مقال بعنوان (ورحل حبيب قلبي). بتاريخ 15-7-1442هـ

السبت 15 رجب 1442هـ 27-2-2021م

 

*الموت حق*، وكل شيء بأجلٍ مسمى، ولن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وأجلها، قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) آل عمران الآية (185)  وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) الجمعة الآية(8)

*الموت لا يهاب حجابًا*، ولا يخاف بوابًا، ولا يستأذن على أحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يسلم منه مخلوق، *وصدق القائل*:

هو الموت ما منه ملاذ ومهرب********متى حطّ ذا عن نعشه ذاك يركب

نشاهد ذا عين اليقين حقيقة ******** عليه مضى طفل وكهل وأشيب

*والقائل*:

الموت جسر للأنام مساير***********عليه سنمضي كهلنا والأصاغر.

*ودّعنا في هذا اليوم* الجمعة 14-7-1442هـ حبيب القلب، الأليف المألوف، الحبيب المحبوب، سليم الصدر، الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر/*أبا صالح مد الله بن محمد المد الله*، الذي وافته المنية ليلة الجمعة.

*وقد عرفت حبيب قلبي* منذ كنّا طلابًا في الجامعة إلى وقت وفاته، لم يتغيّر عن أصحابه، ولم تؤثِّر عليه الدنيا، يزداد على مرور الأيام ثباتًا على مبادئه وأخلاقه العالية، يجتهد غاية الاجتهاد فيما يُسند له من أعمال، سواء كانت وظيفة رسمية، أو ما يتولّاه  من أعمال لأسرته ومحبيه، ومن يتعامل معهم.

*يتميّز –رحمه الله-* بالصدق والإخلاص، وإتقان العمل، وكثيرًا ما يُعيد العمل الذي يقوم به العامل بعد أن يتم، فيُعيده من جديد لملاحظة له عليه لا يدركها الشخص الذي طلب العمل، وقد وقفت شخصيًّا على حالات من هذا النوع.

*ويتميّز –رحمه الله- *بالوضوح والصراحة مهما كلّفة الأمر، ولا سيما فيما يُثار في المجالس من أحاديث ومناقشات، ولا أبالغ إذا قلت إنه من أكثر مَن في المحافظة أسئلة عن التعامل المالي، والعلاقة مع الآخرين، حرصًا على طيب المطعم ونزاهة الكسب.

*ولا زلت أذكر* سؤاله عن معاملة مالية مع شخص آخر، فقال لي: أخبرني عن الذي تبرأ به ذمتي ، فلما أجبته، قال: بماذا تنصحني؟ فقلت: بالسلامة من هذا المبلغ ما دام أن نفس صاحبك متعلقة به، لكن من حيث الحكم الشرعي لا شيء له، وبعد مدة أخبرني أنه ترك المبلغ لصاحبه وقال: نويته صدقة.

*ولما أعلنت وفاته* رأيت تأثّر الناس الكبار والصغار، من يعرفه ومن لا يعرفه، وهذا دليل على أن هناك خبيئة له مع ربه، فهنيئًا له سلامة الصدر، وطيب المكسب.

*وعزاؤنا في هذه المصيبة* ما رأيناه من محبة الناس وثنائهم، ودعائهم، والناس شهداء الله في أرضه.
ومال الحال إلا مثل ما قال من مضى******وبالجملة الأمثال للناس تضرب

لكل اجتماع من خليلين فرقة ********ولو بينهم قد طاب عيش ومشرب.

وكل مصيبة تهون عند مصيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإذا دهتك مصيبة فاصبر لها**********واذكر مصابك بالنبي محمد.

أسأل الله جلّ وعلا أن يرفع درجاته، وأن ينزله الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يجعل ما أصابه رفعة لدرجاته، وتمحيصًا لسيئاته، وأن يجمعنا به ووالدينا في جنات النعيم، وأن يخلف خيرًا على أهله وإخوانه وأولادهم وأحفادهم، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا جلّ وعلا القائل: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ  وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ  الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ  أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ  وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة (155-157).

وصلى الله وسلم على نبينامحمد وعلى آله وأصحابه أجمعين