خطبة بعنوان (تحصين الشباب ضد الفئة الضالة) بتاريخ 23-6-1429هـ.
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] (آل عمران) .
عباد الله: إن الليالي حبالي ويلدن كل عجيب لقد أعلنت وزارة الداخلية بياناً واسعاً إلحاقاً للبيان الصادر في ذي الحجة ومما جاء في البيان على سبيل الإجمال:
1ـ اعتقلت وزارة الداخلية (701) من أفراد الفئة الضالة من جنسيات مختلفة بينهم أفارقة وأسيويون.
2ـ تم إيقاف (520) من هؤلاء لارتباطهم التنظيمي والفكري بأنشطة الفئة الضالة.
3ـ أخلت وزارة الداخلية سبيل (181) من هؤلاء حيث لم يثبت ارتباطهم تنظيمياً بالفئة الضالة.
4ـ هذه الخلايا موجهة من الخارج وتستهدف منشآت اقتصادية وغيرها داخل المملكة العربية السعودية.
5ـ تمكن رجال الأمن الأشاوس من القبض على عدد من المنتمين لإحدى الخلايا في المنطقة الشرقية ويسيطر على هذه الخلية عدد من المقيمين الأفارقة وهم يعملون في غير المهن التي اسُتقدموا لها.
6ـ ضبط رجال الأمن مع هذه الخلايا رسالة صوتية لأيمن الظواهري يحث فيها على جمع التبرعات لصالح الفئة الضالة والإفساد والإجرام والتدمير والتفجير، ويُعلن بأنه سيمد هذه الخلايا بالأفراد من الخارج ويكونون مهيئين للإفساد والتدمير.
7ـ ضبط رجال الأمن خلية في ينبع تجمع التبرعات عن طريق تزوير كوبونات الأضاحي مستغلين موسم الحج غير مبالين بحرمة الزمان والمكان.
8ـ قبض رجال الأمن على خلية إعلامية تعمل عن طريق شبكة الإنترنت لإثارة الفتنة والتشجيع على الانخراط في المنهج التكفيري والطعن في العلماء والتشكيك في الثوابت التي يقوم عليها هذا البلد المبارك ويسوقون لفكرهم المنحرف زاعمين أنه المخرج من هذه الأزمات والضوائق.
9ـ حرص أصحاب هذا الفكر على إحياء الفتنة وإثارة القلاقل والتخطيط لعمليات إجرامية متعددة في كافة مناطق المملكة وهم يهدفون لزعزعة الأمن، وإثارة الخوف، وإحداث الاضطرابات، وقد استماتوا في توفير الأموال بأي وسيلة ولو كانت عن طريق السرقات فهي حلال عندهم إذا كانت تخدم مصالحهم، وقد استغلوا عواطف الناس وحرصهم على الخير وبذل الأموال في وجوه البر المختلفة لكنها في النهاية تصب عندهم، فلينتبه كل مسلم لما يتبرع به ولو كان ريالاً واحداً.
عباد الله: وحيال هذه النقاط الرئيسية من بيان وزارة الداخلية فإني أقف هذه الوقفات التوجيهية لأولياء الأمور وللشباب وسائر فئات المجتمع فأقول:
أولا: يستقبل أبناؤنا وبناتنا هذه الأيام إجازتهم الدراسية بعد أن عاشوا أياماً عصيبة مع الاختبارات، وفاز المجتهد المشمر، وقعد المتكاسل المفرط، وتلك نتيجة حتمية لكل عمل من الأعمال، وهنا نوصي هؤلاء من الذكور والإناث باستغلال الإجازة بما ينفعهم ويعود عليهم وعلى أهليهم وبلادهم ومجتمعهم بالعز والتمكين والسعادة في الدنيا والآخرة.
ثانياً: نقول لأبنائنا وبناتنا سيروا على نهج سلفكم وعلمائكم، فعلى هذا المنهج تعاقبت طوائف الصالحين وتوالت زُمرهم في ميدان التلقي والتحصيل، وخذوا براية الجد وتلقوها كما تلقاها حكامكم وعلماؤكم نابغ بعد نابغ، وشيدوا لهذه البلاد مجداً تليداً وصرحاًً شامخاً يريد هؤلاء من أصحاب الفكر الضال هدمه وتدميره بالكذب والبهتان والزور والضلال.
ثالثاً: ونقول لأبنائنا وبناتنا بلادكم بحاجة إلى جيل مثالي راشد يبني ولا يهدم ويعمل ولا يكسل ويشيد ولا يتوانى، ويسعى في دروب الخير ويقف في وجه هؤلاء الذين يقبعون في السراديب ولا يعملون إلا في الظلام، ويريدون إيقاع شباب هذا البلد في ضلالهم وجرائمهم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم [مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ](فصلت).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
عباد الله: ومن التحصينات لأبنائكم وبناتكم:
رابعاً: هناك بعض أولياء الأمور قصروا وفرطوا في متابعة أبنائهم، فعرَّضوهم للمخاطر بحيث امتدت إليهم الأيادي الخفية من أصحاب الفكر الضال وتقاذفوهم ذات اليمين وذات الشمال حتى أضلوهم ووجهوهم توجيهاً سيئاً واستخدموهم في أغراضهم السيئة بعد أن حشروا أدمغتهم بالشبه والفكر الضال، وجعلوهم ينقمون على بلادهم ومجتمعهم، ويدمرون مكتسباته التي ظل هذا البلد المعطاء يبنيها ردحاً من الزمن، فاجتهدوا أيها الآباء في رعاية أبنائكم، واحرصوا على توجيههم، وابحثوا لهم عن الملاجئ الآمنة، والمحاضن النقية، واربطوهم بالصحبة الطيبة الموثوقة الذين ليس لهم أهواء ولا تنظيمات، وتمثلوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة)(متفق عليه).
خامساً: المسؤولية عظيمة على كل مواطن ومقيم على ثرى بلادنا الطيبة أن يبلغوا عن أي ملاحظة على أي شخص ينتمي لهذا الفكر أو يتعاطف معه لأن من الأمانة حماية أنفسنا وبلادنا وأولادنا من هذه الأفكار، ووالله لو تضافرت جهود المواطنين والمقيمين مع رجال الأمن لما بقي لهؤلاء الإرهابيين بقية ولتمت محاصرتهم والتضييق عليهم.
سادساً: على أولياء الأمور أن يحصنوا أولادهم الذين يسافرون خارج البلاد ويبينوا لهم خطر هذه الأفكار ويحذروهم من تضليل هذه الفئة وفسادها.
كما أنه يتأكد في حق الشباب عند سفرهم داخل المملكة أن ينتبهوا لأي ملاحظة أو شبهة ويبلغوا عنها في وقتها ليسلموا بأنفسهم من شر هذا الفكر ويساعدوا على سلامة بلادهم ومجتمعهم من شر هذه الفئة.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفق رجال الأمن لاستئصال شأفة هؤلاء الضالين ومتابعة أوكارهم كما أساله أن يخلص البلاد والعباد من شرورهم وأن يحمي بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين وأن يرد كيد هذه الفئة إلى نحرها.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً] (الأحزاب:٥٦).
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، ويسر لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
الجمعة:23-6-1429هـ