خطبة بعنوان: (قيادة حكيمة وشعب وفي ـ بمناسبة صدور الأوامر الملكية التي تخص الشعب السعودي) 20-4-1432هـ.

الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م

 

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعلنا من خير أمة أخرجت للناس وأشهد ألا إله إلا الله فضل بعض الأماكن والأزمان والأشخاص ومن ذلك تفضيل بيته الحرام على سائر بقاع الأرض وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله فضله الله على سائر الخلق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي وصية الله للأولين والآخرين [وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ](النساء الآية131).
كما أوصيكم بالتعاون على الخير والبر والابتعاد عن كل ما فيه ضرر عليكم وبلادكم ومجتمعكم.

إخوتي في الله في مساء الجمعة الماضية أطل علينا خادم الحرمين الشريفين وألقى كلمته الضافية الحانية التي صدرت من القلب فوصلت إلى القلوب وحفرت لها مكاناً لا يمكن أن ترحل منه لمسنا تلاحماً لا مثيل له وتكاتفاً يندر وجوده لمسنا حب الشعب لقيادتهم ووفاء القائد لشعبه وأني كلما تأملت تلك الكلمات وأمعنت النظر فيها ألمس الصدق والشفافية والوفاء المتبادل والحب الصادق بين الراعي والرعية.
لقد بدأ خادم الحرمين الشريفين كلماته بقوله: (كم أنا فخور بكم والمفردات والمعاني تعجز عن وصفكم أقول ذلك ليشهد التاريخ وتكتب الأقلام وتحفظ الذاكرة الوطنية بأنكم بعد الله صمام الأمان لوحدة هذا الوطن وأنكم صفعتم الباطل بالحق والخيانة بالولاء وصلابة إرادتكم المؤمنة).

وجاء في كلماته ـ يحفظه الله ـ بعد أن خاطب العلماء والمفكرين والعسكريين وأثنى على جهودهم المباركة (يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم دائماً وأستمد العزم والعون والقوة من الله ثم منكم).
ثم ختم كلمته بتلك العبارة الموفقة المسددة التي خرجت على سجيتها وتخفي وراءها قلباً كبيراً محباً للخير راغباً فيما عند الله (ولا تنسوني من دعائكم).
لقد أجهشت هذه العبارة الكثيرين فبكوا ورفعوا أكف الضراعة داعين لخادم الحرمين بالصحة والعافية والتوفيق والهداية والفوز بالجنة.
ثم أعقب ذلك تلك الأوامر الملكية الكريمة التي جاءت ملبية لحاجات جميع فئات المجتمع بمختلف أطيافه وفروعه وشملت الصغار والكبار الرجال والنساء والمدنيين والعسكريين والعلماء والدعاة ورجال الحسبة.

عباد الله لقد كانت تلك الأوامر موفقة مسددة صاحبها همة عالية للقضاء على الفساد الإداري ومتابعة بعض ضعاف النفوس وحيال هذه الكلمات وتلك الأوامر أقف بعض الوقفات فأقول.
أولاً: نحمد الله ونشكره على ما تتميز به بلادنا على سائر بلاد الدنيا من نعم عظيمة منها سلامة المعتقد وتحكيم الشرع وتوحيد الصف وقوة التلاحم بين الراعي والرعية وما تتمتع به هذه البلاد من أمن وارف وطمأنينة تامة ورغد عيش كل ذلك بفضل الله ثم بفضل التمسك بشرعه المطهر.
ثانياً: من لا يشكر الناس لا يشكر الله فنحن نثني بالشكر لقائد مسيرة هذه البلاد وباني نهضتها الوالد الحاني خادم الحرمين الشريفين على هذه المكارم العظيمة التي تدل على حرصه ـ يحفظه الله ـ على مصلحة بلاده وشعبه وتقديمها على كل شيء حيث شملت هذه المكارم جميع فئات الشعب واستفاد منها الكبير والصغير الرجل والمرأة الأحياء والأموات على حد سواء.
ثالثاً: هذه الأوامر جسدت عناية خادم الحرمين الشريفين بكتاب الله وحفاظه وكذا الاهتمام ببيوت الله وجسدت حرصه على العلماء وإنزالهم منازلهم الرفيعة ومنع التعرض لهم بأي شكل من الأشكال لأنهم من يوجه المجتمع ويرسم له طريقه الصحيح وهم منارات الأرض والثابتون وقت الشدائد والأزمات يستضيء الناس بآرائهم ويرجعون إلى أقوالهم.

رابعاً: جسدت هذه الأوامر عناية ولاة الأمر بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأي مجتمع يعتني بهذه الشعيرة ويعلي مكانها سيتبوأ مكانه ويكون في مركز القيادة للبشرية جمعاء لأنهم أصحاب الخيرية وصدق الله العظيم [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ](آل عمران الآية110).
خامساً: جسدت هذه الأوامر حرص ولاة الأمر وعنايتهم بتلمس حاجات المواطنين وتوفير متطلباتهم الحياتية الضرورية وبالمقابل أكدت على محاربة الفساد والقضاء عليه ومحاسبة كل من تسول له نفسه الوقوع فيه بأي شكل من الأشكال.
سادساً: أظهرت هذه الأوامر ما يكنه هذا الشعب الوفي من حب ووفاء وولاء لقيادته الحكيمة وهذا ما لمسه الجميع من ارتفاع الدعوات الصادقة من الصغار والكبار لخادم الحرمين الشريفين بالصحة والعافية وطول العمر والسعادة في الدنيا والآخرة والتمكين والعز وإكمال مسيرة البناء المباركة لهذا الكيان الكبير.

سابعاً: مسك الختام لهذه الكلمة الأبوية الحانية تلك الألفاظ التي خرجت على سجينها ودون تكلف ـ لا تنسوني من دعائكم ـ لقد حل هذا القائد الموفق في سويداء قلوب شعبه فبادلوه الحب بالحب والوفاء بالوفاء وارتفعت الدعوات له مباشرة فهنيئاً له هذا التوفيق والتسديد.
ثامناً: وظهر توفيقه رعاه الهو في يوم الثلاثاء أثناء لقاء خادم الحرمين الشريفين بالأمراء والعلماء وبعض المسئولين حيث أكدَّ ـ حفظه الله ـ على ترك بعض الألفاظ التي لا يناسب إطلاقها مثل ـ ملك الإنسانية ـ وملك القلوب ـ.
وأذكر أننا تحدثنا مع بعض الإخوة في أيام مضت وقلنا أن خادم الحرمين لا يرضى بهذه الألفاظ ومن يطلقونها لا يقصدون بها محذوراً شرعياً وإنما لفرط حبهم له لكن سرعان ما جاء توجيهه الكريم متمماً لتوجيهاته السابقة في ترك بعض الأمور التي فيها مبالغة فجزاه الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي حاكماً عن رعيته.
تاسعاً: يتأكد في حق الجميع أن يحدثوا شكراً عملياً على هذه النعم وذلك بالرجوع إلى الله والتمسك بشرعه وأداء ما أوجب الله وتجسيد تلاحم وتماسك هذا المجتمع وقطع الطريق على الأعداء الذين لا يريدون لنا خيراً.
وصدق الله العظيم [لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ] (إبراهيم الآية7).
واستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله الرسول المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون واعلموا أن بلاد الحرمين الشريفين لها خصائصها وميزاتها ولذا جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين مراعياً هذه الخصائص من جميع جوانبها.
لقد جسَّد خادم الحرمين في كلمته التاريخية معاني القيادة الحكيمة في الحرص على العدل وإحقاق الحق وتقوية دعائم الدولة وإرساء الطمأنينة في نفوس شعبه الوفي.

عباد الله وهكذا عرفنا ولاة أمرنا حريصين على التمسك بالأصول الثابتة والعقيدة الصافية النقية وبناء الدولة على منهج الكتاب والسنة واحترام العلماء وتقديرهم ووضعهم في المكان اللائق بهم عرفاناً بفضلهم ومكانتهم وتقديرً لما يحملونه من نصوص الوحيين وفهم دقيق لها.
وهكذا جاءت الأوامر الملكية الكريمة لتؤكد الثبات على النهج السليم الذي قامت عليه بلادنا منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز يرحمه الله حيث بنى هذه الدولة على منهج الكتاب والسنة ولا تزال ولله الحمد شامة بين دول العالم تجمع بين الاستمرار على الثوابت التي لا تتزحزح عنها وبين الأخذ بوسائل التطور ومواكبة العصر في كل مستجدات الحياة، وهذا ما جعل لها المكانة العالمية في كل المحافل الدولية.

عباد الله إن نعمة الإسلام والأمن لا بعد لها نعمة ولذا يتأكد في حقنا المحافظة عليها ورعايتها والوقوف في وجه كل المعوقات والمكدرات مهما كان حجمها ومصدرها ولا يتم ذلك إلا بتكاتف الجميع وتعاونهم ووقوفهم صفاً واحداً مع قيادتهم وعلمائهم ليتحطم على هذا التماسك وذلك الجدار الصلب كل محاولات الأعداء والمغرضين في التسلل إلى مجتمعنا وصدق الله العظيم [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا](آل عمران الآية103)، وهذا من شكر هذه النعمة العظيمة وهو من أوجب الواجبات علينا.
حفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه وأتم علينا نعمة الصحة والعافية.
هذا صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم واجعل ولايتنا فيما خافك واتقاك يارب العالمين، اللهم وفق ولاة أمر المسلمين عامة للحكم بكتابك والعمل بسنة نبيك ووفق ولاة أمرنا خاصة لكل خير.

[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ]
اللهم ارحم هذا الجمع من المؤمنين والمؤمنات اللهم استر عوراتهم وارفع درجاتهم وأصلح نياتهم وذرياتهم.
عباد الله [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. (النحل الآية 90).
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء إليك اللهم أنزل علينا الغيث اللهم أنزل علينا الغيث اللهم أنزل علينا الغيث اللهم أغث القلوب بالإيمان وأغث الديار بالأمطار ياذا الجلال والإكرام وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الجمعة: 20-4-1432هـ