101 – فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين

الخميس 20 رجب 1445هـ 1-2-2024م

101 –  فتح الحق المبين

في علاج الصرع والسحر والعين pdf

 

 

فتـح الحق المبين

في علاج الصرع والسحر والعين

 

تأليف

الدكتور عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة

والإرشاد لشؤون المساجد

والشيخ سامي بن سلمان المبارك

إمام وخطيب جامع الأنصار بالدمام

 

تقديم

سماحة العلامة مفتي عام المملكة

ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

ويليه لسماحته رسالتان

1ـ إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي

2ـ العلاج عن طريق السحر والكهانة وخطره

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

      المملكة العربية السعودية

رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء

          والدعوة والإرشاد

            مكتب الرئيس

 من عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز إلى حضرة الأخوين الكريمين الدكتور/ عبدالله بن محمد الطيار والشيخ سامي بن سلمان المبارك.. وفقهما الله لما فيه رضاه أمين

سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:ـ

فقد اطلعت على مؤلفكم الموسوم بـ (العلاج الشافي من الصرع والسحر والعين) فألفيته مؤلفاً نافعاً جزاكم الله خيراً وضاعف لكما الأجر، وقد رأيت تغيير عنوانه إلى (فتح الحق المبين في علاج السحر والصرع والعين).. شكر الله سعيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                                                                                                   الرئيس العام

                                                                                                       لإدارات البحوث العلمية والإفتاء

                                                                                                                 والدعوة والإرشاد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

      المملكة العربية السعودية

رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء

            والدعوة والإرشاد

              مكتب الرئيس

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اطلعت على ما كتبه صاحب الفضيلة الدكتور عبدالله بن محمد الطيار والشيخ سامي بن سلمان المبارك في العلاج والسحر والعين من أوله إلى آخره. فألفيته مؤلفاً مفيداً في بابه، قد جمع فيه المؤلفان المذكوران الأدلة الشرعية على ما ذكراه من أنواع العلاج وكيفيته فجزاهما الله خيراً ونفع بمؤلفاتهما وشفى المسلمين من كل سوء. وإني أوصي بقراءته والاستفادة منه لكل من يريد أن يهيئ نفسه للعلاج من هذه الأمراض. نفع الله به المسلمين وضاعف الأجر للمؤلفين وبارك في جهودهما ونفع بهما عباده إنه جواد كريم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

                                                                                                           عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

                                                                                                                     الرئيس العام

                                                                                                       لإدارات البحوث العلمية والإفتاء

                                                                                                                  والدعوة والإرشاد

 

المقدمة

الحمد لله الشافي المعافي والنافع الضّار، الواحد الماجد، المتفرد بالتوحيد، وهو المبدئ المعيد، خلق الأشياء بقدرته، ودَّبر الأمور بمشيئته، ونشهد أن لا إله إلا الله، مصرف الأحوال، ومقدَّر المقادير، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده. فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:

فإن عالم المحسوس المألوف تعرفه النفوس، وتعتاد عليه، فلا يشدّها منه إلا الجديد أو الغريب، لكنها بالمقابل مجبولة على التنقيب والبحث عمّا غاب عنها، واحتجب عن ناظرها، وخفيت أسراره عليها، ولذا كان عالم الجن من العوالم التي تستشرف النفوس للاطلاع عليه، وما ورد فيه من نصوص، وما دوَّنه أهل العلم في كتبهم حوله، ولذا رأينا بعض أهل العلم أفرد لهذا العالم مصنفاً خاصاً وتتبع ما يعلمه البشر من شئونه وقضاياه، ومن أهم ذلك وأكثره تسلطهم على الإنس وأذيتهم لهم، وذلك بسبب ما ينشأ من علاقات وتعامل اختياري في بعض الأحيان، وإجباري في أكثرها، وصدق الله العظيم {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً}. (سورة الجن: الآية 6).

وإن من الأمور المسلَّم بها أن الإنسان عرضه للأخطار والأمراض وقليل من تصفو له الحياة ويعيش دون منغصات، وصدق الشاعر:

ومن عاش في الدنيا فلا بد أن يرى *** من العيش ما يصفو وما يتكدر

وقال آخر:

ثمانية تجري على المرء دائماً *** ولا بد أن المرء يلقى الثمانية
سرور وحزن واجتماع وفرقة *** ويسر وعسر ثم سقم وعافية

لكن هذه الحوادث والمخاطر والأزمات لا تصيب الإنسان إلا بقدر الله، ولحكمة يعلمها سبحانه، قد تتجلى للمصاب وقد تخفى عليه، فكل بلاء يصيب الإنسان له فيه الأجر والمثوبة، شريطة الصبر والاحتساب، وصدق الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: (عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلّه له خير، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراَّء صبر فكان خيراً له)([1]). لكن هذا البلاء قد يندفع أو يرتفع أو يخف، وذلك متى عمل المسلم بالأسباب الشرعية الدافعة للبلاء، والرافعة له بإذن الله تعالى، ومنها:

1_ حفظ العبد ربّه، يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك)([2]).

2_ التعرف إلى الله في الرخاء بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، يقول صلى الله عليه وسلم: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)([3]).

3_ التقرب إلى الله بالصدقات، فالصدقة تدفع البلاء أو تخففه، (صنائع المعروف تقي مصارع السوء)([4]).

4_ الالتجاء إلى الله تعالى، فالاعتماد عليه وتفويض الأمر له واعتقاد أن الضرّ والنفع بيده وحده، فمهما تضافرت قوى البشر لن تضر ولن تنفع ما دام الله لم يقدر ذلك ولم يكتبه على الإنسان، لكن متى وقع المرض وحلَّت المصيبة ونزل البلاء شُرِع الأخذ بأسباب العلاج والتماسها بكل الوسائل، وقد يكون ذلك واجباً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون مباحاً حسب ملابسات المرض والمريض، لكن ذلك مشروط دائماً بأن يكون العلاج شرعياً بألا يكون محرماً أو مُفضياً إلى محرَّم أو مؤدياً إلى ضرر

بالمريض أو بالآخرين، وصدق الرسول، صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله ولا تداووا بحرام)([5]).

ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله من داء إلا وله دواء علمه من علمه، وجهله من جهله)([6]).

أسباب الكتابة في الموضوع:

1_ بادئ ذي بدء نقول إن بداية التفكير بالكتابة حول الموضوع كانت خلال جلسة مع سماحة الوالد العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وذلك في منزله حيث دار النقاش حول الرقية، وما يتصل بها، وإخراج الجن والسحر والعين، فطلب سماحته مني أن أكتب في الموضوع فاعتبرت ذلك تشريفاً أعتز به أسأل الله أن يمد في عُمره وأن ينفع بعلمه، وأن يبارك في جهوده وأن يجمعنا به في جنات النعيم.

ثم زارني الأخ الشيخ سامي بن سلمان المبارك ودار نقاش حول الموضوع، وذكرت له ما وجَّهني به سماحة الشيخ فرغب أن تكون الكتابة مشتركة بيني وبينه، فصادف ذلك رغبة في نفسي، فاتفقنا على ذلك خصوصاً وأن له تجربة جيدة في الموضوع، فأردنا أن تمتزج هذه الجهود، ويكون العمل نافعاً بإذن الله تعالى.

2_ الكتابة في هذا الموضوع هامة جداً، حيث إن هذا العالم ـ الجـن ـ من الأحياء العقلاء يعيشون معنا في أرضنا ويخالطوننا في مساكننا، ويأكلون ويشربون معنا، ولذا وردت فيهم نصوص كثيرة، بل أفرد لهم القرآن سورة خاصة تقصّ من أخبارهم، وتعرض لطرف من أحكامهم، ولذا كان هذا الكتاب لبنة في هذا الموضوع الهام، حرصنا فيه على أن نبين كل قضية بدليلها، وألا نذكر إلا ما وقفنا عليه بأنفسنا تاركين وراءنا ما يتناقله الناس من مبالغات قد لا تثبت عند التمحيص والتدقيق.                               

3_ إن معرفة كيد الشيطان وأعوانه من مردة الجن وفسَّاقهم يعين كثيراً في توقي شرورهم وأضرارهم، وذلك بالتحصّن بالحصن المنيع وهو التمسك بتقوى الله واللجوء إليه وامتثال أوامره ونواهيه، والمحافظة على الأذكار والأوراد المشروعة.

4_ كثير من الكتب التي وقفنا عليها لم تعتني بالجانب التطبيقي في الموضوع، وهو جانب تشخيص الداء ووصف العلاج، وهذا ما حرصنا عليه في هذا الكتاب، حيث ضمناه خلاصة تجارب واقعية لم نروها عن أحد وإنما عايشناها ووقفنا على أحداثها، قد فتحت لنا آفاقاً رحبة في هذا البحث حيث بيَّناها على ما لمسناه خلال التجارب الواقعية وما راءٍ كمن سمع.

5_ اتساع دائرة الشكوى من الأمراض النفسية وأمراض الصرع والسحر والعين وما ترتب على ذلك من اختلاط أعراض هذه الأمراض بعضها ببعض وبغيرها مما يجعل المريض وأهله في حيرة من الأمر.

6_ حاجة الناس إلى تعميق الإيمان في نفوسهم وتقوية صلتهم بالله رب العالمين؛ فلا لجوء إلا إلى الله، ولا اعتماد إلا عليه سبحانه، ولا طلب للشفاء إلا منه وحده فهو الشافي المعافي كما قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}(سورة الشعراء الآية 80) ثم أنه إذا لم يقدر للمرء الشفاء فما عليه إلا أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله.

7_ انتشار دائرة المشعوذين والكهنة والعرافين وازدهار مملكتهم واغترار كثير من الناس بهم مما يستوجب تحذير الناس منهم وهتك أستارهم، وفضح عوراتهم، وبيان خطر المجيء إليهم وأن ليس وراءهم إلا كل شر مستطير.

8_ بيان الرقية الشرعية وتوجيه النصيحة للقراء.

ولا يفوتنا هنا أن نعرف بالفضل لأهله، فنشكر والدنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز الذي كان له الفضل بعد الله في دفعنا للكتابة في هذا الموضوع العام، ثم نشكر كل من مدَّ لنا يد العون، وذلك بالمشورة أو الدلالة على كتاب أو إهداء معلومات مهمة، كما نعتذر من القارئ الكريم عن التقصير والزلل، فالكمال لله وحده، والعصمة لرسله عليهم الصلاة والسلام فيما يبلغونه عن الله، وما كمل كتاب إلا كتاب الله ـ جلّ وعلا ـ {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} (سورة النساء، الآية: 82).

لكن عذرنا أننا اجتهدنا وبذلنا قصارى جهدنا، والتوفيق أولاً وآخراً من الله  ـ سبحانه وتعالى ـ نسأل الله ـ عز وجل ـ أن ينفع به من كتبه ومن قرأه ومن سمعه ومن اطلع عليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

                                                                                                                   المؤلفان

                                                                                                د. عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

                                                                                                والشيخ سامي بن سلمان المبارك

                                                                                              مكة المكرمة، بجوار الكعبة المشرفة

                                                                                                    مساء الاثنين 23/ 2/ 1412هـ 

 

وقد سرنا في هذا البحث على النحو التالي:

1) المقدمة وأسباب كتابة البحث.

2) التمهيد/ ويحتوي ذكر المرتكزات الثلاث: (الإيمان بالغيب، التسليم بقضاء الله وقدره، الصبر).

3) الجن حقيقة وبيان.

4) سبب تسميتهم بالجن.

5) متى خلق الجن.

6) أصل خلق الجن.

7) أصناف الجن.

8) هل الجن مكلفون باتباع الشرع المطهر؟

9) إثبات وجود الجن من النقل والعقل.

10) مساكن الجن ووقت انتشارهم غالباً.

11) الدروع الواقية من الشرر في الدارين وتشمل:

أ_ تحقيق التوحيد الخالص لله.

ب_ الاعتصام بالكتاب والسنة.

ج_ تقوى الله ـ عز وجل ـ والإنابة إليه.

د_ التوكل على الله والاعتماد عليه وتفويض الأمر له.

هـ_ صدق الإقبال على الله والتوبة النصوح والتخلص من المعاصي.

و_ حفظ الله.

ز_ العمل الصالح والتوسل به إلى الله.

ح_ الاستقامة على دين الله.

ط_ المحافظة على الصلوات لاسيما الفجر.

ي_ بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس.

ك_ تطهير البيت من التصاوير والتماثيل.

ل_ المحافظة على تلاوة بعض السور وملازمة الأذكار والأوراد.

م_ بعض السور والآيات والأذكار الطاردة للشياطين. (سورة البقرة، آية الكرسي، آخر آيتين من البقرة، المعوذتان، قول العبد بسم الله الذي لا يضر..، التسمية في كل شيء.

12_ سبل الوقاية الخاصة بالجن والشياطين.

(الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، التعوذ بكلمات الله التامات كلما نزل منزلاً، التعوذ بالله كلما فزع، قول الإنسان: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) في اليوم مائة مرة، ما يقال لطرد الشيطان عند دخول المنزل، ما يقال لطرد الشيطان عند الخروج من المنزل، ما يقال لطرد الشيطان عند الجماع، الدعاء عند دخول الخلاء، عدم البول في الشقوق والجحور، ما يقال لطرد الشيطان عند الغضب.

13_ المس: تعريفه، أعراضه، أنواعه، حالات تلبس الجن بالإنس.

14_ الصرع: تعريفه، إثبات وجوده، أسبابه، أعراضه، شبهة والرد عليها.

15_ فصل في التداوي.

16_ علاج الأدواء بالقرآن الكريم والأوراد المشروعة.

17_ علاج الصرع بالقرآن وذلك بثلاثة أمور:

أولاً: الأمر الذي من جهة العلاج: ويشمل الرقى وشروطها وهل تنافي الرقية التوكل على الله، في تعريف التمائم والتولية وحكمها.

ثانياً: الأمر الذي من جهة المعالج.

ثالثاً: الأمر الذي من جهة المصاب.

18_ أخذ الأجرة على الرقية.

19_ بعض محاذير القراءة.

20_ خطر ممنوع الاقتراب.

21_ حكم العلاج بالذهاب إلى السحرة والكهان والعرافين.

22_ كيفية رقية المريض.

23_ معرفة تلبس الجني والرد عليها.

24_ أسئلة تطرح على الجني والرد عليها.

25_ أخذ العهد على الجني.

26_ كيفية طرد الجني من البيوت.

27_ التداوي بغير القرآن.

28_ من العلاجات الطبيعية النافعة: (العسل، الحبة السوداء، زيت الزيتون، ماء زمزم وماء السماء، الطيب).

29_ الجمع بين الشفاءين.

30_ بعض العلاجات المركبة.

31_ أمور: الصلاة، الدعاء واللجوء إلى الله، والصبر، عيادة المريض وتطييب خاطره.

32_ السحر: تعريفه لغة واصطلاحاً.

33_ إثبات وقوع السحر من الكتاب والسنة والإجماع.

34_ هل للسحر حقيقة؟

35_ حكم تعلم السحر وتعليمه.

36_ حد الساحر.

37_ توبة الساحر.

38_ سبل الوقاية من السحر وتشمل الأمور التالية:

الأذكار والتعوذات، العجوة.

39_ علاج السحر بالأمور التالية.

استخراج السحر وتبطيله، إخراج الجني الموكل بالسحر، الاستفراغ والحجامة، علاج السحر بالنشرة.

40_ رقية السحر.

41_ العين: تعريفها لغة واصطلاحاً.

42_ الأدلة على إثبات الإصابة بالعين من الكتاب والسنة.

43_ أنواع العين.

44_ كيف تؤثر العين.

45_ واجب الأمام نحو العائن.

46_ سبل الوقاية من العين، وكيفية دفع شر الحاسد عن المحسود، وذلك بالأمور التالية:

  • التعوذ بالله من شر الحاسد، وقراءة المعوذتين.
  • الدعاء بالبركة إذا رأى ما يعجبه.
  • الصبر على العائن وعدم التعرض له أو أذاه.
  • الإحسان إلى من عرفت إصابته بالعين.
  • ستر ما يُخشى عليه الإصابة بالعين.
  • الاحتراز من العائدين.
  • المعاصي وآثارها على العبد.

47_ علاج العين:

  • أمر العائن بالاغتسال إذا عرف.
  • الرقية من العين.

48_ رقية العين.

49_ الحسد:

  • الحسد حقيقة وبيان.
  • أسباب الحسد ودوافعه.
  • إثبات الحسد من الكتاب والسنة.
  • علاج الحسد ودفعه.
  • الفرق بين الحسد والعين.
  • أثر الحسد على المجتمع.
  • مراتب الحسد.

50_ ذكر وقائع عن الصرع والسحر والعين والمشعوذين.

51_ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

52_ فتاوى خاصة بفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.

53_ الخاتمة.

التمهيد

ويشتمل على مرتكزات ثلاث هي: (الإيمان بالغيب، التسليم لقضاء الله، الصبر على أقدار الله).

وقد يتساءل أحد ويقول: ما علامة الإيمان بالغيب والقضاء والقدر والصبر بموضوع البحث؟

والجواب على هذا التساؤل نقول: إن هذه المرتكزات أساسية في حياة المسلم تريحه في أموره كلها.

فالإيمان بالغيب رغم أنه مرتكز أساس من ركائز الإيمان فهو يجعل المسلم يسلم بالأمور التي أخبر بها الشرع، وإن كان يجهل أمور هذا الغيب المخبر عنه كالإيمان بالجن والملائكة، وكذا الإيمان بالقضاء والقدر، فهو أحد أركان الإيمان الستة، فإذا استصحب المسلم هذا الركن وسلم به، أدرك أن كل ما يصيبه بأمر الله تعالى فلا يحزن على ما فات أو على ما أصابه، وكذا لا يطير فرحاً بما آتاه الله فإن كل شيء يحدث بقدر الله. وكذلك الصبر على قدر الله فهو من الوسائل المريحة لقلب المسلم، فالإنسان معرض للسحر أو العين أو المس أو أي مرض من الأمراض النفسية أو العضوية، وقد يبذل أسباب العلاج المشروعة، وقد يوفق إلى الشفاء، وقد لا يوفق إليه فماذا يصنع؟ فما عليه إلا الصبر.

المرتكز الأول: الإيمان بالغيب:

إن من مرتكزات العقيدة الإسلامية الصافية الإيمان بعالم الغيب، والذي يعتبر ركيزة أساسية وأصيلة في نفوس المؤمنين بل هو من صفات المتقين، قال تعالى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(سورة البقرة، آية 1-3). فالواجب على المسلم أن يسلم لعالم الغيب المجهول الذي نطق به القرآن، وصرحت به السنة الصحيحة الثابتة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، سواء استوعب عقله وفكره ذلك العالم أو لم يستوعبه، رأى منه شيئاً أو لم يره، فلا بد من التسليم التام، قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(سورة النساء، آية 65).

لذا كان منهج الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ التسليم التام فيما أخبر به النبي، صلى الله عليه وسلم، من ذلك: الإيمان بالملائكة الذي يعتبر أحد الأركان الستة للإيمان، وعالم الملائكة عالم غيبي جملة وتفصيلاً، فهل للمسلم أن ينكر هذا العالم لأنه لم يره أو يستوعبه فكره؟

وإنكار كثير من الأمور والحقائق التي ثبتت في الكتاب والسنة إنما كان سببه إنكار الغيبيات.

فباسم المنهج التجريبي في البحث أنكر كثير من المنتسبين له وجود مخلوقات تسمى بالملائكة والجن، ولم يكن لهم حجة يلجؤون إليها في هذا الإنكار إلا أنهم لم يشاهدوا ولم يضعوها تحت المجهر أو في أنابيب الاختبار ليجروا عليها تجارب، في الوقت الذي يتحدثون فيه عن وجود الجاذبية، المغناطيسية وغيرها من الأشياء التي تغيب عن حواسنا.

المرتكز الثاني: الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره:

وهذا المرتكز أحد أركان الإيمان الستة التي لا يتم إيمان المرء إلا بها.

فيجب على المسلم أن يسلم لقضاء الله وقدره، خيره وشره وليعلم علم اليقين إن ما أصابه لم يكن لا يخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وليعلم أن ما يحدث في هذا الكون إنما هو بقضاء الله وقدره.

كل شيء بقضاء وقدر   ***   والليالي عبر أي عبر

ويقول ـ سبحانه وتعالى ـ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (سورة الحديد: آية22).

ويقول عليه الصلاة والسلام لابن عباس: (.. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف)([7]).

المرتكز الثالث: الصبر على أقدار الله:

يقول تعالى: {وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (سورة البقرة، الآيتان: 155، 156).

وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف الله له خيراً منها)([8]). فالحياة التي يعيشها المرء مليئة بالأسى والجراح والمصائب، فما تكاد تضحك يوماً إلا وتبكي أياماً.

ودار هذا حالها فإنها تحتاج إلى مواجهة وسلاح وعدة ومجمع ذلك كله في الصبر على أقدار الله، يقول تعالى:{وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}(سورة النحل،الآية 126). فالصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

وعن أبي يحي صهيب بن سنان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)([9]).

وليعلم المسلم إن المصائب كلها تهون أمام مصيبة الدين، فهي من أعظم  المصائب في الدنيا والآخرة، وهي نهاية الخسران الذي لا ربح معه، والحرمان الذي لا طمع معه([10]).

 

الجن حقيقة وبيان

الجن عالم آخر غير عالم الإنس وعالم الملائكة، وبين الجن والإنس قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإرادة، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ومن حيث التكليف بالعبادة لله وحده، لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}. وهم يخالفون الإنس في أصل الخلقة.

وحقيقتهم أنهم من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان، مجردون عن المادة، مستترون عن الحواس، لا يرون على طبيعتهم، ولا بصورتهم الحقيقة، ولهم قدرة على التشكل، يأكلون ويشربون ويتناكحون، ولهم ذرية محاسبون عن أعمالهم في الآخرة([11]).

ولا يمكن رؤيتهم على صورتهم الحقيقة التي خلقوا عليها، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}(سورة الأعراف: الآية 27).

والجن أقل قدرا وأدنى كرامة من الإنسان.

يقول الشيخ أبو بكر الجزائري: “إن الجن حتى الصالحين منهم لأقل وأدنى كرامة من الإنسان وأثبتها في قوله من سورة الإسراء: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}. ولم يثبت مثل هذا التكريم للجان لا في كتاب من كتب الله، ولا على لسان رسول من رسله عليهم الصلاة والسلام، فتبين ذلك أن الإنسان أشرف قدراً من الجان، ويدل على ذلك أيضاً شعور الجن أنفسهم بنقصانهم وضعفهم أما الإنس، يدل على ذلك أنهم كانوا إذا استعاذ الإنس بهم تعاظموا وترافعوا لما في استعاذة الإنسان بهم من تعظيمهم وإكبارهم، وهم ليسوا كذلك فيزيدون رهقاً أي طغياناً وكفراً، وقال تعالى في الحديث عنهم في سورة الجن: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً}. ويشهد لذلك أيضاً إذا توسل بهم الإنسان أو بأسماء عظمائهم، أو أقسم بأشرافهم أجابوه وقضوا حاجته، كل ذلك شعور منهم بالضعف والحقارة أمام ابن آدم الكريم على الله إذا آمن بالله تعالى وعبده موحداً له في ربوبيته وعبادته وأسمائه وصفاته، أما الإنسان بدون ذلك فالجان وصالحوا الجان أفضل وأكرم من كفار بني آدم ومشركيهم”([12]).

بل إن الكافرين والمشركين أقل قدراً من البهائم، قال تعالى: {…إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} (سورة الفرقان: الآية44).

سبب تسميتهم بالجن:

سموا جنا لاجتنانهم أي استتارهم عن العيون، فهم يرون الإنس ولا تراهم الإنس، يقول تعالى:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ}(سورة الأعراف: الآية27).

والمقصود أن الإنس لا ترى الجن على صورتهم الحقيقة التي خلقوا عليها ولكن قد تراهم بصور أخرى كبعض الحيوانات مثلاً.

متى خلق الجن؟

الجن خلقوا قبل الإنس بنص الكتاب المنزل، يقول تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}(سورة الحجر: الآيتان 26_ 27).

أصل خلق الجن:

خلق الله الجن من نار، وقد نزل بذلك الوحي على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا يزال يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. يقول تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}(سورة الحجر: الآية 27). ويقول تعالى:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} (سورة الرحمن: الآية15).

ويقول عليه الصلاة والسلام: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم)([13]).

أصناف الجن:

ثبت في الحديث عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (الجن ثلاثة أصناف: فصنف يطير في الهواء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون)([14]). فإذا أريد بذكر الجن خاصة قيل جني، فإن أريد ممن يسكن مع الناس قيل عامر، فإن كان ممن يعرضن للصبيان: قيل أرواح، فإن خبث وتعزم قيل: شيطان، فإذا زاد على ذلك قيل: مارد، فإن قوي على نقل الصخور وتفرعن قيل: عفريت([15]).

قال ابن تيمية: (والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم، فيتصورن في صور الحيات والعقارب وغيرها، وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفي صور الطير وفي صور بني آدم)([16]).

ويقول:(والجن تتصور بصورته كثيراً ـ يعني الكلب الأسود ـ وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة حرارة)([17]).

هل الجن مكلفون باتباع الشرع المطهر؟

الدين عند الله الإسلام، ورسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، هي الرسالة الخالدة، وهي خاتمة الرسالات، وهي رسالة عامة للإنس والجن، فهم مكلفون كالإنس، منهم المؤمنون ومنهم الفاسقون، يقول تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً} (سورة الجن، الآية11).

وقال تعالى:{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (سورة الرحمن: الآية43، 44).

وقد بلغ النبي، صلى الله عليه وسلم الجن وأنذرهم، وقص الله ذلك في محكم كتابه، قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}(سورة الأحقاف: الآية29).

بل الغاية من خلق الإنس والجن هي عبادة الله وحده، يقول تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}(سورة الذاريات: الآية56).

وبهذا يعلم أن مؤمنهم يدخل الجنة كمؤمن الإنس، وكافرهم يدخل النار ككافر الإنس، وقد دل على ذلك ما ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن في قوله تعالى:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}(سورة الرحمن: الآية46).

وقد ثبت هذا في واقع من قرأنا عليهم، حيث كان البعض من الجن كافراً فأسلم، وكان بعضهم مسلماً فاسقاً فنصحناه فامتثل.

هل يتناكح الإنس والجن؟

هذه مسألة شائكة، وللعلماء كلام كثير فيها، منهم من قال بوقوع ذلك، ومنهم من منعه، والذي نراه أن هذه المسألة نادرة الوقوع إن لم تكن ممتنعة، وحتى لو وقعت فقد تكون بغير اختيار وإلا لو فتح الباب لترتب عليه مفاسد عظيمة لا يعلم مداها إلا الله، فسد الباب من باب سد الذرائع، وحسم باب الشر والفتنة والله المستعان([18]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد، وهذا كثير معروف، وقد ذكرنا العلماء ذلك وتكلموا عليه وكره العلماء مناكحة الجن…”([19]).

إثبات وجود الجن:

ذكرنا فيما مضى أن من أسس العقيدة ومرتكزاتها الأصلية الإيمان بالغيب الثابت في الكتاب والسنة الصحيحة، ومن جملة هذه المغيبات عالم الجن الثابت ذكرهم في النصوص الشرعية، وإليك الأدلة الدالة على ذلك:

أولاً: من القرآن:

1) قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}(سورة الأنعام: الآية130).

2) وقال تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (سورة السجدة، الآية35).

3) وقال تعالى:{وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}(سورة الحجر، الآية27).

4) وقال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}(سورة الذاريات، الآية56).

5) وقال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} (سورة الرحمن، الآية33).

6) وقال تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} (سورة الجن، الآية1).

فهذه الآيات وغيرها جاءت بذكر الجن وبعض أحوالهم ولا يتكلم القرآن عن شيء ليس له وجود وإن كنا لا ندركه فلله الحكمة البالغة.

ثانياً من السنة:

1) في صحيح مسلم عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: (كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا به جاء من قبل حراء، فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات فيها قوم، فقال، صلى الله عليه وسلم: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن، قال ابن مسعود: فانطلق بنا، صلى الله عليه وسلم، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أو فر ما يكون لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم)([20]).

2) وروى مسلم وأحمد ـ رحمهما الله تعالى ـ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم كما وصف لكم)([21]).

ثالثاً: من العقل:

إن العقل لا يمنع من وجود عوالم غائبة عن حسناء، لأنه ثبت وجود أشياء كثيرة في هذا الكون لا يراها الإنسان ولكنه يحس بوجودها وعدم رؤية الإنسان لشيء من الأشياء لا يستلزم عدم وجوده([22]).

قال محمد رشيد رضا: “ولو كان الاستدلال بعدم رؤية الشيء على عدم وجوده صحيحاً وأصلاً ينبغي للعقلاء الاعتماد عليه لما بحث عاقل في الدنيا عما في الوجود من المواد والقوى المجهولة، ولما كشفت هذه الميكروبات التي ارتقت بها علوم الطب والجراحة إلى الدرجة التي وصلت إليها..”([23]).

“إن نهاية العقل البشري هي العجز عن إدراك أسرار الكون، وإن من أكبر الجهل أن ننكر ما في الكون من آيات الله وعجائب الخلق بدعوى أنها أشياء فوق العقل والتصور. إن كل ما يتعلق بالعوالم غير المنظورة كالجن والملائكة والأرواح يجب أن تخضع عقولنا حيالها إلى ما جاء به الوحي، لأننا بالعقل وحده نضل في فهم الروحانيات والغيبيات”([24]).

لقد أخطأت الحضارة الغربية وغيرها من الحضارات المادية عندما آمنت بالعقل وجحدت ما سواه.

وكم من أناس من المسلمين انحرفوا بعقائدهم عندما حاولوا ليّ أعناق النصوص إلى العقل بزعمهم فوقعوا في مزالق خطيرة كادت تبعدهم من دائرة الإسلام.

مساكن الجن وأماكن ارتيادهم ووجودهم:

يعتقد بعض العامة أن الجن يسكنون باطن الأرض السفلي ويقولون عنهم أهل الأرض والصحيح أنهم يسكنون على ظهر الأرض وللجن أماكن كثيرة يسكنون فيها، لكن يكثر وجودهم في الأماكن التالية:

1) الفلوات والصحاري والمفارز والأدوية والشعاب، وقد مَّر معنا حديث ابن مسعود وكيف أن النبي، صلى الله عليه وسلم، التقي بهم في مثل هذه الأماكن ودعاهم إلى الله.

2) المزابل والقمامات وأماكن تواجد الطعام عموماً.

3) دورات المياه ودور الخلاء. فعن زيد بن أرقم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (إن هذه الحشوش مختصرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)([25]).

4) الشقوق والجحور والكهوف: فقد روى النسائي بسنده عن قتادة عن عبدالله بن سرجس أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يبولن أحدكم في جحر). قالوا لقتادة: وما يكره البول في الحجر؟ قال: “يقال إنها مساكن الجن”([26]).

5) يسكنون مع الناس في بيوتهم وهم ما يسمون بالعوامر، ويدل على ذلك ما ورد في صحيح مسلم من قصة الفتى الأنصاري الذي وجد جناَّ في بيته في صورة حية فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن بالمدينة نفراً من الجن أسلموا فمن رأى شيئاً من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثاً فإن بدا له فليقتله فإنه شيطان)([27]).

6) أعطان الإبل. أخرج الترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل)([28]).  وأخرج أحمد في المسند من حديث عبدالله بن المغفل قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين)([29]).

7) الأماكن المهجورة.

8) المقابر: قال ابن تيمية: ولهذا يوجدون كثيراً في الحزب والفلوات ويوجدون في مواضع النجاسات كالحمامات والحوش والمزابل والقمامين والمقابر، والشيوخ الذين تقترن بهم الشياطين وتكون أحوالهم شيطانية لا رحمانية يأوون كثيراً إلى هذه الأماكن التي هي مأوى الشياطين([30]).

9) الأسواق: حيث يكثر وجودهم فيها لوجود المخالفات الشرعية من تبرج النساء والكذب من الباعة وغير ذلك من الأمور المحرمة، ولهذا أوصى النبي، صلى الله عليه وسلم، أحد الصحابة بأن لا يكون أول داخل للسوق ولا آخر من يخرج منها. فعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ قال: (لا تكونن إن استطعت أول من تدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وفيها ينصب رايته)([31]).

أوقات انتشار الجن

أخرج مسلم والبخاري عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله لو أن تعرضوا عليها شيئاً وأطفئوا مصابيحكم)([32]).

وأخرج مسلم في رواية أخرى عن جابر مرفوعاً: (لا ترسلوا فواشيكم([33]) وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء)([34]).

هذه غالب مساكن الجن وأوقات انتشارهم، فينبغي للمسلم إذا دخلها أو مرِّ بها أو جاءت أو قات انتشارهم أن يتحصن بما ورد في الأدعية والأذكار مما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في سبيل الوقاية من الجن والشرور عموماً.

 

الدروع الواقية

يحرص الناس على اتخاذ وسائل السلامة والحماية والوقاية التي تقيهم مصائب الدنيا ومكدرات الحياة من مرض أو هدم أو حريق أو غرق أو أي حادث من الحوادث أو الأخطار، وليس هناك مانع شرعاً ولا عقلاً يمنع من اتخاذ سبل الوقاية، فالوقاية خير من العلاج، بل إن الشريعة الإسلامية حرصت على المحافظة على الضرورات الخمس: (النفس، المال، العرض، الدين، العقل).

ولكن مصيبة الناس الكبرى أنهم حرصوا على سبل الوقاية المادية، ونسوا سبل الوقاية من خطر عظيم متحقق الوقوع في يوم من غير أيام الدنيا إنه يوم الفصل المعلوم. يقول تعالى: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً} (سورة المزمل: الآية17).

فالواجب على المسلم أن يتخذ سبل الوقاية لذلك اليوم، وإنما يكون ذلك بالإيمان بالله والاستقامة على طاعته والعمل الصالح، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(سورة الصف: الآية 10).

 {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}(سورة فصلت: الآية 30).

{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(سورة النحل: الآية 97).

وإذا اتخذ المسلم سبل الوقاية ليوم الحساب فلا مانع من اتخاذ سبل الوقاية من الشرور في الدنيا التي من أسبابها الذنوب والمعاصي، فالذنوب هي سبب الشر والبلاء في الدنيا والآخرة، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: “وهل في الدنيا والآخرة شر وداء سببه إلا الذنوب والمعاصي”([35]).

وسبل الوقاية من الشرور الدنيوية تنقسم إلى قسمين:

1) سبل مادية.

2) سبل إلهية.

والذي يهمنا الأمر الثاني، فإنه هو النافع بإذن الله تعالى، فلقد جاءت السنة المطهرة بعلاج جميع الأدواء لكن الناس يفرطون في ذلك، ولو أن المسلم اعتنى بالتحصينات الشرعية وندب إليها أهله ومن تحت يده لسلموا بإذن الله تعالى من كل شر ومكروه.

فكل أمر ثبت في السنة أنه نافع لمرض من الأمراض فهو نافع لا محالة حتى لو ظن من أتى به أنه غير نافع بناء على عدم استفادته، ذلك أن قد يكون عدم استفادته من جهة المصاب نفسه أو من جهة المعالج وصدق الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم: (صدق الله وكذب بطن أخيك)([36]).

ومن واقع تجربتنا ثبت لنا أن أكثر المصابين قد فرطوا في هذه الأدعية والأذكار التي هي حصن حصين بإذن الله من كل شر ظاهر أو خفي.

 

سبل دفع الشرور قبل وقوعها

ودفعها بعد وقوعها

وهذا بيانها(*)

1) تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى:

وأقسامه ثلاثة:

الأول: توحيد الربوبية:

وهو العلم والإقرار بأن الله رب كل شيء ومليكه والمدبر لأمور خلقه جميعهم([37]).

فهذا الكون بسمائه وأرضه وأفلاكه وكواكبه ودوابه وشجره ومدره وبره وبحره وملائكته وجنِّه وإنسه خاضع لله مطيع لأمره الكوني كما قال تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً}(سورة آل عمران: الآية83).

فإذا حقق العبد هذا التوحيد عرف بأن كل شيء بأمر الله فلا يقع أمر ولا يحل خير أو يرتفع شر إلا بأمره ـ سبحانه وتعالى ـ وهذا يجعل العبد يدعوه سبحانه في كل نائبة. قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(سورة يونس: الآية107).

الثاني: توحيد الإلهية:

وهو إخلاص العبادة لله وحده ولا شريك له، ويتعلق بأعمال العبد وأقواله الظاهرة والباطنة([38]).

وهذا النوع من التوحيد هو أول دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}(سورة النحل: الآية36 ).

فلا يكون العبد موحداً حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده ويقر أنه وحده هو الإله المستحق للعبادة، ويلتزم بعبادته وحده لا شريك له. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}(سورة الذاريات: الآية56).

وهذا النوع من التوحيد يفضي بأن على العبد أن يجعل دعاءه ونذره ونحره ورجاءه وخوفه وتوكله ورغبته ورهبته إلى الله وحده لا شريك له.

فصرف أي شيء من ذلك أو غيره فيما يتعلق بأفعال العباد على وجه التقرب لغير الله بكون شركاً.

كمن يذبح للجن وينذر لهم، وكمن يجعل اعتماده على الكاهن والساحر.

الثالث: توحيد الأسماء والصفات:

وهو أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله، صلى الله عليه وسلم، من صفات الكمال ونعوت الجلال، من غير تكييف لا تمثيل ومن غير تخريف ولا تعطيل([39]).

قال الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}(سورة الشورى: الآية 11).

فإذا عرف العبد أسماء ربه وصفاته وعرف مدلولاتها على الوجه الصحيح فإن ذلك يعرفه بربه وعظمته فيخضع له ويخشع ويخافه ويرجوه ويتضرع إليه في دفع الكربات والشرور، ويدعوه ويتوسل إليه بأسمائه كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (سورة الأعراف: الآية180).

وإذا علم العبد أن الله رحمن رحيم رجا رحمته ودعاه كما فعل أيوب عليه السلام، قال تعالى:{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}(سورة الأنبياء: الآية83).

ولتحقيق التوحيد الخالص لله ـ عز وجل وعلا ـ أثر كبير في دفع الشرور وجلب الخير بإذن الله تعالى، فأقسام التوحيد الثلاثة كلها متلازمة كل نوع منها لا ينفك عن الآخر، بل إن القرآن الكريم كله في التوحيد.

2) الاعتصام بالكتاب والسنة:

قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(سورة الأنعام: الآية153).

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} أي هذه الأحكام وما أشبهها مما بينه الله في كتابه ووضحه لعباده، صراط الله الموصل إليه وإلى دار كرامته، المعتدل السهل المختصر {فَاتَّبِعُوهُ} لتنالوا الفوز والفلاح وتدركوا الآمال والأفراح {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} أي: الطرق المخالفة لهذا الطريق. {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} أي: تضلكم عنه وتفرقكم يميناً وشمالاً. فإذا ضللتم عن الصراط المستقيم فليس ثم إلا طرق توصل إلى الجحيم. {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فإنكم إذا قمتم بما بينه الله لكم علماً وعملاً صرتم من المتقين وعباد الله المفلحين.

ووحد الصراط وأضافه إليه لأنه سبيل واحد موصل إليه والله هو المعين للسالكين على سلوكه.

3) تقوى الله عز وجل والإنابة إليه:

يقول تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} (سورة الطلاق: الآية2).

ويقول سبحانه:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}(سورة الأعراف: الآية 156).

ويقول سبحانه:{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}(سورة فصلت، الآية: 18).

فلتقوى الله ـ عز وجل ـ أثر في تفريج الكربات ودفع الشرور ورفعها عن العبد، فكلما اتقى العبد ربه وراقبه في السر والعلن رفع الله عنه البلاء والشرور بإذنه سبحانه.

4) التوكل على الله والاعتماد عليه وتفويض الأمر له:

يقول تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (سورة الطلاق: الآية3).

ويقول سبحانه:{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}(سورة غافر: الآية4).

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: “حسبنا الله ونعم الوكيل” قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد، صلى الله عليه وسلم، حين قالوا له: (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً)([40]).

5) صدق الإقبال على الله والتوبة النصوح والتخلص من المعاصي والآثام ورد المظالم إلى أهلها:

يقول سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (سورة الشورى: الآية30). فإن كثيراً من الشرور التي تقع إنما تكون بسبب الذنوب والمعاصي وبسبب ظلم العبد.

فالتوبة من الذنب والإقلاع عن المعصية ورد المظالم إلى أهلها كل ذلك يكون سبباً برفع البلاء بإذن الله تعالى.

ويقول تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}([41])(سورة الطلاق: الآية 4).

ويقول ـ عز وجل ـ:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً}(سورة الطلاق: الآية 2).

ويقول ـ سبحانه ـ:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة النور: الآية31).

6) حفظه الله:

هذا السبيل وصية سيد الأولين والآخرين، فمن حفظ الله، حفظه الله من كل سوء ومكروه، وإنما يكون حفظ الله بإتباع أوامره واجتناب نواهيه.

فالله خلق خلقه وهو يحفظهم كما قال سبحانه: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (سورة يوسف: الآية64).

وعن ابن ـ رضي الله عنهما ـ قال: كنت خلف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: (غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)([42]).

7) العمل الصالح والتوسل به إلى الله:

قال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة: النحل الآية97).

وفي قصة الرهط الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار دللي على فضل الأعمال الصالحة والتوسل بها إلى الله، فحين تدحرجت عليهم الصخرة فسدت عليهم الغار توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، وكان كل منهم يقول: (اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه)([43]).

8) الاستقامة على دين الله:

يقول سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (سورة فصلت: الآيات30_ 32).

9) المحافظة على الصلوات لاسيما صلاة الفجر:

يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}(سورة البقرة: الآية 238).

وعن جندب بن سفيان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء)([44]).

10) بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس:

لما روي عن المصطفى، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إن صدقة السر لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء)([45]). وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها)([46]). وروي عنه أيضاً أنه قال: (باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها وتسد سبعين باباً من السوء)([47]).

فمن الوسائل والسبل التي يتقى بها الشر بذل الصدقات للفقراء والمحتاجين، فإن في بذلها دفعاً لكثير من الشرور أو تخفيفها، وقد جُرب هذا الأمر، ولكن على المسلم أن يخلص البذل لله، وأن يكون طيب النفس، بل إن للصدقات أثراً لعلاج الأدواء، فقد روي عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (داووا مرضاكم بالصدقة)([48]).

ولبذل المعروف وصنعه ونفع الآخرين أثر في دفع كثير من الشرور وتفريج الكروب فضلاً عن كون ذلك وصية نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه)([49]).

ويقول عليه الصلاة والسلام: (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها به ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل)([50]). ويقول سبحانه: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة الحج: الآية77).

11) تطهير البيت من التصاوير والتماثيل:

لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل وصور، وإذا خرجت الملائكة من البيت عشعشت فيه الشياطين. عن أبي هريرة ـ رضي اله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتاً تفيه تماثيل أو تصاوير)([51]).

12) المحافظة على تلاوة بعض السور والآيات وملازمة الأذكار والأوراد:

فلذكر الله تعالى والمحافظة على الأوراد أثر في دفع الشرور ورفعها بإذن الله تعالى.

قال تعالى مخبراً عن يونس ـ عليه السلام ـ حين كان في بطن الحوت: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(سورة الصافات، الآيتان 143، 144). يقول ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: وفي ذكر نحو من مائة فائدة أحدها أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره([52]).

(*) يقول تعالى:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(سورة الزخرف، الآية36). ويقول تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}{سورة طه، الآية 126}. وإعراضه عن ذكره يتناول إعراضه عن الذكر الذي أنزله وهو كتابه([53]). وقد شرع لنا المولى سبحانه من الأذكار في كتابه وسنة نبيه ما يصرف به عنا شرور الجن والإنس، بل شرور الدنيا كلها، وإليك بعض الأذكار النافعة بإذن الله تعالى.

 

قراءة بعض السور والآيات

والأذكار الطاردة للشياطين

1) سورة البقرة تطرد الشياطين من البيوت:

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله، صلى اله عليه وسلم، قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)([54]).

وعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما عمامتان أو غيايتان أو كأنما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة). قال معاوية: بلغني أن البطلة: السحرة([55]).

2) فضل قراءة آية الكرسي عند النوم:

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: وكلني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم… فقص الحديث فقال: (إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لم يزل معك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح). فقال، صلى الله عليه وسلم: (صدقت وهو كذوب ذاك شيطان)([56]).

3) قراءة آخر آيتين من سورة البقرة تكفي شر ما يؤذي:

جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود الأنصاري البدري عقبة بن عمرو ـ

رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه شر ما يؤذيه)([57]).

([58])قال سماحة الشيخ ابن باز: (والمعنى والله أعلم كفتاه من كل سوء)([59]).

وقال ابن القيم: الصحيح كفتاه شر ما يؤذيه([60]).

4) قراءة المعوذتين وقل هو الله أحد تكفي شر ما يؤذي:

عن عبدالله بن خبيب قال: خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصلي بنا فقال: (قل) فلم أقل شيئاً، ثم قال: (قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء)([61]).

قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: (وقراءة السور الثلاث مرات في أول النهار بعد صلاة الفجر وفي أول الليل بعد صلاة المغرب)([62]).

5) قول المسلم في أول النهار وآخره:

(بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات.

أخرج أحمد وأصحاب السنن من حديث عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء)([63]).

6) التسمية في كل شيء:

روى أبو داود في سننه عن أبي المليح التابعي المشهور عن رجل قال: كنت رديف النبي، صلى الله عليه وسلم، فعثرت دابته فقلت: تعس الشيطان فقال: (لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت، ويقول بقوتي صرعته، ولكن قل بسم الله فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب)([64]).

وكم مرَّ معنا من خلال من قرأنا عليهم حين يصرعون وينطق الجني على لسانهم وحين نسأله عن سبب الدخول فيجيب على لسان المصروع بأنه رمى حجارة ولم يسم أو فعل كذا ولم يسم.

فينبغي للمسلم أن يسم في كل حركة يقوم بها فإذا فتح الباب قال: بسم الله، وإذا رمى القمامة قال: بسم الله وهكذا.

 

سبل الوقاية الخاصة

من الجن والشياطين

1) الاستعاذة بالله ن الشيطان:

قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (سورة فصلت: الآية 36).

وقال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} (سورة النحل: الآية98).

2) التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق كلما نزل منزلا:

أخرج مسلم وغيره من حديث خولة بنت حكيم ـ رضي الله عنهاـ قالت: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بالله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)([65]). وعن أبي هريرة أنه قال: جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة قال: (أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)([66]). قال سماحة الشيخ ابن باز: (في الليل والنهار وعند نزول أي منزلة في البناء أو الصحراء أو الجو أو البحر)([67]). وقد مر معنا أن الجن يسكنون الفلوات والصحارى والشعاب فينبغي للمسلم أن يتحصن بهذا الدعاء إذا نزل أي منزل كان سواء في بناء أو غيره.

3) التعوذ بكلمات الله كلما فزع:

أخرج أبو داود والترمذي وابن السني، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يعلمهم من الفزع كلمات: (أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه

وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)([68]). ويقول تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}(سورة المؤمنون، الآية97).

وذلك أن الإنسان إذا فزع ضعف قلبه فتتقوى عليه الشياطين، ويكون مظنة لتلبسهم إياه، لذلك شرع الدعاء للتعوذ منهم ومن حضورهم في مثل هذه الحالة.

4) قول الإنسان (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير): ذلك في اليوم مائة مرة.

فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه، ومن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)([69]).

5) ما يقال لطرد الشيطان عند دخول البيت:

أخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت)([70]).

6) ما يقال لطرد الشيطان عند الخروج من البيت:

أخرج أبو داود وغيره عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من قال ـ يعني إذا خرج من بيته ـ: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يقال له كفيت وهديت وتنحى عنه الشيطان)([71]).

7) ما يقال لطرد الشيطان عند الجماع:

عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً)([72]).

8) الدعاء عند دخول الخلاء:

أخرج البخاري ومسلم عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يقول عند دخول الخلاء: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)([73]).

وقد يكون مر معنا أن الجن يسكنون ويتواجدون في الحشوش فينبغي على المسلم إذا دخل الخلاء أن يلتزم هذا الدعاء([74]).

9) عدم البول في الشقوق والجحور:

روى النسائي بسنده عن قتادة عن عبد الله بن سرجس أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يبولن أحدكم في جحر)، قالوا لقتادة، وما يكره من البول في الجحر؟ قال: يقال إنها مساكن الجن)([75]).

10) ما يقال لطرد الشيطان عند الغضب:

عن عدي بن ثابت، حدثنا سليمان بن صرد قال: استبَّ رجلان عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضباً قد احمرَّ وجهه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، فقال للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي، صلى الله عليه وسلم؟ قال: إني لست بمجنون)([76]).

 

المس

تعريفه، أنواعه، أعراضه،

حالات تلبس الجن بالإنس

تعريف المس:

لغة: مس الجن للإنسان. قال في لسان العرب: ثم استعير المس للجنون كأن الجن مسه يقال به مس من جنون([77]).

المس اصطلاحاً: أذية الجن للإنسان من خارج جسده أو من داخله أو منهما معاً، وهو أعم من الصرع([78]).

أنواع المس:

1_ مس كلي: وهو أن يمس الجن الجسد كله كمن تحدث له تشنجات عصبية.

2_ مس جزئي: وهو أن يمسك عضواً واحداً كالذراع أو الرجل أو اللسان.

3_ مس دائم: وهو أن يستمر الجن في جسده مدة طويلة.

4_ مس طائف: وهو لا يستغرق أكثر من دقائق كالكوابيس([79]).

أعراض المس:

وقبل أن نعرف أعراض المس لا بد من معرفة الآتي:

إن لكل مرض من الأمراض أعراضه الدالة عليه غالباً، ونقول غالباً لأن هناك بعض الأعراض التي تعتبر علامة لأكثر من مرض، لذا كان لزماً على المعالج أن يتحقق من الحالة المرضية الماثلة أمامه، وذلك لا يكون إلا بتوفيق الله سبحانه، ثم بالحذاقة والخبرة والأمانة، ولما كان المس من الجن أحد الأمراض التي يصاب بها المرء فإن أعراض هذا المرض (المس) تشترك مع بعض الأمراض الأخرى، وصاحب الخبرة المتقي لله فيما يقول يعرفها غالباً إلا أنه يؤخذ على بعض من يقرأ التخبط في الحكم على الحالة الماثلة أمامهم، فأحدهم يشخصها ويقول: معك سحر، وآخر يقول له: معك عين وهكذا.

والواجب على من يقرأ أن يتقي الله ويتذكر قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}.

وليعلم أن في الحكم بغير علم في مثل هذه الأمور آثاراً سيئة ظهرت بوادرها على بعض الناس، ونذكر حالة شاهدة على ما نقول من واقع من قرأنا عليه حيث قرأ أحدنا على فتاة فسقطت وأخذت تصرخ وواصل من يقرأ قراءته وفي أثناء القراءة قالت الفتاة: هل بي مس؟ فقال القارئ: ليس بك إلا كل خير، وطمأنها وهذا من روعها، فارتاحت كثيراً، بعدها سأل القارئ إخوانها عن الحالة فأفادوا بأنه أتى أحد الراقين وقال إن بها مساًّ من الجن، فأصاب الفتاة حالة نفسية وأصبحت لتسقط كلما قرئ عليها، ولما زالت عنها هذه الحالة النفسية عادت كما كانت لذا نوصي كل من يقرأ أن لا يحكم جزافاً.

علماً بأن هذا الخلط الحاصل عند بعض الراقين حاصل عند بعض الأطباء لا سيما الأطباء الذين لا يؤمنون بمس الجن للإنس وصرعهم، فقد يكون المريض مصاباً بمس وما به غيره فيفسرون هذا الصرع والاضطراب عند الطب النفسي وكان مستغرباً من بعض الحالات التي تأتي إليه ويقول: يأتي إلينا كثير من الحالات وبعضهم لا يستفيد عندنا وبعد مدة نراه ونسأله فيقول ذهبت إلى المشايخ فقرءوا عليَّ فشفيت بإذن الله تعالى.

وعلى كل حال فحالة المريض تحتاج إلى سبر وتأكد من تصوير الحال وتشخيصها.

  

الأسباب الداعية إلى القول لغير علم

في تشخيص الحالة المرضية

هناك أسباب كثيرة لتشخيص الحالات دون روية وتثبيت من أهمها:

1_ عدم تقوى الله تبارك وتعالى وهذا سبب للتخبط في كل شيء.

2_ الإحراج من الناس، فقد تكون الحالة الماثلة أمامه غير واضحة والمريض أو ذووه يسألونه عن حالة المريض وهو لا يعلم ويستحي أن يقول لا أعلم فيجيبهم بأي إجابة، وهذا راجع لعدم تقوى الله رب العالمين.

3_ إحراج الناس أنفسهم للشيخ أو الراقي وإصرارهم على معرفة الحالة مما يدفع من يرقي أن يتخلص منهم بأي إجابة ترضيهم وتريحهم، وهذا لا يجوز للراقي، ونوصي المرضى وذويهم بعدم الإصرار إذا كان الراقي لا يعرف الحالة المرضية.

4_ اشتباه الحالة المرضية وأعراضها بحالات أخرى سواء عند بعض الراقين أو بعض الأطباء.

فعند الراقين يقرأ أحدهم على المصاب بمسَّ مثلاً وإذا لم يتكلم الجني على لسانه لأي سبب من الأسباب قال: إن الذي بك عين، وهذا خطأ، فعدم نطق الجني لا يعني عدم وجوده أو تلبسه فقد يهرب الجني حال القراءة أو قبلها وقد يكونه الجني أخرساً وهكذا.

وآخر به عين والعين أمرها خطير كما سيأتي فيقول للمصاب إن بك مساًّ وما به من مس.

وقد تشترك أعراض (المس، السحر، العين) ببعض الحالات في الأمراض النفسية أو العضوية، فمثلاً من أعراض المس القلق، فهل كل قلق ممسوس؟ فالحالة النفسية تسبب القلق في كثير من الأحيان، والإعراض عن الرحمن يسبب القلق، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}.

والصداع قد يكون سببه المس، وقد يكون سببه أمراضاً عضوية، قال ابن حجر:

أسباب الصداع كثيرة جداً: منها ما يكون عن ورم في المعدة أو في عروقها، أو ريح غليظة فيها لامتلائها، ومنها ما يكون من الحركة العنيفة كالجماع والقيء، أو الاستفراغ، أو السهر، أو كثرة الكلام، ومنها ما يحدث عن الأعراض النفسانية كالهم والغم والحزن والجوع والحمى، ومنها ما يحدث عن حادث في الرأس كضربة تصيبه، أو ورم في صفاق الدماغ أو حمل شيء ثقيل يضغط الرأس، أو تسخينه بلبس شيء خارج عن الاعتدال، أو تبريده بملاقاة الهواء أو الماء في البرد([80]).

فهل كل صداع نقول أن سببه المس؟

وكذا الشقيقة وهي: وجع يأخذ في أحد جانبي الرأس أو في مقدمته، وذكر أهل الطب أنه من الأمراض المزمنة وسببه أبخرة مرتفعة أو أخلاط رديئة حارة أو باردة ترتفع إلى الدماغ فإن لم تجد منفذاً أحدث الصداع، فإن مال أحد شقي الرأس أحدث الشقيقة، والشقيقة بخصوصها فهي في شرايين الرأس وحدها وتختص بالموضع الأضعف من الرأس وعلاجها بشد العصابة([81]).

5_ عدم إيمان بعض الأطباء لاسيما النفسانيين منهم بالمس مما يجعلهم بمنأى بعيد عن تشخيص المرض من ناحية المس.

6_ قلة الخبرة والمعرفة سبب للتخبط في كل شيء.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ([82]).

والطبيب الحاذق هو الذي يراعي في علاجه عشرين أمراً:

نذكر منها ما يلي:

1_ النظر في نوع المرض من ي الأمراض هو؟

2_ النظر في سببه من أي شيء حدث، والعلة الفاعلة التي كانت سبب حدوثه ما هي؟

3_ عادة المريض.

4_ ألا يكون قصده إزالة تلك فقط، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث ما هو أصعب منه.

5_ أن ينظر في العلة، هل هي مما يمكن علاجها أم لا؟ فإن لم يمكن علاجها حفظ صناعته وحرمته ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئاً.

6_ أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها.

7_ التلطف بالمريض والرفق به كالتلطف بالصبي.

8_ أن يتعمل أنواع العلاجات الطبيعة والإلهية.

 

أعراض المس([83])

للمس أعراض كثيرة تدل عليه وهذه الأعراض قد تكون سبباً للمس أو لغيره، ومنها ما يظهر حال الأذان في أذن([84]) من يظن به المس أو حال القراءة عليه، ومنها ما يكون في المنام، ومنها ما يكون في اليقظة وإليك بيانها:

أولاً: الأعراض حال الأذان أو القراءة:

إن من به مس إذا في أذنيه أو قرئ عليه يغمى عليه ويخر مغشياً عليه غالباً، وليس ذلك بشرط، فقد يغمى عليه ويتشنج وقد يصدر صراخاً أو بكاء حال سقوطه على الأرض، وقد يظل ساكناً وربما شخص بصره إلى السماء أو صرف يمنه أو يسرة، وقد مرت معنا جميع هذه الحالات من خلال من قرأنا عليهم.

ثانياً: الأعراض في حال اليقظة:

يجب ملاحظة أن هذه الأعراض التي سنذكرها ليست على إطلاقها وأن هذه الأعراض قد يشترك معها غيرها من الأمراض النفسية أو العضوية، وأبرز هذه الأعراض هي:

1_ الأرق والقلق.

2_ الميول إلى الوحدة والعزلة.

3_ الصداع الدائم الذي لا سبب طبي له.

3_ الخمول والكسل والشرود.

5_ الصرع والتشنج.

6_ عدم الاعتناء بالنظافة.

7_ وقد يكون لا يبرز أي عرض من هذه الأعراض أو غيرها، وقد يكون هناك

غيرها علماً بأن هذه الأعراض قد تكون مع المسحور أيضاً.

ثالثاً: الأعراض في المنام:

يلاحظ أيضاً أن هذه الأعراض ليست على إطلاقها أنها سبب للمس ومن أبرزها هذه الأعراض ما يلي:

1_ الكابوس (الجاثوم).

2_ الرؤيا المفزعة في المنام كأن يرى نفسه في طرق موحشة أو يرى قططاً سوداً أو يرى أشباحاً وغير ذلك.

3_ الضحك المفرط والبكاء والصراخ في المنام والتأوه.

حالات تلبس الجن بالإنس:

هناك فرق بين حالات تلبس الجن بالإنس وبين أسباب الصرع:

فحالات التلبس يقصد بها: الحالة التي يكون عليها المرء حال تلبس الجن به ودخولهم فيه.

أما أسباب الصرع: فيقصد بها الأسباب الداعية لتبس الجن بالإنس وسيأتي بيان حالات تلبس الجن بالإنس فمن أبرزها:

1_ الغضب الشديد.

2_ الخوف الشديد.

3_ الفرح الشديد.

4_ الغفلة الشديدة.

5_ الانكباب على الشهوات.

6_ حال إيذاء المرء لهم.

 

الصرع

تعريفه، أنواعه، إثبات وجوده من الكتاب والسنة

وكلام السلف، أسباب الصرع،

أعراض الصرع، شبهة والرد عليها.

تعريف الصرع:

الصرع لغة: الطرح بالأرض وخصّه التهذيب بالإنسان والصرع علة معروفة والصريع المجنون([85]).

واصطلاحاً: علة تمنع الأعضاء النفسية عن أفعال الحركة والحس والانتصاب منعاً غير تام([86]).

قال ابن حجر: انحباس الريح قد يكون سبباً للصرع وهي علة تمنع الأعضاء الرئيسية عن انفعالها منعاً غير تام([87]).

والصرع هو عبارة عن اختلال يصيب الإنسان في عقله بحيث لا يعي المصاب ما يقول، فلا يستطيع أن يربط بين ما قاله وما سيقوله، ويصاب صاحبه بفقدان الذاكرة نتيجة اختلال في أعصاب المخ، ويصاحب هذا الاختلال العقلي اختلال في حركات المصروع، فيتخبط في حركاته وتصرفاته، فلا يستطيع أن يتحكم في سيره، وقد يفقد القدرة على تقدير الخطوة المتزنة لقدميه أو حساب المسافة الصحيحة لها([88]).

والصرع التشنجي عبارة عن اضطراب في الوظائف المخية وعادة يصاحب باضطراب الإحساس وعدم الشعور([89]).

أنواع الصرع:

وينقسم إلى قسمين:

1) صرع من الجن.

2) صرع طبي.

قال ابن القيم رحمه الله: (الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية وصرع من الأخلاط الرديئة، والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه)([90]).

وسيكون حديثنا بالتفصيل عن النوع الأول، أما النوع الثاني فهذا بحثه وتفصيله وعلاجه عند أهل الاختصاص من الأطباء الموثوقين.

إثبات وجود الصرع من الكتاب والسنة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ}(سورة البقرة: الآية275). قال ابن كثير: “أي لا يقومون ن قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له، وذلك أنه يقوم قياماً منكراً”([91]). قال القرطبي: “هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس”([92]). قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (سورة الأعراف: الآية201).

قال ابن كثير في تفسيرها: “ومنهم من فسر بمس الشيطان في الصرع ونحوه: ثم ذكر حادثة المرأة التي كانت تصرع على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم”([93]).

ثانياً: من السنة:

1_ أخرجا في الصحيحين من حديث عطاء بن رباح قال: قال ابن عباس: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف فادع الله لي، فقال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله لك يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع أن لا أتكشف فدعا الله لها)([94]).

قال الفتح: وأخرج البزار وابن حبان من حديث أبي هريرة شبيهاً بقصتها ولفظه: “جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: ادع الله، فقال: إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت صبرت ولا حساب عليك، قالت: بل أصبر ولا حساب عليَّ”. وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: “إن أخاف الخبيث أن يجردني، فدعا لها، فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها”([95]).

2_ عن صفية بنت حيي ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)([96]). وأخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (ما من مولود يولد إلا يمسه الشيطان فيستهل صارخاً إلا مريم وابنها لقول أمها إني أعيذ بك وذريتها من الشيطان الرجيم)([97]). وأخرج مسلم عن أبي سعيد الخـــدري رضي الله عنه قال: قال رســول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تثـاءب أحدكم فليمسك بيده فإن الشيطان يدخل)([98]).

ثالثاً: من كلام السلف في إثبات الصرع:

قال ابن القيم: “وشاهدت شيخنا([99]) يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ويقول: قال لك الشيخ اخرجي فإن هذا لا يحل لك فيفيق المصروع، وربما خاطبها بنفسه، وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب فيفق المصروع فلا يحس بألم وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مراراً”([100]).

وقال ابن القيم: “وحدثني أنه قرأها مرة في أذن المصروع فقالت الروح: نعم ومد بها صوته قال: فأخذت له عصاً وضربته في عروق عنقه حتى كلت يداي من الضرب ولم يشك الحاضرون بأنه يموت لذلك الضرب ففي أثناء الضرب قالت: أنا أحبه، فقلت لها: هو لا يحبك، قالت: أنا أريد أن أحج به، فقلت لها: هو لا يريد أن يحج معك، فقالت، أنا أدعه كرامة لك، قال: قلت لا، ولكن طاعة لله ولرسوله، قالت: فأنا أخرج منه، قال: فقعد المصروع يلتفت يميناً وشمالاً، وقال: ما جاء بي من حضرة الشيخ؟ قالوا له: وهذا الضرب كله؟ فقال: وعلى أي شيء يضربني الشيخ ولم أذنب ولم يشعر بأنه وقع به الضرب البتة”([101]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وجود الجن ثابت بالقرآن والسنة، واتفاق سلف الأمة، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت أئمة أهل السنة، وهو أمر مشهور محسوس لمن تدبره، يدخل في المصروع ويتكلم بكلام لا يعرفه بل ولا يدري به، بل يضرب ضرباً لو ضربه جمل لمات، ولا تحس به المصروع، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قلت لأبي إن قوماً يزعمون أن الجني لا يدخل في البدن الإنسي، فقال: يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه”([102]).

وفي كتاب طبقات أصحاب الإمام أحمد: سمعت أحمد بن عبيد الله قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن علي العكبري قدم علينا من عكبرا في ذي القعدة سنة 352هـ قال: حدثني أبي عن جدي قال: كنت في مسجد أبي عبد الله أحمد بن حنبل فأنفذ إليه المتوكل صاحباً له يعلمه أن له جارية لها صرع وسأله أن يدعو الله لها بالعافية، فأخرج له أحمد نعل خشب بشراك من خوص للوضوء، فدفعه إلى صاحب له وقال له: تمضي إلى دار أمير المؤمنين وتجلس عند رأس هذه الجارية وتقول له ـ يعني الجني ـ قال لك أحمد أيماً أحبّ إليك تخرج من هذه الجارية أو تصفع بهذه النعل سبعين؟ فمضى إليه وقال له مثل ما قال الإمام أحمد فقال له المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة لو أمرنا أحمد أن لا نقيم بالعراق ما أقمنا به، إنه أطاع الله ومن أطاع الله أطاعه كل شيء، وخرج من الجارية وهدت ورزقت أولاداً فلما مات أحمد عاودها المارد فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروزي وعرفه الحال فأخذ المروزي النعل ومضى إلى الجارية فكلمه العفريت على لسانها لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك ولا أقبل منك، أحمد بن حنبل أطاع الله فأمرنا بطاعته([103]).

أسباب الصرع:

أولاً: أن يكون صرع الجن للإنس نوع ابتلاء من الله ـ جل وعلا ـ فالله سبحانه وتعالى بحكمته يبتلي الخلق بأنواع المصائب والصرع من جملتها، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (سورة الأنبياء الآية35).

وعلى من ابتلي بذلك أن يصبر ويحتسب الأجر والمثوبة من الله مع بذل الأسباب المشروعة للعلاج.

ثانياً: أن يكون ذلك عقوبة من الله بسبب اقتراف العبد الذنوب والآثام، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (سورة الشورى: الآية30).

فكلما ابتعد الإنسان عن ربه وخالقه استحوذت عليه الشياطين وتسلطت عليه وأصبحت حياته تعيسة، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (سورة طه: الآية124).

ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (سورة الزخرف الآية 36).

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: “وأكثر تسلط هذه الأرواح على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصينات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه وربما كان عرياناً فيؤثر فيه”([104])، وهذا ملاحظ جداً في واقع من قرأنا عليهم حيث كان كثيراً منهم ضعيف الإيمان ومفرطاً في كثير من أمور الشرع، وبعضهم غارق في بحار الشهوات، فالرجوع إلى الله والإقلاع عن المعاصي أمر مهم في طرد الجن والشياطين.

ثالثاً: أن يكون صرعهم بسبب العشق والهوى والشهوة، فقد يعشق الجني إنسية وكذلك العكس.

قال ابن تيمية: “فما كان من الباب الأول فهو من الفواحش التي حرمها الله تعالى كما حرم ذلك على الإنس وإن كان برضى الآخر، فكيف إذا كان مع كراهته فإنه فاحشة وظلم، فيخاطب الجن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة، أو فاحشة وعدوان لتقوم الحجة عليهم بذلك، ويعلموا أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى الثقلين الجن والإنس”([105]).

رابعاً: أن يكون سبب ذلك المجازاة والانتقام:

قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ”وقد يكون ـ وهو كثير أو الأكثرـ عن بغض ومجازاة مثل أن يؤذيهم بعض الإنس أو يظنوا أنهم يتعمدوا أذاهم إما ببول على بعضهم أو بصب ماء حار وإما بقتل بعضهم، وإن كان الإنسي لا يعرف ذلك، وفي الجن جهل وظلم فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه”([106]).

وما كان من هذا القسم فإن كان الإنسي لم يعلم فيخاطبون بأن هذا لم يعلم، ومن لم يتعمد الأذى لا يستحق العقوبة، وإن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه، فله أن يتصرف فيها بما يجوز، وأنتم ليس لكم أن تمكثوا في ملك الإنس بغير إذنهم بل لكم ما ليس من مساكن الإنس كالخراب والفلوات([107]).

خامساً: أن يكون الاعتداء والإيذاء عن سفه منهم كما يحدث ذلك من سفهاء الإنس:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “… وقد يكون عن عبث منهم وشر بمثل سفهاء الإنس وهذا من أخف الأنواع”([108]).

سادساً: أن يكون سبب ذلك السحر:

فقد يرسل الساحر جنياً إلى من يريد سحره فليتلبسه ويؤذيه ويصرعه وقد مرَّ معنا مثل هذا النوع فنسأل الجني عن سبب دخوله في بدن الإنسي فيقول عن طريق السحر.

شبهة والرد عليها:

هناك شبهة وردت إلى بعض الناس وأصبحوا يتساءلون عنها كثيراً فيقولون:

لماذا لا يتسلط الجن إلا على المسلمين؟ فهل الجن متخصصون بتلبس المسلمين فقط؟ بينما نرى الكفار لا يتلبسهم الجن، ممن ورد إليهم هذه الشبهة الشيخ محمد الغزالي حيث يقول: “قلت وأنا ضجر هل العفاريت متخصصة في ركوب المسلمين وحدهم؟! لماذا لم يشك ألماني أو ياباني من احتلال الجن لأجسامهم، إن سمعة الدين ساءت من شيوع هذه الأوهام بين المتدينين وحدهم، وعندما تناقلت الصحف أن الشيخ عبد العزيز بن باز أخرج شيطاناً بوذياً من أحد الأعراب وأن هذا الشيطان أسلم كنت أرقب وجوه القراء وأشعر في نفوسهم بمدى المسافة بين العلم والدين، وإن قدر القرآن الكريم أعظم كثيراً من هذه القضايا”([109]).

أولاً: من قال بأن الجن لا يتسلطون على الكافرين؟ إنهم يتسلطون عليهم ويؤذونهم ويصرعونهم وقد اعترف بذلك عقلاء أطبائهم قديماً وحديثاً.

أما قديماً: يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: “فأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ولا يدفعون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدفع آثارها وتعارض أفعالها وتبطلها، وقد نص على ذلك أبقراط في بعض كتبه فذكر بعض علاج الصرع وقال:   هذا ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة، وأما الصرع الذي يكون من الأرواح فلا ينفع فيه هذا العلاج”([110]).

يقول (كارنجتون) عضو جمعية البحوث النفسية الأمريكية عن حالة المس: “واضح أن حالة المس هي على الأقل حالة واقعية لا يستطيع العلم بعد أن يهمل أمرها، ما دامت توجد حقائق كثيرة مدهشة تؤديها، وما دام الأمر كذلك فإن دراستها أصبحت لازمة وواجبة لا من جهة الأكاديمية – الجمعية التي يلتقي فيها العلماء – فقط بل لأن مئات من الناس وألوفاً يعانون في الوقت الحاضر من هذه الحالة، ولأن شفاءهم يستلزم الفحص السريع والعلاج الفوري وإذا ما نحن قررنا مكنة المس من الوجهة النظرية انفتح أمامنا مجال فسيح للبحث والتقصي ويتطلب كل مال يتطلبه العلم الحديث والتفكير السيكولوجي من العناية والحذق والجلد”([111]).

ولا يملك هؤلاء الأطباء إلا الاعتراف بتأثر العوالم الروحية على بعض أجسام البشر وعقولهم، فنشأ عن هذا التأثير حالات المس التي لا يقدر الطب على معالجتهم بمستوى العلاج بالطرق التي رسمها الإسلام لذلك من الأدعية الشرعية في الكتاب والسنة النبوية كما سيأتي.

ثانياً: إن وقوع الصرع من جهة الأرواح الأرضية الخبيثة عند من ينكر هذا النوع من الصرع، يفسرونه بتفسيرات متعددة سواء المريض أو المعالج فيفسرونه على أنه أمراض نفسية أو عصبية أو غيرها من التفسيرات.

وقد قرأنا على امرأة أمريكية أسلمت وحسن إسلامها ولا نزكي على الله أحداً، فأخبرنا زوجها بأنه سبق وأن ذهب بها إلى أحد القراء الثقات وفي أثناء القراءة عليها نطق الجني على لسانها وكان يتكلم اللغة الإنجليزية فأخبر أنه متلبس بها منذ كان عمرها أربع سنوات أي حينما كانت كافرة.

ثالثاً: إن الكافرين منعمون في الحياة الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق، أما المؤمن فهو معرض للابتلاء في الحياة الدنيا كما مَّر ليمحص الله إيمانه أو يرفع الله درجاته أو يحط سيئات أو ليرجعه إلى الله من جديد بعد أن ابتعد عن حماه، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (سورة الروم: الآية41). يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، فما رواه أنس بن مالك: “يؤتى بالكافر فيغمس في النار غمسة ثم يقال له: هل رأيت خيراً قط؟ هل رأيت نعيماً قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً كان في الدنيا فيصبغ في الجنة صبغة ثم يقال له: هل رأيت بؤساً قط؟ فيقول: لا والله يارب أي ما كان شيئاً”([112]).

وأخيراً أن الكافرين بعضهم أولياء بعض فكما أن الأصل في المسلم من الإنس عدم إيذاء الآخرين فكذلك الأصل في الجن.

ولذا نجد أن الكافرين من الإنس هم أعداء للمسلمين ويتلذذون بإيذائهم وتعذيبهم، أما فيما بينهم فلا.

ولذا فالجني المسلم لا يؤذي أحداً مسلماً كان أم كافراً إلا لسبب ما، والكافر من الجن لا يخاف الله ولا يعرفه فليسلط على المسلمين انتقاماً كما هو الحال عند كافري الإنس.

  

فصل في التداوي

رغم الحوادث والأدواء التي تصيب البشر إلا أن الله برحمته فتح أبواباً من الآمال التي لا تقف عند كي يلجها كل محتاج وسائل فلا يأس من رحمة الله. {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ}(سورة يوسف الآية 156).

ولكن يجب أن نعلم أن رحمة الله إنما تكون قريبة من المحسنين والمؤمنين، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} (سورة الأعراف: الآية156).

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لكل داء دواء فإن أصيب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل)([113]).

وعن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء)([114]).

وفي مسند الإمام أحمد من حديث زياد بن علاقة عن أسامة عن شريك قال: كنت عند النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: (نعم يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء غير داء واحد قالوا: ما هو؟ قال: الهرم).

وفي المسند أيضاً من حديث ابن مسعود يرفعه: (إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهلة)([115]).

وفي المسند والسنن عن أبي خزامة أنه قال: (قلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به تقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: هي من قدر الله)([116]).

لقد تضمنت النصوص السابقة كثيراً من الأمور:

منها: تقوية نفس المريض والطبيب كما في قوله، صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء).

ومنها: الحث على بذل الأسباب لطلب الشفاء كما في قوله، صلى الله عليه وسلم: (.. نعم يا عباد الله تداووا..). الحديث.

ومنها: أن بذل السبب لا يلزم منه حصول ما بذل له فقد يتداوى المريض ولا يحصل الشفاء لأسباب كثيرة.

ومنها: مشروعية التداوي بالرقية الشرعية.

ومنها: أن كل شيء بقضاء الله وقدره.

يقول: ابن القيم: يرحمه الله تعالى ـ:

فكل داء له ضد من الدواء يعالج بضده فعلق النبي، صلى الله عليه وسلم، البرء بموافقة الداء للدواء وهذا قدر زائد على مجرد وجوده فإن الدواء متى جاوز درجة الداء في الكيفية أو زاد في الكمية على ما ينبغي نقله إلى داء آخر، ومتى قصر عنها لم يف بمقاومته وكان العلاج قاصراً، ومتى لم يقع الدواء على الداء لم يحصل الشفاء، ومتى لم يكن الزمان صالحاً لذلك الدواء لم ينفع ومتى كان البدن غير قابل له أو القوة عاجزة عن حمله أو ثم مانع يمنع تأثيره لم يحصل البرء لعدم المصادفة، ومتى تمت المصادفة حصل البرء ولا بد([117]) (بإذن الله تعالى).

ومن الأسباب المانعة لحصول الشفاء إرادة الله وحكمته البالغة فربما يذل الإنسان كل أسباب الشفاء ولكن الله بحكمته لم يرد له الشفاء ولم يأذن به سبحانه وتعالى، إما ليبتليه أو ليرفع درجاته أو ليكفر سيئاته أو ليعاقبه سبحانه: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ}.

ومن الأسباب المانعة لحصول الشفاء رغم بذل الأسباب عدم القيام بنواهض هذه الأسباب وقد ذكر ابن القيم طرفاً منها فيما مضى، وها هو يقول في علاج الصرع الذي سببه الأرواح الأرضية الخبيثة “وعلاج هذا النوع يكون بأمرين أمر من جهة المريض وأمر من جهة المعالج فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبادئها والتعوذ الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين:

أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً.

وأن يكون الساعد قوياً.

فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل فكيف إذا عدم الأمران جميعاً يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوحيد ولا سلاح له.

والثاني من جهة المعالج: بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً”([118]).

 

أثر القرآن

يقول تبارك وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً}(سورة الإسراء: الآية82).

يقول تبارك وتعالى عن كتابه وهو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنه {شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}. أي يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل، فالقرآن يشفي من ذلك كله، وهو أيضاً رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدَّقه واتبعه فإنه يكون في حقه رحمة، أما الكافر الظالم نفسه بذلك فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعداً وكفراً والآفة من الكافر لا من القرآن([119]).

ويقول تعالى:{قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (سورة يونس: الآية57).

وقوله: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} أي من الشبه والشكوك والريب وما فيها من رجس ودنس، {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.

أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى، وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه([120]).

ويقول تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}(سورة فصلت، الآية44).

ويقول تعالى: {أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (سورة العنكبوت، الآية51).

وجميع الآيات السابقة يدور تفسيرها في فلك واحد تقريباً أن هذا القرآن شفاء لمرض الشكوك والريب وأنه رحمة للمؤمنين.

وقد جاءت آيات أخرى تدل على فضل تلاوة القرآن وكثرة الذكر ومن ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

ويقول تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (سورة الأحزاب الآية35). ويقول عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)([121]).

وقد جاءت السنة المطهرة أيضاً بأحاديث كثيرة تدل على فضل القرآن وتلاوته والاستشفاء به والرقية به، فعن أبي سعيد الخدري، ـ رضي الله عنه ـ  أن ناساًَ من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كانوا في سفر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فقالوا: لهم هل فيكم من واقٍ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب؟ فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرئ الرجل فأعطي قطيعاً من غنم فأبى أن يقبلها، وقال حتى أذكر ذلك للنبي، صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له فقال: يا رسول الله، والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم وقال: (وما أدراك أنها رقية؟ ثم قال: خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم)([122]).

والشاهد من الحديث قوله، صلى الله عليه وسلم: (وما أدراك أنها رقية). قال الإمام النووي: فيه التصريح بأنها رقية فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر أصحاب الأسقام والعاهات([123]).

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيده نفسه لبركتها([124]).

لذا فإن من أعظم العلاجات وأنفعها بإذن الله الرقى الشرعية بالكتاب والسنة.

ففي الرقية المشروعة خير كثير بإذن الله تعالى، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على ذلك.

ففي صحيح البخاري “أن عبدالعزيز قال: دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك فقال ثابت: يا أبا هريرة اشتكيت! فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى. قال: اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقما”([125]).

وعن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: (أعرضوا عليَّ رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك)([126]).

يقول ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ:

“فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على داء بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام ربَّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها([127]) أو على الأرض ليقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه. وسببه والحمية منه لمن رزقه الله في كتابه، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (سورة العنكبوت: الآية51). فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله([128]).

أنواع الأدوية

قال ابن القيم ـ يرحمه الله ـ:

وكان علاجه، صلى الله عليه وسلم، للمرض ثلاثة أنواع:

أحدهما: بالأدوية الطبيعية.

والثاني: بالأدوية الإلهية.

الثالث: المركب من الأمرين([129]).

ونحن نبدأ بالأدوية الإلهية.

أولاً: الأدوية الإلهية:

وهي الرقى الشرعية الثابتة بالكتاب والسنة ونحن نبين الرقى بصفة عامة.

تعريف الرقية:

قال في لسان العرب: الرقية: العوذة.

قال رؤبة:

فما تركا من عوذة يعرفانها *** ولا رقية إلا بها رقياني

والجمع رقى.

وقال ابن الأثير: “الرقية العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات”([130]).

أنواع الرقى:

الرقى على أنوعين : رقى شرعية، ورقى شركية، وإليك بيانها.

أولاً: الرقى الشرعية:

  • شروط الرقية الشرعية:

للرقية الشرعية شروط وضوابط لا بد منها، وقد بيَّن لنا الشرع الشريف هذه الضوابط والشروط.

أولاً: أن تكون الرقى بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته.

ثانياً: أن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره.

ثالثاً: أن يعتقد أن الرقى لا تؤثر بذاتها بل التأثير من الله تعالى.

قال ابن حجر في الفتح: “قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع هذه الشروط”([131]).

وبذلك يتبين لنا أن الرقى لا بد أن تكون شرعية فلا تصح الرقى الشركية، لقوله، صلى الله عليه وسلم: (لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك).

وإن مما يخشى منه وقوع بعض من يرقي الرقية الشرعية في بعض المحاذير التي قد يكون فيها استدراج لمشابهتها حال السحرة والمشعوذين، كما لا تصح الرقى السحرية لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (ليس منَّا من تَطِّير أو تُطِّير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له)([132]).

كما لا تصح الرقية من كاهن ولا عراف وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

ومما يضاف إلى الشروط السابقة ما يلي:

الشرط الرابع: أن لا تكون الرقية بهيئة محرمة كأن يتقصد الرقية حالة كونه جنباً أو في مقبرة أو حمام.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

ولا تشرع الرقى بما لا يعرف معناه لا سيما إن كان فيه شرك، فإن ذلك محرم، وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك وقد يقرؤون مع ذلك شيئاً من القرآن ويظهرونه ويكتمون ما يقولونه من الشرك. وفي الاستشفاء بما شرعه الله ورسوله ما يغني عن الشرك([133]).

  

قواعد مهمة

إن من يرقي الرقى الشرعية يستخدم أسلحة إلهية قوية، والسلاح بضاربه كما يقول ابن القيم ـ يرحمه الله ـ وحتى يأتي السلاح بنتيجة طيبة بإذن الله تعالى فينبغي أن تتوفر في الراقي والمرقي عليه أموراً مهمة:

أولاً: الأمور التي يجب توافرها لدى الراقي (المعالج).

1) حسن الاعتقاد:

وذلك بأن يكون الراقي منتهجاً عقيدة السلف الصالح من هذه الأمة.

وليحذر الراقي كل الحذر من الوقوع في الأمور الشركية أو البدعية لأن بعض الرقاة يحاكون بعض المشعوذين في تصرفاتهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)([134]).

ومن حسن الاعتقاد صدق التوجيه إلى الله تعالى والتوكل عليه سبحانه {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} (سورة المائدة، الآية 23).

ومن حسن الاعتقاد أن يعلم الراقي وغيره أن النفع والضر بيده سبحانه؛ فلا نافع إلا الله ولا ضار إلا الله.

يقول تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (سورة يونس، الآية 107).

2) إخلاص النية لله وحسن المقصد:

فإن للنية أثراً في القراءة بإذن الله تعالى خصوصاً إذا استحضرها الراقي واستصحبها في قراءته.

فلا يبتغي بما يقرأ مالاً ولا سمعة ولا شهرة بل يريد ما عند الله والدار الآخرة واضعاً نصب عينيه احتساب الأجر والمثوبة من عند الله. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من نفس عن أخيه كربةً نفس الله بها عنه كربةً من كرب يوم القيامة)([135]). ويقول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (سورة البينة، الآية5).

ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)([136]). ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنك لن تخلف([137]) فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به ربحة ورفعة)([138]).

3) الحرص على الطاعة والبعد عن المعصية:

فكلما كان القارئ إلى الله أقرب كان لقراءته أثر كبير بإذن الله تعالى، والعكس بالعكس، فبقلة الطاعة وكثرة المعاصي تستطيل الشياطين على الإنسان، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(سورة الزخرف، الآية36).

فلا بد أن يكون القارئ قدوة صالحة في نفسه فيحافظ على أداء الصلوات في

الجماعة وأن يلتزم الصدق والأمانة والصبر.

4) البعد عن الحرام ومواطن الربية:

ومن ذلك عدم الخلوة بالمرأة الأجنبية بحجة القراءة، فعن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو الموت)([139]).

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان)([140]).

5) الدعوة إلى الله تعالى:

بعض القراء بمجرد ما يأتيه المريض يقرأ عليه مباشرة وقد يرى عليه بعض آثار المعاصي الظاهرة وقد يعلم من بعض أحواله عدم الاستقامة فلا ينصحه وهذا خطأ.

إن كثيراً من المرضى يصيبهم ما يصيبهم بسبب البعد عن الله لا سيما تسلط الجان كما يقول ابن القيم ـ يرحمه الله: “وأكثر تسلط هذه الأرواح على أهله من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية….”([141]).

يقول تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ}(سورة فصلت الآية33).

فينبغي على القارئ أن يقوم بجانب القراءة بواجب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فينصح المريض وأهله فيوصيهم بتقوى الله والمحافظة على الصلاة وكثرة الذكر والدعاء والبعد عن المعاصي والصبر على أقدار الله.

6) ستر أحوال المريض والأمانة على أسراره:

فلا يظهر عورة المريض لأحد ولا يذكر اسمه فالناس لا يحبون ذلك، فلا ينبغي إفشاء أسرار الناس وأحوالهم، يقول عليه الصلاة والسلام: (المستشار مؤتمن)([142]).

ويقول صلى الله عليه وسلم: (ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)([143]).

7) معرفة أحوال المريض:

ذكرنا فيما مضى أن تشخيص الدواء، فسبر أحوال المريض ومعرفة أسباب مرضه وملابساته من أهم الأمور لتقديم المساعدة له.

ويتم ذلك عن طريق:

أ_ الفراسة: وهي كما يعرفها الرازي: (الاستدلال بالأحوال الظاهرة على الأخلاق الباطنة)([144]).

وقد قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} (سورة الحجر، الآية75).

ولعل ما جاء في حديث أم سلمة خير شاهد حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال: (استرقوا فإن بها النظرة).

ب_ ومن وسائل معرفة أحوال المريض سؤاله عن بعض الأمور التي تعتبر إمارة ولو ظنية يستدل بها على معرفة الحالة المرضية وكذلك سؤال أهله فقد يفيدون ببعض الأمور التي تساعد المعالج.

ج_ ومن ذلك أيضاً التجربة والخبرة فلهما أثر كبير في معرفة الحالة المرضية.

8) معرفة حقائق الجن وأحوالهم:

ومن ذلك عدم الخوف منهم أو من تهديداتهم يقول تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً}(سورة الجن: الآية6). ومن ذلك العلم بأن الشيطان ضعيف كما قال تعالى:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} (سورة النساء: الآية 76)([145]). ومن معرفة أن الجن كثيرو الكذب فلا يصدقون في كل أمر.

وصدق الرسول الكريم إذ يقول لأبي هريرة رضي الله عنه: (صدقك وهو كذوب)([146]).

9) تطييب نفس المريض وأهله:

إن أي مرض من الأمراض له انعكاساته على نفس المريض وربما طال المريض شيء من الوسواس والشكوك حول شفائه من هذا المرض الذي ألم به، فالواجب على الرقي أن يبعث روح الأمل في نفس المريض وأن يهون عليه الأمر ولا يهوله.

فكم من مريض راح ضحية تضخيم ما به فانهارت قواه.

وكم من مريض شفي بإذن الله لأنه كان أقوى من المرض.

روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلتم على المريض فنفَّسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئاً، وهو يطيب نفس المريض)([147]).

ثانياً: الأمور التي يجب توافرها لدى المراقي عليه:

هناك كثير من الأمور التي ينبغي توافرها لدى الراقي (المعالج) يشترك فيها المرقي عليه: كحسن الاعتقاد، إخلاص النية لله وصدق التوجيه له سبحانه، والحرص على الطاعة والبعد عن المعصية، البعد عن الحرام ومواطن الريبة.

يقول ابن القيم يرحمه الله: “.. وعلاج هذا النوع يكون بأمرين: أمر من جهة المصروع وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها … والثاني من جهة المعالج بأن يكون فيه هذا الأمر أيضاً”([148]). وبجانب الأمور السابقة فإن هناك تأكيداً على أمور مهمة تتعلق بالمريض (المرقي عليه):

1_ الاعتقاد الجازم بأن النفع والضر عند الله وحده لا شريك له كما قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(سورة يونس: الآية107).

لأن بعض المرضى ربما تعلقت قلوبهم أكثر من تعلقهم بالله وقد يكون هذا من الشرك الخفي فبعض المرضى وذويهم يقول القارئ الفلاني أفضل من القارئ فلان لأنه الأول استطاع إخراج الجني من المريض ولم يستطع الآخر وهكذا.

2_ يجب على المريض أن يصبر ويقوي عزيمته بالله وأن لا يستعجل الشفاء.

هل ينافي العلاج بالرقية وغيرها التوكل على الله؟

كره بعض أهل العلم التداوي، وقد بوب البخاري على ذلك فقال ـ باب من لم يرق ـ وروى فيه بسنده عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: خرج علينا النبي، صلى الله عليه وسلم، يوماً فقال: (عرضت عليَّ الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي معه الرهط، والنبي ليس معه أحد، ورأيت سواداً عظيماً سدَّ الأفق فرجوت أن تكون أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي: انتظر فرأيت سواداً كثيراً فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب)، فتفرق الناس ولم يبين لهم، فتذكروا أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء أبناؤنا فبلغ النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: (هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون)، فقام عكاشة بن محصن فقال: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال: (نعم)، فقام آخر فقال: أمنهم أنا؟ فقال: (سبقك بها عكاشة)([149]).

قال صاحب كتاب تيسير العزيز الحميد:

“واعلم أن الحديث لا يدل على أنهم لا يباشرون الأسباب أصلاً كما يظنه الجهلة، فإن مباشرة الأسباب في الجملة أمر فطري ضروري لا انفكاك لأحد عنه حتى الحيوان البهيم، بل نفس التوكل مباشرة لأعظم الأسباب، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي: كافيه، إنما المراد أنهم يتركون الأمور المكروهة مع حاجتهم إليها توكلاً على الله كالاسترقاء والاكتواء فتركهم له ليس لكونه سبباً لكن لكونه سبباً مكروهاً، لا سيما والمريض يتشبث بما يظنه سبباً لشفائه بخيط العنكبوت. أما نفس مباشرة الأسباب، والتداوي على وجه لا كراهية فيه، فغير قادح في التوكل. فلا يكون تركه مشروعاً كما في (الصحيحين) عن أبي هريرة مرفوعاً: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء). وعن أسامة بن شريك قال: كنت عند النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاءت الأعراب، فقالوا: يا رسول الله! أنتداوى؟ فقال: (نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاء، غير داء واحد)، قالوا: وما هو؟ قال: (الهرم)” رواه أحمد.

قال ابن القيم: “فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات، وإبطال قول من أنكرها والأمر بالتداوي، وإنه لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسمياتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح بمباشرته في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى من التوكل، فإن تركها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه. ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلاً للأمر والحكمة والشرع فلا يجعل العبد عجزة توكلاً ولا توكله  عجزاً”([150]).

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: هل الرقية تنافي التوكل؟

فأجاب: “التوكل هو صدق الاعتماد على الله ـ عز وجل ـ في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الأسباب التي أمر الله بها، وليس التوكل أن تعتمد على الله بدون فعل الأسباب، فإن الاعتماد على الله بدون فعل الأسباب طعن في الله ـ عز وجل ـ وفي حكمته تبارك وتعالى، لأن الله تعالى ربط المسببات بأسبابها، وهنا سؤال من أعظم الناس توكلاً على الله؟

الجواب: هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وهل كان يعمل الأسباب التي يتقي بها الضرر؟ الجواب: نعم، كان إذا خرج إلى الحرب يلبس الدروع ليتوقى السهام، وفي غزوة أحد ظاهر بين درعين، أي ليس درعين، كل ذلك استعداداً لما قد يحدث، ففعل الأسباب لا ينافي التوكل إذا اعتقد الإنسان أن هذه الأسباب مجرد أسباب فقط لا تأثير لها إلا بإذن الله تعالى، وعلى هذا فالقراءة قراءة الإنسان على نفسه، وقراءته على إخوانه المرضى لا تنافي التوكل، وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يرقي نفسه بالمعوذات وثبت أنه كان يقرأ على أصحابه إذا مرضوا. والله أعلم”([151])

  

أخذ الأجرة على الرقية

عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن ناساً من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم فقالوا لهم:

هل فيكم من راقٍ؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم فرقاه بفاتحة الكتاب فبرئ الرجل، فأعطي قطيعاً من غنم فأبى أن يقبلها وقال حتى أذكر ذلك للنبي، صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي، صلى الله عليه وسلم فذكر له فقال: يا رسول الله، والله ما رقيت إلا بفاتحة، فتبسم النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال: (وما أدراك أنها رقية؟ ثم قال: خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم)([152]).

ففي قول النبي، صلى الله عليه وسلم: (خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم) فيه تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر وأنها حلال لا كراهية فيها.

وقوله، صلى الله عليه وسلم: (واضربوا لي بسهم معكم) فإنما قاله تطييباً لقلوبهم ومبالغة في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه([153]).

وأخرج الإمام أحمد من يعلى من حديث بن مرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: (أخرج عدو الله أنا رسول الله).

قال: فبرأ فأهدت له كبشين وشيئاً من إقط وسمن، فقال رسول الله، ﷺ: (يا يعلى خذ الأقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر)([154]).

ولكن كثيراً ممن يرقون هذه الأيام توسعوا في الأمر فصاروا يطلبون المال الكثير وأصبح هو همهم الوحيد حتى دخلت نياتهم بعض الشوائب التي لم تجعل لهذه القراءة بركة.

والواجب على من يرقي أن يتقي الله ربه ولا يجعل المال أكبر همه، ولا يشترط المبالغ الطائلة وأن يراعي أحوال المحتاجين.

وإن أكثر ما يخشى منه أن يتظاهر المشعوذون والدجالون وغيرهم بالقراءة على الناس ويخلطون الحق بالباطل ويبدأون في استنزاف أموال الناس كما هو حاصل الآن.

وعلى من نذر نفسه للقراءة على الناس ونفعهم أن يحتسب ذلك عند الله فإن أعطي أخذ وإن منع نفسه من أخذ شيء فهذا أسلم وأعظم أجراً وأكثر بركة ونفعاً بإذن الله تعالى.

  

بعض محاذير القراءة

1_ إن وجود الجموع الكثيرة عند قارئ معين قد يظن عوام الناس أن لهذا القارئ خصوصية معينة بدليل كثرة زحام الناس عليه، وتغطى حينئذ أهمية القارئ على المقروء وهو كلام الله ـ عز وجل ـ وهذا خطأ وخطر يجب الحذر منه.

2_ إن الشياطين عندما ترى تعلق الناس بشخص ما قد تساعده وهو لا يشعر، فتعلن خوفها منه وخروجها من المريض لتزداد ثقة الناس بالشخص أكثر من ثقتهم بما يتلوه وليعتقدوا أن فيه سراً معيناً حتى أن كل من يحدث له عارض يذهب إلى هذا الشيخ ليرى هل فيه جني أم لا.

3_ خطر العُجب الذي قد يداخل بعض القراء خصوصاً إذا رأى زحام الناس عليه ويرى كثرة المرضى الذين يعافيهم الله بسبب رقيته وكيف أن الشياطين تخاف منه.

4_ التوسع في أخذ المال على القراءة وقد سبق بيان ذلك.

5_ التخبط في تشخيص الحالة المرضية وسبق بيان ذلك.

ثانياً: الرقية الشركية:

وهي الرقى التي يستعان بها بغير الله، من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به، كالرقى بأسماء الجن أو بأسماء الملائكة والأنبياء والصالحين.

فهذا دعاء لغير الله وهو شرك أكبر، أو يكون بغير اللسان العربي، أو بما لا يعرف معناه، لأنه يخشى أن يدخلها كفر أو شرك ولا يعلم عنه فهذا النوع من الرقية ممنوع شرعاً.

 

التمائم

واحدتها تميمة، وهي خرزات كان الأعراب يعلقونها على أولادهم ينفون بها النفس والعين بزعمهم فأبطلها الإسلام([155]).

والتمائم شيء يعلق على الأولاد عن العين([156]).

قال ابن حجر في الفتح: والتمائم جمع تميمة وهي خرز أو قلادة في الرأس كانوا في الجاهلية يعتقدون أن ذلك تدفع الآفات([157]).

أنواعها: وهي على نوعين:

النوع الأول: ما كان من القرآن بأن يكتب آيات من القرآن أو من أسمائه وصفاته ويعلقها بها فهذا النوع اختلف العلماء في حكم تعليقه على قولين:

القول الأول: الجواز وهو قول جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمروا بن العاص، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر، وأحمد بن حنبل في رواية عنه، وحملوا الحديث الوارد في المنع من تعليق التمائم التي فيها شرك.

القول الثاني: المنع من ذلك وهو قول جماعة من الصحابة منهم ابن مسعود، وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر، وابن عكيم وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية، واختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون واحتجوا بما رواه ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)([158]).

والراجح من القولين هو القول الثاني للوجوه التالية:

1_ عموم النهي ولا مخصص للعموم.

2_ سدّ الذريعة فإنها تفضي إلى تعليق ما ليس مباحاً.

3_ إنه إذا علق شيئاً من القرآن فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك([159]).

النوع الثاني: التمائم التي تعلق على الأشخاص من غير القرآن كالخرز والخيوط وما كتب بالطلاسم وأسماء الجنّ، فهذا حرام قطعاً وهو من الشرك لأنه تعلق على غير الله سبحانه.

وبعض الناس يعلق هذه الأشياء على نفسه أو سيارته أو باب بيته أو أولاده زعماً منه أنها تدفع العين والحسد وهذا كله لا يجوز.

وقد سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك فإليك نصّ السؤال والجواب.

السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم 992:

س: ما حكم حمل آيات قرآنية في الجيب كالمصاحف الصغيرة بقصد الحماية من الحسد والعين أو أي شر باعتبار أنها آيات الله الكريمة، على اعتبار أن الاعتقاد في حمايتها للإنسان هو الاعتقاد الصادق بالله، وكذلك وضعها في السيارة أو أي أدارة أخرى لنفس الغرض.

وكذلك السؤال الثاني الذي هذا نصه: حكم الحجاب المكتوب من آيات الله بقصد الحماية من العين أو الحسد أو لأي سبب آخر من الأسباب كالمساعدة على النجاح أو الشفاء من المرض أو السحر إلى غير ذلك من الأسباب.

وكذلك السؤال الرابع الذي هذا نصه: حكم تعليق آيات قرآنية بالرقية في سلاسل ذهبية أو خلافه للوقاية من السوء؟

جـ: أنزل الله سبحانه القرآن ليتعبد الناس بتلاوته ويتدبروا معانيه فيعرفوا أحكامه ويأخذوا أنفسهم بالعمل بها وبذلك يكون لهم موعظة وذكرى تلين به قلوبهم وتقشعر منه جلودهم وشفاء لما في الصدور من الجهل والضلال، وزكاة للنفوس وطهارة لها من أدران الشرك وما ارتكبته من المعاصي والذنوب، وجعله سبحانه هدى ورحمة لمن فتح له قلبه أو ألقى السمع وهو شهيد، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}(سورة يونس: الآية57).

وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ}(سورة الزمر: الآية23). وقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}(سورة ق: الآية37). وجعل سبحانه القرآن معجزة لرسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، وآية باهرة على أنه رسول من عند الله إلى الناس كافة ليبلغ شريعته إليهم، ورحمة بهم، وإقامة للحجة عليهم، قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(سورة العنكبوت: الآيتان: 50، 51). وقال تعالى:{تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}(سورة القصص: الآية2). وقال تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}(سورة لقمان: الآية2). إلى غير ذلك من الآيات.

فالأصل في القرآن أنه كتاب تشريع وبيان للأحكام. وأنه آية بالغة ومعجزة باهرة وحجة دامغة أيد الله بها رسوله محمداً، صلى الله عليه وسلم، كان يرقي نفسه بالقرآن، فكان يقرأ على نفسه المعوذات الثلاث، قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.

وثبت أنه أذن في الرقية بما ليس فيه شرك من القرآن والأدعية المشروعة، وأقر أصحابه على الرقية بالقرآن، وأباح لهم ما أخذوا على ذلك من الأجر، فعن عوف بن مالك أنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا يا رسول الله: كيف ترى في ذلك؟ فقال: (اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)([160]) رواه مسلم في صحيحه.

وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:(انطلق نفر من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله إني لأرقي ولكنا والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم، على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكروا له فقال: (وما يدريك أنها رقية؟) ثم قال: (قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معاكم سهماً)، فضحك النبي، صلى الله عليه وسلم([161])رواه البخاري ومسلم.

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد والمعوذتين جميعاً ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده، قالت عائشة فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به)([162]) رواه البخاري.

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: (اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً) رواه البخاري،.

إلى غير ذلك من الأحاديث التي ثبت منها أنه رقي بالقرآن وغيره وأنه أذن في الرقية وأقرها ما لم تكن شركاً.

ولم يثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو الذي نزل عليه القرآن، وهو بأحكامه أعرف وبمنزلته أعلم أنه علّق على نفسه أو غيره تميمة من القرآن أو غيره، أو اتخذه أو آيات منه حجاباً يقيه الحسد أو غيره من الشر، أو حمله أو شيئاً منه في ملابسه أو في متاعه على راحلته لينال العصمة من شر الأعداء أو الفوز والنصر عليهم أو لييسر له الطريق ويذهب عنه وعثاء السفر أو غير ذلك من جلب نفع أو دفع ضر، فلو كان مشروعاً لحرص عليه وفعله، وبلغه أمته، وبينه لهم، عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}(سورة المائدة: الآية67).

ولو فعل شيئاً من ذلك أو بينه لأصحاب لنقلوه إلينا، ولعملوا به، فإنهم أحرص الأمة على البلاغ والبيان وأحفظها للشريعة قولاً وعملاً، وأتبعها لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يثبت شيء من ذلك عن أحد منهم، فدل ذلك على أن حمل المصحف أو وضعه في السيارة أو متاع البيت أو خزينة المال لمجرد دفع الحسد أو الحفظ أو غيرهما من جلب نفع أو دفع ضر لا يجوز، وكذا اتخاذه حجاباً أو كتابته أو آيات منه في سلسلة ذهبية أو فضية مثلاً ليعلق في الرقبة ونحوها لا يجوز لمخالفة ذلك لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ ولدخوله في عموم حديث: (من تعلق تميمة فلا أتم الله ما له…). وفي رواية: (من تعلق تميمة فقد أشرك) رواهما الإمام أحمد. وفي عموم قوله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) إلا أن النبي، صلى الله عليه وسلم، استثنى من الرقى ما لم يكن فيه شرك فأباحه كما ولم يستثن شيئاً من التمائم، فبقيت كلها على المنع، وبهذا يقول عبدالله بن مسعود وعبدالله بن مسعود كإبراهيم بن يزيد النخعي.

وذهب جماعة من العلماء إلى الترخيص بتعليق تمائم من القرآن ومن أسماء الله وصفاته لقصد الحفظ ونحوه واستثنوا ذلك من حديث النبي عن التمائم كما استثنيت الرقى التي لا شرك فيها، لأن القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته ليس بشرك فلا يمنع اتخاذ التمائم منها، أو عمل شيء منها، أو اصطحابه، أو تعليقه رجاء بركته ونفعه، ونسب هذا القول إلى جماعة منهم عبدالله بن عمروا بن العاص، لكنه روايته عنه لأن في سندها محمد بن إسحاق وهو مدلس وفد عنعن، على إنها إن ثبتت لم تدل على جواز تعليق التمائم من ذلك، لأن الذي فيها أنه كان يحفظ القرآن للأولاد الكبار ويكتبه للصغار في ألواح ويعلقها في أعناقهم، والظاهر أنه فعل ذلك معهم ليكرروا قراءة ما كتب حتى يحفظوه لا أنه فعل ذلك معهم حفظاً لهم من الحسد أو غيره من نواع الضر، فليس هذا من التمائم في شيء. وقد اختار الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتابه فتح المجيد ما ذهب إليه عبد الله بن مسعود وأصحابه من المنع من التمائم من القرآن وغيره وقال: إنه هو الصحيح لثلاثة وجوه: الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم. الثاني: سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك والله أعلم([163]).

التولة:

التولة والتولة: ضرب من الخرز يوضع للسحر فتحبب بها المرأة إلى زوجها([164]).

قال ابن حجر: التولة: شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها وهو ضرب من السحر.

وهذا لا يجوز وهو من الشرك لقوله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك).

  

فصل في الكهانة والعرافة

الكهانة:

تعريف الكاهن:

قال في اللسان: “الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار”.

قال الأزهري: “وكانت الكهانة في العرب قبل مبعث سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما بُعث نبينا وحُرست السماء بالشهب ومنعت الجن والشياطين من استراق السمع وإلقائه إلى الكهنة بطل علم الكهانة وأزهق الله أباطيل الكهان بالفرقان الذي فرق الله ـ عز وجل ـ به بين الحق والباطل”([165]).

وقال في كتاب التوحيد: “والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وقيل الذي يخبر عما في الضمير”([166]).

العرافة:

العراف لغة: الكاهن. قال عروة بن حزام:

فقلت لعراف اليمامة دواني *** فإنك إن أبرأتني لطبيب

وفي الحديث: (من أتى عرافاً…) “أراد بالعراف المنجم أو الحازي الذي يدعي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه”([167]).

وقال في كتاب التوحيد: “قال البغوي: العراف الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك قال في الحاشية: إن العراف هو الذي يخبر عن الواقع كالسرقة وسارقها والضالة ومكانها وغير ذلك بأسباب ومقدمات بأقيسة فاسدة يدعي معرفتها بها، وخيالات شيطانية، وربما تنزلت عليه الشياطين ومازجت أنفاسه الخبيثة أنفاس إخوانه من الشياطين”([168]).

  

حكم العلاج بالذهاب إلى العرافين

والكهان والسحرة والمشعوذين

إن لباس الصحة والعافية مطلب يسعى له جميع الناس كيف لا. والصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرفها إلا المرضى، وصدق المصطفى، صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)([169]).

ولكن هل يطلب المسلم الشفاء فيما حرم الله وفيما ليس هو بشفاء بل هو وهم وكذب؟ وهل يلجأ إلى السحرة والعرافين والكهان يطلب منهم الشفاء؟

الجواب: لا وألف لا.

لقد حذَّر المصطفى، صلى الله عليه وسلم، من التداوي بالحرام، فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام)([170]). رواه أبو داود. أما طلب الشفاء فيما هو ليس بشفاء بل هو كذب محض. فإن في ذلك عواقب وخيمة.

إن كثيراً من الناس يسيرون خلف الأوهام الكاذبة وربما اطمأنوا إليها، لا سيما إذا وُجد دجالون يجيدون حرفة الدجل والكذب، أما عن الذهاب إلى السحرة والمشعوذين، والكهان والعرافين الذي يدعون الغيب ففي ذلك شر مستطير، يقول سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز:

وأما سؤال العرافين والمشعوذين والمنجمين وأشباههم ممن يتعاطى الأخبار عن المغيبات فهو منكر لا يجوز، وتصديقهم أشد وأنكر، بل هو من شعيب الكفر لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوماً). رواه مسلم في صحيحه([171]). وفي صحيحه أيضاً عن معاوية بن الحكم السلمي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن إتيان الكهان وسؤالهم.

وأخرج أهل السنن عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد، صلى الله عليه وسلم)([172]).

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فالواجب على المسلمين الحذر من سؤال الكهنة والعرافين وسائر المشتغلين بالأخبار عن المغيبات والتلبس على المسلمين سواء كان باسم الطب أو غيره لما تقدم من نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك وتحذيره منه.

ويدخل في ذلك ما يدعيه بعض الناس باسم الطب من الأمور الغيبية إذا شم عمامة المريض أو خمار المريضة أو نحو ذلك قال: هذا المريض أو هذه المريضة فعل كذا وصنع كذا من أمور الغيب التي ليس في شم عمامة المريض ونحوها دلالة عليها، وإنما القصد من ذلك التلبيس على العامة حتى يقولوا إنه عارف بالطب وعارف بأنواع المرض وأسبابه وربما أعطاهم شيئاً من الأدوية فصادف الشفاء بقدر الله، فظنوا أنه بأسباب دوائه وربما كان المرض بأسباب بعض الجن والشياطين الذين يخدمون ذلك المدعي للطب ويخبرونه عن بعض المغيبات التي يطلعون عليها فيعتمد على ذلك ويرضي الجن والشياطين بما يناسبهم من العبادة فيرتفعون عن ذلك المريض ويتركون ما قد تلبسوا به معه من الأذى وهذا شيء معروف عن الجن والشياطين ومن يستخدمهم([173]).

وقال الإمام النووي:

“واعلم أن التكهن وإتيان الكهان وتعلم الكهانة والتنجيم والضرب بالرمل وبالشعير والحصى وتعليم هذه كلها حرام وأخذ العوض عليها حرام بالنص الصحيح”([174]).

 

احذروا مملكة

الدجالين والمشعوذين

تزدهر في هذه الأيام مملكة الدجالين والكهان والمشعوذين كما هو حالهم في كل زمان ومكان، فهؤلاء الكهان والعرافين يسعون إلى إفساد عقائد الناس وصرفهم عن التوحيد الخالص لله رب العالمين، فيتعلق الناس بهؤلاء الدجالين بدلاً من تعلقهم بالله.

ولهؤلاء الأفاكين من ذلك مآرب كثيرة:

ثانياً: كثير من هؤلاء المشعوذين بل جميعهم يدركون تماماً أن اللجوء إلى النصب والاحتيال هو أوسع طريق وأسرعه لجلب الأموال واستنزافها من الناس المخدوعين.

وقد حقق مع أحد هؤلاء المشعوذين فقيل له: ما السبب الذي دعاك إلى هذه الحرفة؟ فقال: كنت سائق سيارة أجرة ثم اكتشفت أن الشعوذة هي أسهل الطرق لجلب أموال الناس.

وكل ما تتطلبه هذه المهنة إجادة حرفة الدجل والاحتيال إضافة إلى بعض الأبخرة وحفظ بعض العبارات والتمتمات والكتابات الوهمية.

  

كيف تميز الطيب من الخبيث؟

هناك علامات ودلالات يُعرف بها السحرة والكهان والعرافون والمشعوذون والدجالون وغيرهم ممن يغرق في هذا المستنقع الآسن وحتى لا يذهب المسلم ضحية هؤلاء فيخسر بذلك دينه وعقيدته وماله فإنا نعرض العلامات التي يستدل بها على هؤلاء الآثمين:

أولاً: السؤال عن اسم الأم وهذا هو الأصل عندهم وربما سألوا عن أبيه للتمويه، وأياً كان السؤال نقول: ما الداعي إلى اسم أحد الأبوين فمتى ما رأيت أخي المسلم من يسألك نقول: ما الداعي إلى اسم أحد الأبوين فمتى ما رأيت أخي المسلم من يسألك عن ذلك ففر منه كفرارك من الأسد.

ثانياً: طلب أثر من آثار المريض كالغترة أو غطاء المرأة أو غير ذلك، فمتى ما طلب منك ذلك ففر كما فررت المرة الأولى.

ثالثاً: التمتمة بكلام غير معروف ولا يفقه معناه وربما قرأ المشعوذ بعض آي القرآن ليموه على الناس ولكن هذا لا يخرجه من دائرة الشعوذة. وقد مر معنا أن من شروط الرقية أن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه.

رابعاً: إعطاء عزائم وتمائم وأحجبة تحتوي على حروف مقطعة وعلى مربعات وبعض الرسومات وربما كتب معها شيئاً من القرآن لإيهام المقابل أن ما يقوم به هذا المشعوذ أنه من الشرع([175]) علماً بأن هؤلاء المشعوذين والسحرة يعطون الضحية الأحجبة مغلقة ويحذرونه من فتحها، وكما جاءنا من هذه الأحجبة ويقول من يحضرها إن المشعوذ قال له لا تفتحها، وحين نقوم بفتحها يكون الضحية في حالة ارتباك وكأن قنبلة ستنفجر من هذه الورقة.

خامساً: طلب المشعوذ أو الساحر أو غيره أموراً تخالف الشرع، كطلب عدم مس الماء مدة معينة أو عدم الاغتسال، وهذا يترتب عليه عدم الوضوء وعدم الصلاة أو عدم مصافحة أحد، وأذكر أنني زرت أحد الناس وكان أخوه بجانبه فسلمت عليه ومددت يدي لأصافحه فلم يمد يده، وحين سألته عن السبب قال أنه ذهب لأحد هؤلاء من أجل العلاج فأوصاه بذلك([176]). أو ربما طلب منه اعتزال الناس مدة من الزمن وهذا ما يسمى بالحجبة.

سادساً: إعطاء المريض بعض الأشياء ويقوم بدفنها في المنزل أو مكان معين، أو طلب ذبح حيوان ودفنه إلى غير ذلك من الأمور المشابهة.

  

كيف ترقي من به مسّ؟

يحسن بمن يرقي أن يكون دائم الصلة بالله بعيداً عن معاصيه، فكلما قويت صلة العبد بربه قذف الله الرعب في قلب عدوه.

ويستحسن لمن أراد أن يرقي أن يكون على استعداد نفسي وقوة إرادة وشخصية ويستحسن أن يكون معه أحد لمساعدته إذا لزم الأمر.

وقبل الشروع في القراءة يؤذن في أذن المريض. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين…)([177]).

بعدها يضع يده على رأس المريض ويشرع في القراءة عليه.

الفاتحة، وخمس آيات من سورة البقرة الأول، وآية الكرسي.

{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (سورة البقرة، الآية255).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(سورة البقرة: الآية284).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ}(سورة آل عمران:الآيات1_10).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(سورة آل عمران: الآية18).

{قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (سورة آل عمران الآيتان: 26، 27).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ * وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(سورة الأعراف : الآية54، 57).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً *وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ * أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلْ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً}(سورة الإسراء: الآية45، 51).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (سورة الأعراف: من الآيات:117، 119).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (سورة يونس: الآية79، 82).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (سورة طه: الآيات: 65، 69).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}(سورة المؤمنون: الآيات115، 118).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ * إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ * فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ * بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ * وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ}(سورة الصافات: الآيات1، 18).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}(سورة الرحمن: الآيات 28، 34).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ْ}(سورة الحشر: الآيات 21، 24).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ}(سورة الملك: الآيات1، 4).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}(سورة القلم: الآية51، 52).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً} (سورة الجن: الآية3).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}(سورة الكافرون).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}(سورة الصمد).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (سورة الفلق).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}(سورة الناس).

(اللهم رب الناس مذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقماً، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع).

(بسم الله، آمنا بالله الذي ليس منه شيء ممتنع، وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام، وبسلطان الله المنيع، نحتجب بأسماء الله الحسنى كلها عائذين بالله من الألسنة، ومن شر كل مسر ومعلن، ومن شر ما يكن بالنهار ويخرج بالليل، ومن شر ما يكن بالليل ويخرج بالنهار، ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر طوارق الليل والنهار، ومن شر دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم).

(بسم الله، آمنت بالله العظيم، وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله منتهى، رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد، صلى الله عليه وسلم، نبياً ورسولاً).

(بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم).

(أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق).

(أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ذرأ في الأرض ومنشر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارق يطرق بخير يا رحمن)

(أعوذ بالله بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة).

(أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون).

(اللهم إن أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك سبحانك وبحمدك).

(أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا سيء أعظم منه وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم، ومن شر ما أنت آخذ بناصيته إن ربي على صراط مستقيم).

(اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ولا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً).

(تحصنت بالإله الذي لا إله إلا هو وإليه كل شيء واعتصمت بربي ورب كل شيء وتوكلت على الحي الذي لا يموت واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الربّ من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الله هو حسبي، الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، وليس وراء الله مرمى، وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد).

 

زجر وضرب الجني

المتلبس بالمصروع

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهر الجن وزجرهم، فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك، ثم قال: ألعنك بلعنة الله ثلاثاً، وبسط يده كأنه يتناول شيئاً، فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله، سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأينا بسطت يدك، قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فاستأخر ثلاث مرات، ثم أردت أن آخذه، والله لولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثوقاً تلعب به ولدان أهل المدينة)([178]).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الجني ويقول: (اخرج عدو الله أنا رسول الله)([179]).

وقال ابن القيم ـ يرحمه الله ـ: “وشاهدت شيخنا يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ويقول: قال لك الشيخ أخرجي فإن هذا لا يحل لك، فيفيق المصروع وربما خاطبها بنفسه، وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب فيفيق المصروع فلا يحس بألم وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه مراراً “([180]).

وقال ابن القيم ـ يرحمه الله ـ: “وحدثنا “أنه قرأنا مرة في أذن المصروع فقالت الروح: نعم ومد بها صوته قال: فأخذت عصاً وضربته في عروق عنقه حتى كلت يداي من الضرب، ولم يشك الحاضرون بأنه يموت لذلك الضرب، ففي أثناء الضرب قالت: أنا أحبه…. قال: فقعد المصروع يلتفت يميناً وشمالاً وقال: ما جاء بي إلى حضرة الشيخ؟ قالوا: وهذا الضرب كله؟ فقال: وعلى أي شيء يضربني الشيخ ولم أذنب ولم يشعر بأنه وقع به الضرب البتة “([181]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وجود الجن ثابت بالقرآن والسنة، واتفاق سلف الأمة، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة وهو أمر مشهور محسوس لمن تدبره يدخل في المصروع ويتكلم بكلام لا يعرفه بل ولا يدري به، بل يضرب ضرباً لو ضربه جمل لمات ولا يحس به المصروع”([182]).

تحذير:

يجب أن يحذر كل الحذر من مسألة الضرب فهي مسألة خطيرة يترتب عليها آثار خطيرة خصوصاً إذا لجأ إليها من لا يعرف استخدام الضرب.

فقد يضرب المصروع على أن به جن وما به جن فيقع الضرب على بدن الآدمي وينتج عن ذلك أمور خطيرة.

وقد يضرب المريض في أماكن خطيرة، إلى غير ذلك من المحاذير، وقد بالغ بعض القراء في مسألة الضرب وبعضهم يستخدم الصعق الكهربائي وهذا خطأ.

والحاصل أن مسألة الضرب تحتاج إلى مقياس ومعرفة بحيث يعرف متى يضرب وأين يضرب ومقدار الضرب وهل هو محتاج إليه؟ إلى غير ذلك من القيود والضوابط.

وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ما نصه:

“_ هل يجوز للذي يعالج المرضى بقراءة القرآن أن يضرب ويخنق ويتحدث مع الجن؟ جزاكم الله خيراً.

_ الجواب: هذا وقع شيء منه من بعض العلماء السابق مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فقد كان يخاطب الجني ويخنقه ويضربه حتى يخرج أما المبالغة في هذه الأمور مما نسمعه عن بعض القراء فلا وجه له”([183]).

  

الضرب حتى الموت

لإخراج الأرواح الشريرة

يئست أسرة مصرية من شفاء عائلها الذي كان يعاني من اكتئاب نفسي، وبعد رحلة طويلة مع الأطباء ذهب الابن الأكبر بأبيه لخمسة من المشعوذين يزعمون أن لديهم القدرة على علاج الأمراض المستعصية.

وقرر المشعوذين أن سبب مرض الرجل روح شريرة سكنت جسده وترفض الخروج بالرفق لذلك لابد أن يتم العلاج بالضرب، وفعلاً انهال الخمسة عليه بالضرب بالعصي واللكمات حتى لفظ أنفاسه ومات([184]).

الأسئلة المستحسن طرحها على الجني إذا نطق على لسان المصروع:

1_ ما اسمك؟ وما ديانتك؟

2_ ما سبب دخولك في هذا الإنسان؟

3_ هل معك غيرك في هذا الإنسان؟ وما عددهم؟ وما ديانتهم؟

 

كيف تحاور الجني؟

ليس هناك صيغة معينة لمحاورة الجن ولكل راقٍ طريقته، فما تحاور به الجني المسلم الصالح خلاف ما تحاور به المسلم الفاسق، وهكذا. فإن كان مسلماً فتذكره بالله وأن ما قام به من تلبس لا يجوز وأن هذا ظلم والظلم ظلمات يوم القيامة.

فإن ذكر لك سبباً للتلبس كأن يكون المجازاة والانتقام بسبب إيذاء الإنسي لهم “فإن كان لا يعلم فيخاطبون بأن هذا لا يعلم ومن لم يعتمد الأذى فلا يستحق العقوبة وإن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه فله أن يتصرف فيها بما يجوز..”([185]).

وإن كان دافع التلبس العشق والهوى فيعرفون بأن هذا حرام وأنه من الفواحش ولا يجوز لهم ذلك.

وإن كان أسباب التلبس السفه فيؤمرون بالخروج وهذا لا يجوز.

وإن كان سبب التلبس السحر أخبروا بأن هذا لا يجوز وليس بمبرر لهم وربما ذكروا مكان السحر.

وإن كان الجني كافراً فإنك تدعوه إلى الإسلام من غير إكراه لقوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}([186]) (سورة البقرة، الآية256).

فإن أسلم فتبين له ما يحتاجه من الدين بالضرورة وتلقنه الشهادتين فإن أصر على الكفر وأبى الإسلام فمره بالخروج فإن أبى فاشدد عليه بالقراءة.

 

أخذ العهد على الجني

يلجأ بعض القراء إلى أخذ العهد بالله على الجني بأن يخرج من المصاب وأن لا يعود إليه مرة ثانية، وكثيراً ما يعاهد الجن بالله ثم ينقصون العهد، لذا لا ينبغي للقارئ أن يعاهد الجن بالله وقد ورد النهي عن ذلك.

فعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله، صلى الله عليه سلم، إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته…(وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ورسوله…)([187]).

قال الإمام النووي: “قال العلماء: الذمة هنا العهد وتخفروا بضم التاء يقال: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده وخفرته أمنته وحميته، قالوا: وهذا نهي تنزيه أي لا تجعل لهم ذمة الله فإنه قد ينقضها من لا يعرف حقها، وينتهك حرمتها بعض الأعراب وسواد الجيش”([188]).

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال التالي:

السؤال: ما حكم الدين في الذين يقرأون على الناس بآيات الله الكريمة وبعضهم يحضرون ويشهدون الجن ويتعهدون بعدم التعرض للشخص الذي يقرأ عليه هؤلاء؟

الجواب: رقية المسلم أخاه بقراءة عليه مشروعة وقد أذن النبي، صلى الله عليه وسلم، في الرقية ما لم تكن شركاً، أما من يستخدم الجن ويشهدهم ويأخذ عليهم العهد ألا يمسوا هذا الشخص الذي قرئ عليه القرآن ولا يتعرضوا له بسوء فلا يجوز.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم([189]).

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

   عضو                                             عضو                        نائب رئيس اللجنة        

عبدالله بن قعود                          عبدالله بن غديان              عبد الرازق عفيفي 

                                                                                       الرئيس

                                                                         عبد العزيز بن عبد الله بن باز

  

ثانياً: الأدوية الطبيعية:

هناك أدوية طبيعية نافعة بإذن الله تعالى، دلَّ عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة، وإذا أخذها الإنسان بيقين وصدق وتوجه مع اعتقاد أن النفع من عند الله نفع الله بها إن شاء الله تعالى.

كما أن هناك أدوية مركبة من أعشاب ونحو ذلك، وهذه الأدوية مبنية على التجربة البشرية ويستفيد فيها الناس بعضهم من بعض فلا مانع من الاستفادة منها شرعاً ما لم تكن حراماًَ.

قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين: اعلم أن الدواء سبب للشفاء والمسبب هو الله تعالى فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سبباً، والأسباب التي جعلها الله تعالى أسباباً نوعان:

النوع الأول: أسباب شرعية كالقرآن الكريم والدعاء كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، في سورة الفاتحة: (وما يدريك أنها رقية؟) وكما كان صلى الله عليه وسلم، يرقي المرضى بالدعاء لهم فيشفي الله تعالى بدعائه من أراد شفاءه به.

النوع الثاني: أسباب حسية كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية، وهذا النوع لا بد أن يكون تأثيره بطريق مباشر محسوس صحَّ أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى، أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ولا إثبات كونه دواء لئلا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات، ولهذا نهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه لأن ذلك ليس سبباً شرعياً ولا حسياً، وما لم يثبت كونه سبباً شرعياً ولا حسياً لم يجز أن يجعل سبباً فإن جعله سبباً نوع من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراك به حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها.

وقد ترجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لهذه المسألة في كتاب التوحيد بقوله: (باب من الشرك لبس الحلق والخيط ونحوهما لدفع البلاء أو رفعه)([190]).

ومن العلاجات الطبيعية النافعة بإذن الله ما يلي:

1) العسل.

2) الحبة السوداء.

3) زيت الزيتون.

4) ماء زمزم وماء السماء.

5) الاغتسال والتنظيف والتطيب.

أولاً العسل:

يقول تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(سورة النحل: الآيتان68، 69).

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية بنار، وأنهى أمتي عن الكي)([191]).

ولعلاج الصرع بالعسل:

“يشرب على الريق يومياً فنجان عسل، وفي المساء وتقرأ سورة الجن على كوب ماء ساخن محلى بعسل ويشرب وبعد ذلك ينام المريض ويتمر على ذلك لمدة أسبوع، ولسوف ينتهي منه الصرع بقوة الله تماما”([192]).

ثانياً: الحبة السوداء وتستخدم لجميع الأمراض:

يقول صلى الله عليه وسلم: (عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام – وهو الموت -)([193]).

ثالثاً: زيت الزيتون:

شجرة الزيتون شجرة مباركة وثمرها مبارك جاء ذكرها في عدة مواضع من القرآن الكريم، قال تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ}(سورة التين: الآيتان 1، 2).

وقال تعالى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} (سورة عبس: الآيات: 27، 32).

وقال تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} (سورة المؤمنون: الآية20).

وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ}(سورة النحل: الآيتان 10، 11). قال ابن كثير في تفسيره: “{والزيتون} قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو شجر بيت المقدس”([194]).

وبهذا يتبين أن أفضل زيت هو زيت الأرض المباركة، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}. وثبت من واقع التجربة للاستعمال والقراءة أنه أفضل زيت.

أما من السنة:

أخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة)([195]).

وللبيهقي وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة)([196]).

وأخرج ابن السني وأبو نعيم من طريقهما ابن الجوزي عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (عليكم بزيت الزيتون فكلوه وادهنوا به فإنه ينفع من البواسير).

وفي رواية: (من أدهن بالزيت لم يقرأ به شيطان)([197]).

عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة)([198]).

فوائد زيت الزيتون([199]):

الزيت حار رطب في الأولى يسخن ويرطب باعتدال وينفع من السموم ويطلق البطن ويخرج الدود ويبطئ الشيب ويشد اللثة والأدهان به يقوي الشعر والأعضاء، وشربه ينفع السموم، وجميع الأدهان تضعف المعدة إلا هو، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ينعت الزيت والورس من ذات الجنب.

رابعاً: ماء زمزم وماء السماء:

ماء زمزم خير ماء على الأرض، وهو أفضل المياه وأشرفها وأجلها قدراً.

وثبت في الصحيحين ما يدل على ذلك  ففي صحيح مسلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأبي ذر، وقد أقام بين الكعبة وأستارها ثلاثين ما بين يوم وليلة وليس له طعام غيره فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (إنها طعام طعم)([200]).

وأخرج الهيثمي في المجمع: وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (خير ماء على الأرض ماء زمزم فيه طعام الطعم وشفاء السقم، وشر ماء على الأرض ماء بوادي برهوت بقية بحضر موت كرجل الجراد من الهوام تصبح تندفق وتمسي لا بلال فيها)([201]).

وقال ابن القيم: “وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً واستشفيت به من عدة أمراض فبرأت بإذن الله. أما ماء السماء فقد قال عنه سبحانه: {وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً}(سورة ق: الآية9)”.

خامساً: الاغتسال والتنظيف والتطيب:

وهذا أمر دعت إليه السنة النبوية، صح عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إن لله حقاً على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام وإن كان له طيباً أن يمس منه).

الطيب:

ثبت عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة).

وفي صحيح البخاري: (أنه صلى الله عليه وسلم، كان لا يرد الطيب)([202]).

وفي صحيح مسلم: عنه، صلى الله عليه وسلم: (من عرض عليه ريحان فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل).

وفي سنن أبي داود والنسائي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي: (من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة).

قال ابن القيم – رحمه الله -: “فصل في هديه، صلى الله عليه وسلم، في حفظ الصحة بالطيب: لما كانت الرائحة الطيبة غذاء الروح، والروح مطية القوى، والقوى تزداد بالطيب وهو ينفع الدماغ والقلب وسائر الأعضاء الباطنة ويفرح القلب ويسر النفس ويبسط الروح وهو أصدق شيء للروح وأشده ملاءمة لها، وبينه وبين الروح الطيبة نسبة قريبة، كان أحد المحبوبين من الدنيا إلى أطيب الطيبين صلوات الله عليه وسلامه”.

ويقول – رحمه الله -: “وفي الطيب من الخاصية أن الملائكة تحبه والشياطين تنفر عنه. وأحب شيء إلى الشياطين الرائحة المنتنة الكريهة، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة، والأرواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات، وهذا وإن كان في النساء والرجال فإنه يتناول الأعمال والأقوال والمطاعم والمشارب والملابس والروائح إما بعموم لفظه أو بخصوص معناه”([203]).

وكان صلى الله عليه وسلم يكثر التطيب وتشتد عليه الرائحة الكريهة وتشقّ عليه.

ويقول ابن القيم: “والطيب غذاء الروح التي هي مطية القوى، والقوى تتضاعف وتزيد بالطيب كما تزيد بالغذاء والشراب والدعة والسرور ومعاشرة الأحبة وحدوث الأمور المحبوبة”([204]).

ويقول أيضاً: “وله تأثير في حفظ الصحة ودفع كثير من الآلام وأسبابها بسبب قوة الطبيعة به”.

وقال الشافعي _ رحمه الله _: “أربعة تقوي البدن: أكل اللحم، وشم الطيب، وكثرة الغسل من غير جماع، ولبس الكتان”.

وأبرز أنواع الطيب النافعة بإذن الله تعالى:

العود: ويقال له الألوة:

روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ (أنه كان يستجمر بالألوة غير مطّراة وبكافور يطرح معها ويقول هكذا يستجمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم).

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم، في صفة نعيم أهل الجنة: مجامرهم الألوة). البخاري.

والمجامر([205]): “جمع مجمر وهو ما يتجمر به من عود وغيره وهو أنواع أجودها الهندي ثم الصيني ثم القماري ثم المندلي”.

وأجوده الأسود والأزرق الصلب الرزين الدسم وأقله جودة ما خف وطفا على الماء.

ويقال إنه شجر يقطع ويدفن في الأرض في سنة فتأكل الأرض منه ما لا ينفع ويبقى عود الطيب لا تعمل فيه الأرض شيئاً، ويتعفن منه قشره وما لا طيب فيه، وهو يفتح السدد، ويكسر الرياح، ويذهب بفضل الرطوبة ويقوي الأحشاء والقلب ويفرحه، وينفع الدماغ، ويقوي الحواس ويحبس البطن وينفع من سلس البول الحادث عن برد المثانة.

قال ابن سمجون: “العود ضروب كثيرة، يجمعها اسم الألوة ويستعمل من داخل وخارج ويتجمر به مفرداً ومع غيره، وفي خلط الكافور به عند التخمير معنى طبي، وهو إصلاح كل منهما بالآخر، وفي التخمير مراعاة جوهر الهواء وإصلاحه، فإنه أحد الأشياء الستة الضرورية التي في صلاحها إصلاح الأبدان”([206]).

ويجب أن نعلم أن هناك فرقاً بين استخدام العود كبخور يتطيب به، وبين ما يستعمله المشعوذين وغيرهم من الأبخرة ببعض الأعشاب والشبّ وما شابهما وقد سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك.

س: هل يجوز التبخر بالشبّ أو الأعشاب أو الأوراق وذلك من إصابة العين؟

ج: لا يجوز علاج الإصابة بالعين بما ذكر، لأنها ليست من الأسباب العادية لعلاجها، وقد يكون المقصود بهذا التبخر استرضاء شياطين الجن والاستعانة بهم على الشفاء وإنما يعالج ذلك بالرقى الشرعية ونحوها مما يثبت في الأحاديث الصحيحة.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم([207]).

      عضو                                              عضو                                 نائب رئيس اللجنة                 

عبدالله بن قعود                               عبدالله بن غديان                        عبد الرازق عفيفي      

                                                                                                       الرئيس

                                                                                           عبد العزيز بن عبد الله بن باز

  

ثالثاً: المركب من الأمرين (الجمع بين الشفاءين):

فإن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن)([208]).

قال ابن طولون: “وقوله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن) وجمع في هذا القرآن بين الطب البشري والطب الإلهي وبين الفاعل الطبيعي والفاعل الروحاني وبين الأجساد وطب الأنفس وبين السبب الأرضي والسبب السماوي.

وقوله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشفاءين) فيه سر لطيف أي لا يكتفي بالقرآن وحده ويبطل السعي بل يعمل بما أمر ويسعى في الرزق كما قدر ويسأله المعونة والتوفيق”([209]).

أمور لا بد منها:

ذكرنا فيما مضى الاستشفاء بالقرآن والتداوي ببعض العلاجات الطبيعية التي دل عليها القرآن والسنة، وكذلك العلاج بالجمع بين الشفاءين وفي هذا الفصل نذكر بعض الأمور المهمة التي ينبغي أن يحرص عليها ومن أهمها:

1) المحافظة على الصلاة.

2) الدعاء والالتجاء إلى الله.

3) الصبر.

4) زيارة المريض وتطييب خاطره والدعاء له.

5) بذل الصدقات والإحسان إلى الناس.

أولاً: المحافظة على الصلاة:

بعض الناس إذا مرض بأي نوع من أنواع المرض تهاون وتكاسل عن الصلاة وربما عذر نفسه بسبب المرض، وهذا خطأ، فالواجب المحافظة على الصلاة بل يجب أن يكون أكثر حرصاً فإن في ذلك أثراً كبيراً في رفع البلاء وحصول الشفاء. قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ}(سورة البقرة: الآية45).

وقال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (سورة طه: الآية132).

وفي السنة: (كان النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة)([210]).

قال ابن القيم يرحمه الله: “والصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحبة، دافعة للأذى، مطردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مبعدة من الشيطان، مقربة من الرحمن.

وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا والآخرة لا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهرا وباطناً، فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة واستجلبت مصالحها بمثل الصلاة، وسر ذلك أن الصلاة صلة بالله عز وجل وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجل تفتح عليه أبواب الخيرات وتقطع عنه من الشرور أسبابها، وتفيض عليه مواد التوفيق من ربه عز وجل، والعافية والصحة والغنيمة والغنى، والراحة والنعيم، والأفراح والمسرات، كلها محضرة لديه ومسرعة إليه”([211]).

ثانياً: الدعاء:

قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (سورة البقرة: الآية186).

فللدعاء أثر كبير في رفع البلاء ودفعه فالله هو الشافي المعافي قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (سورة الشعراء: الآية80).

ولكن لا بد أن ندعو الله بصدق ونلجئ إليه سبحانه وتعالى بيقين.

بعض الأدعية النافعة:

أخرجا في الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم)([212]).

وفي جامع الترمذي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)([213]).

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع طرفه إلى السماء فقال: (سبحان الله العظيم)، وإذا اجتهد في الدعاء قال: (يا حي يا قيوم)([214]) أخرجه الترمذي.

وفي مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أصاب عبداً هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً)([215]).

وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له([216]).

وعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اشتكى منكم شيئاً أو اشتكاه أخ له، فليقل: ربنا الله الذي في السماء فاجعل رحمتك في الأرض اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع، فيبرأ)([217]).

ثالثاً الصبر:

لقد خلق الله ـ سبحانه وتعالى ـ الحياة الدنيا وفطرها على الأحزان والأكدار والمصائب فهي مليئة بالأسى والجراح فما تكاد تضحك يوماً إلا وتبكي أياماً.

هب الدنيا توفينا سنينا  ***  فتكدر ساعة وتلذ حينًا

ودنيا هذه حالها وهذا طبعها فإنها تحتاج إلى مجابهة ومواجهة ولا أحد يستطيع أن يواجهها إلا المؤمن الحق الذي غمر الإيمان قلبه حيث يواجهها بأقوى سلاح وهو الإيمان بالله مع الصبر على المصيبة والرضى التام بقدره وقضائه، فالصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

يقول سبحانه:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ} (سورة البقرة: الآية155).

ويقول سبحانه:{وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}(سورة النحل: الآية 126).

وفي المسند عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها)([218]).

يقول ابن القيم يرحمه الله:

“وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى من مصيبته.

أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة.

الثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره ويجيء ربه فرداً فإذا كانت هذه بداية العبد ونهايته فكيف يفرح بموجود ويأسى على مفقود ففكر العبد في مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء”([219]).

مما يعين على الصبر:

أولاً: أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (سورة البقرة: الآية155).

ثانياً: أن ينظر إلى ما أصيب به فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل منه وادخر له إن صبر ورضي ما هو أعظم من المصيبة ولا أدل على ذلك من المرأة التي كانت تصرع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين يدعو الله أن يشفيها أو تصبر ولها الجنة فاختارت الثانية.

ثالثاً: أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب وليعلم أنه في كل واد بنو سعد. ولينظر يمنة فهل يرى إلا محنة؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة؟ وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه، وأن سرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً، وإن سرت يوماً ساءت دهراً، وإن متعت قليلاً منعت طويلاً، وما ملأت داراً حبرة إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور. قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ “لكل فرحة ترحة وما ملئ بيت فرحاً إلا ملئ ترحاً”.

وسأل رجل هند بنت النعمان أن تحدثه عن أمرها بعد أن تغير حال أهلها فقالت: “أصبحنا ذات صباح وما في العرب أحد إلا ويرجونا، ثم أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمنا”.

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا  ***  إذا نحن فيهم سوقة نتنصف

فأف لدنيا لا يدوم نعيمها  ***  تقلب تارات بنا وتصرفُ

رابعاً: أن يعلم أن الجزع لا يردها بل يضاعفها وهو في الحقيقة من تزايد، المرض، فينبغي للعبد الصادق أن يرضى بما قسم الله وينظر إلى من دونه في أمور الحياة ومن ابتلي بأعظم من بليته، وعندها يطمئن خاطره ويرتاح ضميره ويقنع بما قسم الله له.

رابعاً: زيارة المريض وتطييب خاطره والدعاء له:

روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئاً، وهو يطيب نفس المريض)([220]).

قال ابن القيم رحمه الله ـ: “وتفريج نفس المريض وتطييب قلبه وإدخال ما يسره عليه له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها، فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي، وقد شاهد الناس كثيراً من المرضى تنتعش قواه بعيادة من يحبونه ويعظمونه ورؤيتهم لهم ولطفهم بهم ومكالمتهم إياهم”([221]).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل المريض عن شكواه ويدعو له ويصف له ما ينفعه في علته، وكان يقول للمريض: (لا بأس عليك طهور إن شاء الله تعالى)([222]).

وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني) أخرجه البخاري([223]).

خامساً: بذل الصدقات والإحسان إلى الخلق:

وقد مر معنا أثر الصدقات وصنائع المعروف في دفع المصائب والكروب([224]). وقد قال صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة)([225]).

السحر

تعريفه: لغة واصطلاحاً:

لغة: ما خفي ولطف سببه ومنه قوله تعالى: {سحروا أعين الناس}(سورة الأعراف، الآية 116). ومنه قوله،  صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من البيان لسحروا)([226]).

وتطلق العرب السحر على الخديعة لأنه يخفي سببها ويدق، ومنه قول لبيد:

فإن تسألينا فيم نحن فإننا *** عصافير في هذا الأنام المسحر([227])

والسحر فن لأنه يتطلب مهارة وخبرة لدى من يمارسه، وهو علم لأنه له أصولاً ومنهجاً، وقواعد مستقرة.

وقواعد السحر معقدة سرية، ولذلك فإن عدد الذين زعموا ويزعمون، أنهم سحرة كبير جداً وهؤلاء هم الدجالون الذين يمارسون الخداع والابتزاز([228]).

السحر اصطلاحاً: عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه قال تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} (سورة البقرة: الآية102).

وقال تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} (سورة الفلق الآية4). أي السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن في عقدهن ولولا أن السحر حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه، وقيل إن النفاثات النفوس والأرواح الشريرة([229]).

{فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ}(سورة الأعراف: الآية 116).

{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} (سورة المؤمنون الآية 89).

{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ} (سورة المؤمنين الآية 89).

{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ}(سورة البقرة الآية 102).

{فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ}(سورة المائدة: الآية 110).

{فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ}(سورة الأنعام الآية 7).

{سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (سورة الأعراف الآية 116).

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ} (سورة سبأ: الآية 43).

{وقالوا إن هذا إلا سحر مبين} (سورة الصافات الآية5).

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ}(سورة الزخرف الآية 30).

{قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}(سورة الأحقاف الآية 70).

{أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}(سورة الطور: الآية 15).

{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (سورة القمر الآية 2).

{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} (سورة الصف الآية6).

{فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ} (سورة المدثر الآية 24).

{قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى} (سورة طه الآية 57).

{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}(سورة الشعراء الآية 35).

{يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا} (سورة طه الآية 63).

{فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}(سورة طه الآية 66).

{قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ}(سورة القصص الآية48).

{قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}(سورة الأعراف الآية 109).

{وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (سورة الأعراف الآيتان 111، 112).

{قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} (سورة يونس الآية 2).

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (سورة يونس الآية 79).

{وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ}(سورة طه الآية 69).

{وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (سورة طه الآية 69).

{قَالَ لِلْمَلإٍ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} (سورة الشعراء الآية 34).

{وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (سورة ص الآية4).

{إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (سورة غافر الآية 24).

{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} (سورة الزخرف الآية 39).

{فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (سورة الذاريات الآية 39).

{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (سورة الذاريات الآية 52).

{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا} (سورة طه الآية 63).

{أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ} (سورة يونس الآية 77).

{وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ}(سورة الأعراف الآية 113).

{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} (سورة الأعراف الآية 12).

{فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ}(سورة يونس الآية80).

{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}(سورة طه الآية 70).

{فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (سورة الشعراء الآية 38).

{لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ} (سورة الشعراء الآية 40).

{فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْراً}(سورة الشعراء الآية 41).

{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} (سورة الشعراء الآية 46).

{وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} (سورة الشعراء الآية 37).

{إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً}(سورة الإسراء الآية 101).

{وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً} (سورة الفرقان الآية 8).

{بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} (سورة حجر الآية 15).

{قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} (سورة الشعراء الآية 153).

{قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا} (سورة الشعراء الآيتان 185، 186).

2) من السنة:

عن عائشة رضي الله عنها ـ قالت: “سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله حتى كان ذات يوم دعا ودعا ثم قال: أشعرت أن الله أفتاني فيما فيه شفائي أتاني رجلان: فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما للآخر ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فبماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر. قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذروان فخرج إليها النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع فقال لعائشة حين رجع: نخلها كأنه رؤوس الشياطين، فقلت استخرجته؟ فقال: لا، أما أنا فقد شفاني الله وخشيت أن يثير ذلك على الناس شراً، ثم دفنت البئر”([230]).

3) من الإجماع:

قال القرفي: “وكان السحر وخبرة معلوماً للصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ كانوا مجمعين عليه قلب ظهور القدرية”([231]).

هل السحر حقيقة؟

السحر حق وله حقيقة مؤثرة، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وجاءوا بسحر عظيم} (سورة الأعراف الآية116).

واتفق المفسرون على أن سبب نزول سورة الفلق ما كان من سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه أنه عليه السلام قال لما شفي: (إن الله شفاني)([232]). والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض. فدل ذلك على أن له حقا حقيقة ولا ينكر أن يظهر على يد الساحر خرق العادات مما ليس في مقدور البشر من مرض وتفريق وزوال عقل وتعويج عضو وقتل.

قال القرافي: “السحر له حقيقة، وقد يموت المسحور أو يتغير طبعه وعاداته وإن لم يباشره وقال به الشافعي وابن حنبل”([233]).

وقال النووي: “والصحيح أن له حقيقة وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ويدل الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة”([234]).

حكم تعلم السحر:

تعلم السحر كفر، لأنه لا يتم إلا بالاستعانة بالشياطين والعبودية لها وتنال المحرمات واستخدام طرائق بدعية يعلقها الإنسان أحياناً وفي الغالب لا يعلقها.

فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتعلمه والأدلة على كفر الساحر كثيرة جداً ومنها:

1_ قوله تعالى: {وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ}(سورة البقرة الآية102). حيث صرحت هذه الآية بكفر من تعلم السحر.

2) قوله صلى الله عليه وسلم : (اجتنبوا السبع الموبقات…. وذكر منها السحر)([235]).

3) السحر لا نفع منه بل هو ضرر محض، وإن ظن بعض الناس أن فيه نفعاً وقد جاءت الشريعة بتحريم كل ما فيه ضرر محض بل حرمت ما غلبت مضرته على منفعته.

قال ابن حجر: “وقد استدل بهذه الآية:{وما كفر سليمان}(سورة البقرة: الآية102). على أن السحر كفر ومتعلمه كافر، قال النووي: عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع فقد عده النبي، صلى الله عليه وسلم، من السبع الموبقات”([236]).

وقال ابن قدامة: “تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم”([237]).

قال الذهبي: “الكبيرة الثالثة في السحر لأن الساحر لا بد وأن يكفر” ([238]).

 

حد الساحر.

حكم الساحر: قطع عنقه :

لما روى جندب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حد الساحر ضربة بالسيف)([239]). وقد كتب عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قبل موته بشهرين: (اقتلوا كل ساحر وساحرة)([240]).

وروى الإمام مالك في الموطأ “أن حفصة أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت” ([241]).

وروى الإمام ابن قدامة: “والساحر الذي يركب المكنسة وتسير به في الهواء ونحوه يكفر ويقتل” ([242]).

توبة الساحر.

اختلف أهل العلم في هذه المسألة خلافاً مشهوراً.

فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه يقتل من غير استتابة وبه قال مالك، لأن الصحابة لم يستتيبوا السحرة الذين حكموا بقتلهم، وعن أحمد أنه يستتاب فإن تاب قبلت توبته وخلي سبيله وبه قال الشافعي، لأن ذنبه لا يزيد على الشرك، والمشرك يستتاب وتقبل توبته فكذلك الساحر.

وهذا الخلاف إنما هو في إسقاط الحد عند التوبة، أما فيما بينه وبين الله فلا أحد يحول بينه وبين التوبة بل إن كانت صادقة قبلت إن شاء الله.

 

سبل الوقاية من السحر

جاء الشرع المطهر بكل وسيلة جالبة للخير رافعة للشر، ومن ذلك الأذكار والأدعية التي وردت في نصوص كثيرة، وقد سبق تفصيلها في سبل الوقاية من الشر.

وأما هنا فسنذكر سبل الوقاية من السحر خاصة.

سبل الوقاية من السحر:

1) الأذكار والتعوذات:

وقد مرت معنا في سبل الوقاية من الشرور([243]).

قال ابن القيم: “فالقلب إذا كان ممتلئاً من الله مغموراً بذكره وله من التوجيهات والدعوات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه، وعند السحرة: أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية ولهذا غالب ما يؤثر فيمن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية والدعوات والتعوذات النبوية”([244]).

2) العجوة:

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ـ مرفوعاً: (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم تضره ذلك اليوم سم ولا سحر). وفي رواية لمسلم: (من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح لم يضره سم حتى يمسي)([245]).

“والعجوة تمر من أنواع تمر المدينة أكبر من الصيحاني يضرب إلى سواد من غرس النبي، صلى الله عليه وسلم، وإنما صار فيها هذه المنافع ببركة غرس النبي، صلى الله عليه وسلم، وهذا مثل وضعه لهما تخفيف العذاب عنهما”([246]).

قال الخطابي: “كون العجوة تنفع من السم والسحر إنما هو ببركة دعوة النبي، صلى الله عليه وسلم، لتمر المدينة لا لخاصية في التمر”([247]).

وقال النووي: “في الحديث تخصيص عجوة المدينة دون غيرها، وأما خصوص كون ذلك سبعاً فلا يعقل معناه كما في أعداد الصلوات  ونصب الزكوات”([248]).

وقال الحافظ ابن حجر: “الأولى أن ذلك خاص بعجوة المدينة ثم هل هو خاص بزمان نطقه أو في كل زمان؟ هذا محتمل، ويرفع هذا الاحتمال التجربة المتكررة فمن جرب ذلك فصح معه عُرف أنه مستمر وإلا فهو مخصوص بذلك”([249]).

الصواب أنه علاج مستمر إلى يوم القيامة لإطلاق الحديث الشريف حديث سعد المذكور، والصواب أيضاً أن ذلك ليس خاصاً بالعجوة بل يعم جميع تمر المدينة لقوله، صلى الله عليه وسلم، في رواية مسلم: (مما بين لابتيها) والله ولي التوفيق([250]).

 

علاج السحر

يكون علاج السحر بأحد طريقين:

1_ طريق محرم كالذهاب إلى السحرة والمشعوذين وطلب منهم حل السحر وهذا حرام.

2_ طريق مشروع وذلك بالطرق الشرعية التالية:

أ_ استخراجه وتبطيله. وهذا أفضل أنواع العلاج وأبلغه.

ب_ إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض.

ج_ الاستفراغ (الحجامة).

د_ الرقى الشرعية.

أولاً: استخراج السحر وتبطيله:

هذا أفضل علاج للسحر وأبلغه.

وهنا قد يقول قائل: إذا كان الذهاب إلى السحرة لإبطال السحر لا يجوز فما هي الوسائل المشروعة؟ فنقول: يكون ذلك بالأمور التالية:

أ_التوجه الخالص إلى الله تعالى ودعائه سبحانه أن يدله على مكانه، كما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سُحر (أنه سأل ربه في ذلك فدلَّ عليه فاستخرجه من بئر فكان في مشط ومشاطة([251]) وجف طلعة ذكر فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال)([252]).

قال ابن القيم ([253]) رحمه الله: “فهذا أبلغ ما يعالج به المطبوب وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ، وقد يقول قائل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم دل على السحر بطريق الوحي فكيف نُدل عليه، والجواب أن يكون ذلك بما يلي:

1_ الرؤيا في المنام: كأن يريه الله بمنه وكرمه مكانه، فبعد أن يدعو العبد ربه بأن يدله على مكان السحر يريه مكان السحر في المنام فيراه وهذا من تمام نعمة الله على العبد المصاب إذ هو طريق سهل ميسور.

2_ أن يوفق لرؤيته أثناء البحث والتنقيب عن مكان السحر.

ب_ أن يعرف مكانه عن طريق الجن: فمثلاً يقرأ على المسحور الذي تلبسه الجن، فينطقون على لسانه فيخبرون عن مكان السحر، وقد حدث أن قرأنا على فتاة فنطق الجني وأخبر بأن الفتاة مسحورة، فسألناه عن مكان السحر فأخبر أنه موجود في بيتهم وقد دفن تحت شجرة فذهب خال الفتاة واستخرج السحر، وحادثة أخرى حيث قرأنا على امرأة مسحورة فنطق الجني على لسانها فأخبر بأن التي سحرتها ضرتها وأن السحر موجود في وسادة المرأة المسحورة التي تنام عليها فذهب زوجها وبالفعل وجد السحر في المكان الذي حدده الجني.

ج_ إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض: إذ أن من أنواع السحر إرسال الساحر جنًّيا يدخل في جسم المصاب فيؤذيه أو يعيق أحد أعضائه أو ما شابه ذلك، فإذا استطعنا بحول الله تعالى طرد هذا الجني من جسم المريض فإن السحر يبطل بإذن الله، وطريقة طرد الجني: الرقى الشرعية والتي ستذكر فيما بعد إن شاء الله تعالى.

د_ الاستفراغ([254]): ويكون الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر فإن للسحر تأثيراً في الطبيعة وهيجان أخلاطها وتشويش مزاجها فإذا ظهر أثره في عضو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو نفع جداً([255]) ومن الاستفراغات النافعة بإذن الله تعالى في دفع السحر الحجامة”([256]).

تعريف الحجامة:

الحجامة في اللغة من الحجم الذي هو البداءُ لأن اللحم ينتبرُ أي يرتفع،  والحجام المصاص قال الأزهري: يقال للحاجم حجام لامتصاصه فم المحجمة.

أثر الحجامة في السحر:

ذكر أو عبيد في كتاب (غريب الحديث) له بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، احتجم على رأسه بقرن حين طُبًّ).

قال ابن القيم: “وكان استعمال الحجامة إذ ذاك من أبلغ الأدوية وأنفع المعالجة فاحتجم. وكان ذلك قبل أن يوحى إليه أن ذلك من السحر فلما جاءه الوحي من الله تعالى وأخبره أنه قد سحر عدل إلى العلاج الحقيقي وهو استخراج السحر وإبطاله فسأله الله سبحانه فدله على مكانه فاستخرجه فقام كأنما نشط من عقال”([257]).

أفضل وقت للحجامة:

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من احتجم لسبع عشرة من الشهر وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان له شفاء من كل داء)([258]).

 هـ_ علاج السحر بالنشرة:

تعريف النشرة: رقية يعالج بها المجنون والمريض تنشر عليه تنشيراً، والتنشير من النشرة وهي كالتعويذ والرقية([259]). وقال في التيسير: “قال أبو السعادات: النشرة ضرب من العلاج والرقية يعالج به من كان يظن أنَّ به مسًّا من الجن، سميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء، وقال الحسن: النشرة من السحر. وقال ابن الجوزي: حل السحر عن المسحور ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر”([260]).

أنواع النشرة وحكمها:

في صحيح البخاري قال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به إنما يريدون الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه([261]).

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ “النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعان: حل السحر بمثله والذي هو من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطله عمله عن المسحور.

والثاني: بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة فهذا جائز.

قال شارح كتاب الوحيد: هذا الثاني هو الذي يحمل عليه كلام ابن المسيب، وكذلك ما روي عن الإمام أحمد من إجازة النشرة فإنه محمول على ذلك وغلط من ظن أنه أجاز النشرة السحرية”([262]).

وعن جابر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سئل عن النشرة، فقال: (هي من عمل الشيطان)([263]).

رقية السحر: (النشرة الجائزة):

قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز: “ومن علامة السحر بعد وقوعه أيضاً وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله، أن يؤخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه”([264]). ويجعلها في إناء ويصب عليها من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها”([265]).

أولاً: آية الكرسي: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (سورة البقرة: الآية255).

ثانياً: سورة الكافرون {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (سورة الكافرون).

ثالثاً: الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}

رابعاً: سورة الناس: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} يقرؤها ثلاث مرات([266]).

ويقرأ قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ}(سورة الأعراف، الآيات117_ 119).

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(سورة يونس: الآيات: 79، 82).

{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (سورة طه: الآيات: 65، 69).

وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء، ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله تعالى، وإذا دعت الحاجة إلى استعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء”([267]).

روى ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم قال: “بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تقرأ في إناء فيه ماء ثم تصب على رأس المسحور: الآية التي في سورة يونس: {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ *وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(سورة يونس، الآية82، 83). وقوله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(سورة الأعراف الآية118). آخر أربع آيات وقوله: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}(سورة طه، الآية70).

وقال ابن بطال: في كتاب وهب بن منبه أنه يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين، ثم يضربه بالماء ويقرأ فيه آية الكرسي، والقواقل، ثم يحسو منه ثلاث حسوات، ثم يغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به وهو جيد للرجل إذا حبس أهله”([268]).

قال ابن القيم: “ومن أنفع علاجات السحر: الأدوية الإلهية بل هي أدويته النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها”([269]).

 

العين

العين لغة: يقال عان الرجل يعينه عيناً فهو عائن، والمصاب معين على النقص، ومعيون على التمام. وأصابه بالعين.

وقال الزجاج: “المعين المصاب بالعين والمعيون الذي فيه عين”([270]). تقول: “عنت الرجل أصبته بعينك فهو معين ومعيون ورجل عائن ومعيان وعيون”([271]).

اصطلاحاً: حقيقة العين نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر([272]).

وقال ابن القيم: “هي سهام تخرج من النفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة فإن صادفته حذراً شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء، فهذا من النفوس والأرواح، وذاك من الأجسام والأشباح”([273]).

الأدلة على إثبات الإصابة بالعين:

أولاً: من الكتاب:

1) قال تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: {يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ}(سورة يوسف، الآية 67).

قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغير واحد: “إنه خشي عليهم العين، وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة ومنظر وبهاء فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه”([274]).

2) وقال تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}(سورة القلم، الآية 51، 52).

قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: “{لَيُزْلِقُونَكَ} لينفذونك {أَبْصَارِهِمْ} أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم، وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل”([275]).

3) وقال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}(سورة الفلق).

والشاهد من الآية: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.

ثانياً: من السنة:

1_ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (العين حق ونهى عن الوشم)([276]).

2_ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (استعيذوا بالله من العين فإن العين حق) رواه ابن ماجه([277]).

3_ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)([278]).

4_ عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن العين لتولع([279]) بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقاً فيتردى منه). رواه أحمد([280]).

5_ روى الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين)([281]).

6_ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل، قال: باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين)([282]).

7_ عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس: (مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة (نحيفة) تصيبهم الحاجة؟ قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم، قال: ارقيهم. قالت: فعرضت عليه فقال: ارقيهم)([283]).

فقد دل القرآن والسنة على أن نفس حسد الحاسد يؤذي المحسود، فنفس حسده شر فيصل المحسود من نفسه وعينه وإن لم يؤذه بيده ولسانه، فإن الله تعالى قال: {مِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}. فحقق الشر منه صدور الحسد، والقرآن ليس فيه لفظ مهملة، لكن قد يكون الرجل في طبعه الحسد وهو غافل عن المحسود ولاه عنه، فإذا خطر على قلبه انبعثت نار الحسد من قلبه فيتأذى المحسود بمجرد ذلك، فإن لم يتعذ بالله ويتحصن به ويكون له أوراد من الأذكار والدعوات والتوجه إلى الله والإقبال عليه، بحيث يدفع عنه منشره بمقدار توجيه وإقباله على الله وإلا ناله شر الحاسد ولابد”([284]).

أنواع العين.

1_ عين إنسية وهي التي تصدر من البشر.

2_ عين جنية وهي التي تصدر من الجن.

وقد أثبتت الأدلة الشرعية كلا النوعين:

العين الإنسية ودليل ثبوتها:

قوله، صلى الله عليه وسلم، لعامر بن ربيعة حين عان سهل بن حنيف: (علام يقتل أحدكم أخاه)([285]).

العين الجنية ودليل ثبوتها:

ما روته أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأى في بيتها جارية فيس وجهها سفعة فقال: (استرقوا لها فإن بها نظرة)([286]).

قال الحسين بن مسعود الفراء: “سفعة: أي نظرة يعني من الجن”([287]). قال ابن قتيبة: “والسفعة لون يخالف لون الوجه”.

قال الخطابي: “عيون الجن أنفذ من الأسنة”([288]).

وقال ابن القيم: “العين عينان: عين إنسية، وعين جنية”([289]).

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: “وقوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}(سورة الفلق). يعم الحاسد من الجن والإنس فإن الشيطان وحزبه يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله”([290]).

كيف تؤثر العين؟

يجب أن نعلم أولاً أن العين وغيرها لا تؤثر إلا بإرادة الله ومشيئته، وقد يعين الإنسان نفسه وقد يعين غيره، وقد يعين بغير إرادته وقد يصيب العائن من غير الرؤية كأن يكون أعمى أو كأن يكون المعيون غائباً ويوصف له من غير أن يراه، وقد تصيب العين مع الإعجاب ولو بغير حسد وقد تصيب العين من الرجل المحب ومن الرجل صالح لذلك يسن لمن وقع بصره على شيء يعجبه من نفسه أو أهله أو غيره أن يذكر بما ورد.

قال ابن القيم: “ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه وإن لم يره وكثير من العائنين يؤثر في العين بالوصف من غير رؤية”([291]).

ويقول ابن القيم أيضاً: طوأصله من إعجاب العائن بالشيء، ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين، وقد يعين الرجل نفسه وقد يعين إرادته وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني”([292]).

قال ابن حجر: “وقد أشكل ذلك على بعض الناس فقال: كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون؟

والجواب: أن طبائع الناس تختلف، فقد يكون ذلك منسم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون، وقد ينقل عن بعض من كان معايناً أنه قال: إذا رأيت فشيئاً يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني…، فالذي يخرج من عين العائن سهم معنوي إن صادف البدن لا وقاية له أثر فيه، وإلا لم ينفذ السهم بل ربما رد على صاحبه كالسهم الحسي سواء”([293]).

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: “وهذه العين إنما تؤثر بواسطة النفس الخبيثة وهي بمنزلة الحية إنما يؤثر سمها إذا عضت فإنها تتكيف بكيفية الغضب فتحدث فيها تلك الكيفية السم فتؤثر في الملسوع وربما قويت حتى تؤثر بمجرد النظر وذلك في نوع منها حتى يؤثر بمجرد النظر فتطمس النظر وتسقط الحبل كما ذكر ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، في الأبتر وذي الطفيتين منها”([294]).

  

واجب الإمام نحو العائن

قال ابن القيم: “وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء: إن من عرف بذلك حبسه الإمام وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعاً”([295]).

وقال القاضي عياض: “قال بعض العلماء: ينبغي إذا عرف واحد بالإصابة بالعين أن يجتنب وأن يحترز منه وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويلزمه بلزوم بيته، وإن كان فقيراً لزمه ما يكفيه فضرره أكثر من آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي، صلى الله عليه وسلم، من دخول المسجد لئلا يؤذي الناس ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر_ رضي الله تعالى عنه”([296]).

وذكر الإمام النووي ذلك([297]).

 

سبل الوقاية من العين

وكيفية دفع شر الحاسد عن المحسود

وضع الشرع سبلاً كثيرة للوقاية من العين وهي:

1_ التعوذ بالله من شر الحاسد وقراءة المعوذتين. لقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}(سورة الفلق).

ولما روى أبو سعيد الخدري: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما أخذ بهما وترك ما سواهما)([298]).

2_ الدعاء بالبركة إذا رأى المرء ما يعجبه.

قال النووي: ويستحب للعائن أن يدعو للمعين بالبركة فيقول: “اللهم بارك فيه ولا تضره”، ويقول: “ما شاء الله لا قوة إلا بالله”.

يقول ابن كثير عند قوله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} (سورة الكهف، الآية29)

“أي هلا إذ أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك وقلت ما شاء الله”([299]).

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (من رأى شيئاً فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره)([300]).

وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من نفسه وماله وأعجبه ما يعجبه فليدع بالبركة)([301]).

والتبريك: أن يقول: (تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه)([302]).

أو (اللهم بارك فيه ولا تضره).

3_ الصبر على العائن وعدم التعرض له أو ايذائه لقوله تعالى: {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ} (سورة الحج الآية: 60).

4_ الإحسان إلى من عرفت إصابته بالعين كالإحسان الغني إلى الفقير المستشرف لما في يد الغني.

5_ ستر ما يخشى عليه الإصابة بالعين، فإن العين استشراف النفس نحو ما يعجبها، فإذا كان لدى الإنسان ما يخشى عليه العين فعليه أن يحرص على عدم إظهاره وإبرازه لا سيما أمام من عرف بالعين مع اليقين التام بأن كل شيء يقع بأمر الله وتقديره كما قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} (سورة البقرة، الآية102). فقد روي أن عثمان رأى صبياً مليحاً فقال: دسِّموا نونته كيلا تصيبه العين. ومعنى دسَّموا أي سودوا، والنونة: النقبة التي تكون في ذقن الصبي الصغير([303]).

6_ الاحتراز من العائن: قال القاضي عياض: “قال بعض العلماء: ينبغي إذا عُرف واحد بالإصابة بالعين أن يجتنب وأن يحترز منه”.

7_ الاستعانة على قضاء الحوائج بالسر والكتمان.

8_ تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه، فمن اتقى الله تولى حفظه ولم يكله إلى غيره قال تعالى:{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً}(سورة آل عمران، الآية 120).

9_ الصبر على عدوه وأن لا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً.

10_ التوكل على الله فمن يتوكل على الله فهو حسبه.

11_ الإقبال على الله، والإخلاص له، وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه …… فإذا صار كذلك فكيف يرضى لنفسه أن يجعل بيت أفكاره وقلبه معموراً بالفكر في حاسده.

12_ تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه فإن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}(سورة الشورى: الآية30).

13_ وهو من أصعب الأسباب على النفس، وأشقها عليها، ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله. وهو إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه. فكلما ازداد أذى وشراَّ وبغياً وحسداً ازددت إليه إحساناً، وله نصيحة، وعليه شفقة.

14_ وهو الجامع لذلك كله وعليه مدار هذه الأسباب وهو: تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم.. فإذا جرَّد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه… من خاف الله خافه كل شيء.  ومن يخف الله أخافه منكل شيء، ومن خاف شيئاً غير الله سلط عليه([304]).

  

الأمراض النفسية

لسنا أطباء متخصصين في الأمراض النفسية المعاصرة، فهذه الأمراض لها حالتها وأطباؤها المتخصصون ونحن نحترم التخصصات وأهلها، ولكن هذا لا يمنع من معرفة بعض الحالات النفسية الواضحة، فالحالات النفسية يعبر عنها العرف العام بعدم ارتياح نفس الإنسان وطمأنينته وعدم استقراره، وينشأ بسبب ذلك القلق والكآبة ونحوها.

فالإعراض عن الله والصدود عن ذكره واجتراح السيئات كل ذلك يسبب عدم الارتياح النفسي وعدم الطمأنينة وصدق الله إذ يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}(سورة طه، الآية 124).

الضغوط النفسية ومشاكل الحياة الطبيعية ربما سببت للإنسان حالة من المتغيرات النفسية، فالمرء في هذه الحياة يخضع لكثير من المتغيرات التي تنعكس على استقراره النفسي؛ فلو فجع الإنسان مثلاً بموت حبيب أو قريب ولم يكن عنده من الإيمان ما يجعله يسلم لقضاء الله وقدره فلا شك أن حالته النفسية ستنهار وبالتالي ربما لازمه الحزن مدة من الزمن.

بل أن الأمراض العضوية تنعكس على نفسية المريض وبالتالي ينعكس ذلك في تعامله مع أهله ومع الناس، فلو أن إنساناً أصيب بألم أرقه طوال ليله فلم ينم كيف ستكون حالته النفسية؟

وحتى الفراغ القاتل يجعل الإنسان غير مستقر نفسياً.

وموضوع كتابنا له علاقة أيضاً بالحالات النفسية إذ أن السحر قد يصيب الإنسان بمرض نفسي فترى المسحور لا يقرّ له قرار ولا يهدأ له بال وكذا المصروع في بعض الحالات. وعلى أية حال فالأمراض النفسية بحرها عزيز.

وأياً كانت الحالة المرضية فعلاجها بالإيمان والقرآن والرجوع إلى الله والتسليم لقدر الله وقضائه. ولا مانع من العلاج الحديث لمعالجة الأمراض النفسية ما لم يكن في ذلك حرام.

لكن يجب أن نعلم أن الطب النفسي ما لم يرتبط بالإيمان وبالله فإن نجاحه يكون ضعيفاً. وقد حدثنا استشاري في الطب النفسي قائلاً: يأتي إلينا بعض وهو على أحسن حال فنسأله ماذا فعلت فيقول:

تعالجت بالقرآن.

ويعجبنا كتاب قرأناه بعنوان (القلق وكيف نتخلص منه) فقد ربط المؤلفان علاج القلق بالقرآن الكريم فكان ما قدماه من علاج لهذا المرض على خير ما يرام إن شاء الله تعالى([305]).

 

المعاصي

وآثارها على العبد

إنّ للذنوب والمعاصي أثاراً بليغة على العاصي في الدنيا والآخرة ويقول ابن القيم: وهل في الدنيا شر وبلاء سببه إلا الذنوب والمعاصي.

واليوم كثير من الناس قد أصبح أسيراً للمعاصي والذنوب التي قيدته وكبلته فما عاد يستطيع حراكاً، واستحوذت عليه شيطان الإنس والجن فكانت حياته تعيسة ومعيشته ضنكا. إن كثيراً ممن يصابون بالسحر ومس الجن إنما يكونون غالباً ممن بعدوا عن الله.

إن الأمراض النفسية كثير منها سببه البعد عن الله واجتراح السيئات ولنسافر مع ابن القيم ـ يرحمه الله ـ وهو يحدثنا عن آثار الذنوب على قلب المرء ونفسه.

يقول ابن القيم ـ يرحمه الله ـ عن آثار الذنوب:

“ومنها: وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله لا يوازنها ولا يقارنها لذة ترك الذنوب إلا حذراً من وقوع تلك الوحشة، لكان العاقل حرياً بتركها، وشكا رجل إلى بعض العارفين وحشةً يجدها في نفسه فقال له إذا كنت قد أو حشك الذنوب فدعها إذا شئت واستأنس. وليس على القلب أمر من وحشة الذنب فالله المستعان.

ومنها: الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس ولا سيما أهل الخير منهم فإنه يجد وحشة بينه وبينهم، وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع بهم، وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد حزب الرحمن، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشاً من نفسه.

ومنها: ظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمه الليل البهيم إذا ادلهم فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره، فإن الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته”([306]).

علاج العين

أولا: أمر العائن بالاغتسال إذا عرف:

وهذا أفضل علاج للعين، فإذا اغتسل العائن أتي بالماء الذي اغتسل به العائن ويصب على رأس الإنسان.

“وذلك بأن يؤتى للرجل العائن بقدح، فيدخل كفه فيه، فيمضمض ثم يمجه في القدح، ثم يغسل وجهه في القدح، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على كفه اليمنى في القدح، ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على كفَّه اليسرى صبة واحدة، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على مرفقه الأيمن، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على مرفقه الأيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على قدمه اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على قدمه الأيسر ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على ركبته اليمنى ثم ذلك في قدح ثم يدخل داخلة إزاره في القدح، ولا يوضع القدح في الأرض، فيصب على رأس الرجل الذي أصيب بالعين من خلفه صبة واحدة”(*).

ودليل الاغتسال ثابت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرار فنزع جُبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر إليه وكان سهل شديد البياض، حسن الجلد، فقال عامر: ما رأيت كاليوم جلد مخبأة عذراء، فوعك سهل مكانه واشتد وعكه، فأخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بوعكه فقيل له: ما يرفع رأسه، فقال: هل تتهمون له أحداً؟ قالوا: عامر بن ربيعة، فدعاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فتغيظ عليه فقال علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت اغتسل له، فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبته وأطراف رجليه وداخله إزاره في قدح ثم صب عليه من ورائه فبرأ سهل من ساعته”(*).

ويقول عليه السلام: (إذا استغسلتم فاغسلوا) وقد سبق ذكر الحديث.

وفي سنن أبي داود عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين). باب الطب.

كيفية معرفة العائن ومواجهته بالأمر؟

يعرف العائن بأمور، منها ما يلي:

1) أن يكون معروفاً ومشهوراً عند الناس بإصابته بالعين بإذن الله، ويكون في مجلس ومصاب أحد من كان في المجلس، فيكون هذا العائن مظنة الإصابة بالعين.

2) أن يتكلم أحد على أحد سواء مواجهة أو في غيبته فإن كان الحديث في وجهه يأمره بالاغتسال، وإذا كان في غيبته فعلى من كان مع العائن أن ينصحه بتقوى الله، وإذا علم بأن العين قد أصابت من تحدث فيه عليه أن يأمر العائن بالاغتسال أيضاً.

مواجهة العائن إذا عرف:

من المشاكل الكبيرة التي تواجه المعين أو أهله كيف يواجهون العائن؟

فهم يخشون غضبه وغضب أهله من جهة، ويخشون أن تترتب على ذلك قطيعة أو ما شابه ذلك.

فنقول لهؤلاء:

أولاً: يجب التأكد من العائن فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال حين أعان عامر بن ربيعة سهل بن حنيف: (هل تتهمون أحداً؟) قالوا: عامر فدعاه… إلخ. والشاهد أن النبي، صلى الله عليه وسلم، تأكد ممن أعان عامر ربيعة، وإنما يكون التأكد بصدور الكلام من العائن، أو بإخبار أحد عنه أو غير ذلك من القرائن الدالة على العائن.

ثانياً: إذا لم يكن هناك تأكد تام فعلى الأقل غلبة ظن.

ثالثاً: ينظر في حال العائن هل هو ممن يخاف الله ويقبل المواجهة؟ فإن كان كذلك يذكر بالله ويقال له الأمر بكل صراحة.

رابعاً: إذا كان ممن يظن أن العين منه وهو ممن يغضب إذا وُوجه فهذا يذكر بالله كثيراً ويخوف به، ويرسل له أقرب الناس إليه، ويستعطف لحال من به العين.

خامساً: إذا رفض الاغتسال فهل يجبر عليه؟ هذا محل نزاع، قال المازري: “والصحيح عندي الوجوب، وإذا كان المعين سيهلك وجب على العائن الاغتسال، لأنه يكون حينئذ متعيناً عليه إنقاذ نفس مشرفة على الهلاك”([307]).

ثانياً: الرقية من العين:

قد دل الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على الرقية من العين ومنها:

1_ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر أن نسترقي من العين)([308])

2_ عن أنس ـ رضي الله عنه ـ: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم رخص في الرقية من الحمة والعين والنملة)([309]).

3_ عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ويقول: هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام)([310]).

 

رقية العين

1_ (باسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك)([311]).

2_ (باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، ومن شر كل ذي عين)([312]).

3_ (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق).

4_ (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة).

5_ (أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر منشر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومنشر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارق يطرق بخير يا رحمن).

6_ (أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون).

7_ (اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم اللهم لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك سبحانك وبحمدك).

8_ (أعوذ بوجه الله العظيم، الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى وما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر ذي شر أنت آخذ بناصيته إن ربي على صراط مستقيم).

9_ (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، ومنشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم).

10_ (تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الله هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجبر ولا يجار عليه، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم).

ومن جرب هذه الدعوات والعوذ عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها. وهي تمنع وصول أثر العائن وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها وقوة نفسه واستعداده وقوة ثبات قلبه، فإنها سلاح والسلاح بضاربه([313]).

 

الحسد.

ويحتوي هذا الباب على ما يلي:

1_ تعريف الحسد وبيان حقيقته.

2_ إثبات الحسد من الكتاب والسنة.

3_ الفرق بين الحسد والعين.

4_ مراتب الحسد.

5_ أسباب الحسد ودوافعه.

6_ علاج الحسد ودفعه.

الحسد:

تعريفه: لغة: قال في لسان العرب: الحسد معروف، حسده يحسده ويحسده حسداً وحسده إذا تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته أو يسلبهما هو، وقال: الحسد أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه.

والغبط: أن يتمنى أن يكون له مثلها ولا يتمنى زوالها عنه([314]).

الحسد اصطلاحاً: هو تمني زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها. أو تمني عدم حصول النعمة للغير.

حقيقة الحسد:

وحقيقة الحسد أنه ناتج عن الحقد الذي هو من نتائج الغضب.

إثبات الحسد

أثبت القرآن الكريم والسنة النبوية وجود الحسد عند الناس.

الحسد في القرآن:

قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ}(سورة البقرة، الآية109).

وقال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}(سورة النساء: الآية 54).

الحسد في السنة:

(الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)([315]).

(لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدبروا وكونوا عباد الله إخواناً)([316]).

(إنه سيصيب أمتي داء الأمم، قالوا: وما داء الأمم؟ قال: الأشر والبطر والتكاثر، والتنافس في الدنيا والتباعد، والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهرج)([317]).

الفرق بين الحاسد والعائن

العائن والحاسد يشتركان في سيء ويتفرقان في شيء، فيشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من تقصد أذاه.

والعاين تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته([318]).

والحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور.

ويتفرقان في أن العاين قد يعين من لا يحسده من حيوان أو زرع وإن كان لا ينفك عن حسد صاحبه بل ربما أصاب نفسه وسببه الإعجاب بالشيء واستعظامه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديث مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين([319]).

وعلى هذا فالحاسد أعم من العائن فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً، والاستعاذة من شر الحاسد تشمل الاستعاذة من شر العائن.

 

مراتب الحسد

للحسد ثلاث مراتب:

1_ تمني زوال النعمة عن الغير: وهذه المرتبة من أخطر المراتب وأشدها حراماً.

2_ تمني استصحاب عدم النعمة: فهو يكره أن يحدث الله لعبده نعمة فهو يتمنى دوام ما فيه من نقص أو عيب، كالفقر والجهل وهذا حرام.

3_ حسد الغبطة: وهو تمني أن تكون له مثل حال المحسود من غير أن تزول النعمة عنه، فهذا لا بأس به ولا يعاب صاحبه بل هذا قريب من المنافسة وقد قال تعالى:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ}(سورة المطففين، الآية26). وفي الصحيح عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لا حسد إلا فغي اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس)([320]).

أسباب الحسد ودوافعه

إن للحسد أسبابه ودوافعه التي تغذي روافده بحيث تجعل قلب الحاسد يمتلئ غيظاً وكمداً على من يحسده وربما أوصله ذلك إلى القتل.

ومن أبرز هذه الدوافع ما يلي:

1) عدم الرضى والقناعة بقسمة الله رب العالمين في كل أمر من أمور الدنيا، فتجد صاحب هذا الدافع ساخطاً دائماً، لماذا فلان عنده مال وأنا ما عندي؟ لماذا فلان في مركز مرموق وأنا لا؟ وهكذا.

2_ الحقد والعداوة والبغضاء، فالمبغض لا يحب أن يرى ممن يبغض نعمة عليه من الله عز وجل بل على العكس كما قال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} (سورة آل عمران، الآية120). وهذا السبب قد يدفع صاحبه إلى القتل وأخذ المال والسعاية بمن يحسده وهتك ستره وغير ذلك.

3_ العجب: وهو داء خطير يدفع صاحبه إلى الحسد بل يدفع صاحبه إلى رد الحق كما قال تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ} (سورة الأعراف الآية 63). فالمغرور والمعجب بنفسه لا يحب أن يعلو عليه أحد من الناس.

4_ وجود القاسم المشترك بين بعض فئات المجتمع كالعلم بين بعض فئات المجتمع كالعلم والتجارة ونحوهما فقد يحسد التاجر من هو مثله وهذا لا يجوز.

علاج الحسد

علمنا بأن الحسد داء عظيم فما دواؤه وعلاجه؟

الجواب ما يلي:

1) أن يعلم الحاسد أنه شارك أعداء الله في حسدهم للمؤمنين، فالأعداء لا يحبون أثر النعم على المؤمنين وأنت شاركتهم بذلك.

2) أن يعلم الحاسد أن حسده لا يضر من حسده بل يضره هو لما يعانيه من قلق نفسي وكآبة وحزن، فلو أطاع الله الحاسدين في المحسودين لما بقي عليهم نعمة.

3) الرضى التام بقسمة الله، فالدنيا لا يؤسف على ما فات منها فمردها إلى الزوال والفناء وعلى الحاسد أن يعلم أنه بهذا الحسد يعارض أمر الله، وقد قال سبحانه:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.(سورة الزخرف، الآية 32).

أثر الحسد على المجتمع

الحسد داء الأمم كما أخبر الصادق المصطفى صلى الله عليه وسلم: (دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء)([321]).

وما ظهر مرض الحسد في أمة إلا تفرقت وتناحر وذهب مجدها وضعف سلطانها وأخذ أفرادها يكيد بعضهم لبعض، وعمَّ فيهم التنافس والتباغض وهنا تكون الحياة في هذا المجتمع جحيماً لا يطاق. فعلى كل مسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى ويغسل قلبه من أدران الحقد والحسد ليسلم في تصوره ويستقيم في سلوكه، ويحسن التعامل مع الآخرين، وصدق المصطفى، صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)([322])، (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)([323]).ويقول تعالى: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}(سورة النساء، الآية32).

فعلى صاحب كل شر من حاسد وعائن وغيرهما أن يعلموا بأن هذه أمراض فتاكة لا تضر أصحابها فحسب بل تضر المجتمع، وإن الحاسد والعائن حاجتهما إلى العلاج أكثر من غيرهما.

ملخص خاص ببعض الوقائع عن الصرع والسحر والعين والمشعوذين

هذه وقائع وقصص عن الصرع والسحر والعين عايشنا أكثرها، وبعضها حدثنا بها من نثق بدينه وأمانته، وقد حرصنا ألا نذكر إلا ما تأكدنا منه، لأن هذا الباب واسع، وفيه مبالغات كبيرة وكثيرة، لذا فنحن مسئولون عما ذكرناه، لأنا نعرف أصحاب الحوادث بأسمائهم وأعيانهم، نسأل الله السلامة من كل داء.

1) في أحد الأيام من شهر ذي الحجة من عام 1411هـ قرأ أحدنا على امرأة كبيرة في السن، وبعد الشروع في القراءة بدأ الجني يتمتم بكلام لا يفقه معناه ثم بدأ كلامه يتضح ودار الحوار التالي:

القارئ: ما سبب دخولك في هذه المرأة؟

الجني: يا شيخ جزاك الله كل خير.

القارئ: أتعرفني؟

الجني: نعم. أنت شيخنا، وأنا أعرفك من العام الماضي يوم أن قرأت على ماء زمزم أحضره لك أهل المرأة وشربت منه.

 القارئ: إذاً أنت مسلم؟

 الجني: نعم أنا مسلم وأصلي.

 القارئ: إذاً لم دخلت هذه المرأة المسكينة؟

 الجني: قبل ست سنوات كانت هذه المرأة ذاهبة مع حملة لأداء فريضة الحج، وفي أثناء رجوعهم عن طريق البر وقفت الحملة قرب الرياض لأداء صلاة الفجر، فنزلت هذه المرأة من الحافلة وفي أثناء سيرها تعثرت فسقطت عليَّ فآذتني فتلبستها، ومنذ ذلك الحين وأنا في إيذائها.

 القارئ: هل أنت مستفيد من إيذائك لها؟

 الجني: لا.

 القارئ: هل كانت هي متعمدة السقوط عليك وإيذائك؟

 الجني: لا.

 القارئ: فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. ثم إنك أنت لم تنصف حتى في ظلمك له، فقد تعديت عليها وأنت متعمد لذلك، بل وضاعف في ظلمك، وهذا حرام.

 الجني: هذا صحيح، أتعرف يا شيخ ماذا كنت أصنع معها؟

لقد كنت آذيها في حلقها وكانت تشتكي من ذلك كثيراً، ويذهب بها أبناؤها إلى المستشفى، وكنت أخرج عند باب المستشفى، فإذا دخلت وأجريت لها الفحوصات وجدوها سليمة، فإذا خرجت رجعت إليها من جديد واصلت إيذائها من جديد.

 القارئ: هل لك زوجة؟

 الجني: نعم ولي أولاد أيضاً أزورهم وأرجع إلى هذه المرأة.

 القارئ: والآن؟

 الجني: كما تريد.

 القارئ: أريدك أن تخرج من هذه المرأة على ألا تعود إليها مرة ثانية.

 الجني: أنا أخرج منها لأجلك.

 القارئ: بل تخرج منها طاعة لله عز وجل.

 الجني: صدقني يا شيخ إنا كنا نريد قتلها.

 القارئ: هل أنتم تملكون الأرواح؟

 الجني: لا.

 القارئ: إذن دع عنك هذا الكلام وأخرج من هذه وتب إلى الله.

بعدها خرج الجني والمرأة في أحسن حال، وبعدها بشهور قليلة عاد الجني إليها مرة ثانية وجرى معه الحوار التالي:

 القارئ: لماذا رجعت وقد تعهدت بأن لا تعود؟

 الجني: أنا ابن الجني الذي خرج من المرأة لأنها حين سقطت عليَّ وعلى أبي.

 القارئ: ما اسمك؟

 الجني: محمد وأبي عبد القادر.

 القارئ: يا محمد لن نطل معك الكلام اتق الله وأخرج والحق بأبيك.

وبالفعل خرج وأصبحت المرأة في أحسن حال بإذن الله تعالى وكرمه ومنه.

2_ وفي أحد الأيام رقى أحدنا شاباً تلبسه جني ودار معه الحديث التالي:

 الشيخ: من أنت؟

 الجني: أنا الشيخ فرج شيخ قبيلة.

 الشيخ: لماذا تلبست هذا الشاب؟

 الجني: لماذا تُغضبون الشاب؟ هل تريدون أن آذي من كان سبباً في غضبه؟

 الشيخ: هل أنت مسلم؟

 الجني: نعم أنا مسلم وأخاف الله.

 الشيخ: أما تعلم بأن الفرح والحزن والغضب صفات عارضة، قد تطرأ على الإنسان في أي وقت ولأي سبب من الأسباب، وأن هذه الأمور تجري على الإنس والجن؟

 الجني: نعم، الأمر كذلك، ولكن أريد أن أمد رجلي فأنا شيخ كبير في السن.

 الشيخ: كم لك من العمر؟

 الجني: 360سنة وأغلب أصحابي قد ماتوا.

 الشيخ: يا شيخ فرج لماذا الكثير منكم يؤذي الناس؟

 الجني: بسبب بعدهم عن الدين، وعن الله.

 الشيخ: ولكن يا شيخ فرج كثير منكم يتسلط على الإنس حتى لو كان الإنسي متديناً فلماذا لا تنصحونهم؟

 الجني: لا سلطة لنا على الجن.

 الشيخ: والآن هل تخرج من الشاب أم ماذا؟

 الجني: أنا سوف أخرج بدون قراءة، ولكن هل تريد أن تسافر معي إلى اليمن؟

 الشيخ: كيف؟

 الجني: أطير بك.

 الشيخ: نسأل الله العفية والسلامة أخرج من هذا الشاب ولا تطير بنا ولا مطير بك.

بعدها خرج الشيخ فرج ( الجني ) وأفاق الشاب وهو لا يعلم بما جرى.

3_ في أحد الأيام تلبس الجني (مخلد) امرأة فحضرت لرقية المرأة وإخراج الجني وبعد الشروع في القراءة نطق الجني ودار معه الحوار التالي:

 الشيخ: ما اسمك؟

 الجني: مخلد.

 الشيخ: مسلم أنت أم كافر؟

 الجني: أنا كافر وأريد أن أسلم، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله.

 الشيخ: منذ كمسنة وأنت متلبس هذه المرأة؟ وما سبب دخولك؟

 الجني: منذ عشرين سنة، وسبب دخولي بها أنها كانت تتبول في العراء وكانت صغيرة ولم تسم فتلبستها.

 الشيخ: بعد أن منَّ الله عليك وأسلمت والإسلام يحرم الظلم، ألا تخرج من هذه المرأة؟

 الجني: نعم أخرج منها وأعاهدك على عدم الرجوع إليها مرة ثانية.

وبالفعل خرج من المرأة وبعد مضي ساعتين من خروجه عاد إليها مرة ثانية وهو يقول: أريد الشيخ، فلما حضر الشيخ واصل معه قائلاً: لماذا عدت مرة ثانية؟

 الجني: يا شيخ أنت تعلم بأن الطفل يعلم الوضوء والصلاة وأنا أسلمت ولم تعلمني أمور ديني، فأريد أن تعلمني الوضوء والصلاة.

فقام أحد الإخوة كان حاضراً وأحضر الماء، وتوضأ أمامه وصلى أمامه وأخذ بعض أمور دينه وقلنا له ابحث عن أناس صالحين منكم والتحق بهم وهم يعلمونك كثيراً مما تحتاجه.

فقال الجني: أنا لا أعرف أحداً، ولا أستطيع اللحاق بأهلي لأنهم سوف يقتلوني بسبب إسلامي.

فقلنا له: اصبر واستعن بالله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً}. ثم بعد ذلك خرج.

4_ في خضم أحداث الخليج تلبس جني امرأة متزوجة وبعد القراءة عليها بحضور زوجها، فنطق الجني على لسان المرأة المصروعة وقال:

أنا أحبها وأريد أن تخرج من المنطقة لأن المنطقة ستدمر.

 الشيخ: ومن الذي أخبرك بذلك؟

 الجني: الساحر.

 الشيخ: هل أنت مسلم أم كافر؟

 الجني: أنا كافر وكذلك الساحر.

 الشيخ:  كذبت أنت والساحر.

 الجني: نحن لا نكذب، إنا نسترق السمع.

 الشيخ: كذبتم والله فإن الله يقول:

وحين شرع الشيخ في القراءة عليه من سورة الصافات، بدأ الشيخ يردد قوله تعالى: {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}.

فقال الجني: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

أستغفر الله وأتوب إليه، أريد أن أتعلم ما أحتاجه بعد إسلامي. فتعلم بعض تعاليم الدين الإسلامي وغير اسمه من يوشع إلى عبد الرحمن.

فقال له الشيخ: هل صحيح أن المنطقة ستدمر؟

فقال الجني: الله أعلم… وأعادها ثلاثاً.

فخرج من المرأة بصعوبة بالغة، بسبب تعلقه بها، فذكر بالله وإن مثل هذا التعليق والحب حرام، فخرج بعد ذلك.

وقائع عن السحر

حدثنا أحد المشايخ الموثوقين قائلاً:

إنه رأى عملاً سحرياً استدل ([324]) عليه فوق شجرة، ويتكون هذا العمل من حجرتين صغيرتين، تعادل الواحدة حبة البندق، ومعها لفافة، ورقة مطوية وقد جعل هذا العمل في وسط كرة أسمنتية ووضعت على الشجرة، فلما كسرت هذه الكرة الأسمنتية وجد ما بدخلها قد احترق. ولما أرادوا نشر اللفافة إذا بها تتفتت وقد كان المسحور وهو معروف لدينا جيداً ممن يحفظون كتاب الله يرقي نفسه كثيراً ويردد قراءة سورة البقرة على نفسه مراراً وقد رقاه بعض طلبة العلم وكان كثير الالتجاء إلى الله، وقد أكرمه الله وأذهب عنه ما به.

وحدث أن قرأت على شاب ممن يدرس في أمريكا، ومكثت قرابة السنة وأنا أقرأ عليه حيث كان يعاني من آلام نفسية على إثر هجر زوجته عند أهلها وكانت حبلى، ووضعت ولم ير بنيته وكنت كلما قرأت عليه ارتجف، وأحدث حركات غريبة، واحترنا في أمره هل الذي معه مس أو سحر أو عين أو غيره؟ حتى أن أهله احتاروا في أمره وكم عانت والدته من آلام بسببه، وبعد مضي قرابة السنة قرأت عليه، وشددت عليه في القراءة وضربته، وإذا بجني ينطق على لسانه ويصرخ، وكلما ازددت في ضربه، كلما ازداد صراخاً، حتى قال: أريد الخروج.

قلت: قبل أن تخرج: من أنت؟ ولماذا أتيت.

قال: أنا متلبس فيه وأتيته عن طريق السحر.

فقلت له: ومن الذي سحره؟ قال: لا أعلم، فضربته وقلت له: تعلم. فقال الذي سحره (جودي)*. سحرته في أمريكا، ثم قلت له: اخرج، قال: لا أستطيع الخروج بسبب السحر وضربته بقسوة فقال: خلاص سوف أخرج منه فخرج بعد أن عاهد بأن لا يعود فأفاق المصاب.

فنصحته بالتوبة، والرجوع إلى الله والمحافظة التامة على الصلاة، وقراءة القرآن، والمحافظة على الأذكار، فتحسن حاله كثيراً، وأصبح في أحسن حال، ولكن الرجل لم يلتزم بما قيل له، فعاودته الحالة  من جديد.

والسبب والله أعلم، أنه فرط في النصيحة جدد له السحر.

 

وقائع عن العين

الواقعة الأولى: حدثنا أحد الأخوة الموثوقين، أن رجلاً اشتهر بالعين، وفي أحد الأيام دخل مزرعة لأحد أصحابه، ووجد مجموعة من الدجاج يصل عددها إلى خمس وتسعين دجاجة، فقال: (ما هذه الزحمة) وفي اليوم التالي مات جميع الدجاج. وهذا الرجل العائن نفسه دخل مزرعة فوجد بقرة كبيرة الجسم، قد ارتفع ظهرها عن عريش بالمزرعة، فقال: (وَلْ ما هذا التل) فنشف ضرع البقرة، وأصبح وكأنه حجارة.

الواقعة الثانية: يقول (ع،ل) ودموعه تسبقه: هلكت، أصابتني عين لا ترحم، وسرد الرواية التالية: كنت أجلس في حديثة بيتي مع أسرتي، في هناءة تامة في الصيف الماضي، بعد صلاة العصر وقرب الغروب طرق (…) الباب واستقبلته في المجلس وحدي وقدم أحد أولادي القهوة والتمر والشاي والفاكهة أيضاً. . وظل ضيفي ينظر مبهوراً إلى الأثاث الثمين وإلى مظاهر الثراء في البيت كنت أشعر بنظراته وكأنها سهام مصوبة إلى قلبي، وقبل أن يغادر قال بصوت غريب: أنت رجل محظوظ، كونت ثروة في زمن قصير، ولديك عائلة كبيرة، ومال وفير، وبعد هذه الزيارة تغيرت أحوالي تماماً، كسدت تجارتي، وأصيب ولدي الذي تقدم بالضيافة، وكاد يموت في حادث؛ لولا لطف الله، وقد تدهورت صحتي، وأغلقت محلي وراجعت أطباء كثيرين([325]).

 

من صور المشعوذين

1_ التقيت بأحد الشباب من أبناء الخليج العربي في بلاد الهند، وفي صالة الاستقبال جلست مع هذا الشاب، وكان مقرراً أن يذهب إلى أحد الكهان المعروفين بتلك البلاد. فنصحته وبينت له خطر ذلك، وأن الرسول  صلى الله عليه وسلم، يقول: (من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل صلاته أربعين يوماً)  ولكن الشاب أصر على الذهاب رغم النصح. فقلت له: هل تسمح لي بالذهاب معك لأبرهن لك كذب هؤلاء؟

فوافق، ولما حضرنا عند المشعوذ بدأت الحديث معه واختلف له أمراً اسطوريًّا لا مساس له بالواقع، فقلت: أن هذا الشاب به كذا وكذا.. بعدها قال المشعوذ: إن ما تذكره صحيح، فهذا الشاب معمول له سحر، فذهل الشاب من تصديق الكاهن لما قلته؛ وهو ليس بصحيح، فخرج وقد تاب إلى الله، وعلم أن هؤلاء أفَّاكون دجاجلة.

2_ أحد الكهان ذهب إليه شخص عنده مشاكل زوجية، ويظن أن ذلك بسبب عمل أو غيره، فأوعد الكاهن هذا الشخص أن يأتيه من الغد، وحين ذهب إليه قال: أنت معمول لك عمل، فسئل الكاهن منذ كم سنة معمول لها العمل؟ قال: منذ سبع سنوات من زواجهم.

والحقيقة أنه لم تمض إلا سنتان على زواجهما.

4_ قصة عجيبة:

قال الشيخ يا سين أحمد عيد: توفي رجل في بلدة من عهد غير بعيد، وترك بيتاً جميلاً منفرداً عن البيوت وكان ذلك البيت متسع الأرجاء كثير الغرف مزيناً بالنقوش والزخرفة البديعة اللطيفة المنظر وفي صحن الدار فسقية من المرمر لطيفة الصنع وعلى دائرتها جملة تماثيل مختلفة الأشكال والألوان والمياه تتدفق من أفواهما.

ولم يكن لذلك الرجل ولد يرثه فأصبح ذلك البيت من بعد وفاة صاحبه خاوياً من الناس خالياً من الإنس، فاتفق أقاربه على بيعه وكان أملهم عظيماً في أن يساوي مبلغاً وفيراً وما أن أعلنوا خبر بيعه حتى أشبع أنه مسكون بالجن وداخله عفريت وامتدت هذه الإشاعة حتى صارت حديث القوم في سمرهم وموضوع الكلام في سهرهم وإن خالف أحدهم هذا الاعتقاد وذهب إلى البيت ليلاً يعود وهو معتقد بأن البيت فيه شياطين.

فابتعد الناس عن شرائه وخاف الورثة سوء العاقبة وخصوصاً بعد أن تقدم أحد الناس لشرائه ودفع فيه مبلغاً يساوي ربع ثمنه وقبل أن يتسلم الورثة هذا المبلغ حضر شاب شجاع سمع بخبر البيت وما تقوله الناس عنه وكان من الذين لا يبالون بأمر الجن ولا يخافون من العفريت فقصد الورثة وطلب  لشرائه منهم مبلغاً من المال وتكفل لهم بطرد الجن ومسك العفريت أو طرده فقبلوا منه ذلك وأعطوه نصف الأجر.

وعند المساء ذهب ذلك الشاب وأخذ معه مسدساً يستعين به في وقت الحاجة ولما وصل البيت استراح قليلاً وبعد إطفاء الشمعة نام وبعد قليل شعر بأن يداً تسحب اللحاف عنه فمسك به بكل قوته وقال: من الذي يسحب اللحاف؟؟ قال: أنا عفريت ولازم آخذ اللحاف وإلا لبست جسمك فترك الشاب اللحاف ـ الغطاء ـ فوقع العفريت على قفاه، فقام الشاب وركب على صدر العفريت ووجه المسدس لرأسه وقال: أخبرني من أنت؟ فخاف منه خوفاً شديداً وقال: اتركني وسوف أخبرك عن حقيقة حالي.

فقال الشاب: تكلم أيها العفريت. قال: ما أنا بعفريت ولا جان بل أنا إنس مثلك لا أختلف عنك إلا بسواد لوني وقبح منظري، فتركه وأوقد الشمعة لينظر من هو فرآه عبداً أسود عارياً من الثياب قال الشاب: أخبرني أيها العبد ما سبب وجودك هنا في هذا المكان؟ فقال: الضرورة هي التي أجبرتني لأنني رجل فقير الحال عديم الكسب وعندي أسرة كبيرة لا يعولها أحد سواي فقصدت رجلاً لكي يدبر لي شغلاً أعيش منه فأمرني أن أحضر كل ليلة لهذا البيت لأقيم فيه وأوصاني إذا شعرت بدنو أحد من هذا المنزل أصفق على يدي وأضرب على صفيحة أعددتها لهذه الغاية وإذا رأيته حسوراً ولم يعبأ بذلك أطلق الماء دفعة واحدة فتخرج من أفواه التماثيل وأرتقي فوق الفسقية وأصرخ بأصوات مختلفة تخيفه ثم حرضني على كتم السر، فلما سمع الشاب هذا الكلام ساقه أمامه وسلمه للورثة وقص عليهم حكايته فظهر لهم أن الرجل الذي استأجر هذا العبد هو المتقدم لشراء البيت بثمن بخس اهـ مختصر([326]).

  

ملحق الفتاوى

أولاً: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

هذه فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اخترناها من كتاب فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جمع وترتيب الشيخ أحمد عبد الرزاق الدويش، وهي من المجلد الأول قسم العقيدة.

السؤال الخامس من الفتوى رقم 1515:

س: ما حكم كتابة آية من القرآن وتعليقها على العضد مثلاً، أو محو هذه الكتابة بالماء ونحوه ورش البدن أو غسله بهذا الماء هل هو شرك أم لا؟ وهل يجوز أم لا؟

ج: كتابة آية من القرآن وتعليقها أو تعليق القرآن كله على العضد ونحوه، تحصيناً من ضر يخشى منه أو رغبة في كشف ضر نزل من المسائل التي اختلف السلف في حكمها، فمنهم من منع ذلك وجعله من التمائم المنهي عن تعليقها لدخوله في عموم قوله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)([327]) رواه أحمد وأبو داود، وقالوا: لا مخصص يخرج إلى تعليق ما ليس من القرآن فمنع تعليقه سداً لذريعة تعليق ما ليس منه وقالوا: ثالثاً إنه يغلب امتهان ما يعلق على الإنسان لأنه يحمله حين قضاء حاجته واستنجائه وجماعه ونحو ذلك، وممن قال هذا القول: عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وتلاميذه، وأحمد بن حنبل في رواية عنه اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون، ومن العلماء من أجاز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته ورخص في ذلك كعبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ وبه قال أبو جعفر الباقر، وأحمد في رواية أخرى عنه وحملوا حديث المنع على التمائم التي فيها شرك، والقول الأول أقوى حجة وأحفظ للعقيدة لما فيه من حماية حمى التوحيد والاحتياط له، وما روى عن ابن عمرو إنما هو في تحفيظ أولاده يقصد أن تكون تميمة يستدفع بها الضرر أو يجلب بها النفع، وأما محو هذه الكتابة بالماء ونحوه ورض البدن أو غسله بهذا الماء فلم يصح في ذلك حديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه كان يكتب كلمات من القرآن والذكر ويأمر بأن تسقى من به داء لكنه لم يصح ذلك عنه، وروى الإمام مالك في الموطأ: “أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم! ولا جلد مخبأة. فلبط سهل، فأتي رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل بن حنيف والله ما يرفع رأسه، فقال: (هل تتهمون له أحداً؟) قالوا: نتهم عامر بن ربيعة فتغيط عليه وقال:  (علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت، اغتسل له)، فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخله إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس). وفي رواية: (وإن العين حق فتوضأ له)،   فراح سهل مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليس به بأس وقد روى هذه القصة أيضاً الإمام أحمد والطبراني فمن أجل هذا توسع بعض العلماء فأجازوا كتابة القرآن والذكر ومحوه ورش المريض أو غسله به، إما قياساً على ورد في قصة سهل بن حنيف، وإما عملاً بما نقل عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من الأثر في ذلك وإن كان الأثر ضعيفاً. وقد ذكر جواز ذلك ابن تيمية في الجزء الثاني من مجموع الفتاوى وقال: (نص أحمد وغيره على جوازه). وذكر ابن القيم في الطب النبوي، في كتابه زاد المعاد: (أن جماعة من السلف أجازوا ذلك، منهم ابن عباس، ومجاهد، وأبو قلابة).

وعلى كل حال لا يعتبر مثل هذا العمل شركاً، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم”([328]).        

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو                                                       عضو                                 نائب رئيس اللجنة                  

عبدالله بن سليمان بن منيع         عبدالله بن عبد الرحمن بن غديان              عبد الرازق عفيفي

 

السؤال الثاني من الفتوى رقم 4015:  

س: هل سحر رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ وهل نفذ فيه السحر؟

ج: الرسول صلى الله عليه وسلم من البشر، فيجوز أن يصيبه ما يصيب البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر إلى أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها، ولا كانت الرسالة من أجلها فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر ونحوه يخيل إليه بسببه في أمور الدنيا ما لا حقيقة له كأن يخيل إليه أنه وطيء زوجاته وهو لم يطأهن، أو أنه يقوى على وطئهن، حتى إذا جاء إحداهن فتر ولم يقو على ذلك لكن الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك إلى تلقي الوحي عن الله تعالى ولا إلى البلاغ عن ربه إلى العالمين لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على عصمته  صلى الله عليه وسلم في تلقي الوحي وبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤون الدين، والسحر نوع من الأمراض التي أصيب بها النبي  صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (سحر رسول الله  صلى الله عليه وسلم، رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما يفعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا ثم دعا ثم قال: يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة. قال: وجف طلعة ذكر، قال: أين هو؟ قال: في بئر ذي أروان، قالت فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، ثم قال: يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين، قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته قال: لا أما أنا فقد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس شراً فأمر بها فدفنت)([329]) رواه البخاري ومسلم.

ومن أنكر وقوع ذلك فقد خالف الأدلة وإجماع الصحابة وسلف الأمة، متشبثاً بشبه وأوهام، لا أساس لها من الصحة، فلا يعول عليها، وقد بسط القول في ذلك العلامة ابن القيم في كتاب زاد المعاد، والحافظ ابن حجر في فتح الباري([330]).

       عضو                       عضو               نائب رئيس اللجنة                  الرئيس

عبدالله بن قعود        عبدالله بن غديان       عبد الرازق عفيفي       عبد العزيز بن عبد الله بن باز

س: هل تجوز قراءة القرآن لمريض، لوجه الله تعالى أو بأجرة؟

ج: إذا كان المقصود أن يرقى المريض بالقرآن فذلك جائز، بل مستحب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه)([331]). ولفعله ذلك وأصحابه رضي الله عنهم، والأولى أن يكون بغير أجرة، وإن كان بأجرة جاز لثبوت السنة بجواز ذلك، وإن كان المقصود أن يجعل ثوابه للمريض، فذلك لا ينبغي فعله لعدم وروده في الشرع المطهر، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد). متفق على صحته. وبالله التوفيق صلى الله عليه وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم([332]).

اللجنة الدائمة للبحوث العليمة والإفتاء

       عضو                       عضو              نائب رئيس اللجنة                  الرئيس

عبدالله بن قعود        عبدالله بن غديان      عبد الرازق عفيفي      عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 

السؤال الأول من الفتوى رقم 4804:

س: امرأة مسحورة، سحرها أحد رجال السحرة، لزواجها، فالمسحورة أخذها الجنون والساحر قبضة أحد رجال المحكمة المدنية، وأقر بأن التهمة حق بعد سير السؤال عليه، فما الحد المستحق عليه؟

ج: إذا أتى الساحر في سحره بمكفر قتل لردته حداً وإن ثبت أنه قتل بسحره نفساً معصومة قتل قصاصاً، وإن لم يأت في سحره بمكفر ولم يقتل نفساً ففي قتله بسحره خلاف ومالك وأحمد ـ رحمهم الله ـ لكفره بسحره مطلقاً للدلالة آية: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}. الآية، على كفر الساحر مطلقاً.

ولما ثبت في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة أنه قال: “كتب عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقلنا ثلاث سواحر”([333])، ولما صح عن حفصة أم المؤمنين ـ رضي الله عنهاـ. “أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها”([334]). فقلت. رواه مالك في الموطأ، ولما ثبت عن جندب أنه قال: (حد الساحر ضربه بالسيف)([335]). رواه الترمذي وقال الصحيح أنه موقوف.

وعلى هذا فحكم الساحر المسؤول عنه في الاستفتاء أنه يقتل على الصحيح من أقوال العلماء، والذي يتولى إثبات السحر وتلك العقوبة هو الحاكم المتولي شؤون المسلمين درءاً للمفسدة وسداً لباب الفوضى، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم([336]).  اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

     عضو                      عضو                    الرئيس

عبدالله بن قعود          عبد الرازق عفيفي     عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 

ما حكم كتابة شيء من آيات القرآن الكريم وشربها فإني رأيت أناساً يفعلون ذلك؟

ج: لم يثبت شيء من ذلك عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه الراشدين ولا سائر صحابته ـ رضي الله عنهم ـ فتركها أولى والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العليمة والإفتاء

        عضو                        عضو               نائب رئيس اللجنة                     الرئيس

عبدالله بن قعود         عبدالله بن غديان        عبد الرازق عفيفي        عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 

ثانياً: فتاوى خاصة بفضيلة الشيخ ابن عثيمين:

سئل فضيلة الشيخ: عن حكم الرقية؟ وعن حكم كتابة الآيات وتعليقها في عنق المريض؟

فأجاب بقوله: الرقية على المريض المصاب بسحر أو غيره من الأمراض لا بأس بها إن كانت من القرآن الكريم أو من الأدعية المباحة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرقي أصحابه، ومن جملة ما يرقاهم به: (ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع) فيبرأ.

ومن الأدعية المشروعة: (بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك). ومنها أن يضع الإنسان يده على الألم الذي يؤلمه من بدنه فيقول: (أعوذ بالله وعزته من شر ما أجد وأحاذر) إلى غير ذلك مما ذكره أهل العلم من الأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأما كتابة الآيات والأذكار وتعليقها فقد اختلف أهل العلم في ذلك: فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، والأقرب المنع من ذلك، لأن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما الوارد أن يقرأ على المريض، أما تعلق الآيات أو الأدعية على المريض في عنقه أو في يده أو تحت وسادته وما أشبه ذلك فإن ذلك من الأمور الممنوعة على القول الراجح لعدم ورودها، وكل إنسان يجعل من الأمور سبباً لأمر آخر بغير إذن من الشرع فإن عمله هذا يعد نوعاً من الشرك لأنه إثبات سبب لم يجعله الله سبباً([337]).

وسئل غفر الله له عن حكم تعليق التمائم والحجب؟

فأجاب بقوله: هذه المسألة أعني تعليق الحجب والتمائم تنقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يكون المعلق من القرآن.

والثاني: أن يكون من غير القرآن الكريم مما لا يعرف معناه، فأما الأول وهو تعليقها من القرآن الكريم فقد اختلف في ذلك أهل العلم سلفاً وخلفاً. فمنهم من أجاز ذلك ورأى أنه داخل في قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}(سورة الإسراء الآية82). وقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ}(سورة ص الآية29). وأن من بركته أن يعلق ليدفع به السوء.

ومنهم من منع ذلك وقال: إن تعليقها لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سبب شرعي يدفع به السوء أو يرفع به، والأصل في مثل هذه الأشياء التوقيف، وهذا القول هو الراجح وأنه لا يجوز تعليق التمائم ولو من القرآن الكريم، ولا يجوز أيضاً أن تجعل تحت وسادة المريض، أو تعلق في الجدار وما أشبه ذلك، وإنما يدعى للمريض ويقرأ عليه مباشرة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.

وأما إذا كان المعلق من غير القرآن الكريم مما لا يفهم معناه وهو القسم الثاني فإنه لا يجوز بكل حال لأنه لا يدري ماذا يكتب، فإن بعض الناس يكتبون طلاسم وأشياء معقدة، حروف متداخلة ما تكاد تعرفها ولا تقرأها، فهذا من البدع وهو محرم ولا يجوز بكل حال. والله أعلم([338]).

وسئل عن حكم وضع العروس قدمها في دم خروف مذبوح؟

فأجاب بقوله: ليس لهذه العادة من أصل شرعي وهي عادة سيئة لأنها:

1_ عقيدة فاسدة لا أساس لها من الشرع.

2_ أن تلوثها بالدم النجس سفه، لأن النجاسة مأمور بإزالتها والبعد عنها.

وبهذه المناسبة أود أن أقول لإخواني المسلمين: إن من المشروع أن الإنسان إذا أصابته النجاسة فليبادر بإزالتها وتطهيرها، فإن هذا هو هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، فإن الأعرابي لما بال في المسجد أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يراق على بوله ذنوباً من ماء، كذلك الصبي، وتأخير إزالة النجاسة سبب يؤدي إلى نسيان ذلك ثم يصلي الإسنان وهو معلى نجاسة، هذا وإن كان يعذر به على القول الراجح وأنه لو صلى بنجاسة نسي أن يغسلها فصلاته صحيحة، لكن ربما يتذكر في أثناء الصلاة وحينئذ إذا لم يمكنه أن يتخلص من النجاسة مع الاستمرار في صلاته فلازم ذلك أن سوف يقطع صلاته وينصرف ويبتدئها من جديد.

على كل حال هذه العادة السيئة التي وقع عنها فيها  تلوث المرأة بالنجاسة الذي هو من السفه، فإن الشرع أمر بالتخلص من النجاسة وتطهيرها، ثم إنني أخشى أن يكون هناك عقيدة أخرى وهو أن يذبحوه إما لجن أو شياطين أو ما أشبه ذلك، فيكون هذا نوعان من الشرك ومعلوم أن الشرك لا يغفره الله عز وجل. والله المستعان([339]).

وسئل: عن شخص سكن في دار فأصابته الأمراض وكثير من المصائب مما جعله يتشاءم هو وأهله من هذه الدار فهل يجوز له تركها لهذا السبب؟

فأجاب بقوله: ربما يكون بعض المنازل أو بعض المركوبات أو بعض الزوجات مشؤومات يجعل الله بحكمته مع مصاحبته إما ضرراً أو فوت منفعة أو نحو ذلك، وعلى هذا فلا بأس ببيع هذا البيت والانتقال إلى بيت غيره، ولعل الله أن يجعل الخير فيما ينتقل إليه، وقد ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (الشؤم في ثلاث: الدار، والمرأة والفرس). فبعض المركوبات يكون فيها شؤم، وبعض الزوجات يكون فيهن شؤم، وبعض البيوت فيها شؤم فإذا رأى الإنسان ذلك فليعلم أنه بتقدير الله ـ عز وجل ـ وأن سبحانه وتعالى بحكمته قدر ذلك لينتقل الإنسان إلى محل آخر. والله أعلم([340]).

وسئل الشيخ عن حكم النفث في الماء؟

فأجاب بقوله: النفث في الماء على قسمين:

القسم الأول: أن يراد بهذا النفث التبرك بريق النافث فهذا لا شك أنه حرام ونوع من الشرك، لأن ريق الإنسان ليس سبباً للبركة والشفاء ولا أحد يتبرك بآثاره إلا محمد صلى الله عليه وسلم أما غيره فلا يتبرك بآثاره، فالنبي  صلى الله عليه وسلم يتبرك بآثاره في حياته، وكذلك بعد مماته إذا بقيت تلك الآثار كما كان عند أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ جلجل من فضة فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم يستشفى بها المرضى، فإذا جاء مريض صبت على هذه الشعرات ماء ثم حركته ثم أعطته الماء، لكن غير النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يتبرك بريقه، أو بعرقه، أو بثوبه، أو بغير ذلك، بل هذا حرام ونوع من الشرك، فإذا كان النفث في الماء من أجل التبرك بريق النافث فإنه حرام ونوع من الشرك، وذلك لأن كل من أثبت لشيء سبباً غير شرعي ولا حسي فإنه قد أتى نوعاً من الشرك، لأنه جعل نفسه مسبباً مع الله وثبوت الأسباب لمسبباتها إنما يتلقى من قبل الشرع فلذلك كل من تمسك بسبب لم يجعله الله سبباً لا حساً ولا شرعاً فإنه قد أتى نوعاً من الشرك.

القسم الثاني:

أن ينفث الإنسان بريق تلا فيه القرآن الكريم مثل أن يقرأ الفاتحة، والفاتحة رقية، وهي من أعظم ما يرقي به المريض، فيقرأ الفاتحة وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به، وقد فعله بعض السلف، وهو مجرب ونافع بإذن الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث في يديه عند نومه بقل هو الله أحد، وقل أعذو برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس فيمسح بهما وجهه وما استطاع من جيده صلوات الله وسلامه عليه، والله الموفق.

وسئل فضيلته: هل للسحر حقيقة؟ وهل سحر النبي صلى الله عليه وسلم؟

فأجاب بقوله: السحر ثابت ولا مرية فيه وهو حقيقة وذلك بدلالة القرآن الكريم والسنة، أما القرآن الكريم فإن الله تعالى ذكر عن سحرة فرعون الذين ألقوا حبالهم وعصيهم وسحروا أعين الناس واسترهبوهم، حتى إن موسى عليه الصلاة والسلام كان يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، وحتى أوجس في نفسه خيفة، فأمره الله تعالى أن يلقي عصاه فألقاها فإذا هي حية تسعى، تلقف ما يأفكون، وهذا أمر لا إشكال فيه، وأما السنة ففيها أحاديث متعددة في ثبوت السحر وتأثيره.

وأما النبي عليه الصلاة والسلام سحر فنعم، فقد ثبت من حديث عائشة وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر وأنه كان يخيل إليه أنه أتى الشيء وهو لم يأته، ولكن الله تعالى أنزل عليه سورتي قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس فشفاه الله بهما([341]).

وسئل عن حكم حل السحر عن المسحور (النشرة)؟

فأجاب قائلاً: حل السحر عن المسحور (النشرة) الأصح فيها أنها تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تكون بالقرآن الكريم والأدعية الشرعية والأدوية المباحة فهذه لا بأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة، بل ربما تكون مطلوبة لأنها مصلحة بلا مضرة.

القسم الثاني: إذا كانت النشرة بشيء محرم كنقض السحر بسحر مثله فهذا موضع خلاف بين أهل العلم: فمن العلماء من أجازه للضرورة.

ومنهم من منعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: (هي من عمل الشيطان). وإسناده جيد رواه أبو داود، وعلى هذا يكون حل السحر بسحر محرماً وعلى المرء أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي}. (سورة البقرة: الآية186). ويقول الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}.(سورة النمل: الآية62). والله الموفق([342]).

وسئل: عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر؟

فأجاب بقوله: هذا محرم ولا يجوز وهذا يسمى بالعطف، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضاً محرم وقد يكون كفراً وشركاً قال الله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}(سورة البقرة الآية107).

وسئل فضيلة الشيخ: هناك من يحضرون الجن بطلاسم يقولها ويجعلهم يخرجون له كنوزاً مدفونة في الأرض منذ زمن بعيد فما حكم هذا العمل؟

فأجاب قائلاً: هذا العمل ليس بجائز فإن هذه الطلاسم التي يحضرون بها الجن ويستخدمونهم بها لا تخلو من شرك في الغالب، والشرك أمره خطير قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}(سورة المائدة: الآية72). والذي يذهب إليهم يغريهم ويغرهم، يغريهم بأنفسهم وأنهم على حق، ويغرهم بما يعطيهم من الأموال، فالواجب مقاطعة هؤلاء وأن يدع الإنسان الذهاب إليهم، وأن يحذر إخوانه المسلمين من الذهاب إليهم، والغالب في أمثال هؤلاء أنهم يحتالون على الناس ويبتزون أموالهم بغير حق ويقولون القول تخرصاً ثم إن وافق القدر أخذوا ينشرونه بين الناس، ويقولون نحن قلنا وصار كذا ونحن قلنا وصار كذا، وإن لم يوافق ادعوا دعاوى باطلة أنها هي التي منعت هذا الشيء، وإني أوجه النصيحة إلى من ابتلي بهذا الأمر وأقول لهم: احذروا أن تمتطوا الكذب على الناس والشرك بالله عز وجل وأخذ أموال الناس بالباطل، فإن أمد الدنيا قريب والحساب يوم القيامة عسير، وعليكم أن تتوبوا إلى الله تعالى من هذا العمل وأن تصححوا أعمالكم وتطيبوا أموالكم والله الموفق([343]).

وسئل فضيلته: هل العين تصيب الإنسان؟ وكيف تعالج؟ وهل التحرز منها ينافي التوكل؟

فأجاب بقوله: رأينا في العين أنها حق ثابت شرعاً وحساً قال الله تعالى:{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}(سورة القلم: الآية 51).

قال ابن عباس وغيره في تفسيرها: أي يعينوك بأبصارهم، ويقول النبي ﷺ: (العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استغسلتم فاغسلوا). رواه مسلم. ومن ذلك ما رواه النسائي وابن ماجه أن عامر بن ربيعة مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة فما لبث أن لبط به فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: أدرك سهلاً صريعاً، فقال: (من تتهمون؟) قالوا: عامر بن ربيعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (علام يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة). ثم دعا عامراً أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخله إزاره وأمره أن يصب عليه، وفي يكفأ الإناء من خلفه والواقع شاهد بذلك ولا يمكن إنكاره.

وفي حالة وقوعها تستعمل العلاجات الشرعية:

1_ القراءة: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا رقية إلا من عين أو رحمة)، وقد كان جبريل يرقي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: (باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك).

2_ الاستغسال: كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة في الحديث السابق ثم يصب على المصاب.

أما الأخذ من فضلاته العائدة من بوله أو غائطه فليس له أصل، وكذلك الأخذ من أثره وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه والله أعلم.

والتحرز من العين مقدماً لا بأس به ولا ينافي التوكل بل هو التوكل، لأن التوكل الاعتماد على الله سبحانه مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: (أعيذ كما بكلمات الله التامة منكل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ويقول: هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام) روا البخاري([344]).

وسئل الشيخ: اختلف بعض الناس في العين فقال بعضهم: لا تؤثر لمخالفتها للقرآن الكريم فما القول الحق في هذه المسألة؟

فأجاب بقوله: القول الحق ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وهي: (إن العين حق) وهذا الحديث حتى يقول هؤلاء إنه يعارض القرآن الكريم بل إن الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيء سبباً، حتى إن بعض المفسرين قالوا في قوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ}(سورة القلم، الآية51). قالوا: إن المراد هنا العين. ولكن على كل حال سواء كان هذا هو المراد بالآية أم غيره فإن العين ثابتة وهي حق ولا ريب فيها، والواقع يشهد لذلك منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليوم.

ولكن من صيب بالعين فماذا يصنع؟ الجواب:

يعامل بالقراءة وإذا علم عائنه فإنه يطلب منه أن يتوضأ ويؤخذ ما يتساقط من ماء وضوئه ثم يعطى للعائن يصب على رأسه وعلى ظهره ويسقى منه وبهذا يشفى بإذن الله، وقد جرت العادة عندنا أنهم يأخذون من العائن ما يباشر جسمه من اللباس مثل الطاقية وما أشبه ذلك ويربصونها بالماء ثم يسقونها المصاب ورأينا ذلك يفيده حسبما تواتر عندنا من النقول، فإذا كان هذا هو الواقع فلا بأس باستعمال لأن السبب إذا ثبت كونه سبباً شرعياً أو حسياً فإنه يعتبر صحيحاً أما ما ليس بسبب شرعي ولا حسي فإنه لا يجوز اعتماده مثل أولئك الذين يعتمدون على التمائم ونحوها يعلقونها على أنفسهم ليدفعوا بها العين فإن هذا لا أصل له سواء كانت هذه من القرآن الكريم أو من غير القرآن الكريم، وقد رخص بعض السلف في تعليق التمائم إذا كانت من القرآن الكريم ودعت الحاجة إليها([345]).

سئل فضيلته هل للجن تأثير على الإنس؟ وما طريق الوقاية منهم؟

فأجاب بقوله: لا شك أن الجن لهم تأثير على الإنس بالأذية التي قد تصل إلى القتل وربما يؤذونه برمي الحجارة وربما يروعون الإنسان إلى غير ذلك من الأشياء التي تثبتت بها السنة ودل عليها الواقع، فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لبعض أصحابه أن يذهب إلى أهله في إحدى الغزوات ـ وأظنها غزوة الخندق ـ وكان شاباً حديث عهد بعرس، فلما وصل إلى بيته وإذا امرأته على الباب فأنكر عليها ذلك فقالت له: ادخل فدخل فإذا حية ملتوية على الفراش وكان معه رمح فوخزها بالرمح حتى ماتت وفي الحال ـ أي الزمن الذي ماتت فيه الحية ـ مات الرجل فلا يدري أيهما أسبق موتاً الحية أم الرجل فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم  نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفتين.

وهذا دليل على أن الجن قد يعتدون على الإنس وأنهم يؤذونهم كما أن الواقع شاهد بذلك فإنه قد تواترت الأخبار واستفاضت بأن الإنسان قد يأتي إلى الخربة فيرمى بالحجارة وهو لا يرى أحداً من الإنس في هذه الخربة وقد يسمع أصواتاً وقد يسمع حفيفاً كحفيف الأشجار وما أشبه ذلك مما يستوحش به ويتأذى به كذلك أيضاً قد يدخل الجني إلى جسد الآدمي إما بعشق أو لقصد الإيذاء أو لسبب آخر من الأسباب ويشير إلى هذا قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ}(سورة البقرة: الآية275).

وفي هذا النوع قد يتحدث الجني من باطن الإنسي نفسه ويخاطب من يقرأ عليه آيات من القرآن الكريم وربما يأخذ القارئ عليه عهداً ألا يعود إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي استفاضت بها الأخبار وانتشرت بين الناس، وعلى هذا فإن الوقاية المانعة من شر الجن أن يقرأ الإنسان ما جاءت به السنة مما يتحصن به منهم مثل آية الكرسي، فإن آية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. والله الحافظ([346]).

وسئل الشيخ هل للجن حقيقة؟ وهل لهم تأثير؟ وما علاج ذلك؟

فأجاب قائلاً: أما حقيقة حياة الجن فالله أعلم بها ولكننا نعلم أن الجن أجسام حقيقة وأنهم خلقوا من النار وأنهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ولهم ذرية كما قال الله تعالى في الشيطان: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} (سورة الكهف: الآية20). وأنهم مكلفون بالعبادات فقد أرسل النبي، عليه الصلاة والسلام وحضروا واستمعوا القرآن الكريم كما قال الله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً}(سورة الجن: الآيتان1، 2). وكما قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} (سورة الأحقاف الآيتان 29، 30). إلى آخر الآيات. وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال للجن الذين وفدوا إليه وسألوه الزاد قال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحماً) وهم ـ أعني الجن ـ يشاركون الإنسان إذا كل ولم يذكر اسم الله على أكله ولهذا كانت التسمية على الأكل واجبة وكذلك على الشرب كما أمر بذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، فإن الجن حقيقة واقعة وإنكارهم تكذيب للقرآن الكريم وكفر بالله عز وجل، وهم يؤمرون وينهون ويدخل كافرهم النار كما قال الله تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}(سورة الأعراف: الآية 38). ومؤمنهم يدخل الجنة أيضاً لقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَى أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}(سورة الرحمن: الآيتان 46_ 49). والخطاب للجن والإنس. ولقوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}.   إلى غير ذلك من الآيات والنصوص الدالة على أنهم مكلفون يدخلون الجنة إذا آمنوا ويدخلون النار إذا لم يؤمنوا.

أما تأثيرهم على الإنس فإنه واقع أيضاَ فإنهم يؤثرون على الإنس، إما أن يدخلوا في جسد الإنسان فيصرع ويتألم، وإما أن يؤثروا عليه بالترويع والإيحاش وما أشبه ذلك.

والعلاج من تأثيرهم بالأوراد الشرعية مثل قراءة آية الكرسي فإن من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح([347]).

سئل فضيلة الشيخ: عن السحر وحكم تعلمه؟

فأجاب بقوله: السحر قال العلماء هو في اللغة “عبارة عن كل ما لطف وخفي سببه” بحيث يكون له تأثير خفي لا يطلع عليه الناس، وهو بهذا المعنى يشمل التنجيم، والكهانة، بل إنه يشمل التأثير بالبيان والفصاحة كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن من البيان لسحراً). فكل شيء له أثر بطريق خفي فهو من السحر، وأما الاصطلاح فعرفه بعضهم بأنه: “عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والعقول والإبدان فتسلب العقل، وتوجد الحب والبغض فتفرق بين المرء وزوجه وتمرض البدن وتسلب تفكيره”.

وتعلم السحر محرم، بل هو كفر إذا كانت وسيلته الإشراك بالشياطين قال الله تبارك تعالى:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}(سورة البقرة: الآية102).

فتعلم هذا النوع من السحر وهو الذي يكون بواسطة الإشراك بالشياطين كفر، واستعماله أيضاً كفر وظلم وعدوان على الخلق، ولهذا يقتل الساحر إما ردة وكفراً، وإن كان سحره لا يصل إلى درجة الكفر فإنه يقتل حداً دفعاً لشره وأذاه عن المسلمين([348]).

سئل حفظه الله ورعاه: هل للسحر حقيقة؟

فأجاب قائلاً: “للسحر حقيقة ولا شك وهو مؤثر حقيقة، لكن كونه يقلب الشيء أو يحرك الساكن أو يسكن المتحرك هذا خيال وليس حقيقة، انظر إلى قول الله تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}(سورة الأعراف: الآية 116). قال: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} كيف سحروا أعين الناس؟ سحروا أعين الناس حين صار الناس ينظرون إلى حبال السحرة وعصيهم كأنها ثعابين تمشي كما قال الله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}(سورة طه: الآية66}.

فالسحر في قلب الأشياء، وتحريك الساكن، أو تسكين المتحرك ليس له أثر، لكن في كونه يسحر أو يؤثر على المسحور حتى يرى الساكن متحركاً والمتحرك ساكناً، أثره ظاهر جداً إذن فله حقيقة ويؤثر على بدن المسحور وحواسه وربما يهلكه”([349]).

سئل الشيخ: عن أقسام السحر؟ وهل الساحر كافر؟

فأجاب بقول: السحر ينقسم إلى قسمين:

الأول: عقد ورقي، أي قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى الإشراك بالشياطين فيما يريد لضرر المسحور، قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}(سورة البقرة: الآية102).

الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور، وعقله وإراداته، وميله وهو ما يسمى عندهم بالعطف والصرف، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء، والصرف بالعكس من ذلك، فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه.

وكفر الساحر اختلف فيه أهل العلم: منهم من قال يكفر، ومنهم من قال لا يكفر.

ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبين به حكم هذه المسألة:

فمن كان سحره بواسطة الشياطين فإنه يكفر، ومن كان سحره بالأدوية والعقاقير فإنه لا يكفر ولكنه يعتبر عاصياً([350]).

سئل فضيلة الشيخ هل قتل الساحر ردة أو حداً؟

فأجاب بقوله: “قتل الساحر قد يكون حداً، وقد يكون ردة بناء على التفصيل السابق في كفر الساحر فمتى حكمناه بكفره فقتله ردة، وإذا لم نحكم بكفره فقتله حداً، والسحرة يجب قتلهم سواء قلنا بكفرهم أم لا، لعظم ضررهم وفظاعة أمرهم، فهم يفرقون بين المرء وزوجه، وكذلك العكس فهم فد يعطفون فيؤلفون بين أعداء ويتوصلون بذلك إلى أغراضهم كما لو سحر امرأة ليزني بها، فيجب على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة ما دام أنه حد لأن الحد إذا بلغ الإمام لا يستتاب صاحبه بل يقاوم بكل حال، أما الكفر فإنه يستتاب صاحبه، وبهذا نعرف خطأ من أدخل حكم المرتد ليس من الحدود، لأنه إذا تاب انتفى عنه القتل، ثم إن الحدود كفارة لصاحبها وليس بكافر، والقتل بالردة ليس بكفارة وصاحبه كافر لا يصلى عليه، ولا يغسل، ولا يدفن في مقابر المسلمين. فالقول بقتل السحرة موافق للقواعد الشرعية، لأنهم يسعون في الأرض فساداً وفسادهم من أعظم الفساد، وإذا قتلوا سلم الناس من شرهم، وارتدع الناس عن تعاطي السحر”([351]).

وسئل فضيلته: هل ثبت أن النبي، صلى الله عليه وسلم سحر؟

فأجاب بقوله: “نعم ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر، لكن لم يؤثر عليه من الناحية التشريعية أو الوحي، إنما غاية ما هنالك أنه وصل إلى درجة يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله، وهذا السحر الذي وضع كان من يهودي يقال له لبيد بن الأعصم وضعه له، ولكن الله تعالى أنجاه منه حتى جاءه الوحي بذلك وعوذ بالمعوذتين عليه الصلاة والسلام، ولا يؤثر هذا السحر على مقام النبوة لأنه لم يؤثر في تصرف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالوحي والعبادات.

وقد أنكر بعض الناس أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سحر، بحجة أن هذا القول يستلزم تصديق الظالمين الذين قالوا:{إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً}(سورة الإسراء: الآية 47).

ولكن هذا لا شك أنه لا يستلزم موافقة هؤلاء الظالمين بما وصفوا به النبي ﷺ لأن أولئك يدعون أن الرسول صلى الله عليه وسلم، مسحور فيما يتكلم به من الوحي وأن ما جاء به هذيان كهذيان المسحور، وأما السحر الذي وقع للرسول، صلى الله عليه وسلم، فلم يؤثر عليه في شيء من الوحي ولا في شيء من العبادات، ولا يجوز لنا أن نكذب الأخبار الصحيحة بمجرد فهم سيء فهمه من فهمه”([352]).

سئل الشيخ عن حكم سؤال العراف؟

فأجاب قائلاً: سؤال العراف ينقسم إلى ثلاثة أقسام؟

القسم الأول: أن يسأله فيصدقه ويعتبر قوله فهذا حرام بل كفر؛ لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن.

القسم الثاني: أن يسأله ليختبره هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله فهذا جائز، وقد سأل النبي، صلى الله عليه وسلم ابن صياد قال: (ماذا خبأت لك)؟ قال: الدخ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(اخسأ فلن تعدو قدرك). فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره له الأجل

أن يختبره لا ليصدقه ويعتبر قوله.

القسم الثالث: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، وهذا أمر مطلوب وقد يكون واجباً([353]).

وسئل جزاه الله خيراً: عن الكهانة؟ وحكم إتيان الكهان؟

فأجاب بقوله: الكهانة فعالة مأخوذة من التكهن، وهو التخرص والتماس الحقيقة بأمور ر أساس لها، وكانت في الجاهلية صنعة لأقوام تتصل بهم الشياطين وتسترق السمع من السماء وتحدثهم به، ثم يأخذون كالكلمة التي نقلت إليهم من السماء بواسطة هؤلاء الشياطين ويضيفون إليها ما يضيفون من القول، ثم يتحدثون بها الناس فإذا وقع الشيء مطابقاً لما قالوا اغتر بهم الناس واتخذوهم مرجعاً في الحكم بينهم، وفي استنتاج ما يكون في المستقبل، ولهذا نقول: الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.

والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه، فهذا محرم، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً أو أربعين ليلة).

القسم الثاني: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به، فهذا كفر بالله عز وجل، لأنه صدقه في دعوى علمه الغيب، وتصديق البشر في دعوى علم الغيب تكذيب لقول الله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} (سورة النمل الآية65). لهذا جاء الحديث الصحيح: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم).

القسم الثالث: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ليبين حاله للناس، وأنها كهانة وتمويه وتضليل، فهذا لا بأس به، ودليل ذلك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أتاه ابن صياد فأضمر له النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في نفسه فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ماذا خبأ له؟ فقال: الدخ يريد الدخان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اخسأ فلن تعدو قدرك). هذه أموال من يأتي إلى الكاهن ثلاثة:

الأول: أن يأتي فيسأله بدون أن يصدقه، وبدون أن يقصد بيان حاله فهذا محرم، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين ليلة.

الثانية: أن يسأله فيصدقه وهذا كفر بالله عز وجل يجب على الإنسان أن يتوب منه ويرجع إلى الله عز وجل وإلا مات على الكفر.

الثالث: أن يأتيه فيسأله ليمتحنه ويبين حاله للناس فهذا لا بأس به([354]).

وسئل فضيلته: عن التنجيم وحكمه؟

فأجاب بقوله: التنجيم مأخوذ من النجم، وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، بمعنى أن يربط المنجم ما يقع في الأرض، أو ما سيقع في الأرض بالنجوم بحركاتها، وطلوعها، وغروبها، واقترانها، وافتراقها وما أشبه ذلك، والتنجيم نوع من السحر والكهانة وهو محرم لأنه مبني على أوهام لا حقيقة لها، فلا علاقة لما يحدث في الأرض بما يحدث في السماء، ولهذا كان عقيدة أهل الجاهلية أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم، فكسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ـ رضي الله عنه ـ فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى الكسوف وقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته). فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ارتباط الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية وكما أن التنجيم بهذا المعنى نوع من السحر والكهانة، فهو أيضاً سبب للأوهام والانفعالات النفسية التي ليس لها حقيقة ولا أصل، فيقع الإنسان في أوهام، وتشاؤمات، ومتاهات لا نهاية لها.

وهناك نوع آخر من التنجيم وهو أن الإنسان يستدل بطلوع النجوم على الأوقات، والأزمنة، والفصول، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه، مثل أن نقول إذا دخل نجم فلان فإنه يكون قد دخل موسم الأمطار، أو قد دخل وقت نضوج الثمار وما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه([355]).

سئل الشيخ: ما العلاقة التنجيم والكهانة؟ وأيهما أخطر؟

فأجاب قائلاً: “العلاقة بين التنجيم والكهانة أن الكل مبني على الوهم والدجل، وأكل أموال الناس بالباطل، وإدخال الهموم والغموم عليهم وما أشبه ذلك.

وبالنسبة لخطرهما على المسلمين فهذا ينبني على شيوع هذا الأمر بين الناس فقد يكون في بعض البلاد لا أثر للتنجيم عندهم إطلاقاً ولا يهتمون به ولا يصدقون به، ولكن الكهانة منتشرة بينهم فتكون أخطر، وقد يكون الأمر بالعكس. لكن من حيث واقع الكهانة والتنجيم فإن الكهانة أخطر”([356]).

سئل الشيخ: ما حكم خدمة الجن للإنس؟

فأجاب بقوله: “ذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في المجلد الحادي عشر من مجموع الفتاوى ما مقتضاه أن استخدام الإنس للجن له ثلاث حالات:

الأولى: أن يستخدمه في طاعة الله كأن يكون نائباً عنه في تبليغ الشرع، فمثلاً إذا كان له صاحب من الجن مؤمن يأخذ عنه العلم فيستخدمه في تبليغ الشرع لنظرائه من الجن، أو في المعونة على أمور مطلوبة شرعاً فإنه يكون أمراً محموداً أو مطلوباً وهو من الدعوة إلى الله عز وجل. والجن حضروا للنبي صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم القرآن وولوا إلى قومهم منذرين، والجن فيهم الصلحاء والعباد والزهاد والعلماء لأن المنذر لا بد أن يكون عالماً بما ينذر عابداً.

الثانية: أن يستخدمهم في أمور مباحة فهذا جائز بشرط أن تكون الوسيلة مباحة فإن كانت محرمة فهو مثل أن لا يخدمه الجني إلا أن يشرك بالله كأن يذبح للجني أو يركع له أو يسجد ونجو ذلك.

الثالثة: أن يستخدمهم في أمور محرمة كنهب أموال الناس وترويعهم وما أشبه ذلك، فهذا محرم لما فيه من العدوان والظلم.

ثم إن كانت الوسيلة محرمة أو شركاً كان أعظم وأشد”([357]).

وسئل: ما حكم سؤال الجن وتصديقهم فيما يقولون؟

فأجاب قائلاً: “سؤال الجن وتصديقهم فيما يقولون: قال عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: إن من يسأله الجن أو يسأله من يسأل الجن على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسؤولين فهو حرام.

وأما إن كان ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهذا جائز، ثم استدل له ثم ذكر ما روي عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر ـ رضي الله عنه ـ وكان هناك امرأة لها قرين أي صاحب من الجن فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يسم إبل الصدقة”([358]).

سئل الشيخ: هل الجن يعلمون الغيب؟

فأجاب بقوله: “الجن لا يعلمون الغيب، ولا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله واقرأ قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}. ومن ادعى علم الغيب فهو كافر. أو من صدق من يدعي علم الغيب فإنه كافر أيضاً لقوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}.  فلا يعلم غيب السموات والأرض إلا الله وحده وهؤلاء الذين يدعون أنهم يعلمون الغيب في المستقبل كل هذا من الكهانة وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم: (أن من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً).

فإن صدقه فإنه يكون كافراً لأنه إذا صدقه بعلم الغيب فقد كذب قوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}”.

 

القراءة سبع مرات لا أصل لها

يأتي بعض الذين يعالجون الناس بالقراءة والنفث بأمور لا ندري مدى موافقتها للشرع، مثل أن يبيع أواني يذكر فيها أن بعضها قرئ فيه سبع مرات أو نوعاً آخر قرئ فيه مرة واحدة وهو أقل سعراً من الأول، وقول أحدهم لأحد المرضى عليك بقفل الحمامات ليلاً، وقال بعضهم لأهل مريض أتوا به إليه إنه لا يصح أن يقرأ على نفسه بل ينبغي أن يقرأ عليه غيره، وغير ذلك من الأقوال أفيدونا عن حكم ذلك جزاكم الله خيراً.

الجواب: “كل هذه الأقوال والإرشادات لا أصل لها في الواقع وكذلك الأواني التي قرئ فيها سبع مرات والتي قرئ فيها ثلاث مرات أو أقل أو أكثر، كل هذا لا أصل له، والمعروف من فعل بعض السلف أنهم يكتبون بالزعفران آيات من القرآن الكريم مثل الفاتحة وآية الكرسي في أوانٍ ثم يُصب عليها الماء ثم يشربه المريض؛ أما القراءة سبع مرات فهذا لا أصل له فيما أعلم من أهل السلف، ولكن نظراً لكثرة الأمراض النفسية في هذا العصر صار أولئك القراء يأتون بأشياء وليس لها أصل.

والذي ننصح به هؤلاء القراء ألا يتجاوزوا ما جاء عن السلف ـ رضي الله عنهم ـ فإنهم أقرب إلى الصواب وأسد رأياً ” ([359]).

هل ترفع التكاليف عن مريض الأعصاب؟

شخص مصاب بمرض أعصاب مزمن حسب كلام الطبيب، وسبب له هذا المرض كثيراً من المشاكل منها رفع الصوت على الوالدين وقطيعة الرحم ووجود القلق والخجل والخوف، فهل ترفع عنه التكاليف الشرعية؟ وهل عليه شيء في أعماله تلك؟ وبماذا تنصحونه؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: لا ترفع عنه الأحكام الشرعية ما دام عقله باقيا، أما لو فقد عقله ولم يستطع السيطرة على عقله حينئذ يكون معذوراً، والذي أنصحه به أن يكثر من الدعاء ومن ذكر الله عز وجل ومن الاستغفار ومن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عندما يثور غضبه لعل الله أن يكشف عنه.

  

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات: وبعد:

فقد يسر الله بمنه وكرمه الفراغ من هذا الكتاب الذي قاسينا فيه الكثير وأخذ منا من الجهد والوقت ما الله به عليم.

ويطيب لنا أخي القارئ أن نضع بين يديك في خاتمته خلاصة ما انتهينا إليه فنقول:

1) الكتابة في الموضوع هامة نظراً لحاجة الناس لكتاب يجمع بين الناحية النظرية والتطبيقية في هذا الموضوع القديم الجديد الذي يمس حياة الناس في كل زمان ومكان.

2) هناك مرتكزات ينبغي للمسلم أن يهتم بها وأن تكون ملازمة له في أطوار حياته مثل الإيمان بالغيب والقضاء والقدر والصبر على المصائب وغيرها.

3) خلق الجن من نار، وكان خلقهم قبل الإنس، وهم مكلفون تشملهم شريعة محمد، صلى الله عليه وسلم، فمن آمن منهم وصدق وعمل صالحاً ومات على ذلك دخل الجنة، ومن جحد وكفر وتنكب الصراط المستقيم دخل النار وبئس القرار.

4) الجن عالم غيبي يجب الإيمان به وقد ثبت وجودهم بالكتاب والسنة والإجماع. فمن أنكر وجودهم فقد أنكر شيئاً مما جاء في القرآن وثبت بالسنة ومن أوَّل ذلك فقد عرض نفسه للخطر.

5) تسكن الجن أماكن كثيرة كالخلاء والصحاري والفلوات والأماكن المهجورة وغير ذلك فينبغي للإنسان أن يتحصن بالأدعية والأوراد لئلا ينالوه بالأذى.

6) هناك سبل كثيرة للوقاية من شرور الجن وأذيتهم، فمن حافظ عليها والتزم بها حُفظ بإذن الله وعصم منهم، ومن فرط وضيع فقد كان سبباً على نفسه في جر المصائب.

7) مس الجن للإنسان وصرعهم له ثابت شرعا وعقلاً وواقعاً وله أعراض كثيرة تبدوا واضحة على المصاب، كالتشنج والإغماء والصراخ والآلام الموضعية دون سبب ظاهر.

8) أسباب صرع الجن للإنسان كثيرة، فأحياناً ابتلاء من الله جل وعلا، وأحياناً يكون بسبب بعد المصروع عن الله، وأحياناً عن طريق العشق منهم له، كأن يعشق جني إنسية أو تعشق جنية إنسياً، أو يكون ذلك سفهاً منهم وظلماً وعدواناً وهذا كثير “وتارة يكون بسبب إيذاء الإنس للجن وهذا كثير”([360]).

9) التداوي مشروع بالكتاب والسنة، وقد أرشد الله إلى أنواع كثيرة من العلاج وما نزل داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله.

10) ليس كل إنسان مؤهلاً للرقية، بل هناك أمور ينبغي أن تتوافر في الراقي والرقية والمرقي، ومتى توفرت هذه الأمور نفع العلاج بإذن الله تعالى.

11) هناك أدوية كثيرة تنفع في علاج الصرع وغيره، وهذه الأدوية مجربة وثابت نفعها بإذن الله.

12) للصلاة والصبر وغيرهما من المأثور الشرعية آثار نافعة في علاج المرضى أياًّ كان مرضهم، وقد لمسنا هذا بأنفسنا في كثير من الحالات.

13) السحر رقى وتعوذات بدعية يستسلم فيها الساحر للشيطان ويعمل ما يطلب منه من حلال وحرام.

14) السحر ثابت بالكتاب والسنة والإجماع وهو حق وحقيقة.

15) لا يحل تعلم السحر بأي حال من الأحوال، ومن ثبت أنه ساحر فحده ضرب عنقه بالسيف.

16) هناك سبل كثيرة للوقاية من السحر قبل وقوعه وبعد وقوعه، ومن أخذ بها مع الاعتصام بالله والتوكل عليه شفاه الله جل وعلا.

17) العين حق ولو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين، والإصابة بالعين ثابتة بالنص من القرآن والسنة.

18) الحسد داء الأمم، وأكثر وقوعه بين الناس، فلقد فرق أمماً وشعوباً وقضى على أسر وبيوت، ولا ينبت إلا في النفوس الشريرة التي تكره الخير وتحب الشر.

19) للوقاية من العين وسائل كثيرة، تتضمن رقى شرعية ووسائل طبيعية يستخدمها المعين ويبرأ بإذن الله تعالى، وقد جربنا ذلك فثبت نفعه ولله الفضل والمنة.

20) قد تصيب العين من شخص غير عائن، لكنه استشرف لأمر ما أو أعجب به أو تمناه فحدث منه ما لم يكن من فعله عادة وهذا مشاهد ملموس.

21) عقدنا مبحثاً كاملاً للحوادث الواقعية التي عايشناها بأنفسنا من غير زيادة أو نقص، وقد حرصنا ألا نثبت إلا ما وقع لنا، لأن هذا أصدق ما نستدل به من الواقع، وكثير من الأحباب يعرف هذه الحوادث لأنا ذكرناها له أو عايشها معنا أو سمعها أو وقعت لأحد أقربائه.

وأخيراً:

فهذا هو العلاج بين يديك أخي المسلم من كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأفعال السلف الصالح رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان، وهو مجرب ونافع لا محالة، ومن لم يظهر له النفع فليفتش عن نفسه، فهل تعتصم بالله أخي المسلم وتتوكل عليه وتعاهد الله ألا تذهب للدجالين والمشعوذين الذين يملئون قلبك حسرة وندماً، ويستنزفون مالك ويبعدونك عن الله ويجرونك لارتكاب المحرمات.

نأمل ذلك ونتمناه، ونسأل الله لنا ولك العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة، وسلام الله عليك ورحمته وبركاته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

فهرس الموضوعات

الموضوع
* مقدمة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز.
* المقدمة.
* أسباب الكتابة في الموضوع.
* التمهيد.
* المرتكز الأول: الإيمان.
* المرتكز الثاني: الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.
* المرتكز الثالث: الصبر على أقدار الله.
* الجن حقيقة وبيان.
* سبب تسميتهم بالجن.
* متى خلق الجن؟
* أصل خلق الجن.
* أصناف الجن.
* هل الجن مكلفون باتباع الشرع المطهر.
* هل يتناكح الإنس والجن؟
* إثبات وجود الجن.
أولاً: من القرآن.
ثانياً: من السنة.
ثالثاً: من العقل.
* مساكن الجن وأماكن ارتيادهم ووجودهم.
* أوقات انتشار الجن.
* الدروع الواقية.
* سبل دفع الشرور قبل وقوعها ورفعها بعد وقوعها.
1) تحقيق التوحيد الخالص لله.
الأول: توحيد الربوبية.
الثاني: توحيد الألوهية.
الثالث: توحيد الأسماء والصفات.
2) الاعتصام بالكتاب والسنة.
3) تقوى الله ـ عز وجل ـ والإنابة إليه.
4) التوكل على الله والاعتماد عليه وتفويض الأمر له.
5) صدق الإقبال على الله والتوبة النصوح والتخلص من المعاصي والآثام ورد المظالم إلى أهلها.
6) حفظ الله.
7) العمل الصالح والتوسل به إلى الله.
8) الاستقامة على دين الله.
9) المحافظة على الصلوات لا سيما صلاة الفجر.
10) بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس.
11) تطهير البيت من التصاوير والتماثيل.
12) المحافظة على تلاوة بعض السور والآيات وملازمة الأذكار والأوراد.
* قراءة بعض السور والآيات والأذكار الطاردة للشياطين.
1) سورة البقرة تطرد الشياطين من البيوت.
2) فضل قراءة آية الكرسي عند النوم.
3) قراءة آخر آيتين من سورة البقرة تكفي شر ما يؤذي.
4) قراءة المعوذتين وقل هو الله أحد تكفي شر ما يؤذي.
5) قول المسلم في أول النهار وآخره.
6) التسمية في كل شيء.
* سبل الوقاية الخاصة من الجن والشياطين.
1) الاستعاذة بالله من الشيطان.
2) التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق كلما نزل منزلاً.
3) التعوذ بكلمات الله كلما فزع.
4) قول الإنسان (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
5) ما يقال لطرد الشيطان عند دخول البيت.
6) ما يقال لطرد الشيطان عند الخروج من البيت.
7) ما يقال لطرد الشيطان عند الجماع.
8) الدعاء عند دخول الخلاء.
9) عدم البول في الشقوق والجحور.
10) ما يقال لطرد الشيطان عند الغضب.
* المس.
* تعريف المس.
* أنواع المس.
* الأسباب الداعية إلى القول بغير علم في تشخيص الحالة المرضية.
* أعراض المسّ.
أولاً: الأعراض في حال اليقظة.
ثانياً: الأعراض في حال اليقظة.
ثالثاً: الأعراض في المنام.
* حالات تلبُّس الجن بالإنس.
* الصرع.
* تعريف الصرع.
* أنواع الصرع.
* إثبات وجود الصرع.
أولاً: من الكتاب.
ثانياً: من السنة.
ثالثاً: من كلام السلف.
* أسباب الصرع.
أولاً: أن يكون نوع ابتلاء من الله.
ثانياً: أن يكون عقوبة من الله.
ثالثاً: أن يكون بسبب العشق والهوى والشهوة.
رابعاً: أن يكون المجازاة والانتقام.
خامساً: أن يكون الاعتداء والإيذاء عن سفر منهم.
سادساً: أن يكون سبب ذلك السحر.
* شبهة والرد عليها.
* فصل في التداوي.
* أثر القرآن.
* أنواع الأدوية.
أولاً: الأدوية الإلهية.
* تعريف الرقية.
* أنواع الرقي.
أولاً: الرقية الشرعية وشروطها.
* قواعد مهمة.
* الأمور التي يجب توافرها لدى الراقي (المعالج).
* الأمور التي يجب توافرها لدى المرقي عليه.
* هل ينافي العلاج بالرقية وغيرها التوكل على الله؟
* أخذ الأجرة على الرقية.
* بعض محاذير القراءة.
ثانياً: الرقية الشركية.
* التمائم.
* أنواعها.
* التّولة.
* فصل في الكهانة والعرافة.
* الكهانة.
* تعريف الكاهن.
* العرافة.
* العرّاف لغة.
* حكم العلاج بالذهاب إلى العرافين والكهان والسحرة والمشعوذين.
* احذروا مملكة الدجالين والمشعوذين.
* كيف تميز الطيب من الخبيث.
* كيف ترقي من به مسّ؟
* زجر وضرب الجني المتلبس بالمصروع.
* تحذير.
* الضرب حتى الموت لإخراج الأرواح الشريرة.
* كيف تحاور الجني؟
* أخذ العهد على الجني.
ثانياً: الأدوية الطبيعية.
أولاً: العسل.
ثانياً: الحبة السوداء.
ثالثاً: زيت الزيتون.
* فوائد زيت الزيتون.
رابعاً: ماء زمزم وماء السماء.
خامساً: الاغتسال والتنظيف والتطيب.
* الطيب.
* العود.
* المركب من الأمرين.
* أمور لا بد منها.
أولاً: المحافظة على الصلاة.
ثانياً: الدعاء.
* بعض الأدعية الصالحة.
ثالثاً: الصبر.
* مما يعين على الصبر.
رابعاً: زيارة المريض وتطييب خاطره والدعاء له.
خامساً: بذل الصدقات والإحسان إلى الخلق.
* السحر.
* تعريفه.
* إثبات وقوع السحر.
1) من الكتاب.
2) من السنة.
3) من الإجماع.
* هل للسحر حقيقة؟
* حكم تعلم السحر.
* حدّ السحر.
* توبة الساحر.
* سبل الوقاية من السحر.
1) الأذكار والتعوذات.
2) العجوة.
* علاج السحر.
أولاً: استخراج السحر وتبطيله.
أ_ التوجه الخالص الله.
ب_ أن يعرف مكانة عن طريق الجن.
ج_ إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض.
د_ الاستفراغ.
* تعريف الحجامة.
* أثر الحجامة في السحر.
* أفضل وقت للحجامة.
هـ _ علاج السحر بالنشرة.
* أنواع النشرة وحكمها.
* رقية السحر (النشرة الجائزة).
* العين.
* الأدلة على إثبات الإصابة بالعين.
أولاً: من الكتاب.
ثانياً: من السنة.
* أنواع العين.
* كيف تؤثر العين؟
* واجب الإمام نحو العائن.
* سبل الوقاية من العين وكيفية دفع شر الحاسد عن المحسود.
* الأمراض النفسية.
* المعاصي وآثارها على العبد.
* علاج العين.
أولاً: أمر العائن بالاغتسال إذا عرف.
* كيفية معرفة العائن ومواجهته بالأمر.
* مواجهة العائن إذا عرف.
ثانياً: الرقية من العين.
* رقية العين.
* الحسد.
* تعريفه.
* حقيقة الحسد.
* إثبات الحسد.
* الحسد في القرآن.
* الحسد في السنة.
* الفرق بين الحاسد والعائن.
* مراتب الحسد.
* أسباب الحسد ودوافعه.
* علاج الحسد.
* أثر الحسد على المجتمع.
* ملخص خاص ببعض الوقائع عن الصرع والسحر والعين والمشعوذين.
* وقائع عن الجن.
* وقائع عن السحر.
* وقائع عن العين.
* من صور المشعوذين.
* ملحق الفتاوى.
أولاً: فتاوي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
ثانياً: فتاوي خاصة بفضيلة الشيخ ابن عثيمين.
القراءة سبع مرات لا أصل لها.
* الخاتمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم 4/2295، برقم 2999باب المؤمن أمره كله خير.

([2]) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح 4/67، وانظر صحيح الترمذي للألباني 2/309 رقم 2043. ورواه أحمد (1/293).

([3]) رواه الترمذي وقال: صحيح (4/667) ورواه أحمد (1/293). 

([4]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم 4/2295، برقم 2999باب المؤمن أمره كله خير.

([5]) رواه أحمد (4/278)، وابن ماجه (3436) وأبو داود (3855)، والترمذي (2039) وقال: حديث حسن صحيح، وانظر صحيح الترمذي (2/201ـ 202). رقم 1660. 

([6]) رواه البخاري في الطب رقم (5678). 

([7]) رواه الترمذي، انظر صحيح الجامع (6/301).

([8]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (2/632) باب ما يقال عند المصيبة.

([9]) رواه مسلم سبق تخريجه في المقدمة.

([10]) تسلية أهل المصائب، محمد المنبجي الحنبلي، شرح وتعليق محمد الحمصي ص24، دار الرشيد، بيروت.

([11]) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة، عبد الكريم نوفان فواز عبيدات ص8-9.

([12]) عقيدة المؤمن لأبي بكر الجزائري ص228.

([13]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (4/2294) برقم (2996) كتاب الزهد والرفاق.

([14]) رواه الطبراني والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات بإسناد صحيح، انظر صحيح الجامع (3/85).

([15]) مطالب أولي النهي، شرح غاية المنتهى، مصطفى السيوطي.

([16]) إيضاح الدلالة في عموم الرسالة، ابن تيمية.

([17]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، 19/52، الرئاسة العامة.

([18]) علق سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز قائلاً: (هذا هو الصواب ولا يجوز غيره لأسباب كثيرة).

([19]) علق سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز قائلاً: (هذا هو الصواب ولا يجوز غيره لأسباب كثيرة).

([20]) صحيح مسلم بشرح النووي، 4/170.

([21]) صحيح مسلم بشرح النووي، 18/123.

([22]) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة، عبد الكريم عبيدات، 82/ 83، دار ابن تيمية، الرياض.

([23]) تفسير المنار، محمد رشيد رضا، 8/ 366.

([24]) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة، عبد الكريم نوفان عبيدات، 88 _ 89، دار ابن تيمية.

([25]) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة، عبد الكريم نوفان عبيدات، 88 _ 89، دار ابن تيمية.

([26]) رواه النسائي (1/33) باب كراهية البول في الجحر، قال الألباني: حديث صحيح، انظر مختصر الترغيب والترهيب، ص62.

([27]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (2/1757).

([28]) قال الألباني، حديث حسن صحيح، انظر الإرواء (1/194).

([29]) انظر الإرواء (1/164) وقال عنه الألباني صحيح.

([30]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية 19/40_ 41.

([31]) انظر مجمع الزوائد (4/77) وقال عنه رجاله رجال الصحيح.

([32]) انظر صحيح مسلم (3/1595) برقم (2012) باب الأشربة، وانظر صحيح البخاري (10/91) برقم 5623.

([33]) الفواشي: المال المنتشر كالإبل والبقر.

([34]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (3_ 1595) برقم (2013) كتاب الأشربة.

([35]) الجواب الكافي، ابن القيم الجوزية، ص46.

([36]) رواه البخاري، انظر صحيح البخاري (7/149).

(*) من تعليق سماحة الشيخ ابن باز.

([37]) حاشية كتاب التوحيد، ابن قاسم، 11.

([38]) حاشية كتاب التوحيد، ابن قاسم، 11.

([39]) حاشية كتاب التوحيد، ابن قاسم، 11.

([40]) رواه البخاري، انظر صحيح البخاري (7/172).

([41]) هذه الآيات من إضافة سماحة الشيخ ابن باز تعضيداً لما ذكرناه.

([42]) سبق تخريجه.

([43]) متفق عليه، انظر صحيح مسلم 4/2099، برقم (2743) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة.

([44]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (1/454).

([45]) انظر مجمع الزوائد (3/115).

([46]) انظر مجمع الزوائد (3/110).

([47]) انظر مجمع الزوائد (3/110).

([48]) صحيح الجامع (3/140) رقم (3353).

([49]) رواه مسلم، انظر صحيح الجامع (2/1041) رقم الحديث (6019).

([50]) حديث حسن، انظر صحيح الجامع (1/97) رقم الحديث (176).

([51]) رواه مسلم في اللباس والزينة (تحريم تصوير صورة الحيوان) (3/1672) برقم (2112).

([52]) الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب، ابن القيم، ص91.

(*) هذه الآية مضافة من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز تعضيداً لما ذكرناه من النصوص.

([53]) الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب، لابن القيم، ص102.

([54]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (1/539) برقم (780) صلاة المسافرين باب صلاة النافلة.

([55]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (1/553) برقم (804) كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة.

([56]) فتح الباري شرح صحيح البخاري 8/672 كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة، ط الريان.

([57]) رواه البخاري ومسلم، انظر صحيح البخاري (9/94) مع الفتح، وانظر صحيح مسلم (1/555) برقم (255) باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة.

([58]) قدمنا كلام شيخنا على كلام ابن القيم لا لشيء إلا لأن كلامه أعم من كلام ابن القيم لكن شيخنا طلب تقديم كلام ابن القيم على كلامه فأحببنا الإشارة.

([59]) رسالة في حكم السحر والكهانة، الشيخ عبد العزيز ابن باز.

([60]) الوابل الصيب ص25، ابن القيم.

([61]) رواه الترمذي في الدعوات، وأبو داود في الأدب باب ما يقال إذا أصبح (5/568)، وانظر صحيح أبي داود للألباني 3/182، برقم (2829) وقال حسن.

([62]) رسالة في حكم السحر والكهانة ص35.

([63]) رواه الترمذي في الدعوات رقم 3385 وقال: هذا حديث حسن غريب، وابن ماجه في الدعاء رقم (3869)، وأبو داود رقم 5088 وأحمد في المسند (1/62) وإسناده صحيح، من تعليق سماحة الشيخ ابن باز.

([64]) رواه أبو داود في الأدب رقم (4982) وأحمد في المسند (5/59) والحاكم (4/229)، وإسناده صحيح [من تعليق سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز].

([65]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (4/2080) برقم (2728) باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره.

([66]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (3/2081).

([67]) رسالة في حكم السحر والكهانة، ابن باز، 6_7.

([68]) انظر سنن أبي داود رقم 3893) في الطب، والترمذي رقم (3519).

([69]) رواه البخاري ومسلم واللفظ له، انظر صحيح البخاري (2/442) برقم (293)، باب صفة إبليس وجنوده، وانظر صحيح مسلم (4/2071) برقم (2691) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء.

([70]) انظر صحيح مسلم (3/1598) برقم 2018 كتاب الأشربة.

([71]) رواه أبو داود في الأدب رقم (5095) (5/328)، والترمذي في الدعوات رقم (3426) (5/490) وقال حسن صحيح، انظر صحيح سنن الترمذي للألباني (3/151) رقم 2724.

([72]) رواه البخاري ومسلم، انظر صحيح البخاري، وانظر صحيح مسلم (2/1078) رقم الحديث (1431) كتاب النكاح.

([73]) انظر صحيح البخاري باب ما يقول عند الخلاء (1/67) رقم (142).

([74]) علق سماحة الشيخ ابن باز قائلاً: (والمعنى إذا أراد الدخول).

([75]) رواه النسائي وأبو داود وقال الألباني: حديث صحيح، انظر مختصر الترغيب والترهيب64.

([76]) رواه البخاري ومسلم، انظر صحيح البخاري باب الحذر من الغضب (4/112) برقم (6115) وانظر صحيح مسلم باب فضل من يملك نفسه عند الغضب (4/2015) برقم (2610).

([77]) لسان العرب، مادة مس، ابن منظور، 6/218، دار صادر.

([78]) سيأتي بيان الأدلة المثبتة لإمكان تلبس الجن للإنس في باب الصرع.

([79]) وقاية الإنسان من الشيطان وحيد عبد السلام بالي، ص78، دار البشير القاهرة.

([80]) فتح الباري 10/162 ط دار الريان.

([81]) فتح الباري 10/162ط دار الريان.

([82]) زاد المعاد، ابن القيم، 143_ 144.

([83]) وقاية الإنسان من الشيطان وحيد عبدالسلام بالي، ص78، دار البشير القاهرة.

([84]) وقاية الإنسان من الشيطان وحيد عبدالسلام بالي، ص78، دار البشير القاهرة.

([85]) لسان العرب، مادة صرع، ابن منظور، 197، دار الفكر. .

([86]) القانون في الطب، ابن سينا، 2/76 دار صادر.

([87]) فتح الباري، ابن حجر، 10/114.

([88]) عالم الجن والملائكة، 76_77.

([89]) الطب النبوي، تعليق د. عبد المعطي أمين قلعجي، ابن القيم، ص190.

([90]) الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي، ص190_ 191، دار الوعي، حلب.

([91]) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير1/326.

([92]) أحكام القرآن، للقرطبي، 3/355.

([93]) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 2/279 البابي الحلبي.

([94]) رواه البخاري ومسلم، انظر صحيح البخاري باب فضل من يصرع من الريح (4/25) برقم (5652) وانظر صحيح مسلم باب ثواب المؤمن فيما يصيبه (4/1994) برقم (2576).

([95]) فتح الباري ابن حجر 10/115، المطبعة السلفية.

([96]) متفق عليه، انظر صحيح البخاري باب صفة إبليس وجنوده (2/437) برقم (3270)، وانظر صحيح مسلم باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خالياً بامرأة (4/1712) برقم (2174).

([97]) انظر صحيح مسلم.

([98]) انظر صحيح مسلم (3/2293).

([99]) يعني شيخه ابن تيمية.

([100]) الطب النبوي، تحقيق د.عبد المعطي قلعجي، ابن القيم ص193، دار الوعي بحلب.

([101]) الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، ابن القيم ص194، دار الوعي بحلب .

([102]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية 24/276.

([103]) آكام المرجان في أحكام الجان، بدر الدين الشلبي، 114_115، الباز للتوزيع والنشر. 

([104]) زاد المعاد، ابن القيم 4/69. 

([105]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية 19/4. 

([106]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية 19/4. 

([107]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية 19/4. 

([108]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية 19/4. 

([109]) راجع كتاب السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث ص93_ 95 للشيخ محمد الغزالي. 

([110]) الطب النبوي، ابن القيم، ص191. 

([111]) عالم الجن والملائكة ص83. 

([112]) عالم الجن والملائكة ص83. 

([113]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم 4/1729 برقم (2204) باب لكل داء دواء واستحباب التداوي.

([114]) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقال الهيثمي في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. 

([115]) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطب وقال الهيثمي إسناد حديث عبدالله بن مسعود صحيح ورجاله ثقات، وأخرجه الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه، وانظر المسند (3578) والمستدرك للحاكم (4/196) وزاد المعاد (4/14). 

([116]) أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك، وقال الذهبي: صحيح، وانظر المسند (3/421) وجامع الترمذي (2066), والمستدرك (4/119) وزاد المعاد (4/14). 

([117]) زاد المعاد لابن القيم . 

([118]) زاد المعاد لابن القيم، 67_68 . 

([119]) تفسير ابن كثير 3/54. 

([120]) تفسير ابن كثير 2/363. 

([121]) رواه مسلم 1/539 برقم (780). 

([122]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم بشرح النووي 14/187 باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار. 

([123]) صحيح مسلم بشرح النووي 14/188. 

([124]) رواه البخاري انظر الفتح (10/205) برقم (5735) كتاب الطب، باب الرقى بالقرآن والمعوذات.

([125]) انظر صحيح البخاري (10/178) في الطب. 

([126]) رواه مسلم (2/1727). 

([127]) ويصدق ذلك قوله تعالى:{لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً مكن خشية الله}.

([128]) الطب النبوي، ابن القيم (525_256) بتصرف. 

([129]) زاد المعاد، 4/24. 

([130]) لسان العرب، ابن منظور الإفريقي 14/332، المكتبة التجارية مكة المكرمة. 

([131]) فتح الباري لابن حجر (10/206) ورواه مسلم (2/1727),

([132]) رواه البزار والمنذري4/33، وقال: إسناده جيد، وقال جاسم الدوسري: حديث حسن، النهج السديد (151) ومجمع الزوائد 5_117. 

([133]) إيضاح الدلالة، ابن تيمية، ص45. 

([134]) رواه البخاري ومسلم. 

([135]) رواه مسلم برقم (1888). 

([136]) متفق عليه. 

([137]) لن تخلف أي يطول بك العمر. 

([138]) متفق عليه. 

([139]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم بشرح النووي (4/153) باب تحريم الخلوة بالأجنبية. 

([140]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم بشرح النووي (4/155) باب تحريم الخلوة بالأجنبية. 

([141]) زاد المعاد ابن القيم (4/69). 

([142]) رواه الترمذي وابن ماجه. 

([143]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (4/1996) برقم (2580). 

([144]) الفراسة للرازي. 

([145]) الطب النبوي ابن القيم (192). 

([146]) سبق تخريجه. 

([147]) رواه الترمذي في الطب وفي إسناده موسى بن محمد التيمي منكر الحديث، وقال في الميزان: حديثه منكر. 

([148]) الطب النبوي، ابن القيم (192). 

([149]) الطب النبوي، ابن القيم (192). 

([150]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ص(110_111). 

([151]) مجموع فتاوى ابن عثيمين 1/66 رقم (31). 

([152]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم بشرح النووي (14/187). 

([153]) أخرجه أحمد 4/1، 171، 172، ورجاله ثقات وفي الباب عن عثمان بن أبي العاص، عند ابن ماجه (3548) وعن جابر عن الدرامي (1/10) انظر زاد المعاد (4/68). 

([154]) صحيح مسلم بشرح النووي، النووي، 14/187_ 188. 

([155]) لسان العرب ابن منظور الإفريقي، 12/70، دار صادر بيروت. 

([156]) الدر النضيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب شرح وتعليق سعيد الجندول، ص73. 

([157]) فتح الباري، ابن حجر، 10/206 دار الريان. 

([158]) رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد والحاكم. 

([159]) فتح المجيد، 136. 

([160]) سبق في باب الرقية. 

([161]) سبق في باب الرقية. 

([162]) الإمام أحمد 6/116، 154، البخاري 7/25، 149، أبو داود 5/303، الترمذي 5/473، ابن ماجه 2/1275.

([163]) فتاوى اللجنة الدائمة (1/197_ 201)..

([164]) لسان العرب، ابن منظور الإفريقي 11/81.

([165]) لسان العرب، ابن منظور الإفريقي 13/363، دار صادر.

([166]) حاشية كتاب التوحيد، عبد الرحمن بن محمد النجدي، 206.

([167]) لسان العرب، مادة عرف، ابن منظور 9/238.

([168]) حاشية كتاب التوحيد، عبد الرحمن بن قاسم، 206.

([169]) رواه البخاري انظر صحيح البخاري 4/175، برقم (6412) كتاب الرقاب باب ما جاء في الرقاق.

([170]) انظر سنن أبي داود السجستاني 4/7 برقم (3874) ورجاله ثقات ما خلا ثعلبة بن مسلم فقد وثقه ابن حبان وروى عنه جمع فهو حسن منه شاهد.

([171]) انظر صحيح مسلم بشرح النووي 14/227 باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان.

([172]) هذا الحديث مختصر، ولفظه (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضاً أو امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد، صلى الله عليه وسلم) رواه أحمد والترمذي والنسائي بنحوه، وغيره وله شواهد صحيحه، قال في هامش زاد المعاد: أخرجه أحمد (2/429) من حديث أبي هريرة وإسناده صحيح وصححه الحاكم (58).

([173]) إقامة البراهين على من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين، ابن باز، 34_ 35، الرئاسة.

([174]) روضة الطالبين، النووي، 9/346، المكتب الإسلامي.

([175]) ستأتي نماذج مصورة لهذه الرسومات والطلاسم في آخر الكتاب.

([176]) الكلام للشيخ سامي.

([177]) رواه البخاري انظر صحيح البخاري (1/307) برقم 574.

([178]) رواه مسلم.

([179]) أخرجه أحمد 4/170، 171، 172 راجع زاد المعاد لابن القيم 4/68.

([180]) الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، ابن القيم ص193، دار الوعي بحلب.

([181]) الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، ابن القيم ص194، دار الوعي بحلب.

([182]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، 24/276.

([183]) مجلة الدعوة العدد (1456) الخميس 25/ ربيع الأول 1415هـ.

([184]) صحيفة اليوم، الجمعة 14 ذو الحجة 1413هــ عدد (7294).

([185]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية 19/40.

([186]) علق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بقوله: الآية المذكورة منسوخة أو مختصة بأهل الكتاب والمجوس إذا بذلوا الجزية، فالواجب أن يبين للجني الكافر، وأنه يجب عليه الدخول في الإسلام ويحرم عليه البقاء على الكفر لقوله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، ويبين له تحريم الظلم وأن بقاءه في هذا الإنسان من الظلم في 17/2/1413هـ عبد العزيز بن باز.

([187]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (3/1357) برقم (1731) كتاب الجهاد والسير باب تأمير الإمام الأمراء.

([188]) صحيح مسلم بشرح النووي 12/39.

([189]) مجلة البحوث عدد (27) ص61 من الفتوى رقم (7804).

([190]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/66_ 69) رقم السؤال 33.

([191]) رواه البخاري انظر صحيح البخاري (4/432) كتاب الطب.

([192]) معجزات الشفاء، أبو الفداء محمد عزت محمد عارف، ص32، دار الأصفهاني بجدة.

([193]) رواه البخاري انظر فتح الباري (10/150) برقم (5687) ط الريان.

([194]) تفسير القرآن العظيم ابن كثير 4/526، دار إحياء التراث العربية.

([195]) أخرجه الحاكم في صحيحه، ورده الذهبي لأن فيه عبد الله بن سعيد المقبري ضعيف، قال فيه ابن معين ليس بشيء ولا يكتب حديثه وكان ممن يقلب الأخبار ويهم في الآثار.

([196]) رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/18.

([197]) ذكر ه محمد بن طولون في المنهل الروي في الطب النبوي ص224.

([198])انظر صحيح الترمذي للألباني (2/166) برقم 1508 باب ما جاء في أكل الزيت.

([199]) الأطعمة القرآنية غذاء ودواء، د. محمد كمال عبد العزيز، 7/225 ـ 19، مكتبة القرآن بالقاهرة.

([200]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم (4/1922) برقم (2473) باب من فضائل أبي ذر.

([201]) رواه الطبراني في الكبير ورجاله الثقات وصححه ابن حبان، انظر صحيح الجامع (3).

([202]) رواه البخاري باب من لم يرد الطيب 4/78 برقم (5929).

([203]) الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي، ابن القيم، ص437، 438، دار الوعي بحلب.

([204])الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي، ابن القيم، ص509، دار الوعي بحلب

([205])الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي، ابن القيم، ص517، دار الوعي بحلب.

([206]) المرجع السابق ابن القيم ص517.

([207]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة رقم (4393).

([208]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة رقم (4393).

([209]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة رقم (4393).

([210]) رواه أحمد وأبو داود من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، انظر زاد المعاد (4/331). 

([211]) الطب النبوي، ابن القيم، د. عبد المعطي أمين قلعجي، ص503_ 504. 

([212]) رواه البخاري ومسلم، انظر صححي البخاري (11/122) وصحيح مسلم برقم (2730). 

([213]) في سنده يزيد بن أبان الرقاشي وقد ضعفه غير واحد. انظر سنن الترمذي. 

([214]) في سنده إبراهيم بن الفضل المخزومي وهو متروك منكر الحديث لا يجوز الاحتجاج بحديثه، انظر سنن الترمذي (3432). 

([215]) أخرجه أحمد في مسنده وصححه ابن حبان انظر المسند (1/394). 

([216]) أخرجه صحيح الإمام في مسنده والحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي انظر الترمذي (3500) والمسند (1/170) والمستدرك (1/505). 

([217]) رواه أبو داود (3892) وفي سنده زياد بن محمد وهو منكر الحديث وباقي رجاله ثقات، ورواه أحمد (6/21) من طريق آخر وفي سنده أبو بكر الغساني الشامي، وهو ضعيف انظر حاشية الزاد 4/175. 

([218]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم (2/633) كتاب الجنائز. 

([219]) الطب النبوي، تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، ص338 بتصرف.  

([220]) رواه الترمذي في الطب وفي إسناده موسى بن محمد التميمي منكر الحديث وقال في الميزان: حديثه منكر.

([221]) زاد المعاد (4/116).

([222]) أخرجه البخاري في كتاب الطب (1/103).

([223]) فتح الباري 10/117ط الريان برقم (5649).  

([224]) راجع فصل سبل دفع الشرور قبل وقوعها ورفعها بعد وقوعها.

([225]) صحيح الجامع (3/140) برقم (3353).  

([226]) رواه البخاري، انظر صحيح البخاري (4/49) برقم (5767) كتاب الطب باب إن من البيان لسحراً.

([227]) لسان العرب باب لابن منظور، انظر مادة سحر 2/106. 

([228]) الإنسان العرب والسحر، سعيد إسماعيل ، ص28، دار آزال للطباعة.  

([229]) الكافي لابن قدامة المقدسي ج4 ص164.

([230]) رواه البخاري ومسلم انظر صحيح البخاري 4/49 برقم 5766 باب السحر، كتاب الطب، وانظر صحيح مسلم 4/1719 باب السحر، كتاب السلام.

([231]) الفروق القرافي 4/150.

([232]) رواه البخاري وقد سبق تخريجه.

([233]) الفروق القرافي ص89.

([234]) روضة الطالبين النووي 9/346.

([235]) رواه البخاري ومسلم، انظر فتح الباري (5/393) وانظر صحيح مسلم (1/92) برقم (145) كتاب الإيمان باب بيان الكبائر.

([236]) فتح الباري ابن حجر 10/224.

([237]) المغني، ابن قدامة، 8/151.

([238]) الكبائر، الذهبي، ص14.

([239]) رواه الترمذي في الحدود (4/60) برقم (1460) قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه.

([240]) رواه أبو داود (3/228) وهو صحيح.

([241])رواه مالك في الموطأ ص543، البيهقي (8/136) بإسناد صحيح.

([242]) المقنع، ابن قدامة، 3/523.

([243]) انظر إلى ص43، الدروع الواقية.

([244]) الطب النبوي، بتصرف، ابن القيم ص270.

([245]) رواه الشيخان، انظر صحيح البخاري (4/49) برقم (5768) كتاب الطب، وانظر صحيح مسلم (3/1618) برقم (2047) كتاب الأشربة باب فضل أهل المدينة.

([246]) المنهل الروي في الطب النبوي، ابن طولون تصحيح العزيز بيك، ص190، العزيزة، حيدر أباد.

([247]) فتح الباري، ابن حجر، 10/250.

([248]) شرح النووي على مسلم، النووي، 14/3 بتصرف. 

([249]) فتح الباري، ابن حجر، 10،2.

([250]) من تعليقات سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في 8/1/1413هـ.

([251]) المشاطة: الشعر الذي يسقط من الرأس واللحية عند التسريح بالمشط.

([252]) رواه البخاري، انظر صحيح البخاري (10/199).

([253]) الطب النبوي، ابن القيم ص267.

([254]) قال ابن القيم أصول الاستفراغات خمسة (الإسهال، القيء، إخراج الدم، الأبخرة، العرق) الطب النبوي.

([255]) الطب النبوي لابن القيم ص267.

([256]) ونعرف فتاة عاشت في عذاب السحر ثمان سنوات وكانت تعاني من وجع شديد في رأسها فنصحناها بالحجامة فاحتجمت في رأسها وبرأت بإذن الله وقالت أين أنا من الحجامة طوال هذه المدة؟.

([257]) الطب النبوي لابن القيم ص118.

([258]) صحيح الجامع للألباني، 2/1035، رقم الحديث (5968).

([259]) لسان العرب، ابن منظور الإفريقي(5/209).

([260]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، الشيخ سليمان بن عبد الله ص416.

([261]) انظر صحيح البخاري مع الفتن (10/232). 

([262]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، الشيخ سليمان بن عبد الله ص419.

([263]) رواه أحمد بسند جيد، وأبو داود، انظر المسند (3/294).

([264]) كأن يدقها في الهاون أو ما يسمى بالنجر.

([265]) وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره، وكذا صاحب تسير العزيز الحميد ص420.

([266]) من تعليقات سماحة الشيخ ابن باز.

([267]) رسالة في حكم السحر والكهانة، الشيخ عبد العزيز بن باز، 7، 9.

([268]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، الشيخ سليمان بن عبدالله ص420.

([269]) الطب النبوي، ابن القيم/ 269

([270]) لسان العرب، ابن منظور، 13/310,

([271]) فتح الباري، ابن حجر، 10/210.

([272]) فتح الباري، ابن حجر، 10/200.

([273]) زاد المعاد، ابن القيم، تحقيق ابن الأرناؤوط/4 ص167

([274]) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تصحيح الشيخ خليل الميس (2/419).

([275]) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تصحيح الشيخ خليل الميس(4/357).

([276]) رواه البخاري ومسلم والترمذي ولم يذكر الوشم، انظر صحيح البخاري (4/44) برقم (5740) باب العين.

([277]) رواه الحاكم في المستدرك وصححه الألباني انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته (3/337) باب العين.

([278]) انظر صحيح مسلم (4/1719) برقم 2188 باب الطب والمرض والرقي.

([279]) تولع: أي أن العين تلازمه فتأثر فيه حتى يصعد مرتفعاً ثم يسقط من أعلاه.

([280]) وأخرجه أبو يعلى في مسنده وصححه الألباني انظر صحيح الجامع وزيادته (3/338) باب العين. 

([281]) أخرجه البخاري في التاريخ والطيالسي والحكيم والبزار وقال عنه الألباني حديث حسن، صحيح الجامع 1217/1/386.

([282]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم 4/1718 برقم (2185) كتاب السلام باب الطب والمرض والروقي.

([283]) رواه مسلم. 

([284]) تفسير سورة الفلق للإمام محمد بن عبد الوهاب، تحقيق د. فهد الرومي. 

([285]) رواه الإمام مالك في الموطأ (2/938) في أول كتاب العين ورجاله ثقات. 

([286]) رواه الشيخان، انظر صحيح البخاري (4/43) برقم (5739) باب رقية العين، وانظر صحيح مسلم (4/1725) برقم (2197) 

([287]) زاد المعاد لابن القيم (4/164).

([288]) عمدة القارئ للعيني 17/404. 

([289]) رواه مسلم. 

([290]) تفسير سورة الفلق للشيخ محمد بن عبد الوهاب، تحقيق الدكتور فهد الرومي ص30.              

([291]) زاد المعاد، ابن القيم 3/117، 118. 

([292]) زاد المعاد، ابن القيم 3/117، 118. 

([293])فتح الباري (10/210، 211) ط دار الريان.  

([294]) الرومي ص27، 29.  

([295]) زاد المعاد، ابن القيم /4_ 168.

([296]) عمدة القارئ بشرح صحيح البخاري 17/405.

([297]) صحيح مسلم بشرح النووي 14/173.

([298]) روضة الطالبين الإمام النووي (9/348) المكتب الإسلامي وقد روى الحديث الترمذي برقم (2059) وقال: حديث حسن، ورواه النسائي (8/281) وابن ماجه برقم (3511).

([299]) تفسير ابن كثير 3/75.

([300]) رواه ابن السني في عمل اليوم والليل، وانظر: الوابل الصيب ص307.

([301]) رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة، وانظر: الوابل الصيب ص307

([302]) عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 17/404، 405.

([303]) شرح السنة للإمام البغوي، تحقيق زهير الشاويش، وشعيب الأرناؤوط (12/166).

([304]) بدائع الفوائد ج2 ص238 أجملها د. فهد بن عبد الرحمن الرومي في تحقيقه لكتاب تفسير سورة الفلق للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص37.

([305]) الكتاب للدكتور زهير السباعي والدكتور شيخ إدريس عبد الرحيم.

([306]) الجواب الكافي، ابن القيم.

(*) العين حق لأحمد عبد الرحمن الشميمري ص44، عن البيهقي في السنن 9/252.

([307]) صحيح مسلم بشرح النووي 5/37.

([308]) أخرجه البخاري ومسلم، انظر صحيح البخاري(7/23) وصحيح مسلم (4/1725). 

([309]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم(4/1725). 

([310]) رواه البخاري، انظر صحيح البخاري (4/119). 

([311]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (4/1718) برقم (2186) كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقي. 

([312]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (4/1718) برقم (2185) كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقي. 

([313]) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم (4/1718) برقم (2185) كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقي. 

([314]) لسان العرب لابن منظور الإفريقي (3/148، 149)، ط دار صادر، بيروت.

([315]) رواه أبو داود من حديث أبي هريرة، وابن ماجه من حديث أنس.

([316]) متفق عليه. 

([317]) أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الحسد، والطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة بإسناده جيد.

([318]) قال د. فهد الرومي: هذا غير مسلم به، فقد يؤثر العائن بالوصف في غيبة المعين ولا تلزم مقابلة المعين. 

([319]) تفسير سورة القلق، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تحقيق د.فهد الرومي ص29_30.

([320]) رواه البخاري، ج1 ص6، ورواه مسلم ج1 ص559. 

([321]) رواه أحمد والترمذي، انظر ضعيف الجامع (3/148). 

([322]) رواه البخاري ومسلم انظر صحيح البخاري (3/98) وصحيح مسلم(8/9).

([323]) انظر صحيح الجامع (6/208).  

([324]) لعل واضع السحر أخبرهم بذلك بعد أن تاب إلى الله.

([325]) الدعوة /10/1/1413هـ ، ص20

([326]) وقاية الإنيان 49.

([327]) الإمام أحمد 1/381، أبو داود 4/212، ابن ماجه 2/1167، الحاكم 4/418، البيهقي في السنن 9/350.

([328]) فتاوى اللجنة الدائمة (1/196/197).

([329]) الإمام أحمد 6/57، 63، 96، والبخاري 4/91، 7/28، 30، 88، 164، ومسلم 14/174، النووي وابن ماجه 2/1173 برقم 3545، والبيهقي في السنن 3/135، والحاكم 4/360 والشافعي في مسنده 2/88.

([330]) فتاوى اللجنة الدائمة (1/380_ 381).

([331]) الإمام أحمد 3/382، ومسلم 14/186_ 187 شرح النووي.

([332]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب الشيخ أحمد بن عبد الرزاق الدويش، المجلد الأول، العقيدة، ص59، رقم الفتوى (4086).

([333]) الإمام أحمد (1/190، 191)، والبخاري (4/62)، وأبو داود (3/431) برقم (3043)، والبيهقي في السنن (8/136)، والشافعي في مسنده (2/89).

([334]) الموطأ، ص628 – توزيع رئاسة البحوث العلمية، وانظر: فتح المجيد، ص242 وتيسير العزيز الحميد، ص393.

([335]) الترمذي 4/60 برقم (1460)، والحاكم (4/360)، والبيهقي في السنن (8/136)، والدار قطني (3/114).

([336]) فتاوى اللجنة الدائمة (1/368- 369).

([337]) راجع كتاب مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين، جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان 1/65، فتوى رقم 30.

([338]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/66_ 67) برقم (32). 

([339]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/69_ 70) برقم (34).

([340]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/70_ 71) برقم (36).

([341]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/70_ 71) برقم (36).

([342]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/71_ 72) برقم (37).

([343]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/154_155) برقم (111).

([344]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/154_155) برقم (111).

([345]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/155_ 156) برقم (113).

([346]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/156_ 157) برقم (114).

([347]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/157_ 159) برقم (115).

([348]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/156_ 157) برقم (114).

([349]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/164_ 165) برقم (121).

([350]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/165_ 166) برقم (122).

([351]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/165_ 166) برقم (122).

([352]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/134_ 135) برقم (234).

([353]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/135_ 136) برقم (235).

([354]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/136_ 137) برقم (236).

([355]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/138_ 139) برقم (237). 

([356]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/139) برقم (238). 

([357]) مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/239_ 240) برقم (318).

([358]) مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/240) برقم (319).

([359]) مجلة الدعوة العدد (1455) الخميس  18 ربيع أول 1415هـ.

([360]) هذا من تعليقات سماحة الشيخ ابن باز.

مواضيع ذات صلة