خطبة بعنوان: (حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خطاب الأمير نايف -وفقه الله-).26-6-1430هــ

الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سفينة النجاة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام الآمرين وسيد الناصحين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وتعاونوا على كل خير [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ]، وقال تعالى: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ].

عباد الله إن خيرية أمة الإسلام وفلاحها مرتبطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ]، وقال تعالى: [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ].

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل الرسل ووظيفتهم بذلوا من أجله النفس والنفيس والمال والولد وتركوا البلد ولا قوا من أجله التعذيب والتغريب والتشريد ها هو إمام الحنفية إبراهيم عليه الصلاة والسلام يُلقى في النار من أجل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ودعوته للتوحيد لكن الله نجاه وقال للنار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم.
وها هو زكريا عليه الصلاة والسلام ينشر نصفين من أجل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
وها هو خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يخنق حتى يكاد يموت ويتفل في وجهه ويخرج من بلده ويرمى بالحجارة حتى يسيل الدم من قدميه ويتآمر قومه على قتله من أجل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.

عباد الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سفينة النجاة وصمام الأمان والأمن من الهلاك والحارس من الهوى والشهوة والملهيات.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم صفات المؤمنين وهو أحد الفوارق بينهم وبين المنافقين قال الله تعالى: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ].

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أسباب النصر والتمكن في الأرض فهو نور في القلب وقوة في البدن وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق قال تعالى: [وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ].

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرف هذه الأمة وسر خيريتها على غيرها من الأمم ولذا اعتنى به السلف عناية عظيمة وكانوا يعدون من لم يقم به من أهل الريب فعن جامع بن شداد قال: (كنت عند عبدالرحمن بن يزيد الفارسي فأتاه نعي الأسود بن يزيد فأتيناه نعزيه فقال مات أخي الأسود ثم قال عبد الله يذهب الصالحون أسلافاً ويبقى أهل الريب قالوا يا أبا عبد الرحمن وما أصحاب الريب قال قوم لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر).

بل كان السلف يعدون من لا يأمر ولا ينهى في عداد الأموات فهذا حذيفة بن اليمان يسأل ما ميت الأحياء فيقول: من لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه وقيل لعبد الله بن مسعود من ميت الأحياء فقال الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.

عباد الله ولو أردنا أن نوجز الغرض من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقلنا إن الغرض منه القيام بأمر الله والاقتداء برسول الله وحماية المجتمع من الشر والفساد ونشر الفضيلة وقمع الرذيلة والطمع في الثواب الجزيل من الله وخوف العقاب منه سبحانه.

وصدق الله العظيم: [لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ذي الفضل والإحسان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ويجزي العاملين المخلصين عظيم الثواب وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله قدوة الناصحين وخيرة الآمرين والناهين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فاتقوا الله أيها المؤمنون وتعاونوا مع أهل الأمر والنهي لأن في ذلك صلاحكم وفلاحكم وسلامة المجتمع من العواقب الوخيمة، والشرور الكثيرة التي أحاطت بكثير من المجتمعات التي تركت الأمر والنهي.

عباد الله لقد أثلج صدورنا ما تضمنه خطاب صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في لقائه مع رجال الهيئة وحيث أن هذا اللقاء وما جاء فيه وثيقة هامة وشرف لكل مسلم محب للخير، لذا أحببت أن أقتطف نماذج مما جاء فيه.

قال سموه حفظه الله: (أقدم شكري وامتناني لجميع رجال الهيئة السابقين والحاليين وكل من عمل فيها ولا أقول إلا جزاهم الله خيراً وقد أديتم الأمانة).

وحول ما قد يحدث من أخطاء من رجال الهيئة قال سموه: (قد علَّمنا الإسلام أن من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر) وحول ما أمر الله به من الأمر والنهي قال حفظه الله: (ومطلوب منا جميعاً مسئولين ومواطنين أن نشد من أزره ونصلح شأنه وأنه إن شاء الله في صلاح المجتمع ومفيد لشبابنا وللرجال والنساء).

وطالب سموه رجال الإعلام أن يكونوا مع الهيئة فقال: (الخطأ معرض له كل إنسان يعمل والذي لا يخطئ لا يعمل ولذلك أطلب من وسائل الإعلام في بلادنا أن يتحملوا مسئولياتهم وأن يكونوا في صف الهيئة وأن يتركوا لأهل الاختصاص بعض السلبيات التي يبحثون عنها).

وأشار سمو الأمير نايف إلى ما امتن الله به على هذه البلاد من تحكيم لشرعه وما وفق إليه ولاة الأمر من إقامة هذه الشعيرة وأكد سموه أن الدولة ستشد من أزرها وتعينها على مسئوليتها، وأثنى على ما تقوم به الهيئات من جهود مباركة تتلاقى مع جهود رجال الأمن وطالب سمو الأمير نايف العلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات والباحثين أن يقفوا مع الهيئات ويعينوها في بحوثهم واجتهاداتهم التي تصب في مصلحة هذا الدين وهذا الوطن الغالي على الجميع.

عباد الله إن هذه الكلمات وتلك التوجيهات التي نبعت من القلب وخرجت على سجيتها تدل على ما يحمله رجل الأمن الأول من هم تجاه دينه ووطنه وإن الرجل الصادق هو الذي يعرف للناس فضلهم وقدرهم أسأل الله بمنه وكرمه أن يرفع ذكره وأن يعلي شأنه وأن يغفر ذنبه وأن يحقق الخير على يديه لهذا البلد المبارك كما أسأله بمنه وكرمه أن يجعله سداً منيعاً ودرعاً حصيناً تتحطم عليه كل دعاوي الشر والفساد وأن يجعله في زمرة الذين ينادي عليهم يوم القيامة مع الشهداء والصالحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

عباد الله وإن حقاً على كل مسلم سمع هذا الكلام أو قرأه أو اطلع عليه أن يدعو لسمو الأمير نايف فهذا من أقل حقوقه علينا زاده الله هدى وتوفيقاً ومكَّن له ولإخوانه ولاة الأمر في هذه البلاد وحفظ الله بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين ورفع الله منارات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزادها شرفاً وعزاً.

عباد الله هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة محمد بن عبد الله فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال جل في علاه [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً]

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك وحبيبك نبينا محمد، وارض اللهم عن أمهات المؤمنين، وسائر الصحابة والتابعين، وارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.

[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ]
عباد الله [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]، وأقم الصلاة.
الجمعة 26-6-1430هــ