114 – منهج الشيخ ابن عثيمين في التعليم الجامعي

الخميس 20 رجب 1445هـ 1-2-2024م

 

114 –  منهج الشيخ ابن عثيمين في التعليم الجامعي pdf

 

 

منهج الشيخ ابن عثيمين

في التعليم الجامعي

 

إعداد

أ.د عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

أستاذ بقسم الفقه – كلية الشريعة والدراسات الإسلامية

جامعة القصيم

  

 

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الله تعالى جعل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم طائفة على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة.

فهم غرس الله الذين غرسهم وفضلهم بالعلم، وهم الذين يغرسون العلم في قلوب عباده، وهم الذين ارتضاهم ليكونوا ورثة أنبيائه، وهم الذين قيضهم الله لحفظ هذا الدين، وفضل العلماء على العبّاد كبير، قال تعالى: {..إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ..}([1]).

وقال صلى الله عليه وسلم (…وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)([2]).

وإن العالم إذا زرع علمه عند غيره ثم مات جرى عليه أجره وبقي له ذكره، وهو عمر ثان وحياة أخرى وذلك أحق ما تنافس فيه المتنافسون ورغب فيه الراغبون.

وها هو شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمة الله عليه قدم للإسلام الكثير، وبذل الجهد من أجل نفع المسلمين، عن طريق الدروس، والمحاضرات، والفتاوى، والمؤلفات، والعمل الخيري.

لقد كان رحمه الله غزير العلم، قوي الحجة، ينساب العلم منه دون تكلف، يبسط نفسه للصغير والكبير على حد سواء، ظاهر الزهد، رقيق القلب، نقي السريرة، لا يحسد ولا يحقد.

وقد ظهر فضله في حياته وبعد مماته، حتى عامة الناس لم يحرموا من علمه، فقد كانوا يقابلونه وهو في طريقه إلى المسجد فيوقفه أحدهم ويسأله فلا ينصرف عنه حتى يشفي غليله بإجابته، وطالب العلم كان يرجع إليه في كثير من المسائل، فلا يبرح عنه حتى يجد من نفسه انشراح الصدر لما تعلمه منه، حتى طلاب الجامعة لم يحرموا خيره، فقد كان لهم كالأب الحاني، والمعلم الفطن، والموجه الشفيق.

وأما الأساتذة والإداريون فقد كان لهم نعم المعين “بعد الله تعالى” على نفع الطلاب، والسير بالجامعة إلى كل فلاح ونجاح، فلم يحرم من علمه وفضله القريب والبعيد.

وكان رحمه الله دائم البشر والتواضع لمن حوله، قاضياً لحاجات المسلمين، سائراً على درب الصالحين، والعلماء العاملين.

وفي السطور القليلة التي أضعها بين يدي القارئ بيان بعض مميزاته وجهوده وفضله في حياته العلمية طيلة رحلته مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم – سابقاً -، والمسماة حالياً بجامعة القصيم.

ولتمام فائدة البحث وضعت استبانة طرحت فيها بعض التساؤلات حول سيرة شيخنا رحمه الله وجهوده ومواقفه خلال فترة تدريسه، وقمت بتوزيعها على بعض طلابه ممن عاصروه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، وقد استجاب أكثرهم، وذكرت طرفاً من آرائهم وبعض المواقف لهم مع الشيخ في صفحات هذا البحث، وسأشير في الخاتمة إلى نتائج تلك الاستبانة.

ولا يفوتني أن أشكر جميع الإخوة الذين استجابوا لهذا الطلب وفاءً لشيخهم، فجزاهم الله خير الجزاء وجعل ذلك في موازين حسناتهم.

وقد حرصت أن أشارك في هذه الندوة المباركة (جهود الشيخ محمد العثيمين العلمية)، وأخذت موضوع (جهود الشيخ ابن عثيمين ومنهجه في التعليم الجامعي) لأني عاصرت الشيخ في الجامعة طيلة ثمانية عشر عاماً من عام 1403 إلى عام 1421هـ وسمعت منه الكثير، وتعلمت منه الكثير، وقد استفدت منه أثناء عملي في الكلية.

وقد جاء البحث في مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، وذيلته بالفهارس للمصادر والمراجع والموضوعات، وتفصيل ذلك كالتالي:

المقدمة:

المبحث الأول: الشيخ ابن عثيمين نشأته وتعليمه، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التعريف بسيرته رحمه الله.

المطلب الثاني: نشأته رحمه الله.

المطلب الثالث: تعليمه وشيوخه.

المبحث الثاني: منهجه رحمه الله في التعليم، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: طريقته في التدريس:

المطلب الثاني: أسلوبه في التعامل مع طلابه.

المطلب الثالث: محبة الطلاب له واستفادتهم من منهجه في التدريس.

المبحث الثالث: أثره رحمه الله على التعليم الجامعي، وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: توجيهاته ونصائحه لطلابه في الجامعة.

المطلب الثاني: حرصه على نفع الطلاب.

المطلب الثالث: غرسه للإخلاص والقيم الإسلامية في نفوس الطلاب.

المطلب الرابع: جهوده وآثاره في التعليم الجامعي.

المطلب الخامس: مواقف خاصة للشيخ في التعليم الجامعي والتعامل مع الإداريين والطلاب.

الخاتمة:

أسأل الله تعالى أن ينفع بتلك الكلمات كاتبها وقارئها، وأن يجعلها في موازين حسناتنا يوم نلقاه، وأن يغفر لشيخنا العثيمين، وأن يسكنه فسيح جناته، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 

المبحث الأول: الشيخ ابن عثيمين نشأته وتعليمه،

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول:

التعريف بسيرته رحمه الله:

أولاً: اسمه ونسبه: هو الشيخ الإمام العلامة المفسر الفقيه المحدث الفرضي، أحد مجددي القرن الخامس عشر، أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين، ينحدر نسبه إلى قبيلة بني تميم المشهورة.

ثانياً: ولادته: ولد سماحة شيخنا رحمه الله في محافظة عنيزة من أكبر محافظات منطقة القصيم في السابع والعشرين من شهر رمضان من عام 1347هـ.

ثالثاً: أسرته: تزوج الشيخ العثيمين رحمه الله في بداية حياته ابنة عمه سليمان بن محمد العثيمين والتي توفيت على إثر ولادة، ثم تزوج رحمه الله بعد وفاة زوجته الأولى ابنة الشيخ عبد الرحمن الزامل العفيسان وظلت معه خمس سنوات لم ينجب منها فطلقها، ثم تزوج بعدها أم عبد الله بنت محمد بن إبراهيم التركي والتي أنجب منها خمسة ذكور وهم عبد الله، وعبد الرحمن، وإبراهيم، وعبد العزيز، وعبد الرحيم. وثلاث بنات؛ زوج اثنتين منهن لطالبين من خيرة طلابه وهما الشيخ سامي بن محمد الصقير، والشيخ خالد بن عبد الله المصلح، الأستاذان بجامعة القصيم.

وله رحمه الله من الإخوة اثنان، الأول: الأستاذ الدكتور. عبد الله بن صالح العثيمين وهو أستاذ متقاعد في جامعة الملك سعود بالرياض، وكان رئيس قسم التاريخ بالجامعة قبل تقاعده، وهو أمين عام جائزة الملك فيصل العالمية كما أنه عضو في مجلس الشورى السعودي.

والثاني: عبد الرحمن بن صالح العثيمين، وكان يعمل مديراً للشؤون المالية والإدارية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، كما أن للشيخ رحمه الله شقيقة واحدة هي زوجة ابن عمه الشيخ محمد بن سليمان العثيمين.

المطلب الثاني:

نشأته رحمه الله:

نشأ رحمه الله تعالى في أسرة محافظة معروفة بالاستقامة والتدين، وكانت أسرته تسكن في مدينة عنيزة، وهي من أشهر محافظات منطقة القصيم، وقد اشتهرت بعلمائها الكبار أمثال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله، وقد بدأ شيخنا رحمه الله طلبه للعلم بحفظ القرآن على جده لأمه حتى أتمه على يديه.

وبدا عليه رحمه الله منذ صغره حرصه على طلب العلم، ودليل ذلك استغلاله لوقته في القراءة النافعة، وحفظ المتون، والجلوس إلى المشائخ.

وعندما بدأ يجلس بين يدي شيخه العلامة السعدي رحمه الله رأى منه الذكاء والنجابة فحرص عليه، وعمل على انضمامه لحلقته وتفريغه لطلب العلم.

وقد جاء وقت من الأوقات في محافظة عنيزة توجه الناس إلى الفلاحة والزراعة – بوادي الرمة – وقيامهم بغرس النخيل فيه، وقام والد الشيخ العثيمين وأعمامه ومعهم أبناؤهم بزراعة ذلك الوادي للحصول على شيء من الدنيا يعينهم على العيش، وكان من ضمنهم آنذاك الشيخ العثيمين رحمه الله.

واستمر رحمه الله يعمل معهم لمدة ثلاث سنوات، وقد افتقده الشيخ السعدي رحمه الله وتحرى عن أخباره، فعلم أنه انشغل بالزراعة عن طلب العلم، فطلب الشيخ السعدي رحمه الله من والده أن يرجع ابنه ليواصل دراسته في حلقته بالمسجد فوافق والده على ذلك لما رأى من حرص ابنه على طلب العلم.

وكانت هذه بداية الجد في طلب العلم من الشيخ رحمه الله، وبدأ مشوار حياته العلمية في الاستفادة من الشيخ السعدي رحمه الله ومن حضرهم من الشيوخ.

وهكذا نشأ شيخنا – رحمه الله – بين أحضان العلماء ولازم حلقاتهم وأسند ركبتيه إلى ركبهم، فأدرك وهو في سن مبكرة الشيء الكثير من شتى أنواع العلوم.

المطلب الثالث:

تعليمه وشيوخه:

بدأ شيخنا رحمه الله في أول حياته بقراءة القرآن حتى أتم حفظه ـ كما ذكرت سابقاً ـ وقد قرأه على جده لأمه عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ، ثم بعد ذلك اتجه لطلب العلم، وبدأ بتعلم الخط والحساب وبعض فنون الآداب، وقد ظهرت عليه أمارات النبوغ والذكاء، وصاحب ذلك همة وحرص، وجد واجتهاد جعله يحصل أضعاف ما يحصل أترابه وزملاؤه في مثل سنه.

ولقد اعتنى به شيخه العلامة ابن سعدي رحمه الله عناية خاصة حيث عهد إلى اثنين من كبار تلاميذه وهما الشيخ علي الصالحي والشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع لتعليم صغار التلاميذ، فقرأ شيخنا – محمد – عليهما بعض المختصرات من كتب الشيخ ابن سعدي وغيره، وقد نوّع رحمه الله مقروءاته من العقيدة، والفقه، والنحو، وغيرها من العلوم.

عاش شيخنا – رحمه الله – حياة حافلة بالعلم والتعليم، ولقد ترك رحمه الله عنيزة بعد أن جلس على علمائها وأخذ عنهم، وسافر إلى الرياض ليلتحق بالمعاهد العلمية هناك، يقول الشيخ رحمه الله عن نفسه:

(بعد أن فتحت المعاهد العلمية دخلت المعهد العلمي من السنة الثانية والتحقت به بمشورة من الشيخ علي الصالحي، وبعد أن استأذنت من الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – وكان المعهد العلمي في ذلك الوقت ينقسم إلى قسمين: خاص وعام، فكنت في القسم الخاص وكان في ذلك الوقت من شاء أن يقفز بمعنى أنه يدرس السنة المستقبلة له في أثناء الإجازة ثم يختبرها في أول العام الثاني فإذا نجح انتقل إلى السنة التي بعدها وبهذا اختصر الزمن ثم التحقت بكلية الشريعة في الرياض انتساباً وتخرجت منها)([3]).

درس شيخنا – رحمه الله – في معهد الرياض العلمي، واستغل وجوده في الرياض بالدراسة على شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله الذي قرأ عليه بعضاً من أبواب صحيح البخاري، وبعض رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، وبعض الكتب الفقهية، يقول شيخنا محمد العثيمين رحمه الله: (لقد تأثرت بالشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله من جهة العناية بالحديث، وتأثرت به من جهة الأخلاق أيضاً، وبسط نفسه للناس)([4]).

وبعد تخرج شيخنا رحمه الله من المعهد العلمي درس في كلية الشريعة بالرياض منتسباً. وبعد أن استكمل رحمه الله دراسته النظامية بالرياض عاد إلى عنيزة ليدرّس في المعهد العلمي الذي افتتح فيها، ثم لما فتح فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم انتقل الشيخ – العثيمين – للتدريس فيه في كلية الشريعة وأصول الدين وأصبح عضواً في مجلس الكلية ما يزيد على عشرين عاماً، ثم عيّن عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وتوفي – رحمه الله – وهو يشغل هذا المنصب بالإضافة إلى التدريس في فرع الجامعة وخطابة المسجد الجامع الكبير في عنيزة.

وكان للشيخ – رحمه الله – إسهام متميز في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في عنيزة حيث تابع نشاطها ورسم منهجها وتفاعل مع العاملين فيها والطلاب فجزاه الله عن الجميع خيراً.

وبعد عودة شيخنا رحمه الله إلى عنيزة رُشح أثناء وجوده بها بعض المشايخ لإمامة الجامع الكبير، لكنهم لم يستمروا على ذلك إلا مدة قصيرة جدا، فتم ترشيح شيخنا محمد بن صالح العثيمين لإمامة الجامع الكبير، وعندها بدأ رحمه الله القيام بالتدريس مكان شيخه، ولم يقم بالتأليف إلا عام 1382هـ، حين ألف أول كتاب له وهو “فتح رب البرية بتلخيص الحموية” وهو تلخيص لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية “الحموية في العقيدة”.

والجدير بالذكر أن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله – كان قد عرض بل ألح على شيخنا – رحمه الله – ليتولى القضاء، بل أصدر قراراً بتعيينه رئيساً للمحكمة الشرعية بالأحساء لكن شيخنا ابن عثيمين طلب الإعفاء وبعد مراجعات واتصال شخصي سمح الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله بإعفائه من منصب القضاء وتولى التدريس في معهد عنيزة العلمي.

شيوخه:

استفاد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في طلبه للعلم من عدة شيوخ أجلاء، بعضهم في مدينة عنيزة، وبعضهم في الرياض حينما سكنها للدراسة النظامية، ومن هؤلاء:

* علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – أحد العلماء الكبار، كانت حياته جهاداً متواصلاً بالدعوة والكتابة والتأليف، تتلمذ على يديه مئات الطلاب وهم من أقطاب الحركة العلمية المعاصرة، بل إن بعضهم من كبار علماء المملكة في هذا الوقت، منهم من أفنى حياته بالعلم والتعليم ومضى إلى الدار الآخرة، ومنهم من لا يزال يعطي بقوة – متعهم الله بالصحة والعافية -، وقد تعلم على يديه شيخنا ابن عثيمين ولازمه مدة طويلة ينهل من علمه ويتدرب على يديه.

يقول شيخنا ابن عثيمين :(إنني تأثرت به كثيراً في طريقة التدريس وعرض العلم وتقريبه للطلبة بالأمثلة والمعاني، وكذلك أيضاً تأثرت به من ناحية الأخلاق الفاضلة، وكان -رحمه الله- على قدر في العلم والعبادة، يمازح الصغير ويضحك إلى الكبير، وهو ما شاء الله من أحسن من رأيت أخلاقاً)([5]).

وقد قرأ شيخنا العثيمين على شيخه – السعدي- في أبواب كثيرة منها: التوحيد، والتفسير، والحديث، والفقه، وأصول الفقه، والفرائض، ومصطلح الحديث، والنحو، والصرف.

وقد لازمه شيخنا رحمه الله ملازمة قوية، وكانت له منزلة عظيمة عنده ظهرت آثارها في إعداده وتهيئته لتحمل مسؤولية شيخه من بعده، وكانت فراسة شيخه فيه صائبة حيث خلفه في إمامة الجامع والقيام على المكتبة والتدريس، فرحمهما الله رحمة واسعة.

* سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، درس عليه حينما انتقل ابن عثيمين إلى الرياض للدراسة النظامية، حيث درس على ابن باز وهو شيخه الثاني بعد ابن سعدي، وقد قرأ عليه صحيح البخاري، وبعض كتب الفقه، وكان الشيخ محمد يثني على شيخه -ابن باز- خيراً في حياته وبعد وفاته، وكثيراً ما يقول في دروسه وهذا رأي شيخنا الشيخ عبد العزيز وكان يقول عنه: (لقد تأثرت بالشيخ عبد العزيز بن باز من جهة العناية بالحديث وتأثرت به من جهة الأخلاق أيضاً وبسط نفسه للناس).

* الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي المتوفى في عام (1393هـ) أحد أبرز المفسرين في هذا العصر اللغوي المشهور صاحب (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن). 

درس عليه الشيخ في المعهد العلمي بالرياض، وكان من أبرز علماء العصر، واستفاد منه الشيخ العثيمين فائدة عظيمة في دقة الاستنباط، وغزارة العلم، وبسط المسائل.

يقول عنه ابن عثيمين : (إذا ابتدأ شيخنا الشنقيطي درسه انهالت علينا الدرر من الفوائد العلمية من بحر علمه الزاخر فعلمنا أننا أمام جهبذ من العلماء وفحل من فحولها فاستفدنا من علمه وسمته وخلقه وزهده وورعه).

* الشيخ علي بن حمد الصالحي كان يعلم صغار طلاب ابن سعدي، وقد درس العثيمين عليه بعض العلوم.

* الشيخ محمد بن عبد العزيز  المطوع قرأ عليه العثيمين (مختصر العقيدة الطحاوية) و(منهاج السالكين) في الفقه كلاهما لشيخه ابن سعدي، وكذا قرأ عليه (الأجرومية) و(الألفية) في النحو والصرف.

* الشيخ عبد الرحمن  بن علي بن عودان قرأ عليه العثيمين  بعض كتب الفقه وكذا قرأ عليه في الفرائض.

* الشيخ عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ جد الشيخ ابن عثيمين لأمه وقد قرأ عليه القرآن حتى أتم حفظه.

وفاته: توفي شيخنا رحمه الله تعالى في يوم الأربعاء: 15/ 10/ 1421هـ، وصلى عليه المسلمون في المسجد الحرام عصر الخميس: 16/ 10/ 1421هـ، ودفن في مكة. وكانت جنازة شيخنا شاهداً على محبة الناس له، وتقديرهم لعلمه وفضله، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه يقول: (مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَا وَجَبَتْ قَالَ هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ)([6]).

 

المبحث الثاني: منهجه رحمه الله في التعليم،

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول:

طريقته في التدريس:

لقد سلك رحمه الله منهج شيخه ابن سعدي في التدريس والتعليم، حيث يقول: (إنني تأثرت به – أي بابن سعدي- كثيراً في طريقة التدريس وعرض العلم وتقريبه للطلبة بالأمثلة والمعاني)([7]).

فكان الشيخ رحمه الله يحث طلابه في الجامعة على حفظ المتون العلمية والاهتمام بقراءة شروحها، وكان يقوم بتوضيحها وتقريبها لهم.

وكان يوصيهم رحمه الله بالاهتمام بعلوم الشريعة من التفسير والحديث والعقيدة والفقه وأصوله والفرائض والعربية وغيرها.

وكان أيضاً يوجههم إلى العناية بالدليل، وبناء الحكم عليه، والاستنباط منه ليكون ذلك أكثر طمأنينة للعالم والمتلقي.

والاهتمام أيضاً بالترجيح المبني على قوة الدليل، مع بيان وجه الترجيح من المنقول أو المعقول. قال رحمه الله: (طالب العلم يجب عليه أن يتلقى المسائل بدلائلها، وهذا الذي ينجيه عند الله سبحانه وتعالى)([8]).

وكان يحثهم على كثرة المراجعة لما شرحه، ومناقشته فيما يعسر عليهم فهمه، والحرص على أن تكون المناقشة بموضوعية وتجرد.

وكانت له رحمه الله طريقته الخاصة والسهلة في تدريس طلابه، بحيث يمكن الطلاب من الاستفادة الجادة المرتبطة بالمواد العلمية التي تدرس لهم، بحيث يخصص للدرس وقتاً معيناً ثم يتخلله بعض الأسئلة من الطلاب، ولما وجد أن هذه الطريقة تضيع بعض أوقات الدرس وتشوش على بعض الطلاب أجّل الأسئلة إلى نهاية الدرس حسب الوقت المتاح.

وكان من حرصه رحمه الله على طلابه أنه يكلفهم كثيراً بالبحوث وتحرير المسائل المشكلة، بحيث يعود ذلك عليهم بالنفع من ناحية البحث والتدقيق والوصول إلى الترجيح المبني على الدليل الشرعي، وكان لذلك أثره على كثير من طلابه، حيث مكنهم من الاجتهاد في الوصول إلى حل كثير من المسائل الدقيقة والتي تحتاج إلى جهد ووقت كبير، فكانت تعرض عليه تلك البحوث والرسائل، ويناقشها أمام طلابه، ليعلمهم كيفية الحصول على الثمرة بعد البحث والتحري.

ولعل من آخر تكليفه -رحمه الله- لطلابه أننا كنا مع بعض الإخوة المشايخ في زيارة له في أواخر شهر رجب يوم الأربعاء: 27/ 7/ 1421هـ وسألناه عن قنوت النوازل فتكلم بكلام قوي، وقال لي: لعلك تبحث هذه المسألة، وتحصر ما ورد فيها من النصوص وكلام أهل العلم. فقلت له: على أن تقرأ ذلك؟ فقال: إن شاء الله. لكن المنية عاجلته -رحمه الله- قبل ذلك([9]).

بل إنه -رحمه الله- يكلف صغار طلابه المبتدئين ليزرع الهمة والثقة في نفوسهم ويتلخص منهجه مع طلابه في النقاط الآتية:

1ـ العناية بعلوم الشريعة، والتوجيه بحفظ المتون العلمية والاستفادة من الشروح الخاصة بها، مع الاهتمام بالدليل من الكتاب والسنة، وتوجيههم إلى الإكثار من المراجعة والتكرار للمواد التي تدرس لهم.

2ـ تكليفهم ببعض المسائل تشجيعاً لهم وتدريباً على الاستنباط والاستفادة والممارسة العملية.

3ـ عدم فرض رأيه على طلابه حتى في اختيار الكتاب وتقديم الدرس أو تأخيره أو البدء بالمتن الفلاني وهكذا، وكثيراً ما يقدم رأي الطالب على رأيه وفي هذا تعويد للطلاب على لزوم الحق وليس في ذلك غضاضة على الشيخ بل يدل على تواضعه وإشراكه طلابه معه في الرأي.

4ـ تدريب الطلاب على الكلمات بحضور الشيخ، فيلقي الطالب على زملائه وهم مستعدون لإبداء الملاحظات على الطالب ليكون في ذلك تدريب للطالب على الإلقاء، ولإخوانه الآخرين على إبداء الرأي والملاحظة الهادفة، فأنبت ذلك لدى الطلاب الحرص على حضور الذهن وصفاء النفس للاستفادة من المواد العلمية التي تعرض عليهم.

5ـ إسناد بعض الدروس لبعض طلابه تدريباً لهم وشحذاً لهممهم وتهيئة لهم لنفع الناس، وكان هذا الأمر له الأثر الفعال على كثير من طلابه في حياته وبعد وفاته رحمه الله، ولذا تجد أغلب من حضروا له في الجامعة قد استفادوا من توجيهاته في كيفية التعامل مع الناس، والحرص على إيصال العلم لهم سهلاً ميسراً.

المطلب الثاني:

أسلوبه في التعامل مع طلابه:

كان رحمه الله يتعامل مع طلابه كتعامل الأب مع أبنائه، والشيخ مع تلامذته، فكان رحيماً بهم، شفيقاً عليهم، حريصاً على مصالحهم، مجتهداً في الوصول إلى أعلى درجات الاستفادة لهم مما جعلهم يبذلون قصارى جهدهم في التحصيل العلمي المفيد.

وقد كان رحمه الله رفيقاً بطلابه وخاصة المبتدئين منهم، وكان من رفقه بهم تفقده لأحوالهم الشخصية، وحرصه على حل كل ما يعتريهم من مشاكل وصعوبات، وسواء كانت مادية أو معنوية.

وكان من تواضعه رحمه الله لطلابه استماعه إلى آراءهم ومقترحاتهم، وخاصة فيما يدور حول المادة العلمية التي يدرسونها، فكان حريصاً كل الحرص على المناقشة، والحوار، مع سرد الأدلة، والخروج بالترجيح اعتماداً على قوة الدليل الشرعي الصحيح من الكتاب والسنة.

وكان دائماً يوصيهم بالتحري والدقة للوصول إلى الحق، وعدم ازدراء المخالف، بل عليهم أن يستمعوا لجميع الأقوال ثم يكون الاعتماد بعد ذلك على الدليل الصحيح.

وكان من توجيهه لهم الحرص على ربط العلم بالعمل، لأن العمل هو الذي يثبت العلم، ويقويه، ويعين صاحبه على نشره، وكان يحذرهم من مخالفة ذلك مصداقاً لقول الله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}([10])، فإن من تعلم دون أن يعمل فهو كالحمار يحمل أسفاراً، والقدوة الصالحة هي التي تتصف بالعلم والعمل معاً.

وقد كان رحمه الله قدوة صالحة في نفسه، يرونه ملتزماً بسمت الصالحين، منضبطاً في مواعيده، ملتزماً بدروسه، باذلاً للجهد في سبيل إيصال علمه لطلابه، متواضعاً في تعامله معهم، فلا يعنف، ولا يحقر، ولا يشدد في توجيهاته، وهذا له الأثر الكبير في رفع شأنه في أعينهم، واحترامهم له، وسماعهم لتوجيهاته وإرشاداته.

وكان رحمه الله صادقاً في نصحه، وأمره ونهيه، فلا يرون منه سوى القدوة الصادقة التي تتكلم وتعمل،  وقد عظمت استفادتهم من معين أخلاقه وعلمه، فتعلموا منه الصدق، والإخلاص في طلب العلم، والتورع عن الخوض في المسائل الشاذة، وطلب الدليل من مظانه، والاعتماد على الكتاب والسنة في شتى المسائل التي يشرحها.

دقته في التصحيح ووضع الدرجات:

كان رحمه الله دقيقًا، ومن صور دقته في تعامله مع طلاب الجامعة عند تصحيح الأسئلة ورصد الدرجات، أنه كان متحرياً الدقة في ذلك فربما يعطي الطالب واحداً من ثمانين درجة ولا يزيده لما يرى أنه لا يستحق الزيادة، وربما يراجعه الطالب في نصف درجة وهم فيها الشيخ فيضيفها له ولا يزيده غيرها.

وهذا موقف من المواقف التي يذكرها لنا الدكتور. عبد الرحمن بن سلامة المزيني أثناء فترة عمله بالكلية قال حفظه الله: (..أذكر أثناء وكالتي للكلية أن طالباً رسب في مقرر الشيخ وبقي عليه درجة أو درجتان لا أذكر تحديداً، وطلبنا من الشيخ أن يراجع للطالب لأنها المادة الوحيدة التي رسب بها والتي لو نجح بها لتخرج من الكلية فعرضنا الأمر على الشيخ فرفض ذلك وقال: هذا الذي يستحقه الطالب)([11]).

وهذا موقف يدل على ورعه وحرصه على الأمانة التي وكلت إليه، فكان لا يظلم أحداً من طلبته ممن يدرسون عنده في درجاتهم، يقول الدكتور. أحمد بن سليمان العريني حفظه الله: (فعندما درسنا لمادة العقيدة في كلية الشريعة بالقصيم وأجرى لنا امتحان أعمال السنة يوم الأحد وفي السبت الذي يليه أحضر أوراق الإجابة مصححة، بينما عدد الطلاب يفوق الثمانين، فسلم لنا الأوراق وقال اقرؤوها، ومن وجد أني ظلمته في شيء من الدرجات أثناء التصحيح فليراجعني. وأذكر أن أحد الزملاء راجعه في نصف درجة فأضافها له. الله أكبر! إنه الجد والإنجاز مع العدل والإنصاف)([12]).

المطلب الثالث:

محبة الطلاب له واستفادتهم

من منهجه في التدريس:

لا يستفيد الطالب من شيخه إلا إذا وجد الجد والاجتهاد والصدق والإخلاص فيه، فلا يتقبل الطالب من شيخه شيئاً إلا إذا كان يرى ذلك منه، وهذا ما كان عليه الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى، فقد كان صالحاً في نفسه، مواظباً على فعل الخير، داعياً إليه.

وكان رحمه الله ـ كما ذكرت سابقاً ـ قدوة حيّة لطلابه، فلا تكاد تراه في موقف من المواقف إلا وجدته شديد الاهتمام بإفادة من أمامه، سواء كانوا طلاباً في الجامعة، أو في غيرها، وهذا ما جعله مميزاً عن كثير من الشيوخ وطلبة العلم.

لقد استفاد منه الطلاب استفادة عظيمة من طريقة أسلوبه وسلاسته في الشرح، وذلك بأخذه وردِّه معهم، وفتحه باب الحوار الهادف، للوصول إلى النتيجة التي يريدها الطالب.

فكان يحرص دائماً على انتباه الطلاب أمامه لكي يستفيدوا من الدرس، وكان يعمل على تشجيع الطالب الجاد أثناء الدرس، والثناء عليه، وحثه على المزيد.

وكان أيضاً إذا رأى أحداً منهم شارداً عن درسه ولو لبضع لحظات وجه إليه سؤالاً مباغتاً، فيكون ذلك سبيلاً إلى جعل هذا الطالب منتبهاً لدرسه، وهذا من أهم الأسباب التي جعلت طلابه الحاضرين منتبهين ذهنياًً، فأنتج ذلك كون طلابه مرتبطين بدرسه، منتفعين بما فيه من الفوائد والتوجيهات، فلا يفوت وقت من الدرس إلا وقد استوعبه طلابه، وأفادوا من مسائله وأدلته.

وكان رحمه الله يحث الطلاب الضعفاء على الاجتهاد، ويبش في وجوههم، ولا يعنف عليهم أمام زملائهم، بل ربما شجع الطالب الضعيف بشحذ همته، وتعليمه كيفية التعامل مع المادة العلمية التي يستشعر صعوبتها لديه.

وكان رحمه الله تعالى ينبه طلابه على الاهتمام بالدليل الشرعي، فهو أساس كل عبادة قولية وفعلية، وهو الطريق الموصل إلى صحة العبادة، وهو الذي يحفظ المسلم من الأفكار الشاذة الخارجة عن منهج أهل السنة والجماعة.

وكان يعظم رحمه الله تعالى حب الكتاب والسنة في قلوب طلابه، والارتباط بالمنهج الحق المبني عليهما، مما جعل طلابه يحرصون على التزام ذلك وتطبيقه في حياتهم، سواء كان ذلك أثناء دراستهم، أو من خلال تعاملهم مع الآخرين.

وكانت حواراته رحمه الله تعالى مع طلابه غاية في السهولة والإيضاح، فكان يبدأ درسه بالسؤال عما مضى من الدروس أو بعضها لكي ينتبه الطلاب لما سبق، ولا يتركونه هملا وراء ظهورهم، ولكي يعلم كل طالب أنه سوف يسأل من قبل الشيخ فيكون دائم المراجعة لما سبق، جاهزاً للإجابة عن كل سؤال يلقيه الشيخ رحمه الله.

وهذا الأسلوب جعل الطلاب يحبون شيخهم، ويستفيدون من درسه، ويحرصون على تحصيل أكبر قدر من علمه.

وقد كان رحمه الله يدخل السرور على طلابه وذلك بسرد بعض المواقف والفكاهات التي تروح عنهم عند شعوره بمللهم من طول مدة الدرس، وقوة المادة العلمية المشروحة.

وهذا مما جعل الطلاب لا يشعرون بالملل والتعب، بل ربما كان ذلك سبباً في محبتهم لدرسه، وحرصهم على حضوره، والاستفادة منه.

المبحث الثالث: أثره رحمه الله على التعليم الجامعي،

وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول:

توجيهاته ونصائحه لطلابه في الجامعة:

لقد كان الشيخ رحمه الله آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ناصحاً لطلابه في كل حين، آخذاً بأيديهم لكل ما فيه من خيري الدنيا والآخرة، فما ينفك في لحظة من اللحظات، أو موقف من المواقف إلا ويسدى النصح والتوجيه لهم.

وأهم ما كان يتمناه من طلابه هو التطبيق العملي لما يتعلمونه في حياتهم، وأن يكونوا قدوة حسنة ترتجى لأمتهم ومجتمعهم، فلا ينبغي أن يخالف الظاهر الباطن، ولا أن يخالف العالم ما يحمله من علم، بل يكون أول من يمتثل لما يوجه به ويعلمه للناس.

وقد ظهرت آثار تلك التوجيهات أثناء وجوده بين طلابه، وظهوره بمظهر العالم، والمعلم، فقد كانت أخلاقه، وتعاملاته مع طلابه لها الأثر الكبير في قبولهم لعلمه، وتعلمهم الأخلاق والانضباط، والاجتهاد في طلب العلم،  وأخذهم منه كل ما يقول خاصة أنه كان يعتمد على الدليل الشرعي الصحيح، وهذا ما طمأن طلابه وجعلهم يأخذون قوله بالقبول والتطبيق.

ومن أهم تلك التوجيهات والنصائح:

1ـ التمسك بالكتاب والسنة: فقد كان حريصاً أشد الحرص على انقيادهم لنصوص الشرع، والاعتماد عليها في كل نواحي تعليمهم وحياتهم، لما ورد من النصوص الشرعية الآمرة بذلك، كما في قوله تعالى:{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}([13])، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ)([14]).

2ـ الإخلاص في القول والعمل: وهذا من أهم ما كان يزرعه الشيخ رحمه الله في قلوب طلابه، لما ورد فيه من النصوص الشرعية الحاثة على ذلك كما في قوله تعالى {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}([15])، ولما ورد في الصحيح من قول النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا ، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْه)([16])، فبدون الإخلاص لا يكون للعلم ثمرة على الشخص أو على غيره.

لقد كان رحمه الله حريصاً دائماً أن يكون الطالب طالباً للعلم الشرعي ليس من أجل شهادة، أو منصب، أو مال، وإنما من أجل أن ينفع نفسه، ومجتمعه، وأمته.

وقد انتفع الكثير من طلابه بهذا التوجيه، فبدأوا مسيرتهم العلمية راغبين فيما عند الله، باذلين الجهد والعطاء من أجل نفع أمتهم، وما ذاك بغريب، فغالب من تخرَّج على يديه رحمه الله تبوءوا مناصب في شتى المجالات الدعوية، سواء كان ذلك في القضاء، أو في الدعوة، أو التدريس، أو في غير ذلك من مجالات نشر الخير، وها هي الجامعات خير شاهد على ذلك، فمعظم أعضاء هيئة التدريس في بعض الجامعات ممن تعلموا على يديه.

3ـ الاعتماد على الدليل الشرعي الصحيح: فقد كان رحمه الله يوجه إلى التمسك بالدليل الشرعي، وتقديمه على كل قول، انقياداً لأمر الله تعالى، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً}([17])، وقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا..}([18]).

وقد ذكرت سابقاً أنه قال في إحدى مناسباته: (طالب العلم يجب عليه أن يتلقى المسائل بدلائلها، وهذا الذي ينجيه عند الله سبحانه وتعالى)([19]).

4ـ الاقتداء بالسلف الصالح: ومعلوم أنه من كان قدوة صالحة في نفسه كان تأثيره على غيره عظيماً، ولقد كان شيخنا كذلك، فقد كان يقتدي بالسلف الصالح في سائر شؤونهم، ويحبهم، ويعظم شأنهم، ويأخذ من علمهم، لما ورد من النصوص التي تحث على اقتفاء آثارهم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)([20])، فكان رحمه الله يوصي طلابه بالتمسك بهديهم، وتوقيرهم، واحترامهم، وعدم الخوض فيما حدث بينهم.

بل كان حريصاً رحمه الله بالسير على منهجهم، فنشأ هؤلاء الطلاب على محبة السلف، والأخذ عنهم، والاستفادة من سيرتهم، وتعظيمها في نفوسهم، كيف لا وهم الذين أخذوا عن نبيهم، ونصروه وعزروه ورفعوا علم الجهاد في حياته وبعد مماته، وأوصلوا علمه إلى أمته، ونشروا راية التوحيد على كل شبر في أرض الله.

5ـ سلامة الصدر: وهذه من أفضل صفات وسمات الشيخ رحمه الله تعالى، فقد كان حريصاً على توجيهات الشرع الحنيف، وخاصة في مجال الأخلاق، فقد كان رحمه الله لا يحسد أحداً، ولا يبغض أحداً، إلا من أظهر بغضاً للدين، أو كان مجاهراً بمعصية، وكان يحب بذل الخير لكل من حوله سواء كان كبيراً أو صغيراً، أو غنياً أو فقيراً.

6ـ بذل العلم ونفع الخلق: فقد كان درسه رحمه الله مليئاً بالحوارات، والأسئلة، والردود، ليتسنى لطلابه أن ينتفعوا، وأن يشاركوا فيما يسمعونه منه، ولقد كان الدرس كله نافعاً لطلابه، فلا يمر وقت من أوقاته إلا وقد أثمر وآتى أكله. وقد كان رحمه الله يبذل جميع وقته في الجامعة في نفع طلابه، وزملائه الأساتذة، والموظفين أيضاً، فلا يخرج من درسه إلا وقد استوعبه جميع طلابه، ولا يخرج كل يوم من أروقة الجامعة إلا وقد استفاد منه من يقابله، أو يجلس معه، أو يلتقي به في اجتماع رسمي أو غيره.

7ـ احترام الأئمة ومعرفة أقدارهم ومنازلهم: وهذه أيضاً مما يتميز به الشيخ رحمه الله، فقد كان يوقر أئمة المذاهب الفقهية، ويثني عليهم خيرا، ويأخذ منهم ما يراه موافقاً للدليل الشرعي، وكان يوصي طلبته بتوقيرهم، واحترام آرائهم، وعدم الخوض فيما خالفوا فيه الجمهور. بل ربما أخذ برأي أحدهم ولو كان مخالفاً لرأي الجمهور إذا رأى أن الدليل الذي معه يوافق المسألة.

8ـ التدرج في طلب العلم: فقد وجه الشيخ رحمه الله تعالى طلابه إلى طلب العلم بالتدرج، لئلا يحصل لأحدهم الفتور، وحتى يستطيعوا تحصيل بدايات العلم، ثم يأخذوا الذي بعده، وهذا هو سبيل أهل العلم الربانيين، لأن طلب المعالي لا يتأتى إلا ببداية الطريق والصبر على ذلك، ولا يمكن لطالب العلم أن يأخذ ما هو أكبر من عقله وفهمه.

وهذا مما كان له الأثر الطيب على غالب طلابه الذين كانوا يدرسون على يديه بالجامعة، فقد بدأوا بما أوصاهم به، ثم عرجوا إلى الأكبر فالأكبر، فحصّلوا خيراً كثيراً، وتبوءوا مكانة عظيمة.

9ـ لزوم الصبر في طريق العلم والدعوة: والصبر مفتاح كل خير، وهو من أعظم طرق الوصول إلى رضا الله تعالى وجنته، وصدق الله تعالى إذ يقول: {..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}([21])، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم (..وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)([22]).

وكان رحمه الله يوصي طلابه بالصبر في طريق طلب العلم، وعدم العجلة في طلبه، والصبر على شدته في بدايته، والاجتهاد في حفظه ومراجعته، والجلوس على العلماء للاستفادة من توجيهاتهم ونصائحهم، فأثمر ذلك نتيجة طيبة في صفوفهم، فلا تجد منهم أحداً إلا وقد تمسك بطريق الصبر، وجاهد نفسه للوصول إلى معالي الأمور.

10ـ عدم الاستعجال في قطف ثمرة العلم، أو استغلاله لطلب الدنيا: وغالب من يطلبون العلم يستعجلون الطريق، ويحسبون أنهم إذا حصلوا على شهادة التخرج أنهم قد وصلوا إلى بغيتهم، وهذا هو سبيل الخسران، فالشهادة وسيلة وليست غاية، ومن طلب المعالي، بذل المهج في سبيل الوصول لأعلى المقامات، كيف لا وطريق العلم يوصل إلى رضا رب البريات، ودخول الجنات.

11ـ إفشاء السلام: فقد كان من نهجه رحمه الله إفشاء السلام، سواء كان على الصغار أو الكبار، وكان يعم سلامه على كل من يلقاه، وكان حريصاً دائماً على إفشاء السلام اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعاً لقوله (لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ)([23])، فكان قدوة لطلابه في ذلك، فلا يدخل القاعة ولا يخرج منها إلا ويلقي السلام، فعود طلابه على ذلك، وكان يحثهم عليه حرصاً على تطبيق السنة وتأليف القلوب.

12ـ الحرص على وحدة الكلمة: وهذا من أهم ما كان ينميه في قلوب طلابه لعلمه بأهميتها، ووحدة الكلمة مطلب ضروري للمسلمين، وخاصة للعلماء وطلاب العلم، وكلما كان المسلمون حريصين على وحدة الكلمة كلما توحدت الأمة وقويت صلتها فيما بينها.

13ـ طاعة أولياء الأمور في المعروف: وهذا ما كان ينميه أيضاً في قلوب طلابه، لما ورد فيه من النصوص الكثيرة التي تأمر بذلك، ومن ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ..}([24]).

وكان رحمه الله يتكلم في هذا الأمر دائماً، ويملي عليهم النصوص الشرعية الواردة في ذلك ليطمئن قلوبهم، وليشد على أزرهم لخوفه الشديد عليهم من الفتن التي تعتريهم، والأفكار الشاذة التي تواجههم، وكثيراً ما كان يوجههم إلى عدم الخروج عن طاعة ولي الأمر، والتمسك بغرزه، والالتزام بالنظام في صغار الأمور وكبارها، ويؤكد لهم أن هذا هو منهج أهل السنة والجماعة.

14ـ الحرص على موافقة السنة: وهذا ما كان عليه دائماً رحمه الله، فقد كانت طاعته لربه، وأخلاقه، ومعاملاته، ورفقه وحلمه، ونصحه كلها ناتجة عن تمسكه بالسنة، وقد كان يقول رحمه الله ناصحاً لمن حوله: (موافقة السنة أفضل من كثرة العمل)([25]).

15ـ كثرة الاستغفار عند نزول النازلة: وقد كان يرى عليه ذلك رحمه الله تعالى، وكان يحث الناس جميعاً على كثرة الاستغفار والتوبة إلى الله عند نزول أي نازلة، وكان دائماً حريصاً على ربط طلابه بالواقع الذي يعيشونه، ويخوفهم بالله، ومن عذاب الله، وكان يوضح لهم ذلك من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فكان لذلك الأثر الكبير عليهم.

16ـ المناصحة الدائمة لهم، وكان هذا منهجه دائماً سواء مع طلابهِ، أو مع سائر الناس، يقول الدكتور. عمر بن عبد الله المقبل عن الشيخ في ذلك: (ولا أنسى مرة حيث استدعى طالباً كان يدرس معنا ـ وهو حليق ـ وأخذه الشيخ على جنب، وفهمت من زميلي أن الشيخ نصحه عن حلقها، فكان لذلك أثر فيما يظهر، لأن الأخ أعفاها بعد بضع سنوات من ذلك الموقف)([26]).

وكان يحذر طلابه من النظر إلى ما حرم الله، ويوصيهم بالبعد عن كل ما يؤثر على قلوبهم، وطاعتهم لله، وخاصة في طريق طلب العلم، ومن أقواله رحمه الله في ذلك: (وكم نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلابل، كما قاله الإمام أحمد)([27]).

17ـ تحديث الناس بما يعرفون: وهذا كان منهجه، وخاصة أن هذا العلم فيه من المجمل ما يصعب على العامة فهمه، فكان حريصاً على توجيه طلابه بعدم التحدث مع الناس بما لا يعرفون وخاصة في مسائل العقيدة التي تلتبس على كثير من الناس وخاصة في مسائل الأسماء والصفات.

18ـ عدم الاختلاف فيما يسوغ الاختلاف فيه: وهذا راجع لقناعته بوجود اختلاف بين الأئمة والفقهاء، وخاصة في فروع الشريعة، وهذا ما كان دائماً ينصح به الشيخ رحمه الله طلابه، ويحضهم عليه، ويؤكد على أهميته.

19ـ الانضباط في المواعيد وحسن استغلال الوقت فيما ينفع ويفيد: وهذا ما كان فيه الشيخ رحمه الله قدوة لمن حوله، ومعلوم أنه لا يمكن قبول النصيحة من أحد إلا إذا كان يأتي بها كما يأمر، والناظر لأحوال الشيخ يجد حرصه الشديد على انضباطه بمواعيده سواء كان ذلك أثناء علمه في الكلية أو في غيرها مع طلابه وغيرهم.

وقد كان لي موقف مع شيخنا رحمه الله في أول دعوة له لي في بيته، وقد بسطته في كتابي (لقاءاتي مع الشيخين)، وهذا الموقف كان له أثر علي في حياتي في ضبط المواعيد ودقتها والالتزام بذلك قدر المستطاع.

20ـ التحذير من الحسد: وهذا ما كان ينبه عليه الطلاب دائماً، لئلا يقع منهم ذلك فيما بينهم، أو في خارج الكلية، ويخبرهم بأن الحسد من أشد أمراض القلوب التي تقعد بصاحبها عن طلب معالي الأمور. ويوصيهم دائماً بحب الخير لمن حولهم، والدعاء لمن فضلهم الله عليهم.

21ـ التحذير من العجب بالنفس، ومجاهدتها على طلب الإخلاص: وكان ذلك من أهم وصاياه، لأن الإنسان يقعد به الطريق إذا كان العجب في قلبه، ولضرورة وأهمية الإخلاص كان يوصيهم دائماً بطلب العلم لوجه الله لكي يكون له ثمرة في حياتهم.

المطلب الثاني:

حرصه على نفع الطلاب:

كان رحمه الله تعالى من أحرص الناس على نفع طلابه، وخاصة فيما يرتبطون به من العلوم التي يقوم بتدريسها لهم، وقد كان قوياً في شرحه لهم، باذلاً كل ما يملك في سبيل نفعهم، وقد ظهر ذلك جلياً فيما يلي:

1ـ استغلاله لوقت المحاضرة لإفادة الطلاب من المادة العلمية التي تشرح لهم: وهذا يتبين منذ دخوله لقاعة المحاضرات حتى انتهاءه من الدرس، فيبدأ عند دخوله بالسلام، ثم يسأل عن الدرس السابق، أو عن بعض الأمور المتعلقة بالدروس الماضية، وكان يربط الطلاب بدرسه ربطاً عظيماً، ويستغل كل دقيقة لنفعهم.

2ـ حرصه على انتظام القاعة: وهذا أيضاً ما كان يراه عليه الطلاب، فإذا دخل الطلاب إلى قاعة الدرس أوصاهم بالهدوء، وبالجلوس في أماكنهم وعدم التحدث إلا فيما يرتبط بالدرس، وإذا كان هناك طالبٌ يريد شيئاً سمح له الشيخ في حدود ما يراه مناسباً.

3ـ حرصه على إيضاح مادة الدرس بتسهيلها، وتفكيك ما يصعب عليهم من عباراتها لتحصيل فهمها، والوصول إلى إتقانها وثباتها.

4ـ حرصه على أن يكون قارئ الكتاب جيد اللسان، فصيح العبارة، وهذا يتم عن طريق اختيار من عنده المهارة في النطق والإلقاء والتمكن من اللغة، لأن عبارات الكتب في بعض الأحيان لا تكون مشكلة، فإذا لم يكن القارئ متمكناً من ذلك كثرت أخطاؤه، وهذا مما جعل كثيراً من طلابه الحاضرين له يجتهد في تعلم علوم اللغة العربية.

5ـ إعطاؤه الفرصة لطلابه للسؤال والبحث والإطلاع، فكثيرا ما كان يوصي طلابه بعمل أبحاث ورسائل حول بعض المسائل أو النوازل الفقهية الجديدة التي تحتاج إلى بحث وتدقيق، وهذا الأمر جعلهم يحرصون على كثرة الإطلاع والقراءة، وسؤال أهل العلم.

6ـ تقريبه للمادة العلمية للطلبة وذلك بضربه الأمثلة: وهذا من الأمور التي كان يعرف بها شيخنا رحمه الله، وهذا ديدنه ومنهجه، فلا يزال رحمه الله يضرب الأمثلة حتى تقرب المسائل ويصل الطالب إلى فهمها، ومعرفة دليلها، لتثبت بعد ذلك في ذهنه.

7ـ تهذيبه واختصاره لما يحتاج إلى ذلك من المواد التي يقوم بتدريسها، وخاصة لبعض الكتب المشهورة بقوة أسلوبها وصعوبة ألفاظها، ومن تلك الكتب: كتاب (تقريب التدمرية) الذي كان يشرحه لطلابه بالكلية، وتلخيصه لكتاب (الحموية) لطلاب المعاهد العلمية، ومذكرة في الفقه لطلاب الكلية.

8ـ بعده عن المنازعات وكثرة الجدال: وهذا ما كان عليه الشيخ دائماً، وكان يوصي به طلابه، ويخبرهم بأن المنازعات مع كثرة الجدال دائماً توصل إلى الشحناء والتباغض، وربما أوصلت إلى قطع الصلات والأرحام، وسببت الهجر والقطيعة.

9ـ عدم السماح بذكر الأسماء أثناء الدرس، وخاصة عند وجود من يخالف الدليل: وهذا معروف عند الشيخ لحرصه الشديد على ذلك، فإذا ذكر طالب من طلابه قول أحد العلماء، أو قول بعض طلبة العلم في مسألة معينة وكان هذا القول مجانباً للصواب، نهره الشيخ وأمره بأن يتوقف عن ذكر أي شخص حتى ولو خالف في شيء مما فيه خلاف بين العلماء.

10ـ حرصه رحمه الله على ترتيب المعلومة، وهذه من أهم أساسيات الفهم التي توصل المادة العلمية إلى الطلاب وتكون سبباً في ثباتها، لأن عدم ترتيب المعلومة يسبب عدم ثبات المسائل التي تعرض عليه، فتختلف عليه المعلومات، ويضيع عنده الفهم.

11ـ تركيزه رحمه الله على الاستنباط عند عدم وجود الدليل على المسألة، وهذه لا يقدر عليها إلا العلماء الراسخون في العلم.

12ـ نبذه للتقليد المذموم وكراهته له، وتحذير طلابه من مغبته وشره، بل يوصيهم دائماً بالاعتماد على الدليل الشرعي الصحيح.

13ـ عنايته بتطبيق القواعد على النصوص، وهذه أيضاً مما لا يستطيعه أحد سوى من وفقه الله لحفظ القواعد الشرعية التي ينبني عليها الاستنباط والحكم عليها.

14ـ عدم اشتغاله رحمه الله بالمسائل النادرة التي توقع الناس في الشك والحرج، وكان أيضاً يترك الغرائب لئلا يلبس على الطلاب أمر دينهم.

15ـ عدم إيجابه شيئاً من الدين إلا بدليل، وهذا ما كان يقوي جانبه لدى الطلاب عند حكمه على المسائل التي يدرسها لهم، وهذا أيضاً مما كان يقوي محبة الطلاب له لعلمهم بحرصه على صحة الدليل.

16ـ كان رحمه الله يأخذ بالاحتياط في فهم الأدلة عند حكمه على المسائل، لكونها لازمة لما اقتضته الشريعة.

17ـ كان رحمه الله يُعرف بأسلوبه الهادئ عند مناظرة أحد طلابه له، بل يحرص أشد الحرص على إيصال الحق سواء كان له أو عليه.

18ـ مراعاته للمسائل المختلف فيها إذا كان لها حظ من النظر.

19ـ كان كثيراً ما يوجه الطلاب إلى أن الحق لا يعرف بالرجال، بل يعرف الرجال بالحق، وهذا ما سار عليه رحمه الله، فلا يهمه كثرة المتكلمين بالعلم الشرعي، بل الذي يهمه هل هذا العلم موافق لما جاء في الكتاب والسنة أم لا.

20ـ كان رحمه الله أيضًا يوجه طلابه إلى الاعتماد على الاستدلال ثم يعتقدون، لا أن يعتقدوا ثم يستدلوا، لأن الدليل الشرعي هو أساس الملة، ومن قدم الاعتقاد على الدليل خالف الدين.

21ـ كان رحمه الله إذا رأى ما يعجبه من الدنيا وبهرجها يقول: (لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشَ الآخِرَةِ)([28])، فكان طلابه يستمعون لتلك الكلمات وهي تخرج من فيه فيكون لها الأثر الكبير في قلوبهم وفي حياتهم المستقبلية.

22ـ وكان رحمه الله يعتني بالقواعد والأصول الشرعية، ثم يقوم بالتفريع عليها، وتعويد الطلاب على ذلك.

23ـ كان رحمه الله يعتني بالفروق والتقاسيم.

24ـ وكان أيضاً يبين مقاصد الشريعة وأسرارها.

25ـ كان رحمه الله مشهوداً له بحسن إلقاءه وصياغته للمادة العلمية، مع جمال الطرح والأسلوب.

26ـ أخذه رحمه الله بأسلوب الاستفهام، وهذا كان مشهوراً عنه في عامة محاضراته بالكلية، أو خارجها، وكان أيضاً يلتزم صفتي الترغيب والترهيب لتعليق القلوب بالله تعالى.

27ـ كان رحمه الله يشتهر بقوته في الترجيح، والتعويل على المرجحات المعتمدة عند المحققين، فلا يميل لقول أحد إلا إذا وافق الكتاب والسنة، وهذا مما جعل طلابه يقتدون به في ذلك، فلا يرجح أحداً منهم تقليداً أو سيراً وراء قول شاذ، إنما يرجحون اعتماداً على الأدلة الشرعية الصحيحة.

المطلب الثالث:

غرسه للإخلاص والقيم الإسلامية

في نفوس الطلاب:

الإخلاص عزيز على النفوس، ولا يستطيعه إلا خواصُّ الناس ممن يعرفون الله حق المعرفة، ومن هؤلاء شيخنا رحمه الله تعالى، فقد كان يحرص كل الحرص على أن يكون عمله خالصاً لله، وهذا ما كان يظهر من تعاملاته، وتدريسه، ودعوته، ونصحه.

وقد كان جلَّ همِّه رحمه الله تقوية هذا الجانب في نفوس طلابه، وتشجيعهم على التمسك الشديد به، فالإخلاص هو أساس الأعمال، وهو المحرك على تقوية الهمة في طلب العلم وبذله للناس، وهو الذي يدفع صاحبه للعمل به، وتطبيقه في حياته.

وقد كان من قوله رحمه الله لطلابه في حديثه عن الإخلاص: (أنه لب الإسلام وخلاصة الدين)([29]).

وكان رحمه الله يزرع في نفوس طلابه الثقة بالنفس، وعدم التحقير للذات، ويبتعد عن النقد اللاذع عند وقوع أحدهم في الأخطاء، وكان أيضاً لا يحتقر أحداً منهم، بل كان يعامل الجميع معاملة واحدة دون تفضيل أحد على أحد.

ولعل مما يوضح ذلك ويجليه متابعته المستمرة لطلابه في السكن، والتأكد من سيرتهم وخلقهم داخل السكن وخارجه، وإذا بلغه أمر عن أحدهم تأكد وتثبت بنفسه ثم عالج الأمر بما يراه مناسباً، مع التوجيه العام والخاص في الدرس وخارجه، وهكذا داخل قاعة الدراسة.

المطلب الرابع:

جهوده وآثاره في التعليم الجامعي:

الشيخ رحمه الله تعالى كان قمة في النشاط والعمل، وكانت جهوده ظاهرة للعيان، وخاصة داخل أروقة الجامعة.

فهو من أحرص الناس على وقته داخل الجامعة، بحيث يستفيد منه الطلاب والإداريون وغيرهم، فعندما يدخل من باب الجامعة وينزل من السيارة يستقبله الطلاب، ويلتفون حوله، ويستفيدون من علمه، إما بسؤال عن فتوى، أو بتحري عن مسألة معينة، أو السؤال عن كيفية طلب العلم، أو كيفية الاستفادة من العلوم التي تدرس لهم واستغلالها في الدعوة إلى الله.

وكان رحمه الله تعالى عامل توازن مهم لمجلس الكلية، حيث أنه كان يحضر جميع جلسات المجلس ما لم يكن عنده عذر من سفر أو مرض، أو انشغال بأمر ضروري، وإذا حصل له عذر كتب ورقة لعميد الكلية يوضح اعتذاره وظرفه، وقد يتصل أحياناً لأنه يرى أن هذا من تمام العمل والقيام بالمسؤولية.

وكان رحمه الله يضفي على المجلس الوقار والجد، حيث يجلس بين إخوانه المشاركين له  والجميع ينتظرون منه التحدث، والتوجيه، والرأي والمشورة.

وكان مجلس الكلية عند اعتذار الشيخ يؤجل بعض الموضوعات الهامة التي غالباً ما ترفع إلى الجامعة حتى حضوره، وخاصة فيما يرتبط بمناهج الكلية، وقراراتها الهامة التي تخص مسيرة الكلية وعملها، فالقرار الذي فيه توقيع الشيخ لا يرد، بل يحقق حتى ولو كان ثقيلاً على الجامعة.

يقول الأستاذ الدكتور. عبد العزيز بن محمد الحجيلان أستاذ الفقه في جامعة القصيم: (كانت جهوده في الجامعة ظاهرة، فهو يعتبر المرجع العلمي لجميع منسوبي فرع الجامعة، وهذه الجهود واضحة في الدروس التي كان يلقيها على طلابه في قاعة الدراسة أو أثناء المحاضرات العامة في القاعة الكبرى في فرع الجامعة، والتي كانت دورية، وكنت المسؤول عن تنظيمها، والتقديم للشيخ، وطرح الأسئلة عليه فيها حينما كنت وكيلاً لعمادة القبول وشؤون الطلاب لشؤون الطلاب في الفرع).

وقال أيضاً:(كان الشيخ رحمه الله يتواصل مع العمداء والوكلاء في فرع جامعة الإمام في القصيم، ويشد من أزرهم، ويساعدهم على حل ما قد يعترض مسيرة الكلية، وقد زارني عدة مرات في مكتبي حينما كنت وكيلاً لعمادة القبول وشؤون الطلاب، سائلاً عن العمل، وحاثاً على بذل الجهد)([30]).

وكان رحمه الله يستغل المناسبات في التذكير والدعوة إلى الله، ويوجه إلى الحرص على تعلم أمور الشرع الحنيف لأن فيه النجاة لمن تمسك به.

وكان رحمه الله يحضر الندوات واللقاءات التي كانت تقيمها الجامعة، ويحرص على حضورها، وكان يلقي فيها المحاضرات، والكلمات، وينبه ويوجه، ويوصي الطلاب ببذل المزيد من الجهد، والحرص على طلب العلم، وكان يثني على الطلاب المتفوقين، ويشد من أزر الطلاب الضعفاء ويحثهم على الاجتهاد.

وكان رحمه الله هاشاً باشاً في وجوه طلابه، حريصاً على نفعهم دائماً سواءً من الناحية العلمية أو الخُلقية، فكانوا يستبشرون بقدومه، ويحبون لقاءه، ويتوددون إليه لخدمته.

وكان إذا تغيب أحد طلابه سأل عنه، واستفسر عن سبب غيابه، وربما اتصل عليه، وسأل عن صحته، وإذا كان الطالب محتاجاً للمساعدة بادر إلى قضاءها، وأوصى بزيارته، وحث زملائه على ذلك.

وكان رحمه الله يبذل قصارى جهده في تدريسه للمادة العلمية من أجل نفع الطلاب، وتثبيتها لديهم، وكان حريصاً على مناقشتهم، والتحاور معهم، لينتبه الغافل، ويجتهد المقصر.

وكان من حرصه أيضاً تشجيع الطلاب على الاجتهاد، والبحث، والتحري في سائر المواد التي تدرس لهم، لكي يحصلوا على أكبر كم من الخبرة في ممارستهم لتلك المواد.

وكان يوجه دائماً بالإكثار من عمل الرسائل والأبحاث لكي يقوي في نفوسهم أهمية البحث، والسؤال عما يغلق عليهم من المسائل الشرعية، وخاصة المختلف فيها بين الأئمة.

المطلب الخامس:

مواقف خاصة للشيخ في التعليم الجامعي

والتعامل مع الإداريين والطلاب:

دائماً ما يكون للعالم العامل مواقف مع الناس، وخاصة في محيط عمله بالكلية مع الطلاب والإداريين، وكم مرت من مواقف لشيخنا تبين مدى حرصه على الخير والدعوة إلى الله، وإدخال السرور على من حوله، وتبين حسن أخلاقه، ورفيع تواضعه.

وكان شيخنا رحمه الله تعالى دائم التواصل مع الإداريين من عمداء ووكلاء الكلية، يشد من أزرهم، ويساعدهم فيما يعتريهم من صعوبات ومشاكل سواء كان ذلك داخل الكلية أو خارجها، وكان حريصاً أشد الحرص على مصلحة الكلية وسيرها إلى الأفضل والأحسن، والرفع من مستوى طلابها، والسعي الحثيث لتقوية أواصر الأسرة الواحدة بين الأساتذة والطلاب والإداريين.

وللشيخ مواقف كثيرة تبين مدى حرصه وشفقته على من حوله، ومن تلك المواقف تواصله مع زملائه سواء الأساتذة، أو الإداريين، وتوجيههم، ونصحهم، وإرشادهم لما فيه المصلحة للجميع، ومن ذلك:

يقول الأستاذ الدكتور عبد العزيز الحجيلان حفظه الله: (كان الشيخ رحمه الله يتواصل مع العمداء والوكلاء في فرع جامعة الإمام في القصيم، ويشد من أزرهم ويساعدهم على حل ما قد يعترض مسيرة الكلية، وقد زارني عدة مرات في مكتبي حينما كنت وكيلاً لعمادة القبول وشؤون الطلاب سائلاً على العمل وحاثاً على بذل الجهد، وأذكر من المواقف أني أجريت عملية جراحية عام 1419هـ فتأخر اللقاء الدوري عن موعده فسأل عن السبب فذكر له أني مريض، وأنا الذي أنظم اللقاء، فاتصل بي مباشرة يسأل عن صحتي، وسألني هل أحتاج مساعدة؟ وكان كلما رآني بعد سأل عن صحتي، فجزاه الله عني خير الجزاء)([31]).

ويقول الأستاذ الدكتور. خالد بن علي المشيقح حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (من ذلك زيارته لطلابه، وأذكر من ذلك زيارته للشيخ إبراهيم الدبيان في بريدة لما مرض، ومن ذلك سؤاله عنهم، ومن ذلك اتصاله علي بالهاتف لما أصيب أحد أبنائي بحادث سيارة)([32]).

ويقول الدكتور. عمر بن عبد الله المقبل حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (أتذكر أن أحد الموظفين شكا له تأخر ترقيته كثيراً، فكلمه الشيخ رحمه الله بكلمات يثبته فيها ويصبره، ويذكر له أموراً من هذا الباب، وكتب له الشيخ ورقة يثني بها عليه، فيقول لي الموظف: إن الورقة التي كتبها الشيخ في تزكيتي أحب إليّ من الترقية كلها)([33]).

ويقول أيضاً حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (تشرفت عدة مرات بنقل الشيخ من وإلى عنيزة والمذنب، وكان في أثناء الطريق يباسطني في الحديث، ويفتح لي صدره، ولا يقتصر ذلك على سماع أسئلتي والإجابة عليها، بل يحدثني بأمور كانت في أيام صباه المبكر ثم في أيام شبابه وكهولته حين كان يزور جدّي رحمه الله الشيخ محمد بن صالح المقبل، ولا زلت أحتفظ ببعض القصص)([34]).

ومن صور عدله وإنصافه رحمه الله في تعامله مع الإداريين، تلك الوقفة التي تبين مدى حرصه على مصلحة الكلية دون مصلحة العاملين فيها.

يقول الدكتور. عبد الله بن حمد اللحيدان حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (أذكر منها ما يدل على عدله وإنصافه رحمه الله وتقديمه المصلحة العامة على الخاصة: تقدم إليه أحد المعيدين يريد الانتقال إلى قسم آخر، وكان من طلابه البارزين، فحرص رحمه الله على نقله إلى قسم آخر، والشفاعة له عند عميد الكلية، فقلنا له: طلبك يا سماحة شيخنا نعتبره أمراً وسننفذه، ولكن هذا سيؤثر على القسم الذي سينقل منه، لأنه غير مرغوب فيه، وسنضطر إلى إغلاقه أو استمرارية التعاقد والأمر لك، قال رحمه الله: لا، لا، يجلس كغيره إذا كان الأمر كذلك)([35]).

ويقول أيضاً حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (صليت معه بعد مجيئه من رحلة العلاج في جامع عنيزة، وبعد ما سلمت عليه والناس حوله، قال لي: انتظر، فانتظرت حتى انتهى الناس، فقال لي: أنا أتقاضى راتباً من الكلية وأنا الآن لا أعمل، فهل يحل لي ذلك؟ قلت: يا شيخ مثلك لا يُسأل، ولك حق سابق، ثم المريض له أحكام حتى في الراتب، ثم هل توقفت عن العمل؟ قال: الله يجزاك خير، الله يجزاك خير)([36]).

ويقول الدكتور صالح التويجري حفظه الله عن الشيخ رحمه الله: (أذكر أن موظفاً لم يؤد ما وكل إليه من أعمال، وطلب الأعضاء والعميد الكتابة عن وضعه، وكان الشيخ في موقف حرج خوفاً أن يتضرر هذا الموظف، ولكنه أمر بالكتابة عن هذا الموظف أداءً للأمانة، ثم كتبنا عنه وحين التوقيع آثرت أن لا أحرج الشيخ، فوقعت عنه الخطاب، فلما رآه قال: ” فرج الله عنك ” كررها مرتين، كل ذلك حرصاً على مصلحة هذا الموظف) ([37]).

ومن المواقف التي تُذكر عن الشيخ مع طلابه يقول الدكتور أحمد الخليل حفظه الله: (من تلك المواقف: تشديد الشيخ على من لم يقدر آثار الصحابة، ومن ذلك توبيخه من رد أثر عثمان في الأذان الأول للجمعة توبيخاً شديداً).

ويقول أيضاً حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (حين مرض أحد الطلاب وقف معه الشيخ موقفاً إيجابياً حيث كلم المسؤولين وسعى له في دخول المستشفى فأثر ذلك فيه وفي غيره ممن علم بالقصة)([38]).

ويقول الدكتور. عبد الرحمن بن سلامة المزيني حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (أثناء عمادتي للكلية أذكر موقفين لا أنساهما، تعلمت منهما الشيء الكثير: الأول: أنه رحمه الله أثناء حضوره لاجتماعات هيئة كبار العلماء لا يذهب حتى يأتي إلي في المكتب ويستأذن مني للذهاب، فأتعجب كيف تستأذن مني يا فضيلة الشيخ؟ فيقول: أنت العميد، والمسؤول في هذه الكلية. الثاني: في أحد مناسبات الفرع وأظنه حفل التخرج مررت عليه في المنزل وصحبته إلى موقع الحفل، ولما انتهى الحفل في ساعة متأخرة من الليل انصرفت أنا وإياه، وأثناء خروجنا من المبنى خرجت من مسار الدخول مخالفاً نظراً لكونه أقرب، ولقلة السيارات، فعاتبني رحمه الله، وقال لي: كيف تخالف قواعد السير، فقلت ليس هناك سيارات، فقال: حتى ولو كان كذلك لا يجوز لك أن تخالف رحمه الله رحمة واسعة) ([39]).

ويقول الدكتور. خالد بن سليمان المزيني حفظه الله عن شيخنا رحمه الله: (كنت أيام الدراسة في كلية أصول الدين أخرج بين المحاضرات لأقف في الممرات مع بعض زملائي للحديث واستعادة النشاط، وطرد الملل، وفي يوم من هذه الأيام وقفت مع بعض الزملاء في الممر وكنا نتحدث، فإذا بصوت ينادي خالد، فسمعت الصوت ولم ألتفت إليه لكثرة من يتسمى بخالد، فكرر النداء مراراً فالتفت فإذا هو الشيخ يناديني، فأقبلت عليه وسلمت، وقبلت رأسه، فسألني هل أحضرت سيارتك إلى الكلية؟ فقلت: نعم، فقال: أريدها للذهاب بها إلى بريدة لمؤسسة العجو لشراء آلة تصوير لأني لا أريد أن أستعمل سيارة المعهد العلمي في غرض شخصي، فاستأذنته في الذهاب معه ومع السائق، فأذن لي، فذهبنا إلى العجو واختار الآلة التي يريد، ودفع ثمنها، وقالوا له: نحضرها لك عصراً، ثم عدنا إلى الكلية، فركب مع السائق سيارة المعهد عائدين إلى عنيزة ودخلت الكلية لإكمال بقية محاضراتي. فهذا المثال يظهر مدى ورع شيخنا رحمه الله عن الأموال العامة)([40]).

فهذه نبذة مختصرة عن سمات وجهود شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وما بذله من معطيات للجامعة، وللطلاب، وبعض المواقف التي مرت به في الكلية مع الطلاب والإداريين، وقد بينا فيها مدى صدقه، وعلو همته، وحرصه على بذل الخير لكل من حوله.

الخاتمة:

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، والصلاة والسلام على رسولنا محمد خير البريات، وبعد:

فإن الناظر إلى سير العلماء العاملين يجد العجب العجاب من قوة علمهم، وحسن أخلاقهم، وشدة كياستهم، وفطنتهم، وحبهم للخير، وبذلهم الغالي والنفيس من وقتهم وجهدهم في خدمة الإسلام والمسلمين.

ومن أراد أن يتأسى فليتأسى بمن مات، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة، وإنه من خلال حديثي عن شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في الصفحات الماضية خرجت ببعض النتائج والمقترحات، ومنها ما يأتي:

1ـ أن شيخنا العثيمين رحمه الله رحمة واسعة طلب العلم صغيراً، وجاهد وثابر حتى ارتقى في سلك العلماء العاملين الذين تركوا خيراً كثيراً، وورثوا ميراثاً كبيراً، وقدموا للإسلام خدمات عظيمة وجليلة.

2ـ  عُلم من سيرته رحمه الله أنه إمام فاضل، وعالم متواضع، وأستاذ رائع، وأنه فقيه الأمة، وعالم الملة، المتبع للأثر، المتمسك بالدليل، السائر على نهج السلف، استفاد منه الطلاب والمدرسون والإداريون أثناء فترة تدريسه بالجامعة، بل استفاد منه كل من عايشه وعاصره داخل أروقة الجامعة وغيرها.

3ـ انتفع بشيخنا رحمه الله القاصي والداني، وبزغ نجمه بين أقرانه، ونشر علمه بين الأنام، وتميز بالصدق في مسيرته، والإخلاص في قوله وعمله، وتميز منهجه في تدريسه لطلاب الجامعة بأسلوبه المميز، وطريقته السهلة، حتى نال محبة الطلاب، واستفادوا من عطاءه وتوجيهاته.

4ـ أحبه الطلاب لتواضعه وصدقه، وتطبيقه العلم على نفسه، فكان قدوة صالحة، فرفع الله ذكره بين طلبته، فقبلوا منه العلم لإخلاصه وفضله، وعلو همته وجهده.

5ـ كان حريصاً على نفع طلابه، فكانت توجيهاته لها الأثر الكبير على تحصيلهم للعلم، والاجتهاد في طلبه.

6ـ حرصه رحمه الله تعالى على غرس الإخلاص والقيم الإسلامية في نفوس طلابه.

7ـ ظهرت توجيهاته رحمه الله على طلابه، وأنبتت شجرة إخلاصه الثمرات، فتخرج على يديه الكثير ممن تبوءوا أرفع المقامات، واحتلوا مكانة عالية في صفوف المجتمع.

8ـ مواقفه رحمه الله تعالى مع طلابه وزملائه دلت على ورعه، وحرصه على خدمتهم، والسعي في قضاء حوائجهم.

9ـ ينبغي على كل مقتدر أن يهتم بكتبه، وأن يعمل على نشرها بين الناس، وأن يبذل الغالي والنفيس في إيصال علمه لمشارق الأرض ومغاربها.

10ـ القيام بطبع سيرته والتعريف بجهوده ومؤلفاته، وتوزيعها على شتى القنوات والمواقع الإسلامية سواء المرئية أو المسموعة في سائر بقاع الأرض.

وفي نهاية هذا البحث أشير إلى أن ما سطرته في حق شيخنا ـ فيما سبق ـ قطرات في بحر علمه وفضله، وشذرات من سيرته وذكره، وما ذكرته في تلك الورقات قليل من كثير، ولكن عزائي أني قدمت شيئاً من مواقفه وسيرته رحمه الله رحمة واسعة.

وأشير إلى أنني حين عزمت على كتابة هذا البحث، قمت بعمل استبانة عن جهود شيخنا رحمه الله من خلال مسيرته العلمية، وخاطبت بعض زملائي وإخواني ممن عايشوا الشيخ أثناء فترة وجوده بالكلية طلاباً وأساتذة وإداريين، فبادر عدد منهم إلى تلبية الطلب، وبذلوا جهدهم في تسجيل ما تذكروه.

فشكر الله لهم ذلك، وجعله في موازين حسناتهم، وجزي الله خيراً كل من تعاون معي، وشارك بتوجيهه وقلمه.

وقد رتبت أسماءهم

حسب وصول الاستبانة منهم.

م اسم المشارك في الاستبانة
1 د. عمر بن عبد الله المقبل.
2 أ.د عبد العزيز بن محمد الحجيلان.
3 أ.د صالح بن محمد الحسن.
4 أ.د خالد بن علي المشيقح.
5 د. أحمد بن محمد الخليل.
6 د. عبد الله بن حمد اللحيدان.
7 د. خالد بن سليمان المزيني.
8 د. خالد بن عبد الله المصلح.
9 د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي.
10 د. عبد الرحمن بن سلامة المزيني
11 د. صالح بن عبد العزيز التويجري
12 د. عبد الله بن صالح المشيقح.

 

وهذه بعض نتائج الاستبانة

كما أوردها المشاركون فيها:

  • للشيخ نشأة علمية أثرت في حياته – كيف ترى آثار هذه النشأة عليه رحمه الله؟
  • نشأ الشيخ رحمه الله في بيئة اجتماعية محافظة([41]).
  • حرصه المبكر على طلب العلم([42]).
  • استغلاله الوقت في القراءة النافعة، وحفظ المتون، والجلوس في حلق العلم([43]).
  • حرصه على متابعة دروس شيخه ابن سعدي، ومحاولة الاستفادة من أي فرصة تسنح للاستفادة من علمه، ظهر ذلك في سيره خلف شيخه للمناسبات الاجتماعية حتى يدخل شيخه للمنزل ثم يعود شيخنا أدراجه([44]).
  • تأثره بأسلوب شيخه واستفادته منه في مختلف العلوم، وفي الأسلوب، وطريقة التدريس([45]).
  • كان للشيخ منهج تربوي في التدريس تأثر به كثير من طلاب العلم، كيف يمكن أن تصاغ معالم هذا المنهج؟
  • كان لشيخنا رحمه الله منهجاً متميزاً في إلقاء الدروس، وترتيبها، ورث جلَّه من شيخه عبدالرحمن السعدي رحمه الله([46]).
  • ربانية المنهج = التربية بصغار العلم قبل كباره([47]).
  • ربط العلم بالعمل، والتنبيه على ما يخالف ذلك عند الحاجة([48]).
  • ربط كل مسألة من مسائل العلم وكل جزئية بدليلها الشرعي([49]).
  • إدخال الملح والطرائف العلمية والأدبية في ثنايا الدرس([50]).
  • مناقشة الطلاب بعد إلقائه للمسائل ليتبين مدى استيعابهم المادة العلمية([51]).
  • المراجعة لما شرحه بعد الانتهاء منه([52]).
  • العناية بالدليل([53]).
  • القوة في الترجيح والتعويل على المرجحات المعتمدة عند المحققين([54]).
  • احترام الأئمة الكبار والأدب معهم([55]).
  • عنايته بالوقت، وانضباطه، وإيضاحه للمادة العلمية([56]).
  • ما أبرز الجوانب التي استفدت منها من طريقة الشيخ في تدريسك للعلوم الشرعية؟
  • الاعتناء بالدليل([57]).
  • الترتيب الذهني للدرس، وطريقة العرض الموضوعية([58]).
  • أسلوب الشرح بالحوار مع الطلاب ومشاركتهم في الدرس لضمان الحضور الذهني منهم، واستيعاب المادة العلمية([59]).
  • تكليف الطلاب ببحث بعض المسائل لتعويدهم على الرجوع إلى كتب أهل العلم وطريقة البحث منها([60]).
  • محاولة الإفادة من طريقته في الربط بين النصوص وعدم اللجوء إلى اطراح الأدلة ما أمكن([61]).
  • العناية بالمتن المشروح وتفكيك عباراته بأبسط عبارة ممكنة([62]).
  • كان للشيخ أسلوب تربوي في التعامل مع طلابه جعلهم يقبلون عليه بشغف، هل تذكر بعض أساليبه؟
  • صلاح الشيخ في نفسه، ومواظبته على الخيرات، فكان قدوة حسنة ومحبوباً بها([63]).
  • رسوخه في العلم([64]).
  • تذليل العلم؛ فلا أعلم أحداً في هذا العصر ذلّل العلم كما ذلّله شيخنا رحمه الله([65]).
  • حسن الإلقاء والصياغة، وجمال الطرح والأسلوب([66]).
  • الأخذ بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في التربية، كالأخذ بأسلوب الاستفهام، والترغيب والترهيب([67]).
  • المداعبة لطلابه في كثير من المناسبات، والرفق بهم([68]).
  • تلمس حاجاتهم العلمية والخاصة([69]).
  • كان الشيخ رحمه الله يركز على مجموعة من النصائح التربوية في دروسه ولقاءاته العلمية، فهل تذكر شيئاً منها، وفي تقديرك ما سبب التركيز عليها؟
  • التنبيه المستمر على الإخلاص، وإصلاح القلب، وتنقيته من الشوائب([70]).
  • الحرص على التدرج في طلب العلم([71]).
  • سلامة الصدر، وإفشاء السلام، والحرص على وحدة الكلمة([72]).
  • التأكيد على حفظ المتون، وأنه الذي يبقى مع طالب العلم ويرجع إليه([73]).
  • كان يركز على مسألة الرفق واللين في التعامل مع الناس([74]).
  • بذل العلم ونفع الخلق([75]).
  • الحرص على موافقة السنة([76]).
  • حثهم على الاستمرار في طلب العلم وعدم الانقطاع عنه([77]).
  • التحذير من الخلاف، والدعوة إلى اجتماع الكلمة بين العلماء والولاة والدعاة([78]).
  • السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف([79]).
  • كان للشيخ جهود معروفة في التعليم الجامعي، هل تذكر شيئاً منها في ضوء الآتي:

أ ـ جهوده في الدعوة إلى الله داخل الجامعة:

  • الشيخ هو المرجع العلمي لجميع منسوبي فرع الجامعة([80]).
  • النصح عموماً وخصوصاً للطلاب([81]).
  • إلقاء المحاضرات العامة في الجامعة، وما يرتبط بها من أنشطة كالمخيمات، وزيارة طلاب الدفعات المختلفة في رحلاتهم الدورية في ضواحي القصيم([82]).

ب ـ جهوده في أداء المادة العلمية:

  • تحضيره العلمي للمادة فهو يغرف من بحر، وقد وفقه الله لإتمام مناهج الفقه في كلية الشريعة ثم شرع في إتمام مناهج العقيدة في كلية الشريعة وأصول الدين جميعها([83]).
  • التزامه بمواعيد المحاضرات، واستغلاله لأوقاتها في إفادة الطلاب.
  • اتسم أداؤه بالحزم والجد، والدقة في وضع الأسئلة وتقويم الطلاب([84]).
  • تفكيكه الدقيق لعبارات الكتاب الذي يشرحه([85]).
  • الرغبة في الالتزام بنصاب تدريسي([86]).
  • تقريب المادة العلمية للطلبة بضرب الأمثلة([87]).

ج ـ جهوده في القسم العلمي (قسم العقيدة):

  • وضع الخطط والمناهج لبعض المقررات الشرعية للكلية([88]).
  • رئاسة قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة([89]).

د ـ جهوده في مجلس الكلية:

  • حضور جميع جلسات المجلس ما لم يكن مسافراً([90]).
  • يضفي على المجلس الوقار والجد([91]).
  • له أثر متميز في صياغة وترتيب واختيار مناهج الكلية([92]).
  • كان دقيقاً في ضبط النظام حريصاً على إنهاء الأعمال([93]).
  • يتبنى قضايا القسم العلمية والإدارية([94]).
  • التواضع والاحترام لمن هم أصغر منه سناً وقدراً([95]).
  • كان لعضويته في مجلس الكلية الأثر الكبير في سبر قرارات المجلس وتوجيهاته، فتخرج تلك القرارات حكيمة ذات نظرة ثاقبة([96]).
  • للشيخ مواقف خاصة مع بعض الإداريين في الجامعة، هل تذكر بعضاً منها؟
  • قد تم ذكرها في صلب البحث.
  • (لا ينفك خواص أي عالم من العلماء من مواقف خاصة، فهل تذكر بعضاً من تلك المواقف؟.
  • قد تم ذكرها في صلب البحث.
  • يمكنك إضافة أية معلومات أخري, كما يمكنك إضافة أوراق للتعبير عن رأيك.
  • مقدرته رحمه الله على استيعاب الأطراف المختلفة والحرص على جمع الشتات وتأليف القلوب([97]).
  • كان بعيداً عن المظاهر، حازماً في الأوقات والحقوق([98]).
  • كان لا يتحدث نهائياً عن أعماله، وجهوده، وخطواته، ونصائحه([99]).
  • له قدرة عجيبة في تنوع العلاقات كباراً وصغاراً، علماءً وطلاباً([100]).
  • كان يتجنب الحديث عن الأشخاص المخالفين ويربط نفسه بالقضية والدليل دون الأشخاص غالباً([101]).

رحم الله شيخنا، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى من الجنة ووالدينا، وعلمائنا، وأحبابنا، وكل من له حق علينا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

فهرس المصادر والمراجع:

م المصادر والمراجع
1 القرآن الكريم.
2 الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1 1419هـ.
3 سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، دار الكتاب العربي ـ بيروت
4 سنن البيهقي الكبرى، أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414هـ، تحقيق محمد عبد القادر عطا.
5 سنن الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق. أحمد شاكر وآخرون.
6 الشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين، دار ابن الجوزي، ط1 1422هـ.
7 شرح ثلاثة الأصول، أبو عبد الله محمد بن صالح العثيمين، دار الثريا للنشر، ط4، 1424هـ.
8 صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، دار ابن كثير، بيروت، ط3 1407هـ، تحقيق د. مصطفى الديب.
9 صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، دار الجيل بيروت.
10 كتاب رحلة العلماء في طلب العلم، ماجد إسلام البنكاني، موقع المكتبة الشاملة.
11 لقاءاتي مع الشيخين، أ.د. عبد الله بن محمد الطيار، مكتبة الرشد، الرياض، ط1 1426هـ.
12 مجلة الدعوة، العدد: 1777، شوال، 1421هـ.
13 مستدرك الحاكم، محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا.
14 موطأ الإمام مالك، مالك بن أنس أبو عبدالله الأصبحي، ،دار إحياء التراث العربي،  مصر، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
15 نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

 

فهرس الموضوعات

م الموضوع
1 المقدمة:
2 المبحث الأول: الشيخ ابن عثيمين نشأته وتعليمه، وفيه ثلاثة مطالب:
3 المطلب الأول: التعريف بسيرته رحمه الله:
4 المطلب الثاني: نشأته رحمه الله:
5 المطلب الثالث: تعليمه وشيوخه:
6 المبحث الثاني: منهجه رحمه الله في التعليم، وفيه ثلاثة مطالب:
7 المطلب الأول: طريقته في التدريس:
8 المطلب الثاني: أسلوبه في التعامل مع طلابه:
9 المطلب الثالث: محبة الطلاب له واستفادتهم من منهجه في التدريس:
10 المبحث الثالث: أثره رحمه الله على التعليم الجامعي، وفيه خمسه مطالب:
11 المطلب الأول: توجيهاته ونصائحه لطلابه في الجامعة:
12 ومن أهم تلك التوجيهات والنصائح:
13 المطلب الثاني: حرصه على نفع الطلاب:
14 المطلب الثالث: غرسه للإخلاص والقيم الإسلامية في نفوس الطلاب:
15 المطلب الرابع: جهوده وآثاره في التعليم الجامعي:
16 المطلب الخامس: مواقف خاصة للشيخ في التعليم الجامعي والتعامل مع الإداريين والطلاب:
17 الخاتمة:
18 أسماء المشاركين في استبانة الباحث:
19 بعض نتائج المشاركين في الاستبانة:
20 فهرس المصادر والمراجع:
21 فهرس الموضوعات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) سورة فاطر: الآية 28.

([2]) رواه أبو داود، وغيره، وصححه الألباني في سنن أبي داود (3/317) رقم (3641).

([3]) كتاب رحلة العلماء في طلب العلم، ماجد إسلام البنكاني (1/210).

([4]) كتاب رحلة العلماء في طلب العلم، ماجد إسلام البنكاني (1/210).

([5])  شرح ثلاثة الأصول، لابن عثيمين رحمه الله، دار الثريا للنشر، ط4، 1424هـ.

([6]) رواه البخاري ـ كتاب الجنائز ـ باب ثناء الناس على الميت (1278)، مسلم ـ كتاب الجنائز ـ باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى (1578).

([7]) شرح ثلاثة الأصول، لابن عثيمين رحمه الله، دار الثريا للنشر، ط4، 1424هـ..

([8]) الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/16).

([9]) لقاءاتي مع الشيخين، للباحث (2/18).

([10]) سورة البقرة: الآية 44.

([11]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

([12]) مجلة الدعوة، العدد: 1777، شوال، 1421هـ.

([13]) سورة الأنعام: الآية 153.

([14]) رواه مالك في الموطأ (2/899). قال ابن عبد البَرِّ في (التمهيد) (24/331): محفوظٌ، معروفٌ، مشهورٌ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند أهل العِلم، شهرةً يكاد يُستغنَى بها عن الإسناد. ، وحسنه الألباني في المشكاة (ج1 رقم 186).

([15]) سورة الزمر: الآية 11.

([16]) رواه البخاري ـ كتاب الإيمان ـ باب ما جاء أن الأعمال بالنية (52)، مسلم ـ كتاب الإمارة ـ باب قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنية (3530).

([17]) سورة الأحزاب: الآية 36.

([18]) سورة الحشر: الآية 7.

([19])  الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/16).

([20]) رواه الترمذي،  وحسنه الألباني في جامع الترمذي (5/26)، رقم (2641).

([21]) سورة الزمر: الآية 10.

([22]) رواه البخاري ـ كتاب بدء الوحي ـ باب الاستعفاف عن المسألة (1376)، مسلم ـ كتاب الزكاة ـ باب فضل التعفف والتصبر (1745).

([23]) رواه مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب بيان أنه لاَ يدخل الجنة إلا المؤمنون (203).

([24]) سورة النساء: الآية 59.

([25]) الشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين (1/407).

([26]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

([27]) انظر: الإنصاف (8/22)، الشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين (2/164).

([28]) رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/45)(8817)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

([29]) الشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين (1/194).

([30])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

([31]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

([32])المرجع السابق

([33])المرجع السابق

([34]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

([35]) المرجع السابق

([36])  المرجع السابق.

([37]) المرجع السابق

([38]) المرجع السابق

([39]) المرجع السابق

([40])  المرجع السابق

([41])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د.صالح التويجري، د. عبد الله المشيقح.

([42])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([43])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. عبد العزيز الحجيلان.

([44])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل..

([45]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([46]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. عبد العزيز الحجيلان.

([47])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل..

([48])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([49])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د.صالح التويجري، د. عبد الله المشيقح.

([50])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د.صالح التويجري، د. عبد الله المشيقح.

([51])  نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د.صالح التويجري، د. عبد الله المشيقح.

([52]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. عبد العزيز الحجيلان.

([53]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. صالح الحسن.

([54]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد الخليل.

([55]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([56]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. خالد المصلح.

([57]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. عبد العزيز الحجيلان.

([58]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([59]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. عبد العزيز الحجيلان.

([60]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. عبد العزيز الحجيلان.

([61]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([62]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([63]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد الخليل.

([64]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([65]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. خالد المزيني.

([66]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. خالد المشيقح.

([67]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. صالح الحسن.

([68]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([69]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد الخليل.

([70]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([71]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد الخليل.

([72]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([73]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([74]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.

([75]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([76]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. خالد المشيقح.

([77]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد الخليل.

([78]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([79]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([80]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([81]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([82]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي .

([83]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبد الله المشيقح.

([84]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([85]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عمر المقبل.

([86]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د. صالح الحسن.

([87]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. خالد المشيقح.

([88]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([89]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. أحمد القاضي.

([90]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د.صالح الحسن.

([91]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د.صالح الحسن.

([92]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د.صالح الحسن.

([93]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.

([94]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.

([95]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أ.د.صالح الحسن.

([96]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. عبد الرحمن المزيني.

([97]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.

([98]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.

([99]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.

([100]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.

([101]) نتائج استبانة الباحث حول جهود الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، د. صالح التويجري، د. عبدالله المشيقح.