خطبة بعنوان: (رساله إلى المرابطين. والتحالف الإسلامي) بتاريخ 7 / 3 / 1437هـ بجامع الراجحي في محافظة حقل :

الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1440هـ 12-2-2019م

 

 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ,ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبدُالله ورسوله صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيرا , أما بعد …
فاتقوا الله عباد الله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )( آل عمران:102) عباد الله لقد حرم الله جلا وعلا الظلم وجعلَه بين العباد محرما حرم الظلم لأنه جريمة فظيعة ولأنه اعتداءٌ على الأنفس والممتلكات والأموال والأعراض يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جلا وعلا ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) (رواه مسلم) , الظلم من أشنع الأخلاق وأفظعها يصدر من نفوس خبيثة سيئة الطبع مليئة بالحقد والكراهية والبغضاء ولهذا يمهل الله جلا وعلا للظالم ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر .
أيها المؤمنون : وإن من أشنع الظلم وأفظعه أن يكون ظلماً للمجتمع بأسره بكل أطيافه وأشكاله فالاعتداء على البلاد ظلم , والاعتداء على الأنفس ظلمٌ , والاعتداء على الأموال ظلم فكيف يا رعاكم الله إذا كان هذا الظلم لبلاد التوحيد مأرِز الإيمان منطلق الرسالة مهوى عقيدة المسلمين إنه يعظم, ويشنع الظلم بقدر ما يكون حتم المظلومين , وهذه البلاد المباركة تعرضت للظلم من بلاد وأفراد بل ومن أبناء مجتمعها الذين استغلوا بسماعها وعاشوا على أرضها وأكلوا من خيراتها طعنوها في جوفها ونبت لحمهم ونبتت أجسادهم من خيرات هذه البلاد فإلى الله المشتكى , أبلاد الحرمين يوجه لها هذا الظلم من قبل جماعات , وأفراد تمثلوا فكراً سيئاً ولهذا أدت هذه البلاد ما أوجب الله عليها , وقامت بما يليق بها على أكمل وجه وأتمه ألا ترون المرابطين في الحد الجنوبي يذودون عن الدين , وعن المقدسات, وعن الأعراض, وعن الأموال فهنيئاً لهم شرف الفداء شرف التضحية هنيئاً لهم الجهاد في سبيل الله وصدق حبيبنا صلى الله عليه وسلم : ( من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) ( رواه الترمذي ), نعم إن هؤلاء الأبطال الأشاوس الذين يرابطون يحرصون الثغور هؤلاء ينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت خشية من الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) (رواه الترمذي)، فهنيئاً لكم أيها الأبطال الأشاوس هنيئاً لكم هذا الرباط أنتم لا تدافعون عن أنفسكم بل تدافعون عن الدين والمقدسات والديار والأموال والأعراض هنيئاً لكم هذا الشرف الرفيع فأنتم على خير ولله الحمد والمنة ولقد سمعنا من بطولاتهم وتضحياتهم ورباطهم ما يسر الخاطر ولله الحمد والمنة فهذا أحدهم يقول إنني أنا القائد أن أكون في الصفوف الخلفية ووالله لقد بكيت البارحة فقلت له لماذا قال لأنني أريد الصف الأمامي فقلت له أنت على أجر وعلى خيرٍ وأرجوا أن تدرك أجر الصف الأمامي ما دمت ملتزماً بأمر قيادتك.
أيها المؤمنون : هذه البلاد المباركة التي امتدت يدها المعطاءة بالبذل والعطاء والدعوة ,هذه البلاد التي تتفرد بتحكيم شرع الله المطهر ,هذه البلاد التي تزهو بعلمائها وهم تاج علماء هذا الزمان , هذه البلاد التي تشرف بقيادتها هذه البلاد التي اجتمع صفها , وتوحدت كلمتها توحدت على لا إله إلا الله محمد رسول الله ,ألا ترون العلَم الخفاق كيف يرتفع وفي جهاته الشهادة, إخواني إن الظلم الفظيع الذي وقع على بلادنا يحتاج إلى أن تجتمع كلمتنا وأن يتوحد صفنا وأن نساهم بقدر ما نستطيع يقول بعضهم ماذا علي أن أؤدي ؟ نقول له عليك الدعاء , الدعاء سلاح عظيم يمضي كأشد ما يكون فأكثر من الدعاء بالنصر المؤزر للمرابطين على الحدود ,أكثر من الدعاء بأن يحمي الله البلاد والعباد أكثر من الدعاء بأن يتم الله الأمن والأمان على هذه البلاد المباركة التي امتد خيرها لسائر بلاد الدنيا ألا ترون نجدتها لإخواننا من أهل السنة في اليمن الشقيق لما تعرضوا للعدوان من قبل أهل الشرك , إنَّ عُبَّاد الأوثان عُبَّاد القبور يريدون أن يوجدوا هذه المعابد في بلاد الحرمين في بلاد التوحيد , ولكن نقول لهم يأبى الله , ثم يأبى المؤمنون الصادقون يأبى الراكعون الساجدون أن تكون لكم يد في هذه البلاد بحول الله وقوته إنَّا أيها المؤمنون محسودون على ما نعيش به من نعم عظيمة نعمة تحكيم شرع الله المطهر, ونعمة الأمن الوارف في الأوطان , ونعمة توحد صفنا واجتماع كلمتنا والله إن هذا الأمر أقلق الأعداء فراحوا يفكرون لهذه البلاد , وزرعوا هذه النابتة في جوف بلادنا نابتة التكفير والتفجير نابتة الإرهاب من أجل أن يشغلوا فيها هذه البلاد عن البناء وعن التعمير, وعن الدعوة إلى الله فنسأل الله جلا وعلا أن يذلهم , وأن يفضح كيدهم , وأن يجعل سلاحهم يرتد إليهم عاجلاً غير آجل
عباد الله : لقد امتن الله جلا وعلا على عباده بالأمن في الأوطان فقال سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم (لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) سورة قريش
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) ابراهيم آية (42) فانتبهوا رعاكم الله انتبهوا للذين يدسون السم في الدسم انتبهوا رعاكم الله للذين يرددون الإشاعات الكاذبة انتبهوا رعاكم الله للذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتشويه صورة هذه البلاد صورة ولاتها, صورة علمائها صورة جنودها, ورجال أمنها انتبهوا لذلك جيدا ومن كان له يد في الدفاع والكتابة فعليه أن يبذل ما يستطيع فهذا والله من أوجب الواجبات وأعظمها في هذا الوقت فكلنا مسؤولون عن بلادنا مسؤولون عن ثراها ندافع عنها بكل ما نستطيع ,اللهم إنا نسألك بمنك وجودك وكرمك وأنت العلي الأعلى أن تذل الكافرين والمنافقين , وأن ترد كيد الكائدين إلى نحورهم , وأن تجعل كيدهم و تدبيرهم تدميراً عليهم ياذا الجلال والإكرام , وصدق الله العظيم ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التحريم : آية9) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين …. أما بعد
أيها المؤمنون : لقد وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم هذه النابتة نابتة التكفير والتفجير نابتة الإرهاب وصفهم بأوصاف تقشعر منها الأبدان يقول صلى الله عليه وسلم : ( يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يرى شيئا وينظر في القدح فلا يرى شيئا وينظر في الريش فلا يرى شيئا ويتمارى في الفوق) (رواه البخاري) , ووصفهم صلى الله عليه وسلم بأنهم يخرجون على جماعات المسلمين وأنهم يعتدون على الحرمات ويسفكون الدماء المعصومة التي توعد الله جلا وعلا من تعرض لها وصدق الله العظيم (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )النساء (93) , وقال صلى الله عليه وسلم: ( لايزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ نفساً حراماً) (رواه البخاري) ويقول صلى الله عليه وسلم: ( لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون من قتل المسلم) . قال في المقاصد لم أقف عليه بهذا اللفظ ، ولكن معناه عند الطبراني في الصغير عن أنس رفعه (من آذى مسلما بغير حق فكأنما هدم بيت الله)
عباد الله: وهؤلاء التكفيريون ,هؤلاء الإرهابيون يقتلون الأنفس المعصومة ويعتدون على الممتلكات والأموال والديار بل أحياناً يقتلون الراكعين الساجدين وهم في مساجدهم آمنون هؤلاء ماذا سيقولون عندما يقفون بين يدي الله جلا وعلا فيسألهم عن هذه الانفس المعصومة التي قتلوها لقد حرَّم الله جلا وعلا قتل المعاهدين والمستأمنين والذميين يقول صلَّى الله عليه وسلم قال: « من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة, وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما. » (رواه البخاري)., ومعصوم الدماء أربعة المسلم والذمي والمستأمن والمعاهد فانتبهوا رعاكم الله ومن وجد من أحد شيئاً من التأثر بهذا الفكر فليناصحه فإن لم يستجب فعليه أن يُبلغ عنه فوالله لأن يبلغ عنه أحب وأغلى وأنفع له ولأهله ولمجتمعه من أن يفجر نفسه أو يفجر غيره أو يضر نفسه لأن يمسك ويوضع في السجن ويتحفظ عليه هذا أهون وأخف بكثير من أن يبتلي نفسه ويبتلى أهله ويبتلي المجتمع ويبتلى البلاد بطامة من الطوام فانتبهوا رعاكم الله وتعاونوا مع رجال الأمن وتعاونوا مع ولاة أمركم على الخيرواحذروا من الخلايا النائمة المتعاطفة مع هذا الفكرواعلمو بارك الله فيكم أن مما أفرحنا وأثلج صدورنا في هذه الأيام القريبة ما تم الإعلان عنه في هذه البلاد المباركة وهي السباقة إلى ميادين الخير والدعوة والنفع للإسلام والمسلمين ما تم الإعلان عنه من التحالف الإسلامي العسكري الذي وقعت عليه أكثر من خمس وثلاثين دولة إسلامية ولا تزال الدول توقع علي هذا التحالف وقد قابلنا هذا التحالف في هذه البلاد المباركة فنحمد الله ونشكره أن هذا التحالف ليس موجهاً إلى فرد وليس موجها لمجتمع , وليس موجهاً لبلاد إنه موجه للإرهاب بكل أشكاله وكل أطيافه وشتى أنواعه تجتمع هذه البلاد وتتعاهد وتتعاطف على مكافحة الإرهاب بكل الوسائل المتاحة هذا التحالف ليس تحدياً لأحد معين ولكنه صفعة على وجه أولئك الذين يتهمون الإسلام بأنه دين الإرهاب يتهمون بلاد الإسلام بأنها تخرج الإرهاب يتهمون بلاد الحرمين أنها هي التي تخرج الإرهابيين كيف. وقد اكتوت بنارهم.. بل إنه ليس هناك بلاد وقع عليها من الظلم من هؤلاء الإرهابيين أكثر من بلادنا , هذا التحالف ضربة قوية لأولئك الذين يتهمون ديننا بالإرهاب وهو قوة ضاربة تبين للكفارأن البلاد الإسلامية عندها القوة لديها قوة متي ما توحد صفها واجتمعت كلمتها فبارك الله في مثل هذا الاتحاد وأمثاله وبارك الله في الجهود الخيرة لولاة أمرنا ,
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب:٥٦).
الجمعة في : 7 / 3 / 1437هـ