صناعة الصورة باليد مع بيان أحكام التصوير الفوتوغرافي

الأحد 12 جمادى الآخرة 1440هـ 17-2-2019م
تأليف : أ.د. عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
الأستاذ بجامعة القصيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )([1]).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )([2]).
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيْمًا )([3]).
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد- صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

إن مما أنعم الله – عز وجل – به على هذه الأمة – أعني أمة الإسلام- أن جعل دينها ديناً كاملاً شاملاً، هذا الدين صالح لكل زمان ومكان بخلاف ما يظنه الظانون المنحرفون، ممن انبهر بالحضارة الغربية المادية الملحدة، الذين يقولون إن هذا الدين لا يصلح لهذا الوقت، لأنه دين رجعي يدعو إلى التخلف وعدم مسايرة العصر، فهم كما يقولون لا يمكن أن يتقدم العالم من حولنا، ويركب الطائرات والسيارات ويصل إلى سطح القمر، ونحن ما زلنا ندعو إلى ركوب البعير والحمير والخيل وغير ذلك من الوسائل البدائية، مما لا يصلح لعالمنا المعاصر، ولا شك أن هؤلاء المنحرفين أبعدوا النجعة عن فهم هذا الدين الذي جاءت رسالته تدعو إلى الأخذ بكل ما يصلح لأفرادها ومجتمعاتها شريطة أن لا يكون الأمر جاءت نصوص الشريعة بالتحذير منه والنهي عنه، قال تعالى في بيان إنعامه على هذه الأمة بكمال دينها : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )([4]).

روى البخاري في صحيحه عن طارق بن شهاب قال : قالت اليهود لعمر : إنكم تقرؤون آية لو أنزلت فينا معشر اليهود لاتخذناها عيداً . يعني قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )([5])
فقال عمر: إني لأعلم حين أُنزلت، وأين أُنزلت، وأين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين أُنزلت، أُنزلت يوم عرفة ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – واقف بعرفة قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا ([6]). فانظر إلى قول اليهودي لو نزلت علينا لاتخذناها عيداً وذلك كله لأن الآية كما قال ابن كثير في تفسيره: (هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه، ولا خلف كما قال تعالى (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلا)[الأنعام : 115] أي صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة، ولهذا قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )[المائدة: 3] أي : فارضوه أنتم لأنفسكم، فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه، وبعث به أفضل الرسل الكرام وأنزل به أشرف كتبه ([7]).

إذاً فلا حاجة إلى الانحراف عن منهج الإسلام، واتباع من يكفر به بحجة أنهم أهل علم وسيادة وريادة فإن دين الإسلام كامل شامل لجميع متطلبات الحياة صغيرها وكبيرها، ولمَّا كانت شريعته هي أكمل الشرائع وأزكاها حذرنا من الانحراف عنها، واتباع سبيل الهالكين بل نهانا عن التشبه بهم فقال صلى الله عليه وسلم: {من تشبه بقوم فهو منهم}([8])
ولكن هيهات هيهات أبى السواد الأعظم من المسلمين في هذه الفترة إلا سلوك طرائق أهل الغواية والضلال والإفساد من اليهود والنصارى لكي يتحقق فيهم قوله – صلى الله عليه وسلم {لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود، والنصارى؟ قال: فمن}([9]).

فلو نظرت إلى واقع المسلمين اليوم بالعين البصيرة لوقفت على أمور لا يمكنك حصرها سواءً أكانت أموراً عقدية أم خُلقية أم في علاقات الناس فيما بينهم، وغيرها من الأمور التي مُيِّع فيها الدين، وذاب أهله بسببها في أحضان الحضارة الغربية المنحرفة عن منهج الله ورسله.

ومن الأمور التي انحرف فيها المسلمون في هذه الفترة وسلكوا فيها طرائق ملتوية (التماثيل والتصاوير والنقش في الصور) فقد عمت بها البلوى وتعلق الكثير وافتتن بها الفتيات والشباب والشيخ الكبير، كل هذا في غفلة عن نصوص الشريعة الواردة فيها، وما تدل عليه من التحذير والنهي عن ارتكابها.

وقد تقدمت إليَّ (مؤسسة مناهج العالمية) بطلب ترغب فيه بالمشاركة في كتابة بحث مطوَّل في موضوع النقش، أو الرسم باليد، وإني لأتقدم بالشكر لهذه المؤسسة، بعد شكر الله تعالى، وذلك لأمرين:

الأول: اهتمام هذه المؤسسة بقضايا الأمة، وبخاصة القضايا العقدية ومنها موضوع بحثنا.

الآخر: ثقتها بي للقيام بإعداد بحث عن هذا الموضوع، وهذا لا شك أنه يدل على الثقة المتبادلة والشعور المتبادل بيننا، فأسأل الله – تعالى- أن يوفق القائمين على المؤسسة إلى العلم النافع والعمل الصالح وأن يجمعنا وإياهم في جنته إنه سميع قريب.

واستجابة لرغبة المؤسسة قمت بإعداد هذا البحث وموضوعاته كالآتي:

أولاً: التعريف بالرسم.
ثانياً: وقفة لا بد منها.
ثالثاً: أنواع التصوير باليد.
رابعاً: النقش وتعريفه.
خامساً: العلاقة بين النقش والرسم.
سادساً: أدلة تحريم التصوير.
سابعاً: ذكر علل تحريم التصوير.
ثامناً: حكم النقش أو الرسم باليد، وهذا يتناول الآتي:
أولا: حكم الرسم باليد فيما ليس ممتهنا .
ثانياً: حكم الرسم باليد فيما كان ممتهنا.
ثالثاً: حكم الرسم باليد لمقطوع الرأس.
رابعاً: صناعة أو رسم رأس صورة فقط
تاسعاً: الرسم الكاريكاتوري.
عاشراً: ذكر أقوال أهل العلم في هذا الموضوع.
الحادي عشر: خلاصة موضوع البحث.

وعندما عزم الابن محمد على طباعة هذا البحث ضمن المؤلفات رغب إلي أن ألحق به ما سمعه مني عن رأي شيخنا الشيخ محمد حول التصوير الفوتغرافي وفهم الطلاب له وبيان ذلك ونزولاً عند رغبته أضفت ذلك لهذه الرسالة لعل الله أن ينفع به.

والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، إنه سميع مجيب، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أبو محمد أ.د. عبد الله بن محمد الطيار
الزلفي ص.ب 188 الرمز 11932
جوال 055123100
1/7/1424هـ

أولاً: التعريف بالرسم :
الرسم في اللغة: أثر الشيء، وقيل بقية الأثر.
وأثر الشيء قد يشاكله في الهيئة، ومن هنا سموا (الروسم) وهي الخشبة التي فيها نقوش يختم بها الأشياء المراد بقاؤها مخفاة لئلا تستعمل.([10])
أما تعريف الرسم في الاصطلاح المعاصر فهو : يسمّى بالتصوير المسطح إذا كان معمولاً باليد، ويعبر عنها البعض بالصورة الفنية، وهي : التي يصنعها الإنسان بمقدرته الذاتية مضاهياً بها خلق الله، مظهراً بها مقدرته الفنية وقدرته على المحاكاة والإبداع والمضاهاة، وهذه الصور هي التي يسمى صانعها (بالفنان) لأنه في نظر الناس مبدع قد ضاهى الأصل أو شابه الحقيقة.([11])

ثانيا: وقفة لابد منها:
مما ينبغي أن ننبه عليه أن الصورة – وأعني فيها المرسومة باليد – قد تكون لشيء حي ذي روح، كصورة الإنسان، أو الحيوان، أو الطيور، وكل ما فيه روح فهذه هي التي وردت نصوص الشريعة بتحريمها، وجاء الوعيد الشديد لمن فعلها، أما ما ليس فيه روح كصور الأشجار، والأزهار، والأعشاب، أو الشمس، والقمر، والنجوم، والجبال، أو مصنوعات منزل، أو منارة، أو سفينة، وكل ما شابه ذلك فهذه وردت النصوص بإباحة التقاطها، ولم يرد نص يحرم تصويرها إلا ما ذكر عن بعض السلف كمجاهد وغيره في تحريم الرسم مطلقاً، لكن جمهور السلف على خلافه، وقد سقنا دليل ابن عباس في ذلك.([12])

ثالثاً:أنواع التصوير باليد:
المراد به ما كانت اليد هي المباشرة في عملية التصوير، ويكون ذلك بوساطة القلم، أو الفرشة، أو فنجاة، أو منشار، أو نحو ذلك، وهذا النوع ينقسم إلى قسمين:
الأول: التصوير والصورة المسطحة
الثاني: التصوير المجسم أي ما كان على هيئة إنسان، أو حيوان، أو جماد، وهذا غير معني في بحثنا، ولكن المعني فيه هو القسم الأول (التصوير والصورة المسطحة)، والذي يكون عن طريق نقش الصورة بالألوان والتخطيط، أو نسجها في الثياب ونحو ذلك من كل مرسوم، أو منقوش على السطوح الورقية أو الجدار، أو الثياب كما ذكرنا ذلك سابقاً.

رابعا: النقش :
النقش في اللغة: نقش ينقش نقشاً، ونقش الشيء: لونه بلونين أو أكثر وزينه، فكأنه نفى عنه معايبه وحسنه ([13])
أما في الاصطلاح ولغة الفقهاء فيعرفونه بأنه: تلون الشيء بلونين أو بألوان([14]).أو ما يرسم، أو يطرز من الرسم على الأشياء([15]).
وقيل أيضاً في تعريفه: هو تجميل الشيء المسطح، أو غير المسطح بإضافة أشكال تجميلية إليها، سواء أكانت أشكالاً هندسية أم نمنمات أم صوراً أم غير ذلك([16]) .
ومن خلال التعاريف السابقة يمكننا أن نقول : إن النقش لا يعدو عن كونه رسماً، بل هو أعم منه من جهة التحسين والتجميل، لذا تكون العقوبة فيه أشد، والله أعلم.

العلاقة بين النقش والرسم والتصوير:
من خلال ما ذكرناه آنفاً يمكننا أن نتعرف على العلاقة بين هذه الثلاثة. فهذه الثلاثة كلها في معنى قد تكون مترادفة إلى حد كبير وإن كان بعضها يكون أوسع من الآخر في بعض الجهات:
فالتصوير مثلاً هو في الحقيقة رسم غير أنه أوسع من جهة أنه قد يكون لما له ظل، وما ليس له ظل بخلاف الرسم، فإنه يكون في الصورة المسطحة وكذلك النقش فهو أيضاً أوسع من الرسم، وذلك من جهة أنه رسم يضاف إليه تحسين وتلوين وتزيين كما ذكرنا ذلك سابقاً.

أدلة تحريم التصوير :
جاءت نصوص السنة المستفيضة لتحذر من التصوير وتبين عقوبة من يقوم به، وسنذكر هنا طرفاً من هذه النصوص فمن ذلك:
1*- ما رواه البخاري ومسلم عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون}([17])
2- ولهما أيضاً عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: سمعت الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: {إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم}([18]) .
3- وللبخاري أيضاً عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: سمعت رسول الله – صلى عليه وسلم- يقول: {من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل. ومن استمع إلى حديث قوم له كارهون صب في أذنه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عُذِّب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ }([19]) .
4- عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم ذكر بعض نسائه كنيسة يقال لها “مارية”، وكانت أم مسلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، فرفع صلى الله عليه وسلم رأسه فقال: {أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى}([20]) .
5- ولهما أيضاً عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر ما وقد سترت سهوة ([21]) لي بقرام ([22]) فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه وقال: يا عائشة { أشد الناسِ عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله}، فقالت: فقطعناها فجعلنا منها وسادة أو وسادتين.
وفي رواية قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه، وقال: {من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور}([23]).
6- ولهما أيضاً عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تصاوير}([24]).
7- ولهما أيضاً عن سعيد بن الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس – رضي الله عنهما – فقال: إني رجل أصور هذه الصور، فأفتني فيها، فقال له: ادن مني، فدنا، ثم قال: ادن مني، فدنا. حتى وضع يده على رأسه، وقال: أنبئك بما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { كل مصور في النار يجعل بكل صورة صورها نفساً فتعذبه بها في جهنم} فإن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له.
وفي رواية للبخاري قال سعيد بن الحسن: كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال: لابن عباس إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: {من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ بها أبداً}، فربا الرجل ربوة شديدة فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح ([25]) .
وفي الباب الكثير من الأدلة التي تدل على تحريم التصوير لكن فيما ذكرناه كفاية، والله أعلم.

العلة في تحريم التصوير :
من خلال النصوص الشرعية السابقة يمكننا أن نبين العلة من والنهي عن التصوير وهي:
أولاً: مضاهاة خلق الله كما جاء ذلك مصرحاً به في الأحاديث السابقة كقوله تعالى في الحديث القدسي : {ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي…}([26]) الحديث
وقوله صلى الله عليه وسلم {أشد الناس عذاباً الذين يضاهون بخلق الله}([27]) الحديث، فهنا العلة ظاهرة وهي مشابهة خلق الله – سبحانه وتعالى- فتجعله يعني (التصوير) فاسداً في نفسه، وهنا علة أخرى وهي :
ثانياً: أنه وسيلة إلى الوقوع فيما هو أعظم من العلة الأولى، وهي أنه وسيلة للغلو في تعظيم غير الرب سبحانه وتعالى كما حدث ذلك في قوم نوح – عليه السلام – من تصويرهم “ودّاً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً” فبعد أن أوحى الشيطان إليهم أن ينصبوا لهم أنصاباً ويسموها بأسمائهم دعا إلى تعظيم هذه الأنصاب، ثم عبدوها من دون الله فصارت العلة الثانية أعظم وأكبر من العلة الأولى، وإن كانت العلة الأولى هي التي كانت سبباً في حصول الثانية، ولذا جاءت شريعتنا بسد الذرائع المفضية إلى ما فيه خلل على عقائد البشر، وحرصاً منها على سلامة البشرية من الوقوع فيما يورثهم الشقاوة في الدنيا والآخرة.
ولكن هناك اعتراض قد يبديه البعض وهو أن هاتين العلتين خاصتان بما كان على هيئة يراد بها مشابهة الخالق سبحانه وتعالى وهو ما كان على هيئة تمثال وصنم ونحوه، مما كان منحوتاً فلا دخل لما كان مرسوماً باليد هنا.
فنقول وبالله التوفيق: قد صحت نصوص السنة بتحريم التصوير لذوات الأرواح كما جاء ذلك مصرحاً به في حديث عائشة – رضي الله عنها – السابق والشاهد فيه أنه – صلى الله عليه وسلم – غضب غضباً شديداً حينما رأى الستر الذي كان في بيتها – رضي الله عنها -وكان قد رسم عليه صوراً لذوات الأرواح، فما كان منه – صلى الله عليه وسلم – إلا أنه هتكه بيده وقطعه، وهذا يدل دلالة واضحة على النهي والابتعاد عن هذه الصور متى كان وضعها يشعر بتكريمها، لأن تكريمها يفضي إلى تعظيمها والغلو فيها، وقد جاءت شريعتنا كما ذكرنا بسد منافذ الشرك من جميع أبوابه وطرائقه.
ثالثاً: ومن العلل أيضاً في النهي عن التصوير أن هذه الصور تمنع من دخول الملائكة في المكان الموجودة فيه، دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم {إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة}([28]).
رابعاً: ومن ذلك أيضاً أن شريعتنا جاءت بالأمر بالمحافظة على المال وعدم إنفاقه فيما لا فائدة فيه كما فيه إسراف وهو محرم، ولا شك أن التحريم فيه أشد فأي مصلحة حاصلة بهذا التصوير الذي تنفق فيه هذه الأموال الطائلة، وهذا مشاهد، حيث جعلت معارض يستعرض فيها الفنانون قدراتهم على الرسم المحرم، بل وتباع فيه هذه اللوحات بأسعار خيالية لا يصدقها عاقل.
خامساً: ومن العلل أيضاً أن التصوير فيه نوع من التشبه باليهود والنصارى، وقد نهينا عن التشبه بهم، دليل ذلك حديث أم سلمه – رضي الله عنها – حينما ذكرت للرسول – صلى الله عليه وسلم – ما رأته في الكنسية التي بأرض الحبشة، وفيها من الصور فقال – صلى الله عليه وسلم – : {أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى}، فمن تشبه بهم في فعلهم هذا فقد جعل نفسه من شرار الخلق عند الله تبارك وتعالى([29]).

حكم النقش أو الرسم باليد:
(التصوير والصورة المسطحة)
تكلمت فيما سبق عن تعريف النقش، والرسم، والتصوير، والعلاقة بين هذه الثلاثة غير أنني أنبه على أمر مهم هنا، وهو أنني حينما أتكلم عن الرسم أو النقش باليد لا أعني به التصوير الفوتوغرافي، لأن هذا الأخير ورد فيه خلاف بين العلماء المعاصرين، فشيخنا ابن باز رحمه الله -، وكذا شيخنا صالح الفوزان وغيرهم يرون تحريمه إلا لضرورة أو حاجة، وهذا هو الراجح عندي أيضاً، أما شيخنا محمد الصالح العثيمين – رحمه الله – وشيخنا صالح اللحيدان وغيرهم فيرون جوازه، والخلاف بين القائلين بالجواز والمانعين منه معروف، لكن الذي سنبحثه هنا الرسم باليد، فلم يختلف فيه أحد منهم مع وجود الخلاف عند المتقدمين من الأمة في ذلك.
ونظراً لأن هذا الموضوع (الرسم باليد) مهم جداً، وبخاصة في هذا الوقت الذي يظهر فيه من يقوم به بأنه فنان، ومبدع، ويمجدون اسمه، ويرفعونه في المكانة المرموقة مع أنه عاصٍ لله ورسوله، فإن التصوير من أكبر الكبائر كما دلت على ذلك النصوص الشرعية، وقد ذكر بعض الفقهاء أن المصور لا تقبل شهادته، ونظراً لذلك سنتكلم هنا عن الآتي:
1. حكم الرسم أو النقش باليد فيما ليس ممتهناً.
2. حكم الرسم باليد فيما كان ممتهناً.
3. حكم رسم مقطوع الرأس.
4. حكم رسم الرأس فقط.

أولا: حكم الرسم أو النقش باليد فيما ليس ممتهناً:
المراد به هنا ما كان مرسوماً على الورق كما هو موجود في كتب المدارس، أو المنقوشة على الجدران، أو ما كان منقوشا على اللوحات، أو الرسوم على الستائر وغير ذلك مما لا يداس ولا يمتهن، فهذا النوع من الرسم ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، بل هو قول أكثر السلف إلى تحريم هذا لأنه من التصوير المسطح.
وذهب المالكية إلى القول بالكراهية في صناعة الصور المسطحة مطلقاً لكن استثنوا من ذلك ما كان ممتهناً فإنهم يرون عدم الكراهية له.
احتج من قال بالتحريم بالأدلة الواردة في لعن النبي – صلى الله عليه وسلم- للمصورين، وأن المصور يعذب يوم القيامة بأن يكلف بنفخ الروح في كل صورة صورها، قال النووي في شرحه على مسلم، وقال أصحابنا وغيرهم من العلماء تصوير الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء أصنعه بما يمتهن أم بغيره فصنعته حرام بكل حال، لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى وسواء أكان في ثوب أم بساط أم درهم أم دينار أم فلس أم إناء أم حائط أم غيرها، وأما تصوير صورة الشجر، ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم التصوير نفسه([30])
قلت: ومما ينبغي التنبه له أن هناك فرقاً بين من يقوم بالرسم أي مباشرة الرسم بيده، وبين من يأخذ الرسوم ويعلقها على حائط مثلا، أو يشتري الشيء المرسوم عليه ليستعمله، فالأول أي : الذي يقوم بالرسم هذا هو الذي جاءت نصوص الوعيد في حقه، أما الاتخاذ فنوع آخر ولذا قال النووي – رحمه الله- :” وأما اتخاذ المصوَّر فيه صورة حيوان، فإن كان معلقاً على حائط، أو ثوباً ملبوساً أو عمامة ونحو ذلك مما لا يعد ممتهناً فهو حرام، وإن كان في بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام ” فأنت ترى أن النووي يرى أن الرسم مطلقاً سواء أكان الرسام سيرسم ما كان ممتهناً أم غير ممتهن، فإنه حرام لأنه في الحقيقة يباشر الرسم المنهي عنه، أما الاتخاذ فبمعنى آخر فلو اشترى شيئا فيه صورة حيوان مثلاً أو إنسان وغيره مما له روح فهنا فرق بين ما يكون غير ممتهن وما يكون ممتهناً، فإن كان ممتهناً فقال إنه ليس بحرام، وإن كان غير ممتهن فإنه حرام، وسيأتي قريباً إن شاء الله بيان حكم ما كان ممتهنا.
قال ابن عابدين – رحمه الله – في رده على من جوز صناعة ما كان ممتهناً: “وأما الاحتجاج لإباحة صنع الصور المسطحة باستعمال النبي – صلى الله عليه وسلم – الوسادتين اللتين فيهما الصور، واستعمال الصحابة والتابعين لذلك، فإن الاستعمال للصورة حيث جاز لا يعني جواز تصويرها لأن النص ورد بتحريم التصوير ولعن المصور، وهو شيء آخر غير استعمال ما فيه الصور، وقد علل في بعض الروايات بمضاهاة خلق الله والتشبه به وذلك إثم غير متحقق في الاستعمال.” ([31])
قلت: والذي يظهر لمن كان له بصيرة بدينه بعد سياق الأدلة وأقوال أهل العلم أنه يعلم علماً يقيناً جازماً بتحريم الرسم، والنقش باليد لذوات الأرواح، ولا حجة لمن قال بكراهيته، أو بجوازه لأن الأدلة جاءت بالوعيد والتهديد كما ذكرنا ولذا كان التصوير المسطح كبيرة من كبائر الذنوب كما قال بعض أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: “وأما التصوير نفسه عملاً واستعمالاً فحرام في كل موضع لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {والذين يضعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال أحيوا ما خلقتم}. ثم ذكر الأدلة الدالة على تحريم التصوير، إلى أن قال – رحمه الله -: وإن كانت هذه الزيادة محفوظة ([32]) عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فالمراد بها – والله أعلم – ما رقم من الصور التي لا روح فيها، أو كان يوطأ ويداس من الصور في الثياب كما جاء ذلك مفسراً بالأحاديث الأخرى” ([33]).

أدلة من قال بالكراهية دون التحريم
مع مناقشة هذه الأدلة:
الدليل الأول: عن سهل بن حنيف – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: {لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة إلا رقماً في ثوب} ([34]) قالوا : وقوله (إلا رقماً في ثوب) جاء في رواية الحديث تفسيره حيث جاء فيها: {قال بسر: ثم اشتكى زيد فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم -: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: إلا رقما في ثوب؟ قالوا فهذا دليل واضح في جوازه مع الكراهية.
وللإجابة على هذا الاستدلال نقول:
أولاً: لقد ذكرنا فيما سبق أن هناك فرقاً بين مباشرة الرسم باليد، واستعمال المرسوم وذكرنا أن الرسم باليد لذوات الأرواح محرم، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب أما اتخاذ المرسوم واستعماله فهو الذي وقع فيه الخلاف بين أهل العلم.
ثانياً: أن الحديث ليس فيه تصريح بأن ما كان مرسوماً على الستر أنه من ذوات الأرواح، ويحتمل أن يكون من غيرها، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل سقط الاستدلال به.
ثالثا: قال النووي – رحمه الله – في شرحه لصحيح مسلم ويجمع بين الأحاديث بأن المراد باستثناء الرقم في الثوب ما كانت الصورة فيه من غير ذوات الأرواح، كصورة الشجر، ونحوها،([35]) وقال ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري: ويحتمل أن يكون ذلك قبل النهي كما يدل عليه حديث أبي هريرة الذي أخرجه أصحاب السنن([36])
قال ابن العربي: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام فتحرم بإجماع، وإن كانت رقماً في ثوب ففيها أربعة أقوال:
الأول: يجوز مطلقاً على ظاهر قوله في حديث الباب (إلا رقماً في ثوب).
الثاني:المنع مطلقاً حتى الرقم.
الثالث: إن كانت الصور باقية الهيئة قائمة الشكل حرم، وإن قطعت الرأس، أو تفرقت الأجزاء جاز، وهذا هو الأصح.
الرابع: إن كان مما يمتهن جاز، وإن كان معلقاً لم يجز([37]).
الدليل الثاني: قوله تعالى في الحديث القدسي { ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة} ([38])
قالوا في الاحتجاج به: بأن الله تعالى لم يخلق هذه الحياة سطوحاً بل اخترعها مجسمة.
من أسباب فهم وفقه الحديث معرفة سبب ذكره، وهذا الحديث ذكره أبو هريرة حينما رأى رجلا يصور صوراً في دار بالمدينة، وتمام الحديث كالآتي:
روى البخاري في صحيحه قال: حدثنا موسى، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عمارة، حدثنا أبو زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة داراً بالمدينة فرأى في أعلاها مصوراً يصور، قال: سمعت الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: {ومن أظلم من ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة …} الحديث.
فإننا نرى في قوله (مصوراً يصور) إشارة إلى أنه لم يكن ينحت، أو يجعل صنماً مجسماً، وإنما هو يصور صوراً على جدران هذه الدار وحيطانها، وهذه الصور بلا شك صورة مسطحة لا مجسمة، فاستدل أبو هريرة بهذا الحديث على تحريم التصوير باليد لما كان مسطحاً لعموم هذا الحديث، ولغيره من الأدلة الأخرى الدالة على تحريم التصوير لذوات الأرواح، إذاً فهذا الدليل حجة لمن قال بتحريم النقش باليد وكذا الرسم بها لما كان مسطحاً.
الدليل الثالث: ومن الأدلة أيضاً عند من قال بالكراهة دون التحريم حديث عائشة – رضي الله عنها- وفيه أنه كان في بيتها ستر فيه تماثيل فلما رآه النبي – صلى الله عليه وسلم – هتكه وقال: {أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله}([39])، قالت: فجعلته وسادة أو وسادتين، وفي رواية: كان يرتفق عليها النبي – صلى الله عليه وسلم-. وفي رواية قالت: كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: {حولي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا}([40]).
قالوا: وهذا فيه دليل على أن النبي – صلى الله عليه وسلم- استعمل هذه الصور في بيته لأن عائشة ما كان منها إلا أنها جعلته وسادتين لما رأت كراهية النبي – صلى الله عليه وسلم – لوجودها ستراً، ولم ينكر عليها النبي – صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولا شك أن الصورة باقية على الوسادتين.
قلت: وللإجابة على هذا الاستدلال أولاً نقول: نجيب بما قلناه سابقاً أن هذا من الخلط بين الأمور فهناك فرق بين الرسم واستعمال الرسوم، فالأول كما ذكرنا كبيرة من كبائر الذنوب، ومعصية عظيمة يقوم بها الرسام، أما استعمال الرسوم فهذا كما ذكرنا سابقاً أنه محل خلاف، والصحيح الذي لا شك فيه تحريم استخدامه وهو قول جمهور أهل العلم، وقد بينا ذلك سابقاً.
ثانياً : أن هذا الحديث احتج به من قال بجواز استعمال الصور إذا كانت ممتهنة كما سنذكره قريباً -إن شاء الله – أما الاحتجاج به في جواز الرسم باليد، واستعمال الصور المرسومة بها في غير امتهان فهذا لا يدل عليه الدليل، فأنت ترى قولها – رضي الله عنها – (هتكه) وقولها (فتغير لونه) وقولها (أتوب إلى الله) كل هذا فيه إشعار بأن هناك مخالفة لأمور قد حصلت، والمخالفة المقرونة بالغضب وتغير اللون منه دليل على أنها مخالفة عظيمة تستحق التوبة منها، ولذا لم ينكر عليها النبي – صلى الله عليه وسلم- (أتوب إلى الله)، إذ لو كان الأمر هيناً لقال لها : هوني على نفسك ولا حاجة إلى التوبة في ذلك فالأمر إذاً عظيم جداً، وكبيرة من كبائر الذنوب.
قلت: وهناك أدلة أخرى مما احتج بها هؤلاء على جواز النقش، أو الرسم باليد تركتها لأنها لا تخرج عما ذكرناه وكلها أدلة لا تخلو من الردود عليها.

صناعة الصورة على وجه الامتهان:
قبل أن نتعرف على أقوال العلماء في حكم هذا النوع من التصوير، نريد أن نتعرف على الامتهان هنا وحده، فنقول وبالله التوفيق:
أولا: الامتهان تعريفه في اللغة: يقال امتهن الشيء أي : احتقره وابتذله، فقولهم هذه صورة ممتهنة أي: محتقرة مبتذلة، أما حد الامتهان في الصور فيقال : هو ما كان في الأرض أو في بساط مفروش، أو فراش ونحو ذلك، فالفرق بين الممتهن وغير الممتهن أن الأخير ما كان منصوباً، والنصب المنهي عنه أيّ نصب في أي مكان كان سواء أكان هذا المكان مكان تكريم أم مكاناً مهاناً، كالحمام، وغيره بخلاف من قال بجوازه بالأماكن غير المكرمة، كالحمام، والممرات.
وقد ذكر بعض الشافعية أن الصور المهانة ما كانت نحو قصعة، وخوان، وطبق ([41]).
والذي يظهر لي أن هذا غير ممتهن، بل حد الممتهن ما كان على فراش يداس، أو ما يتكأُ عليه، ومما ذكره أيضاً بعض الشافعية أن من الممتهن الصور التي على النقود، كما ذكر ذلك الرملي حيث قال : ” وعندي أن الدنانير الرومية التي عليها الصور من القسم الذي لا ينكر لامتهانها بالإنفاق والمعاملة” ([42])
قلت: وهذا القول غير صحيح، فإن النقود التي عليها صور الملوك والحكام ما وضع أصحاب هذه الصور عليها إلا من أجل تعظيمهم وتشريفهم فكيف يقال بأنها مهانة، أما استعمال السلف لهذه الدنانير : فهو من أجل الحاجة والضرورة لهذه النقود، ولو وجد غيرها ما استعملوها فإنهم أبعد الناس من الوقوع في ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: حكم الرسم باليد لما يعد ممتهناً :
ذكرنا فيما سبق أن هذا لا يجوز بل هو كبيرة من كبائر الذنوب، لكن قد يقول قائل ممن يقوم برسم هذه الصور التي تعد ممتهنة بقياس صناعتها على نسج الحرير لمن يحل له، وذلك بجامع أنه يجوز استعمال كل من المقيس وهي الصورة الممتهنة، والمقيس عليه وهو لبس الحرير لمن يحل له، كذلك يجوز صناعة الصور الممتهنة، لأنه يجوز استعمالها وإبقاؤها داخل البيت على وجه الامتهان لها والابتذال([43]).
قلت: هذا استدلال غير صحيح لأمرين:
الأول: أن الأصل في نسج الحرير وصناعته هو الجواز، وذلك لأن النساء يجوز لهن لبسه مطلقا بخلاف التصوير فالأصل فيه التحريم إلا لضرورة فكيف نقيس ما كان أصله الجواز مع ما كان أصله التحريم؟
الأمر الثاني: أن هذا القياس قياس مع الفارق، لأن العلة مختلفة تماماً بين الأمرين، ومن المعلوم أن القياس لا يكون صحيحاً إلا إذا كانت العلة بين المقيس والمقيس عليه مشتركة بينهما، فأين ذلك هنا؟
فالعلة في التصوير معلومة كما ذكرنا ذلك سابقاً، وهي مضاهاة خلق الله ومشابهة فعل الخالق بالمخلوق، أما هذه العلة فلا توجد أصلاً في نسج الحرير وصناعته.
ومن هنا بطل الاستدلال بالقياس، ولا حجة لمن قال يجوز صناعة الصور لذوات الروح عموماً، بل القول بالتحريم هو الصحيح، وبه قال جمهور أهل العلم وهذه جملة من أقوالهم في هذه المسألة قال القرطبي – رحمه الله-: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم – المصورين، ولم يستثنِ، وقوله: {إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم} ولم يستثن، إلى أن قال – رحمه الله-: وفي البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم {أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون}. يدل على المنع من تصوير أي شيء كان ([44])
قلت : لكن استثنت الشريعة ما ليس له روح كما ذكر سابقاً.

ثالثاً: حكم استعمال الصور على وجه الامتهان:
ذكرنا فيما سبق أنه يحرم تصوير ذوات الأرواح مطلقاً على وجه الامتهان، أو على عدم الامتهان لكن هنا مسألة وهي هل يجوز استعمال الصور الممتهنة.
قلت: قد وقع خلاف بين العلماء في هذه المسألة. قال الطحاوي في معاني الآثار: (( فذهب ذاهبون إلى كراهية اتخاذ ما فيه صور من الثياب، وما كان يوطأ من ذلك ويمتهن، وكرهوا كونه في البيوت واحتجوا في ذلك بهذه الآثار([45])، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ما كان يوطأ ويمتهن فلا بأس وكرهوا ما سوى ذلك ))([46]).
قلت: ومن هنا يظهر لنا أن هناك خلافاً وقع بين أهل العلم في استعمال الصور الممتهنة، فمنهم من كرهها، ومنهم من أجازها.
القول الأول: من قال بالجواز. قال النووي – رحمه الله-: وإن كان في بساط يداس ومخدة أو وسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام ([47]) . وذكر أن هذا القول مروي عن جمهور أهل العلم من الصحابة، والتابعين . وهو قول النووي، ومالك، وأبي حنيفة، والشافعي .
وذكرنا كلام ابن العربي في ذلك حين قال : الرابع ((وإن كان مما يمتهن جاز، وإلا لم يجز)) ([48]).
وقال أيضاً في معاني الآثار بعد ذكر الأدلة في جواز استعمال ما يمتهن، قال: (فأما ما كان يوطأ ويمتهن فهو خارج من ذلك، وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد – رحمهم الله تعالى-) ([49]).
وقال ابن حجر في الفتح : ((وأن الذي رخص فيه من ذلك ما يمتهن لا ما كان منصوباً، وقد أخرج ابن أبي شيبة من طريق أيوب عن عكرمة قال: كانوا يقولون في التصاوير والبسط والوسائد التي توطأ ذلٌّ لها، ومن طريق عاصم عن عكرمة قال: كانوا يكرهون ما نصب من التماثيل نصباً، ولا يرون بأساً بما وطئته الأقدام. ومن طريق ابن سيرين عن سالم عن عبد الله، وعكرمة بن خالد، وسعيد بن جبير فرَّقهم أنهم قالوا لا بأس بالصورة إذا كانت توطأ. ومن طريق عروة أنه كان يتكئ على مرافق فيها تماثيل الطيور والرجال)) ([50]).
وقال في المنهاج: ((ويجوز ما على الأرض وبساط ومخدة ومقطوع الرأس، أو الصورة)) قال شارحه في مغني المحتاج: (ويجوز ما) أي صورة حيوان كائنة (على الأرض وبساط) يوطأ ويداس (ومخدة) يتكأ عليها وآنية تمتهن الصور باستعمالها، كطبق وخوان وقصعة، والضابط في ذلك إن كانت الصورة على شيء مما يهان جاز وإلا فلا ([51]).
وقال في حاشية ابن عابدين: (لو كانت الصورة على وسادة ملقاة، أو على بساط مفروش لا يكره لأنها تداس وتوطأ بخلاف ما إذا كانت الوسادة منصوبة، أو كانت على الستر لأنها تعظيم لها) ([52]).
قال شيخنا ابن باز – رحمه الله-: ( لا يجوز بقاء هذه التصاوير المشار إليها على حالها بل يجب قطع رأسها، أو طمسها ما لم تكن في بساط ونحوه مما يذل ويمتهن، فإنه لا بأس بتركها على حالها كما تقدم الدليل على ذلك من حديث أبي هريرة وعائشة) ([53]).
فهذه أدلة وأقوال من قال بجواز استعمال الصور الممتهنة.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعليقاً على هذا القول:هذا المذهب أوسط المذاهب في هذا الباب ([54]) .
وقال أيضاً: هذا أعدل المذاهب، وأوسطها في هذا الباب، وعليه أكثر العلماء، ومن حمل عليه الآثار لم تتعارض على هذا التأويل، وهو أولى ما اعتقد فيه([55]).
القول الثاني: من قال بكراهية استخدام الصور الممتهنة.
ذهب بعض أهل العلم إلى القول بكراهية استعمال التصاوير الممتهنة، واحتجوا لذلك بعموم الأدلة الواردة في النهي عن التصاوير، كحديث أسامة بن زيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة).
وقول جبريل أيضاً للنبي -صلى الله عليه وسلم-قال: {إنا لا ندخل بيتاً فيه صورة}، وعن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن الصور في البيت وعن الرجل يفعل ذلك. فقال زجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عن ذلك ([56]).
وأجابوا عن حديث عائشة بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هتك الستر، فلا يلزم منه وجود شيء من هذه التصاوير على الوسادتين، بل المعنى المتبادر هو محوها تماماً وذلك يفهم من قولها (فهتكه)([57])، بل جاء في حديث آخر أن عائشة قالت: اشتريت نمرقة فيها تصاوير، فلما دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرآها تغير ثم قال: {يا عائشة ما هذه؟}.
فقلت: (نمرقه اشتريتها لك، تقعد عليها), قال: (إنا لا ندخل بيتا فيه تصاوير) ([58]).
قالوا مما لا شك أنه مما يمتهن.
الراجح من القولين:
وبعد عرض أقوال وأدلة الفريقين يظهر لي:
أنه لا بأس باستعمال التصاوير الممتهنة مما توطأ وتداس، لكن هذا خلاف الأولى ولاسيما إذا كانت هذه الصور تمنع من دخول الملائكة على الصحيح لحديث عائشة -رضي الله عنها-، فمتى استطاع المسلم أن يتجنب ما فيه تصاوير من دخولها في بيته كان هذا هو الأولى والأحسن خروجاً من الخلاف.

رابعاً: صناعة الصور مقطوعة الرأس:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين، القول الأول وهو قول جمهور أهل العلم من الحنفية، والشافعية، والمالكية، والحنابلة، وغيرهم على أنه يجوز رسم، أو نقش الصورة مقطوعة الرأس.
قال ابن عابدين في حاشيته (أو مقطوعة الرأس، والوجه، أو لغير ذي روح لا يكره لأنه لا يعبد ) ([59]).
قال ابن عبد البر في الاستذكار: وقد قال قوم: ما قطع رأسه فليس بصورة وري ذلك عن ابن عباس وقالت به طائفة ([60]).
قال ابن حجر في الفتح: ونقل الرافعي عن الجمهور أن الصورة إذا قطع رأسها ارتفع المانع.
قلت : وقد استدل الجمهور بأدلة منها، ما رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {أتاني جبريل -عليه السلام- فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل،وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فُمر برأس التمثال الذي في البيت يُقطع، فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فليُقطع، فيجعل منه وسادتين منبوذتين توطأن، ومُرْ بالكلب فليُخرج} ففعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا الكلب لحسن أو حسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأُخرج([61]).
ومن أدلتهم أيضاً، ما جاء عن ابن عباس مرفوعاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: {الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فلا صورة}([62]).
القول الثاني: وهو أنه يحرم الرسم، أو النقش مطلقاً سواء أكان مقطوع الرأس أم لا.
قال القرطبي -رحمه الله- عند قول النبي -صلى الله عليه وسلم- {أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون}: يدل على المنع من تصوير أي شيء كان، وقد قال الله عز وجل: (مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا)([63]) ([64]).
قال في مغني المحتاج: (أو يحرم تصوير حيوان) للحديث الوارد لما فيه من مضاهاة خلق الله. قال المتولي: وسواء أعمل لها رأساً أم لا خلافاً لأبي حنيفة رضي الله عنه([65]).
واحتج من قال بالتحريم هنا بعموم الأدلة التي وردت في تحريم التصوير مطلقاً، فلم يستثنوا منها شيئاً.
قلت: والصحيح قول من قال بجواز الصورة مقطوعة الرأس لقوة الأدلة الواردة فيها، وبهذا قال الإمام البغوي -رحمه الله- حيث قال في شرح السنة تعليقاً على حديث جبريل المتقدم: الصورة إذا غيرت هيئتها بأن قطع رأسها، أو حلت أوصالها حتى لم يبق منها إلا أثر على شبه صورة فلا بأس([66]).

خامساً: صناعة أو رسم رأس صورة فقط:
اختلف الفقهاء هنا أيضاً في حكم رسم أو نقش رأس ذي روح فقط على قولين:
فذهب بعض الشافعية والحنابلة إلى القول بتحريم ذلك احتجاجاً بحديث جبريل عليه السلام وكذا حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- سالف الذكر: قلت: وقد جاء عن أبي هريرة ما يدل أيضاً على ذلك فعنه -رضي الله عنه- قال:الصورة الرأس فكل شيء ليس له رأس فليس بصورة ([67]).
وذهب آخرون وهم جمهور أهل العلم إلى القول بجواز صناعة، أو نقش الرأس دون سائر الأعضاء، وعللوا ذلك بأنه إذا قطعت صورة ذوات الأرواح مما لا تبقى حياة الحي بعد ذهابه كصدره أو بطنه، فإن ذلك لا يدخل تحت النهي عن التصوير الوارد في الأحاديث.
قلت: والصحيح في ذلك هو القول بتحريم رسم، أو نقش الرأس فقط لقوة الأدلة الدالة على ذلك وصراحتها في الاستدلال بها، ولأن هذه الأحاديث التي جاءت بقطع الرأس حصرت الصورة المحرمة بوجود الرأس، فوجب حمل الحكم عليها لإناطة الحكم بها دون ذكر الأعضاء الأخرى، قال شيخنا ابن باز – رحمه الله-: ويشتمل الحديث المذكور أيضاً على أن قطع غير الرأس من الصورة كقطع نصفها الأسفل ونحوه لا يكفي، ولا يبيح استعمالها، ولا يزول به المانع من دخول الملائكة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بهتك الصورة ومحوها وأخبر أنها تمنع من دخول الملائكة، إلا ما امتهن منها، أو قطع رأسه فمن ادعى مسوغا لبقاء الصورة في البيت غير هذين الأمرين فعليه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الصورة إذا قطع رأسها كان باقيها كهيئة الشجرة، وذلك يدل على أن المسوغ لبقائها خروجها عن شكل ذوات الأرواح، ومشابهتها للجماد، والصور إذا قطع أسفلها وبقي رأسها لم تكن بهذه المثابة لبقاء الوجه الذي فيه من بديع الخلقة والتصوير ما ليس في بقية البدن، فلا يجوز قياس غيره عليه عند من عقل عن الله ورسوله.
إلى أن قال -رحمه الله-: وبهذا يتبين لطالب الحق أن تصوير الرأس، وما يليه من الحيوانات داخل في التحريم والمنع لأن الأحاديث المتقدمة تعمه وليس لأحد أن يستثني من عمومها، إلا ما استثناه الشارع.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله-: وكذلك الحيوان إذا قطع رأسه، أو طمس لم يكن من الصور المنهي عنها . قيل لأحمد في الرجل يكتري البيت فيه تصاوير، يحكه ؟ قال : نعم،وقيل له: وإن دخل حماماً ورأى صورة حك الرأس؟ قال: نعم، وقال: إذا كان تمثالاً منصوباً يقطع رأسه ([68]). إلى أن قال رحمه الله وقد أومأ أحمد إلى ذلك فإنه سئل عن الستر يكون عليه صورة قال: لا، وما لم يكن له رأس فهو أهون، وإن كان له رأس فلا، وذلك لأن سائر الأعضاء أبعاض الحيوان ففي إبقائها إبقاء لبعض الصورة، لكن لما كان الحيوان لا تبقى فيه حياة بدون رأس،كان بمنزلة الشجر فزال عنه التحريم، وبقيت فيه الكراهية([69]).

سادساً: الرسم الكاريكاتوري:
تعريفه في نظري: هو رسم يقوم به من يسمى بالفنان بالتعبير عن سخطه لشخص ما ونحو ذلك، فيقوم برسم هذا الشخص بطريقة فيها نوع سخرية منه وذلك لإضحاك الآخرين عند رؤيتهم صورة هذا الشخص.
وهذا النوع من الرسم أشد تحريماً في نظري من غيره لأمرين:
الأول: أنه رسم لذي الروح، وقد جاءت الأدلة على تحريم ذلك كما ذكرنا.
ثانياً أنه فيه نوع سخرية من خلق الله تعالى-، وإهانة لهم ولذا كان التحريم فيه أشد.
فإن قال قائل: إن هذه الصورة الكاريكاتورية مشوهة الخلقة، ولا نظير لها في الواقع قلنا هذا تعليل باطل من وجوه:
الأول: أن هذا رسم باليد لذي روح، فإن كانت الصورة لذي روح فلا أثر لما تدعونه من كونها لا نظير لها.
الوجه الثاني: أن الشريعة جاءت ببيان معنى الامتهان، فكون الصورة مشوهة الخلقة لا يكفي في جوازها.
الوجه الثالث: أننا ذكرنا فيما سبق أن الرسم يحرم مطلقاً سواء أكان مما يمتهن أم لا ما دام لذي روح.

سابعاً: أقوال أهل العلم المعاصرين حول هذا الموضوع:
أولاً: رأي اللجنة الدائمة للإفتاء (في المملكة العربية السعودية).
سئلت اللجنة الدائمة عن حكم الإسلام في التصوير؟ فأجابت: الأصل في تصوير كل ما فيه روح من الإنسان، وسائر الحيوانات أنه حرام سواء أكانت مجسمة أم رسوماً على ورقة، أم قماش، أم جدران، أم كانت صورة شمسية لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من النهي عن ذلك، وتوعد فاعله بالعذاب الأليم ولأنها عهد جنسها أنه ذريعة إلى الشرك بالله بالمثول أمامها، والخضوع لها، والتقرب إليها، وإعظامها إعظاماً لا يليق إلا بالله تعالى-، ولما فيها من مضاهاة خلق الله، ولما في بعضها من الفتن كصور الممثلات والنساء العاريات، ومن يسمَّين ملكات الجمال وأشباه ذلك.
ومن الأحاديث التي وردت في تحريمها ودلت على أنها من الكبائر حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: {إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم}([70]). رواه البخاري ،ومسلم.
وحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول {إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون}([71]) رواه البخاري، ومسلم . وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول قال الله تعالى- {ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو يخلقوا شعيرة}([72]) رواه البخاري ومسلم . وحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلون وجهه، وقال: {يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله}، فقطعناها فجعلنا منه وسادة، أو وسادتين. رواه البخاري ومسلم.
(القرام : الستر. والسهوة : الطاقة النافذة في الحائط)
وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: {من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ}([73]) رواه البخاري ومسلم، وحديثه أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً تعذبه في جهنم}، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (فإن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر، وما لا نفس له) رواه البخاري ومسلم، فدل عموم هذه الأحاديث على تحريم تصوير كل ما فيه روح مطلقاً، أما ما لا روح فيه من الشجر، والبحار، والجبال، ونحوها فيجوز تصويرها كما ذكره ابن عباس -رضي الله عنهما-، ولم يعرف عن الصحابة من أنكره عليه، ولما فهم من قوله في أحاديث الوعيد (أحيوا ما خلقتم) وقوله فيها “كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ”.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([74]).

وسئلت اللجنة أيضاً: هل رسم ذوات الأرواح جائز إذا كانت على شرشف، أو صحن، أو سجاد، أو ما شابه ذلك من الأشياء؟ فأجابت اللجنة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فيحرم تصوير ذوات الأرواح سواء أكان على شرشف أم صحن أم سجاد أم غير ذلك، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([75]).

وسئلت اللجنة أيضاً:كنا قد بدأنا مشروع مجلة للأطفال المسلمين باسم ” أروى ” نرفق لكم نسخة منها وجاء من نثق به وبدينه يعترض علينا من جهة رسوم الأشخاص، علماً بأننا تحاشينا في عملنا رسم الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- والصحابة -رضوان الله عليهم-. ومع هذا جئنا بخطابنا هذا نستفتيكم بشرعية ما أقدمنا عليه راجين الرد السريع على رسالتنا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد فتصوير ذوات الأرواح مطلقاً حرام، ولو كانت صور غير الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وغير صور الصحابة -رضي الله عنهم- وليس اتخاذها وسيلة للتشويق والإيضاح مبرراً للترخيص فيها.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.([76])

وسئلت أيضاً: عن حكم الصيني الموجود عليه تصوير مع العلم أنه يترك ولا يستخدم إلا للضرورة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد..
فالأصل التحريم في تصوير ذوات الأرواح للأدلة الواردة في ذلك لكن إذا كانت الصورة مهانة أو مقطعة جاز استعمال ما رسمت عليه كالبساط، ونحوه. وباَلله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ([77]).
وسئلت أيضاً: عن حكم الرسم على السبورة رسوماً تخطيطية في عملية التعليم مع العلم أن الرسم عبارة عن أشكال حيوانات، ونباتات وحشرات في مادة التاريخ الطبيعي (الأحياء) وقد تكون هذه الرسوم مهمة في مادة التعليم.

فأجابت اللجنة قائلة:
ما كان من ذلك صوراً لذوات الأرواح كالحشرات وسائر الأحياء فلا يجوز ولو كان رسماً على السبورة، والأوراق، ولو كان القصد منه المساعدة على التعليم، لعدم الضرورة إليها لعموم الأدلة وما لم يكن من الأرواح جاز رسمه للتعليم وغيره ([78]).
وسئلت أيضاً: ما موقف المسلم من الصور التوضيحية التي في الكتب الدراسية، والكتب العلمية والمجلات الإسلامية النافعة، مع أنه لا بد من وجود هذه الصور للتوضيح وتقريب الفهم؟ فأجابت: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد..
فتصوير ذوات الأرواح حرام مطلقاً لعموم الأحاديث التي وردت في ذلك، وليست ضرورية للتوضيح في الدراسة، بل هي من الأمور الكمالية لزيادة الإيضاح، وهناك غيرها من وسائل الإيضاح يمكن الاستغناء بها عن الصور في تفهيم الطلاب والقراء، وقد مضى على الناس قرون وهم في غنى عنها في التعليم والإيضاح، وصاروا مع ذلك أقوى منا علماً وأكثر تحصيلاً، وما ضرهم ترك الصور في دراستهم ولا نقص من فهمهم لما أرادوا ولا من وقتهم وفلسفتهم في إدراك العلوم وتحصيلها، وعلى هذا لا يجوز لنا أن نرتكب ما حرم الله من التصوير لظننا أنه ضرورة وليس بضرورة لشهادة الواقع بالاستغناء عنه قروناً طويلة ([79]).

ثانياً: قول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: سُئل عن الرسم فقال:
«الرسم له معنيان أحدهما رسم الصور ذوات الأرواح وهذا جاءت السنة بتحريمه، فلا يجوز الرسم الذي هو رسم ذوات الأرواح، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: {كل مصور في النار}، وقوله -صلى الله عليه وسلم- { أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون الذين يضاهون بخلق الله} ولقوله -صلى الله عليه وسلم- {إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم} ولأنه -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور، فدل ذلك على تحريم التصوير، وفسر العلماء ذلك بأنه تصوير ذوات الأرواح من الدواب، والإنسان، والطيور. أما رسم ما لا روح له وهو المعنى الثاني، فهذا لا حرج فيه، كرسم الجبل ،والشجر، والطائرة، والسيارة، وأشباه ذلك لا حرج فيه عند أهل العلم، ويستثنى من الرسم المحرم ما تدعو الضرورة إليه، كرسم صور المجرمين حتى يعرفوا ويمسكوا، أو الصورة في حفيظة النفوس التي لا بد منها ولا يستطيع الحصول عليها إلا بذلك، وهكذا ما تدعو الضرورة إلى تصويره لخطورته ولقصد سلامة المسلمين من شره حتى يعرف أو لأسباب أخرى فلا بأس، قال الله عز وجل(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ 3)([80]) ([81]).
ثالثاً: قول شيخنا محمد الصالح العثيمين -رحمه الله-: سئل شيخنا محمد الصالح العثيمين -رحمه الله- سؤالاً جاء فيه: ما معنى جملة (إلا رقماً في ثوب) التي وردت في الحديث هل تدل على حل الصور التي في الثوب:
فأجاب -رحمه الله-: «إن رأينا في الحديث (إلا رقماً في ثوب) من النصوص المتشابهة، والقاعدة السليمة: يردُّ إلى المحكم، ولقوله تعالى: (منه آيات محكمات هن أم الكتب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنه وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)[آل عمران : 7].ويردُّ المتشابه إلى المحكم ولا يبقى فيه إشكال؟ فهذا الحديث (إلا رقماً في ثوب)، يحتمل أنه عام، رقماً: يشمل صورة الحيوان، وصورة الأشجار، وغير ذلك، فإنه محتمل لهذا، فإنه يحمل على النصوص المحكمة التي تبين أن المراد برقم الثوب ما ليس بصورة حيوان، أو إنسان حتى تبقى النصوص متفقة.
ونحن لا نرى ذلك والتفصيل فيما له ظل، وما ليس له ظل، لأن حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في صحيح مسلم أنه قال {يا أبا الهياج ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا صورة إلا طمستها}([82])

وسئل أيضاً رحمه الله سؤالاً جاء فيه:
فضيلة الشيخ / يطلب من الطالب في بعض المدارس أن يرسم صورة لذات روح، أو يعطى مثلاً بعض دجاجة، ويقال : أكمل الباقي، وأحياناً يطلب منه أن يقص الصورة ويلزقها على الورق، أو صورة يطلب منه تلوينها فما رأيكم في هذا؟
فأجاب رحمه الله: «الذي أرى في هذا أنه حرام يجب منعه، وأن المسؤولين عن التعليم يلزمهم أداء الأمانة في هذا الباب، ومنع هذه الأشياء، وإذا كانوا يريدون أن يثبتوا ذكاء الطالب بإمكانهم أن يقولوا: اصنع صورة سيارة، أو شجرة، أو ما أشبه ذلك مما يحيط به علمه، ويحصل بذلك على مدى ذكائه وفطنته وتطبيقه للأمور وهذا مما ابتلي به الناس بوساطة الشيطان، وإلا فلا فرق بلا شك في إجادة الرسم والتخطيط بين أن يخطط الإنسان صورة شجرة، أو سيارة … إلى أن قال والذي أرى أنه يجب على المسؤولين منع هذه الأشياء».

التصوير الفوتوغرافي
توطئة:إن مما تميزت به شريعتنا الغراء أنها صالحة لكل زمان ومكان فليس هناك نازلة في عصر من العصور إلا ولشريعتنا الإسلامية فيه حكم من عصر النبوة إلى هذه العصور المتأخرة زمناً المتقدمة تكنولوجياً وتفنياً وعلمياً، وهذا دليل على شمولية هذه الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
ولما كان التصوير الفوتوغرافي نوعاً من الاكتشافات الحديثة التي لم تكن موجودة ولا معروفة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة الأبرار رضي الله عنهم ولا في عهد ازدهار المدارس الفقهية وإنما اكتشف مؤخراً، ومن هنا فلا يمكن الحصول على رأي العلماء السابقين من أئمة الهدى والدين في هذه العصور المتقدمة نظراً لعدم وجوده في تلك الحقبة والمراحل الزمنية. ومن هنا نشأ الخلاف في حكم هذا النوع من التصوير.
ولما كان هذا النوع من التصوير من أكثر أنواع التصوير انتشاراً واستعمالاً في كثير من المجالات وخصوصاً في هذا العصر كان ولا بد من وقفة معه نبين فيه ما يأتي:
1) تعريفه.
2) نشأته ونشأة الخلاف فيه
3) حكمه ويتناول الآتي:
1. من قال بجوازه
2. من قال بعدم الجواز
3. الراجح عندي من القولين
4) فتوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله- فيه مع بيان وجه الخطأ في فهمها

التصوير الفوتوغرافي
تعريفـــه:
كلمة التصوير قد سبق الكلام عليها في المبحث الأول. أما كلمة (فوتوغرافي) فهذه الكلمة ليست بعربية لكنها مشتقة من اليونانية ترجمتها (ضوء وأنا أرسم).
ومن هنا يكون التعريف العربي لهذه الكلمة “التصوير الشمسي” أو “التصوير الضوئي”

نشـأته :
ذكرنا آنفاً أن هذا النوع من التصوير لم يكن موجوداً ولا معروفاً من قبل وإنما اكتشف في هذه العصور المتأخرة، فقد قيل بأنه اكتشف في عام (1839 م) على يد رجل انجليزي، ذكر ذلك عدد من الباحثين ممن كتب في هذا المجال.

نشأة الخلاف فيه:
لما كان هذا النوع من التصوير نشأ في هذه العصور المتأخرة وكما ذكرنا في التوطئة نشأ الخلاف بين العلماء، فمنهم من قال بجوازه ومنهم من قال بتحريمه.
فالذين قالوا بالجواز قالوا بأن الآلة التي تسمى (الكاميرا) هي التي تلتقط الصورة التي توجه إليها عن طريق نقل الأضواء الظلال الواقعة على الجسم وطبعها على ألواح بلاستيك شفافة (الشريط) ثم يعاد طبع الصورة على ورق عن طريق تمرير ضوء من خلال هذا اللوح أو الشريط البلاستيكي.
ومن هنا قالوا بأن هذه الصورة ليست صورة فنية يراد بها إثبات مقدرة الفنان أو الرسام أو المصور. وإنما القدرة هنا قدرة الآلة الممثلة في العدسات التي يمر خلالها الظلال والأضواء. فكانت الآلة هنا هي القائمة بالتصوير، ولا يمكن أن يقال بأن الذي اخترع هذه الصورة أو ابتدعها هو الإنسان، ومن هنا أجازها بعض العلماء كما سنذكره إن شاء الله.
لكن الأمر لم ينته بعد ببيان ما استدل به من قال بالجواز بل جاء بعض أهل العلم فجعلوه من جملة التصوير الذي جاءت الشريعة بالنهي عنه فهو لا يعدو عن كونه نوعاً من أنواع التصوير الممنوع، ولذلك فإنه يسمى تصويراً لغة وشرعاً وعرفاً، ومن هنا نشأ الخلاف بين العلماء في القول بالجواز والتحريم .

من قال بالتحريم:
ذهب إلى القول بالتحريم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- وكذا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله- وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان والعلامة الألباني -رحمه الله-، وبالتحريم أيضاً أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية وغيرهم كثير من أهل العلم المعاصرين.
وقد استدل هؤلاء بأدلة منها:
أولاً: أنه لا يخرج هذا النوع من التصوير عن كونه نوعاً آخر منه، فهو وإن كانت طريقة التصوير مختلفة فإنه لا يخرج عن كونه تصويراً شرعاً وعرفاً.
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله-: وقد زعم بعض مجيزي التصوير الشمسي أنه نظير ظهور الوجه في المرآة ونحوها من الصقيلات وهذا فاسد فإن ظهور الوجه ونحوها شيء غير مستقر، وإنما يرى بقاء المقابلة، فإذا فقدت المقابلة فُقِدَ ظهور الصورة في المرآة ونحوها، بخلاف الصورة الشمسية فإنها باقية في الأوراق ونحوها مستقرة، فإلحاقها بالصورة المنقوشة باليد أظهر وأوضح وأصح من إلحاقها بظهور الصورة في المرآة ونحوها … إلى أن قال رحمه الله: ومصور الصورة الشمسية مصور لغة وشرعاً وعقلاً ([83]).
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما نصه:
التصوير الفوتوغرافي الشمسي من أنواع التصوير المحرم فهو والتصوير عن طريق النسيج والصبغ بالألوان والصور المجسمة سواء في الحكم، والاختلاف في وسيلة التصوير وآلته لا يقتضي اختلافاً في الحكم، وكذا لا أثر للاختلاف فيما يبذل من جهد في التصوير صعوبة وسهولة في الحكم أيضاً وإنما المعتبر الصورة فهي محرمة وإن اختلفت وسيلتها وما بذل فيها من جهد ([84]).
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-:
واختلف علماء العصر في التصوير الشمسي، هذا النوع الذي يكون بواسطة الكاميرا فبعضهم قال: إنه ليس بتصوير وإنما هو إمساك الظل وتسامح في ذلك، والبعض من أهل العلم وهم أهل البصيرة والتحقيق على أنه تصوير وأنه لا يجوز وأن حكمه حكم التصوير باليد الفني المعروف، فهذا التصوير لا يجوز لذوات الأرواح إلا لحاجة أو ضرورة كالتابعية أو تصوير الجناة لمعرفتهم واتقاء شرهم أو لقيادة السيارة للحاجة، هذا إذا دعت الحاجة إليه ولم يتيسر له استخراج تابعية أو رخصة إلا بالصورة فنرجح أنه لا حرج عليه للضرورة ([85]).
قال الشيخ محمد على الصابوني: أقول: إن التصوير الشمسي (الفوتوغرافي) لا يخرج عن كونه نوعاً من أنواع التصوير، فما يخرج بالآلة يسمى (صورة) والرجل الذي يحترف هذه الحرفة يسمى في اللغة والعرف (مصوراً) فهذا وإن كان لا يشمله النص الصريح لأنه ليس تصويراً باليد وليس فيه مضاهاة لخلق الله إلا أنه لا يخرج عن كونه ضرباً من ضروب التصوير فينبغي أن يقتصر في الإباحة على (حد الضرورة)([86]).

ثانياً: (ومن الأدلة أيضاً على تحريمه) : وجود العلة المانعة من التصوير وهي المضاهاة ومشابهة خلق الله هي أيضاً موجودة في التصوير الفوتوغرافي بل وجودها في هذا النوع من التصوير أكثر وأعظم من وجودها في التصوير باليد فكان التحريم فيها أشد من غيرها.
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم-رحمه الله-: فإن التصوير الشمسي وإن لم يكن مثل المجسد من كل وجه فهو مثله في علة المنع وهي إبراز الصورة في الخارج بالنسبة إلى المنظر ([87]).
وقال أيضا: بل الضوئي أشد فتنة من المجسم فإنه يأتي بشكل الأصل أتم وأكمل من غيره ([88]).
ثالثاً: ومن الأدلة أيضاً على دخول التصوير الفوتوغرافي فيما يحرم من أنواع التصوير؛ أن هذا النوع من التصوير ما هو إلا تطوير للتصوير اليدوي مما تطورت سائر المهن والصناعات، ومن المعلوم أن الاختلاف في وسيلة التصوير لا يقتضي اختلافاً في الحكم .
قال الأمين الحاج محمد أحمد في رسالته “حكم التصوير في الإسلام” : وما التصوير الفوتوغرافي إلا تطور لمهنة التصوير كما تطورت جميع المهن والصناعات، فالسيارة في الماضي كانت تصنع جميع أجزائها باليد أما الآن فقد حلت المكائن والآلات محل الأيدي، فكذلك الأمر بالنسبة (للكاميرا) فما هي إلا تطور لحرفة التصوير، فالتصوير حرام سواء كان باليد أو بأي آلة من الآلات، فالرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم وقد نهى عن التصوير بصفة عامة ليكون قوله حجة على العالمين إلى يوم يبعثون وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما، وقد سئل عن الباذق ([89])، أمسكر هو؟ فقال: لقد سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق، فما أسكر فهو حرام ([90]).
فنحن نقول لقد سبق محمد صلى الله عليه وسلم تصويركم الفوتوغرافي وغيره وأوتي جوامع الكلم، فهل هذه الصور الفوتوغرافية تسمى صوراً أم لا؟ فإن كانت تسمى صوراً فهذا حرام، وهذا الذي تناوله الوعيد والتهديد السابق، وإن لم تسم صوراً فهذا أمر آخر ([91]).
رابعاً: ومن الأدلة أيضاً أن القول بتحريم هذا النوع من التصوير أحوط وأبعد عن الوقوع في المحرم، هذا على اعتبار الخلاف الحاصل في هذا النوع، وإلا فالقول بالتحريم أظهر لعموم الأدلة كما ذكرنا طرفاً منها.
هذه بعض أدلة من قال بالتحريم.

القول الثاني: من قال بعدم التحريم
ذهب إلى القول بجواز هذا النوع من التصوير عدد من العلماء منهم شيخنا محمد الصالح العثيمين-رحمه الله-، وشيخنا صالح اللحيدان-حفظه لله- والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وغيرهم من أهل العلم المعاصرين.
أدلة من قال بعدم تحريم هذا النوع من التصوير؛
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-: الصور الفوتوغرافية الذي نرى فيها أن هذه الآلة التي تخرج الصورة فوراً وليس للإنسان أي عمل، نرى أن هذا ليس من باب التصوير وإنما هو من باب نقل صورة صورها الله عز وجل بواسطة هذه الآلة فهي انطباع لا فعل للعبد فيه من حيث التصوير، والأحاديث الواردة إنما هي في التصوير الذي يكون بفعل العبد ويضاهي به خلق الله.
ويتبين لك ذلك جيداً بما لو كتب لك شخص رسالة فصورتها في الآلة الفوتوغرافية فإن هذه الصور التي تخرج ليست هي من فعل الذي أدار الآلة وحركها، فإن هذا الذي حرك الآلة ربما يكون لا يعرف الكتابة أصلاً والناس يعرفون أن هذه كتابة الأول والثاني ليس له أي فعل فيها ولكن إذا صور هذا التصوير الفوتوغرافي لغرض محرم فإنه يكون حراماً تحريم الوسائل([92]) .
قلت: وجملة ما استدل به من قال بإباحة التصوير الفوتوغرافي ما يأتي.
أدلة من قال بجواز التصوير الفوتوغرافي:
أولاً: أن التصوير الفوتوغرافي ليس تصويراً بالمعنى الذي جاءت نصوص الشرع بالوعيد عليه وبالنهي عنه، فالتصوير بالآلة الفوتوغرافية ليس فيه تشكيل ولا تخطيط ولا تفصيل وإنما هو نقل شكل شكله الله.
والأصل في الأعمال غير التعبدية الحل إلا ما أتى الشرع بتحريمه.
ثانياً: ومن الأدلة أيضاً على عدم التحريم:
ما جاء من الاستثناء في قوله صلى الله عليه وسلم {إلا رقماً في ثوب} فقالوا بأن التصوير الشمسي يقاس على جواز الرقم في الثوب.
يقول السايس في كتابه آيات الأحكام: ولعلك تريد بعد ذلك أن تعرف حكم ما يسمى بالتصوير الشمسي أو (الفوتوغرافي) فنقول: يمكنك أن تقول أن حكمها حكم الرقم في الثوب وقد علمت استثناءه نصاً ولك أن تسمي ذلك ليس بتصوير بل حبس للصورة وما مثله إلا كمثل الصورة في المرآة، لا يمكنك أن تقول إن ما في المرآة صورة وإن أحداً صورها والذي تضعه آلة التصوير هي صورة في المرآة، غاية الأمر أن مرآة الفوتوغرافي تثبت ([93]).

ثالثاً: أن العلة الواردة في النهي عن التصوير هي مضاهاة خلق الله منتفية في هذا النوع من التصوير.
قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق:
لا يزعم الزاعم أن صورة آلة التصوير مضاهاة لخلق الله بل هي انعكاس على الورق أو أي سطح آخر ولا تتدخل القدرة الفنية هنا بكثير أو قليل إلا من حيث إتقان الفنان وضع الآلة أو توضيحها وإلا فإبراز الصورة إنما هو بفعل المرآة والعدسات والأضواء الساقطة … إلى أن قال.
وهكذا نعلم أن مسألة المضاهاة والعدوان على اسم الله المصور منتفية هنا قطعاً([94]).
وهناك أدلة أخرى ذكرها من قال بجواز هذا النوع من التصوير نصفح عن ذكرها مخافة التطويل ولكن خلاصة الأمر هنا أن هناك من أجاز هذا النوع من التصوير بما ذكرناه من آلة وغيرها مما لم نذكره.

مسألة هامة
هناك أمر لا بد من ذكره وهو أن من قال بجواز هذا النوع من التصوير اشترطوا لجوازه شروطاً منها: أن لا تشتمل الصورة الفوتوغرافية على محرم، وذلك كأن يكون وضع الصورة على حال ينافي الأخلاق والقيم الإسلامية. أو كانت الصورة على وضع ينافي أسس العقيدة الإسلامية وأصولها مثل الصور التي تحمل في طياتها شعاراً كفرياً وأهله أو كان مضمونها سخرية واستهزاء بالدين وأهله، أو كان الهدف منها تعظيم المصور تعظيماً دينياً أو دنيوياً لبعض العلماء أو الزعماء أو غير ذلك من الأسباب التي تجعل الصورة تخرج عن أصلها وحدها المباح إلى ما سوى ذلك من التحريم، ولهذا فإن الصورة لأي غرض من الأغراض المذكورة وما شابهها تكون محرمة.

قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وهو ممن يرى جواز التصوير الفوتوغرافي: ومن أجل ذلك فنحن نقول لا يجوز بتاتاً تصوير الزعماء والرؤساء ونصب صورهم في الدوائر والميادين لأن هذا من أعظم دواعي الشرك بالله سبحانه وتعالى، وهذا بالطبع لا يجوز فعله بقدرة الفنان أو بآلة التصوير فكلا الأمرين غير جائز، لأن العلة في نصب صور الزعماء والرؤساء السياسيين والدينيين باقية إلى أن قال: والشاهد أن صورة الآلة والصورة المصنوعة بقدرة الفنان والمصور سواء في الحرمة إذا كان القصد منها تعظيم رئيس من الرؤساء أو زعيم من الزعماء ونصب هذه الصورة وتعليقها حرام لأن هذا ذريعة إلى تعظيم غير الله بل هو من تعظيم غير الله سبحانه وتعالى ([95]).

الراجح عندي من القولين:
هذه المسألة مما عمت به البلوى وأصبحت الصور تدخل البيوت دون رقيب أو حسيب عن طريق الصحف والمجلات والكتب والأشرطة وغيرها، وأصبح لزاماً على الشخص لاستخراج بطاقة أو جواز أو طلب عمل في مؤسسة أو شركة أو دائرة حكومية أن يقع في التصوير، ولذا فالذي يترجح لي أن التصوير بكل أشكاله وأنواعه محرم ولا يجوز إلا ما دعت إليه الضرورة والحاجة.
فالضرورة كالبطاقة والرخصة وغيرها، والحاجة كالتوثيق وإعداد البرنامج الخاص والعام مما يحتاج إليه الناس في حياتهم اليومية.
أما تصوير المرأة فمحرم ولا يجوز، وليس هناك ضرورة ولا حاجة تستدعي ذلك والبطاقات الممغنطة التي تعمل بها بعض الدول الأوروبية كفيلة بحل بطاقة المرأة.
وعلى كل حال فالتصوير بعضه أهون من بعض والنظر إلى الصورة عند التصوير والمصوِّر أشد جرما من المصَوَّر-صاحب الصورة.
وأسأل الله أن يغفر لنا ويتجاوز عنا ما يقع من الزلل في هذا الباب.

جوال الكاميرا

حرصت شريعة الإسلام الغراء كل الحرص على حفظ حرمات الأشخاص وخصوصياتهم من أن تنتهك بأي صورة من الصور، أو شكل من الأشكال، ورتبت على ذلك أموراً كثيرة تحفظ لكل مسلم ومسلمة خصوصياته وكرامته وأسراره؛ فقد جاء النهي صريحاً عن التجسس وتتبع عورات المؤمنين والمؤمنات، وانتهاك الحرمات قال الله جل وعلا:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}([96]) فهذه الآية تحذر كل من تسول له نفسه أن يعبث بقيم وأخلاق الآخرين.
وقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا…}([97]).
وهنا توضح هذه الآية السياج القوي حول حرمات الأشخاص وحقوقهم وحرياتهم، وأنه لا يجوز أن تمس من قريب أو بعيد تحت أي ذريعة أو ستار، فلا يحل الإطلاع على عورات المسلمين أو نشر عيوبهم، أو انتهاك حرماتهم، وكشف أسرارهم، وهذا ما جاءت السنة تؤكد عليه وتوضحه قال صلى الله عليه وسلم [إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً]([98]).
ويتوعد رسولنا صلى الله عليه وسلم أولئك الذين يتتبعون عورات الناس ويبحثون عن معايبهم فيقول:[يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته]([99]).
وهكذا يعيش المجتمع المسلم آمناً مطمئناً تصان فيه الأعراض، ويحافظ فيه على الأسرار، ولا تنتهك الحرمات.
والتكنولوجيا الحديثة وجدت لخدمة الإنسان وراحته، وتيسير أمور حياته في مختلف مجالاتها، وكل مخترع حديث له محاسن ومساوىء مثل الهاتف والإنترنت وغيرها، ففيها من المنافع تعريف الناس بما ينفعهم في أمور معاشهم ومعادهم، وفيها نشر العلوم الشرعية وغيرها، وبثها لأكبر شريحة متلقيه، وبالمقابل فيها من المساوىء الكثير حيث استخدمت للإساءة للآخرين، ونشر المعايب، والكذب، والبهتان، ونشر الباطل، وتزيين الشر وتيسيره للناس، وكسر الحواجز التي كانت تمنع الناس وتردعهم عن الوقوع في المحاذير الشرعية.
ومن هذه الأجهزة الحديث التي اخترعت حديثاً جهاز ( الجوال )، وقد أفاد الناس منه كثيراً، وانتفعوا به ويسَّر عليهم كثيراً، وخدمهم لقضاء حوائجهم خدمة كبيرة، لكن هذا النفع سرعان ما تكدر لحرص الأعداء على إفساد حياة الناس وبث الشرور بين المسلمين؛ فاخترعوا في هذا الجهاز ( كاميرا صغيرة ) تستطيع التصوير دون أن يعلم الطرف الآخر، وهذا الجوال الذي انتشر انتشاراً هائلاً في أوساط الصغار والكبار، الذكور والإناث جاء بسلبياته وإيجابياته، لكن سرعان ما أسيء استخدامه من قبل الكثيرين في تصوير النساء وهن بأكمل صورة وأجملها لاسيما في المناسبات الخاصة والعامة والمدارس والكليات، ثم ما تلبث هذه الصور فترة حتى تنزل بالإنترنت، وتنتشر على مستوى كبير.
إن هذا الاستخدام السيء جعل كثيراً من البيوت والأسر تمنع من تحت يدها من حضور كثير من المناسبات حفاظاً على شرفهم، وصيانة لأعراضهم، وحماية لكرامتهم.
لقد وصل الحال ببعض ضعاف النفوس من تركيب صور بعض الفتيات مع صورته بطريقة سيئة، وبث هذه الصورة في الإنترنت مما تسبب في انهيار هذه الفتاة لما رأت الصورة، وإصابتها بحالة نفسية حادة أدى إلى فقدان عقلها.
وقد خلَّف هذا الجوال ـ الذي يحمل بين طياته كاميرا ـ آثاراً بليغة منها:
ـ التفريق بين الأزواج، وخراب البيوت.
ـ انصراف الشباب عن الزواج فيمن تنشر صورتها بأي وسيلة من الوسائل لا سيما إذا انتشرت عبر الإنترنت واطلع عليها آلاف الناس.
ـ استعمال العبارات الشائنة، والكلمات التي تخدش الحياء.
ـ إضعاف الوازع الديني عند كثير من الشباب والفتيات حتى وصل الحال باستعمالهم لهذه الصور استعمالاً قبيحاً لا يكاد يخطر على بال.
ـ الاعتداء على الحياة الخاصة للآخرين، وانتهاك حرماتهم وتتبع عوراتهم.
ـ إشاعة الفاحشة بين الناس، وصدق الله العظيم:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}([100]).
ـ استخدام هذه الصور استخداماً سيئاً في هدم الأسر والبيوت من باب النكاية بالآخرين، والكيد لهم، والتحدي لمشاعرهم.
وهنا أوصي إخواني وأخواتي فأقول:
إن انتشار هذه الجوالات واستخدامها بهذه الصورة المزرية يحتاج منا ومن كل غيور مخلص لدينه حريص على حماية مجتمعه ووطنه أن نواجه هذا الطوفان، لأن تردي الأخلاق في أي مجتمع هو نذير شؤم بهلاكه.
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هُموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ولعل أول طريق للتصدي والعلاج:
ـ أن نعلم أولادنا بنين وبنات معنى الطهر والعفاف، وأن نربيهم على الفضيلة ومكارم الأخلاق، ولو أن كل رب أسرة تابع وراقب واجتهد لأوجد سياجاً آمناً تتمتع به الأسرة ولا يستطيع ـ بحول الله ـ ذئاب البشر اختراق هذا السياج.
ـ وأيضاً الحرص على غرس الأخلاق الفاضلة، وبث معاني التربية الحقة في نفوس النشء بنين وبنات عن طريق الأب والأم، والمعلم والمعلمة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول:[إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق].
ـ وأيضاً نوصي أولياء الأمور بعدم فتح الباب لمن تحت أيديهم في شراء هذه الأجهزة وتداولها لأن بداية الشرّ سهلة، لكن نهايته خطيرة، والنار تشتعل من مستصغر الشرر، وعلى قدر تفريط الأبوين بقدر ما تحصل العواقب الوخيمة للأولاد والبنات.
ـ وأيضاً متابعة الأبناء والبنات في مراحل سن المراهقة، وتوجيههم إلى الفضائل، وترك الرذائل، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول:[كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ….. والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته].
ـ وأيضاً التشديد في دخول هذه الأجهزة وبيعها، ووضع الرقابة الصارمة على ذلك، والجزاء الرادع للمخالف.
ـ عدم التساهل مع المحارم في حضور المناسبات العامة إلا بعد التأكد من خلوها من هذه الأجهزة، ووضع رقابة دقيقة عند الأبواب، والقيام بحملات تفتيش مستمرة في المناسبات والمدارس.
ـ منع هذه الأجهزة منعاً باتاً في المدارس والكليات للبنين والبنات.
ـ وضع جزاءات رادعة من قبل الجهات الأمنية لأي فرد يخالف التعليمات أو يسيء للآخرين، وذلك بالغرامة المالية الباهظة، والسجن الطويل، وعدم قبول الشفاعة في مثل هذا الأمر، ولو طُبق ذلك بكل حزم وصرامة لما حصلت هذه الأمور التي تخل بالشرف وتخدش الحياء.
وبهذا تعلم أيها القارىء الكريم أن هذا الجهاز فيه من المحاذير الشرعية أضعاف ما فيه من الإيجابيات، ولذا فالحكم عليه تَبعٌ لاستخدامه، وقد بسطنا حكم التصوير فيما سبق، ويزيد عليه هذا الجوال ما أشرنا إليه من المحاذير الكثيرة.
فليتق الله كل مؤمن ومؤمنة، وليعلم أن كل حركة وسكون مسجلة عليه، وسيكون الحساب عسيراً، وإذا غابت أعين الرقيب من البشر لحظة فعين الله لا تنام.
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
فلنحرص جميعاً على ما ينفعنا، ولنبتعد عما فيه ضررنا وضرر مجتمعنا، وهدم أخلاقنا، فسفينة المجتمع تسير بأمان، والويل كل الويل لمن يخرقها أو يحاول إغراقها.
وفقنا الله لكل خير، ويسَّر لنا سبل الاستقامة، ورزقنا الحياء والعفة والكرامة.

فتوى الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-
حول التصوير الشمسي مع بيان وجه الخطأ في فهمها.

ذكرنا فيما سبق بعض ما ذكره الشيخ حول التصوير الفوتوغرافي لكن البعض هداهم الله قد أخطأوا في فهم فتواه فقولوا الشيخ ما لم يقله فقالوا بأن التصوير الشمسي مباح مطلقاً دون قيود تقيده، ومن هنا ظهرت صورهم وانتشرت في البيوت والرحلات للذكرى وغيرها مما توسع فيه كل ذلك بناء على ما فهموه حول هذا الموضوع أعني موضوع التصوير الشمسي، وبياناً للحق ودفاعاً عن شيخنا في هذا الأمر سأذكر جملة مما قاله مع بيان مراده-رحمه الله- في هذا الجانب المهم.
قال-رحمه الله-: الحالة الثالثة:
أن تلتقط الصور التقاطاً بأشعة معينة بدون أي تعديل أو تحسين من الملتقط فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين.
فالقول الأول: أنه تصوير، وإذا كان كذلك فإن حركة هذا الفاعل للآلة يعد تصويراً، إذ لولا تحريكه إياها ما انطبعت هذه الصورة على هذه الورقة ونحن متفقون على أن هذه صورة فحركته تعتبر تصويراً فيكون داخلاً في العموم.
القول الثاني: أنها ليست بتصوير، لأن التصوير فعل المصور وهذا الرجل ما صورها في الحقيقة وإنما التقطها بالآلة والتصوير من صنع الله… إلى أن قال رحمه الله وهذا القول أقرب لأن المصور بهذه الطريقة لا يعتبر مبدعاً ولا مخططاً، ولكن يبقى النظر هل يحل هذا الفعل أم لا؟
والجواب: إذا كان لغرض محرم صار محرماً وإذا كان لغرض مباح صار مباحاً لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وعلى هذا فلو أن شخصاً صور إنساناً لما يسمونه بالذكرى سواء كانت هذه الذكرى للتمتع بالنظر إليه أو التلذذ به أو من أجل الحنان والشوق إليه فإن ذلك محرم ولا يجوز لما فيه من اقتناء الصور، لأنه لا شك أن هذه صورة ولا أحد ينكر ذلك.
وإذا كان لغرض مباح كما يوجد في التابعية والرخصة والجواز وما أشبه ذلك فهذا يكون مباحاً.
فإذا ذهب الإنسان الذي يحتاج إلى رخصة إلى هذا المصور الذي تخرج منه الصورة فورية بدون عمل ولا تحميض ولا غيره وقال صورني، فصوره فإن هذا المصور لا نقول إنه داخل في الحديث أي حديث الوعيد على التصوير.
أما إذا قال صورني لغرض آخر غير مباح صار من باب الإعانة على الإثم والعدوان ([101]).
وفي سؤال وجه إليه حول حكم تعليق الصور على الجدران قال-رحمه الله-: تعليق الصور على الجدران لاسيما الكبيرة منها حرام حتى وإن لم يخرج إلا بعض الجسم والرأس، وقصد التعظيم فيها ظاهر وأصل الشرك هو هذا الغلو كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في أصنام قوم نوح التي يعبدونها إنها كانت أسماء رجال صالحين صوروا صورهم ليتذكروا العبادة ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
وفي إجابة أخرى حول اقتناء الصور للذكرى قال: اقتناء الصور للذكرى محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة وهذا يدل على تحريم اقتناء الصور في البيوت والله المستعان([102]).
وسئل أيضاً -رحمه الله- سؤالاً جاء فيه:
سؤال: أصبحت الصورة وسيلة هامة من وسائل الإيضاح في عصرنا الحاضر وخاصة في الصحف والتلفزيون فما الحكم الشرعي في اقتناء الصور لاسيما صور توضح مثلاً المذابح التي يتعرض لها المسلمون في أفغانستان؟
أجاب-رحمه الله-فقال: إن اقتناء الصور مطلقاً سواء كانت وسيلة اتخاذها اليد أو الآلة التي تلتقط الصور لا يجوز إلا أن تقتنى لحاجة أو ضرورة. على أن بعض أهل العلم المعاصرين يقولون: إذا كان في حفظها مصلحة وهي دون الحاجة والضرورة فإنه لا بأس بحفظها، لكن كلما ابتعد عن ذلك فهو أفضل، لأن اقتناء الصور في غير ما يمتهن لا يجوز إذ إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ([103]).
ومما سئل فيه أيضاً-رحمه الله-سؤالاً عن حكم صور الحيوانات لتعليم الأطفال بداية الحروف فأجاب رحمه الله بقوله:
لا بأس من أن يبين للطلبة هذه الحروف بشرط أن يقطع رأسه فيجعله بعيراً بدون رأس ([104]).
قلت: فهذه جملة من فتاوى الشيخ حول موضوع التصوير الفوتوغرافي ومن نظر لما ذكره الشيخ يجد أنه-رحمه الله- لم يجعل التصوير مطلقاً بل قيده للحاجة والضرورة، فمتى وجدت الحاجة والضرورة صار التصوير مباحاً وذكر أمثلة لذلك، كالتصوير من أجل الرخص والتابعية وغيرها مما أصبح يمثل حاجة للناس، وكذا التصوير من أجل القبض على المجرمين ممن يسعون في الأرض فساداً كل هذا مما أجازه الشيخ.
أما التصوير من أجل الذكرى أو من أجل تعليق هذه الصورة على الجدران كل هذا مما أفتى الشيخ بعدم جوازه حتى مجرد الاقتناء دون التعليق قال الشيخ بأن الأفضل الابتعاد عنه فكون البعض يخطئ في فهم فتاوى الشيخ وينسب القول له هذا من الظلم وقول على الشيخ بما لم يقله فالفتوى شيء وفهم الفتوى شيء آخر.
وقد تبين لك أخي الكريم أن رأي الشيخ لا يختلف عن غيره في حرمة التصوير لغير غرض شرعي وأن ما يفعله الناس من التصوير للذكرى ويعتمدون على فتوى الشيخ أن هذا خطأ وفهم للفتوى على غير وجهها الشرعي، فحري بطلاب العلم أن يتبينوا الأمر ولا ينقلوا عن أهل العلم إلا بعد التثبت والتحري والفهم الدقيق .
أسأل الله بمنه وكرمه أن يرفع درجات شيخنا في عليين وأن يجمعنا به ووالدينا إنه سميع مجيب.

الخاتمــــة
بعد عرض موضوعات البحث ظهر لي ما يلي:
أولاً: أن التصوير باليد وهو ما كانت اليد المباشرة فيه لعملية التصوير بنوعيه -أعني التصوير المسطح والتصوير المجسم- كلاهما حرام لوجود علة المضاهاة، وغيرها من العلل التي ذكرناها.
ثانياً: أن النقش باليد لا يعدو عن كونه رسماً، بل هو أعم منه من جهة التحسين والتجميل، ولذا كانت عقوبته أشد.
ثالثاً: أن النقش والرسم والتصوير كلها قد تكون مكروهة، وإن كان بعضها قد يكون أوسع من الآخر في بعض الأحيان.
رابعاً: أن هناك وعيداً شديداً لمرتكبي حرمة التصوير، لورود الأدلة الوارد في حقهم.
خامساً: كثرة العلل الواردة في تحريم التصوير، فهي غير مقتصرة على المضاهاة في الخلق فقط كما يظن البعض.
سادساً: أن الرسم باليد أو النقش بها فيما ليس ممتهناً، الصحيح أنه محرم، وهو قول الجمهور من الفقهاء بخلاف من قال بكراهيته.
سابعاً: أن الرسم باليد لما يعد ممتهناً هو كبيرة من كبائر الذنوب.
ثامناً: أن هناك فرقاً بين الرسم لما يعد ممتهناً، واستعمال ما يعد ممتهناً، ففيه خلاف، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا بأس باستعمال التصاوير الممتهنة، وإن تجنبها الإنسان فهو أولى.
تاسعاً: أن الصورة إذا كانت مقطوعة الرأس، فالصحيح أنه لا بأس بها.
عاشراً: أنه يحرم رسم، أو نقش الرأس فقط، لقوة الأدلة الدالة على التحريم.
أحد عشر: أن الرسم الكاريكاتوري أشد تحريماً من الرسم العادي لأنه اشتمل على أمرين :
1-مباشرة اليد في الرسم.
2- السخرية الحاصلة به من خلال الرسوم.
اثنا عشر : أن التصوير الفوتوغرافي لم يكن موجوداً في العصور المتقدمة وإنما اكتشف في العصور المتأخرة.
ثلاثة عشر: أن الذين قالوا بإباحة هذا النوع من التصوير اشترطوا له شروطاً خاصة بأن لا تشتمل الصورة على محرم أو يكون فيها استهزاء في الدين والأخلاق والقيم.
أربعة عشر: تبين لي رجحان تحريم التصوير بكل أشكاله وأنواعه إلا ما دعت إليه الضرورة أو الحاجة مع التأكيد على حرمة تصوير المرأة بكل حال إلا في حال الضرورة القصوى كمرض أو جناية أو إخلال بالأمن أو غير ذلك مما لا بد منه.
خمسة عشر: تبين لنا أن شيخنا رحمه الله- يرى جواز التصوير الفوتوغرافي ويقول أنه ليس تصويراً في واقع الأمر.
ستة عشر: تبين أن شيخنا رحمه الله- يقول أن التصوير الفوتوغرافي يأخذ حكم الغرض منه فإن كان الغرض محرماً كان محرماً وإن كان الغرض منه جائزاً كان جائزاً لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
سبعة عشر: أن التصوير الفوتوغرافي لغير غرض شرعي لا يجوز كمن يصور للذكرى أو يحتفظ بالصورة وهذا ما يراه شيخنا وبهذا يعلم أن رأي الشيخ لا يختلف عن غيره في مآل الصورة وإن كان نفس الفعل يتساهل فيه الشيخ.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

فهرس الموضوعات.
1- المقدمة .
2. التعريف بالرسم في اللغة والاصطلاح .
3. وقفة لا بد منها .
4. أنواع التصوير باليد .
1- التصوير المسطح . 2- التصوير المجسم .
5. النقش تعريفه في اللغة والاصطلاح.
6. العلاقة بين النقش والرسم والتصوير.
7. أدلة تحريم التصوير .
8. ذكر العلل الواردة في تحريم التصوير .
العلة الأولى: في كونه مضاهاة لخلق الله .
العلة الثانية: في كونه وسيلة إلى الوقوع فيما هو أعظم منه .
العلة الثالثة: في كونه يمنع من دخول الملائكة البيت .
العلة الرابعة: في كونه من الإسراف المنهى عنه .
العلة الخامسة: أن فيه نوع التشبه بغير المسلمين .
حكم النقش أو الرسم باليد .
أولاً: حكمه فيما ليس ممتهناً وذكر الخلاف الوارد فيه .
1) القائلون بالتحريم وأدلتهم .
2) القائلون بالكراهية وأدلتهم .
3) بيان الراجح من القولين .
ثانياً: حكمه فيما يعد ممتهناً.
1) تعريف الامتهان .
2) الفرق بين الممتهن وغير الممتهن.
3) ذكر الخلاف في حكم ما يعد ممتهناً .
4) الصحيح من أقوال أهل العلم في حكمه.
ثالثاً: حكم استعمال الصورة على وجه الامتهان .
1) ذكر الخلاف الحاصل في هذه المسألة وأدلة كل مذهب .
2) الراجح من القولين .
صناعة الصورة مقطوعة الرأس.
1) اختلاف الفقهاء في حكم صناعتها .
2) بيان القول الصحيح في هذه المسألة .
11. صناعة أو رسم رأس فقط.
1) اختلاف الفقهاء في هذه المسألة .
2) بيان الراجح من الأقوال .
12. الرسم الكاريكاتوري .
1) تعريفه .
2) كونه أشد تحريماً من الرسم العادي .
13. ذكر أقوال أهل العلم المعاصرين حول هذا الموضوع .
أولاً: رأي اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية.
ثانياً: ذكر فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- .
ثالثاً فتوى الشيخ محمد الصالح العثيمين -رحمه الله- .

التصوير الفوتوغرافي
توطئة
تعريفه
نشأته
نشأة الخلاف فيه
من قال بالتحريم
من قال بعدم التحريم
مسألة هامة
جوال الكاميرا
فتوى الشيخ ابن عثيمين حول التصوير الشمسي مع بيان وجه الخطأ في فهمها.
الخاتمــــــــــة .
ـــــــــــــــــــــ

الهوامش:

([1]) سورة آل عمران الآية (102).
([2]) سورة النساء- الآية (1).
([3]) سورة الأحزاب الآية:70، 71
([4]) سورة المائدة – الآية (3).
([5]) سورة المائدة الآية (3)
([6]) في فتح الباري (كتاب الإيمان- باب زيادة الإيمان ونقصانه (1/105).
([7]) تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير (2/12)
([8]) أخرجه أحمد (2/50) برقم (5114) وأبو داود برقم (431) وصححه الألباني بمجموع طرقه انظر الإرواء (4/109) وسلسلة الأحاديث الصحيحة (1/676).
([9]) رواه أحمد في المسند (2/50) وصححه الألباني في الإرواء (5/109).
([10]) لسان العرب مادة الرسم.
([11]) أحكام التصوير في الشريعة الإسلامية/تأليف عبد الرحمن عبد الخالق اليوسف صفحة (31)
([12]) انظر الدليل عند بيان الأدلة التي جاءت بتحريم التصوير
([13]) المنجد في اللغة والأدب والعلوم ص (381).
([14]) انظر أحكام التصوير في الفقه الإسلامي لمحمد واصل ص 60
([15]) معجم لغة الفقهاء ص (486).
([16]) الموسوعة الفقهية الكويتية (12/95).
([17]) أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب عذاب المصورين يوم القيامة انظره في الفتح (10/496)_ومسلم_ اللباس باب تحريم تصوير صورة الحيوان انظره في شرح النووي لمسلم (14 /77).
([18]) البخاري _في الفتح (10/396)_ مسلم _ النووي (14/77).
([19]) البخاري ـكتاب التعبير _ بابه من كذب في حلمه انظره في الفتح (13/427).
([20]) انظره في الفتح (1/624) _ ومسلم _ كتاب المساجد_ باب النهي عن بناء المساجد على القبور (1/375).
([21]) السهوة: هي الطاقة في الحائط بوضع الشيء فيها.
([22]) القرام: الستر.
([23]) فتح الباري (10/387) ـ مسلم شرح النووي (14/ 75).
([24]) البخاري انظره في الفتح (10/38) ـ مسلم شرح النووي (14/71).
([25]) انظره في الفتح (40/485) ومسلم شرح النووي (14/87).
([26]) أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب نقض الصور الفتح (10/398) ومسلم في كتاب اللباس باب تحريم تصوير صورة الحيوان رقم (2111).
([27]) أخرجه البخاري في اللباس باب ما وطئ من التصوير حديث رقم (5954) فتح الباري (10/400) ومسلم كتاب اللباس باب تحريم تصوير صورة الحيوان برقم (2107).
([28]) رواه البخاري في كتاب اللباس باب التصاوير الفتح (10/394) ومسلم في اللباس باب تحريم تصوير صورة الحيوان برقم (2106).
([29]) ولمعرفة المزيد من العلة في تحريم التصوير انظرها في حاشية ابن عابدين (1/647) _أحكام القرآن لابن العربي (4/1588) _جمع الدرر في أحكام الصور ـأحمد بن نصر المصري_ أحكام التصوير في الفقه الإسلامي _وهي رسالة ماجستير لمحمد واصل .
([30]) شرح مسلم للنووي (14/69ـ70)
([31]) حاشية ابن عابدين (1/437).
([32]) الزيادة المراد بها هنا هي قوله صلى الله عليه وسلم(إلا رقما في ثوب).
([33]) شرح عمدة الفقه لشيخ الإسلام (2/378ـ395).
([34]) أخرجه البخاري كتاب اللباس باب من كره القعود على التصاوير الفتح (10/403) ومسلم كتاب اللباس تحريم تصوير صورة الحيوان برقم (2106).
([35]) شرح صحيح مسلم لنووي (14/73).
([36]) فتح الباري لأبن حجر (10/391).
([37]) المرجع السابق.
([38]) أخرجه البخاري كتاب اللباس باب من كره القعود على التصاوير الفتح (10/398) ومسلم كتاب اللباس تحريم تصوير صورة الحيوان برقم (2111).
([39]) أخرجه البخاري انظر فتح الباري (10/400)ومسلم شرح النووي (15/74-75).
([40]) أخرجه مسلم انظره في صحيح مسلم شرح النووي (15/73).
([41]) نهاية المحتاج (6/396) وأسنى المطالب (3/226).
([42]) نهاية المحتاج (6/369) وأسنى المطالب (3/226).
([43]) انظر استدلالهم بهذا في الموسوعة الفقهية الكويتية (12/111).
([44]) الجامع لأحكام القرآن (14/274).
([45]) قلت ذكرنا طرفا من هذه الآثار عند الكلام على أدلة من قال بكراهية الرسم باليد
([46]) شرح معاني الآثار الطحاوي (4/283).
([47]) مسلم بشرح النووي (14/70)
([48]) فتح الباري (10/319).
([49]) شرح معاني الآثار (4/285).
([50]) فتح الباري (10/388ـ389).
([51]) مغني المحتاج (3/247ـ248).
([52]) حاشية ابن عابدين من (1/647).
([53]) حكم الإسلام في التصوير لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-.
( [54]) الاستذكار(27/180).
([55]) التمهيد(27/199).
([56]) شرح معاني الآثار (1/283)
([57]) ذكر معنى هذا الكلام ابن عبد البر التمهيد (21/198).
([58]) شرح معاني الآثار (4/83).
([59]) حاشية ابن عابدين (1/684).
([60]) الاستذكار لابن عبد البر (27/180).
([61]) الحديث رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم(3504).
([62]) سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1921(4/554).
([63]) سورة النمل، الآية:60
([64]) الجامع لأحكام القرآن (14/274).
([65]) مغني المحتاج(3/248).
([66]) شرح السنة (12/134).
([67]) شرح معاني الآثار (4/287).
([68]) رسالة حكم الإسلام في التصوير.
([69]) شرح عمدة الفقه لشيخ الإسلام (2/397).
([70]) رواه أحمد (2/4) والبخاري رقم 5951 ،5957،7557،7558 ،ومسلم (2108والنسائي في المجتبى (8/215)
([71]) رواه أحمد (1/375) والبخاري برقم 5950 ومسلم 2109 والنسائي في المجتبى (8/216).
([72]) رواه أحمد (2/332)59,391 ,401,572 والبخاري برقم 5952,7550 ومسلم برقم2111
([73]) رواه أحمد (1/241) والبخاري برقم 5963,2225 بألفاظ ومسلم 2110
([74]) فتاوى اللجنة الدائمة (1/455:457)
([75]) المرجع السابق.
([76]) المرجع السابق ص 465.
([77]) المرجع السابق ص461.
([78]) المرجع السابق ص 472.
([79]) المرجع السابق ص417.
([80]) سورة الأنعام، الآية:119
([81]) فتاوى نور على الدرب (1/325ـ326)
( [82]) مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين جمع فهد السليمان (2/284)
[83] ) انظر مجموع فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم (1/187)
[84] ) فتاوى اللجنة الدائمة (1/458)
[85] ) فتاوى نور على الدرب (2/205)
[86] ) حكم الإسلام في التصوير (ص15/16)
[87] ) مجموع فتاوى محمد بن إبراهيم (1/458)
[88] ) مجموع فتاوى محمد بن إبراهيم (1/459)
[89] ) الباذق: نوع من المسكرات وهو فارسي معرب (انظر الفتح:10/63)
[90] ) البخاري-كتاب الأشربة-باب الباذق رقم (5598)
[91] ) حكم التصوير في الإسلام ص 18
[92] ) فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين إعداد أشرف عبد المقصود (1/152)
[93]) آيات الأحكام للسايس (4/58)
[94] ) حكم التصوير في الإسلام ص 36-40
[95] ) المرجع السابق للمؤلف
[96] ـ سورة النور:19
[97] ـ سورة الحجرات:12
[98] ـ رواه البخاري (5717) ومسلم (2563).
[99] ـ رواه أبو داود(4083)، وصححه الألباني في (الصحيحة) (533).
[100] ـ النور:19.
[101] ) القول المفيد في شرح كتاب التوحيد (2/439-440)
[102] ) فتاوى الشيخ محمد صالح العثيمين (1/103)
[103] ) فتاوى الشيخ محمد صالح العثيمين-إعداد أشرف عبد المقصود (1/153)
[104]) اللقاء المفتوح-اللقاء الخامس سؤال رقم 282.