مقال بعنوان “إطلاق الصواريخ على بلادنا -الأخطار والأبعاد-” بتاريخ 23-9-1440هـ
إن عداوة أعداء بلادنا شديدة ولا أدل عليها ما قاموا به خلال الأيام الماضية من إطلاق عدة صواريخ عشوائية من قبل الحوثيين، تلك الجماعة الإرهابية المدعومة من أعداء الإسلام الذين يزودون هذه الجماعة بقدرات نوعية على المملكة.
وتلك العداوةُ متأصلةٌ في نفوسهم منذ أن اعتنقوا عقيدتهم الفاسدةَ أصلاً ومنهجًا، ولا عجبَ؛ فإنّ الحيّةَ لا تلدُ إلا حيّةً، ومن يستقرئُ التاريخَ فإنهُ يجد المآسيَ والمجازرَ التي أقامها هؤلاءِ المبتدعةُ ضدّ أهل السنةِ وتحالفهِم مع أعداءِ الإسلام أشهرُ من أن يُذكر.
إنّ إطلاق َالصّواريخِ تجاه المدنِ والقرى الآهلةِ بالسّكان يُؤكِّد الطبيعةَ الإجراميةَ لهذه الجماعة ومن يقفُ خلفَها من أعداء الإسلام. ولقد صدرتْ إداناتٌ عربيةٌ ودوليةٌ واسعةٌ ضدّ الاعتداءاتِ الصاروخيةِ الإرهابية الموجّهةِ ضد بلاد الحرمين الشريفين.
وتضمنتْ الإداناتُ دعوةً لفتحِ تحقيقٍ في كيفيةِ وصولِ الصواريخِ المستخدمةِ إلى الأراضي اليمنيةِ. ومن هنا كانَ ولا بدَّ من بيانِ بعضِ الأمورِ والتنبيهاتِ حول هذه ِالجماعةِ الإرهابيةِ.
إنّ هذه الجماعة الإرهابية يكرهون منْ ليسَ على مذهبهِم، ويستحلّون دماءَهم وأموالَهم وأعراضَهم، ويكفي للتدليلِ على ذلك ما قاموا به في حقّ بلادِنا حاضنةِ الإسلامِ الأولى ومأوى أفئدةِ أهلِ السّنةِ والجماعةِ من إطلاقِ هذهِ الصواريخِ تجاهَهَا.
وكذا ما قاموا به من جرائمَ ومجازرَ يوميةٍ متواصلةٍ في حربِهم الطّائفيةِ الإجراميةِ التي شنّوها بلا هوادةٍ على أهلِ السّنّةِ في اليمنِ، واستخدموا فيها كافةَ أنواعِ الأسلحةِ الثقيلةِ والخفيفةِ، وأزهقوا فيها أرواحَ أعدادٍ هائلةٍ من الأبرياءِ، وهجّروا الناسَ من قُرَاهم.
ولا يزالونَ يرتكبونَ أبشعَ الجرائمِ الوحشيّةِ التي لا تصدرُ من البشرِ حتى وصلَ الأمرُ بهم أنّهمْ بعد قتلِ الأسرى والتمثيلِ بجثثهِم يقومونَ بتلغيمِ تلك الجثثِ بالمتفجراتِ لتحصدَ المزيدَ والمزيدَ من القتلى.
إنّ هذه الجماعة الإرهابية ليس في عقيدتِهم أصولٌ تمنعهُم من المحرماتِ، وليسَ لديهِم تعظيمٌ لحرماتِ اللهِ فقد أطلقوا هذه الصواريخَ في شهرِ رمضان مستهدفين بيت الله الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمنًا.
أنّ هؤلاءِ الشرذمةَ يكفّرونَ أعلامَ الملّةِ مثل مالكٍ وأبي حنيفةَ والشّافعيِّ وأحمدَ بن حنبل وغيرِ هؤلاءِ، ويستحلُّون دماءَ من خرجَ عنهمْ، ويرونَ أنّهُ لا يحلُّ نكاحُ أهلِ السّنةِ ولا ذبائحُهم، ويرَون أنّ كفرَ أهلِ السنَّة أغلظُ من كفرِ اليهودِ والنصارى.
إنّ الأمورَ قد اتّضحتْ للجميعِ بما لا يدعُ مجالاً للشّك أنّ المشروعَ الباطنيّ لا يهدفُ إلا لشيءٍ واحدٍ فقط، وهو السُّلطةُ والوصولُ إلى حكمِ بلداننِا وشعوبِنا لفرضِ عقائدِه وخرافاتِه وطائفيّتهِ، ولْتذهبَ البلدانُ والشعوبُ وأمْنُها واستقرارُها بعدَ ذلكَ إلى الجحيمِ.
إنّ مِنْ أعظمِ ما يدفعُ عنّا شرّ هذهِ الجماعةِ المنحرفةِ ومن يعاونهُم على شرّهمْ هو التَّمَسُّكُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسَنَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْهَجِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
ومما يدفع عنّا شرهم أيضاً تَقْوَى اللَّهِ بِالسِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَالْعَمَلُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَالْبُعْدُ عَنْ مَعْصِيَتِه، قَالَ تَعَالَى:﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾
إنّ ما صنعهُ الإرهاب في الأيامِ الماضيةِ من إطلاقِ الصواريخِ على بلادِ الحرمينِ لإزهاق ِالأنفسِ وترويعِ الأمنينَ جريمةٌ لا تغتفرُ، وإفسادٌ في الأرضِ واللهُ لا يحبّ المفسدين، واعتداءٌ سافرٌ أيًا كانتْ أهدافُه ومَن وراءَه.
وفي ظلّ ما يحدثُ من هذهِ الجماعةِ الإرهابيةِ تجاهَ وطنِنَا ومقدّساتِنا لابدّ منْ الأخذِ بأسبابِ القوّة، امتثالًا لقوله تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾
إنّ الخطرَ الإرهابيّ يجبُ أنْ يُجَابَهَ بكلّ قُوّةٍ وصرامةٍ لكي لا تُسَوّلْ له نفسُه زعزعةَ واستقرارَ وطنِنَا، ولكي يفهمَ أعداء الإسلام أنّ مذهبَ أهلِ البدعِ والخرافاتِ والتوسل ِبالقبورِ لن يحلَّ بديلاً عنْ مذهبِ الحقّ والسلفِ الصالحِ.
إنّ ما يقومُ به جنودُنا البواسلُ من تضحيّاتٍ منْ أجلِ دينِهِم ومقدّسَاتهِم ووطنهِم لهوَ وِسامُ شرفٍ نعتز ّبهِ ونفتخر فجزاهمُ اللهُ عنِ الإسلامِ وعنّا خيرَ الجزاءِ، لكنّني أذكّرُهم بأنْ يكونَ الإخلاصُ رائدَهم لتكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العُليَا.
وإني أذكر الجميع بأن من يقوم بتصوير ما سقط من الصواريخ والمقذوفات التي يتم إطلاقها من جهات معتدية على بلادنا على المواقع المدنية وكذلك من يقوم بتصوير المصابين والمتوفين من جراء تلك الحوادث بأن ذلك يعتبر تعدياً على خصوصيتهم عن طريق تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن يفعل ذلك فقد ارتكب خطئاً فادحاً لأنه استهتر بأمن وطنه عبر تقديم تلك الصور هدية لأعداء الوطن فقد يستفيد منها في أغراض عسكرية أو وسيلة إعلامية وتقع بيد المتربصين بأمن المملكة وتستغل بشكل سلبي من قبل قنوات الخبث التي لا هم لها ولا شغل إلا الإساءة للمملكة وقيادتها وشعبها.
فعلى جميع المواطنين والمقيمين البعد عن تلك الممارسات، والاهتمام بزيادة الوعي بخطورة هذا الأمر على أمن بلادنا داخلياً وخارجياً.
أذّكر شبابنا حماهمُ اللهُ وأنصحُهم أنْ لا يستغلَّهم مستغلٌ، أوْ تُثيرُهُم جهةٌ أو فئةٌ لخلخلةِ صفّنا وتفريقِ كلمتِنا، فلا بدّ من الوقوفِ جبهةً واحدةً ضدّ هؤلاءِ، فاعتداؤهمْ سافرٌ وانحرافهُم في المعتقدِ والأخلاقِ ظاهرٌ كما وضّحنا. يتبع
وأنْصحُ من يثيرُ الفتنَ ويفرّقُ الصّف ونقول له بأننا جميعًا أمامَ عدوٍّ يتربصُ بنا جميعًا، يريدُ اجتماعنا، ويريدُ قيمَنا، ويريدُ مقدّساتِنا. لا مكانَ للتّنابزِ المذموم، فالعلماءُ والأمراءُ لحمةٌ واحدةٌ، كلُّهم يهمهم الدينَ، ويعنيهم أمرُ البلادِ والعبادِ. يتبع
ولا بدّ أنْ نُساهمَ جميعًا في التّوعيةِ وتعريةِ أصحابِ المذاهبِ والأفكار ِالمنحرفةِ، أمثالَ هؤلاءِ فبلادُنا قامتْ على التوحيدِ، ومجتمعُنا محبٌّ للخيرِ كارهٌ للشرّ، رافضٌ للعقائدِ والأفكارِ التّي تخالفُ هديَ الإسلامِ الصّحيح.
هذهِ التّوعيةُ مسؤوليةُ الآباءِ والأمّهاتِ معَ أبنائهمْ وبناتهِمْ، ومهمّةُ المعلمينَ والمعلماتِ مع طلابهِم وطالباتهِم، ومهمّةُ العلماءِ والمفكرينَ والإعلاميّين. إنها مهمتُنا جميعًا في وقتٍ باتتْ الأخطارُ تهدّدُنا من كلّ جانبٍ.
اللّهم ادفع عن بلادِنا وبلادِ المسلمين كلّ بلاءٍ، واصرفْ عن بلادِنا الفتنَ ما ظهر َمنها وما بطنَ، واجعل كيدَ الكائدينَ في نحورِهِمْ، وأكبتْ أهلَ الفتنةِ والفساد، واحفظْ على بلادِنا أمنها وإيمانها وقيادتها وعلمائها ووحدةَ كلمتِها على الحق والتَّوحيد. وصلى الله على نبينا محمد.