خطبة بعنوان: (مرحبًا بالشهر الكريم) 30-8-1430هـ .

الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي تفضل على عباده بمواسم الخير والإكرام وأنعم عليهم فيها بالعفو والمغفرة والعتق من النيران وأشهد أن لا إله إلا الله جعل شهر رمضان أفضل شهور العام وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خير من صلى وصام وقام صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].
عباد الله نفوس المؤمنين تتطلع شوقاً لبلوغ رمضان وقلوب العابدين تهفوا طمعاً في نفحاته.

فرمضان شهر الطاعات، شهر البركات، شهر المنافسة في الخيرات تُغل فيه شياطين الجن ويضعف الله فيه شياطين الإنس.
تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين).
ولعظم مكانة هذا الشهر وفضله فقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدومه ليستحث فيهم الهمة للطاعة ويشوقهم للعبادة ويرغبهم في فضل الله جل وعلا ويبين لهم ما فيه من مغفرة ورحمة وفوز وعتق من النار ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان يقول لأصحابه (إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم).

عباد الله أقبل عليكم هذا الضيف الكريم وحق الضيف الإكرام والقيام بحقه فاستقبلوه وفقكم الله لهداه بأكرم ما تستقبلون به ضيوفكم استقبلوه بالفرح والسرور والعزيمة والنشاط والجد والاجتهاد ويكفي أن يكون نصب أعينكم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
وقوله صلى الله عليه وسلم:(من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) أي فضل بعد هذا الفضل وأي إكرام بعد هذا التكريم وأي منحة وهدية بعد المغفرة للذنوب.

استقبلوه ــــ وفقكم الله ـــ بالدعاء بما تحبون من خيري الدنيا والآخرة فقد أمركم الله بذلك: [وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ].
وقال: [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي].
وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء من العبادة).
أدعو الله أن يوفقكم لصيامه وقيامه وأدعو الله أن يغفر لكم ولوالديكم وأن يد خلكم الجنة ويعيذكم من النار وأدعو الله بصلاح الذرية.

ادعوا الله أيها المؤمنون في كل أحوالكم وأوقاتكم ولا سيما عند السَّحرِ والإفطار وفي الصلوات فالنفوس تقبل على ربها في هذا الشهر الكريم فأروا الله من أنفسكم خيراً واستقبلوا شهركم الكريم بحفظ أو قاته واغتنامها بالطاعة والعبادة والمنافسة في مجالات الخير كلها فرسولكم صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان بل كان أجود بالخير من الريح المرسلة فليكن لكم فيه أسوة وقدوة.
واستقبلوه أيها المؤمنون بسلامة الصدر من الحقد والحسد والظغينة وطيبوا نفساً بما تبذلون وسامحوا من كان بينكم وبينه شيء من أمور الدنيا فسلامة الصدر سبب لدخول الجنة.

واستقبلوه بنظافة الظاهر والباطن من المعاصي والآثام واجتهدوا أن تكونوا ممن يدخل من باب الصيام فقد أعَّد الله باباً من أبواب الجنة خاصاً بالصائمين وهو باب الريان إذا دخلوا منه أُغلق فلا يدخل منه أحد غيرهم.
عباد الله اغتنموا الخير في هذا الشهر واستعدوا له من أوله بصدق وإخلاص وعبادة وتذلل وخشوع.

استقبلوه بالبعد عن الشهوات وأنتم تطمعون بالرضا والمغفرة والقبول عاهدوا الله في بدايته على الطاعة والعبادة والثبات على الخير والبعد عن المعاصي فمن يدري ماذا يبقى من الأعمار وصدق الله العظيم [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطة الثانية:

الحمد لله الكريم المنان فرض الصيام على أهل الإيمان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حبب إلى المؤمنين الإيمان وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فاحمدوا الله أيها المؤمنون واشكروه على أن مد في أعماركم فها أنتم تستقبلون شهركم يوم غد هذا الشهر الكريم الذي أنزل الله فيه القرآن وخصه الله من بين شهور العام بالفضل والإحسان فاجتهدوا في عمل الخير وتنافسوا في الطاعة فأنتم مسافرون إلى الله وهذه الحياة ميدان للتزود من الخير وبعد نهاية السفر يفوز من كان زاده أكثر فاحرصوا على اغتنام الليالي والساعات بل الدقائق والثواني.

في أبواب الطاعات وخصوصاً قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والذكر والدعاء والجلوس في المسجد والصدقة والبر والصلة وزيارة المرضى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالشهر مجال للمنافسة وكونوا أكثر تنافساً من أهل التجارات في تجاراتهم فالطاعة والمنافسة فيها هي التجارة الرابحة دون خسارة.

عباد الله ومما أثلج صدورنا ما أعلنته وزارة الداخلية من القبض على مجموعة من أهل الفكر الضال فنحمد الله ونشكره أن وفق رجال الأمن لمتابعة هؤلاء والأخذ على أيديهم ونسأل الله بمنه وكرمه أن يهدي ضال المسلمين وأن يردهم إلى الحق رداً جميلاً وأن يصلح أحوالهم وأن يكفي بلادنا شر الأشرار وكيد الفجار كما أسأله سبحانه أن يوفق رجال الأمن لمتابعة كل من يعبث بأمن هذه البلاد أو يكدر عليها صفوها وطمأنينها وأن يفضح هؤلاء في كل مكان.

اللهم ألبسنا ثوب الصحة والعافية وأعنا على صيام رمضان وقيامه ووفقنا لسائر الطاعات، اللهم أصلح أحوالنا واستر عوراتنا وآمن روعاتنا وقوّ عزائمنا ويسر أمورنا، اللهم وفقنا للإخلاص في أعمالنا، اللهم لا تجعل لأحد فيها نصيباً.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم من بلغته رمضان فأعنه على الصيام والقيام ومن لم تمد في أجله فمات قبل بلوغ هذا الشهر اللهم اغفر له وارحمه وافسح له قبره ونور له فيه. اللهم أصلح أحوال المسلمين وأرخص أسعارهم وأهد ضالهم اللهم وفق ولاة أمر المسلمين لحكم بكتابك والعمل بسنة نبيك ووفق ولاة أمرنا خاصة للخير اللهم خذ بأيديهم لما فيه خير البلاد والعباد اللهم أرحم هذا الجمع من المؤمنين والمؤمنات.

[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ]
عباد الله [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. وأقم الصلاة ــ.

الجمعة: 30-8-1430هـ