خطبة بعنوان: (يوم بدء الدراسة بعد الإجازة) بتاريخ 13-10-1433هـ

الأثنين 6 جمادى الآخرة 1440هـ 11-2-2019م

 

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أمر نبيه بالاستزادة من العلم فقال { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً }(طه)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أتاه الله جوامع الكلم وعلمه ما لم يعلم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون، فقد أمركم ربكم بذلك فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: 102).

عباد الله: يتجه مئات الآلاف من الطلاب والطالبات يوم غد إلى قاعات الدرس والتحصيل وهم على فئات كثيرة، فالهموم تختلف، والعزائم تتفاوت، والرغبات تتباين.

منهم الراغب المقبل الحريص الجاد، ومنهم الكاره لهذا اليوم لأنه لا همة له ولا غاية يسعى إليها.
وهكذا الآباء والأمهات منهم من يحرص على يوم بدء الدراسة ليرتاح من أولاده ويسلِّمهم ست ساعات للمدرسة، وهؤلاء لا يعلمون عن أحوال أولادهم وبناتهم شيئاً، المهم أن يغيبوا عن أنظارهم ويسلموا من عبثهم ولعبهم.

وعلى العكس من هذه الفئة؛ هناك من يتشوف ليوم بدء الدراسة من أولياء أمور الطلاب لأنهم يعتنون بأولادهم ويتابعون تربيتهم، ويتعاونون مع المدارس في صقل عقولهم ومواهبهم.
ليس هم الواحد منهم غياب ولده وبنته عن ناظريه وإنما المهم عنده أن يتعلم ولده ويكسب أدباً، ويتربى على كل خلق كريم، فيجمع بين التحصيل والتربية.
وهؤلاء هم الذين يجنون ثمرة تعليم أولادهم، ويرجى لهؤلاء الأبناء والبنات مستقبل مشرق بإذن الله.

عباد الله: وحول بدء العام الدراسي نقف بعض الوقفات لنذكر ببعض الوصايا للآباء والأمهات،والمعلمين والمعلمات، والطلاب والطالبات، فنقول مستعينين بالله:

1ـ أذكر نفسي وإخواني المعلمين والمعلمات بأهم الواجبات في هذا الباب، وهو الإخلاص لله في كل شيء، في كل كلمة يقولونها، أو وقفة يقفونها، أو خطوة يمشونها داخل القاعات وخارجها.
أذكرهم بالاحتساب وطلب الأجر من الله، فبالإخلاص نبنى جيلاً رائداً يتخرج منه العلماء والقضاة والمفتون والأطباء والصيادلة والعسكريون والمهندسون والمعلمون، وبالإخلاص نستجيب لدعوة ربنا جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}(الأنفال: 24).
2ـ أيها المعلمون والمعلمات كونوا قدوة لطلابكم وطالباتكم، واحرصوا ألا يروا منكم إلا ما تتمنون أن يعملوا به ويسركم أن تجدوه في صحيفة حسناتكم، فالطلاب والطالبات يقتدون بكم أكثر من آبائهم وأمهاتهم.

3ـ وأذكر إخواني المعلمين والمعلمات بعظم الأمانة التي تحملوها فاجتهدوا في أدائها، انضباطاً في الدوام، ودقة في تصحيح الأوراق، وإكمالاً للمناهج، وتوضيحاً لها مع خَلْق جوٍّ علمي للطلاب والطالبات يتنافسون فيه لمستقبل أفضل.

4ـ وأذكر فلذات الأكباد من الطلاب والطالبات بما هم فيه من نعمة عظيمة، أمن وأمان وجو علمي مهيأ، وتجهيزات متكاملة، وهذه كلها تتطلب منا ومنهم شكر المنعم سبحانه، ثم شكر ولاة أمرنا الذين هيئوا هذه المدارس وتلك الجامعات على أحسن وجه وأتمه، ولم يبق إلا اجتهاد الطلاب وإخلاصهم، وتنافسهم في التحصيل لتتحقق الثمرة من هذه التجهيزات، وتلك المعامل، وهذه المباني الضخمة التي أصبحت شاهداً على ما وصلت إليه بلادنا من تقدم علمي في شتى المجالات.

5ـ واذكر الآباء والأمهات بعظم المسئولية الملقاة على عواتقهم في رعاية أبنائهم ومتابعتهم، ومتابعة تحصيلهم، فلا يكفي أن يهيئوا المتطلبات المدرسية ويوفروا لهم المصروف اليومي، بل لابد من متابعتهم في المدرسة ومعرفة سلوكهم وتحصيلهم، والسؤال المتكرر عنهم في المدرسة، وهذا أحد المقومات الأساسية لاكتمال العملية التعليمية، فلا بد من تعاون البيت والمدرسة وإلا فإن الطالب لا يستفيد شيئاً متى ما كان في البيت يهدم ما تعلمه في المدرسة أو العكس، بأن يكتسب في المدرسة أخلاقاً مرذولة من مصاحبة بعض الأشرار في غفلة من متابعة ولي أمره وهنا لا يستفيد علماً وينحدر خلقاً إلى الأسوأ.

6ـ وأذكر المسئولين عن التربية والتعليم من مدراء المدارس والوكلاء والمرشدين ومدراء التعليم من الرجال والنساء بأن يتقوا الله فيما تحملوه من أمانة كبيرة، وأن يتابعوا بكل ما يستطيعون، وأن يعالجوا كل ما يطرأ مما يكدر العملية التعليمية، وأن يحرصوا على تنمية عقول ومهارات الطلاب والطالبات، وتهيئة الجو العلمي المناسب، وأن يحاسبوا المقصر، ويكافئوا المتميز لنقطف الثمرة المرجوة مما يبذل في التعليم، وليس له مثيل فيمن حولنا حيث يعانون كثيراً من ضعف الإمكانات، وقصور التجهيزات، فنحمد الله ونشكره على ما أنعم به وتفضل علينا ونسأله المزيد من فضله. وصدق الله العظيم { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } (الزمر: 9).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، واستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:

فاتقوا الله تعالى أيها المؤمنون: واعلموا أن التقوى هي خير زاد لمن أراد النجاة يوم المعاد.
عباد الله: إن مما يذكر فيشكر ما قامت به وزارة الداخلية في بلادنا من القبض على الخلايا التابعة للفئة الضالة، فقد أعلنت وزارة الداخلية بأن الجهات الأمنية المختصة رصدت وعلى مدى عدة أشهر أنشطة لعناصر مشبوهة لها اتصال بالتنظيم الضال في الخارج، حيث اتضح من المتابعة قيام هذه العناصر بتشكيل خلية إرهابية في مدينة الرياض عملت على الدعاية للفكر التكفيري الضال، وتجنيد عناصر لتنفيذ عمليات إجرامية تستهدف رجال أمن ومواطنين ومقيمين ومنشآت عامة.

وبتوفيق من الله تمكنت قوات الأمن من القبض على مواطن يتزعم هذه الخلية والذي أدلى بمعلومات تفصيلية عن عناصرها ومخططاتها والتجهيزات التي عملوا على إعدادها، ومعرِّفاتٍ كانوا يتواصلون من خلالها مع التنظيم الضال. وقد نتج عن ذلك، القبض على ستة من أعضاء هذه الخلية، وجميعهم من الجنسية اليمنية، وقد استكملت التحقيقات مع هذه العناصر وصدقت اعترافاتهم شرعاً، ولا يزال الموضوع محل المتابعة الأمنية.

ووزارة الداخلية إذ تعلن عن كشف وإحباط هذه المخططات الإرهابية التي تستهدف الوطن ومقدراته، فإنها تدعو كل من يعرف أية معلومات المبادرة للإبلاغ عنها، وتحذر كل من يؤوي أو يتعامل مع أحد من هذه الفئة من الوقوع تحت طائلة المساءلة النظامية.
أسأل الله جل وعلا أن يحفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا واجتماع كلمتنا، وأن يحفظ علينا ولاة أمورنا وعلماءنا ورجال أمننا، وأن يوفق الجميع لما فيه خير لبلادنا.

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(الأحزاب: 56). اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك أن تحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين وعبث العابثين، وأن تمن علينا وعلى المسلمين بعز الإسلام ونصر المسلمين.

اللهم اجعل هذا العام الدراسي عام خير وبركة علينا جميعاً تحفظ فيه أبناءنا وبناتنا وتوفقهم لكل خير يا كريم.

اللهم فرج عن إخواننا المسلمين في كل مكان، وارفع عنهم الظلم عاجلاً غير آجل، وفرج عنهم ما هم فيه من الضيق والهم والغم، اللهم عليك بمن ظلمهم، اللهم أطبق عليهم قبضتك وبطشك، ورجزك وعذابك، اللهم عليك بالظالمين المعتدين على بلاد المسلمين، فإنهم قد بغوا وطغوا، وأكثروا الفساد، اللهم صبَّ عليهم سوط عذابك، اللهم خالف بين رأيهم وكلمتهم، اللهم شتت شملهم، وفرق صفهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعجل بوعدك ونصرك المبين، فإننا على ثقة ويقين، اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك الصالحين. اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، ويسر لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم وفقهم لكل خير، ويسره لهم يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم رد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً، اللهم أصلح شبابنَا وبناتِنا، وأزواجَنا وذرياتِنا.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(البقرة).
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
الجمعة: 13-10-1433هـ