خطبة بعنوان: (رؤيا الأموات حقيقتها وحكم العمل بما فيها من الوصايا والأحكام) بتاريخ: 14-2-1439هـ

الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1440هـ 12-2-2019م

 

الخطبة الأولى:

إن الحمدَ للهِ، نحمدهُ ونستعينُه ونستغفرًه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنَا ومن سيئاتِ أعمالنَا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابِه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فاتقوا الله أيها المؤمنون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: الآية 102).

عباد الله: تكلَّمنَا في خطبةٍ ماضيةٍ عن الرؤيا وكيفَ أنَّها صارتْ موضعَ جدٍّ واهتمامٍ لدى أصحابِها، ووضَّحنَا ما ينبغي أن يكونَ عليهِ المعبِّرُ وما يلزمهُ عند تعبيرهِ للرؤيا ، واستكمالاً لهذا الموضوع جاءتْ هذهِ الخطبةُ حولَ رُؤيا الأمواتِ حقيقتُها وحكمُ العملِ بما فيها من الوصَايا والأحكامِ حيثُ أنَّه تكثُر حولها الأسئلةُ الواردةُ إليَّ حولَ وصايَا الأمواتِ هل يُعملُ بهَا أم لا يعمل بها، وهل إذا رأى شخصٌ أحدَ الأمواتِ وأخبرهُ أنَّ عليهِ ديوناً قدرُها كذا لفلانٍ منها كذا وفلانٍ منها كذا، هل يُعملُ بهذهِ الرؤيا وغيرِ ذلكَ من الرؤى التي يراها بعضُ الناسِ لبعضِ الأمواتِ: فنقولُ وباللهِ التوفيقُ ومنه العونُ والسدادً:

أولاً: الميتُ لا يعلمُ بشيءٍ من أحوالِ أهلهِ أو أقاربه لأنَّه غائبٌ عنهم في نعيمٍ أو عذابٍ، ولكن قد يُطلعُ اللهُ بعضَ الموتى على بعضِ أحوالِ أهلهِ ولكن دون تحديدٍ . وقد جاءتْ آثارٌ لا يعتمدُ عليها بأنَّ الأموات قد يعرفون أشياءً من أحوالِ أهلهِم.

ثانياً: قد يعرفُ الأحياءُ بطريقِ الرُؤيا الصالحةِ شيئًا من أحوالِ الميتِ ، ولكنَّ ذلك يعتمدُ على صدقِ الرائي ، وصدقِ الرُؤيا ، وقدرةِ المعبّرِ لتلكِ الرؤيا ، ومع ذلك فلا يصحُّ الجزمُ بمضمونِها إلا أن يقومَ دليلٌ على ذلك ، فقد يرى الحيُّ قريبَه الميتَ فيوصيه بأشياءٍ، ويذكرُ له بعضَ الأمورِ التي يمكنُ معرفةُ صدقِها إذا طابقتْ الواقع.

وقد حصلَ منْ هذا وقائعُ بهذا الشأنِ، فمنها ما يكونُ مطابقًا للواقعِ ، ومنها ما لا تُعلم صحتُه، ومنها ما يُعلم كذبُه فهي ثلاثة أقسام ، فيجبُ أن يراعى ذلك بالتعاملِ مع الأخبارِ والرواياتِ والقصصِ المتعلقةِ بأحوالِ الموتى .

ثالثاً: ذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ إلى أنَّ أرواحَ الأحياءِ وأرواحَ الأمواتِ تلتقي في البرزخِ . واستُدِل لذلك بقولهِ تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )[الزمر:42]. قال القرطبيُّ – رحمه الله – : قال ابنُ عباسٍ وغيرُه من المفسرين : إنَّ أرواحَ الأحياءِ والأمواتِ تلتقي في المنامِ فتتعارفُ ما شاءَ اللهُ منهَا ، فإذا أرادَ جميعُها الرجوعَ إلى الأجسادِ : أمسكَ اللهُ أرواحَ الأمواتِ عندهُ ، وأرسلَ أرواحَ الأحياءِ إلى أجسادِها .

قال ابن القيم رحمه اللهُ : وقد دلَّ التقاءُ أرواحِ الأحياءِ والأمواتِ: أنَّ الحيَّ يرى الميتَ في منامِه، فيستخبرُه، ويخبرُه الميتُ بما لا يعلمُ الحيُّ ، فيصادفُ خبرُه كما أخبرَ في الماضي ، والمستقبل ، وربما أخبرَهُ بمالٍ دفنَه الميتُ في مكانٍ لم يعلمْ به سواهُ ، وربما أخبرهُ بدَيْنٍ عليه ، وذَكَر له شواهدَه ، وأدلتَه . وأبلغُ من هذا: أنَّه يخبرُ بما عملَه من عملٍ لم يطلعْ عليهِ أحدٌ من العالمين ، وأبلغُ من هذا أنَّه يُخبرهُ أنكَ تأتينا إلى وقتِ كذا وكذا ، فيكونُ كما أخبر ، وربما أخبرهُ عن أمورٍ يقطعُ الحىُّ أنه لم يكنْ يعرفُها غيرُه .

وأما اللقاءُ في غيرِ المنامِ، أو في وقتٍ محددٍ، أو هيئةٍ معينةٍ، فهو مما لم يدلُّ عليهِ دليلٌ، والقولُ فيه، وفي غيرِه من أمورِ الغيبِ، بغيرِ برهانٍ من الوحي من رجمِ الظنونِ.

رابعاً: لم يثبتْ أنَّ أرواحَ الأمواتِ تتصلُ بالأحياءِ في غيرِ المنامِ ، كما أنَّه لا صحةَ لما يدَّعيه المشعوذونَ من قدرتهِم على تحضيرِ أرواحِ من يشاءونَ من الأمواتِ ، ويكلِّمونَها ، ويسألونها ، فهذه ادعاءاتٌ باطلةٌ ، ليسَ لها ما يؤيدُهَا من النقلِ ، ولا منْ العقلِ.

خامساً: دُنُّو أرواحِ الأمواتِ من قبورِهم يومَ الجمعةِ ، أو ليلتَها ، ومعرفتُهم مَن زارَهم ، أو مرَّ بهم ، وسلَّم عليهم ، أكثرُ من معرفتِهم بهم في غيرِ يومِ الجمعةِ ، أو ليلتِها ، والتقاءُ الأحياءِ والأمواتِ ذلك اليومِ: كلُّ هذا من الأمورِ الغيبيةِ التي استأثرَ اللهُ بعلمِها ، فلا تُعلمُ إلا بوحيٍ منْ اللهِ لنبيٍّ من أنبيائهِ ، ولم يثبتْ في ذلك حديثٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نَعلمُ، ولا يكفي في معرفةِ ذلكَ الأحلامُ؛ فإنَّها تخطئُ، وتُصيبُ، فالقولُ بها ، والاعتمادُ عليها: رجمٌ بالغيب .

سادساً: ما يراهُ النائمُ من حالِ الميتِ ، أو منزلتِه في الجنَّةِ : فإنَّه إن كانتْ رُؤيًا صحيحةً : فما يراهُ هو الواقعُ، وقد ثبتَ عن كثيرٍ من السلفِ أنَّهم رأوا أمواتاً في المنامِ ، فسألوهم عن أحوالهِم، فأخبروهم بها، ثم نقلوا ذلك لنا، وهم أئمة أعلام، ولولا أن ذلكَ مما يؤخذُ به: لما كانَ لهُم ذِكرُ ذلكَ للناسِ، على أننا نقولُ: قد يكونُ ما رأوه هو حالُ ذلكَ الميتِ في تلكَ اللحظةِ، أما الخيرُ والنعيمُ: فإما أن يثبتَ، أو يزيدَ، وأما حالُ الشرِّ والسوءِ: فقد يتغيَّرُ للأحسنِ بفضلِ اللهِ ورحمتهِ، ومما ورد في ذلك:

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنْعَةٍ ؟ قَالَ : حِصْنٌ كَانَ لِدَوْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي ذَخَرَ اللَّهُ لِلْأَنْصَارِ ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ ، فَمَرِضَ ، فَجَزِعَ ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ، فَرَآهُ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ، وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ. فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ)(رواه مسلم).

سابعاً: لا يلزمُ من رأى أمواتاً لا صلةَ له بهم أن يخبرَ أقاربهَم إذا رآهم في المنامِ على أيِّ حالٍ كان، وإنما إذا رأى الميتَ على حالٍ تسرُّه فإنَّ هذا خيرٌ له، ويحدِّثُ به الإنسانُ إن أحبَّ ذلكَ أقاربَ الميتِ ومن يحبُّ، وإذا رآه على حالٍ مكروهةٍ فإنَّ المشروعَ فيمنْ رأى ما يكرهُ أن يستعيذَ باللهِ من الشيطانِ ومن شرِّ ما رأى، وأن يتفلَ على يسارهِ ثلاثَ مراتٍ، وأن ينقلبَ عن جنبهِ الذي كان عليه إلى الجنبِ الآخرِ، وألا يُحدِّثُ بذلكَ أحداً.

ثامناً: ليُعلمَ أنَّه يمكنُ أن يَرى الإنسانُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنامِ، وأنَّ الشيطان لا يتمثَّل بصورةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لكنَّه لا يتمثَّل بصورتِه الحقيقيَّةِ، أما في صورةٍ أخرى فيمكنُ للشيطان أن يأتيَ ويزعمَ أنَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرةَ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن رآني في المنامِ فسيراني في اليقظةِ، ولا يتمثَّلُ الشيطانُ بي)(رواه البخاري ومسلم). زاد البخاري: قال ابنُ سيرين: إذا رآه في صورته.

وكان محمَّد ابن سيرين -إذا قصَّ عليه رجلٌ أنَّه رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: صِفْ لي الذي رأيتَهُ، فإنْ وَصفَ لهُ صفةً لا يعرفُهَا قالَ: لم ترهُ. وإذا تبيَّنَ هذا فإنَّه يمكِنُ أن يأتيَ الشيطانُ للإنسانِ في منامِه ويدَّعي أنَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا جاءَ على غيرِ صفتهِ الحقيقيةِ التي خلقهُ اللهُ عليهَا في جميعِ مراحلِ حياتِه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والعظاتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ ما سمعتُم، فاستغفروا اللهَ يغفر لي ولكم إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانهِ والشكرُ لهُ على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه صلى الله عليه وعلى آلهِ وصحبهِ وسلمَ تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعدُ:

تاسعاً وأخيراً: هل تُنَفَّذُ وصايَا الأمواتِ بالرؤيا؟

نقولُ: لا تثبتُ الوصايا ولا ما عليه من ديونٍ بالرؤيا، لأنَّها ليستْ حُجَّةً شرعيةً، ولكنْ لا حرجَ من الاستئناسِ بهَا، والعملِ بها ، ففي ذلكَ إحسانٌ من الورثةِ إلى ميِّتهِم ، والأخذُ بالأحوطِ له .

وقد رُؤيَ ثابتُ بنُ قيسٍ رضي الله عنه في المنامِ بعد موتِه ، وأوصى بأشياءَ ، فنفَّذَ أبو بكرٍ رضي اللهُ عنهُ وصيتَه، وذلكَ لأنَّه قامتْ قرائنُ على صحةِ تلكَ الرؤيا .

روى الحاكمُ أنَّ ثابتَ بن قيسٍ رضي الله عنه استُشهدَ يومَ اليمامةِ، فلمَا استُشهدَ، رآهُ رجلٌ: فقالَ: إنِّي لما قُتلتُ، انتزعَ درعيَ رجلٌ من المسلمينَ، وخبَّأهُ، فأكبَّ عليهِ برمةً [هي: القِدْر] ، وجَعَلَ عليهَا رَحْلاً [الرَّحلُ للبعيرِ كالسَّرجِ للفرسِ] . فائتِ الأميرَ، فأخبرهُ، وإيَّاكَ أن تقولَ: هذَا حُلمٌ، فتضيَّعهُ، وإذا أتيتَ المدينةَ، فقلْ لخليفةِ رسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم: إنَّ عليَّ منْ الدينِ كذَا وكذَا، وغُلامي فلانٌ عتيقٌٌ، وإياكَ أن تقولَ: هذَا حُلمٌ، فتضيِّعُه، فأتَاهُ، فأخبرهُ الخبرَ، فنفذَ وصيتَه، فلا نعلمُ أحدًا بعد ما ماتَ أنُفذتْ وصيتُه غيرَ ثابتِ بنِ قيسٍ رضي الله عنه .

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةِ رحمه الله: “وتصحُّ الوصيةُ بالرُؤيا الصادقةِ المقترنةِ بما يدلُّ على صدقِها، إقراراً كانتْ أو إنشاءً، لقصةِ ثابتٍ بن قيسٍ التي نفَّذها الصديقُ رضي الله عنه ” انتهى .

والذي يظهرُ لي أنَّه إذا رُؤيَ شخصٌ بعد موتِه بأنَّه يُوصي أنَّ هذهِ الوصيةَ لا تخلو من حالتين:

الحالةُ الأولى: أن يوصيَ بفعلِ برٍّ، كبناءِ مسجدٍ، أو التصدقِ، وما أشبه ذلك. فإن رضيَ الورثةُ بإنفاذِها: فلا إشكالَ عندئذٍ، فهي كالصدقةِ لمورِّثهم. أما إذا لم يرضَ الورثةُ: فيحرُمُ إنفاذُ الوصيةِ؛ لأن المُلْكَ يزولُ بالموتِ ، والأصلُ: أنَّه لا يحقُّ للإنسانِ التصرفُ في مالهِ بعد موتِه ؛ لانتقالِ الملكيةِ إلى الورثةِ.

الحالةُ الثانيةُ: أن يوصي بفعلِ واجبٍ عليه ، كقضاءِ ديْنٍ، أو أداءِ أمانةٍ، أو ردِ عاريةٍ ، أو أداءِ زكاةٍ ، أو حجٍ ، وما أشبه ذلك مما لم يَعلمهُ الورثةُ ولم تقمْ عليهِ بيِّنةٌ كما لو رُؤيَ في المنامِ يقولُ: لفلانِ بنِ فلانٍ عليَّ ألفٌ فاقضوهُ، أو لهُ أمانةُ كذا وكذا فأدُّوهُ، أو عاريةُ كذَا فردُّوها ، ثم بعد التحَقُّقِ وُجدَ الأمرُ كما ذكرَ ، فالذي يظهرُ لي : أنُّه يلزمُ إنفاذُها؛ لدلالةِ القرائنِ على ذلك ، ولأنَّ هذا من الحقوقِ المتعلقةِ بذمَّةِ الميت فيجبُ أداؤُها عنْه، بلْ هي مقدَّمةٌ على الإرثِّ.

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب:٥٦).

الجمعة: 14 / 2/ 1439هـ