مسائل في بيع الصابون

السبت 11 جمادى الآخرة 1440هـ 16-2-2019م
إعداد: أ.د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى ا آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

فَيُعَدُّ فقه المعاملات من أهم المهمات التي ينبغي لكل من يتعامل به معرفته حتى لا يقع في محظور شرعي، وبخاصة في هذا الزمان الذي اختلطت فيه الأمور وكثرت فيه المعاملات، وأصبح بعض الناس لا يتورعون في كسبهم من خلال تجارتهم وبيعهم وشرائهم، فكم واحد من الناس لا ينظر إلى نوع المعاملات، وحكم الشرع فيها، ثم بعد وقوعه في المخالفة يسأل، وهذا مما نلاحظه كثيراً من خلال الأسئلة التي تعرض على أهل العلم.
وحيث أن الفقه في المعاملات وبخاصة فقه البيوع مما يحتاج الناس إليه كثيراً إذ لا يمر يوم إلا وفيه بيع وشراء من أفراد الناس، لذا رأيت وضع رسالة موجزة أوضح فيها ما يجب أن يكون في البيع والشراء لاسيما بيوع التقسيط.
وهذه الرسالة بيَّنت فيها نوعاً من أنواع البيوع التي انتشرت في هذه الفترة وهو ما يسمى ببيع الصابون، ويقاس عليه غيره مما يتعامل به الناس في مسائل التورُّق الكثيرة كبيع بطاقات (سوى)، والقهوة، والشاي، والهيل، والأرز، ومناديل الفاين، وغيرها كالسيارات، والأسهم.
ولعل من أبرز أسباب تأليف الرسالة أنه أثناء لقاء مع فضيلة الشيخ عقيل الشمري الداعية في مركز الدعوة في حفر الباطن وبعد طرحه مجموعة من الأسئلة حول هذا النوع من البيوع “بيع الصابون” طلب مني وضع رسالة صغيرة بأسلوب واضح يستفيد منها عامة الناس وحيث أن طرق هذا الموضوع كانت تراودني فكرته منذ وقت، وذلك عندما تم لقاء في منطقة تبوك مع بعض العسكريين وكانوا يسألون كثيراً عن هذا التعامل، ولما للشيخ عقيل من مكانة في نفسي ورغبة في نشر العلم ونفع الأمة كانت هذه الرسالة التي أسأل الله أن يجعلها مباركة وأن يعم نفعها من كتبها أو قرأها أو سمعها أو أشار بها إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

وكتبه أبو محمد _ أ.د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار _
ص.ب: 188 ـ الزلفي: 11932
8/2/1425هـ

التعريف بالرسالة:
الرسالة هي عبارة عن مسائل في فقه البيع وخاصة بيع الصابون، وهذه الأسئلة جمعها فضيلة الشيخ عقيل الشمري وأرسلها لي للإجابة عليها، وجعلتها كما أسلفت في رسالة ليعم بها النفع، ولتمام الفائدة أضفت بعض المسائل التي لم يذكرها الشيخ لعموم الوقوع فيها وكثرة السؤال عنها.
وليعلم أخي القارئ أن هذه المسائل في بيع الصابون تنطبق على غيره مما يتعامل به الناس في كل بلد مما يجعلونه وسيلة للحصول على المال.
ومسائل التوَرُّق توسَّع فيها الناس كثيراً ولكن إذا ضبطت بالضوابط الشرعية فلا حرج فيها، أما إذا كانت تحايلاً على الربا فهي محرمة مهما كانت المعاذير والأسباب، والله المستعان.

المسألة الأولى: هل هناك في الشريعة بيع يسمى ببيع الصابون؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
أقول وبالله التوفيق لا يوجد في الشريعة ما يسمى ببيع الصابون، ولا بيع الشاي، ولا القهوة، ولا بيع كذا وكذا، وإنما هو نوع من البيوع التي متى اشتملت على شروط صحة البيع حكم بصحة هذا البيع، ومتى تخلفت هذه الشروط وفقدت أو فقد بعضها حكم ببطلان هذا البيع وعدم صحته.
فالأصل في البيع الحل لقوله تعالى:[وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ]( ) ولما كانت حاجة الناس إلى البيع ضرورية جاءت الشريعة بإباحته وحله لكن جعلت له ضوابط تحكمه، وهذه الضوابط حماية لكل من البائع والمشتري، ومن تأمل فيها علم أن شريعة الإسلام ذات محاسن جمَّة، بل علم أن شريعة الإسلام هي الشريعة المناسبة للفطرة التي ارتضاها الرب سبحانه لنفسه ورضيها لخلقه حيث قال:[وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً]( ) فكونه سبحانه وتعالى رضيها لنا فذلك يوجب أن نتحاكم إليها في جميع شؤوننا الدينية والدنيوية.

المسألة الثانية: ما الاسم الشرعي الصحيح لمثل هذا البيع؟
الجواب:
ليس هناك اسم شرعي يسمى به هذا النوع من البيوع،بل هو نوع من أنواع البيوع يشترط فيه
شروط، فمتى استوفاها سُمِّي بيعاً صحيحاً، ومتى افتقدها أو تخلف بعضها سمي بيعاً باطلاً، أما تسمية بيع الصابون فلا أجد لهذا اسماً ولا أعرف أحداً من الفقهاء ذكره بهذا الاسم، فهم يذكرون أسماء بيوع منهي عنها أو مختلف فيها، كبيع المصحف مثلاً هل هو جائز أم غير جائز، أو بيع الأصنام والتماثيل أو بيع الكلب، ونحو ذلك مما جاءت نصوص السنة بالنهي عنه.

المسألة الثالثة: ما ضوابط بيع التورق؟
الجواب:
قبل أن نبين ضوابط هذا النوع من البيوع من الضروري بيان معناه وذلك لأن هذا النوع من البيوع لم يسمه بهذا الاسم أعني (التَّوَرُّق) إلا فقهاء الحنابلة أما غيرهم فقد جعلوه في المسائل المتعلقة ببيع العينة وأدرجوه فيها ولم يفرد له اسماً خاصاً إلا الحنابلة كما ذكرنا.
فنقول بيع التَّوَرُّق في اصطلاح الفقهاء هو: أن يشتري سلعة نسيئة (أي بأجل) ثم يبيعها نقداً لغير البائع- بأقل مما اشتراها به ليحصل بذلك على النقد.
أما حكم هذه المسألة فقد اختلف فيها الفقهاء، فجمهور أهل العلم على أنها جائزة، وعللوا ذلك بأن المشتري للسلعة يكون غرضه منها إما عينها وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح، وعللوا أيضا بأنه نوع من البيوع التي لم يظهر فيها قصد الربا وصورته، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية ( ) وهذا هو الصحيح.
أما القول الثاني فهو القول بتحريمه (التَّوَرُّق) وهو رواية عن الإمام أحمد واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وكذا ابن القيم وانتصر لها بقوة، وعللوا ذلك بأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخول السلعة بينها للتحليل، وتحليل المحرم بالمسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئاً لقوله صلى الله عليه وسلم (..وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى..)( )، والصحيح القول بجواز هذا النوع من البيوع نظراً لحاجة الناس وقلة من يقرضهم.
أما عن الضوابط الشرعية لمسألة التَّوَرُّق فقد ذكر بعض أهل العلم شروطاً لجوازها، منها:
(1) كون المشتري محتاجاً للدراهم، فإن لم يكن محتاجاً لها فلا يجوز.
(2) أن لا يتمكن المحتاج من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة غير هذه الطريقة كالقرض أو السَّلَمِ مثلاً، فإن كان يمكنه الحصول على حاجته بدون التَّوَرُّق لم يجز له ذلك.
(3) أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا كأن يقول له بعتك هذه السلعة العشرة أحد عشر، فهذا كأنه دراهم بدراهم فلا يصح. أما الطريقة الصحيحة في ذلك أن يقول له: بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة مثلا.
(4) أن لا يبيعها المشتري إلا بعد قبضها وحيازتها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم حيث (نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ)( ).
(5) أن لا يبيعها المشتري على من اشتراها منه بأقل مما اشتراها منه بأي حال من الأحوال لأن هذا هو بيع العينة الذي جاءت نصوص الشريعة بتحريمه.
فهذه جملة من الضوابط التي ذكرها بعض أهل العلم لجواز بيع التَّوَرُّق.
وقد رجح شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ جواز هذا النوع من البيوع وقد سألته عام 1400هـ أثناء بحثي لهذه المسألة في رسالة الدكتوراه ـ البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق ـ فقال يا ولدي إذا أحسن من يوسع على الناس النية ولم يأخذ ربحاً كثيراً فهو مأجور إن شاء الله. أما شيخنا الشيخ محمد العثيمين فقد تشدد فيها ومنعها إلا بضوابطها الشرعية.

المسألة الرابعة: صفة البيع السائدة:
أن يذهب شخص إلى أحد محلات بيع الجملة فيشتري كمية من الصابون بمبلغ (500) ريال مثلاً ويحجزها في زاوية من زوايا المحل ثم يأخذ فاتورة بها ثم يأتي شخص آخر ويشتري منه كمية الصابون بمبلغ (800) ريال مثلاً مؤجلة أو على أقساط شهرية. ثم يذهب بالفاتورة إلى محل الجملة ويبيعها عليهم أو على غيرهم. فما حكم هذه الصورة من البيع؟
الجواب:
قبل أن نبين حكم هذه الصورة من البيوع نذكر هنا باختصار الشروط المعتبرة شرعاً في البيع ليكون صحيحاً، ومن خلالها يمكن للسائل معرفة حكم هذه الصورة المذكورة.
فنقول أولاً: من شروط البيع:
(1) كون البيع عن تراض بين الطرفين؛ لقوله تعالى:[إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ]( )، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما البيع عن تراض)( ).
فمتى أكره الإنسان على بيع شيء فإن البيع لا يكون صحيحاً إلا أن يكون الإكراه بحق، فالبيع يكون صحيحاً كمن كان مديناً وطالبه الغرماء بالسداد وعنده سلع فهنا يجبره القاضي على البيع لسداد دين الغرماء.

(2) كون العاقدين يجوز تصرفهما وهما من اجتمعت فيهما ثلاثة شروط:
كونه حراً فلا يجوز بيع المملوك إلا بإذن سيده.
كونه بالغاً فيخرج منه من دون البلوغ، وهما قسمان:
الأول: من هو دون التمييز؛ فهذا لا يصح بيعه بإجماع أهل العلم
الثاني : من هو مميز ولكنه دون البلوغ؛ وهذا محل خلاف بين أهل العلم.
كونه رشيداً : فلا يصح بيع من لا يحسن التصرف، كالسفيه مثلاً وهو من به خفة في عقله فلا يصح بيعه ولو كان كبيراً لقوله تعالى:[وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ]( )
(3) كون المبيع منتفعاً به كالدراهم والثياب والحيوانات والمشروبات وغيرها مما يباح نفعه مطلقاً من غير حاجة.
أما ما ليس فيه نفع كالحية والفأرة وغير ذلك مما ليس فيه نفع فلا يجوز بيعه.
(4) كون المبيع مملوكاً للبائع أو مأذوناً له فيه من جهة مالكه لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)( ).
(5) كون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه، فلا يجوز بيع العبد الآبق والجمل الشارد ولا الفرس العاثر( )، ولا يجوز بيع الطيور في السماء كالحمام والصقور ولو ألفت الرجوع لأنه لا يقدر على تسليمها. واشتراط هذا الشرط لأن قبض المبيع واستيلاء العاقد عليه هو المقصود من البيع حتى يتمكن المشتري من الانتفاع به والاستيلاء عليه، فإذا عدم هذا الشرط عدم الغرض المقصود وحصل أيضاً به الغرر الذي جاءت السنة بالنهي عنه. فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ)( ).
(6) كون المبيع والثمن معلوماً للمتعاقدين؛ فالمعلومية في المبيع تكون بأمرين:
رؤية المبيع كله أو بعضه.
ذكر صفة المبيع.
أما معلومية الثمن فبأن يكون الثمن معلوماً قدره وصفته للطرفين وهل هو حال أو مؤجل.
(7) كون المبيع مقبوضاً للمشتري؛ فمتى قبض المشتري سلعة من البائع واستوفاها صح البيع، أما التصرف في البيع قبل القبض فإنه لا يجوز.
والقبض يختلف باختلاف المبيعات فكل شيء يكون قبضه بحسبه. فقبض ما يؤكل كالطعام مثلاً أو الدواب وكذا السيارات وغير ذلك مما يتم بالنقل يكون قبضه بنقله من مكانه الذي بيع فيه، وما يكال ويوزن ويعد يكون قبضه بوزنه وعده وكيله بالإضافة إلى نقله على الصحيح من أقوال أهل العلم وإلا فالمذهب أعني مذهب الحنابلة يرون أنه يكتفي بكيله ووزنه وعده، لكن الصحيح ما ذكرناه من اشتراط النقل وذلك لعدة أمور:
الأول: لأن النزاع قد يقع بين البائع والمشتري.
الثاني: لعموم حديث زيد بن ثابت وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم (نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ)( )، ولفظ السلع هنا عام يشمل جميع المبيعات.

الثالث: القياس على الأحاديث التي وردت في الكيل والوزن ويلحق بها مالم ينص عليه ولا يختص بها.
الرابع: أن العلة في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع هو إزالة الضرر عن البائع والمشتري فبقاؤها في محل البائع يعرضها إلى بيعها مرة أخرى فقد يشتريها منه من يأتي بثمن أكثر فهنا يحصل الضرر على المشتري الأول.
أما ضررها على البائع فقد يتأخر المشتري وتتعرض السلعة للتلف وبالتالي يطالب البائع برد
قيمتها أو يفوت بيعها على البائع فيحصل الضرر، لذا جاءت الشريعة بإلزام المشتري بنقل المبيع من
مكانه حتى لا يحصل الضرر.
أما الأشياء التي لا تنقل كالأراضي والعقارات ونحوها فيكون قبضها بتخليتها وإيقاف المشتري عليها ويقال له هذه أرضك أو بيتك.
أما البيوت فيكون القبض بتخلية البيت وإعطائه المفاتيح.
والخلاصة هنا في هذا الشرط أنه لا يجوز التصرف في المبيع ولا بيعه قبل قبضه على الصورة التي ذكرناها فمتى باعه قبل قبضه فالبيع باطل.
ومن هنا نقول للسائل يمكنك أن تعرف الإجابة على سؤالك حول هذه المسألة المذكورة، فنقول بأن هذه الصورة المذكورة التي سألت عنها غير جائزة لأن نقلها من ناحية البائع إلى ناحية أخرى في محل البيع لا يعتبر قبضاً تاماً.

المسألة الخامسة: هل هذا الحكم ينطبق على غير الصابون كالإسمنت، والحديد، ومواد البناء، وبطاقات سوى، والشاي، وغير ذلك؟
الجواب:
نعم جميع الشروط السابقة في البيع أي التي ذكرناها هي شروط في كل مبيع لابد من توافرها فمتى تخلف بعضها صار البيع غير صحيح.

المسألة السادسة : حكم هذه الصورة من البيع؟
الجواب:
قد تمت الإجابة على هذه المسألة في المسألة الرابعة فلتراجع.

المسألة السابعة: ما الصفة الصحيحة لهذا البيع ليكون جائزاً ؟
الجواب:
لكي يكون البيع صحيحاً فإنه يشترط فيه أن يستوفي جميع شروط البيع التي ذكرناها آنفاً، أما عن الصفة التي ذكرتموها عن بيع الصابون فهي وإن اشتملت على أكثر شروط البيع غير أنها تخلف عنها شرط القبض الذي يتناول إخراجها عن محل البائع فلابد أن تنتقل من المحل لكي تكون صفة هذا البيع صحيحة.

المسألة الثامنة: ما حكم البيوع على الأقساط؟
الجواب:
البيع بالتقسيط لا حرج فيه لعموم قوله تعالى:[وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]( ) وقد باع أصحاب بريرة رضي الله عنها- بريرة نفسها باعوها إياها على أقساط في كل عام أوقية ـ وهي أربعون درهماً ـ باعوها على تسعة أقساط، فقد روي في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة قالت لها: (إِنَّ أَهْلِي كَاتَبُونِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي … فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي..)( ) ولم ينكر ذلك عليهم.
لكن يشترط في هذا البيع أن تكون الأقساط معروفة والآجال معلومة، فمثلاً إذا اشترى شخص سيارة قيمتها (000و100) مائة ألف ريال على أقساط فلابد أن تكون هذه الأقساط معروفة كأن تكون (000و10) عشرة آلاف ريال كل سنة مثلاً أو كل خمسة أشهر على حسب ما يتفقان عليه.
دليل ذلك قوله تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ]( ) ولقوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ)( ).

وخلاصة الإجابة على هذه المسألة أن البيع بالتقسيط جائز إذا كانت الأقساط معروفة والآجال معلومة.
لكن هناك مسألة وهي: هل الزيادة في القيمة مقابل الأجل جائزة؟
الجواب:
بعض أهل العلم قال بأن الزيادة مقابل الأجل غير جائزة لأنها داخلة في البيع المنهي عنه وهو بيعتين في بيعة.
وقال آخرون بل الزيادة لا مانع منها في مقابل الأجل وقد ثبت عن النبي  ما يدل على ذلك حيث أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفِدَتِ الإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِى قِلاَصِ الصَّدَقَةِ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ)( )، وهذا هو الصحيح، وبه قال شيخنا ابن باز رحمه الله وأكثر أهل العلم.

المسألة التاسعة: هل يجوز أن يشتري رجل الصابون مثلاً ثم يحجزه في زاوية من زوايا المحل التجاري الذي اشتراه منه؟
الجواب:
لقد جاءت نصوص السنة بالنهي عن البيع ما لم يقبض وقد ذكرنا أصول القبض وطريقته الشرعية وسنذكر هنا طرفاً من الأدلة التي تدل على اشتراط القبض والنقل ليكون السائل على بينة من الأمر، فمن ذلك:
* ما رواه أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام: (لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)( )، أي لا تبع ما لا تملكه، وغير القابض للسلعة هو في الحقيقة غير مالك لها.
* ما رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَيَقْبِضَهُ)( )، ولذا بوَّب مسلم على هذا الحديث باباً فقال: باب بطلان بيع مالم يقبض، وذكر الحديث.
* ما رواه مسلم أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (..كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جِزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ)( ).
* ما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)( ).
وبهذه الأحاديث وغيرها مما جاء في معناها يتضح لنا أنه لا يجوز بيع سلعة ما لم يملكها المشتري ويحوزها إلى ملكه، ويتضح لنا أيضاً أن ما يفعله البعض من بيع ما لم يقبضه أو يشتري السلعة ثم يبيعها في محل البائع قبل أن يقبضها القبض الشرعي أن هذا أمر لا يجوز لما فيه من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما فيه من التلاعب بالمعاملات، ولما يترتب على ذلك من الفساد والشرور. نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
أما هل يكون مالكاً بهذه الصورة التي ذكرها السائل؟
فنقول بأنه لا يكون مالكاً لها حتى ينقلها من المحل الذي بيعت فيه وإلا لم يصح البيع إن باعها فيه.

المسألة العاشرة: هل يشترط في البيع أن ينقل المشتري المبيع؟ وما ضابط نقله له؟
الجواب:
تمت الإجابة على هذه المسألة، وذكرنا أنه يشترط النقل من المكان الذي بيعت فيه، وذكرنا الضوابط لذلك.

المسألة الحادية عشرة: ما حكم البيع إلى أجل مع زيادة الثمن مقابل الأجل؟
الجواب:
ذكرنا أن الصحيح من أقوال أهل العلم صحة البيع إلى أجل مع الزيادة في الثمن مقابل الأجل فلا مانع من هذا.

المسألة الثانية عشرة: ما الحكم لو تم البيع إلى أجل ثم حل الأجل ولم يستطع المشتري السداد فهل يجوز للبائع أن يمهله أشهراً مقابل أن يزيد في المبلغ؟
الجواب:
لا تجوز الزيادة في مقابل الإمهال إذا تم البيع أولاً، بل هذا هو ربا الجاهلية الذي جاءت نصوص الشرع بالنهي عنه والتحذير منه، فحذار حذار من الوقوع في مثل هذا النوع من البيع.

المسألة الثالثة عشرة: أحياناً ينصرف المشتري عن البائع ولم يتفقا على تحديد الثمن هل يكون حالا أو مؤجلاً بعد أن تم البيع بينهما ولكن يقول أحدهما: إن حضر المبلغ نهاية الشهر فهو بالثمن الحال وإن لم يحضر فهو بالثمن المقسط فهل يصح ذلك؟
الجواب:
لا يصح ذلك فلابد من الاتفاق على نوع البيع هل هو حال أم مؤجل، فلا يتفرقان بالأبدان إلا
بالاتفاق على أحدهما إما حالاً أو مؤجلاً لأن هذه صورة من صور البيعتين في بيعة التي جاءت نصوص السنة بتحريمها لما فيها من الجهالة التي تفضي إلى النزاع والخلاف.

المسألة الرابعة عشرة: ما الحكم لو أراد البائع أن يشتري السلعة ذاتها من المشتري سواء بالاتفاق أو بدونه؟
الجواب:
إذا تم البيع بينهما بطريقته الشرعية التي ذكرناها سابقاً بحيث يكون المشتري حاز سلعته حيازة تامة وقبضها ثم أراد أن يبيعها إلى البائع الأول فهنا يجوز ولكن بشرط أن لا يبيعها بثمن أقل مما اشتراها منه،بل يشتريها البائع الأول بثمنها الذي باعها به أو يشتريها بأكثر من ثمنها لأن شراءه لها بأقل يجعلها معاملة ربوية لأنها في الحقيقة بيع دراهم بدراهم كانت السلعة بينهما ما هي إلا لتحليل هذا النوع من البيوع، وهذا هو بيع العينة المنهي عنه كما ذكرنا.
وللفائدة هنا نبين معنى بيع العينة فقد عرفه الفقهاء بأنه “أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجل ويسلمه للمشتري ثم يشتريه قبل قبض الثمن نقداً بثمن أقل من ذلك القدر” هذه هي العينة.

المسألة الخامسة عشرة: ما حكم الشرط الجزائي في الديون الذي تفعله بعض مكاتب الخدمات حيث يقوم المشتري بالسداد في كل شهر فإن تأخر فعن كل شهر يتأخره زيادة (300) ريال مثلاً.
الجواب:
هذا الشرط محرم لأنه عين ربا الجاهلية الذي جاءت نصوص الشريعة بتحريمه والتحذير منه
والوعيد لمن قام به قال تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ
* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ…]( ).

المسألة السادسة عشرة: ما الحكم لو شرط البائع شرطاً جزائياً فقال: إن تأخر المشتري عن السداد فيحق لي توكيل أحد مكاتب المحاماة على أن يتحمل المشتري جميع تكاليف المعاملة المادية؟
الجواب:
هذا الشرط لا يسوغ لما فيه من الغرر والجهالة وذريعة لحصول الربا ولما يترتب عليه من مفاسد كثيرة، والذي ينبغي على البائع أن يحسن المعاملة مع المشتري وأن يتعامل معه بالرحمة واللطف والإحسان لأن هذا من مقاصد الشريعة، فشريعة الإسلام تدعو إلى الرأفة والرحمة بالبشر وحسن الأداء والقضاء وإنظار المعسر والتوسعة عليه.

المسألة السابعة عشرة: ما الحكم لو أن المشتري للصابون وغيره وكَّل البائع على تصريفه له؟
الجواب:
إذا تم البيع وملك المشتري السلعة وحازها حيازة شرعية بحيث قبضها ونقلها من المحل الذي اشتراها منه إلى مكان آخر ثم وكل المشتري ببيعها له فلا حرج في ذلك، أما كونه يشتريها ثم يبيعها عنده ليبيعها له فهذا لا يجوز، لأنه في الواقع لم يقبضها القبض الشرعي الذي سبق أن بيّناه.

المسألة الثامنة عشرة: هل تشترط رؤية المبيع للصابون أو غيره أو يكفي مجرد معرفته؟
الجواب:
ذكرنا فيما مضى أن من شروط البيع كونه معلوماً للمتعاقدين لأن النبي  “نهى عن بيع الغرر” فإذا كان المبيع غير معلوم فهنا تكون جهالة وغرر فلا يصح البيع حينئذ، والمعلومية للمبيع تتحقق بأحد أمرين:
الأول: رؤية المبيع كله أو بعضه الدال على بقيته، فمثلاً لو اشترى كمية من الصابون تعادل
(100) كيس منه فرؤيته تتحقق برؤية الكمية كلها أو يكفي حفنة واحدة من الكيس لأن البعض
يدل عل الكل.
ثانياً: مما تكون به معلومية المبيع بيان صفته، كأن يقول أبيعك صابوناً اسمه كذا وصفته كذا وكذا فهنا الصفة تكفي لعدم الجهالة والغرر.
وعلى ذلك فيشترط رؤية الصابون أو معرفته معرفة تامة قبل البيع لأن الوصف الذي يكفي في السلم يقوم مقام الرؤية على الصحيح من أقوال أهل العلم ويلزم العقد به في الحال.

المسألة التاسعة عشرة: ما الحكم لو نفد الصابون عند البائع ثم جاءه شخص آخر فطلب منه صابوناً فقال البائع: تأتي غداً وتجد الكمية المطلوبة؟
الجواب:
هذا ما يسمى بالوعد بالشراء وهذا في الحقيقة ليس شراء وإنما هو وعد بذلك، فإذا أراد إنسان شراء حاجة وطلب من أخيه أن يشتريها لنفسه ثم يبيعها عليه فلا حرج في هذا البيع بشرط أن يقبضها المشتري الأول ويتملكها ثم يتفق مع المشتري الثاني ويبيعها عليه بعد ملكيتها وقبضها.

المسألة العشرون: الغالب أن مكاتب الصابون تكتب عقداً صورياً فقط ويكون فيه غير ما تم الاتفاق عليه بين البائع والمشتري، بل يكتب في العقد ” أن فلاناً وهو البائع…”
الجواب:
هذا مما لا يجوز أيضاً لما فيه من الغرر والجهالة والكذب، فالاتفاق على الأشياء غير ما تم بينهما وهذا غش وكذب وعدم ذكر اسم كل من البائع أو المشتري في العقد فيه غرر وجهالة وهذا منهي عنه.
بل الواجب كتابة ما تم بينهما ولا يزاد عليه ولا ينقص منه لكي يكون البيع صحيحاً وتكون المعاملة على الصدق والصراحة.

المسألة الحادية والعشرون: البعض من البائعين يقول للمشتري: “ضع يدك على كمية الصابون! فيضع المشتري يده” هل يعتبر بذلك مالكاً لها؟
الجواب:
لا يعتبر بذلك مالكاً لها بل لابد من رؤيتها ثم ينقلها من مكانها الذي بيعت فيه على الصفة المذكورة سابقاً، وإلا مجرد الوضع لليد عليها لا يكون قد ملكها أو صارت في حوزته.

المسألة الثانية والعشرون: بعض البائعين يشترط شرطاً جزائياً مضمونه أنه في حال تأخر المشتري عن السداد فإن المبلغ المتبقي يحل عليه كاملاً، فهل يجوز ذلك؟
الجواب:
هذا الشرط وهو حلول المبلغ بكامله دفعة واحدة عند تأخر المشتري في تسديد أحد الأقساط أو بعضها هذا الشرط غير صحيح لأنه ينافي مقتضى العقد وهو التأجيل الذي استحقت به الزيادة.
والواجب على البائع متى علم أن المدين معسر إنظاره لقوله تعالى:[وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ]( ).

المسألة الثالثة والعشرون: أحياناً يجعل للبيع قيمتان، فيقول البائع للمشتري: “هذه الكمية بعشرة آلاف ريال إذا تأخرت عن السداد وإذا لم تتأخر فهي بثمانية آلاف ريال” فهل يصح ذلك؟
الجواب:
هذا أيضاً مما لا يجوز لأنه جعل قيمتين لسلعة واحدة . وهذا لا يجوز حيث لم يقطعا سعراً محدداً للسلعة، والثمن لابد أن يكون معلوماً وهذا أحد شروط البيع السابقة.

بعض المسائل في البيوع
أولاً: مسائل في بيع السيارات:

المسألة الأولى:
تحريك السيارة داخل المعرض كما يفعله البعض لا يعتبر حيازة وقبضاً وعلى ذلك لا يكون البيع صحيحاً لكونه بيعاً قبل قبض السيارة.

المسألة الثانية:
لا يجوز بيع السيارة قبل أن تستكمل الإجراءات النظامية من الحصول على ورقة المبايعة واستلام السيارة ورؤيتها ونقلها من المعرض لأنه لا يكمل قبضها إلا بذلك، وأما نقل ملكية السيارة فالصواب أنه لا يلزم.

المسألة الثالثة:
التأمين على السيارة محرم لما في ذلك من الغرر والمقامرة وأكل الأموال بالباطل لكن إذا ألزم الإنسان به فيقدم عليه تحقيقاً لأعلى المصلحتين ودفعاً لأعلى المفسدتين فطاعة ولي الأمر في هذا الباب ألزم وأوجب.

المسألة الرابعة:
بعض الناس يحتاج لشراء سيارة ولا يكون معه قيمتها فيذهب لزيد من الناس ليشتريها له على أن تكون هناك زيادة عن ثمنها الأصلي الذي اشتراها به، هذه الزيادة حرام لأن هذا حيلة على الربا لأنه في الحقيقة كأنه أقرض هذا الرجل ثمنها بفائدة.

ثانياً: مسائل في بيع الذهب:

المسألة الأولى:
لا يجوز بيع الذهب إلى أجل فقد أجمع أهل العلم على تحريمه لأنه ربا نسيئة وقد قال صلى الله
عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح
مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي سواء)( ).

المسألة الثانية:
من اشترى ذهباً وبقي عليه من قمته شيء فطلب من البائع إمهاله أياماً لإحضار الباقي له فهذا العمل لا يجوز، فإن فعله صح العقد فيما قبض عوضه وبطل فيما لم يقبض.

المسألة الثالثة:
لا يجوز التعامل بالشيكات في بيع الذهب أو الفضة وذلك لأن الشيك لا يعد قبضاً وإنما هو وثيقة حوالة فقط، وإذا لم يكن الشيك قبضاً فإنه لا يصح البيع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في بيع الذهب والفضة أن يكون يداً بيد.

المسألة الرابعة:
بعض الناس يشتري الذهب والفضة فيدفع بعض قيمتها ثم يبقيها عند البائع لحين سداد القيمة كاملة، وهذا لا يجوز لأن مقتضى البيع أن يكون ملك ذلك المشتري فيجب أن تنقل إليه وبهذا لا يجوز هذا العمل بل لا بد من قبض الثمن كاملاً ثم إن شاء المشتري أبقاها عند البائع أو أخذها.

المسألة الخامسة:
تبديل الذهب بذهب مع إضافة قيمة التصنيع إلى أحدهما هذا محرم ولا يجوز لأنه داخل في الربا الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي سواء)( ).

المسألة السادسة:
الطريقة السليمة في استبدال الذهب بالذهب هي: أن يباع الذهب القديم من غير مواطأة ولا اتفاق. فإذا قبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشيء الجديد من المحل نفسه أومن غيره فلا بد من إنهاء المعاملة الأولى ثم إجراء المعاملة الثانية.

ثالثاً: مسائل في بيوع أخرى:

المسألة الأولى:
يقوم بعض الناس ببيع بعض محلاتهم بما فيه جزافاً دون معرفة المال الذي في المحل وبلا بصيرة بما فيه، وهذا النوع من البيوع غير صحيح لما فيه من الجهالة والغرر، ولكي يكون البيع صحيحاً فلا بد من معرفة المال الموجود فيه وأن يكون البائع والمشتري على بصيرة بذلك.

المسألة الثانية:
لا يكون الكلام قبضاً للسلعة كما هو الواقع غالباً بل لا بد من نقل السلعة إلى ملكه أو إلى السوق وإخراجها من المحل الذي بيعت فيه.

المسألة الثالثة:
يجوز أخذ العربون من المشتري وفي حالة عدم وفاء المشتري أو رجوعه في البيع يحق له أن يحتفظ به لنفسه ولا يرده للمشتري إذا فسخ العقد في أصح قولي العلماء.

المسألة الرابعة:
لا يجوز احتكار السلع وتخزين شيء الناس في حاجة إليه لما في ذلك من الإضرار بالمسلمين. أما تخزينه حتى يحتاج إليه وكان الناس في غنى عنه فيجوز.

المسألة الخامسة:
إذا قامت الدولة بوضع تسعيرة لمبيع فإنه لا يجوز الزيادة عليه، بل الواجب التمشي مع النظام الذي تضعه الدولة لأن في مخالفته مضرة عليك وعلى الآخرين.

المسألة السادسة:
يجب على البائع بيان ما في سلعته من عيب إن كان فيها عيب ولا يحل له كتمان ما فيها من العيوب فلا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
( ) سورة البقرة: 275.
(2) سورة المائدة 3.
(3) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة (13/161) رقم الفتوى (16402).
(4) رواه البخاري ـ كتاب بدء الوحي ـ باب بدء الوحي (1)، مسلم ـ كتاب الإمارة ـ باب قوله صلى الله عليه وسلم “إنما الأعمال ..”(3530).
(5) رواه أبو داود، وحسنه الألباني في سنن أبي داود (3/282) برقم (3499).
(6) سورة النساء: 29.
(7) رواه ابن ماجة، وصححه الألباني في الإرواء (5/125) برقم (1283).
(8) سورة النساء: 5.
(9) رواه الخمسة، وصححه الألباني في إرواء الغليل (ج5 رقم 1292).
(10) الفرس العاثر: أي الشارد.
(11) رواه مسلم في كتاب البيوع- باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر (2783).
(12) سبق تخريجه، ص7.
(13) سورة البقرة: 275.
(14) رواه البخاري كتاب البيوع- باب إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل (2023)، مسلم ـ كتاب العتق ـ باب إنما الولاء لمن أعتق (2763).
(15) سورة البقرة: 282.
(16) رواه البخاري ـ باب السلم في وزن معلوم (2086)، ومسلم ـ كتاب المساقاة ـ باب السلم (3011).
(17) رواه أحمد، وأبو داود، والدار قطني وصححه، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (ج5 رقم 1358).
(18) سبق تخريجه، ص8.
(19) رواه البخاري ـ كتاب البيوع ـ باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك (1992)، مسلم ـ كتاب البيوع- باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (2813)، واللفظ له.
(20) رواه مسلم في كتاب البيوع- باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (2812).
(21) سبق تخريجه، ص7.
(22) سورة البقرة: 278، 279.
(23) سورة البقرة:280.
(24) رواه مسلم ـ كتاب المساقاة ـ باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً (2971).
(25) سبق تخريجه، ص17.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهرس الموضوعات
المقدمة:
سبب تأليف الرسالة:
التعريف بالرسالة:
المسألة الأولى: هل في الشريعة بيع يسمى ببيع الصابون؟
المسألة الثانية: ما الاسم الشرعي لمثل هذا البيع ؟
المسألة الثالثة: ما ضوابط بيع التورق؟
المسألة الرابعة: صفة البيع السائدة.
شروط البيع:
(1) كونه البيع عن تراض بين الطرفين.
(2) كون العاقدين يجوز تصرفهما..
(3) كون المبيع منتفعاً به.
(4) كون المبيع مملوكاً للبائع.
(5) كون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه.
(6) معرفة المبيع والثمن معلوماً للمتعاقدين
(7) كون المبيع مقبوضاً للمشتري.
المسألة الخامسة: هل هذا الحكم ينطبق على غير الصابون؟.
المسألة السادسة: حكم هذه الصورة من البيع؟
المسألة السابعة: ما الصفة الصحيحة لهذا البيع ليكون جائزاً.
المسألة الثامنة: ما حكم البيوع على الأقساط؟
المسألة التاسعة: هل يجوز أن يشتري رجل الصابون مثلا ثم يحجزه …؟
المسألة العاشرة: هل يشترط في البيع أن ينقل المشتري المبيع؟ وما ضابط نقله له؟
المسألة الحادية عشرة: ما حكم البيع إلى أجل مع زيادة الثمن مقابل الأجل؟
المسألة الثانية عشرة: ما الحكم لو تم البيع إلى أجل ثم حل الأجل ولم يستطع المشتري السداد..؟
المسألة الثالثة عشرة: انصراف المشتري والبائع دون الاتفاق على تحديد الثمن؟
المسألة الرابعة عشرة: ما الحكم لو أراد البائع أن يشتري السلعة ذاتها من المشتري..؟
المسألة الخامسة عشرة: ما حكم الشرط الجزائي في الديون..؟
المسألة السادسة عشرة: ما الحكم لو شرط البائع شرطاً جزائياً…؟
المسألة السابعة عشرة: ما الحكم لو أن المشتري للصابون وغيره وكَّل البائع على تصريفه له؟
المسألة الثامنة عشرة: هل تشترط رؤية المبيع كالصابون وغيره أو يكفي مجرد معرفته؟
المسألة التاسعة عشرة: ما الحكم لو نفد الصابون عند البائع ثم جاءه شخص آخر فطلب منه صابوناً..؟
المسألة العشرون: الغالب أن مكاتب الصابون تكتب عقداً صورياً فقط..
المسألة الحادية والعشرون: البعض من البائعين يقول للمشتري (ضع يدك على كمية الصابون)..؟
المسألة الثانية والعشرون: بعض البائعين يشترط شرطاً جزائياً…
المسألة الثالثة والعشرون: أحياناً يجعل للبيع قيمتان..
المسألة الرابعة والعشرون: بعض المسائل في بيع الصابون:
أولاً: مسائل في بيع السيارات:
المسألة الأولى : في تحريك السيارات داخل المعرض.
المسألة الثانية : بيع السيارات قبل استكمال الإجراءات.
المسألة الثالثة : في التأمين على السيارات حكمه.
المسألة الرابعة: إذا احتاج سيارة فطلب من غيره شراءها.
ثانياً: مسائل في بيع الذهب:
المسألة الأولى : في بيع الذهب لأجل.
المسألة الثانية : إذا اشترى ذهباً وبقي شيء من ثمنه.
المسألة الثالثة : في التعامل بالشيكات في بيع الذهب.
المسألة الرابعة : إذا دفع بعض قيمة الذهب أو الفضة وأبقاها عند البائع ولم يملكها.
المسألة الخامسة : حكم استبدال الذهب بذهب.
المسألة السادسة : الطريقة السليمة في استبدال الذهب.
ثالثاً: مسائل في بيوع أخرى:
المسألة الأولى : يقوم بعض الناس ببيع بعض محلاتهم بما فيه جزافاً..
المسألة الثانية : لا يكون الكلام قبضاً للسلعة كما هو الواقع غالباً..
المسألة الثالثة : يجوز أخذ العربون من المشتري..
المسألة الرابعة : لا يجوز احتكار السلع وتخزين شيء الناس في حاجة إليه..
المسألة الخامسة : إذا قامت الدولة بوضع تسعيرة لمبيع فإنه لا يجوز الزيادة عليه..
المسألة السادسة: يجب على البائع بيان ما في سلعته من عيب..