الأمير سلمان ورعاية الأيتام

الجمعة 29 شوال 1439هـ 13-7-2018م

إن الأمة الإسلامية خلال مراحل عمرها السابقة واللاحقة لتثبت حقاً أنها أمة عظيمة لما جعل الله فيها من الخير إلى يوم القيامة، كما قال تعالى:[كنتم خير أمة أخرجت للناس](آل عمران)، ومعلوم أن المشاريع الخيرية من أعظم أبواب الخير والبرِّ وخاصة عندما يتعلق الأمر بكفالة الأيتام.
وكفالة الأيتام من أفضل الأعمال وأجلها، وكيف لا يكون ذلك وهي سبيل إلى مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في مكانته العالية عند ربه في أعلى منازل الجنة، ولقد تكلم عن فضلها القرآن الكريم في آيات عديدة منها قوله تعالى عن مريم وزكريا [فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا]، وقد أمر الله عز وجل في كتابه بالإحسان إلى اليتامى وإصلاح أحوالهم فقال تعالى: [واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى..](النساء)، وأمر أيضاً بالإقساط إليهم وعدم ظلمهم [وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا](النساء)، وأشار سبحانه إلى أن من أجل الأعمال التي تكون سبباً في الجزاء العظيم عند الله تعالى هو إكرام اليتيم.
ولقد أوصى النبي ” في أحاديث كثيرة بكفالة اليتيم ووجه إلى الحرص عليها، وأشار إلى أنها من أفضل الأعمال التي تكون سبباً في مرافقته في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم : (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً(رواه البخاري ومسلم)، وقال أيضاً: (من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين أصبعيه السبابة والوسطى(رواه أحمد).
ومن توجيهات السلف في كفالة اليتيم قول ابن بطال: (حق على من سمع هذا الحديث ـ يعني قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (أنا وكافل اليتيم…)الحديث ـ أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.
وكفالة اليتيم لها فضائل كثيرة ومن ذلك صحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة وكفى بذلك شرفاً وفخراً، وهي صدقة يضاعف لها الأجر إن كانت على الأقرباء، وكفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره يرقق القلب ويزيل عنه القسوة، وكفالة اليتيم تعود على الكافل بالخير العميم في الدنيا والآخرة، وكفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهية، وتسوده روح المحبة والودِّ، وكفالة اليتيم تزكي المال وتطهره وتجعله نعم الصاحب للمسلم، وكفالة اليتيم من الأخلاق العالية التي أقرها الإسلام وامتدح أهلها، وغير ذلك كثير من فضائلها.
فكل ما ذكرنا من الآيات والأحاديث وآثار السلف تدل على فضل كفالة اليتيم، وأن السعي على حاجاتهم، وبذل الخير من أجلهم يعود على المجتمع المسلم بالخير في العاجل والآجل.
وكما ذكرت في بداية كلامي أن الخير في الأمة ماض إلى يوم القيامة، ومن الأدلة على ذلك وجود رجال أفذاذ جعل الله الخير على أيديهم، والبذل سمتهم، والعطاء ديدنهم، والنظر في أمور المسلمين هدفهم، ومن هؤلاء كما نرى ونسمع عبر المشاريع الخيرية الكثيرة التي يسمع بها القاصي والداني صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ وفقه الله ـ والذي غرس بيديه ثمرات يانعة عادت على أبناء وطننا الغالي بالخير العميم، ومن هذه المشاريع افتتاحه لفرع _ إنسان _ في محافظتنا الغالية (الزلفي)، وهذا العطاء ينم على حرص سموه على حب البذل والسخاء، والحرص على الخير، فهذا دأبه في مملكتنا الحبيبة بصفة عامة ومحافظات منطقة الرياض بصفة خاصة.
ومثل هذه المشاريع لا يقوم بها إلا أصحاب الهمم العالية وخاصة في مثل كفالة الأيتام،وهكذا لا يقوم بالخير إلا أهله الذين جعلهم الله مفاتيح للخير، فنحمد الله تعالى أن قيض لنا ولاة أمر يحرصون على الخير لأبناء وطنهم، وإني أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يبارك لأميرنا فيما يبذل، وأن يجعله ذخراً له في الآخرة، وأن يمن عليه بالعافية في الدنيا والآخرة، وأن يحفظه وإخوانه وذريته ومن يتعاون معه على الخير، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، وأن يديم على بلادنا الغالية نعمة الأمن والأمان والطمأنينة والسلام، وأن يرد كيد الأشرار إلى نحورهم، والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أ.د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
24/10/1428هـ