تحكيم الأبحاث العلمية معاييره ـ ضوابطه ـ أخلاقياته ـ مشكلاته

الخميس 9 جمادى الآخرة 1440هـ 14-2-2019م
لقاء فضيلة الشيخ أ.د عبد الله بن محمد الطيار
مع أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية بالزلفي 
جامعة المجمعة حول تحكيم الأبحاث العلمية
معاييره ـ ضوابطه ـ أخلاقياته ـ مشكلاته
صباح يوم الخميس : 16 / 7 / 1435.

مقدمة حول التحكيم العلمي:

نظرًا لأهمية البحث العلمي في حياة الأمم والشعوب كان من الضروري أن يخضع النتاج العلمي لعملية تقويم ترقى به إلى درجة رفيعة من الجودة والإتقان، هذه العملية هي ما تسمى في مصطلحات العصر باسم ” التحكيم العلمي”. وهي مهمة عظيمة تحتاج إلى أخلاقيات وقِيَم رفيعة، كما تحتاج إلى مجموعة من المعايير والضوابط؛ حتى تحقق الأهداف النبيلة المرجوّة منها.
إن للتحكيم أثراً أساساً في البحث العلمي، وتقويمه، والرقي به؛ إذ لا يكتمل عمل علمي إلا به؛ ذلك لما يتم من خلاله من حكم أو وزن لمستوى البحث العلمي، وما يتصل به من متغيرات، وما يترتب عليه من قرارات، قد ترتبط بتخطيط استراتيجي لمواقف علمية لاحقة، أو معالجات فنية لمشكلات تحصيل علمي قائمة.

وقد توسع التعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية من حيث زيادة عدد الجامعات، وزيادة الإقبال على البحث والدراسات العليا، وبالتالي زيادة البحوث العلمية والرسائل الجامعية؛ الأمر الذي يحتّم الكشف – بوضوح – عن أخلاقيات التحكيم التي تعّد عنصرًا مهما في عملية التحكيم والتقويم؛ لما لها من انعكاسات إيجابية أو سلبية على الرؤى والملحوظات على البحوث العلمية المحكّمة.

كما يُحتّم وضع ضوابط ومعايير على المستوى الوطني؛ لتحكيم هذه النوعية من الأعمال البحثية في مختلف الجامعات والمؤسسات ومراكز البحوث، وهذا بدوره يؤدي إلى التأكد من أن الرسائل والبحوث العلمية المحكّمة يتوفر فيها – على الأقل – الحد الأدنى الضروري من معايير الكفاءة والجودة الموضوعة سلفاً من قبل الجهات العلمية المسؤولة عن البحوث والدراسات العليا.

ونظرا لجسامة ما يترتب على عملية التحكيم العلمي فإن هذه العملية لابد أن تتم بشكل سليم وإجرائي عادل وفقا لقواعد محددة معروفة ومحددة سلفا تضمن في مجملها قدر الإمكان أن تأتى نتائج التحكيم العلمي موضوعية بحيث تساهم في اعلاء صرح البحث العلمي الجاد وأن تتنـزه عن الرؤى الذاتية الشخصية التي قد تجنح أحيانا بعيدا عن طريق الصواب مما يؤثر سلبا في مسيرة البحث العلمي ويفقده مصداقيته وأسباب وجوده داخل المجتمعات العلمية.

أولاً : تعريف التحكيم العلمي.
التحكيم العلمي: هو عملية إخضاع عمل المؤلف أو الباحث أو المفكر أو العالم للفحص النقدي من قبل خبير أو خبراء أو متخصصين في نفس مجال عمله.
وهي حالة من الشك الإيجابي المشروع في العمل المراد فحصه, لمعرفة مكامن الضعف في العمل وتصحيحه بصرف النظر عن أي عوامل أخرى.
وقيل أيضاً في تعريفه : “التحكيم العلمي هو توظيف المنهج العلمي في تقويم البحوث المقدمة قبل نشرها وذلك من خلال إبراز نقاط القوة والضعف فيها، وتحديد مدى صلاحيتها للنشر.

ثانياً : فوائد التحكيم العلمي:
1 – التقييم والنقد الدقيق لمختلف جوانب العمل العلمي لإظهار جوانب القوة التي يتمتع بها وإظهار نواحي القصور التي تعتريه .
2 إظهار مدى التزام العمل العلمي بخطوات المنهج العلمي وأساسياته ، ومن ثم الحكم عليه وتقييم ما قدمه من جديد يمكن إضافته للتخصص العلمي الذي يتبعه الباحث .
3 – التحكيم العلمي قد يمثل إضافة للعمل العلمي بما يبديه المحكمون من ملاحظات وتوصيات ترتفع بالعمل العلمي إذا أخذ بها الباحث .
4 – التحكيم العلمي أحد أهم الجوانب الداعمة لتطور الإنتاج العلمي ، حيث تعتمد أغلب المعطيات البحثية على مدى إفادة الباحثين من ملحوظات المحكمين ومقترحاتهم .

ثالثاً : أهداف التحكيم العلمي.
1 – وضع ضوابط ومعايير للمؤلفين في العلم بوجه عام.
2 – تحسين جودة القرارات ومصداقيتها بشأن قبول النشر؟
3 – إيقاف البحوث العلمية منخفضة الكفاءة مبكرا والارتقاء بمعايير التخصص وإرسائها.
4 – تقديم تقييم عادل غير منحاز وحذر وأمين للبحث العلمي.
5 – الارتقاء بالجودة العلمية للبحوث العلمية .
6 – تطوير مستوى الرسائل الجامعية، والعمل على إيجاد رسائل علمية يتوافر فيها أغلب المعايير التي لابد من توافرها فيها، كالترقي إلى مصاف الرسائل العلمية العالمية.
7 – تحقيق هدف أساسي يتعلق بطالب الدراسات العليا، وهو منح الدرجة العلمية سواء كانت للماجستير أو الدكتوراه.

رابعاً : معايير التحكيم العلمي.
تمهيد : نظرًا للاختلاف في الرؤية والنظر إلى البحوث المحكّمة من فاحص لآخر، كان من الضروري تحديد مجموعة معايير وضوابط للتحكيم تضمن لهذه البحوث قدرًا مناسبًا من الجودة. كما تحمي التحكيم نفسه من الإسفاف أو التردي في هوّة الارتجال والمجازفة، أو تقديم الاعتبارات أو المصالح الشخصية على المصلحة العلمية، وفي ذلك أكبر الضرر على البحث العلمي الذي يؤمَّل منه أن يكون سبباً رئيساً في رقي الأمة ووعي المجتمع.
وتكمن أهمية وجود ضوابط ومعايير لتحكيم البحوث العلمية في الآتي:
1- إصدار أحكام وقرارات موضوعية على الأعمال البحثية صادقة وثابتة، فبوجود هذه المعايير يقضى على الارتجال والعشوائية والرؤى الذاتية المتطرِّفة في التحكيم.
2- القضاء إلى حد مّا على تناقض قرارات المحكمين، الناتج – غالباً – عن عدم كفاية المعايير الممارسة في تحكيم البحوث؛ حيث تتصف بالعمومية مما يؤدي إلى تناقض القرارات التي يتخذها المحكمون؛ لأن كل محكم يقيم البحث حسب أهليته الأكاديمية، وميوله الشخصية الإيجابية أو السلبية نحو الباحث.
3- وجود المعايير يضمن أن تحكّم البحوث والأطروحات بوضوح وبشكل دائم بناء على ما ورد في هذه المعايير، كما يوضح مستوى ونوعية الأطروحات التي يقدمها طلاب الدراسات العليا في أي جامعة.
4- التخلص – نسبياً – من مواطن الضعف والتجاوزات غير البناءة التي تعاني منها عملية البحث العلمي، فدراية الباحث بأبعاد تقويم بحثه من البداية يجعله يتلافى الأخطاء الشكلية والموضوعية والمنهجية والمطبعية واللغوية وغير ذلك. وتوافر هذه الضوابط يجعل الباحثين يقومون بتقويم بحوثهم ذاتياً.
5- تحقيق المساواة والعدالة والنزاهة، فهي أدوات موحدة معروفة لدى الباحثين والمحكمين وعمادات الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعاتنا، وهي دعوة للباحثين إلى الإفادة من المعايير والضوابط المحدّدة في توجيه بحوثهم محتوى ومنهجاً ونتائج.
6- الحكم على البحوث العلمية والرسائل الجامعية من خلال بيانات موضوعية كافية؛ أي توخي الحكم العادل المنصف على الباحثين وبحوثهم، فالعدل يمثل حقاً فطرياً لكل فرد، ومطلباً مشروعاً في آن واحد.
7- وجود ضوابط ومعايير للتحكيم ينعكس إيجاباً على مستوى البحث العلمي في مجاله، وعلى تطوير وتوجيه قدرات المحكمين من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم، وتطوير قدرات الباحثين في مختلف الجوانب المنهجية والعلمية والشكلية.
مما تقدّم تتبيّن ضرورة تحديد معايير وضوابط علمية وفنية يتم على ضوئها تحكيم البحوث والرسائل تحكيمًا آمنًا، وتقويمها تقويمًا دقيقًا، من شأنه تحقيق أكبر قدر من السمو بالبحث العلمي وضمان أهدافه، وقد اقتضت الدقة في تحديد معايير التحكيم أن ينظر إليها في ثلاثة مجالات هي:
المجال الأول: معايير تحكيم البحوث العلمية.
لابد أن يكون عنوان البحث دقيقاً واضحاً خالياً من العبارات المضللة.
وأن يتضمن البحث تعريفاً موجزاً بموضوع البحث، وأهميته، وأسباب اختياره.
وأهداف البحث ومنهجه إلى غير ذلك من المعايير التي وضعت كأداة للتحكيم العلمي للبحوث العلمية.
فلكل من هذه الأمور معايير لابد من الاهتمام بها من قبل لجان التحكيم المناقشة لهذه الأبحاث العلمية.
المجال الثاني : معايير تحكيم الرسائل الجامعية ومناقشتها.
ينبغي لمن يحكم الرسالة أو يناقشها أن يعنى بتقويم الجوانب الرئيسة للرسالة
كعنوان الرسالة والمقدمة وموضوعها وأهدافها ومنهج المؤلف في رسالته والجوانب المتعلقة بالباحث. والالتزام بضوابط الكتابة العلمية السليمة ، وعلامات الترقيم على الوجه الصحيح ،وتطبيق قواعد المنهج العلمي في النقل والاقتباس ،وتناسق الرسالة من حيث الشكل والتنظيم والعرض المنطقي إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالرسالة فلكل من هذه الأمور معايير موضوعة لابد للمحكم من مراعاتها عند مناقشة الرسائل العلمية.
المجال الثالث : معايير تحكيم تحقيق المخطوطات.
ومن ذلك معايير تحكيم قيمة النص المحقق العلمية ونُسَخِه ومنهج التحقيق، ومعايير تحكيم الإمكانات الذاتية للباحث المحقق.

خامساً : ضوابط التحكيم العلمي .
إن وجود ضوابط للتحكيم ينعكس إيجاباً على مستوى البحث العلمي ، وعلى تطوير وتوجيه قدرات المحكمين من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم، وتطوير
قدرات الباحثين في مختلف الجوانب المنهجية والعلمية والشكلية.
فتحديد معايير وضوابط علمية وفنية يتم على ضوئها تحكيم البحوث والرسائل تحكيمًا آمنًا، وتقويمها تقويمًا دقيقًا، من شأنه تحقيق أكبر قدر من السمو بالبحث العلمي وضمان أهدافه. ومن أهم ضوابط التحكيم ما يأتي:
1- على المُحكم إبداء رأيه بنزاهة ودون تحيز أثناء تحكيمه للبحث.
2 – تحكيم البحث بكل موضوعية وسرية تامة، وضمن اختصاصه وخبرته فقط، ويمكن له أن يوصي بترشيح أحد زملائه فيما ليس من اختصاصه.
3- تقديم ملاحظاته وآرائه وانتقاداته، وتوجيهاته ونتائج الاختبارات الإضافية إن وجدت حول البحث العلمي قيد التحكيم إلى الجهة طالبة التحكيم.
4 – تقويم وتحكيم الرسائل الجامعية بموضوعية واحترافية عالية، وبيان وتدوين الانتقادات والملاحظات الواردة على الرسالة.
5- في حالة إشارة المحكم إلى الانتحال العلمي في المادة العلمية التي يقوم بتحكيمها أو وجود خلل علمي أياً كان نوعه يلزم على المحكم الإشارة إلى الفقرات التي تم انتحالها مع إرفاق المرجع الأصلي المنتحل منه، كذلك في حالة الإشارة إلى وجود خلل علمي أياً كان يجب عل المحكم الإشارة إليه بدقة وأمانة.
6 – تحري الدقة في التمييز ما بين الخطأ في التحرير عند ذكر المرجع في المادة المحكمة وبين الانتحال العلمي. وبيان ما إذا كان الخطأ عن دراية وقصد أم عن سهو ونقص في خبرة صاحب المادة المحكمة.

سادساً : مواضع التحكيم العلمي.
التحكيم العلمي يبدأ بتحكيم فكرة أو خطة بحث أو استبانة مرورا بتحكيم مقال علمي أو كتاب للنشر أو بحث لمؤتمر أو تحكيم رسالة للماجستير أو الدكتوراه وصولا لتحكيم أعمال علمية ( مقالات أبحاث كتب …. الخ ) تؤهل صاحبها للترقي للدرجات الأعلى.

سابعاً : أخلاقيات التّحكيــم العلمي.
يقوم المحكّم بعمل مهم ومؤثّر في عملية تقويم الرسائل، والأبحاث العلمية المقدمة لأهداف وأغراض مختلفة، وقد تكون نتيجة التحكيم قبول الأعمال المحكّمة، أو ردّها بعد الحكم عليها بعدم صلاحيتها، ومواءمتها لما قدّمت له.
ونظرًا لخطورة ما يبديه المحكّم من رأي، وتأثيره البالغ على صناعة القرار بشأن رسالة علمية، أو بحث علميّ، كان من الضروري أن يتحلّى المُحكّم بأخلاق وقيم إيجابيّة، تتمثّل في الآتي:
أولاً: قيم شخصية المحكم الخُلقية والمعرفية:
1- مراقبة الله – سبحانه وتعالى.
2-إخلاص النية، والصدق في القصد، والقول، والعمل.
3-الأمانة، والنزاهة، وعدم التأثر السلبي بالعلاقات الشخصية.
4-الحلم والأناة، حتى لا يؤدي غضب المحكم أو استعجاله إلى عدم الإنصاف في الحكم.
5-العفة، والبعد عن الحرام كالرشوة الصريحة، أو المتلبّسة بالهدية.
6-المحافظة على الأسرار، وذلك من الوفاء بالعهد الذي حث عليه الإسلام، وعدم التشهير بالباحثين، أو وصفهم بما لا يليق.
7-معرفة ضوابط التحكيم العلمي ومعاييره، وتوافر الخبرة المناسبة في ممارسة التقويم، ليتمكن المحكَّم من الحكم على البحث العلمي بشكل جيد.
8-سعة الاطلاع العلمي، والاهتمام بموضوع البحث؛ ليستطيع المحكَّم الحكم على مدى جودة البحث وأصالة مادته، وتميُّزه عن غيره.
ثانياً: القيم الخُلقية أثناء التحكيم:
1-الموضوعية، وتعني التقويم وفق ضوابط ومعايير تستمد جوهرها من سمات البحث العلمي الصحيح. مع التجرد عن الأهواء والأغراض الشخصية، والبعد عن الارتجال والمجازفة في إصدار الأحكام.
2-عدم التأثر بالوساطات والضغوط التي قد يتعرض لها المحكم.
3-الاعتذار عن مهمة التحكيم عند وجود رابطة قرابة أو صداقة مؤثرة.
4-الاعتذار عن القيام بمهمة التحكيم إذا كانت البحوث في غير تخصصه.
5-أن يختار الوقت المناسب لقراءة الأبحاث التي يحكمها، فلا يكون في حالة غضب شديد، أو حزن أو نوم أو كسل أو شدة حر أو برد، بحيث يخرج فيها عن سداد النظر واستقامة الحال.
6-أن يحترم المحكّم جهود الباحثين، وأن يضعهم موضع نفسه، فما لا يرضاه لنفسه لا يتعامل معهم به، أو بمثله.
7-أن يتوجه المحكّم بملحوظاته إلى البحث، وليس إلى شخص الباحث.
8-عدم التأثير على الزملاء المحكمين الآخرين بما يمكن أن يجعل قراراتهم غير موضوعية أو غير دقيقة.
ثالثاً: القيم التي تراعى أثناء صياغة التقرير:
1-الترفّع عن استخدام الكلمات أو العبارات الجافة أو الجارحة مهما كان تقصير الباحث.
2-الهدوء وعدم الحِدّة في تقديم الملحوظات.
3-أن يثمّن المحكّم جهود الباحث باعتدال، ودون مبالغة في مدحه والثناء عليه وإطرائه.
4-أن يكون النقد الموجّه إلى الرسالة أو البحث المحكّم نقدًا بنّاءً.
5-عدم البدء بالنقد، وإنما بالإشادة بجهد الباحث، ثم إيضاح جوانب النقص والضعف.
6-الالتزام باللغة الصحيحة الفصيحة في كتابة التقرير.
7-الوقوف عند كل ملحوظة بمقدار ما لها من الأهمية.
8-احترام آراء الباحث، وعدم مصادرتها بأي لون من ألوان المصادرة.
9-عدم إصدار الحكم بإجازة البحث أو ردِّه إلا بعد التثبت والتروِّي.

ثامناً : مشكلات التحكيم العلمي وكيفية حلها.
هناك بعض الممارسات التحكيمية السلبية التي لا زالت تعيق التحكيم العلمي، وتضعفه، وتزعزع الثقة فيه، وتقلل من شأنه ومصداقيته.
هذه المشاكل تنعكس آثارها بشكل مباشر على الإنتاج العلمي والتي أصبحت من المشكلات التي تؤرق الباحثين والمحكمين والمؤسسات البحثية والمجلات العلمية المحكمة ولجان الترقيات بالجامعات والمعاهد العليا .

وهذه المشكلات منها ما يرجع إلى طبيعة اللوائح والأنظمة، ومنها ما يتعلّق بالبحوث والدراسات المحكّمة، ومنها ما يعود إلى طبيعة المحكّمين أنفسهم. ولعل أبرز ما توصّلت إلى تشخيصه من هذه المشكلات الآتي:

المشكلة الأولى: عدم وجود معايير واضحة ومحددة للتحكيم:
وهي أولى المشكلات التي تواجه التحكيم، فالافتقار إلى منهج تقويمي خاضع لبرنامج متدرج، وعدم وجود معايير واضحة ومحددة، أو اقتصار المعايير المتوفرة على النواحي الشكلية، دون الأخذ في الاعتبار النواحي الأخرى (العلمية والمنهجية) كما هو الحال في معظم الأدلة الإرشادية التي تصدرها عمادات الدراسات العليا في الجامعات، يؤدي غالباً إلى غموض التحكيم، وتناقض قرارات المحكمين، وسيطرة الميول والأهواء والاجتهادات الشخصية غير الموضوعية، وانعدام الفرق بين معايير التقويم من درجة علمية إلى أخرى.
وهذه كلها سلبيات من شأنها أن تفسد التحكيم العلمي، وتقضي عليه من أساسه.
ولحل هذه المشكلة لابد من الآتي:
1 – تكوين لجنة متخصصة في التحكيم العلمي تقوم بوضع لائحة واضحة يسير من خلالها كل محكم ، ووضع العقوبة اللازمة لمن يخالف هذه اللائحة.
2 على المحكم الذي سيطرت عليه الميول والأهواء والاجتهادات الشخصية غير الموضوعية أن يستحضر أنه قاضٍ وحاكم يجب عليه أن يتصف بالعدل والإنصاف والواقعية والوسطية وأن يتقي الله في ذلك ،وأن يعرف أن هذه المنهجية توجب الذم عند الله وعند زملائه وغيرهم من أهل الاختصاص .
3 على الجهات المسؤولة أن لا تمكِّن هؤلاء من التحكيم ولا تكلفهم بمثل هذه الأعمال حتى يلتزموا بالمنهجية السليمة وأن لا تدخل المجاملة في ذلك وقد قامت بعض الجهات بالتطبيق العملي في ذلك فوضعت بعض الأسماء ضمن القوائم السوداء التي لا يحال إليه مثل هذه الأعمال
المشكلة الثانية : التحيز والعدوانية في التحكيم:
ويكون ذلك بالميل تجاه الباحثين أو ضدهم بسبب من الأسباب غير الموضوعية المقنعة، والاعتداد بالرأي والهوى، أو تحكيم المصالح الشخصية غير الشريفة،
وتبييت النية لغير صالح الباحث.
وكذا التحامل على المحكَّم له وإبداء ما ظاهره الانتقام والتشفّي من الباحث، ويكون ذلك بتجريد العمل المحكّم من الإيجابيات جملة، والاستخفاف بالباحث وببحثه، وتوجيه صيغ الاتهام له من غير وجه حق.
ولحل هذه المشكلة يمكن اتباع ما يأتي :
1 – وضع ضوابط مقننة وواضحة بحيث لا تتيح للمحكم الاجتهاد الخاطئ المبني على أسس غير صحيحة .
2 – عدم إتاحة الفرصة لهؤلاء للتحكيم بكل أشكاله وأنواعه وحسم الأمور وقطعها دون مجاملة حتى يعودوا للمنهجية الصحيحة ويعطى كل ذي حق حقه.
المشكلة الثالثة: التعدّي على حقوق الباحثين الفكرية:
حقوق الباحثين الفكرية هي من الحقوق الثابتة لهم شرعا وعرفا, والتعدي عليها كانتحال بعض المحكَّمين لآراء أو نتائج رسائل أو بحوث، أرسلت إليهم لهدف تحكيمها وتقويمها هو تعدي بغير حق وعدوان وظلم على حق الباحث، وفاعل ذلك يتهرب عادة من المسؤولية، ولا يجرؤ على الاعتراف بفعله الآثم، مما يدل على أن عمله ظلم موجب لتعويض صاحب الحق، والمسلم أولى الناس برعاية الحقوق والوفاء بالعهود.
المشكلة الرابعة : قلّة المحكّمين المؤهّلين، أو ندرتهم:
تشكو بعض التخصصات من ندرة المتخصصين فيها، أو من قلتهم، أو أن المنتمين لهذه التخصصات يعانون من كثرة الأعباء الملقاة على عواتقهم، مثل التدريس، والأعمال الإدارية ونحوها. وهذا يستدعي دفع البحوث التي يُراد تحكيمها إلى شخصيات غير متخصّصة، أو متخصّصة ولكنها ليست مؤهلة تأهيلا جيداً يمكّنها من إصدار أحكام صائبة، ولهذا انعكاساته السلبية على مهمة التحكيم والتقويم.
وتحل هذه المشكلة بأن تقوم وزارة التعليم العالي بترشيح بعض الأساتذة المتخصصين وتقوم بوضع دورات علمية لغير المؤهلين منهم ممن تم ترشيحهم وتشرف علي هذه الدورات بنفسها ويعطى كل محكم شهادة وبالتالي يمكن سد العجز الحاصل من المحكّمين المؤهّلين، أو ندرتهم.
المشكلة الخامسة : افتقار بعض المحكّمين إلى بعض قِيَم التحكيم:
يلزم المحكّم أن يكون على علم ومعرفة وإلمام بمسائل وقضايا تخصصه، وأن يكون متابعًا لما يجد فيه، وهذا يكسبه المعرفة والخبرة بإيجابيات البحوث المنتمية إلى تخصصه، وسلبياتها، ومن دون هذه المعرفة والخبرة يظل المحكّم عاجزًا عن إبداء الرأي السديد، وإصدار الحكم المناسب على البحوث التي يطلب منه تحكيمها وتقويمها.
المشكلة السادسة: التفريط في بعض مسؤوليات التحكيم:
على الرغم من الظن الحسن بالمحكّمين؛ لما يتمتعون به من قِيَم هي نفسها قِيَم عضو هيئة التدريس السامية، إلا أن التحكيم العلمي يظل يئنّ تحت وطأة بعض أوجه القصور والتجاوزات والمخالفات العلمية والفنية؛ مما يمثّل له عائقًا عن تحقيق أهدافه وغاياته، ومن ذلك:
– عدم وصول تقارير بعض المحكمين في الوقت المحدد رغم المتابعة المستمرة لهم.
– استخدام بعض المحكّمين عبارات ذات دلالات عامة غير دقيقة.
– عدم التزام المحكم بإبداء آرائه كاملة حول كل عنصر من عناصر التحكيم، وترك جزء منها دون تقويم.
– عدم مواءمة مرئيات المحكمين للمستوى أو الدرجات، إذ لا تتناسب – في بعض الأحيان – الدرجات الممنوحة للمحكّم لهم، أو المستويات المقرّرة للبحوث المحكمة مع الانتقادات الموجهة للأعمال المحكّمة.
– عدم ملائمة التقارير والأحكام لأوجه الكمال أو النقص في البحوث والرسائل العلمية المحكّمة.
المشكلة السابعة :التدخل في مسار عملية التحكيم:
ومنه بذل المساعي الاستباقية من قبل أطراف أخرى للتأثير على عملية اختيار المحكمين، إما بهدف محاباة الباحث ومجاملته، أو بهدف الإضرار به.
ومنه كذلك ممارسة الضغط على المحكم بغرض التأثير على قراراته، وفي ذلك كله انحراف بالتحكيم عن جادة العدالة، ووأد لأخلاقياته.
المشكلة الثامنة :إفشاء الأسرار:
سواءً منها ما يتعلّق بإذاعة أسماء المحكّمين؛ مما يكون سببًا في إحراجهم بالضغط عليهم أو التوسّط لديهم من لدن زملاء الباحث أو أصدقائه، أو معارفه ممن يتمتّعون باحترام المحكّم وتقديره، أو طمعه ورجائه. أو ما يتعلّق بالبحوث المحكّمة (إيجابياتها وسلبياتها) مما ينعكس على شخصيات الباحثين وذواتهم، فإفشاء ذلك يمثّل اعتداءً على حقوق الباحثين الأدبية والمعنوية، وهذا بدوره يقلّل من شأن التحكيم، وأهميته.
المشكلة التاسعة :التأخر في تقديم نتيجة التحكيم:
من المشكلات التي تواجه عملية التحكيم تأخر الفاحص أو المحكم في تقديم تقرير عن البحوث التي حكمها إلى الجهة التي طلبت ذلك، أو الاعتذار عن التحكيم بعد مدة طويلة من تسلُّمه الأعمال المطلوب تحكيمها. وكان الأولى في كلتا الحالتين مراعاة مصلحة البحث والباحث، وإعطاء العمل المدة التي يستحقها دون إفراط أو تفريط. والقاعدة هنا ـ تنزيل المحكم نفسه منزلة الباحث ـ.وهذا ناتج عن :
1 – كثرة الأعمال الأكاديمية ( تدريس وأعمال إدارية ..)
2 – قلة المردود المادي لأعمال التحكيم .
3 – كثرة الأعمال المحكمة والانشغال بقراءتها .
4 – الارتباطات الاجتماعية والأسرية.
ويمكن حل هذه المشكلة بما يأتي
1 – إيجاد دوافع وحوافز لسرعة الإنجاز (إعادة النظر في المكافآت ).
2 – تطبيق الأنظمة واللوائح بهذا الخصوص ، والتي تحدد مدة للتحكيم .
3 – أن يحب الأستاذ لزميله ما يحب لنفسه ويستحضر أنه يوما ما احتاج أو سيحتاج لذلك.
4 – اعتبار عمل المحكم في أمور أخرى كالتقليل من النصاب التدريسي والمشاركة في المؤتمرات وتسهيلات أكاديمية أخرى .
المشكلة العاشرة : الاختلاف في منهجية تقييم الإنتاج العلمي.
ومن المشكلات التي تؤثر على التحكيم العلمي ،وتتأثر به النتيجة النهائية للتقييم اختلاف المحكمين في منهجية وطرق التقييم وهذا مما له أثره البالغ على نتيجة التحكيم النهائية.
وتحل هذه المشكلة بالدقة والقراءة الشاملة والعدل والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه.
المشكلة الحادية عشرة : عزوف المحكمين عن قبول الأعمال الخاضعة للتحكيم ( الاعتذار ) .
وهذه المشكلة من أسبابها ضعف التواصل بين الجامعات والكليات والأقسام ، فربما بقيت بعض المجالس العلمية أو الأقسام لم تتغير قوائم المحكِّمين عندها لسنوات طويلة ، وتبقى العلاقات الشخصية تلعب دوراً بارزاً في هذا الشأن فتكثر الأسماء المعروفة والمشهورة وتهمش قدرات علمية كثيرة بسبب عدم معرفتها أو ضعف التواصل .
وربما يكون من حلول هذا الموضوع أن تقوم الجامعات والكليات والهيئات العلمية بوضع أدلة علمية على مواقعها الإلكترونية ليتم تبادل الخبرات في كل المجالات بما فيها التحكيم العلمي .
المشكلة الثانية عشرة : ضعف المتابعة والتنسيق .
بعض الجامعات لديها ضعف في متابعة الأعمال المحكَّمة لدى المحكِّمين والتنسيق لها ، وقد يكون سبب ذلك قلة الإمكانات البشرية أو ضعف التخطيط والتنظيم الإداري ، فهناك قصور في الدقة في معرفة عنوان المحكِّم وجهته، والتأكد من وصول الإنتاج العلمي إليه، ومتابعته، وأخذ رأيه بالموافقة قبل الإرسال .
وتحل هذه المشكلة بالاستفادة من تجارب الجامعات بعقد اجتماعات دورية لأمناء المجالس العلمية ورؤساء تحرير المجلات العلمية المحكمة ومدراء مراكز البحوث وأهل الاختصاص لتبادل الخبرات والتجارب .
المشكلة الثالثة عشرة : عدم فهم الأنظمة من قبل المحكِّمين أو المحكَّم لهم .
فإضافة إلى اللوائح التنظيمية هناك لوائح تنفيذية لكل جامعة تسير عليها وقد يجهلها كثير من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة نفسها ، ولذا تعاني المجالس العلمية واللجان الدائمة كلجنة الترقيات من عدم فهم بعض أعضاء هيئة التدريس لبعض أنظمتها وإجراءاتها التنفيذية للترقية فتقع تلك اللجنة في دوامة تصحيح وفرز الأعمال وإكمال النواقص أو لعدم موافقته للمعايير والشروط والضوابط .
وحل هذه المشكلة أن يطلع عضو هيئة التدريس على الأنظمة واللوائح والتنفيذية الخاصة بجامعته والتي تصدر عن المجلس العلمي للجامعة .
المشكلة الرابعة عشرة : التباين في نتيجة التحكيم .
تعاني الجهة الوسيطة والمحكَّم لهم من مشكلة التباين الشديد في نتيجة التحكيم نظراً لاختلاف منهجية المحكِّمين ، فهناك من يسلك مسلك التشديد وطلب الكمال في كل شيء ، وهناك من يسلك مسلك التساهل فيأخذ الأمور بالعاطفة دون النظر إلى النتائج .
ولعل السبب في ذلك راجع إلى بعض الأمور منها:
1 – الأمور النفسية والمواقف السيئة التي حصلت لبعض المحكمين أثناء دراستهم وتحكيم بحوثهم فيفرغون ذلك على من جاء بعدهم .
2 – التعصب والهوى المذهبي أو التعصب للجنسية أو البلد أو المنطقة أو الجامعة أو الهيئة المعينة .
3 – الحسد والتهوين من استحقاق الآخرين للوصول إلى الرتبة العلمية التي قد حصل هو عليها .
وتحل هذا المشكلة بما سبق الإشارة إليه في بيان حل المشكلة الأولى وهي:
1 – أن يستحضر المحكِّم أنه قاضٍ وحاكم يجب عليه أن يتصف بالعدل والإنصاف والواقعية والوسطية وأن يتقي الله في ذلك .
2 – أن يعرف أن هذه المنهجية توجب الذم عند الله وعند زملائه وغيرهم من أهل الاختصاص .
3 – أن الجهات الوسيطة يجب أن لا تمكِّن هؤلاء من التحكيم ولا تكلفهم بمثل هذه الأعمال حتى يلتزموا بالمنهجية السليمة وأن لا تدخل المجاملة في ذلك وقد قامت بعض الجهات بالتطبيق العملي في ذلك فوضعت بعض الأسماء ضمن القوائم السوداء التي لا يحال إليه مثل هذه الأعمال .

تاسعاً : طرق ومناهج التقييم العلمي.
هناك عدة مناهج لطريقة التقييم العلمي.
الطريقة الأولى : اعتبار كل بحث قدمه الباحث سؤالا له درجته الخاصة فإذا قدم الباحث ستة بحوث اعتبر لكل بحث عشر درجات فغالبا الدرجات تكون من ستين وبمجموع الدرجات يحصل الباحث على الدرجة النهائية .
الطريقة الثانية : التقييم العام لكل الإنتاج العلمي ومن ثم هل الإنتاج يخول صاحبه للترقية أو لا فتكون الدرجة عامة بدون تفصيل .
الطريقة الثالثة : يختار المحكم البحوث التي تؤهل صاحبها للترقية فتكون الترقية لهذه البحوث وقد يستبعد ما لا يراه صالحا دون إدخاله في التقييم وتكون الدرجة عامة في الأغلب .
والذي أميل إليه من هذه الطرق الثلاثة هي الطريقة الأولى لدقتها ولكون معيارها مقننا .

عاشراً : الشروط التي ينبغي توافرها في المُحكم.
يقوم المُحكم بعمل القاضي إلا أنه ليس له صفة القاضي فلا يشترط في تعيين المحكم توفر الشروط الواجب توافرها في تعيين القاضي ، ولا يحلف المُحكم اليمين المُقررة في قانون السُلطة القضائية في بعض البلدان ، ولا يخضع المُحكم لنظام المُخاصمة الذي يخضع له القضاة على أنه هناك مجموعة من الشروط الواجب توافرها في المُحكم وهذه الشروط هي :
1- يجب أن يتمتع المُحكم بكامل الأهلية القانونية ، حيث يتوجب على المُحكم أن يكون تام الأهلية غير قاصر أو محجور عليه أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مُخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه ما لم يُرَّد إليه اعتباره.
2 – أن يكون المحكم حسن السيرة والسلوك ، حيث يشترط في المحكم الأمانة والنزاهة والحياد والسرية في العمل.
4 – أن يكون المحكم مُتخصصاً وخبيراً في مجاله.
5- أن يكون حاصلا” على مُؤهلات علمية ضمن اختصاصه تؤهله مزاولة التحكيم.
6- أن يكون لدى المحكم خبرة عملية في تخصصه.

الحادي عشر: نصائح وتوجيهات لطالب التحكيم ( المحكَّم له)
هذه بعض النصائح والتوجيهات لطالب التحكيم ( المحكَّم له).
إن ما ترغبون في تحصيله هو هدف وأمل نبيل يتمناه الكثير من الطلبة المتخرِّجين من مرحلة التدرّج في الدراسة الجامعية، وهي مرحلةٌ مهمّةٌ وحاسمةٌ في حياة الطالب إذْ من خلالها يدخل بوابة البحث العلميّ ومن ثَمَّ التدريس الجامعيّ، ومن خلال تجربتي الذاتية في المشاركة في تحكيم الرسائل والأبحاث العلمية ومن خلال تدريسي في الدراسات العليا ولقائي بالعديد من الباحثين ظهرت لي بعض الأفكار والرؤى أوجزها على شكل نصائح وتوجيهات ومنها:
أولاً : نصائح قبل البدء في كتابة البحث أو الرسالة:
1 – إخلاص النية لله تعالى وتتبعها حتى يكتب الله لك الأجر في ذلك.
2 – الاستعانة بالله في عامة ما تكتب بل في عامة أمورك، فمن توكل على الله أعانه.
3 – وضع الهدف الذي ترغب من خلاله الحصول على درجة علمية.
4 – الثراء والتراكم المعرفي:
مما أنصح به أيضاً أن يكون لدى الطالب ثراء وتراكم معرفي ويأتي هذا في مجال التخصص أساسًا من التحضير الجيّد المسبق، إذْ يعتبر التحضيرُ الجيِّدُ حجر الزاوية في نجاح أغلب الباحثين. ولا أقلّ من أن يخصّص الباحث ستّ ساعات في اليوم خلال مدّة معتبرةٍ قبل البدء في البحث وذلك حتّى يحصل لديه التراكم المعرفي المطلوب.
وقد أثبتت الملاحظات الميدانية والتجارب الواقعية أنّ أغلب الحاصلين على درجات علمية يتميّزون بثراءٍ معرفيٍّ معتبرٍ يستندُ أساسًا إلى تحضيرٍ جيّدٍ.
5 – على الباحث اختيار أفضل الكتب المؤلفة في مجال ما يبحث فيه وذلك من خلال توجيه الأساتذة وملاحظته الذاتية .
6 – ينبغي عليه أيضاً الاطلاع على الدراسات الحديثة المنشورة في الدوريات العامة والمتخصّصة؛ فكثيرًا ما تكون مواضيع البحوث مرتبطة بإشكالات متعلقة بموضوع البحث الذي يقوم به.
7 – الاستدلال العلمي على الآراء والأفكار:
فجديرٌ بالباحث أن يبني أفكار موضوعه الأساسية على أدلة نقلية وعقلية أو نصوص ومقولات معتمدة لدى أهل التخصص وذلك حتّى لا تظهر أفكارُه مبتورة عن غيره من الروّاد والسابقين في الحقل المعرفي الذي يهتم به.
8 – الدقة اللغوية: وذلك باستخدام عباراتٍ موجزة معبّرة عن المعنى المراد من غير إطالةٍ أو تَكرارٍ أو استطرادٍ.
9 – اللغة العلمية: وهي التي تستخدم اصطلاحات التخصص، وتتبنّى الموضوعية في عرض الأفكار والآراء من غير تحيّزٍ أو مَيْلٍ لا يستندُ إلى أساسٍ علمي، ويظهر فيها التواضع والاحترام والتقبل لمختلف الآراء والأفكار.
10 – الضبط المنهجي والتنظيم: حيث يدرَج الباحث بحثه حسب الخطة التي وضعها ابتداء، ويتفادى الانتقال من فكرة إلى أخرى دون رابط علاقة أو دون وضع فاصل.
ثانياً : ضوابط منهجية للبحوث العلمية:
ممّا يساعد على التنظيم والضبط المنهجي التحرير ما يأتي.
1- على الطالب عند ذكره لمقدمة رسالته أن يبيّن أهمية الموضوع الذي يتناوله بالدراسة ثمّ يطرح الإشكال الرئيس الذي يسعى إلى الإجابة عنه، وكذا التساؤلات الفرعية التي تتبع ذلك الإشكال. ومن الأهمية أن يقدّم خطةً لعناصر بحثه.
2- العرض (صلب الموضوع): وفيه يدرج الباحث مع عناصر البحث المحدّدة سلفاً في المقدّمة الواحد تلو الآخر، ويستحسن البداية بضبط مفاهيم الموضوع الأساسية لتكون قاعدة ينطلق منها. ويحاول الباحث في هذا أن يركز معلوماته وينظّمها قدر المستطاع؛ حيث يشعر القارئُ أنّه يحصل على كمٍّ معتبرٍ من المعلومات من خلال عبارات قليلة، ويستعين على ذلك بإجمال المعاني في شكل نقاط مختصرة وفقرات مركزة.
3 – العناية بتكثير الأمثلة والشواهد التي تدل على أصل مادة البحث؛ فإن هذا يقرر المادة التي تريد البحث فيها.
4- إذا كان موضوع رسالته متعلقاً مثلاً بالفقه أو أصوله فعليه العناية بربط أصول الحديث بأصول الفقه لتحقيق الأثر الفقهي للحديث.

3- الخاتمة: وفيها يكون تلخيص أهمّ النتائج المتوصّل إليها والمقترحات والتوصيات، ويمكن الانتهاء بعرض إشكالاتٍ أخرى يثيرها الباحث تبيّن ما للموضوع من أهميةٍ وحاجةٍ للمزيد من العمل العلمي.
ثالثاً : الجوانب الشكلية للبحوث العلمية:
أما الجوانب الشكلية فهناك بعض النصائح والإرشادات التي ينبغي أن يراعيها
الباحث منها :
1- الاستخدام المناسب لعلامات الترقيم كالفاصلة والنقطة وعلامة الاستفهام.
وهي تدلّ على جدية الباحث واهتمامه وسموِّ ذوقه العلمي.
2- وضوح الخطّ وجماله رسالةٌ قويةٌ من الباحث إلى المحكم تشعره باهتمام الباحث ببحثه.
3- يحاول الباحث أن يستفيد من مختلف تجارب سابقيه من أساتذة وباحثين حتّى يبني تصورا شاملاً ويتمكّن من خوض تجربة شخصيةٍ ناجحةٍ ويستفيد منها.
وفي الأخير أخي الباحث لا تنس الاهتمام بصلتك بالله تعالى في مثل هذه المشاريع الهامة بالصلاة والدعاء فهو الموفّق إلى كلّ خير، ولتكن مثل هذه المناسبات فرصةً لتوطيد العلاقة بالمولى لتستمرّ بعدها، وكنْ على يقينٍ بموعودِ الله القائل :{وَالذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.

الثاني عشر : التوصيات حول هذا الموضوع.
1 – يجب أن تخضع عملية اختيار المحكمين لآليات وضوابط وشروط وضمن منهجية، فشخصية المحكم لا تقل أهمية عن علمه ومعرفته, فلا بد أن يكون مشهودا لهذه الشخصية بالحياد وسعة الأفق والابتعاد عن الجوانب الشخصية (قدر المستطاع).
2- ضرورة الارتقاء بمستوى نظام التحكيم العلمي.
3 – تأسيس لجنة علمية من الخبراء في مجال التحكيم العلمي، تتولى وضع المعايير اللازمة.
4- تنظيم حلقات عمل وندوات في مجال التحكيم العلمي لمناقشة قضاياه، وتحدياته، والأساليب الواجب اتباعها للارتقاء بمستوى الأداء التحكيمي لدى أطراف عملية التحكيم.
5 – عقد دورات تدريبية وتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للمحكمين غير المتمرسبن لبناء القدرات التحكيمية، عن طريق إعداد وتأهيل المحكم العلمي وفق القواعد والمعايير المطلوبة للارتقاء بجودة البحث العلمي.
6 – يجب الالتزام بتوصية المحكمين إذا أحسن اختيارهم.
5 – على المحكم الالتزام بضوابط التحكيم.