مسائل هامة في الزكاة – خطبة الجمعة بتاريخ 12-9-1440هـ

السبت 13 رمضان 1440هـ 18-5-2019م

 

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ الكريم المنان ذو الفضل والإحسان، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُالله وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا, أَمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُؤَمِّنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}[الحشر:18].

عبادَ الله: احرصوا على البذلِ والإنفاقِ، ومن أفضلِ وجوهِ البذلِ والإنفاقِ في هذا الشهرِ المباركِ إخراجُ زكاةَ المالِ. وهي واجبةٌ على كلّ مسلمٍ، يملكُ نصاباً، وحالَ عليهِ الحولُ، فيُخرجُ ربعَ العشرِ عمّا يجبُ في مالِهِ.

ومنَ المسائِلِ الهامّةِ المتعلّقَةِ بالزّكَاةِ مَا يلي:

الأولى: أَنّهُ يشترطُ لمنْ أرادَ أنْ يُخرجَ زكاتَهُ أنْ ينوي: لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم :(إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِىٍء مَا نَوَى) (متفق عليه).

الثانية: أَنَّ الزكاةَ عبادةٌ؛ فلا بدَّ فيها منَ الإنابةِ؛ فمتى كانَ عندَ الشخصِ مالٌ لغيرهِ ويريدُ إخراجَ زكاتِهِ فلا بدَّ أنْ يُنيبُهُ مالكُ المالِ إنابةً خاصةً أو عامةً.

الثالثة: نصابُ الذهبِ عشرونَ مثقالاً ـ أي ديناراً ـ وَزِنَةُ الدّينارِ ثلاثُ جراماتٍ ونصفُ فيكونُ النصابُ للذهبِ بالجراماتِ سبعينَ جراماً. ونصابُ الفضةِ مائتَا درهمٍ وَزِنَةُ الدّرهمِ بالجراماتِ 2.3 فيكونُ نصابُ الفضَّةِ بالجراماتِ 460جراماً، وأمَّا الأموالُ النقديةُ فالأحظُّ للفقراءِ هو الأقلُّ من النصابينِ وهو نصابُ الفضَّةِ. والنصابُ في هذا العام ألفُ ريالً بالنسبةِ للفضّةِ وهو الأحظُّ للفقير.

الرابعةُ: تجبُ الزكاةُ في مالِ الصغيرِ والمجنونِ ومن في حكمِهِمْ.

الخامسةُ: منْ كانَ عندهُ عروضُ تجارة كمحلاتِ بيعِ الأطعمةِ والأجهزةِ الكهربائيَّةِ والمفروشاتِ والأواني وغيرِها إذا جاءَ اليومُ الذي يزكّي فيهِ فعليهِ أنْ يُقَوِّمَ البضاعةَ المعروضةَ للبيعِ ويزكّيهَا ربعَ العُشرِ، وأمّا الأشياءَ الثابتةُ والثّلاجاتُ والسياراتُ التي يُنْقَلُ عليها البضاعةَ فلا زكاةَ فيها.

السادسةُ: العقاراتُ التي تُؤَجّرُ الزكاةُ في أجرتِهَا إذا حالَ عليها الحولُ، فإنْ قبضَ الأجرةَ وصرفَهَا قبلَ أنْ يحولَ عليهَا الحولُ فلا زكاةَ فيها.

السابعةُ: الأراضي التي يملكُهَا الشخصُ إنْ كانتْ معروضةً للبيعِ فتزكّى سنوياً وإنْ كانتْ لمْ تُعْرَض ولم تتحدَّد النّيَّةُ فيها فلا زكاةَ فيها.

الثامنةُ: الحُلِيُّ المستعملُ خلالَ العامِ لا زكاةَ فيهِ في أصحِّ قولَي العلماءِ.

التاسعةُ: المالُ الذي هو وصيةٌ لميّتٍ لا زكاةَ فيهِ، فمنْ عندَهُ أموالٌ هي أثلاثٌ للموتَى لا زكاةَ فيها مهما بلغت.

العاشرةُ: منْ لهُ راتبٌ شهريٌ أوْ دخلٌ شهريٌّ منْ أيِّ جهةٍ الأَوْلَى أنْ يجعلَ لهُ يوماً محدّداً في السّنةِ فإذَا جاءَ هذا اليومُ أخرجَ زكاتَهُ.

الحاديةَ عشرةَ: منْ كانَ عندهُ نخلٌ في بيتِهِ أو استراحتِهِ أو مزرعتِهِ وجبَ أنْ يزكّي ثمرتَها إذا بلغتْ نصاباً، وهو 675 كيلو جرام؛ فَيخرِصُ ثمرتَهُ ويؤَدّي زكاتَهَا نصفُ العشرِ؛ فمنْ كانَ عندَهُ ألفُ كيلو جرام من التمرِ وجبَ عليهِ أنْ يُخْرِجَ خمسينَ كيلو جراماً، وهكذا.

الثانيةَ عشرةَ: إذا أبْدَلَ الشخصُ المالَ الذي عندَهُ بمالٍ آخرٍ كمن اشترى أرضاً يريدُ أنْ يتكسّبَ فيها فعليهِ أنْ يحسبَ الحَوْلَ مِنْ بدايةِ مُلْكِ المالِ الأوَّلِ وليسَ الثّانِي.

الثالثةَ عشرةَ: جميعُ الدُّيونِ التي للشخصِ عندَ الآخرينَ تَجِبُ زكاتهُا سنوياً إلّا إذا كانُوا معسرينَ أو مماطلينَ، فهنا تُزَكّى مَتَى قُبِضَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً فقط.

الرابعةَ عشرةَ: لَا يجوزُ حسمُ الدّينِ الّذي على الشّخْصِ وحسبانِهِ من زكاةِ الشخصِ المزكّي لما في ذلكَ من المحاباةِ لنفسِهِ، لكنْ لو دَفَعَ المزكّي – وهو الدائنُ – للمدينِ زكاةَ مالِهِ ثمّ ردّهَا الفقيرُ لهُ سداداً عن الدَّينِ من غيرِ اتّفَاقٍ فَلَا حَرَجَ في ذلكَ.

الخامسةَ عشرةَ: أصحابُ تقسيطِ السّياراتِ والأجهزةِ الكهربائيّةِ والعقاراتِ وغيرِهَا عليهمْ إذا جاءَ اليومُ الذّي يزكُّونَ فيهِ أنْ يحسِبُوا مَا عندَ النّاسِ لهمْ ويزكونَهُ كلَّهُ ولوْ لمْ يحلْ إلا بعدَ سنةٍ أو سنتينِ.

السادسةَ عشرةَ: إذا كانَ على الشخصِ دينٌ فلا أثرَ لهُ في منعِ الزّكاةِ إلّا إذا كانَ حالاً فعليهِ سدادُهُ، وأما الديونُ المؤجّلةُ كالقروضِ المأخوذةِ من البنوكِ وديونِ البنوكِ الزراعيةِ والصّنَاعيّةِ وغيرِهَا كُلُّهَا لا يُسْقِطُهَا الشخصُ منْ أموالِهِ بلْ يُزَكّي أموالَهُ وكأنَّ هذه ِالديونُ غيرُ موجودةٍ نهائياً.

أعوذُ باللهِ منَ الشيطانِ الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِين}[المنافقون:9، 10].

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيم ونفعنِي وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقولُ ما سمعتمْ فاستغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّهُ هو الغفورُ الرّحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ الذي علَّم أمتَه كلَّ خيرٍ، وحذَّرهم من كلِّ شرٍّ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعدُ:

فاتقوا الله أيها المؤمنون، واعلموا أنَّ من المسائلِ الهامّةِ المتعلقةِ بالزكاةِ أيضاً:

السابعةَ عشرةَ: المساهماتُ التُّجاريّةُ والعقاريةُ وغيرُها على الشخصِ أنْ يٍسألَ عن سعرِهَا وقتَ وجوبِ الزّكاةِ عليه ويُزكّيهَا رابحةً أو خاسرةً فإنْ لمْ يعرِفْ سعرَها فإنّهُ يزكّي رأسَ المالَ سنوياً ومتَى قبضَ الرّبْحُ زكَّاهُ عنْ سنةٍ واحدةٍ فقط.

الثامنةَ عشرةَ: لَا زكاةَ في أموالِ الجمعيّاتِ الخيريَّةِ كتحفيظِ القرآنِ وجمعيةِ البرِّ وجمعيةِ إنسانٍ وغيرِها من الجهاتِ الخيريّةِ وكذلكَ لا زكاةَ في أموالِ الصّنَادِيقِ الأسريّةِ المتَبَرَّعُ بها، وكذلكَ في الأموالِ المُتَبَرَّعِ بها للمشاريعِ الخيريّةِ.

التاسعةَ عشرةَ: الفقيرُ المستحقُّ للزّكَاةِ هوَ منْ يحتاجُهَا لأكلٍ أو شربٍ أو مسكنٍ أو لباسٍ أو علاجٍ أو سدادِ دينٍ، أوْ لِمَنْ أرادَ الزّواجَ ولمْ يجدْ مهراً، وإذَا كنتَ تعرفُ أنَّهُ مستحِقٌّ فَلَا يلزمُ أنْ تُخْبِرَهُ بأنّها زكاةً، أمّا إذَا شكَكْتَ في استحقاقِهِ لَهَا فأخبِرْهُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِكَ وَذِمَّتِهِ.

العشرونَ: لَا يجوزُ دفعُ الزّكَاةِ للأصولِ أو الفروعِ ولَا لِمَنْ تَجِبُ عليهِ نفقتُهُ، وللزّوجةِ أنْ تدفعَهَا لزوجِهَا إذا كانَ فقيراً.

الحاديةَ والعشرونَ: لَا يجوزُ للمزكّي أنْ يشتري للفقيرِ بالزّكَاةِ طعاماً ولَا غيرَه إلّا إذَا فوّضَهُ بذلكَ، وإِلّا فالأصلُ أنّ الزَّكَاةَ تُسَلّمُ نقداً بيدِ الفقيرِ.

الثانيةَ والعشرونَ: على المسلمِ أنْ يتحرّى إذا أرادَ إخراجَ زكاتِهِ فَلا يُعطيهَا إلّا مستحقَّها، ومنْ لمْ يُصرِّف زكاتَهُ بنفسِهِ فلْيُسَلِّمها لمنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ الأفرادِ أو الجهاتِ المختصَّةِ بهذا الأمرِ وهُنَا تَبْرَأُ ذِمّتُهُ بذلِكَ.

الثالثةَ والعشرونَ: إذا أرادَ الشخصُ أنْ يعرفَ الواجبَ عليهِ في الزّكَاةِ فَلْيقسمْ المبلغَ الموجودَ عندهُ على أربعين وتخرجُ له زكاةُ مالهِ المستحقُّ عليهِ.

تقبّلَ اللهُ منّا ومنكم صالحَ الأعمالِ، وجعلَ مَا تنفقونَهُ سِتْرًا لكمْ عن النّارِ ووالدِيكم ومنْ تُحِبُّونَ.

هَذا وصلُّوا وسلّموا على الحبيبِ المصطفى والنبيّ المجتبى محمد بن عبد الله فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً](الأحزاب:٥٦).                         

الجمعة:12-9-1440هـ