خطبة بعنوان: (خاتمة شهر رمضان) 28-9-1430هـ .
الخطبة الأولى:
الحمد لله المتفرد بالعظمة والكبرياء المتوحد بالعز والبقاء الذي قضى على هذه الدنيا وأهلها بالفناء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الذي كان يختم شهر رمضان بمزيد من الطاعة والتقرب إلى الرحيم الرحمن صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].
عباد الله ها أنتم تودعون شهر رمضان وكنتم قبل أيام تتباشرون بقدومه وهذه حال الدنيا نزول ثم ارتحال.
روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ينادي في آخر ليلة من رمضان فيقول: (يا ليت شعري من المقبول فنهنيه ومن المحروم فنعزيه).
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: (من علامات القبول للصيام والقيام أن يكون حال العبد بعد الصيام أفضل من حاله قبل رمضان).
فاحمدوا الله أيها المؤمنون إن وفقكم لصيام شهر رمضان واختموه بالعمل الصالح فالأعمال بالخواتيم ومن كان محسناً فليضاعف الإحسان ومن كان مقصراً فليتدارك ما بقي فلعله أن يغفر له في آخر ليلة منه.
عباد الله واعلموا بارك الله فيكم أن الله جل وعلا شرع لكم عبادات في ختام الشهر وبعده، تزيدكم قرباً من خالقكم ويعظُم بها أجرُكم ويُغفر ذنُبكم وأهم هذه العبادات إخراج صدقة الفطر والتكبير ليلة العيد وأداء صلاة العيد وصيام ست من شوال بعد العيد.
فأما صدقة الفطر فتجب عن المسلم وعن كل فرد ممن تلزمه نفقتهم صغاراً وكباراً، فيخرج عن كل واحد صاعاً من البر أو التمر أو الزبيب أو الأرز.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) رواه البخاري ومسلم.
ويخرجها المسلم في البلد الذي تغرب عليه فيه شمس آخر يوم من رمضان فإن كان الشخص في بلد وأهله في بلد فالأولى أن يخرج عن نفسه في مكانه وعن أهله في مكانهم.
وإن أخرجها عن الجميع في أحد البلدين فلا حرج، ومصرف صدقة الفطر هم فقراء البلد ولا تعطى للأغنياء ولا للأقرباء غير المحتاجين بل هي حق للفقراء. فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (أغنوهم عن السؤال في ذلك اليوم).
والأولى ألا تنقل إلى خارج البلد ما دام في البلد من يستحقونها وقد قال صلى الله عليه وسلم في الزكاة (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم).
والأفضل في وقت إخرجها أن يكون بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.
ولا بأس بإعطاء الواحد صدقة الجماعة وإعطاء الجماعة صدقة الواحد حسب ما يراه من يتولى صرفها.
ولا بأس بإنابة من يثق به المسلم من أفراد أو هيئات أو جمعيات فيعطيهم نقوداً وهم يتولون إخراجها من الطعام.
ولا يجوز دفع النقود فيها لأنها زكاة ظاهرة، وقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم نوع الطعام الذي تخرج منه وكانت النقود معروفة في ذلك الوقت ولم يذكرها في صدقة الفطر وهذا دليل على عدم جواز إخراج النقد فيها.
فاجتهدوا أيها المؤمنون في إخراجها على الوجه الشرعي وصرفها لمستحقيها طيبة بها نفوسكم وصدق الله العظيم: [قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله صاحب الفضل والأنعام وأشهد أن لا إله إلا الله الملك العلام وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الهادي إلى دار السلام صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من العبادات التي تشرع في ختام شهر رمضان التكبير ليلة العيد من بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى وقت صلاة العيد قال تعالى: [وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ].
وصفة التكبير (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، وينبغي الجهر بالتكبير ورفع الصوت عند دخول المساجد والبيوت والأسواق وفي الطرقات إظهاراً وتعظيماً لهذه الشعيرة الخاصة في هذه الليلة وحمداً لله على إتمام صيام شهر رمضان والفرح بعيد الفطر.
عباد الله ومن العبادات التي تشرع في يوم العيد أداء صلاة العيد في المصلى أو المسجد إن كان هناك ما يمنع من الصلاة في المصلى، ويسن أن يخرج إليها ماشياً إذا لم يشق عليه ذلك كما يسن أن يلبس أحسن ثيابه ولا يجوز لبس الثياب المحرمة كثياب الحرير والثياب التي فيها تصاوير وكذلك الألبسة التي تحمل شعارات ساقطة أو تدل على الميوعة والعبث كما يفعل بعض الشباب من لبس البنطال الذي يحمل عبارات غير مناسبة تدل على عدم المبالاة والتقليد والتبعية لأصحاب الأخلاق الرذيلة.
ويسن حضور النساء لصلاة العيد لكن مع الحذر من إظهار الزينة أو مس الطيب الذي يشمه الرجال الأجانب وعليهن بتمام الحشمة والبعد عن الرجال ولا بأس بخروج المرأة الحائض وشهود دعوة المسلمين مع اعتزال المصلى.
قالت أم عطية رضي الله عنها (كنا نؤمر أن نَخْرًج يوم العيد حتى تخرج البكرُ من خدرها وحتى تخرج الحيَّض فيكن خلف النساء فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون ذلك اليوم وطهرته).
ويسن أن يخرج لصلاة العيد من طريق ويعود من طريق آخر، فقد جاء في الحديث (إن الملائكة تقف على الطرقات في يوم العيد).
والفطر على تمرات وتر قبل خروجه إلى الصلاة والإكثار من الصدقة والذكر والدعاء وتبادل الزيارات واللقاءات وزيارة كبار السن والمرضى والمقعدين والدعاء لهم ففي يوم العيد يُظْهرُ المسلمون الفرح بموعود الله وفي ذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون.
وما أجمل أن يكمل المسلم طاعته بالمبادرة بصيام ست من شوال، لعلها ترفع ما قد حصل في صيامه قال صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان وأتبعه ست من شوال كان كمن صام الدهر).
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ].
عباد الله [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. وأقم الصلاة.
الجمعة : 28-9-1430هـ