خطبة بعنوان: (حول السحر والتداوي2) .
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً:
أمــا بــعـــد:
فاتقوا الله عباد الله وافعلوا الأسباب الواقية بإذن الله من الأمراض الحسية والمعنوية.
فأنتم مأمرون باتخاذ الأسباب وعدم الاتكال عليها. وقد تحدثت في الجمعة الماضية عن خلل بالعقيدة وحذرنا منه وهو تصديق السحرة والدجالين وحديثي اليوم حول اتخاذ الوسائل والوقاية من الشرور قبل الإصابة بالداء فأقول مستعيناً بالله ينبغي أن يحرص الناس على اتخاذ وسائل السلامة والحماية والوقاية التي تقيهم مصائب الدنيا ومكدِّرات الحياة من مرض أو هدم أوحريق أوغرق أو أي حادث من الحوادث والأخطار وليس هناك مانع شرعاً ولا عقلا يمنع من اتخاذ هذه الوسائل والقاعدة العامة أن الوقاية خير من العلاج.
ومن ألزم الوسائل التي ينبغي اتخاذها ما يأتي:
1ـ تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى:
توحيد الربوبية, وتوحيد الألوهية, وتوحيد الأسماء والصفات.
ومعلوم أن لتحقيق التوحيد لله أثراً كبيراً في دفع الشرور وجلب الخير.
2ـ الاعتصام بالكتاب والسنة:
يقول تعالى: [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ]
3ـ تقوى الله عز وجل والإنابه إليه:
يقول تعالى [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً] ويقول تعالى [وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ] فلتقوى الله عز وجل أثر في تفريج الكربات ودفع الشرور ورفعها عن العبد فكلما اتقى العبد ربه وراقبه في السر والعلن رفع الله عنه البلاء والشرور بإذن الله.
4ـ التوكل على الله والاعتماد عليه وتفويض الأمر له. يقول تعالى [وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ] ويقول [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال (حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا).
5ـ صدق الإقبال على الله والتوبة النصوح والتخلص من المعاصي والآثام ورد المظالم إلى أهلها:
يقول تعالى: [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ].
إخوة الإيمان لعلكم تلاحظون أن كثيراً من الشرور التي تقع إنما تكون بسبب الذنوب والمعاصي وبسبب ظلم العبد فالتوبة منها ورد المظالم إلى أهلها كل ذلك سبب لدفع الشر ورفع البلاء بإذن الله.
6ـ حفظ الله:
هذه وصية سيد الأولين والآخرين فمن حفظ الله حفظه الله من كل سوء ومكروه وحفظ الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه وقد أوصى به محمد صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبد الله ابن عباس (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ).
7ـ العمل الصالح والتوسل به إلى الله:
يقول تعالى: [مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ].
وفي قصة الرهط الثلاثة الذين آواهم الغار وتدحرجت عليهم الصخرة ثم توسلوا إلى الله بأفضل أعمالهم فكشف الله عنهم.
8ـ الاستقامة على دين الله:
يقول تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ]
9ـ المحافظة على الصلوات لا سيما صلاة الفجر يقول صلى الله عليه وسلم (من صلى الصبح فهو في ذمة الله) فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء.
10ـ بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس و قد ورد (إن صدقة السر لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء).
11ـ المحافظة على الأذكار والأوراد التي أشرنا إليها في الجمعة الماضية.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإيايكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمداً عبد ورسوله إمام المتقين صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً
أمـــــا بــــــعــــــد:
فاتقوا الله عباد الله والجأوا إلى الله في حال الصحة والمرض واطرقوا بابه فإنه ما أنزل داءاً إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله ولا حرج على المسلم أن يطلب العلاج من مظانه وهو وسيلة قد تنفع وقد لا تنفع وعلى المصاب أن يجتهد في رقية نفسه فذلك أنفع له وإن رغب في الذهاب إلى غيره فليحرص على الموثوقين الذين يطمئن لهم.
وعلى الراقي أن يتقي الله في المرضى فلا يستعجل في تشخيص حالتهم دون علم وليعلم أنه سيسأل عن هذا يوم العرض على الله وعليه أيضا ألا يستغل حاجة الناس ويأخذ منهم النقود الكثيرة فالأصل في الرقية أنها من باب التعاون على الخير لكن لو أخذ أجره فلا بأس لكن بشرط عدم الاستغلال والجشع و كلام أهل العلم مبسوط في مظانه في هذه المسألة.
إخوتي في الله كم يجني الذي يقرأ على المرضى أحيانا عليهم إذا قال فيكم كذا وكذا وأوهمهم وهـم أصحاء معافون وقد وقفت على حالة لفتاة في سن الزواج رقاها شخص فأوهمها أن فيها جنا وأخذ يضربها ليخرج الجني بزعمه ولما تعبت البنت أخذت تتكلم وتخاطبه وتسمي له شخصا حتى تركها ولما رقيت من شخص أخر و أشعرها أنها سليمة معافاة قالت أنا أعرف لكن عجزت عن إقناع أمي ومثَّلت على القارئ الفلاني والآن تزوجت ومعها أطفال ولله الحمد فاحذروا أيها الآباء والأمهات من الجناية على الأبناء والبنات بالذهاب لبعض القرَّاء الذين جعلوا القراءة طريقاً للثراء والكسب نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما جهلنا وأن يكفينا شر أنفسنا والشطان وشر الأشرار وكيد الفجار وما يأوي الليل والنهار.
اللهم صلي على الحبيب المصطفى من رقى ورقي وأرض اللهم عن أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين اللهم أعز الإسلام والمسلمين ــ اللهم ارحم هذا الجمع أمين.