125 – مقومات الحياة الزوجية

الثلاثاء 25 رجب 1445هـ 6-2-2024م

125 –  مقومات الحياة الزوجية pdf

 

 

رسالة بعنوان

مقومات الحياة الزوجية

 

تأليف

أ.د/ عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

 

  

بسم الله الرحمن الرحيم

مقومات الحياة الزوجية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:

فما أروع أن يعيش الإنسان حياته في بيته سعيداً هنيئاً، ليس هناك ما يكدر عليه أو يعكر مزاجه، أو يقلق راحته.

فالأيام إما أن تكون صافية هنية بياضها كبياض الحليب والثلج، وإما أن تكون سوداء كسواد الليل في فصل الشتاء، ولكي يكون البيت واقعياً متوازناً ترفرف عليه علامات السعادة ويتملكه الحب صباح ومساء، ويعشعش فيه التعاون والوفاء، وتتناوب فيه المكرمات.

لا بد أن تكون الحياة في هذا البيت حياة مبنية على ما يأتي:

1) أن يكون بيتاً أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان من أول يوم قام فيه، وذلك بأن يكون الزوجان محتكمين للكتاب والسنة في كل صغيرة وكبيرة في مسيرة حياتهما الطويلة. وصدق الله العظيم: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: الآية 59].

2) أن يكون بيتاً بسيطاً في كل جوانبه؛ الجوانب المادية والمعنوية، فلا إسراف في المأكل والمشرب والأثاث والأدوات المنزلية، كما قال الله جل وعلا:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف: الآية 31]. وكذلك في النواحي المعنوية فلا غموض ولا سطحية، بل حياة مبنية على الوضوح والمشاورة والصدق والصراحة واختيار الأيسر والأسهل من الأمور.

3) أن يكون بيتاً طاهراً نظيفاً، أفراده يحرصون على طهارة الظاهر والباطن، فالظاهر: يبتعدون عن النجاسات، والبيت لا أثر للقمامات والأوساخ فيه، وكذا الباطن: فالقلوب نزيهة وسليمة فلا حقد ولا حسد ولا بغض ولا كراهية، الكبير يعطف على الصغير، والصغير يحترم الكبير، والكل يكن لغيره كل مودة ومحبة وعطف وتقدير.

4) أن يكون البيت هادئاً تجلله السكينة؛ فلا صخب ولا ضوضاء ولا إزعاج ولا فوضاء، الابتسامة تعلو وجوه أهل البيت وهم يأخذون بالأدب النبوي (وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ).

5) هذا البيت يقوم على المودة والرحمة، ويعد اللبنة الأولى لبناء مجتمع الجسد الواحد القائم على المودة والرحمة، ومتى اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. فهذا البيت المظهر فيه هو التراحم والتواد، كل يحب صاحبه ويقدمه على نفسه، فهم {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[محمد: الآية 29]، وهم يأخذون بقول الله جل وعلا: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً..} [الروم: الآية 20].

6) وهذا البيت يؤمر فيه الصغار بالصلاة، ويعودون عليها، ويشجعون، فهم يسبقون آباءهم إلى المساجد بأدب واحترام، يأخذون بأدب النبي صلى الله عليه وسلم: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ).

7) وهذا البيت يتعاون أفراده وتتوزع المهام عليهم حسب إمكاناتهم وطاقتهم ورغباتهم، ولا فرق بين صغير وكبير وذكر وأنثى، بل كل يقوم بما عليه حسب جهده وطاقته، البنت تعمل والولد يعمل والأب يكتسب والأم تربي والمشاورة قائمة على أتم وجه وأكمله.

8) أهمس في أذن بعض الآباء والأمهات الذين يتركون للغير تربية الأبناء والبنات ورعايتهم ومتابعتهم، ونقول لهؤلاء: لماذا تستغربون العقوق، وتستكثرون مشاكل الأبناء والبنات وأنتم الذين تغرسون ذلك في نفوسهم عن طريق من يتولى تربيتهم.

فما بالك بأم كان آخر العهد بأطفالها حين وضعتهم من بطنها، وما ظنك بأب لا يجلس مع أبنائه في اليوم والليلة، بل في اليومين والثلاثة مشغول خلف عرض زائل أو في جلسات هنا وهناك، تعود عليه بالشر في دنياه وأخراه. فلنعد إلى أنفسنا ولنتلمس أخطاءنا من واقعنا، ولنرسم طريقنا بأيدينا، ولنأخذ بأيدي أبناءنا، فهم التجارة الرابحة بإذن الله. ولنحفظهم من تأثيرات الآخرين، ولنختار لهم المحاضن الصالحة قبل أن يختاروا جلساء السوء، فكل قرين بالمقارن يقتدي.

9) المرأة تغلب عليها العاطفة، والعقل يغلب على الرجل، ومنهما يكون التكامل بين الرجل والمرأة، وصدق الله العظيم:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: الآية 21].

فالمرآة سكن للرجل وهو سكن لها، وكل منهما يجد الراحة والأمن عند الآخر.

فالمرأة صاحبة العاطفة المتغيرة من آثار الحمل والولادة والرضاعة، وهي صاحبة الإحساس المرهف والعاطفة الجياشة، وهكذا جعلها خالقها سبحانه، فالحياة تبدأ في بطنها من نطفة إلى مضغة إلى كائن حي، ثم إلى فرد من أفراد المجتمع.

وما أجمل أن يجتمع عند المرأة عاطفة تؤدي إلى الإيمان، ثم فهم يؤدي إلى العمل، وليس معنى الأنوثة تجميل وأصباغ ووضع مساحيق على الوجوه والشفاة، إنما الأنوثة الحقيقة بالمحافظة على الفطرة في كل ميادين الحياة وتحقيق السعادة للزوج ومن ثمَّ تربية الأولاد على الخلق الكريم والمحامد الفاضلة، ومتى اختلت الفطرة عند المرأة تحوّلت إلى حيوان، وصار مكان اللين والمودة والرحمة: العنف وحب الانتقام. وهذا ما يحدث المشاكل الزوجية في كثير من البيوت.

10) شرع الله شركة الزواج لبناء المجتمع الصغير والتعاون على تكوين الأسرة والتضامن على كل ما فيه مصلحة الأولاد وسعادتهم، قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً}[النحل: الآية 72].

وهذه الشركة المباركة التي امتن الله بها على العباد وعلى كل واحد من الشريكين أن يدعي الحقوق الواجبة عليه بالنسبة للآخر، وأن يسير فيها بكل أمانة وإخلاص، وأن لا يأتي من الأمور ما فيه مضايقة لشريكه، أو تزهيد له في الشركة، وألا يتأثر بأي مؤثر يؤدي إلى الانفصال عن هذه الشركة.

ولقد جاءت التوجيهات النبوية الراشدة لضمان وثبات ورسم الخطة المثلى لنجاح هذه الشركة وتوفير الربح واغتنام الكسب في ظلالها، ومن ذلك ما جاء في خطبة الوداع التي عرض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمهات المسائل، ورسم طريق الحياة الكريمة، وخط مسيرة العدل وأسسه، فقال: (إن لنسائكم عليكم حقا ولكم عليهن حقا، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم غيركم ولا يدخلن أحدا تكرهونه إلى بيوتكم من دون إذنكم ولا يأتين بفاحشة..)، إلى أن قال: (وإنما النساء عندكم عوان – أي: أسيرات – لا يملكن لأنفسهن شيئا أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا).

إن في التوجيهات النبوية الراشدة والتوصيات المحمدية الكريمة ما يحمل الزوجين على حسن العشرة وقيام كل منهما بما يجب عليه نحو الآخر ليضمن كل منهما احترام الآخر وتقديره ورعايته واستدامة ودّه وعطفه، وبذلك تنجح شركتهما وتربح ربحاً مضموناً، وأي ربح أعظم من توفير السعادة في البيت وتهيئة فرص التمتع بزينة الدنيا وبهجة الحياة، وصدق الله العظيم:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الكهف: الآية 46]، أي ربح أعظم من أن تنمو هذه الزهور المتفتحة في جو ملئ بالمودة، عامر بالتفاهم، وتعيش في ظلال حدب الأبوة وحنان الأمومة، وتنشأ نشأة صالحة يكون من ثمارها بر الوالدين وصلاح الأبناء ونفع المجتمع.

إنه ربح عظيم لا يقدر قدره ويدرك أثره إلا الذين مُنّوا بخسارة هذه الشركة واكتووا بنار الفرقة، فيخسر السعادة ويفشل في تربية الأبناء، ويكون أفراد هذه الأسرة عالة على المجتمع، بل قد يكونون معاول هدم وفساد وتخريب في بناء المجتمع المتماسك.

11) صدق من قال: ومن يشابه أبيه فما ظلم؛ فالطفل أول ما تتفتح عيناه على أبويه وهما في نظره كل شيء، فهو يقلدهما في المدخل والمخرج، والمأكل والملبس، والصلاة والحركات والسكنات.

فالولد يتشبه بأبيه، والبنت تتشبه بأمها، وصدق حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ  يُمَجِّسَانِهِ).

وصدق القائل:

مشى الطاووس يوماً باختيال
*** فقلده بمشـيته بنـوه
وينشأ ناشئ الفتيــان منـــــا
*** على ما كان عوده أبوه

فعلى قدر اهتمام الوالدين ورعايتهما وتربيتهما تكون النتيجة الحتمية.

فليكن الوالدان قدوة حسنة لأبنائهم استقامة وصلاحاً، وليحرصوا على انتقاء العبارات الحسنة في التخاطب مع الأبناء وغيرهم، وليحرصوا على العدل بين الأولاد، وليحذروا من التفريق بينهم في المعاملة أو العطية.

وألا يحاسب الزوجة أمامهم، وكذا ألا يحدث من التصرفات بينه وبين الزوجة ما لا يليق أمام أبنائه وبناته.

فالأولاد لهم حقوق وعليهم واجبات. يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “كما أن لوالدك عليك حقاً كذلك لولدك عليك حق”.

وصدق القائل:

إن الغصـــون إذا قومتها اعتدلت
*** ولا يلين إذا قومتــــــــــه الخشـبُ
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل
*** وليس ينفع في ذي الشيبة الأدبُ

وصدق القائل:

عوِّد بنيك على الآداب في الصغر
*** كيما تقرّ بهم عينـــاك في الكبــــــــــر
فإنما مثل الآداب تجمعهـــــــــــــا
*** في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
هي الكنوز التي تنمو ذخائرهـــا
*** ولا يخاف عليهـــــا حادث الغيــــــــــــر
إن الأديب إذا زلــــــــــت به قدم
*** يهوي على فُرش الديبــــــاج والسـرر

وصدق حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيرًا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا).

لقد ابتلى المجتمع برجال حملوا صوراً سيئة لبيوتات تشمئز النفس من الاطلاع عليها فضلاً عن حياتها. فهناك من يتفنن في إيذاء زوجته بكل الوسائل والأساليب يخدش الحياء ويفتل العضلات.

ورجل يحمل قلبين في جوفه، ووجهين، أحدهما خارج البيت مع زملائه وخلانه وأصدقائه، والآخر خاص بزوجته لا يطلع عليه أحد غيرها عند زملائه، ثغر باسم، وكرم فياض، وطلاقة وجه، وعذوبة حديث، وسعة صدر، وطول بال.

أما عند الزوجة: فذئب كاسر، وعدو لدود، وخصم عنيد يتصيد العثرات، ويقابل الحسنات بالسيئات.

دائماً يحمل الهم وضائق الصدر، لا يراعي أدباً ولا حقاً ولا صغيراً ولا كبيراً في البيت، وآخر المطاف هروب من البيت، والسبب منْ ؟ في نظره هي الزوجة.

أيها الأحباب:

لا بد من التوسط في الأمور، فلهن حقوق وعليهن حقوق، وكلنا راع ومسؤول عن رعيته:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(البقرة: الآية 228)، وصدق الحبيب صلى الله عليه وسلم:(أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ).

فسامح ولا تستوف حقك كله
*** وأبق فلم يستوف قطٌّ مع كريم

12) قال تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}(النساء: الآية 34).

13) قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثٌ َلَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ – الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ -، وَالدَّيُّوثُ).

وقال علي بن أبي طالب t زوج الكريمة بنت الكريم: “ألا تستحون! ألا تغارون؟ يترك أحدكم امرأته تخرج بين الرجال”.

وصدق القائل ـ وهو يخاطب زوجين كادت الخلافات تعصف بهما فأصلح الحال وجههما إلى خير سبيل ـ :

لا كرم أوفى من ترك الهوى
ولا شرف أعز من التقوى
ولا حسنة أغلى من الصبر
ولا سيئة أخزى من الكبر
ولا حياة أطيب من الصحة
ولا معيشة أهنأ من العفة

14) إن مقومات السعادة الزوجية تكمن في:

1) حسن الاختيار لشريكة الحياة، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ).

وقال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ).

2) رؤية الخاطب لمخطوبته والعكس، وهذا له آثاره الإيجابية بعد الزواج، وقد وجّه إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم: (انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا).

ونحن في مجتمعنا بين إفراط وتفريط، وبين توسيع في الأمر، وتخرج معه خطيبته قبل العقد إلى الأسواق والمنتزهات زاعمين أنه يطلع على أخلاقها وتطلع على أخلاقه، ويتعرفان على بعضهما ليكونان على بينة، وبين آخرين يعتمدون على وصف الواصفات اللاتي إذا أحببن أسرفن في المدح ووضع الصفات التي ليست في البنت، وإذا أبغضن أسرفن في الذم وأخفين صفات الجمال والكمال في البنت.

3) عدم المغالاة في المهور وحفلات الزواج؛ فالوسط خير ولو كان شرفاً في الدنيا أو نجاة في الآخرة لسبقنا إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم.

فعلى العقلاء أن يبينوا للناس أن التيسير في هذا الباب مدعاة لتمام الحياة الزوجية وبقائها واستدامة العشرة وعلى العكس، فالمغالاة مدعاة لحصول الدَّين والهم بالليل والنهار، ومن ثم تمزق البيت وكثرة الخلاف والخصام؛ لأن الزوج يعلم أن زوجته هي السبب في ذلك.

4) القيام بالحقوق الزوجية من كلا الزوجين للآخر من الطاعة بالمعروف والعشرة والتعامل الحسن والنفقة والمسكن والقيام بأعمال المنزل وعدم الخروج منه إلا بإذن الزوج. المهم أن يعرف كل منهما ما له وما عليه، ويقوم به عن طيب نفس وراحة ضمير.

5) تَعرُّف كلٍّ منهما على أحوال الآخر، وما يحتاجه من التعامل الخاص، فالنفسيات لها طابع خاص والزوج كالطيب لزوجته وهي كذلك. وصدق القائل:

ترى غصصاً في النفس مني دفينة
*** فتعلمها علم اليقين وأجهـــــل
فتغدو نطاســـــــــــياً يعالج مدفنــاً
*** ليبرئه من دائه وهو معضـــــل

6) تربية الأولاد على الفضيلة والخير وتنشئتهم نشأة صالحة ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع ولبنات قوية، وليثبتوا أمام المغريات والتيارات التي كثرت في هذه الأزمان.

ربُّوا الشباب على الفضائل إنهم
*** نسل الأماجد فاتحي البلدان
غَذّوهم بالعلم فهو حصــــــــانـة
*** ودعامة لإقـامة البنيــــــــــان

7) حسن العلاقة مع الآخرين وخصوصاً من لهم صلة قوية بالزوجين؛ كالوالدين والإخوة والأقارب، فلا بد من مراعاة الظروف والملابسات والصبر والتحمل وضبط اللسان وعدم نقل الكلام وإطفاء النار قبل اشتعالها. والرجل العاقل يعرف كيف يكسب أقارب زوجته، والزوجة الحصيفة تعرف كيف تتعامل مع أهل زوجها.

8) المبادرة في حل الخلافات وعدم ترك الأمور تسير دون ضبط أو توازن، بل لا بد أن تبادر المرأة إلى علاج كل طارئ يطرأ على الأسرة أو الأولاد. وهكذا الزوج يحرص على حل الخلافات في جو عائلي خاص، وإذا تطلّب الأمر دخول أحد، فليكن بقدر الحاجة، وليكن من العقلاء المدركين لعواقب الأمور.

9) الاستشارة في بعض الأمور التي تواجه الزوجين، وليكن ذلك بصفة خاصة ودون علم الطرف الأخر، ولست أعني بذلك أن يشكو طرف طرفاً لا وإنما يستشير كما يفعل المريض عند استشارة الطبيب.

10) ليحذر الزوجان من تدخل الآخرين في حياتهما، ففي ذلك الخطر الداهم عليهما.

11) لتحذر المرأة أن يكون العمل سبباً في خلخلة بناء الأسرة، فكثير من النساء تقدم العمل على السعادة الزوجية، والمرأة العاقلة تعرف كيف تجمع بين العمل وحقوق الزوج.

12) لتحذر المرأة من كثرة الخروج هنا وهناك، وتضييع الأولاد، وحق الزوج، والعبث بالهاتف، وغير ذلك.

وصدق القائل:

إذا وقع الذباب على طعام
*** كففت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء
*** إذا كان الكلاب ولغن فيه

وصدق القائل:

إن الرجال الناظرين إلى النساء
*** مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها
*** أُكلت بلا عوض ولا أثمـــــان

14) قصص من الواقع:

أ_ قصة العاقلة التي كان مهرها الصلح بين قبيلتين.

ب_ قصة المرأة التي تحملت أذى زوجها من أجل أطفالها، فلما حضرتها الوفاة أوصته بهم، فكانت توبته على يديها.

ج_ قصة المرأة التي عاشت ثلاثين سنة من المعاناة حتى عوّضها بنوها لما كبروا.

د_ قصة الفتاة التي باعها أبوها على كبير سن، ولكنها تحدثت معه حديث البنت لأبيها فتركها وخطبها لابن أخيه وأخذ يحن عليها أشد من أبيها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.