خطبة بعنوان: (حول السحر والتداوي1) .
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً:
أمــا بــعـــد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن العز والفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة بتقوى الله جل وعلا والتمسك بشرعه. ومتى ابتعد المسلم عن شرع الله أصابه ما أصابه مما يعكر عليه صفو حياته.
والمجتمع المسلم تـنشأ فيه ظواهر تحتاج إلى الوقوف عندها و تشخيص أدوائها لوصف الدواء الناجع ومن الظواهر التي نلمسها في مجتمعنا كثرة المشعوذين وتوافد الناس إليهم زرافات ووحدانا. وقد لفت نظري كما لفت نظر غيري كثرة الأسئلة والاستفسارات عن المشعوذين والدجاجلة وحكم الذهاب إلى فلان أوعلان وتساهل الناس في ذلك وحجتهم طلب العلاج ويتكأون على القاعدة الشرعية ــ الضرورات تبيح المحظورات ــ وقد ظلموا هذه القاعدة أيَّما ظلم لأنهم لم يفهموها فهماً شرعياً صحيحا.
إخواتي في الله لقد أنزل الله الداء وأنزل معه الدواء عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله ولكنه سبحانه وتعالى لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة ونحوهم ممن يَّدعون معرفة الغـيـبيات ليعرف منهم مرضه كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجماً بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون. وهؤلاء شأنهم الكفر والضلال لكونهم يَّدعون أمور الغيب وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أتى عرفاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة).
وروى أبو داوود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
إخوة الإيمان التداوي جائز باتفاق المسلمين ولا حرج على المسلم أن يطلبه بكل وسيلة مباحة لكن لا يتداوى بما حرمه الله فلم يجعل الله شفاء أمة محمد فيما حرم عليها وقال صلى الله عليه وسلم (تداووا عباد الله ولا تداووا بحرام) ولقد لفت نظري قبل يومين حادثة وقفت عليها بنفسي إذ وجدت مجموعة من الشباب في الكسر على السيل ومعهم مجموعة من الضبان يذبحونها ويأخذون من دمها عند الذبح ويدهنون بها قدم أحدهم ولما سألتهم عن السبب قالوا إنه علاج للحساسية فقلت هذا حرام لأن هذا دم مسفوح نجس ولا يجوز التداوي به فقالوا إنه مجرب وتزول الحساسية منه وقد وصفه أحد المعالجين فقلت وقد يكون ذلك صحيحاً لكنه استدراج أو تسويل من الشيطان والعياذ بالله فانتبهوا أيها المؤمنون واحذروا من الذهاب إلى السحرة والمشعوذين وأخذ الوصفات منهم فكم أضلوا عباد الله وأوقعوهم بما حرم الله. ولا يغرنكم ما يكتبونه من عبارات أو ما يقرؤنه فإنهم يخادعون المؤمنين.
وعلى المسلم إذا احتاج إلى العلاج أن يرقي نفسه أو يبحث عمن يثق به ويعرف دينه وأمانته وأما السفر للعلاج عند أشخاص مشبوهين أو حتى مجهولي الحال فهذا أمر خطير والعياذ بالله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بـسـم الله الـرحـمـن الرحـيـــم
[قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل لكل داء دواء وأشهد أن لا إله إلا الله أمر بالعلاج من الأمراض الحسية والمعنوية وأشهد أن محمداً رسـول الله أفـضل من رقـى ورقي صلى الله عليه وآله وسلم تسـليما كـثيراً
أمـــا بــــعــــــد:
فنظراً لجهل الكثيرين بالرقية الشرعية أحببت أن أذكرها هنا وهي من الآيات والأحاديث والأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك فاتحة الكتاب الحمد لله رب العالمين وآية الكرسي [اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ] وأخر سورة البقرة [آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ] إلى آخر السورة. ومن ذلك المعوذات قل هو الله أحد ـ وقل أعوذ برب الفلق ـ قل أعوذ برب الناس ـ ومن ذلك أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ـ ومن ذلك بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ـ ومن ذلك اللهم رب الناس أذهب البأس وأشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ـ ومن ذلك بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله يرقيك ـ ومن ذلك أن يكرر بعض أسماء الله وصفاته ويلح على الله بمجامع الدعاء أن ينزل على هذا المريض الشفاء.
فقد قال الله تعالى [وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ].
إخوتي في الله ونحمد الله ونشكره على ما تنعم به هذه البلاد من إقامة الحدود وقمع السحرة والدجالين ونسأل الله المزيد من فضله وعلى المواطنين التعاون مع رجال الحسبة في الإبلاغ عن هؤلاء وكشفهم وفضحهم لينالوا جزاءهم.
هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة الرحيم الشفيق بأمته صلى الله عليه و آله وسلم.
اللهم أعزالإسلام ــ اللهم وفق ولاة الأمر ــ اللهم انصر المجاهدين ــ اللهم ارحم هذا الجمع ـ اللهم أغثنا.