خطبة بعنوان: (حوادث التفجير في الرياض).
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً).
عباد الله!
يواجه المسلمون اليوم تحديات خطيرة على مستوى الأفراد والجماعات والدول منها التيارات الفكرية ومنها المغريات الدنيوية ومنها الخلافات السياسية.
هذه التحديات تحدث في النفوس آلاماً عظيمة وهزات عنيفة يحار العقل لهول المصائب وتنوع الأزمات شهوات تتقاطر من كل اتجاه وشبهات توظف لخلخلة عقول الناشئة ولا سيما الفتاة المسلمة التي كانت من ضمن الضحايا لهذه المغريات الخطيرة .
عباد الله!
وفي غياب الثبات على الحق تخبو جذوة الإيمان بل قد تضعف حتى تتلاشى فكم من أخيار صالحين ناصحين مباركين أصابهم النعاس فأصبحوا لا أثر لهم في المجتمع بل منهم من سلك الطريق الآخر، وكم من عابد صالح مسابق بالخيرات صدته العوائق والعقبات ، وكم من مثابر في الطاعات منافس في حلقات العلم أشغلته الدنيا عن الآخرة.
إنها دلالات يستنتجها المتأمل لواقع الناس وهو يرى هول الأحداث والمصائب إقبال للدنيا ببهرجها وزخرفها وكامل زينتها يقابله إعراض حاد من شباب ألهاهم الجدل وشغلهم الحكم على الناس عن المشاركة في توعية المجتمع وإصلاحه والله عز وعلا وعد ووعده حق (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا).
عباد الله!
في غياب الثبات على الحق تنقلب الموازين وتختلط الآراء وكل يغني على ليلاه ويزعم أن الحق معه، استمعوا إلى قول الحبيب صلى الله عليه وسلم {إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار}.
نعم إن هذا العامل نظراً لما فيه من الآفة التي تنخر في جوفه لم يصبر ليتم عمله لكنه خُذل في آخر عمره فخانته تلك الآفة في وقت هو أحوج إلى الثبات والمقاومة وهكذا ينقلب القلب لوجود آفة تنخر فيه، نعوذ بالله من الخذلان.
ولنعلم أن سوء الخاتمة لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه وإنما تكون لمن صلح ظاهره وفسد باطنه وعقله.
ولذا كان من دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم {يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك} بالثبات على الحق يتحقق الأمن والطمأنينة ويعيش المجتمع في استقرار ورخاء ويترقى ثابتاً في سلم الدين والدنيا وكلما فسدت حياة الناس وكثرت المساوئ والملهيات كان المسلم أحوج إلى الثبات ولذا نعى الله على الذين يتذبذبون فيبرز التناقض في أقوالهم وأفعالهم ويتقلبون في حياتهم فلا يثبتون على حال وما أكثرهم في هذه الأيام قال تعالى(ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين).
وقال تعالى (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي رفع أعلام السنة وجعل أتباعها هم الفائزين وأشهد أن لا إله إلا الله قمع البدعة والضلالة وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وتعاونوا على الخير والبر والهدى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
عباد الله!
ويتمثل الثبات على الحق في رفض كل مظاهر الابتداع في الدين وسد منافذ الغلو والانحراف فلا يعبد الله إلا بما شرع وأذن به لا بما استحسنته العقول ومالت إليه النفوس قال صلى الله عليه وسلم {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
المؤمن الصادق حين تتقاذفه المحن وتطيح به الأمواج وترمي به العواصف لن يكون كالريشة في مهب الريح بل هو كالجبل الراسي وهكذا الصادقون المخلصون لا تزيدهم الشدائد إلا ثباتاً ولا المحن إلا صبراً.
في زماننا كثر التبديل واختلطت المعالم ولذا وقع بعض الناس في العظائم وهم يزعمون أنهم يريدون الخير.
إن أغلى ما تملكه الأمة وتفخر به وتعتز به هو دينها ولا يمكن أن ينمو ويثبت إلا بالأمن الضارب في جذوره والاستقرار المهيمن على البلاد والعباد فما بالنا يا عباد الله نخمش وجوهنا بأيدينا، ما بالنا ندمر ممتلكاتنا بأموالنا ما بال أعدائنا يحققون مآربهم من خلال شبابنا، أيّ شيء يحقق ترويع الآمنين أيّ دين هو الذي يدفع للاعتداء على الأنفس والممتلكات أيّ فضيلة تدفع لسفك الدم الحرام في البلد الحرام.
أليس لنا عقول نزن بها الأمور، أليس أمامنا حساب وعذاب ألا نخاف من سطوة الجبار المنتقم ألا نخشى أن تكون الخاتمة خاتمة سوء والعياذ بالله قال تعالى (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).
إن لحظة الموت معاناة وضعف يجد فيها الشيطان فرصته ليضيف إلى حزبه وأتباعه فيتسلط على هذه النفس لكن الله يثبت المؤمنين الصادقين نسأل الله أن نكون منهم.
عباد الله تمسكوا بكتاب ربكم ففيه طوق النجاة والثبات وعليكم بالعلم المأخوذ من مصادره وحذار من أفكار غريبة مستوردة تورث الحسد والضغينة وتزهد في العلماء الصادقين الناصحين وعليكم بالدعاء ذلكم السلاح الأقوى في تثبيت القلوب وهدايتها واحرصوا على كثرة الأعمال الصالحة ففيها الأمن والطمأنينة.
واقرأوا قصص الأنبياء وسير الصالحين ففيها الزاد لكم في طريقكم إلى الله.
واعلموا بارك الله فيكم أنكم في نعم عظيمة وأنكم محسودون على ما أنتم فيه وأن أعداءكم يتربصون بكم الدوائر وأول ما يستهدفون دينكم وأمنكم واستقراركم ومقدساتكم واحذروا وحذروا من شباب يقدمون على سفك الدم الحرام، فمن أعان على قتل مسلم جاء يوم القيامة مكتوب في جبنيه آيس من رحمة الله، إن الإخلال بالأمن وقتل الأبرياء والاعتداء على الآمنين في بيوتهم ومحلاتهم جريمة عظيمة لا تصدر إلا من صاحب عقل طائش لا يقدر عواقب الأمور أو من عدو حاقد على البلاد والعباد أو من متربص بالمؤمنين الدوائر، وحذار يا عباد الله من الإرجاف ونشر أقاويل المنافقين وإطلاق الكلام على عواهنه ورمي أهل الخير عموماً بالعظائم ففي ديننا كل يؤخذ بذنبه ولا تزر وازرة وزر أخرى.
اللهم اهد شباب المسلمين وردهم إليك رداً جميلاً……