(دور المسجد في تنمية الأمن الفكري لدى الشباب)

الخميس 13 ذو القعدة 1439هـ 26-7-2018م
إعداد: أ.د عبد الله بن محمد أحمد الطيار
كلية التربية بالزلفي ـ جامعة المجمعة
خطيب جامع العذل
بتاريخ: 19/11/1435هـ
المساجد هي المحضن للأجيال، يتلقون فيها التوجيهات من العلماء والدعاة والخطباء، وهي في بلادنا منابر تضيء الطريق للشباب، وتهديهم للسبيل الأقوم، ولذا فهي أهم المعاقل لمحاربة الفكر الضال، وتعزيز الأمن الفكرى لدى الأجيال المتعاقبة.
وفي بلادنا الغالية امتنَّ الله تعالى علينا بالخير العميم، والعطاء الجزيل، والرزق الواسع الوفير، والأمن والأمان، والسعة والراحة، وأعطانا من النعم التي لا تعد ولا تحصى، وكل ذلك بفضله تعالى أولاً ثم بامتنانه على هذه البلاد بولاة أمر طريقهم ومنهجهم كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فبلادنا ولله الحمد تتميز على بلاد الدنيا كلها بميزات ظاهرة للعيان، فهي البلد الوحيد الذي يحكم بشرع الله، وهي البلد الوحيد الذي يرعى المقدسات ويبذل الأموال الطائلة من أجل حفظها ورعايتها وخدمتها لتكون مقاماً مناسباً لمن جاء متعبداً فيها، وهي البلد الوحيد الذي تقام فيه شعائر الدين الظاهرة بدون خوف من أذى أحد من البشر، بل بيوت الله تنال الرعاية العظمى، وأيضاً المشاريع الخيرية في بلادنا من جمعيات البر وتحفيظ القرآن وغيرها من الجهات الخيرية تجد العون والتشجيع من ولاة الأمر، وأيضاً يطبق فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها ينشر العلم الشرعي عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وفيها يحفظ كتاب الله تعالى وتقام له المسابقات المحلية والدولية، وأيضاً تحفظ فيها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويصرف على ذلك الأموال الطائلة لتشجيع الشباب والفتيات على التمسك بالكتاب والسنة، وهذا البلد أيضاً يقوم بمد يد العون لمن لجأ إليها، وبإعانة المحتاجين والمتضررين في كل مكان، حتى غدا هذا البلد خفاقاً عالياً يذكر اسمه في كل مكان، فلماذا يخرج علينا بعضُ من لا خلاق لهم بإيهام العوام من الناس بأن هذا البلد يوالي أعداء الله، ويتبِّعُ سبيل غير المؤمنين، ويلقون التهم جزافاً لأولياء أمورنا، وعلمائنا، حتى أصبحوا يكيلون الاتهامات الباطلة لمن أطاع ولي الأمر ويرمونه بالمداهنة والنفاق، وهذا كله من سمات الخوارج وأساليب المرجفين الذين يريدون زعزعة الأمن والاستقرار في هذا البلد الآمن، وهؤلاء الفئة القليلة الضالة في مجتمعنا يسعون لإحداث الفتن بين الراعي والرعية ويقومون بنشر الأكاذيب والإشاعات لدغدغة عواطف الناس والتحريش بينهم وبين ولاة أمورهم ليوقعوا بينهم العداوة والبغضاء، ويزرعوا الفرقة بين المسلمين، وكل هذا يجر هذه البلاد إلى أمور لا تحمد عقباها، لكن الله تعالى بفضله وكرمه أبطل كيدهم، وفضح أمرهم، فجاء الحق بازغاً للعيان، حيث تجلت حقيقة هؤلاء المنتسبين إلى الإسلام، والإسلام منهم براء، فعلم الناس حقيقتهم، وتبين للقاصي والداني ما هم فيه من الشرِّ والضلال، فأين هؤلاء من نصوص الكتاب والسنة التي تحض المسلمين على التماسك والتعاون على الخير، والبعد عن الفرقة والتعاون على الشر والفساد؟ أين هؤلاء من قول الله تعالى: [مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ](الروم:32).
إن الذين يخرجون عن إجماع الأمة، وينتهجون النهج الخبيث، نهج الخوارج القدامى ويستحلون قتل المسلمين وترويعهم يتضح للجميع خطورة ما هم عليه من الباطل، ونحمد الله تعالى أنه قد بين لنا صفاتهم قبل ألف وأربعمائة عام على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حتى لا يفتتن بهم من ليس عنده شيء من العلم حيث قال صلى الله عليه وسلم :(يخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة)(رواه البخاري ومسلم)، فهؤلاء وإن صلوا وصاموا واجتهدوا في العبادة فليس ذلك بنافع لهم عند الله لمخالفتهم لأمر الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ألم ينظر هؤلاء لما حدث في بعض البلاد المجاورة حينما حدثت فيها الفتن والخروج على الحكام، وقاموا بتكفير المجتمع، وقتلٍ للمسئولين وغيرهم، ماذا جرَّ ذلك على أمة الإسلام وماذا جر على الدعوة إلى الله.
لقد حدثت أضرار ومصائب كبيرة، وزادت حدة الفوضى بين الناس، وزاد أهل الباطل من باطلهم، وازداد الظلم للجميع، وأصبح كل من تسمى بالإسلام وأهله يشار إليه بالإرهاب والتطرف، وهذا كله بسبب سوء أفعال هذه الفئة الضالة التي سوَّل لها الشيطان الباطل في صورة حق، فهلكوا وأهلكوا، وقتلوا وسعوا في الأرض الفساد، وتكالب الأعداء من كل حدب وصوب ضد كل ما هو إسلامي.
أسأل الله جل وعلا أن يحفظ على هذه البلاد دينها، وأمنها، وأمانها، وولاة أمرها، وعلمائها، واجتماع كلمتها، وأن يكفيها شر الأشرار ومكرالفجار، وأن يهدى ضال المسلمين، وأن يردهم إليه رداً جميلاً إنه قريب مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.