حول الإرهاب والتفجيرات في مصر ولندن وقتل السفير المصري في العراق الجمعة: 23/6/1426هــ

الأثنين 9 شوال 1441هـ 1-6-2020م

الخطبة الأولى:  

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين. أمــا بــعـــد:

فاتقوا الله عباد الله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) 

عباد الله في ظل الأحداث الأخيرة يتضح لنا ظلم مفهوم الجهاد حيث أصبح لبوساً يتقمصه كل من له هوى أو رغبة في عنف وأي أمر يشتهيه وينفذه على هواه ورغبته يسميه جهاداً والجهاد الحقيقي هو مقارعة الكفار حينما يشتد الوطيس ويلتحم الصفان والفرق واضح بين جهاد الدفع وجهاد الطلب والأمة الإسلامية اليوم ليس لديها من القوة ما يجعلها تقارع أعداءها ولا تكفي حماسة الشباب وصراخهم ولا طرحهم لأنفسهم في مواقع عديدة وقضية الجهاد يفتي فيها أهل العلم الكبار ولذا كم راح ضحية هذا الفهم الخاطئ من شباب زوجوا بأنفسهم في أفغانستان والعراق وغيرها ولذا ففتوى أهل العلم الكبار لم تتغير سابقاً ولا حقاً في تحديد مفهوم الجهاد ومتى يصدق على المسلم أن يكون مجاهداً والشاب الذي لم يجاهد نفسه عن الهوى والتزام الطاعة والعبادة أنىَّ له أن يجاهد في ساحات الوغى لكنه التلبيس على الناس وقلبه الحقائق.

كما يتضح لنا ظلم مفهوم الإرهاب وتعميم هذا المصطلح على كل صاحب خير ملتزم بشرع الله فالأعداء عمموا هذا المصطلح على كل مصلٍ عابدٍ لربه ولم يفرقوا بين الراكعين الساجدين وبين المعتدين الظالمين ولكي تتضح الصورة أيها المؤمنون نقول    من الذي يزرع فتنة الاقتتال في العالم من الذي يشرف على تأجيج نارها من الذي يتولى زيادة جرعتها لئلا تهدأ إن الأقليات المسلمة في العالم الغربي أخذت وضعها الطبيعي وعاشت روحاً من الزمن وهي تمارس عبادتها وتعيش في ظروف آمنه فما بالها اليوم تكتوي بنار هذا الصراع وتذوق ألوان البؤس والعذاب إنه جنون الإرهاب الذي نغص عليهم حياتهم وكدر عليهم اجتماعاتهم والذين ينفذون هذه العمليات يزعمون أنها جهاد فأي جهاد تزعمون وأي فتنة أحدثتموها وأي ضرر على إخوانكم أوقعـتموه.

 قال تعالى (( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين))

وبلادنا ــ الغالية ــ ها هي تتعرض لموجة الإرهاب ولا تسلم منه وهي التي احتضنت الخير ومدت يدها تصافح كل عامل للإسلام وكل داع إليه وتنفق بسخاء في مشاريع       الخير في مختلف بلاد الله الواسعة.

ومع أن هذه البلاد المباركة حكومة وشعبا تقف صفاً واحداً في وجه الإرهاب إلا أن الشر ذمة الحاقدة نفذت عمليات خطيرة ترتب عليها ازهاق نفوس بريئة وقتل للمعصومين ولم يسلم من ذلك الأطفال والنساء وهذا ما جعل أقواماً حاقدة وأقلاماً مأجورة في العالم الغربي تتطاول على هذه البلاد بل تتطاول على الإسلام تحت دعوى حماية المجتمع من الإرهاب وكل هذه العمليات تنسب للإسلام وهو منها براء وإن انتسب المنفذون لها للإسلام لكن عملهم جريمة بكل المقاييس.

أيها المؤمنون ومن على هذا المنبر المبارك أوجه نداء حاراً صادقاً لجميع المطلوبين بأن يراجعون أنفسهم ويتصلوا بأهليهم لترتيب تسليمهم للجهات المختصة وفي ذلك خير لهم ولأهليهم ومجتمعهم وولاة الأمر ــ وفقهم الله ــ ها هم يكررون النداء ويؤكدون عليه بأن كل من يسلم نفسه ستكون له معاملة خاصة.

وها هو تأكيد ذلك يأتي العفو الشامل عن أصحاب الحق العام بمناسبة تماثل خادم الحرمين الشرفين للشفاء.

أسأل الله بمنه وكرمه أن يضفي عليه ثوب العافية وأن يمد في عمره على طاعته وأن يحفظ علينا بلادنا وأمننا.

وصدق الله العظيم (( قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم  الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً اربابا من دون الله)).

 

  بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

 

الحمد لله ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.   أمـــا بـــعــــد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن قضايا الأمة الكبيرة ينبغي الرجوع فيها إلى علمائها الكبار لئلا يضل المسلم أو يزيغ وما حدث في العالم وما يحدث من قتل وترويع وتخريب وإفساد كل ذلك الدين منه براء وإن زعم من زعم من المسلمين أنه وراء ذلك ومن أمثلة ذلك ما حدث هذه الأيام في شرم الشيخ ولندن وغيرها صدر من مفتي عام المملكة حفظه الله بيانان حول تفجيرات لندن وقتل السفير المصري في العراق شجب فيها هذا العمل وأدانه وبين خطورته وبين براءة الدين منه قال سماحته[ وإن ما يجري في العالم اليوم وما حدث صباح الخميس من تفجيرات وفي لندن استهدف جملة من الآمنين هذا مما لا يقره دين الإسلام ولم يأت به بل هو من المحرمات في ديننا ومن نسب ذلك إلى الإسلام أو إدعى أن دين الإسلام يقر هذا العمل فقد أعظم الفرية على دين الله قال تعالى (( عن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون].

وقال سماحته في بيان أخر حول قتل السفير المصري في العراق[ وما جرى على السفير المصري من خطف واقتياد له ومن ثم قتله كل هذا من الإفساد في الأرض الذي حرمه الله عز وجل قال تعالى (( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتعد الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد)) وبهذا يتبين أن هذا العمل محرم ومن الكبائر وأعظم من ذلك نسبة هذا العمل إلى الدين فإن هذا جرم عظيم وافتراء على الله عز وجل].

عباد الله إن اختلال المفاهيم وعدم الوضوح في الرؤية هو الذي دعاني لإيضاح هذا الأمر فهناك من الشباب من تأخذه الحماسة للدين فيرضى أو يتشفى لما يحصل في العالم من هذا القبيل وهذا خطأ وخلل فقضايا الأرواح والأعراض والعقول والأموال معصومة إلا بحقها ولو ترك لكل صاحب هوى أن ينفذ هواه لطاشت العقول وحل الظلم وإذا كان أعداء الإسلام يظلمون ويقتلون ويعتدون كما هو الحال في فلسطين وبعض بلاد المسلمين فالعلاج لا يقابل بالظلم بل العلاج بالصلاح والاستقامة وطرق أبواب سد الشر بكل وسيلة وهنا يتحقق الخير للمجتمع بإذن الله.

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليما(( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً )) اللهم صلي وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.