106 – من أحكام صلاة الحاج

الخميس 20 رجب 1445هـ 1-2-2024م

 

106 –  من أحكام صلاة الحاج pdf

 

 

 

من أحكام

صــلاة الحـــاج

 

إعداد

أ.د عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

عضو الإفتاء بالقصيم

والأستاذ بكلية التربية بالزلفي جامعة المجمعة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

تُعدُّ الصلاة من أهم العبادات التي يجب على كل مسلم أن يفقه أحكامها درسًا وتطبيقًا لعظم قدرها، وسمو مكانتها في الإسلام؛ فإذا كان الإيمان قولًا باللسان واعتقادًا بالجنان، فالصلاة عمل بالأركان وطاعة للرحمن.

والصلاة عبادة يجب أن تؤدى على وجهها المشروع، ولا يتم ذلك إلا بأن يتعلم المصلي كل ما يتعلق بأحكامها؛ حتى يؤديها على الوجه الصحيح؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)([1]).

ولقد اعتنى القرآن الكريم بالصلاة عناية كبيرة، فجاءت الآيات تأمر بإقامتها، والمحافظة عليها، قال الله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور:56].

وقال تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:78].

وقال تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114].

وقد وصف القرآن الكريم أهل الإيمان بأنهم يقيمون الصلاة، وتوعد الساهين عنها، فقال:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون 4، 5]، والمضيعين لها فقال:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59].

والحاج ينبغي له أن يتعلم ما يحتاج إليه في سفره من أحكام الصلاة وقصرها، ومعرفة القبلة، وأحكام التيمم، والمسح على الخفين، وغير ذلك مما تمس الحاجة إلى معرفته والإحاطة به.

فإن لم يتعلم أو جهل شيئًا من الأحكام، فليسأل من يثق به من أهل العلم.

ولبيان هذا الموضوع الهام أشير إلى ما يأتي.  

أولًا: أهمية الصلاة ومكانتها

الصلاة صورة من الصور التي يقوم بها الإنسان لعبادة خالقه، وهي صلة بين العبد وربه، ومنزلتها من الإسلام بمنزلة الرأس من الجسد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا إِيمَانَ لَمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا صَلَاةَ لمَنْ لَا طُهُورَ لَهُ، وَلَا دِينَ لمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، إنَّما مَوْضٍعُ الصَّلاةٍ مِنَ الدِّينِ كَمَوْضِعِ الرَّأْسِ ِمِنَ الجَسَدِ)([2]).

وهي الركن الثاني بعد الشهادتين، بها يفرق بين المسلم والكافر، فهي مظهر للإسلام، وعلامة للإيمان، وقرة العين، وراحة الضمير، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجُعِلَ قرَّةُ عَيْنِيَ فِي الصَّلَاةِ)([3]).

ثانيًا: منزلة الصلاة في الإسلام

وللصلاة منزلة كبيرة في الإسلام، لا تصل إليها أية عبادة أخرى، وتتجلى منزلتها في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويتضح ذلك فيما يأتي:

1- الصلاة عمود الدين وركنه القويم:

فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ)([4]).

2- الصلاة هي الحد الفاصل بين الإسلام والكفر:

عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ تَرْكُ الصَّلاَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ)([5]).

3- جعل الله الصلاة فرقانًا بين الإيمان والشرك والكفر:

فعن جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ)([6]).

4- أن تارك الصلاة بالكلية غير معصوم الدم:

فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ؛ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ)([7]).

5- الصلاة مفتاح من مفاتيح المغفرة:

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللهُ تَعَالَى، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاَّهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ؛ كَانَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ)([8]).

6- الصلاة أول ما يُحاسَب العبد عليه يوم القيامة:

قال الله تعالى:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدَّثر: 42، 43].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ؛ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ)([9]).

7- الصلاة سبب من أسباب دخول الجنة:

عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: (مَن صَلَّى البَرْدَيْن دَخَلَ الجَنَّةَ)([10]).

8- الصلاة سبب من أسباب النجاة من النار:

فعن عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)([11])([12]).

ثالثًا: حكم الصلاة في الإسلام

الصلاة هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ)([13])، يعني الإسلام.

وقد دلَّ على فرضيتها الكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين:

فمن الكتاب قول الله عز وجل:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:103]، ومعنى:{كِتَابًا} أي مكتوبًا، أي مفروضًا.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: (فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ)([14]).

وأجمع المسلمون على فرضيتها، ولهذا قال العلماء رحمهم الله:

إن الإنسان إذا جحد فرض الصلوات الخمس، أو فرْضَ واحدة منها فهو كافر مرتد عن الإسلام يباح دمه وماله؛ إلا أن يتوب إلى الله عز وجل، ما لم يكن حديث عهد بالإسلام لا يعرف من شعائر الإسلام شيئًا؛ فإنه يُعذر بجهله في هذه الحال، ثم يُعرَّف، فإن أصر بعد علمه بوجوبها على إنكار فرضيتها فهو كافر.

وتجب الصلاة على كل مسلم، بالغ، عاقل، من ذَكر أو أنثى.

أما الصبي الذي لم يبلغ الحُلُم فهو غير مكلَّف شرعًا بأي تكليف، ومع ذلك فإنه فيما يتعلق بالصلاة قد طُلب من وليِّ أمره أن يأمره بأداء الصلاة، ولا شيء على وليِّ أمره أكثر من الأمر حتى يبلغ الصبي عشر سنين، فحينئذ يُطلب من وليِّ الأمر أن يضرب صبيَّه إن لم يمتثل للأمر ولم يصلِّ.

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)([15]).

وهذا الضرب إنما هو لتعويد الصبي على الصلاة وتمرينه عليها، وليس ذلك تكليفًا له بها، فعن عائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ)([16]).

وأما الحيض أو النفاس فهو مانع من وجوب الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ، وَلَمْ تَصُمْ؟)([17]).

أما تارك الصلاة فهو إما أن يتركها إنْكَارًا لوجوبها وجحودًا لها، أو أن يتركها كسلًا وتهاونًا، فأَما من تركها جحودًا وإنكارًا فهو كافر مرتد عن دين الله سبحانه، ويستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل، وأما من تركها كسلًا وتهاونًا فقد اختلف في حكمه أهل العلم.

فذهب جمهور أهل العلم أن من ترك الصلاة تكاسلًا وتهاونًا مع إقراره بوجوبها وفرضيتها لا يكفر، لكنه فاسقٍ عاصٍ يُعاقَب على فعله تعزيرًا بعقوبة زاجرة يراها الحاكم أو من ينيبه.

وذهب الإمام أحمد([18]): إلى تكفير تارك الصلاة كسلًا إذا تركها دائمًا، وهذا هو الذي رجَّحه سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز([19])، وكذا شيخنا محمد بن صالح العثيمين -رحمهما الله-([20])، وهذا هو القول الراجح التي تقتضيه نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف – رضوان الله عليهم -، وعليه الفتوى في بلادنا.

رابعًا: مراعاة الشريعة لأحوال الناس في الصلاة

لما كانت أحوال الناس مختلفة؛ فمنهم المقيم، ومنهم المسافر، ومنهم المريض، ومنهم الخائف.. إلى غير ذلك، فقد راعت الشريعة أحوال الناس لهذه الاعتبارات بما يتناسب معهم مع عدم سقوط أداء الصلاة عنهم في جميع هذه الأحوال، وسمى أهل العلم من كان كذلك بـ (صلاة أهل الأعذار).

فليس المقيم في بلده كالمسافر عنه؛ فللمسافر الجمع بين الصلاتين (الظهر، والعصر)، و(المغرب، والعشاء) وقصر الرباعية ركعتين.

وليس المعافى في بدنه كالمريض الذي يئن من مرضه، فيجوز للمريض إذا شق عليه ولا يستطيع القيام، أن يصلي جالسًا؛ فإن عجز عن الصلاة جالسًا، فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه، ويجوز له أن يجمع بين الصلاتين إذا كان يشق عليه أداء الصلاة في وقتها.

وكذلك صلاة الآمن في سربه، ليست كصلاة الخائف من عدوه، فقد رخَّص الله تعالى للخائف بما يتناسب مع حاله، فرخَّص له أن يصلي صلاة الخائف بإحدى الطرق الواردة في الكتاب والسنة، وفق ما يتناسب مع حاله.

وبهذا يتبين لنا كمال الشريعة الإسلامية، وأنها شرعت لكل حالة ما يناسبها، وهذا من أعظم ما يدل على سماحة شريعة الإسلام وصلاحها لكل زمان ومكان، قال الله تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78].

وقال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185].

وقال أيضًا:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن:16].

وقال صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)([21]).

إلى غير ذلك من النصوص الشرعية التي تبين لنا فضل الله على عباده وتيسيره في تشريعه.

خامسًا: صفة الصلاة لمن أراد الحج والعمرة

1 – تبدأ صلاة الحاج من حين خروجه من بلده:

فيجب عليه أن يحافظ على أداء الصلاة في أوقاتها جماعةً، كما يجب على المقيم كذلك.

قال الله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}  [النساء:102].

فأوجب الله الجماعة على الطائفتين في حال الحرب والقتال مع الخوف، ففي حال الطمأنينة والأمن تكون الجماعة أوجب من باب أولى.

ومن ذلك أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يُواظبون على صلاة الجماعة حَضرَا وسفرًا، حتى قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ)([22]).

2 – السنة للمسافر أن يقصر الصلاة الرباعية:

وهي الظهر والعصر والعشاء الآخرة إلى ركعتين، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ رضي الله عنهم»([23])، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأُولَى (الْأَوَّلِ)»([24]).

3 – لا يجوز للمسافر أن يقصر إلا إذا خرج من بلده:

 فما دام في بلده ولو كان عازمًا على السفر، ولو كان قد حَّمَل متاعه وعفشه، فإنه لا يجوز له أن يقصر حتى يخرج من البلد.

4 – إذا صلى الحاج المسافر خلف إمام يُصلي أربعًا فيلزمه أن يُصَلي أربعًا:

سواءً أدرك الإمام من أول الصلاة أم في أثنائها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ)([25]).

وسُئل ابن عباس رضي الله عنهما: ما بال المسافر يُصلي ركعتين إذا انفرد وأربعًا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: «تلك السنة».

5- يسن للحاج المسافر عند الحاجة الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إذا جد به السير واستمر به:

فيفعل ما هو الأرفق به من جمع التقديم أو التأخير؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ»([26]).

6 – إذا لم يكن المسافر محتاجًا للجمع فلا يجمع:

مثل أن يكون نازلًا في مكان لا يريد أن يرتحل منه إلا بعد دخول وقت الثانية، فالأولى عدم الجمع؛ لأنه غير محتاج إليه، ولذلك لم يجمع النبي حين كان نازلًا في منى في حَجّة الوداع؛ لعدم الحاجة إليه([27]).

7 – الأولى ترك السنن الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر:

لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وغيره أنه كان يدع الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر، أما النوافل المطلقة فمشروعة في السفر والحضر وهكذا ذوات الأسباب كسنة الوضوء وسنة الطواف وصلاة الضحى وقيام الليل.

8 – متى وصل الحاج إلى الميقات إن كان وقت فريضة صلاها، ليحرم بعدها:

فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام إن كان من عادته فعل ذلك، ولا ينوي صلاة سنة الإحرام؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن للإحرام سنة تخصه.

9 – الصلاة يوم التروية:

إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة سن للحاج أن يذهب إلى منى ويبيت بها، فيصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرًا للرباعية، لكن لا يجمع بين الصلاتين، بل يصلي كل صلاة في وقتها وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم.

10 – الصلاة يوم عرفة وهو يوم التاسع من ذي الحجة:

إذا كان يوم عرفة خطب الإمام خطبة واحدة، ثم يؤذن المؤذن، ثم يقيم فيصلي الحاج صلاة الظهر ركعتين، ثم يقيم فيصلي العصر ركعتين، ولا يصلي بينهما شيئًا.

11 – الصلاة ليلة مزدلفة:

إذا وصل الحاج مزدلفة فإنه يؤذن للصلاة، ثم تقام الصلاة ويصلون المغرب ثلاث ركعات، ثم يقام لصلاة العشاء، ويصلونها ركعتين وقت دخولهم لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

وهل يصلون الوتر بعد العشاء؟

محل خلاف بين أهل العلم، والأظهر أنهم يصلون الوتر في مزدلفة؛ فإذا كان حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه أنه أوتر، ولم يذكر أنه صلى راتبة الفجر، فإن لدينا أدلة عامة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا)([28])، ولم يخصص.

وأيضًا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع الوتر حضرًا ولا سفرًا، ولم يُستثن من ذلك شيء، وكذلك نقول في سنة الفجر، فقد حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال: (رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)([29]).

وكان صلى الله عليه وسلم لا يدعهما حضرًا ولا سفرًا، فنقول في ليلة مزدلفة للحاج: أوتر وصلِّ سنة الفجر.

12 – الصلاة في منى يوم النحر وأيام التشريق:

إذا دخل وقت صلاة ظهر يوم النحر صلاها في وقتها، لكن تصلي قصرًا ركعتين، ولا تجمع مع العصر، فالسنة هنا عدم الجمع بين الصلوات، فيصلي الحاج كل فريضة في وقتها، ولا يصلي قبلها ولا بعدها شيئًا من الرواتب، كما سبق الإشارة إلى ذلك. وهذا الحكم شامل ليوم النحر وكذا أيام التشريق.

13 – فإذا دخل ظهر يوم الثاني عشر من ذي الحجة وأراد الحاج أن يتعجل:

صلى الظهر قصرًا ركعتين، ثم ذهب إلى الرمي، فيرمى ثم يذهب إلى الحرم، فيصلي به العصر.

فإذا أدرك الإمام في صلاة العصر صلى معه، لكن يُتمُّ الصلاة مع الإمام، فإن وصل بعد الانتهاء من صلاة العصر صلى هو العصر ركعتين. وهذه هي صفة صلاة الحاج من حين خروجه إلى حين انتهائه من حجه.

لكن هنا مسائل هامة لا بد من توضيحها.

سادسًا: ذكر بعض المسائل المتعلقة بالصلاة في الحج:

المسألة الأولى: حكم قصر الصلاة في الحج:

أجمع أهل العلم([30]) على أن من سافر سفرًا تقصر في مثله الصلاة مثل: حج، أو جهاد، أو عمرة؛ أن يقصر الظهر، والعصر، والعشاء، يصلي كل واحدة منها ركعتين ركعتين.

لكنهم اختلفوا هل القصر في السفر واجب أم لا؟

فقال الأحناف([31]): بوجوب القصر في السفر، فلو أتم فإنه إِثمٌ ومعصية، واستدلوا بحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «الصَّلَاةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ»([32]).

وقال الشافعية وهو المشهور عن أحمد([33]): إن المسافر بالخيار بين قصر الصلاة في سفره، وبين إتمامها أربعًا كالحضر.

وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية([34])، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين([35]): أنه سنة، وأن الإِتمام مكروه؛ لأن ذلك خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم المستمر الدائم.

وقال المالكية([36]) والحنابلة([37]): يسن قصر الصلاة الرباعية في السفر وهو أفضل من الإتمام، وعلى هذا فتوى سماحة شيخنا ابن باز([38]): وهو الراجح.

المسألة الثانية: هل قصر الصلاة في الحج عام لجميع الحجاج؟

إذا كان الحجاج من خارج مكة فيستحب لهم أن يقصروا؛ لأنهم مسافرون، والمسافر يجوز له القصر كما تقدم.

لكن اختلف الفقهاء فيما إذا كان الحجاج من أهل مكة هل يشرع لهم القصر أم لا؟

وسبب الخلاف مبني على مسألة القصر هل هو لأجل علَّة السفر، أو لأجل علَّة النسك.

فإذا قيل: للسفر؛ ننظر ما هي المسافة التي تقصر فيها الصلاة؟ فمن اعتبر تحديد المسافة قال بأنه لا قصر لأهل مكة؛ لأنهم لم يبلغوا المسافة المحددة للقصر؛ ومن اعتبر أن العلة من أجل النسك قال بجواز قصر الصلاة لهم.

ومن هنا اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: قول الجمهور: أنه لا يجوز لأهل مكة القصر، وبهذا قال أحمد وعطاء ومجاهد والزهري وابن جريج والثوري ويحيى القطان والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر([39])، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أهل مكة بالإتمام، فعن أبي نضرة قال: سأل شاب عمران بن حصين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فقال: إن هذا الفتى يسألني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر؛ فاحفظوهن عني، ما سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا قط إلا صلى ركعتين حتى يرجع، وشهدت معه حنين والطائف فكان يصلي ركعتين، ثم حججت معه، واعتمرت فصلى ركعتين، ثم قال: (يَا أَهْلَ مَكَّةَ: قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ)([40])، وأيضًا: أنهم في سفر غير بعيد؛ فلم يجز لهم القصر.

القول الثاني: أن لهم القصر؛ لأن لهم الجمع؛ فكان لهم القصر كغيرهم، وهو قول مالك والأوزاعي، وهو قول شيخ الإسلام حيث قال: «والمقصود أن من تدبر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة ومنى بأهل مكة، وغيرهم، وأنه لم ينقل مسلم قط عنه أنه أمرهم بإتمام؛ علم قطعًا أنهم كانوا يقصرون خلفه، وهذا من العلم العام الذي لا يخفى على ابن عباس ولا غيره؛ ولهذا لم يعلم أحد من الصحابة أمر أهل مكة أن يتموا خلف الإمام إذا صلى ركعتين»([41])، وهذا هو اختيار العلامة ابن باز([42]) وهو ترجيح شيخنا ابن عثيمين([43]).

وهذا هو الراجح، فيشرع لأهل مكة لمن أتى المشاعر أن يصلي قصرًا، ولكن بشرط أن يكونوا خارجين عن مكة، وذلك لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أنه كان يقصر الصلاة بعرفة ومزدلفة وفي أيام منى، وكذلك أبو بكر، وعمر بعده، وكان يصلي خلفهم أهل مكة، ولم يأمروهم بإتمام الصلاة، ولا نقل أحد لا بإسناد صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل مكة لما صلى بالمسلمين ببطن عرنة الظهر ركعتين قصرًا وجمعًا، ثم العصر ركعتين: يا أهل مكة أتموا صلاتكم، ولا أمرهم بتأخير صلاة العصر، ولا نقل أحد أن أحدًا من الحجيج لا أهل مكة، ولا غيرهم صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما صلى بجمهور المسلمين، أو نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عمر قال في هذا اليوم: «يا أهل مكة أتموا صلاتكم؛ فإنَّا قوم سفر» ومن قال بذلك فقد غلط، وإنما نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في جوف مكة لأهل مكة عام الفتح، فإذا رجعوا إلى مكة صلوا في مساجد مكة إتمامًا، ولا يصلون قصرًا.

القول الثالث: وهو ما قال به بعض أهل العلم؛ إن الوضع الحالي يختلف عن سابقه، فمن نظر إلى منى الآن وجد أنها أصبحت حيًّا من أحياء مكة، الأنفاق كلها متجهة إليها وليس بينهما فرق، والذي يخرج إلى منى مثل الذي يخرج إلى العزيزية؛ بل ربما يكون بعض أفراد العزيزية الشرقية فوق منى، وبناءً عليه قالوا الاحتياط والأبرأ للذمة ألا يقصروا في منى. أما في مزدلفة، وفي عرفة فلهم الترخص برخص السفر؛ لأنهم مسافرون، فهم يتأهبون لسفر الحج بالطعام والرحل والماء([44]).

المسألة الثالثة: هل لأهل مكة غير الحجاج القصر في المشاعر أم هو خاص بالحجاج؟

نقول: المشهور عند العلماء أن هذا القصر خاص بالحجاج من أهل مكة فقط على قول من أجازه لهم، أما الباعة ونحوهم ممن لم يقصد الحج فإنه يتم، ولا يجمع كسائر سكان مكة([45]).

المسألة الرابعة: حكم جمع الصلاة في المشاعر:

الجمع نوعان من حيث الحكم جمع متفق عليه بين أهل العلم وجمع مختلف فيه.

أما الجمع المتفق عليه بين أهل العلم فهو الجمع بعرفة ومزدلفة، ولكنهم اختلفوا في سببه كما سبق: هل هو من أجل السفر أم لأنه نسك؟

فذهب أبو حنيفة إلى كونه نسكًا من مناسك الحج، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه من أجل السفر، وهو الصحيح.

أما الجمع المختلف فيه فهو الجمع في غير عرفة ومزدلفة هل هو جائز أم لا؟

فذهب فريق من أهل العلم إلى القول بأنه يجوز الجمع في غير عرفة ومزدلفة؛ فمتى لحق الإنسان مشقة بترك الجمع جاز له الجمع حضرًا وسفرًا، كالمسافر والمريض، وحال نزول المطر، وكذا البرد الشديد، وكذا الاستحاضة، وغير ذلك مما فيه مشقة.

وذهب بعض أهل العلم أن الجمع في غير عرفة ومزدلفة هو جمع صوري، بمعنى أنه يؤخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها أي قبيل وقت العصر ثم يصليها ثم يصلي العصر، وكذا بالنسبة للعشاء والمغرب.

والصحيح – إن شاء الله – ما ذهب إليه الأولون، وهو جواز جمع التقديم أو التأخير، وعليه أكثر أهل العلم([46]).

المسألة الخامسة: صلاة العيد بالنسبة للحاج والمعتمر:

اتفق العلماء رحمهم الله تعالى على أن صلاة العيد لا تلزم الحاج والمعتمر الآفاقي، أي الذي يأتي من خارج مكة، ومن مسافة تقصر فيها الصلاة الرباعية؛ لأنه يعتبر في حكم المسافر. أما الحاج أو المعتمر الذي لا تنطبق عليه أحكام السفر فقد اختلف فيه أهل العلم: فقيل: تلزمه، سواء كان من مكة أو من مسافة تقل عن ثمانية وأربعين ميلًا، لأنه لا يعد مسافرًا، ولا يعاني من مشقة السفر التي من أجلها شرعت هذه الرخصة، وهذا قول بعض أهل العلم. والقول الثاني في المسألة: أنه لا تلزمه صلاة العيد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الحجاج المكِّيين الذين كانوا معه بأدائها، لكن من صلَّاها منهم مع الناس فهو مأجور، وهذا هو الراجح([47]).

المسألة السادسة: حكم الصلاة بوادي العقيق:

من كان ميقاته ذا الحليفة استحب له أن يصلي فيها، لا لخصوص الإحرام، وإنما لخصوص المكان وبركته، فعن عمر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ بِالْعَقِيقِ، أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقَالَ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ). وفي رواية: (عُمْرَةٌ وَحَجَّة)([48]).

فهذا الميقات (أعني ذا الحليفة) له هذه الخصوصية وهو أن يصلى المحرم فيه ركعتين؛ لخصوص هذا الوادي المبارك, وليس لهاتين الركعتين علاقة بصلاة الإحرام كما يظنه البعض.

المسألة السابعة: أيهما أفضل الطواف بالبيت أم الصلاة (أعني: طواف النافلة وصلاة النافلة)؟

ذكر جمع من أهل العلم أن الغريب الأفضل له أن يكثر من الطواف؛ لأنه ليس بمقيم، ولا يحصل له الطواف إلا بمكة، أما المقيم بمكة فهو نازل مقيم، وهذا الصلاة أفضل له؛ لأن جنس الصلاة أفضل من جنس الطواف، فإذا أكثر من الصلاة كان أفضل، أما الغريب الذي ليس بمقيم فهذا يستحب له الإكثار من الطواف؛ لأنه ليس بمقيم بل سوف ينزح ويخرج ويبتعد عن مكة، فاغتنامه الطواف أولى؛ لأن الصلاة يمكنه الإتيان بها في كل مكان([49]).

المسألة الثامنة: حكم قصد الصلاة في مسجد عائشة بـ(التنعيم):

لا يشرع فعل ذلك، بل هذا من البدع التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)([50]).

وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى)([51]).

المسألة التاسعة: حدود الحرم التي يكون للصلاة فيها فضل:

ثبت تضعيف أجر الصلاة في المسجد الحرام كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ)([52]).

وقد اختلف الفقهاء في المراد بالمسجد الحرام هنا على أقوال، أشهرها قولان:

القول الأول: اختصاص ذلك بمسجد الكعبة؛ وإلى هذا ذهب جماعة من العلماء منهم النووي([53])، وابن مفلح([54])، واختاره شيخنا محمد ابن عثيمين([55]).

القول الثاني: أنه يشمل الحرم كله؛ وقد نسب هذا القول إلى الجمهور([56]).

واختاره ابن القيم([57])، وبه أفتت اللجنة الدائمة([58])، والشيخ ابن باز([59]).

دليل ذلك حديث عطاء بن أبي رباح، قال: بينما ابن الزبير يخطبنا إذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ، وَصَلاَةٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ)([60]).

قال عطاء: قلت: يا أبا محمد، هذا الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده أو في الحرم؟ قال: بل في الحرم، فإن الحرم كله مسجد»، وهذا هو الراجح.

فالمضاعفة تعم جميع الحرم؛ لعموم الآيات والأحاديث الدالة على أن الحرم كله يسمى المسجد الحرام، منها قوله جل وعلا:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، والمسجد الحرام هنا يعم جميع الحرم وفي معناها آيات أخرى.

لكن الصلاة في المسجد الذي حول الكعبة لها مزية فضل من وجوه كثيرة منها:

كثرة الجماعة، والقرب من الكعبة، وإجماع العلماء على مضاعفة الصلاة فيه، بخلاف المساجد الأخرى ففيها الخلاف الذي أشرنا إليه.

وهنا مسألة: هل هذا التفضيل في صلاة الفريضة والنافلة؟

نقول أما الفريضة فلا إشكال أنها إنما شرعت في المسجد، فلا يُستثنى منها شيء، وأما النوافل فما كان مشروعًا في المسجد، شمله هذا التفضيل كقيام رمضان وتحية المسجد، وما كان أفضل في البيت ففعله في البيت أفضل كالرواتب ونحوها.

المسألة العاشرة: هل تضاعف الصلاة في حرم المدينة؟

حرم المدينة لا تضعيف فيه، بل التضعيف مختص بالمسجد الذي بناه الرسول صلى الله عليه وسلم، واختلف الفقهاء في حصول ذلك في الزيادة التي طرأت على المسجد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، والجمهور على أن الصلاة تضاعف فيها كما تضاعف في أصل المسجد.

قال ابن رجب رحمه الله: «وحكم الزيادة حكم المزيد فيه في الفضل أيضًا، فما زيد في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم كله سواء في المضاعفة والفضل. وقد قيل: إنه لا يعلم عن السلف في ذلك خلاف، إنما خالف فيه بعض المتأخرين من أصحابنا، منهم ابن عقيل وابن الجوزي، وبعض الشافعية»([61]).

قلت: وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده.

والراجح في هذه المسألة: ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وهو أن ما زيد في المسجد النبوي من توسعة وزيادات في بنائه داخل في الأفضلية الواردة في الحديث، فمعلوم أنه قد زيد في المسجد النبوي، فقد زاد فيه عمر ثم عثمان ثم الوليد ثم المهدي ولم يقل أحد بأن مضاعفة الأجر إنما تكون في أصل المسجد.

وكذلك جميع المسجد الموجود الآن يسمى مسجده صلى الله عليه وسلم، فتحصل المضاعفة المذكورة في الحديث، فيما زيد فيه.

وقد سبق أن ابن رجب: ذكر أنه لا يعلم عن السلف في ذلك خلاف.

المسألة الحادية عشرة: أيهما أفضل الصلاة في الروضة أم العناية بالصفوف الأولى وميامن الصفوف؟

اختلف الفقهاء – رحمهم الله – في هذه المسألة: فَمَنْ نَظَرَ إلى عموم ما ورد في فضل الصف الأول رَجَّح صلاة الفريضة في الصف الأول، وجعل النوافل في الروضة الشريفة. ومن نظر إلى خصوص الأحاديث الواردة في فضل الصلاة في الروضة رَجَّح الصلاة فيها.

والراجح: أن العناية بالصفوف الأولى وميامن الصفوف في صلاة الفريضة أولى من مراعاة الصلاة في الروضة الشريفة، وممن ذهب إلى هذا القول سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله حيث قال: «أما صلاة الفريضة فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها، ويحافظ على الصف الأول – مهما استطاع – وإن كان في الزيادة القبلية؛ لما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحث والترغيب في الصف الأول….».

إلى أن قال: «وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحث أصحابه على ميامن الصفوف، ومعلوم أن يمين الصف في المسجد الأول خارج عن الروضة، فعلم بذلك أن العناية بالصفوف الأُول وميامن الصفوف مقدمة على العناية بالروضة الشريفة، وأن المحافظة عليها أولى من المحافظة على الصلاة في الروضة، وهذا بَيِّن واضح لمن تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب»([62]).

المسألة الثانية عشرة: حكم الصلاة خلف مقام إبراهيم:

يسن لمن فرغ من الطواف أن يصلي خلف مقام إبراهيم ركعتين؛ لحديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم وفيه: ثم تقدم إلى مقام إبراهيم، فقرأ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]، فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين([63]) ويقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، وفي الثانية بفاتحة الكتاب و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1].

والأفضل كونهما خلف مقام إبراهيم، ويجوز أن يصليهما في أي مكان في المسجد أو في غيره من الحرم إذا لم يتيسّر له الصلاة خلف المقام، كأن يكون هناك زحام فيُصلي.

أما كون البعض يصرون على أن يصلوا خلف المقام، مع احتياج الطائفين إلى مكانهم فهؤلاء قد ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم، وهم آثمون معتدون ظالمون، ليس لهم حق في هذا المكان، ويجوز للطائف أن يدفعهم من غير إضرار بهم، وله أن يمرُّ بين أيديهم، وأن يتخطاهم وهم ساجدون؛ لأنه لا حقَّ لهم في هذا المكان أبدًا، وكونهم يصرون على أن يكونوا في هذا المكان فهذا من جهلهم ولا شك؛ لأن ركعتي الطواف تجوز في كل المسجد، فقد صلاها أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بذي طوى، وهي بعيدة عن المسجد الحرام فضلًا عن أن تكون في المسجد الحرام.

والحاصل أن الإنسان عليه أن يتقي الله في نفسه، ويتقي الله في إخوانه، فلا يصلي خلف مقام إبراهيم والناس يحتاجون إلى هذا المكان في الطواف.

المسألة الثالثة عشرة: تحري الصلاة في مسجد الخيف في منى:

لم تأت نصوص من الكتاب والسنة تدلُّ على فضل الصلاة في مسجد الخيف إلا ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا»([64]).

ولذلك يرى كثير من الفقهاء أنه من السنة الصلاة في مسجد الخيف أيام التشريق، تأسيًا بفعل النبي وأصحابه، هذا إن أمكنهم فعل ذلك، أما إن كانت الخيام بعيدة والطرق مزدحمة والمسجد مليء بالحجاج ولا يسع المصلي أداء الصلاة فيه بخشوع؛ فالأولى أن يصلي في أي مكان آخر، والقاعدة هنا: «أنَّ الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بمكانها».

المسألة الرابعة عشرة: ماذا لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو السعي؟

إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف أو السعي، فالمشروع قطع الطواف والصلاة مع الإمام، ثم إكمال الطواف من حيث انتهى، ولا يلزم أن يعيد الطواف ولا أن يعيد الشوط الذي قطعه من أجل الصلاة.

ولا يلزمه الرجوع إلى الحجر الأسود، بل يبدأ من مكانه ويكمل، خلافًا لما قاله بعض أهل العلم أنه يبدأ من الحجر الأسود.

والصواب أنه لا يلزمه ذلك، وكذا لو حضر جنازة وصلى عليها، أو أوقفه أحد يكلمه، أو زحام، أو ما أشبه ذلك، فإنه يكمل طوافه، ولا حرج عليه في ذلك.

المسألة الخامسة عشرة: الصلاة داخل الكعبة:

تجوز النافلة في الكعبة، بل هي مشروعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة لما فتح مكة، دخلها وصلى فيها ركعتين، وجعل بينه وبين الجدار الغربي منها حين صلى ثلاثة أذرع، وقال لعائشة في حجة الوداع لما أرادت الصلاة في الكعبة: (صَلِّي فِي الْحِجْرِ إِذَا أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ فَإِنَّ قَوْمَكِ اقْتَصَرُوا حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ، فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْتِ)([65]).

أما الفريضة فذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يصليها في الكعبة، بل تصلَّى في خارجها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها النافلة، ولم يصل فيها الفريضة.

والصواب: أنه لو صلى فيها الفريضة أجزأه وصحت، لكن الأولى أن تكون الفريضة خارج الكعبة؛ خروجًا من الخلاف، وتأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.

المسألة السادسة عشرة: حكم صلاة المأموم خارج مسجد الخيف:

نقول يشترط لصحة الصلاة خارج المسجد ثلاثة شروط:

الأول: سماع التكبير.

الثاني: رؤية الإمام أو المأمومين.

الثالث: اتصال الصفوف.

فهذه الشروط الثلاثة لا بد من توفرها لمن صلى خارج أي مسجد.

ومن نظر لهذه الشروط الثلاثة وجد أنه في الغالب يتحقق الشرط الأول والثاني، أما الشرط الثالث ففي غالب الأحوال أنه لا يحصل، وبخاصة فيمن يصلي خارج مسجد الخيف، حيث أننا نرى الكثير منهم يصلي خارج المسجد وبينهم وبين المسجد مسافات بعيدة، حتى أن بعضهم يصلي وبينهم وبين المسجد شوارع عدة.

والصواب في هذه المسألة: أنه لا بد في اقتداء من كان خارج المسجد من اتصال الصفوف، فإن لم تكن متصلة فإن الصلاة لا تصح على القول الصحيح، وبهذا يتبين خطأ ما يفعله بعض الناس ممن يصلي خارج مسجد الخيف حين اقتدائهم بإمامه.

المسألة السابعة عشرة: كيف يصلى من كان في الحافلة وتأخر عن الوصول إلى مزدلفة ليلًا؟

نقول: لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يؤخر المسلم الصلاة عن وقتها إلا لعذر يبيح له الجمع بين الصلاتين، لكن لا يجوز له أن يؤخر ما يجمع من الصلوات حتى يخرج وقت الثانية منها، بل الواجب عليه أن يصلي على قدر استطاعته، ولا يؤخرها حتى يخرج وقتها.

وبناءً عليه نقول: إن من دفع من عرفة إلى مزدلفة ثم حبسه السير حتى قارب نصف الليل؛ فالواجب أن يصلي العشاء، ولا يجوز أن يؤخرها إلى ما بعد منتصف الليل؛ لأن وقت العشاء ينتهي بنصف الليل، فإن كان في الحافلة نزل على الأرض وصلى المغرب والعشاء.

فإذا لم يتمكن صلى على الراحلة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على راحلته حين أمطرت السماء([66])، فكانت السماء تمطر، والأرض تجري فصلوا على الرواحل الفريضة.

فإذا كانوا يخشون أن لا يصلوا إلى المزدلفة إلا بعد منتصف الليل؛ فإنه بمجرد غروب الشمس يصلون المغرب والعشاء في عرفة، ولا حرج عليهم في ذلك.

المسألة الثامنة عشرة: حكم من صلى المغرب والعشاء قبل الوصول إلى مزدلفة:

يسن تأخير صلاة المغرب حتى تجمع مع العشاء في مزدلفة، ووقت العشاء يمتد إلى منتصف الليل على القول الصحيح، وقيل: إلى الفجر، لكن الصواب الأول.

وعليه فما دام الوقت باقيًا فإن أداء صلاة المغرب والعشاء قبل الوصول إلى مزدلفة مخالف للسنة، لكن إن خيف فوات الوقت قبل الوصول إلى مزدلفة فإن وقت الصلاة مقدم، فيصلي المغرب والعشاء جمع تقديم.

المسألة التاسعة عشرة: هل الطواف يجزئ عن تحية المسجد؟

اشتهر عند كثير من الناس أن تحية المسجد الحرام الطواف، وليس كذلك، ولكن تحيته الطواف لمن أراد أن يطوف، فإذا دخل الإنسان المسجد الحرام يريد الطواف، فإن طوافه يغني عن تحية المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الحرام للطواف ولم يصل التحيةَ؛ لأنه سيصلي ركعتي الطواف بعده، لكن إذا دخل المسجد الحرام بنية انتظار الصلاة، أو حضور مجلس العلم، أو ما أشبه ذلك فإن تحيته أن يصلي ركعتين كغيره من المساجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ)([67])، وهذا يشمل المسجد الحرام.

المسألة العشرون: ذكر بعض الأخطاء المتعلقة بصلاة الحاج:

* ظن بعضهم أنه لا بد من ركعتي الإحرام، وقد سبق الإشارة إلى أن ذلك ليس بسنة.

* ترك قراءة سورة الكافرون والصمد لركعتي الطواف مع أن القراءة بهما سنة.

* صلاة أكثر من ركعتين للطواف.

* المزاحمة من أجل الصلاة خلف المقام.

* جلوس بعض الناس للدعاء بعد أداء ركعتي الطواف، وهو لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويسبب الضيق والزحام.

* الاستمرار في السعي بين الصفا والمروة عند إقامة الصلاة؛ ظنًّا من بعض الحجاج أنه لا يجوز الفصل بين أشواط السعي.

* ترك بعضهم القصر في الصلوات في يوم التروية، مع أن السنة القصر في الصلاة.

* بعضهم يجمع في منى الصلوات مع أن السنة ترك الجمع، إلا إذا كان له عذر كمرض وغيره.

* ترك الجمع والقصر بين الظهر والعصر في عرفة، والسنة جمعهما وقصرهما.

* عدم الاستفادة من خطبة عرفة، فإذا كان يصعب على الإنسان الذهاب إلى سماعها فيمكنه سماعها عن طريق المذياع. وكان يفعله سماحة شيخنا ابن باز وشيخنا ابن عثيمين – رحمهما الله -، حيث كانوا يضعون مكبر الصوت أمام المذياع؛ ليسمعوا أهل المخيم.

* ترك صلاة المغرب والعشاء في مزدلفة.

* ترك الدعاء والذكر في مزدلفة بعد صلاة الفجر.

* بعض الحجاج يصلون في مزدلفة الفجر قبل وقتها.

* إحياء بعض الناس ليلة المبيت بمزدلفة بصلاة وغيره. ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم أحيا هذه الليلة بصلاة ولا غيرها، بل الثابت أنه نام بعد صلاة العشاء.

* الاعتقاد أن الوضوء لازم للسعي كلزومه للطواف، والصواب أن الوضوء لا يلزم للسعي، فيجوز السعي على غير وضوء، لأن السعي لم يكن بالمسجد الحرام، ولكنه ضم بعد ذلك فدخل ضمن المسجد في هذه الأيام.

* اعتقاد بعض الحجاج أن عليهم صلاة عيد الأضحى في الحرم المكي أو في منى، والصواب أن الحاج ليس عليه صلاة عيد الأضحى؛ لانشغاله بأعمال الحج، كما أنه ليس عليه صلاة جمعة إن وافقت عرفة يوم جمعة، وقد سبق الإشارة إلى ذلك.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المحتويات

المقدمة

أولًا: أهمية الصلاة ومكانتها

ثانيًا: منزلة الصلاة في الإسلام

ثالثًا: حكم الصلاة في الإسلام

رابعًا: مراعاة الشريعة لأحوال الناس في الصلاة

خامسًا: صفة الصلاة لمن أراد الحج والعمرة

1 – تبدأ صلاة الحاج من حين خروجه من بلده:

2 – السنة للمسافر أن يقصر الصلاة الرباعية:

3 – لا يجوز للمسافر أن يقصر إلا إذا خرج من بلده:

4 – إذا صلى الحاج المسافر خلف إمام يُصلي أربعًا فيلزمه أن يُصَلي أربعًا:

5- يسن للحاج المسافر عند الحاجة الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إذا جد به السير واستمر به:

6 – إذا لم يكن المسافر محتاجًا للجمع فلا يجمع:

7 – الأولى ترك السنن الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر:

8 – متى وصل الحاج إلى الميقات إن كان وقت فريضة صلاها، ليحرم بعدها:

9 – الصلاة يوم التروية:

10 – الصلاة يوم عرفة وهو يوم التاسع من ذي الحجة:

11 – الصلاة ليلة مزدلفة:

12 – الصلاة في منى يوم النحر وأيام التشريق:

13 – فإذا دخل ظهر يوم الثاني عشر من ذي الحجة وأراد الحاج أن يتعجل:

سادسًا: ذكر بعض المسائل المتعلقة بالصلاة في الحج:

المسألة الأولى: حكم قصر الصلاة في الحج:

المسألة الثانية: هل قصر الصلاة في الحج عام لجميع الحجاج؟

المسألة الثالثة: هل لأهل مكة غير الحجاج القصر في المشاعر أم هو خاص بالحجاج؟

المسألة الرابعة: حكم جمع الصلاة في المشاعر:

المسألة الخامسة: صلاة العيد بالنسبة للحاج والمعتمر:

المسألة السادسة: حكم الصلاة بوادي العقيق:

المسألة السابعة: أيهما أفضل الطواف بالبيت أم الصلاة (أعني: طواف النافلة وصلاة النافلة).

المسألة الثامنة: حكم قصد الصلاة في مسجد عائشة بـ(التنعيم):

المسألة التاسعة: حدود الحرم التي يكون للصلاة فيها فضل.

المسألة العاشرة: هل تضاعف الصلاة في حرم المدينة؟

المسألة الحادية عشرة: أيهما أفضل الصلاة في الروضة أم العناية بالصفوف الأولى وميامن الصفوف؟

المسألة الثانية عشرة: حكم الصلاة خلف مقام إبراهيم:

المسألة الثالثة عشرة: تحري الصلاة في مسجد الخيف في منى:

المسألة الرابعة عشرة: ماذا لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو السعي؟

المسألة الخامسة عشرة: الصلاة داخل الكعبة:

المسألة السادسة عشرة: حكم صلاة المأموم خارج مسجد الخيف:

المسألة السابعة عشرة: كيف يصلى من كان في الحافلة وتأخر عن الوصول إلى مزدلفة ليلًا؟

المسألة الثامنة عشرة: حكم من صلى المغرب والعشاء قبل الوصول إلى مزدلفة:

المسألة التاسعة عشرة: هل الطواف يجزئ عن تحية المسجد؟

المسألة العشرون: ذكر بعض الأخطاء المتعلقة بصلاة الحاج:

المحتويات           

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه البخاري، كتاب الأذان، برقم (605).

([2]) رواه الطبراني في الأوسط (2/383 ، رقم 2292)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم (6178).

([3]) رواه أحمد (3/128، 199)، والنسائي في عشرة النساء (7/61) قال الحافظ في «التلخيص» (3/116): «إسناده حسن»، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3124 ).

([4]) رواه الترمذي في الإيمان برقم ( 2541 )، ومسند الإمام أحمد (5/231)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة ( 3973 ).

([5]) رواه أحمد (5/346)، والترمذي، كتاب الإيمان: برقم (2621)، والنسائي كتاب الصلاة (1/231)، رقم (462)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، حديث رقم (4143).

([6]) رواه مسلم في كتاب الإيمان برقم (82).

([7]) رواه البخاري في الإيمان برقم (25)، ومسلم في الإيمان برقم (22) عن ابن عمر ب.

([8]) رواه أبو داود، كتاب الصلاة: برقم (425)، والنسائي، كتاب الصلاة (1/230) وصححه لألباني في صحيح الجامع برقم: (2298).

([9]) رواه الإمام أحمد (2/425)، وأبو داود في الصلاة، برقم (864)، والترمذي في الصلاة، برقم (413)، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([10]) رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، برقم (574) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (635).

([11]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، برقم (634).

([12]) انظر: كتاب الصلاة للمؤلف، ص (16).

([13]) رواه الترمذي، كتاب الإيمان، برقم (2616) ، وابن ماجه، كتاب الفتن، برقم (3973) وصححه الألباني في الإرواء برقم (413).

([14]) رواه البخاري، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، رقم (1395)، ومسلم، كتاب الإيمان: باب الدعاء إلى الشهادتين، رقم (19).

([15]) رواه الإمام أحمد (2/180)، وأبو داود في الصلاة، برقم (495)، والحديث وصححه الألباني في الإرواء برقم (247).

([16]) رواه أبو داود في الحدود، برقم (4398)، والنسائي في الطلاق، برقم (6/156)، وصححه الألباني في الإرواء، برقم (297).

([17]) رواه البخاري، كتاب الحيض، برقم (304)، ومسلم، كتاب الإيمان، برقم (80).

([18]) انظر: الإنصاف (3/30) والمغني لابن قدامة (2/297).

([19]) مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله (10/236).

([20]) الشرح الممتع على زاد المستقنع (2/28).

([21]) رواه البخاري، كتاب الاعتصام، رقم (7288)، ومسلم، كتاب الحج، رقم (1337) من حديث أبي هريرة.

([22]) رواه مسلم كتاب المساجد، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى (654) (257).

([23]) رواه البخاري، أبواب تقصير الصلاة (1102)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها (689) (8).

([24]) رواه البخاري. كتاب الصلاة (350)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين (685) (1).

([25]) رواه البخاري، كتاب الأذان، برقم (687)، ومسلم، كتاب الصلاة، برقم (418).

([26]) رواه البخاري أبواب تقصير الصلاة، برقم (1060)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها برقم (704). ( تزيغ ) تميل عن وسط السماء وهو أول وقت الظهر.

([27]) أنظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (4/388).

([28]) رواه البخاري، كتاب الوتر، برقم (998)؛ ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، (749) (148)..

([29]) رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنّة الفجر والحث عليهما… (725) (96).

([30]) الإجماع لابن المنذر (ص40)، والمغني (2/87).

([31]) انظر: البحر الرائق (2/140)، والفتاوى الكبرى (2343).

([32]) سبق تخريجه.

([33]) فتح الباري (2/563).

([34]) الفتاوى الكبرى (2/337).

([35]) الشرح الممتع (4/361).

([36]) شرح مختصر خليل (5/69)، وبداية المجتهد (1/134)

([37]) حاشية الروض المربع (3/359)

([38]) مجموع فتاوى ابن باز (12/284).

([39]) المغني (3/432).

([40]) رواه أبو داود (586)؛ وابن أبي شيبة، كتاب الصلوات، (2/450)؛ والإمام أحمد (4/430، 431، 432، 440)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة برقم (1229). قال الشيخ الألباني: ضعيف انظر حديث رقم (6380) في ضعيف الجامع.

([41]) الفتاوى (24/125-126).

([42]) انظر: المنهج لمريد العمرة والحج (ص13).

([43]) لقاءات الباب المفتوح (51/15).

([44]) انظر: الشرح الممتع (7/285).

([45]) انظر: مجموع فتاوى ابن باز (12/312).

([46]) انظر: رسالة إتحاف أهل العصر بمسائل الجمع والقصر للمؤلف، ص(5).

([47]) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (26/130) المغني لابن قدامة (5/262، 263).

([48]) رواه البخاري في الحج، باب قول النبي ق: (العقيق واد مبارك) (1534)، عن عمر ط.

([49]) انظر: مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله (16/367).

([50]) رواه البخاري، كتاب الصلح، رقم (2550)، ومسلم في الأقضية رقم (1718).

([51]) رواه البخاري في فضل الصلاة في مكة والمدينة، رقم (1189)، ومسلم في الحج رقم (1397) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

([52] ) رواه مسلم في الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة (1394)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

([53]) المجموع (3/197).

([54]) الآداب الشرعية (3/429).

([55]) مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (12/395).

([56]) حاشية ابن عابدين (2/ 188)، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام لأبي الطيب تقي الدين محمد الفاسي (1 / 80)، وتحفة الراكع والساجد لأبي بكر بن زيد الجراعي الصالحي الحنبلي، ص(30)، وإعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي، ص(119).

([57]) زاد المعاد (3/303).

([58]) فتاوى اللجنة الدائمة (6/223).

([59]) فتاوى الشيخ ابن باز (4/130).

([60]) رواه مسلم في الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة (1394)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

([61]) فتح الباري لابن رجب (1/292).

([62]) مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله (16/104).

([63]) رواه مسلم في الحج، باب حجة النبي ق برقم (1218).

([64]) رواه البيهقي في سننه الكبرى برقم (9618)، وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة برقم (2023).

([65]) رواه أبو داود في المناسك برقم (2030) والترمذي في الحج، باب ما جاء في الصلاة في الحجر (876) قال الشيخ الألباني: صحيح. انظر حديث رقم: (3792) في صحيح الجامع.

([66]) رواه الترمذي: كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة على الدابة، رقم (411).

([67]) رواه البخاري، كتاب الصلاة (444)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين (714) (70).