست في حكم الخف والشراب، لكن له أن يصلي بالنعال، فإن كان تحت النعال شراب فله المسح على النعال والشراب، وإذا خلع النعال لم يمسح عليها مرة ثانية بل يمسح على ما تحتها من الشراب.

 

(41) هل يجوز المسح على الطربوش؟

الإجابة: إذا كان الطربوش لا يشق نزعه فلا يجوز المسح عليه؛ لأنه يشبه الطاقية من بعض الوجوه، لأن الأصل وجوب المسح على الرأس حتى يتبين للإنسان أن هذا مما يجوز المسح عليه.

 

(42) هل يجوز المسح على خمار المرأة؟

الإجابة: الأولى ألا تمسح عليه إلا إذا كان هناك مشقة في نزعه، إما لبرودة الجو أو مشقة نزعه ولفه مرة أخرى، والإمام أحمد أجاز للمرأة أن تمسح على خمارها إذا كان مدارًا تحت حلقها لأن ذلك قد ورد عن بعض الصحابيات رضي الله عنهن.

 

(43) هل يجوز للمرأة أن تمسح على رأسها إذا كان عليه حناء ونحوه؟

الإجابة: نعم، يجوز لها أن تمسح على رأسها ولا يلزمها أن تنقض شعر رأسها لتغسل ما تحته من الحناء، بل يكفي المسح عليه لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في إحرامه ملبدًا رأسه، وما وضع على الرأس من التلبيد فهو تابع له، وهذا فيه دلالة على أن تطهير الرأس فيه شيء من التسهيل.

 

(44) هل الجبيرة يشترط لها أن لا تكون زائدة عن موضع الحاجة؟

الإجابة: يجوز المسح على الجبيرة عند الحاجة، والحاجة تقدر بقدرها، وليست الحاجة هي موضع المكان المصاب فقط، بل كل ما يحتاج إليه في تثبيت هذه الجبيرة أو غيرها فهي حاجة، فلو كان المكان المصاب في الكف فقط ولكن احتاج الطبيب إلى ربط الكف مع الرسغ لشفاء الكف فهذه حاجة، وعلى ذلك لا يشترط للجبيرة أو غيرها أن لا تزيد عن الحاجة.

 

(45) هل يمكن الجمع بين التيمم والمسح على الجبيرة أو لا؟

الإجابة: الجمع بين المسح والتيمم لا يجب شرعًا؛ لأن إيجاب طهارتين لعضو واحد مخالف لقواعد الشريعة، لأنه يجب تطهير العضو إما بكذا أو بكذا، أما وجوب تطهيره بطهارتين فهذا لا نظير له في الشريعة، ولا يكلف الله عبدًا بعبادتين سببهما واحد.

 

(46) هل هناك فرق بين المسح على الخفين والجبيرة؟

الإجابة: نعم هناك فرق بين المسح على الخفين والجبيرة، ومن ذلك:

(1) أن المسح على الخفين له وقت معين حدده الشرع، وأما المسح على الجبيرة فله أن يمسح عليها مادامت الحاجة داعية إلى بقائها.

(2) المسح على الخفين يشترط فيه أن يلبسهما على طهارة بخلاف الجبيرة فلا تشترط لها الطهارة.

(3) أن الخف يختص بالرجل فقط، وأما الجبيرة فلا تختص بعضو معين.

(4) يجوز المسح على الجبيرة في الحدثين: الأكبر والأصغر، أما الخف فيمسح عليه في الحدث الأكبر ويجب نزعه في الحدث الأكبر.

(5) المسح على الجبيرة عزيمة، والمسح على الخف رخصة.

(6) المسح على الجبيرة لابد أن يشملها كلها فتعمم بالمسح، بخلاف الخف فالمسح على أعلاه فقط.

 

(47) ما حكم المسح على النعال حال لبس الشراب؟

الإجابة: إذا لبس النعال على الجوارب وأراد أن يمسح عليهما فيجوز له ذلك لكن بشرط بقاء النعلين عليه حتى تتم مدة المسح، فإن خلعهما بعد المسح فإنه لا يعيد المسح عليهما إلا أن يتوضأ أولاً ويغسل رجليه، والأولى له أن يمسح على الشراب أفضل كي يسهل عليه نزع النعال والحاجة تقدر بقدرها لدى المسلم. 

 

(48) إذا تيمم الإنسان ولبس الخفين، فهل يجوز في حقه أن يمسح عليهما إذا وجد الماء؟

الإجابة: لا يجوز له أن يمسح على الخفين إذا كانت الطهارة طهارة تيمم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (فإني أدخلتهما طاهرتين) ([12]).

وطهارة التيمم لا تتعلق بالرجل، إنما هي في الوجه والكفين فقط، فلو أن إنسانًا ليس عنده ماء، أو كان مريضًا لا يستطيع استعمال الماء في الوضوء فإنه يلبس الخفين ولو على غير طهارة وتبقيان عليه بلا مدة محددة حتى يجد الماء إن كان عادمًا له أو يشفى من المرض إن كان مريضًا، لأن الرجل لا علاقة لها بطهارة التيمم.

 

(49) إذا مسح الإنسان على الكنادر التي لا تغطي كعبيه ودخل المسجد وخلعها وصلى بالشراب فقط، فما حكم هذا الفعل؟ علمًا أنه مسح على الكنادر وجزءٍ من الشراب؟

الإجابة: إذا كان على الإنسان جوارب وكنادر فإن الأولى أن يمسح الجوارب حتى يكون الأمر سهلاً عليه، وإذا مسح على الجوارب وخلع الكنادر من فوقها لم يضره، أما إذا مسح على الكنادر وطرف الجوارب من الساق فهذا أجازه بعض أهل العلم ومنعه كثير من أهل العلم، وقالوا: إذا خلع الكنادر فلا يعيدها إلا بعد الوضوء كاملاً، وعليه فيكون الأولى أن يمسح على الجوارب، فيدخل يديه من تحت الكنادر ويمسح على الجوارب أو يخلع الكنادر ويمسح على الجوارب.

 

(50) ما حكم من خلع خفيه بعد أن مسح عليهما؟

الإجابة: إذا خلع الخف بعد أن مسح عليه بطلت طهارته على القول الصحيح، وهنا لا بد أن يخلع الخف ويتوضأ من جديد، ويغسل رجليه ثم يلبس الجوارب أو الخفاف، ويبدأ بالمسح مدة جديدة.

 

(51) هل ينتقض الوضوء إذا تمت مدة المسح؟

الإجابة: الراجح أنه ينتقض الوضوء بانتهاء المدة، لأن النبي  صلى الله عليه وسلم وقت مدة المسح على الخفين وغيره مما هو في حكمه بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فإذا تمت مدة المسح احتاج إلى خلع الخفين لغسلهما، وإذا وجب عليه غسل الرجلين إذا انتهت مدة المسح فهذا يدل على أن طهارته انتقضت واحتاج لتجديد وضوئه، وعلى ذلك فإذا انتهت مدة المسح انتقضت الطهارة ووجب عليه الوضوء مع غسل الرجلين.

 

(52) ما حكم خلع الجوربين عند كل وضوء دون المسح عليها احتياطًا للطهارة؟

الإجابة: هذا الفعل مخالف للسنة؛ لأن الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال للمغيرة بن شعبة عندما أراد أن ينزع خفيه (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)([13]) ومسح عليهما، وهذا من التشديد على النفس، والأولى للمسلم أن يأخذ بالرخص لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه)([14]).

 

(53) هل يجوز المسح على الشراب الحرير أو الذي فيه صورة حيوان؟

الإجابة: لا يجوز المسح على الشراب الحرير أو الذي فيه صورة حيوان، لأن المسح على الخفين رخصة فلا يباح للمعصية، ومعلوم أن القول بجواز المسح على ما كان محرما مقتضاه إقراره على لبس المحرم، والمحرم يجب إنكاره، ولا يقال هذا من باب ما يمتهن فيجوز، لأن هذا من باب اللباس، ولبس الحرير وما فيه صورة حرام بكل حال، وعلى ذلك فلا يجوز المسح عليهما.

 

(54) هل يجوز المسح على الجورب الشفاف؟

الإجابة: اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من قال بالجواز، ومنهم من قال بعدم الجواز، والراجح جواز المسح عليه؛ لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه أن يكون ساترًا فإن الرجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المكلف والتسهيل عليه بحيث لا يُلزم بخلع الجورب أو الخف عند الوضوء بل يكفيه المسح عليهما، فهذه هي العلة التي من أجلها شُرع المسح على الخفين، وهذه العلة كما ترى يستوي فيها الخف أو الجورب إذا كان مخزقًا أو خفيفًا أو سليمًا أو ثقيلاً.

 

(55) هل تنتهي مدة المسح على الجورب الثاني إذا انخلع الجورب الأول؟

الإجابة: إذا كانت بداية المسح على الجورب الأول بعد أول حدث، ثم أراد أن يلبس جوربًا آخر فوقه فمسح عليه، فمدة المسح تبدأ من أول مسحة على الجورب الأول، وعلى ذلك فإذا نزع الجورب الثاني خلال مدة المسح على الأول لم تنتقض طهارته، ولكن إن نزع الشراب الأول أثناء مدة المسح فهنا انتقضت طهارته واحتاج إلى غسل رجليه عند الوضوء.

وأما إذا لبس الجوربين معًا ثم مسح على الفوقاني دون التحتاني فالحكم للفوقاني، فإذا نزع الجورب الفوقاني احتاج إلى خلع التحتاني لغسل رجليه.

 

(56) هل يجوز المسح على كل ما لبس على الرجلين؟

الإجابة: نعم، يجوز المسح على كل ما يلبس على الرجلين، دون الشراب الحرير أو الذي فيه صورة، وذلك لأن النصوص الواردة في المسح على الخفين مطلقة وغير مقيدة بشروط، وما ورد عن الشرع مطلقًا فإنه لا يجوز تقييده إلا بنص، والأصل بقاء المطلق على إطلاقه والعام على عمومه حتى يرد دليل على التقييد أو التخصيص. وقد حكى بعض أصحاب الشافعي عن عمر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب الرقيق، وهذا يعضد القول بجواز المسح على الجوارب الخفيفة الرقيقة وعلى الجوارب المخرقة، وهذا هو الأولى وهو الذي يتمشى مع نصوص الشريعة لقول الله عز وجل حين ذكر آية الطهارة في الوضوء والغسل والتيمم {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:6].

 

(57) ما حكم المسح على أسفل الخف أو الجورب؟

الإجابة: ليس من السنة مسح أسفل الخف؛ لما ورد عن علي بن أبي طالب صلى الله عليه وسلم  قال: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه)([15]).

 

(58) إذا توضأ ثم لبس الشراب بعد أن مسح عليه ثم احتاج إلى شراب آخر يلبسه فهل يمسح على الشراب الثاني، وكذلك العكس إذا كان عليه جوارب عديدة فاحتاج إلى نزع أحدها فكيف يكون البناء على المسح؟

الإجابة: المسألة الأولى: إذا لبس الشراب ثم مسح عليه وبعد ذلك احتاج لشراب آخر يلبسه فالحكم للمسوح عليه وهو الشراب الأول، أي أن مدة المسح تبدأ من أول مسحة على الشراب التحتاني بعد أول حدث، فإذا أحدث وبقيت مدة المسح على الشراب الأول فليس له المسح على الشراب الفوقاني فيما تبقى من مدة المسح، بل تحسب مدة المسح من أول مسحة على الجورب الأول ويكون المسح عليه، فإذا انتهت مدة المسح على الشراب الأول وجب عليه نزع الشراب الفوقاني والتحتاني وغسل الرجلين.

والمسألة الثانية: إذا لبس شراباً على طهارة ثم لبس عليه آخر، ثم مسح على الشراب الفوقاني ولم يمسح على الشراب التحتاني، فالحكم هنا للممسوح عليه وهو الشراب الفوقاني، فإذا نزع الشراب الفوقاني انتقضت طهارته ووجب عليه نزع الشراب الذي تحته وغسل الرجلين.

 

(59) إذا كان يوجد جُرح في إحدى الرجلين ولَف الطبيب الشاش على هذه الرجل بوسط القدم، وعند الوضوء تغسل رجل وتمسح الأخرى التي عليها الشاش، علماً بأن مقدمة الرجل ومؤخرتها مكشوفتان.

الإجابة: الواجب في هذه الحالة غسل المكشوف من الرجل والمسح على ما غطي باللفافة وكونك تمسح على الرجل فقط دون غسل المكشوف هذا لا يكفي. ومتى أمكن غسل القدم وجب فإن لم يمكن وأمكن المسح عليها وجب فإن لم يمكن الغسل ولا المسح فهنا يلجأ من يريد الطهارة للتيمم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم  لعمار رضي الله عنه:(إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ)([16]).

 

(60) في حالة القيام بعملية في العيون يوضع عليها لاصق من شاش أو نحوه، فكيف تكون الطريقة الصحيحة للوضوء وضمان عدم دخول الماء للعينين؟

الإجابة: فالله تعالى يقول:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة: 286]،وقال أيضاً:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:16]، وعلى هذا فيجوز للمريض الذي يريد أداء الصلاة أن يغسل محل الفرض أو يمسح عليه بحسب حاله، والضرورات تبيح المحظورات، وعلى هذا فيجب على من قام بعملية جراحية في عينيه وربط عليهما مانعاً من لاصق أو شاش أن يغسل ما استطاع من الوجه بالماء ويمسح محل العينين فقط بحيث لا يصل الماء إليهما، والضرورة في ذلك تقدر بقدرها بحيث لو احتاج المريض للغسل أو المسح فالأمر راجع للضرورة نفسها.

والقاعدة الشرعية عند العلماء:(أن جميع الواجبات تسقط مع العجز عنها) فإن كان لها بدل لزم العمل به وإلا سقطت عن المسلم فلا واجب مع عدم القدرة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم  يقول:(إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم) ([17]).

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

فهرس الموضوعات

الموضوع
المقدمة:
(1) ما الأصل في المسح على الخفين ؟
(2) ما المراد بالجوارب والخفين عند الإطلاق ؟
(3) ما حكم المسح على الخفين؟
(4) ما هي الشروط المعتبرة الصحيحة للمسح على الخفين ؟
(5) هل هذه الشروط محل اتفاق بين أهل العلم؟
(6) هل النية واجبة لمن لبس الخفين أن يكون مراده المسح عليهما؟
(7) يظن بعض الناس أنه إذا تيمم وعليه شراب أن عليها خلعها، فهل هذا الفعل صحيح؟
(8) متى يكون ابتداء المدة للمسح على الخفين؟
(9) اشتهر عند العامة أن المسح يكون لخمس صلوات فقط ولا يزيدون ثم يعيدون المسح مرة أخرى، فهل هذا صحيح؟
(10)إذا انتهت مدة المسح أو نزع الممسوح عليه، فهل تنتقض الطهارة؟
(11) هل يشترط في الخفين أن يكونا ساترين لمحل الفرض ؟.
(12) إذا نزع الشراب وهو على طهارة ثم أعادها قبل انتقاض الطهارة، فهل يجوز المسح عليها؟
(13) إذا مسح شخص بعد انتهاء مدة المسح وصلى بعض الصلوات، فما الحكم؟
(14) ما هي الكيفية الصحيحة للمسح على الخفين ؟
(15) رجل غسل رجله اليمنى ثم لبس الخف، ثم غسل اليسرى ولبس الخف، فما الحكم؟
(16) إذا لبس خفاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل الحدث، فما الحكم؟
(17) إذا لبس خفًا ثم أحدث ثم لبس عليه آخر، فما الحكم؟
(18) إذا لبس خفا ثم أحدث ومسح عليه ثم لبس آخر، فما الحكم ؟
(19) إذا لبس خفا على خف ومسح الأعلى ثم خلعه، فهل يمسح على الأسفل بقية المدة؟
(20) هل يجوز أن يمسح على الكنادر مع الشراب إذا كان بعض الشراب ظاهرًا؟
(21) إذا وصل المسافر أو سافر المقيم وهو قد بدأ بالمسح، فكيف يكون حساب مدته؟
(22) إذا شك الإنسان في ابتداء وقت المسح، فماذا يفعل؟
(23) هل المرأة مثل الرجل في أحكام المسح على الخفين؟
(24) هل يجوز خلع الشراب أو بعضه ليحك قدمه ونحوه؟
(25) هل يجوز المسح على العمائم، وما صفة ذلك؟
(26) هل يقاس على العمائم شماغ الرجل وغطاء المرأة؟
(27) ما حكم المسح على الجبيرة وما في معناها، وهل لها من شروط؟
(28) وهل يدخل في حكم الجبيرة اللفائف والشاش واللزقة؟
(29) إذا وجد جرح في أحد أعضاء الطهارة، فما الحكم ؟
(30) ما صفة المسح على الجبيرة؟
(31) ما حكم المسح على البسطار والقبع؟
(32) ما حكم المسح على الخف المخرق؟
(33) هل يأخذ ماء جديدًا حال مسحه على الخفين ؟
(34) هل المسح يكون بالأصابع أو الراحتين ؟
(35) إذا كانت مدة المسح تنتهي بعد صلاة المغرب ثم جمع معها العشاء، هل يلزمه أن يتوضأ للعشاء أم تكفي طهارة المسح لصلاة المغرب؟
(36) هل يلزم مسح الجبيرة من الأعلى والأسفل إذا كان محل الفرض في القدم؟
(37) هل يلزم المسح على اللزقة التي تكون على الظهر مع أن الماء يمرّ عليها من جميع جوانبها؟
(38) ما معنى قول الفقهاء:(إذا تجاوزت الجبيرة موضع الحاجة لزمه أن يتيمم)؟
(39) إذا كان بعض اليد مكشوفًا وبعضها عليه جبيرة، فماذا يفعل؟
(40) هل يجوز المسح على النعال ؟
(41) هل يجوز المسح على الطربوش؟
(42) هل يجوز المسح على خمار المرأة؟
(43) هل يجوز للمرأة أن تمسح على رأسها إذا كان عليه حناء ونحوه؟
(44)هل الجبيرة يشترط لها أن لا تكون زائدة عن موضع الحاجة؟
(45) هل يمكن الجمع بين التيمم والمسح على الجبيرة أو لا؟
(46) هل هناك فرق بين المسح على الخفين والجبيرة؟
(47) ما حكم المسح على النعال حال لبس الشراب؟
(48) إذا تيمم الإنسان ولبس الخفين، فهل يجوز في حقه أن يمسح عليهما إذا وجد الماء؟
(49) إذا مسح الإنسان على الكنادر التي لا تغطي كعبيه ودخل المسجد وخلعها وصلى بالشراب فقط، فما حكم هذا الفعل؟ علمًا أنه مسح على الكنادر وجزءٍ من الشراب؟
(50) ما حكم من خلع خفيه بعد أن مسح عليهما؟
(51) هل ينتقض الوضوء إذا تمت مدة المسح ؟
(52) ما حكم خلع الجوربين عند كل وضوء دون المسح عليها احتياطًا للطهارة؟
(53) هل يجوز المسح على الشراب الحرير أو الذي فيه  صورة حيوان؟
(54) هل يجوز المسح على الجورب الشفاف ؟
(55) هل تنتهي مدة المسح على الجورب الثاني إذا انخلع الجورب الأول؟
(56) هل يجوز المسح على كل ما لبس على الرجلين؟
(57) ما حكم المسح على أسفل الخف أو الجورب؟
(58) إذا توضأ ثم لبس الشراب بعد أن مسح عليه ثم احتاج إلى شراب آخر يلبسه فهل يمسح على الشراب الثاني، وكذلك العكس إذا كان عليه جوارب عديدة فاحتاج إلى نزع أحدها فكيف يكون البناء على المسح؟.
(59) إذا كان يوجد جرح في إحدى الرجلين ولف الطبيب الشاش على هذه الرجل بوسط القدم، وعند الوضوء تغسل رجل وتمسح الأخرى التي عليها الشاش، علماً بأن مقدمة الرجل ومؤخرتها مكشوفتان.
(60) في حالة القيام بعملية في للعيون يوضع عليها لاصق من شاش أو نحوه، فكيف تكون الطريقة الصحيحة للوضوء وضمان عدم دخول الماء للعينين ؟
فهرس الموضوعات:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه البخاري برقم (374)، ومسلم برقم (401).

([2]) رواه البخاري برقم (206)، ومسلم برقم (274، 79).

([3]) سبق تخريجه، ص .

([4]) سبق تخريجه، ص .

([5]) رواه أبو داود (650)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/175).

([6]) رواه أحمد (30/11)(18090)، والترمذي (1/156)، والنسائي (1/83)، وحسنه الألباني في سنن الترمذي (1/159)، والنسائي (1/98).

([7]) رواه مسلم (1/232) برقم (276).

([8]) سبق تخريجه، ص .

([9]) رواه الدار قطني (1/376) برقم (779)، والحاكم وصححه (1/290) برقم (643)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (447).

([10]) سبق تخريجه، ص.

([11]) رواه البخاري (1/39) برقم (137)، ومسلم (1/276) برقم (361).

([12]) سبق تخريجه، ص.

([13]) سبق تخريجه، ص.

([14]) رواه أحمد (5873)، وابن حبان في صحيحه (2742)، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (1885), والإرواء رقم (564).

([15]) رواه أحمد (1/11)، وأبو داود (1/42)، وصححه الألباني في سنن أبي داود رقم (147).

([16]) رواه البخاري (1/75) برقم (338)، ومسلم (1/280) برقم (368).

([17]) رواه البخاري (9/94) برقم (7288)، ومسلم (2/975) برقم (1337).