خطبة بعنوان: (حول البوسنة).

الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أما بعـد:

فيا أيها الصائمون والصائمات يتجدد اللقاء في مواسم الطاعة والعبادة والكل يدعو ربه أن يتقبل منه الصيام والقيام. يتجدد اللقاء في ظل الأمن الوارف و الصحة والعافية والسلامة في الدين والمال والولد.

يتجدد اللقاء وإخوة لنا في أرض الله الواسعة يعانون من الخوف والجوع والفاقة والحرمان يتجدد اللقاء وإخواننا في البوسنة والهرسك يعيشون على أعتاب مرحلة جديدة بعد أن وضعت الحرب أوزارها وانتهى المخطط الصليبي الإجرامي وبدأ المسلمون هناك يلتفتون للإعمار والإسكان وإيواء المشردين وجمع شمل الأطفال بأهاليهم.

لقد حل على إخواننا هناك فصل الشتاء وهو ضيف ثقيل لأن الأعباء تزيد فيه.

إخوننا هناك يعانون من مشكلة الغداء والكساء والعلاج بعد أن كانوا يعانون من مشكلة السلاح لقد وقفوا وقفة صامدة في وجه الصليبية الحاقدة دافعوا بكل بسالة عن الدين والعرض والأرض مات منهم من مات وشرد من شرد ودُفن بالمناجم من دفن وبقي على ظهر الأرض من كتب الله له الحياة ولكنهم بحاجة ماسة إلى الدعم المتواصل ليكملوا مشوار حياتهم. لقد انهالت التبرعات على الصرب النصارى من أجل الإعمار واقتطع الكفار من غذائهم اليومي لنجدة بني جهنم وخليق بالمسلمين أن يبادروا لمديد العون لإخوانهم. لقد كان لهذه البلاد حكومة وشعبا مواقف حافلة بالتكافل والتعاون تأييد رسمي وشعبي في كل المحافل وتبرعات تنهال على إخواننا من شتى مناطق بلاد الحرمين ولقد كان لها ولله الحمد دور كبير في تحقيق ما تم تحقيقه على أرض البوسنة الصابرة الصامدة التي أعلنت شعارها سلاحها الإيمان وعدتها التقوى.

إخواتي في الله سنجمع التبرعات والزكوات لإخواننا هناك في هذه الجمعة وسيستمر جمع التبرعات عن طريق إمام المسجد أوالمؤذن أو عن طريق حساب الهيئة في البنوك المحلية.

أخي الصائم أختي الصائمة لا تتقالُّوا شيئا تتبرعون به فلعل ريالاً واحداً ينقذ طفلا أو يجمع شمل أسرة أو يكسو عاريا أو يؤمن خائفا أو ينقذ مريضا على أعتاب الموت.

وتذكروا وأنتم تنفقون في هذا اليوم إخوة لكم كانوا معنا في العام الماضي يتمنى الواحد منهم لو أنفق الكثير لأنه الآن رهين قبره لا يستطيع النفقة من ماله الذي جمعه وتعب فيه والله أعلم ما عمل به الوارث وهل ينفق منه أم لا.

و صدق الله العظيم ((وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ))
والله جل وعلا يجعل ما تنفقون قرضا له يدخر الأجر لكم يوم القيامة ويوفيكم ما أقرضتم أضعافا مضاعفة ((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً))
وقد أخبر الباري سبحانه أنه يوصل هذا القرض إلى سبعمائة ضعف قــال تــعالى ((مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ـ ولا يقبل الله إلا طيبا ـ فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه ـ أي مهره ـ حتى تكون مثل الجبل ] رواه البخاري ومسلم.

أيطمع أيُّ تاجر بربح أعظم من هذا الربح ولكن الناس يفضلون العاجل على الآجل والشيطان يُجلب عليهم بخيره ورجله ويمنعهم من التصدق بفضول أموالهم ويعدهم الغنى ويعد المتصدق الفقر.

والله يعد المتصدق المغفرة والأجر فانظر أخي الصائم وانظري أختي الصائمة هل تصدقون الرحمن الرحيم أم تصدقون الشيطان الرجيم انظر إلى تصوير الرسول صلى الله عليه وسلم حالة المتصدق ومصارعة للشياطين وأعوان الشر ونوازعه في نفسه. فعن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لايُخرج رجلٌ شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطانا] رواه أحمد والبزار وابن خزيمية في صحيحه.

إخواتي في الله عوِّدوا نفوسكم الإنفاق وليكن سهلاً عليكم وتيقـنوا أن مالكم الحقيـقي ما أنفقتم ومال وارثكم ما خلفتم أسأل الله أن يعيننا على أنفسنا وأن يجعلنا من الذين يقدمون لأنفسهم شيئاً يجدونه يوم العرض عليه يقي وجوههم لفيح جهنم.

هذا واستغفروا الله يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين وعد المنفقين الأجر العظيم وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي تاجر مع ربه فربح أعظم الربح حتى لقد ثبت عنه أنه أعطى واديا من الغنم صلى الله عليه وسلم

أمـــا بـــــعــــــد: فاعلموا أخـواتـي في اللــه

أن تغير مسار الأحداث على الأرض البوسنة تبعة تغير في البرامج الإغاثية فإلى جانب تقديم الإغاثة العاجلة كلما اشتد الخطب على المسلمين فقد استهدفت الهيئة العليا في برامجها اعادة المشردين الذين انقطعت بهم السبل وإيوائهم وإعمار بيوت الله وترميمها ودعم المدارس والكليات الإسلامية وإنشاء دور الأيتــام والعمل على كفالتهم والمساعدة في كل ما من شأنه إعادة الحياة الطبيعية للمجتمع البوسني كدعم برامج التعليم وبرامج الرعاية الصحية والاجتماعية وتعزيز الدعوة إلى الله وتفطير الصائمين.

إخواتي في الله تبرعوا لإخوانكم بما تجود به نفوسكم فهم بحاجة إلى دعمكم ومساندتكم بل أنهم يخطيطون لمشروعات كبيرة بــناء على ما تبذلونه وتقدمونه لهم وليكن التبرع شعاراً لكل مسلم على ظهر هذه البلاد ولو بشيء يسير فأنت إذا عودت طفلك أن يتبرع بريال فإن هذا الخلق الإسلامي النبيل يستمر معه إذا كبر وهكذا المرأة المسلمة.

وقد كانصلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على البذل والنفقة إذا حصلت حاجة المسلمين أونزلت بهم نازلة فإذا تبرع الصحابة تهلل وجه رسول الله من الفرح. الصدقة أيها المؤمنون تطـفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء وتكون ستاراً لصاحبها من النار. تذكر أخي المسلم وأنت تتصدق بريال أو عشرة أو مائة أنك ستجد هذه الصدقة بإذن الله في صحيفة الحسنات فلا تبخل على نفسك في وقت أنت أمس الحاجة لها وتذكر أيضاً أنه قد يأتي وقت لا تستطيع الصدقة إما لأنك لا تجد شيئا أو لأنك تحت التراب مرهون بعملك اللهم أعنا على أنفسنا اللهم اجعل صدقاتنا خالصة لوجهك يا كريم وأرجو من بعض الإخوة أن يقفوا على الأبواب لجمع التبرعات كما أرجو أن تتولى بعض النساء ذلك ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)).

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليما ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) اللهم صلي وسلم على نبينا محمد.

اللهم انصر المجاهدين
اللهم أصلح ولاة أمر المسلمين
اللهم ارحم هذا الجمع من المؤمنين
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا
اللهم وفق اخوننا في البوسنة والهرسك
اللهم ألبس خادم الحرمين الشرفين ثوب الصحة والعافيه.