أثر العلماء في توعية المجتمعات الإسلامية

الزلفي: 8/11/1427هـ
ص.ب:188ـ الرمز البريدي:11932
![]() |
![]() |
|
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون](آل عمران:102) [يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تتساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا](النساء:1) [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما](الأحزاب:70، 71)، وبعد: فإن العلم من المصالح الضرورية التي تقوم عليها حياة الأمة بمجموعها وآحادها فلا يستقيم نظام الحياة مع الإخلال بها بحيث لو فاتت تلك المصالح الضرورية لآلت حال الأمة إلى الفساد ولحادت عن الطريق الذي أراده لها الشارع، ولذا جاء الحث على العلم والاهتمام به والترغيب في طلبه في نصوص كثيرة متضافرة، قال تعالى:[يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات](المجادلة:11)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين)(1). ولعل سن الشباب هي خير ما يؤهل فيه الشاب لطلب العلم، وقد يعجز عن إدراك الشيء بعد ما تتقدم به السن لكثرة العوارض والمشاغل، وصدق الحسن رحمه الله إذ يقول: (طلب العلم في الصغر كالنقش على الحجر). وقال علقمة رضي الله عنه: (أما ما حفظت وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاسته أو ورقه). وأوصى لقمان ابنه قائلا: (يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بالحكمة كما يحي الأرض الميتة بوابل السماء). وقال الشاعر: نعم المؤانس والجليس كتاب ** تخلو به إن ملك الأصحاب لا مفشيا سرا ولا متكبـرا ** وتفاد منه حكمة وصـواب وقال آخر: واعلم بأن العلم أرفع رتبة ** وأجل مكتسب وأسنى مفخر فاسلك سبيل المقتنين له تسد ** إن السيادة تقتنى بالدفتر والعالم المدعو حبرا إنما ** سماه باسم الحبر حمل المحبر وبضمر الأقلام يبلغ أهلها ** ما ليس يبلغ بالجياد الضمر وقال ابن الجوزي رحمه الله: (لما كان العلم أشرف الأشياء لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار، وهجر اللذات والراحة). ولابد من الأدب مع العلماء واحترامهم وبيان محاسنهم؛ فهم الشموع المضيئة، والأعلام الهادية، والأدلاء على الخير. هم بحر الأمة الدافق، وقلبها النابض، وبلسمها الشافي، هم أهل الصلاح والتقى، أهل الطاعة والعبادة. وما أحقر بعض الأقزام من أهل الأهواء الذين لا يعرفون للعلماء قدرهم، فيغمزونهم، ويلمزونهم، ويتطاولون عليهم، وما علم هؤلاء أنهم يطعنون الأمة في أعز ما تملك، بل في رصيدها الحقيقي وهم العلماء الذين يعتبر تقديرهم واحترامهم والأدب معهم من صميم ولوازم عقيدة المسلم، ونحن مأمورون حال الاختلاف بالالتفاف حول الكتاب والسنة والرجوع إلى العلماء الربانيين الذين ينهلون من معين الوحيين، وكلما ابتعد الشباب عن علمائهم تقاذفتهم الأهواء، وفرقتهم الولاءات والانتماءات، وابتعدوا عن الصراط المستقيم الذي ندعو الله صباح مساء أن يهدينا إليه [اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين](الفاتحة:6، 7). فالواجب علينا تجاه علمائنا ـ وهم تاج علماء الأمة الإسلامية في هذا الزمان ـ أن نصدر عن أقوالهم ولاسيما في قضايا الأمة العامة وما يهمها في أمر دينها ودنياها، ولاسيما ونحن نرى مؤامرات الأعداء تحيط بنا من كل حدب وصوب، كل همهم تفريق صف الأمة، وتوهين قوتها، والسعي لإبعاد الشباب عن علمائهم. وما ضلت أمة أعلت قدر علمائها، وتمسكت بمنهجهم، وجعلتهم في مقدمة الركب يقودون سفينة المجتمع إلى شاطىء السلامة لئلا تعصف بها رياح الأهواء والاختلافات التي مزقت الأمة وأضعفتها، وجعلت ولاءها لغير الله ورسوله والمؤمنين. ووصيتي لنفسي والناس عامة والشباب خاصة أن يلتزموا بأدب الإسلام في انتقاء أطايب الكلام، واجتناب الجرح والسب، والإيذاء بالغمز والهمز واللمز. وخير ما يعين على ذلك سلوك طريق العلماء الموثوقين الذين لهم قدم راسخة في العلم وهم في بلاد الحرمين تاج علماء الزمان، فليلزم الشاب غرزهم، وليسلم من طرائق الأهواء، ومزالق الشيطان، ومضلات الفتن، ويبتعد عن الولاء لغير الله ورسوله والمؤمنين. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. المؤلف
شريعة الإسلام
المتتبع لنصوص الكتاب والسنة المطهرة واجتهادات علماء المسلمين العباقرة المتمثلة في كتب الفقه الإسلامي وغيرها يجد مصداق ذلك واضحا جليا، والأخلاق الإسلامية جاءت كذلك كاملة شاملة حيث أنها لم تدع جانبا من جوانب الحياة الإنسانية جسمية أو روحية دينية أو دنيوية،عقلية أو عاطفية، فردية أو اجتماعية إلا رسمت له المنهج الأمثل في السلوك الرفيع، ووضعت له الدستور القويم الذي يحقق إنسانية الإنسان في أتم وأكمل صورها. وإليك طائفة من هذه الصفات نزجيها على سبيل التمثيل لا الحصر: التحديات التي يواجهها الإسلام داخليا وخارجيا
منهج الإسلام الكامل الشامل العظيم يتعرض لتحديات كثيرة في مسيرة الحياة تحديات من داخل المجتمع الإسلامي نفسه، وتحديات من خارج المجتمع الإسلامي، فأما التحديات من داخل المجتمع الإسلامي فتتجسم في الخروج والتمرد عليه جزئيا أو كليا افتياتا عليه واتباعا للأهواء الجامحة والجهالات المردية. احتياج الإسلام إلى من يواجه به التحديات الداخلية والخارجية
الإسلام محتاج إلى من يحفظه وينقله وينشره في داخل المجتمع الإسلامي عبر الأجيال، فيعمل على ترسيخ عقائده وسيادة مبادئه ونشر تعاليمه لينفذ إلى القلوب، فيحرك المشاعر،ويفجر في روح المؤمن تلك الطاقة الحية العالية التي تشده شدا محكم الأواصر إلى عقيدته الحقة النيرة وشريعته الكاملة القويمة، وتعمق فيه روح الولاء لأمته القائدة الرائدة التي أكرمها الله ـ عز وجل ـ بهذه الرسالة الهادية، فحين يتلاقى العقل والقلب، والفكر والشعور، على فهم الإسلام، ووعي قضيته، والولاء لأمته، والتفاعل مع مبادئه ونظمه وحين يكون ذلك الفهم والوعي والولاء والتفاعل عميقا قويا شاملا فلابد أن تنبثق من ذلك روح جديدة تتسم بالإيمان الصادق، والعمل المستمر،والعزيمة القوية،وبذلك تتجدد ثقة المسلمين بمهمتهم القيادية الكبرى،وتتلاشى عوامل الانهزام الفكري والنفسي،وتزول أعراض الشعور بالنقص، وشيوع الضعف والخور، والإخلاد إلى الراحة والاستكانة إلى المتاع العاجل والتعلق بالأهواء والشهوات، والخضوع لسلطة الأقوياء، والانبهار بحضارة الأعداء، وتتقدم من جديد جذوة الكفاح الصامد لنشر الدعوة، ومواجهة التحدي، وقيادة الركب الحضاري النير الذي فتح العقول والقلوب، ورفع لواء الكرامة والعدالة والحرية، وبسط راية العلم والمعرفة والسلام في أرجاء المعمورة(7). علماء الإسلام هم وحدهم المعنيون لمواجهة التحديات الفكرية المناوئة للإسلام وظيفة العلماء في المجتمعات الإسلامية
العلماء هم الذين يحفظون على المجتمعات الإسلامية عقلها مخافة أن تزل أو تزيغ أو تتيه في أودية الضلال وما أكثرها من أودية. الإسلام يهيب بالعلماء أن يقوموا بوظيفتهم
لقد أهاب الإسلام بالعلماء أن يقوموا بوظيفتهم في توعية المجتمع الإسلامي وتعليمه والحفاظ على مقدساته، والذود عنها ضد المغيرين والمفسدين، أهاب بهم أن يقوموا بهذه الوظيفة خير قيام، وبين لهم أنهم إن فعلوا ذلك فهم في أرقى منزلة وأسمى مكانة عند الله ـ عز وجل ـ قال تعالى:[ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين](فصلت:33). والإسلام الحنيف يدفع العلماء دفعا إلى ممارسة وظيفتهم هذه بطرق متعددة منها ما يلي: الإسلام يهيب بالمجتمعات الإسلامية أن تحافظ على علمائها
هذا من جهة العلماء، أما من جهة المجتمعات الإسلامية فقد أفهمها الإسلام أن علماءها هم سبب رشادها، ونجوم هدايتها، وأنهم إن فقدوا صارت المجتمعات الإسلامية في ظلام حالك السواد، فإما وجود العلماء العاملين، وإما الضلال والانحراف وسوء المصير. ومن ثم أوصى الإسلام المجتمعات الإسلامية بجملة من الوصايا قبل علمائها منها ما يلي: ثانيا: يوجب الإسلام على المجتمعات الإسلامية المحافظة على علمائها وإجلالهم وتوقيرهم واحترامهم، ويحذر من الاستخفاف بهم أو الزراية عليهم،أو إضاعتهم وعدم المبالاة بهم. ثالثا: يوجب سؤالهم فيما أشكل، والرد إليهم فيما خفي، خوفا من الزيغ والضلال، قال تعالى:[فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون](النحل:43). رابعا: يوجب طاعتهم وعدم مخالفتهم ما دامت في حدود طاعة الله ـ عز وجل ـ ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:[يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا] (النساء:59). ما يجب على العلماء حتى يؤدوا وظيفتهم على الوجه الأكمل
لما يترتب على تفريط العلماء من انحراف العامة وضلال الأمة كان إثمهم أعظم، ووزرهم أكبر وأخطر، وعذابهم أشد وأبقى، لذلك قال صلى الله عليه وسلم موضحا مصير المفرطين من العلماء، وما ينتظرهم من سوء العاقبة وعذاب الآخرة: (يظهر هذا الدين حتى يجاوز البحار وحتى تخاض بالخيل في سبيل الله، ثم يأتي أقوام يقرءون القرآن، فإذا قرؤوه قالوا قد قرأنا القرآن، فمن أقرأ منا؟ من أعلم منا؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل ترون في أولئك من خير؟ قالوا: لا، قال: فأولئك منكم وأولئك من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار)(34). أولا: الإخلاص والتجرد لله ـ عز وجل ـ: ومن المعروف أن الله ـ عز وجل ـ قد أوصى عباده جميعهم العلماء منهم وغير العلماء بهذا الوصف في جميع أعمالهم، وبين لهم أنه لن تقبل منهم طاعة من الطاعات إلا إذا توفر فيها الإخلاص والتجرد. قال تعالى: [فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص](الزمر:2،3). ثانيا: موافقة الأعمال والأحوال والأقوال: ثالثا: الشجاعة الأدبية: رابعا: الصبر على الأذى: |
||
![]() |
![]() |
ظ
الحمد لله رب العالمين وصلى آله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
لا يخفى على كل ذي لب فضل العلم والعلماء، ولذا يدعيه كل إنسان لنفسه حتى الجاهل لا يرضى أن يقال عنه أنه جاهل بل يفرح حينما يقال عنه عالم. قال علي ت “كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذماً أن يتبرأ منه هو فيه ويغضب إذا نسب إليه”([1]).
والعلم من أعظم جوانب بناء النفس وتزكيتها، فبه يعرف العبد ربه، وبه يعرف الحق من الباطل، وبه يميز الحلال من الحرام.
والمرأة شريكة الرجل في مضمار العلم، وهي مخاطبة بما يخاطب به الرجل في هذا الباب وقد جاءت الشريعة لتبين حرص الرعيل الأول من النساء على طلب العلم ونشره ليس فقط في أوساط النساء بل تعدى الأمر أن ينشرن ما تعلمنه من النبي ه بين الرجال بل والأعظم من ذلك أنهن تركن الأوطان والأحباب والخلاَّن ورحلن من أجل ذلك.
ولقد كان للعلم أثر على حياة المرأة المسلمة في عهد النبي ه، ونحن من خلال هذه الرسالة سنبين بعض جوانب آثار العلم على المرأة المسلمة في عهد النبوة وما بعده لنشحذ همم طالبات العلم الشرعي أن يتخلقن بأخلاق أسلافهن من الصحابيات والتابعيات وغيرهن ممن ظهر أثر العلم على أخلاقهن وسلوكهن.
وقد جعلت هذه الرسالة في تمهيد وأربعة مباحث:
التمهيد: ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: المقصود بالعلم الشرعي.
المطلب الثاني: فضل طلب العلم الشرعي.
المطلب الثالث: وسائل طلب العلم الشرعي.
المبحث الأول : أهمية تعليم المرأة العلوم الشرعية، ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: حكم تعليم المرأة المسلمة.
�المطلب الثاني: المرأة وطلب العلم الشرعي.
�المطلب الثالث: لماذا تطلب المرأة العلم الشرعي.
المبحث الثاني: ملاحظات وآداب لطالبة العلم الشرعي، ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول : في ذكر بعض الآداب التي ينبغي للمرأة مراعاتها عند طلبها للعلم.
المطلب الثاني: أخطار في طريق تعليم المرأة.
المبحث الثالث: تعليم المرأة في زمن النبوة، ويشتمل على أربعة مطالب:
المطلب الأول: واقع تعليم المرأة المسلمة في عهد النبوة.
المطلب الثاني: مقارنة بين طلب المرأة للعلم قديماً وحديثاً.
المطلب الثالث: دور المرأة المسلمة في العلم والتعليم في عهد النبوة.
المطلب الرابع : جهود نساء السلف في نشر العلم الشرعي في العصور الإسلامية.
المبحث الرابع: الآثار المترتبة على تعلم المرأة العلم الشرعي، ويشتمل على تسعة مطالب:
المطلب الأول: أثر العلم الشرعي على حياة المرأة كزوجة.
المطلب الثاني : أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة كأم.
المطلب الثالث: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المعلمة.
المطلب الرابع: أثر العلم الشرعي على حياة المرأة المسلمة فيما بينها وبين أبويها.
المطلب الخامس: أثر العلم الشرعي على حياتها فيما بين إخوانها وأخواتها.
المطلب السادس: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة الطالبة.
المطلب السابع: أثر العلم الشرعي عليها مع ولاة أمورها.
المطلب الثامن: أثر العلم الشرعي على حياتها مع خادمها.
المطلب التاسع : أثر العلم الشرعي في الحياة الدينية للمرأة المسلمة بصفة عامة والتي هي الطريق إلى الحياة الأخروية الأبدية.
التمهيد: ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: المقصود بالعلم الشرعي:
العلم الشرعي المراد به “علم ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى”, فعن معاوية بن أبي سفيان ت قال: سمعت النبي ه يقول:( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)([2]).
وعن أبي الدرداء ت قال سمعت رسول الله ه يقول:(إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) ([3]).
والعلم الذي ورثه الأنبياء إنما هو علم الشريعة, فالأنبياء ما ورثوا للناس علم الصناعات وما يتعلق بها، ولو كان هذا هو العلم الذي عليه الثناء لكان الرسول ه أعلم الناس به, فالرسول ه كما في حديث أنس ت حين قدم المدينة وجد الناس يؤبرون النخل قال لهم: “لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ” قَالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ: “مَا لِنَخْلِكُمْ؟” قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: “أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ”([4]).
أما العلوم الأخرى كالطب والهندسة والزراعة وغيرها من العلوم فقد ذكر أهل العلم أن تعلمها فرض كفاية,وذلك لأن الناس لابد لهم منها.
والمقصود بالعلم الشرعي الذي فيه الثناء ويكون الحمد لفاعله. هو فقه كتاب الله وسنة رسوله, وماعدا ذلك فإما أن يكون وسيلة إلى خير أو وسيلة إلى شر, فيكون حكمه بحسب ما يكون وسيلة إليه([5]).
المطلب الثاني: فضل طلب العلم الشرعي:
العلم له مقام عظيم في شريعتنا الغراء، فقد جاءت نصوص الكتاب والسنة تحث عليه وترغب فيه وأثنت على أهله فجعلتهم ورثة الأنبياء، وفضلت العالم على العابد كما بين السماء والأرض . والعلماء هم أمناء الله على خلقه ، وهذا شرف للعلماء عظيم ، ومحل لهم في الدين خطير ؛لحفظهم الشريعة من تحريف المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، والرجوع والتعويل في أمر الدين عليهم ، فقد أوجب الحق سبحانه سؤالهم عند الجهل ، فقال تعالى:{فاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}([6]).
وهم أطباء الناس على الحقيقة ، إذ مرض القلوب أكثر من الأبدان ، فالجهل داء ، والعلم شفاء هذه الأدواء ،كما قال رسول الله ه:(فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ) ([7]).
وهذه جملة من بعض فضائل العلم:
1 ـ العلم مقدَّم على العمل: سئل سفيان بن عيينة عن فضل العلم فقال: ألم تسمع قوله حين بدأ
به {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}[ محمد:19 ] فأمر بالعمل بعد العلم ([8]) .
وقد بوَّب الإمام البخارى بابًا فقال: ” باب العلم قبل القول والعمل” ، لقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}[محمد:19]، فالعلم مقدم على القول والعمل ، فلا عمل دون علم.
2 ـ العلم نور البصيرة : العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه، وكيف يعامل عباده، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة، وليس البصر بصر العين، ولكن بصر القلوب، قال تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46] ؛ وهو كذلك نور يهتدي به الإنسان، ويخرج به من الظلمات إلى النور، ولذلك جعل الله الناس على قسمين : إمَّا عالم أو أعمى فقال الله تعالى:{أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} [الرعد:19] .
3 ـ العلم يورث الخشية من الله تعالى: الخشية من الله هي صمام الأمان الذي يقي العبد من الوقوع في الغواية , فمن خاف الله تحاشى مخالفته وثبت على طاعته , قال الله تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}[فاطر: 28]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}[ الإسراء : 107-109 ]، والعلم الحقيقي هو ما يورث الخشية ورقة القلب.
يقول الحسن : “إن كان الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وبصره ولسانه ويده وزهده”([9]).
والمعنى من هذا الإيراد : أن الضلالة والتفريط في الهداية إنما يأتي بسبب الجهل , فتبا للجهل ماذا يفعل بأصحابه. وما أجمل ما قاله الشافعي × :
اصبر على مر الجفا من معلم
****
فإن رسوب العلم في نفراته
وم ن لم يذق مر التعلم ساعة
****
تجرع ذل الجهل طول حياته
وم ن فاته التعليم وقت شبابه
****
فكبر عليه أربعا لوف اته([10])
4ـ طلب الاستزادة من العلم: لم يأمر الله تعالى في كتابه بطلب الزيادة إلا من أمرين هما : التقوى كما في قوله تعالى {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[ البقرة: 197] والعلم كما في قوله تعالى:{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[ طه: 114] فكفى بها من منقبة عظيمة للعلم ، قال القرطبي × “فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه ه أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم”([11]).
5 ـ العلم أفضل الجهاد : الجهاد أنواع منه الجهاد بالحجة والبيان ،وهذا جهاد الأئمة من ورثة الأنبياء ،وهو أعظم منفعة من الجهاد باليد واللسان ، لشدة مؤنته، وكثرة العدو فيه قال تعالى:{وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان : 51-52].
يقول ابن القيم:” فهذا جهاد لهم بالقرآن، وهو أكبر الجهادين، وهو جهاد المنافقين أيضًا ، فإن المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين ، بل كانوا معهم في الظاهر ، وربما كانوا يقاتلون عدوهم معهم ، ومع هذا فقد قال:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [التوبة : 73] ومعلوم أنَّ جهاد المنافقين بالحجة والقرآن.والمقصود أنَّ سبيل الله هي الجهاد وطلب العلم ،ودعوة الخلق به إلى الله”([12]).
6 ـ التنافس في بذل العلم : عن عبد الله بن مسعود ت قال: قال النبي ه:(لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهْوَ يَقْضِي بِهَا
وَيُعَلِّمُهَا) ([13]). فلم يجعل الله التحاسد إلا في أمرين: بذل المال، وبذل العلم، وهذا لشرف الصنيعين، وحث النَّاس على التنافس في وجوه الخير .
7 ـ العلم والفقه في الدين أعظم منّة : من رزق فقهًا في الدين فذاك الموفق على الحقيقة ، فالفقه في الدين من أعظم المنن. فعن معاوية بن أبي سفيان ت قال: سمعت النبي ه يقول:( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)([14]).
8 ـ العلم مقدم على العبادة : من فضائل العلم أنه أفضل من العبادة، وأن العالم مقدم على العابد. ففي حديث أبي الدرداء ت:(وَفَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ)([15]). وفي حديث أبي أمامة ت:(فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) ([16]). وذلك لأن العلم يسبق العمل، ويدل عليه، ويرشد إليه، فهو دليل له من ناحية، وشرط لقبوله من ناحية أخرى، فلا عمل بلا علم، وقد يوجد علم بلا عمل، والمعنى: أنه كلما وجد العمل لزم وجود العلم، بخلاف عكسه، ولهذا قيل: العلم بدون عمل جنون، والعمل بدون علم لا يكون.
المطلب الثالث: وسائل طلب العلم الشرعي:
وسائل طلب العلم اليوم كثيرة والحمد لله ومن الوسائل المفيدة للفتاة في طلب العلم الشرعي وتحصيله ما يلي:
1- القراءة والإطلاع مع أنه لابد من مراعاة جانبين هما:
الأول: أن تكون الكتب موثوقة ويستشار في اختيارها واقتنائها.
الثاني :* أن تراعى من تطلب العلم التدرج في قراءة الكتب والسير على منهجية واضحة.
2- سماع الأشرطة العلمية وبخاصة وللعلماء وللمشايخ الموثوقين المعروفين بالعلم وسلامة المنهج تلك الأشرطة التي تشرح المتون العلمية والأحاديث مع الحرص على التدوين مع المشايخ في الكتاب المسموع.
3- الاستفادة من المواقع العلمية الموجودة في الإنترنت كمواقع المشايخ والعلماء ومواقع المكتبات الإسلامية .
4- الدراسة في الجامعات والكليات الشرعية والاهتمام بضبط مناهجها ففيها الخير الكثير.
5- التدارس مع الزميلات وعقد الجلسات والدروس العلمية والقراءة المشتركة في الكتب.
6- حضور بعض الدروس العلمية التي يكون فيها مكان مخصص للنساء.
7- تنظيم الوقت والحزم مع النفس فيه.
8- الالتحاق بحلقات المساجد والمراكز النسائية التي يشرف عليها بعض أهل العلم الربانيين بشرط توفر الشروط وانتفاء المحاذير الشرعية.
المبحث الأول: أهمية تعليم المرأة العلوم الشرعية، وتحته ثلاثة مطالب:
� المطلب الأول: حكم تعليم المرأة المسلمة:
يعترف المربون المسلمون بحق المرأة في التعليم انطلاقا من أن التكاليف الدينية واجبة على الرجل والمرأة وهذا يتفق مع روح الإسلام الحقيقية التي جعلت من طلبه فريضة على كل مسلم ومسلمة. فالتكاليف الشرعية موجهة للرجال والنساء جميعا ، وإن كان أكثر النصوص فى القرآن والسنة تتحدث عن الرجل ، لأنه الأصل وكل من بعده تبع له قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء:1]، وفى بعض الأحيان تنزل نصوص تتحدث عن الجنسين لوجود سبب يدعو إلى ذلك.
وطلب العلم واجب لمعرفة ما أمرنا الله باتباعه مما أنزله على رسله المبشرين والمنذرين ، وتلك حقيقة لا تحتاج إلى دليل ،وأكثر النصوص الواردة تبين فضل المتعلم على غيره والرجل والمرأة في ذلك سواء، وقد جاء في حديث أنس ت قال: قال رسول الله ه 🙁 طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) ([17]). أما زيادة لفظة “ومسلمة” فهي مضافة حكما لا رواية.
ويجب على الزوج أن يعلم زوجته القدر الضروري الذي تصحح به عبادتها وتؤدى به واجبها المنوط بها ، وذلك إما بنفسه هو أو بمن يستعين به ، فإن لم يفعل كان لها أن تخرج لطلب العلم الواجب ولا يجوز أن يمنعها منه وعليها أن تلتزم بكل الآداب الواجبة لكل خروج من بيتها ، من الحشمة والعفة والأدب وعدم المغريات من عطر نفاذ أو قول خاضع ، أو خلوة مريبة ، أو تزاحم متعمد، مع التأكد من الأمن عليها من الفتنة والفساد .فتتعلم ما هي مكلفة بأدائه من شؤون الإسلام وشؤون الأسرة؛ لتتمكن
من القيام به على الوجه المرضي شرعاً.
المطلب الثاني: المرأة وطلب العلم الشرعي:
من خلال بيان حكم تعلم المرأة يمكننا أن نقول بأن المرأة إن لم تكن على علم بكتاب ربها وسنة نبيها ه وعلى منهج سلف الأمة فلن تستطيع أن توجد لنا الأجيال الصالحة ، ففاقد الشيء لا يعطيه كما يقال, فهي تربي الأجساد وتسمنها، أما الأرواح والنفوس فلن تستطيع تربيتها البتة بدون علم شرعي وهذه المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقها حذر منها النبي ه حيث قال: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) ([18]). فتعليم المرأة لا يقل أهمية عن تعليم الرجل ، فالمرأة إذا كانت جاهلة ، فلن تعلم ما كلفت به من الأحكام ، ومعرفة الحلال والحرام.
وجهل المرأة يسبب شقاء الأمة، لأن الطفل لا يتلقن من أمه أكثر مما تعرفه ، فإذا كانت جاهلة نشأ الطفل جاهلاً. وإذا كانت الأم متعلمة وعالمة بواجبات الدين، متمسكة بالأخلاق الفاضلة، فإنها تغرس العلم في طفلها ، ويبقى ما تعلمه في حافظته.
ولهذا عرف المسلمات الأوائل أهمية التعليم وفضله، فكن ينهلن من العلم ويتنافسن فيه، وكان الرسول ه يشجعهن على ذلك ، ويسمح لهن بحضور مجالس العلم .
وقد نهل النساء المسلمات في الصدر الأول وما بعده من النبع الصافي حيث ظهر منهن النابغات في مختلف العلوم والفنون ، ومنذ العصور الإسلامية والمرأة تقرأ وتكتب وتجاهد الأعداء وتشارك في الحروب والغزوات وتقوم بمهمة التطبيب والتمريض، وبرز من النساء المفسرات والفقيهات وراويات الشعر والأخبار وعالمات الأنساب، وأسهمت المرأة في نقل الأحكام إلينا عن طريق السند حيث كان منهن النساء الثقات المحدثات، ولاسيما ما يخص أحكام النساء والبيوت، وكان جل الصحابة والخلفاء ي يرجعون إلى أمهات المؤمنين، وعلى رأسهن عائشة وحفصة وأم سلمة رضى الله عنهن يستفتوتهن عما خفي عليهم من أحكام دينهم أو غاب مما له صلة بالمرأة ، واشتهر منهن جماعة برواية حديث رسول الله ه والتفسير والأدب وسائر العلوم الدينية والعربية.
فالحاصل أن حاجة المرأة إلى العلم الشرعي لا تقل أهمية عن حاجتها للمأكل والمشرب والملبس والدواء حتى تحقق الغاية التي خلقت من أجلها وهي تحقيق العبودية التامة لله رب العالمين سواء كانت أما أو زوجة أو أختا أو بنتا.
المطلب الثالث: لماذا تطلب المرأة العلم الشرعي:
قال الله تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9] دلت هذه الآية الكريمة على نفي الله سبحانه وتعالى للتسوية بين من يعلم ومن لا يعلم, وبالتالي للعلم فضل لا يخفى على أحد والآية تعم في ذلك الرجال والنساء , فالنساء اللواتي يعلمن لسن كأحد من النساء اللواتي لا يعلمن .
لكن لماذا تطلب المرأة العلم : نقول تطلب المرأة العلم لأمور كثيرة منها ما يلي:
1- إدراك فضيلة العلم الشرعي كما بينا ذلك في مطلب فضل طلب العلم.
2- العلم الشرعي من أعظم الوسائل المعينة على الثبات والتعبد لله على بصيرة وسنة ، والوقوف أمام الحملات المستعرة ضد المرأة المسلمة من خلال تلك الهجمات على المسلمات والثوابت الشرعية من خلال إثارة الشهوات والشبهات.
3- العلم الشرعي يزيد الأيمان عند طالبته, فمعرفة الله توجب محبته ومحبته توجب طاعته وبالطاعة يزيد الإيمان .
4- رفع الجهل عن نفسها فتعرف أحكام العبادة والطهارة وغيرها من الأمور الشرعية وبتبليغها لهذا
العلم ترفع الجهل عن النساء أمثالها وربما يتعدى النفع إلى أكثر من ذلك .
5- المرأة هي أساس البيت وهي التي تتولى تربية أبنائها , فلذلك على المرأة أن تتعلم العلم لكي تنتج جيلاً صالحاً متعلماً يعيد للأمة مجدها وعزتها.
6- العلم سلاح للمرأة تشهره في وجه أرباب الفتن وأصحاب القلوب المريضة , وهو درعها الواقي من الحملات التي تشن على المرأة المسلمة من أعداء الدين والفضيلة.
7- تتعلم المرأة العلم لإصلاح الفساد الذي ملأ أوساط النساء فأكثر المخالفات الشرعية تكون عند النساء والعمل بغير علم , فتقوم المرأة المتعلمة بذلك مما يسد ثغرا من هذه الثغور .
8- تتعلم المرأة العلم لتؤدي حقوقها كابنة وزوجة وأم , فالابنة عندما تتعلم تعرف حقوق والديها وإخوانها وجميع أرحامها فتعاملهم بالمعروف , والزوجة عندما تتعلم تعرف حقوق زوجها وواجب طاعته وتكون عوناً لزوجها على الخير, والأم عندما تتعلم تحسن تربية أبنائها وتؤدي إليهم حقوقهم .
9- تتعلم المرأة العلم لتبتعد عن مغبة العمل بغير علم واتباع الهوى ولكي تعبد الله على بصيرة ونور .
10- تتعلم المرأة العلم لتشغل نفسها بالحق قبل أن تشغلها بالباطل فالفراغ مفسدة. وقد قال بعض الحكماء : “إن لم يكن الشغل مجهدة فالفراغ مفسدة”([19]).
11- تتعلم المرأة العلم لتزكي به نفسها قال ابن تيمية في المنهاج :” ولهذا تجد أهل الانتفاع به (يعني العلم) يزكون به نفوسهم ، ويقصدون فيه اتباع الحق لا اتباع الهوى ويسلكون فيه سبيل العدل والإنصاف ، ويحبونه ويتلذذون به ، ويحبون كثرته وكثرة أهله ، وتنبعث هممهم على العمل به وبموجبه ومقتضاه، بخلاف من لم يذق حلاوته وليس مقصوده إلا مالاَ أو رياسة ، فإن ذلك لو حصل له بطريق
آخر سلكه ،وربما رجحه إذا كان أسهل عليه”([20]).
12- تتعلم المرأة العلم لتقتدي بسلفها الصالح فقد كان لهن في طلب العلم شأن عجيب وخير دليل على ذلك كتب السير والتاريخ فمنهن المحدثات ومنهن المفسرات وغير ذلك ,وعلى رأسهن زوج النبي ه عائشة ل فقد قال عنها عروة بن الزبير:”ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة”([21]).
16- تتعلم المرأة العلم لتكون سبباً في حفظ شريعة الله , وإظهار الحق وتبيينه وتزيينه وإبطال الباطل ودحضه بكل ما تقدر عليه من عبارة وبرهان وغير ذلك.
ففوائد طلب العلم بالنسبة للمرأة كثيرة لا يمكن أن نحصيها لكنها تستشعرها هي عندما تخوض هذا الأمر , فأوصي النساء بأن يحرصن على طلب العلم والإخلاص فيه, والعمل بما يعلمن , والتوقف عند عدم العلم فتقول لا أعلم فهي نصف العلم , وليشحذن الهمة في طلب العلم فالأمة بأمس الحاجة لهن.
المبحث الثاني: ملاحظات وآداب لطالبة العلم الشرعي، وتحته مطلبان:
المطلب الأول: في ذكر بعض الآداب التي ينبغي للمرأة أن تتحلى بها عند طلبها للعلم:
لطلب العلم جملةً من الآداب ينبغي لطالبة العلم أن تتحلى بها ومن هذه الآداب ما يلي:
أولاً: الصبر: إن طلب العلم من معالي الأمور، والعُلَى لا تُنال إلا على جسر من التعب، فلئن كان الجهاد ساعةً من صبر ، فصبر طالبة العلم إلى نهاية العمر. قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[ آل عمران:200].
ثانياً : إخلاص العمل : ليكن قصد المرأة بطلبها للعلم وجه الله والدار الآخرة ، ولا يكون همها حب الظهور والاستعلاء على الأقران فقد قال رَسُولُ اللَّهِ ه:(مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ) ([22]).
ثالثاً : العمل بالعلم : العمل بالعلم هو ثمرة العلم ، فمن علم ولم يعمل ففيه شبه من اليهود الذين مثلهم الله بأقبح مثلٍ في كتابه فقال :{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [سورة الجمعة : 5].
رابعاً : دوام المراقبة : على المرأة أن تتحلي بدوام المراقبة لله تعالى في السر والعلن ، سائرة إلى ربها بين الخوف والرجاء ، فإنهما للمسلمة كالجناحين للطائر ،وليمتلئ قلبها بمحبته،والاستبشار والفرح والسرور بأحكامه وحِكَمِه.
خامساً: اغتنام الأوقات: عن أبي الدرداء ت قال: قال رسول الله ه:(لَنْ تَزُولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ) ([23]). عمر المرأة هو رأس مالها الذي ينفق منه، ومهما كثُر فهو قليل، ومهما طال فهو قصير، والآمال
تختمها الآجال، ومن هنا حض الإسلام على المُبادرة بالعمل الصالح وعدم ضياع أي لحظة من لحظات العمر في غير ما يفيد. قال الحسن البصري × “يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك وقال: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم”([24]). وعن نعيم بن حماد × قال: “قيل لابن مبارك: إلى متى تتطلب العلم ؟ قال: حتى الممات إن شاء الله “([25]).
سادساً : الاعتناء بالأهم فالأهم: ينبغي للمرأة عدم التشاغل في بداية الطلب بالاختلاف بين العلماء، فإنه يضيع زمانها ويفرق ذهنها، بل تعطِ الكتاب الذي تقرؤه أو الفن الذي تطلبه حقه من القراءة والاطلاع حتى تُتقنه، ولتحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب؛ فإنه علامة الضجر وعدم الفلاح. وعليها أن تعتني من كل علم بالأهم فالأهم .
المطلب الثاني: أخطار في طريق تعليم المرأة:
لقد جعل الإسلام للمرأة حقاً في أن تأخذ نصيبها من التعليم في إطار الآداب والضوابط الشرعية التي سبق بيانها. إلا أن هناك بعض المخاطر التي تواجه تعليم المرأة ومن هذه المخاطر ما يلي:
1 ـ التأثر بالثقافة الغربية: لقد كان التأثر بالمنهج الغربي واضحاً ظاهراً في بعض البلدان حيث وضع المرأة بجانب الرجل، وأخرج المرأة من البيت وفرض الاختلاط في المجتمع وقضى على الرسالة الأساسية للمرأة وهي تربية الجيل في مملكتها الخالدة البيت.
2 ـ انعكاس الغزو الفكري على تعليم المرأة: لقد أحدث الغزو الفكري للعالم الإسلامي، انقلاباً جذرياً في تربية أجيالها، وانتشرت المدارس التبشيرية، وكثرت الإرساليات إلى البلاد الإسلامية، وجاء المستعمر بنظم ومناهج وعلوم غير تلك التي كانت تدرس في المساجد، أو في المعاهد والمدارس الإسلامية.
3 ـ العزوف عن الزواج: من أكبر الأخطار التي تواجه المرأة عزوفها عن الزواج بغية تحصيل
الشهادات بالتقليد أكثر مما يصاب به الرجل.فالتعليم يجب أن يكون بمقياس معين، أو بحد معين، وإلى حد ومستوى معين، أما أن تكون المرأة ذات طموح بحيث لا تقف عند حد ولا شهادة ولا مؤهل ولا نوع من الفنون التي لا تحتاج إليها فهذا خطر على الفتاة لأنه يذهب بزهرة شبابها، فلا تكاد تكمل المرحلة التي تطمح إليها إلا وقد كبرت سنها فأصبحت لا يرغب فيها الرجال، وهذا من أعظم الأخطار التي تواجه الفتاة.
المبحث الثالث: تعليم المرأة في زمن النبوة، وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: واقع تعليم المرأة المسلمة في عهد النبوة:
لقد كرم الله المرأة تكريماً لم تعرف البشرية له مثيلاً، وعاشت قروناً طويلة تتفيأ نعمة الله عليها بالإسلام فغدت مصونة مكرمة ، أبدلها ربها بخوفها أمناً، وبذلها عزاً، وبجهلها علماً.
وطلب العلم بمفهومه الشامل و الواسع في الإسلام لم يقتصر على الرجال فقط بل هو فريضة على كل مسلم ومسلمة فلا يفرق الإسلام بينهما في هذا الحق، فكلاهما مأمور بأن يتعلم الحلال والحرام، ليكونا على نور من أمر الدين،. فالمرأة شأنها شأن الرجل مطالبة بتعلم أمور دينها و التفقه فيه، فالخطاب الموجه إلى الإنسان في القرآن الكريم بالقراءة و التعلم يشملها دون أدنى فرق.
وإن قضية تعليم المرأة وحسن تربيتها وتأهيلها لتقوم بما أوجب الله عليها لمن كبرى القضايا وعظائم المهمات. وقد وعد النبي ه من فعل ذلك بالجنة، قال ه:(مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ)([26]). كما وعده بمضاعفة الأجر وإجزال المثوبة، قال ه:( أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ([27])فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ)([28]) .
وكان ه حريصاً على تعليم المرأة وإسماعها الخير. فعن جابر بن عبد الله ت قال:(قَامَ النَّبِيُّ ه يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ قَالَ : لاََ وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ تُلْقِي فَتَخَهَا وَيُلْقِينَ قُلْتُ أَتُرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ وَيُذَكِّرُهُنَّ قَالَ إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ وَمَا
لَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَهُ)([29]) .
وقد بلغ حرص المسلمات الأوائل على العلم أن طلبن من النبي ه أن يعقد لهن مجالس خاصة بهن لتعليمهن. فعن أبي سعيد الخدري ت قال:(جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ه فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ فَقَالَ اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ ه فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ.. )([30]).
ومن ذلك أيضاً حرص النساء على العلم والسؤال عما أشكل عليهن: كما في حديث أم سلمة ل قالت:(سَمِعْتُ النَّبِيَّ ه يَنْهَى عَنْهَا؛ أي ركعتين بعد العصر ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ) ([31]).قال ابن حجر “وفيه ترك تفويت طلب العلم وإن طرأ ما يشغل عنه وجواز الاستنابة في ذلك 0 وفيه المبادرة إلى معرفة الحكم المشكل فراراً من الوسوسة “([32]).
ومن ذلك أيضاً حرص النساء على تعليم العلم بكل الوسائل كما في حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن
بن عوف قال :(دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ ه فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ فَاغْتَسَلَتْ وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ)([33]). قال القاضي عياض “ظاهره أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل نظره للمحرم لأنها خالة أبي سلمة من الرضاع أرضعته أختها أم كلثوم وإنما سترت اسافل بدنها مما لا يحل للمحرم النظر إليه قال وإلا لم يكن لاغتسالها بحضرتهما معنى “([34]).. وقال ابن حجر:”وفي فعل عائشة ل دلالة على استحباب التعليم بالفعل لأنه أوقع في النفس”([35]).
ومن ذلك حرصهن على تعلم أمور دينهن كما في حديث عائشة ل قالت:(نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ)([36]).
وبهذا يتبين لنا حرص النبي ه كل الحرص على تعليم المرأة ما تكون به عنصرَ صلاح وإصلاح في مجتمع إسلامي متطور إلى الكمال، متقدم إلى القوة والمجد، آمن مطمئن سعيد. ولتحقيق هذا الهدف حرص على اشتراكها في المجامع الإسلامية العامة الكبرى منها والصغرى، فأذن لها بحضور صلاة الجماعة، وأن تشهد صلاة الجمعة وخطبتها، ورغبها في أن تشهد صلاة العيد وخطبتها حتى ولو كانت في حالة العذر المانع لها من أداء الصلاة على أن يعتزلن المصلى ، وأمرها بالحج والعمرة، وحثها على حضور مجالس العلم، وخاطب الله النساء بمثل ما خاطب به الرجال، وجعلهن مندرجات في عموم خطاب الرجال في معظم الأحوال حرصًا على تعليمهن وتثقيفهن وتعريفهن أمور دينهن ومشاركتهن في القضايا العامة([37]).
المطلب الثاني: مقارنة بين طلب المرأة للعلم قديماً وحديثاً:
لقد اعتنى الإسلام منذ عصوره الأولى كما هو واضح من النصوص السابقة بمسألة تعليم المرأة وطلبها للعلم الشرعي النافع، فقد كانت أم المؤمنين عائشة ل تروي عن رسول الله ه وتجيب على بعض ما قد يستشكل على الصحابة ي من أموره ه مع أهله وفي داخل بيته، وكانت توضح بعض ما كان يستحي ه أن يوضحه للنساء من أمور خاصة بهن. والإسلام منذ أشرق نوره أمر بتعليم الفتاة العلم النافع، بل لم تصل المرأة إلى أسمى درجات العلم وتنال أكبر قسط من التربية والتعليم إلا في عصور الإسلام الأولى كما سيأتي إن شاء الله ذكره في دور المرأة في نشر العلم.
أما المرأة في العصور الحديثة فقد يسر الله عز وجل لها التعليم فقد فتحت المدارس والمعاهد والجامعات وطبعت الكتب وشكلت هيئات التدريس وتعلمت الفتاة علوماً أخرى بالإضافة إلى العلم الشرعي وقد أتاحت لها هذه العلوم الفرصة بأن تقوم بأعمال مختلفة ومتطورة وحديثة حتى أصبح التعليم حديثاً ضرورة وحاجة ماسة عند الكثير من الناس بحيث يسعى الأهل جاهدين لتعليم بناتهم وإرسالهم إلى الجامعات ويبذلون كل الجهود لتحقيق ذلك بل ويتفاخرون به , وذلك لأنهم أدركوا أهمية التعليم بالنسبة للمرأة فهي التي تتفرغ لتربية الأبناء وتعمل على إعدادهم بشكل جيد وتهيئتهم للمستقبل كما سيأتي بمشيئة الله تعالى في بحث أثر العلم الشرعي على حياة المرأة كأم.
فالحاصل أن نظرات المجتمعات إلى تعليم المرأة حديثاً تغيرت تغيراً واضحاً تجاه هذا الأمر فبقيت المرأة تعمل كزوجة وأم ومربية وطبيبة ومعلمة … الخ , ولكن بأسلوب متطور ومؤهل مزود بسلاح العلم والمعرفة والعقل([38]).
المطلب الثالث: دور المرأة المسلمة في العلم والتعليم في عهد النبوة:
لقد أقبلت النساء في صدر الإسلام على التعلم والتفقه في أمور دينهن ودنياهن إقبالاً عظيمًا كما سبق الإشارة إلى ذلك ، ففي القرون الثلاثة الفاضلة، كانت الحقبة الذهبية لعلم الحديث، فيها انتشر حديث رسول الله ه وعم جميع الأمصار، وفيها جمعت رواياته ودونت، كما صنفت أعظم كتب السنة على الإطلاق، كما هو مذكور في كتب التراجم والطبقات والتاريخ والسير ، وفي هذا دلالة على أن المرأة لم تكن بعيدة عن رحاب الرحلة عبر هذه القرون، على تفاوت في الكثرة والقلة بين المراحل المختلفة.
كانت الرحلة في طلب الحديث قائمة في عهده ه فكان بعض من يسمع بالرسالة الجديدة يسافر إلى الرسول ه ليأخذ منه تعاليم الإسلام، ثم يرجع إلى قومه يبلغهم ما تعلمه في موطن رسول اللهه وكان من بين الوفود نساء مصاحبات لتلك الوفود، فكانوا يسألونه ويجيبهم، وقد سمعوا حديثه وشهدوا بعض مواقفه، وشاركوه في العبادة، ورأوا كثيرًا من تصرفاته، فكان لهذه الوفود أثر عظيم في نقل السنة وانتشارها.
لقد ساهم نساء الصحابة في تعليم ما سمعنه عن رسول الله ه أو رأينه منه وفقهنه عنه، منهن من أقامت في مسقط رأسها ومنهن من رحلت إلى بلدان أخرى وبقيت حتى موتها في البلد الذي رحلت إليه، تعلم الرجال والنساء، تبث فيهم حديث رسول الله ه وهديه. ومن هؤلاء اللاتي انتقلن إلى الأمصار لنشر العلم في عهد النبوة.
1- أم المؤمنين عائشة ـ ل ـ: فهي كبيرة محدّثات عصرها، ونابغته في الذكاء والفصاحة، وكانت عاملاً كبيراً ذا تأثير عميق في نشر سنة رسول الله _ ه _ فحُمِلَ عنها رُبع الشريعة، حتى ألّف الزركشي كتاباً سماه ” الإجابة لِما استدركته عائشة على الصحابة “.
وكانت أم المؤمنين ـ ل ـ من كبار المفتين في عصرها، وكان كبار أصحاب النبي_ ه _ يسألونها عن الفرائض ويرجعون إليها لحلّ ما أشكِلَ عليهم وذلك حينما خرجت إلى البصرة للإصلاح بين علي بن أبي طالب وبين الزبير وطلحة ـ ب ـ فمع قلة المدة التي جلست فيها بالبصرة إلا أنها قامت بنشر العلم من خلال ما كانت تفتي به أصحاب النبي _ ه _ .
2- أم عطية الأنصارية ل: كانت من فقهاء الصحابة، مروياتها ل كثيرة منثورة في الكتب الستة. وقد اشتهرت في البصرة بفقهها وروايتها وفهمها للحديث النبوي وأحكامه، فكان لها الفضل في انتشار الأحاديث والأحكام، وكان أجلة التابعين يأخذون عنها الرواية والفقه.
3- أسماء بنت يزيد بن السكن ل: وهي ثالث امرأة راوية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهن، وقد عرفت أسماء برجاحة العقل، وكانت من فاضلات الصحابيات، كثيرة الدخول على أمهات المؤمنين، ملازمة للبيت النبوي، زد على ذلك حبها للعلم والسؤال. تجمع مروياتها بين التفسير وأسباب النزول والأحكام والشمائل والمغازي والسيرة والفضائل. شاركت في معركة اليرموك، ومن ثم ألقت رحالها في دمشق، وأخذت تحدث بها.
وقد سجلت لنا المصادر أن عددًا كبيرًا من الصحابيات روين عن رسول الله ه وانتشرن في الأمصار، فقد ذكر الإمام أحمد بن حنبل في (علله) من روى من النساء عن النبي ه من أهل الشام، وأهل البصرة، وأهل الكوفة. فذكر من أهل الشام غير أسماء: الصماء بنت بسر، أم الدرداء الكبرى، وأم أيمن. ومن أهل الكوفة: ميمونة بنت سعد مولاة النبي ه ، وفاطمة بنت اليمان، أم سليمان بن عمرو بن الأحوص، أم الحصين الأحمية يسرة، أم مسلم الأشجعية أخت عبد الله بن رواحة، وقتيلة بنت صيفي، أم طارق مولاة سعد بن عبادة، سلامة بنت الحر، أم ورقة.
فهذه أمثلة لصحابيات هن أكثر النساء حفظًا ورواية للحديث النبوي الشريف، ورحلن من المدينة للتحديث والتعليم، ودُونت أحاديثهن ضمن مرويات أهل البلدة التي رحلت إليها كل واحدة، فبدل أن يرحل إليها الناس، رحلت هي إليهم، وقدمت إليهم حديث رسول الله ه دون عناء، وحققت لهم الإسناد العالي، ونشرت العلم والفقه، وتشرف من لم يتيسر له الخروج من بلده بالرؤية والسماع والالتحاق بركب التابعين والانتساب إلى أحسن القرون.
فهؤلاء النساء قد سمعن من رسول الله ه بالمدينة، وصاحبنه، ثم توزعن في الأمصار حاملات معهن الموروث النبوي يبثثنه بين الناس علمًا وفقهًا([39]).
المطلب الرابع: جهود نساء السلف في نشر العلم الشرعي في العصور الإسلامية:
ذكرنا فيما سبق ما كان للمرأة المسلمة منذ عصور الإسلام الأولى من اهتمام واضح في تلقي العلم ، فقد عُرف عن أمهات المؤمنين، وعن نساء المؤمنين أنهن كن حريصات على تلقي ما يتنزل على رسول الله ه من آي الذكر الحكيم، وما يوجه به ه من آداب وأحكام تتعلق بالدين، وأسهمن في تلقي الدين القائم على العلم، ولم يترددن في ذلك فكن يستفتين رسول الله ه في كثير من المسائل الفقهية المتعلقة بأمور دينهن.
واستمرت المرأة المسلمة في العصور التالية لعصر النبي ه على صلة قوية بكتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم ه وما يتصل بهما ويخدمهما، كما كانت على جانب كبير من الاهتمام بالعلم، والدراية، فيما ينفعها في دينها ويهيئها لحياة كريمة هانئة، وتزخر كتب التاريخ والتراجم والطبقات بأسماء كثير من النساء اللواتي تعلمن الكتابة والقراءة، وروين الحديث وبرعن في الفقه والإفتاء، وكان منهن الأديبات والشاعرات، بل وبرز من النساء من أتقن علوماً أخرى كالرياضيات والفلك والطب والصيدلة، وغير ذلك من العلوم التي تناسب المرأة، وكن مثالا في التعلم ونشر العلم بمختلف الوسائل المتاحة لهن.وعن أماكن تعليم النساء يمكن حصر الطرق التي كان يتم بها تعليم المرأة في:
1- منازل العلماء: حيث يمثل المنزل المدرسة الأولى التي تلقت المرأة فيها تعليمها إذ يلاحظ أن كثيرا من النساء اللاتي اشتهرن بالعلم في عدد من العصور الإسلامية نشأن في بيوت العلماء، ودرسن على آبائهن أو احد ذويهن من أولي العلم، أو أنهن كن يستفدن من الدروس التي كانت تعقد في بيوتهن لتعليم الطلاب حيث كن يستمعن إلى ما كان يلقى في منازلهن من دروس.
فالتعليم في عهد النبوة كان منطلقا من بيوت رسول الله ه وهذا ظاهر من التوجيه الرباني الكريم لأمهات المؤمنين بأن يبلغن ما كن يتعلمنه في بيوتهن إذ يقول عز وجل:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}[الأحزاب :34]. فأصبحت منازل أمهات المؤمنين مراكز تعليمية خرجت العديد من الصحابيات والتابعيات بالرواية عنهن، وأخذ العلم منهن والتردد عليهن، وكن- رضي الله عنهن أجمعين- مرجعاً للناس في مختلف الأحكام الفقهية المتعلقة بالنساء.
واستمرت المنازل ودور العلماء في العصور الإسلامية التالية لعصر النبي ه وخلفائه الراشدين،
تؤدي دورا تعليميا رائدا لتوافر فرص التعليم بين الأهل مما أهَّل بدوره نخبة من النساء العالمات في مختلف ميادين العلوم وفروعها.
2- المساجد: كانت أبواب المساجد في كثير من الأقطار الإسلامية مفتوحة لمن أراد أن يتلقى تعليمه من النساء إذ إن التعليم داخل المنازل- وبين الآباء والأزواج أو غيرهم من ذوي المحارم- إن تيسر لبعض الإناث، فإنه قد لا يتيسر لشريحة أخرى من النساء، ولذا كان يعض النساء يترددن لحضور الحلق التي كانت تعقد في المساجد في أماكن مخصصة لهن، ومعزولة عن أماكن الرجال حتى لا يكون هناك سبيل للاختلاط.
3- تعلم المرأة على امرأة مثلها: ومعنى هذا أن العملية التعليمية طرفاها النساء تعليماً وتعلماً، وهذا النوع من التعليم انتشر في مختلف أقطار العالم الإسلامي في العصور المتقدمة فقد كانت المرأة تعظ النساء في المساجد وتعلمهن ما يحتجنه من الفقه وغيره.
4 – أثر النساء في إجازة العلماء: لم يقتصر دور المرأة على التعلم فقط بل كان لها أيضا أثر واضح في نشر ما تعلمته والإجازة فيه فمن خلال دراسة سير عديد من النساء العالمات يتضح أن الأقربين للمرأة- رجالا ونساء- كانوا هم أول من يستفيد من علمها، ثم هي لا تبخل بعلمها على طلبة العلم الآخرين، فتمارس التعليم بمختلف الوسائل التي لا تتعارض والتزامها بأوامر دينها، فتدرّس خلف الستر وتجيز لمن أخذ عنها([40]).
فالحاصل أن لجهود نساء السلف في نشر العلم الشرعي في العصور الإسلامية أثراً واضحاً.
ومن نظر إلى كتب طبقات المحدِّثين وغيرهم من أهل الحديث يجد ذلك جلياً فقد دونت هذه الكتب في طياتها جملة من النساء اللاتي نشرن العلم فمن ذلك مثلاً مسند الإمام أحمد × فمن نظر إليه يجد أن المحدِّثات من النساء قد استغرقت المجلد السادس من مسنده إلا قليلاً، ومسند أم المؤمنين عائشة ل ذكر فيه الأحاديث التي سمعتها وروتها وقد بلغ وحده أكثر من مائتين وخمسين صفحة.
وقد تسلسل العلم كذلك بين النساء بل في البيت الواحد حتى صارت الواحدة تروي أحاديث النبي ه عن أمها وجدتها. ومن شواهد ذلك ما رواه الإمام أبو داود في سننه: قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَتْنِى أُمُّ جَنُوبٍ بِنْتُ نُمَيْلَةَ عَنْ أُمِّهَا سُوَيْدَةَ بِنْتِ جَابِرٍ عَنْ أُمِّهَا عَقِيلَةَ بِنْتِ أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ عَنْ أَبِيهَا أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ ه فَبَايَعْتُهُ فَقَالَ « مَنْ سَبَقَ إِلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ »([41]).
ومن العلماء الكبار الذين أخذوا العلم ولا سيما الحديث والرواية – عن بعض النساء: الإمام الزهري، والإمام مالك بن أنس، والإمام أحمد، وأبو يعلى الفراء. وأبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو طاهر السِّلَفي، وابن الجوزي، والمنذري، وابن القيم، والذهبي، وابن حجر. وغيرهم الكثير .
أما في العصور المتأخرة فقد كان لبنات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب × وحفيداته دور في نشر العلم بين النساء ومن هؤلاء :
أولاً: فاطمة بنت محمد بن عبد الوهاب: فهي العالمة الفاضلة , ابنة شيخ الإسلام الإمام المجدد العالم محمد بن عبد الوهاب ×, وقد ذكرت المصادر التاريخية أن فاطمة كانت تقوم بتدريس النساء, ثم تجلس لتدريس الرجال من طلاب العلم , وتجعل بينها وبينهم سترة أثناء التدريس. وحينما استقرت في عُمان عملت فاطمة على نشر العقيدة السلفية بين أهالي عُمان, وتدريسهم التوحيد الخالص لله تعالى.
ثانياً: سارة بنت علي بن محمد بن عبد الوهاب: حفيدة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب × وابنة الشيخ علي بن محمد بن عبد الوهاب , وهو أكبر أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب, استمرت في طلب العلم, وتعليم النساء التوحيد والفقه، بل لم تنقطع عن نشر العلم والدعوة لسفرها من
بلدها, بل تستمر في طلب العلم ونشره في كل مكان تسافر إليه([42]).
وهذا ما يؤكد أن للمرأة المسلمة أثرها الطيب في تاريخ الإسلام, كما أن لها نصيباً في تحمل أعباء الدعوة , ونشر العلم الشرعي في أوساط النساء, وفق الضوابط الشرعية .
وما ذكرناه فيه كفاية لحث المسلمات على طلب العلم، والصبر على تحصيله، والحرص على نفع الناس به، ولا سيما في هذا العصر الذي تنوعت فيه سبل طلب العلم، وتعددت وسائل نشره بما يفوق الخيال.
المبحث الرابع: الآثار المترتبة على تعلم المرأة العلم الشرعي، وتحته تسعة مطالب:
المطلب الأول: أثر العلم الشرعي على حياة المرأة كزوجة:
حينما تتعلم المرأة العلم الشرعي يلزمها إن كانت زوجة أن تعمل بمقتضى ما تعلمته وأن يكون للعلم الأثر في حياتها إذ لا فائدة في علم لا يتبعه عمل ، ومن آثار العلم على المرأة إن كانت زوجة ما يلي:
1- طاعتها لزوجها في المعروف لقوله تعالى :{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً}[النساء: 34]. ومعنى قولنا في المعروف أي في غير معصية لله تعالى أو رسوله ه ففي الحديث: (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) ([43]).
2- ومن آثار العلم على المرأة إن كانت زوجة أنها لا تمنعه نفسها متى شاء ،ما لم يكن هناك عذر كمرض أو نفاس أو حيض ، فالنشوز وعدم تلبية طلب الزوج إذا دعاها معصية لله تعالى: قال ه: (إذا دَعَا الرَجُل امرأتَه إِلى فِراشِه فَلم تَأت فَباتَ غَضباناً عَليهَا لَعنتَها الملائكة حَتى تُصبح)([44]). وقال ه: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ([45]) لَمْ تَمْنَعْهُ)([46]).
3- ومن آثار العلم الشرعي على المرأة المسلمة المتزوجة أنه يكون سبباً في صون عرضها وحفظ شرفها، فالمرأة بعلمها الشرع تعلم أنها مؤتمنة على عرضها وشرفها. لقوله ه كما في حديث أبي هريرة ت:(فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ
تَكْرَهُونَ)([47]).
4- ومن آثار العلم الشرعي على حياة المرأة المسلمة في كونها زوجة أنها لا تُدخل بيت زوجها من لا يرغب في دخوله: لقوله ه كما في حديث أبي هريرة ت:(لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ)([48]). وقوله ه:(فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ) ([49]). قال النووي × :”في هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يفتات على الزوج بالإذن في بيته إلا بإذنه وهو محمول على ما لا تعلم رضا الزوج به أما لو علمت رضا الزوج بذلك فلا حرج عليها كمن جرت عادته بإدخال الضيفان موضعاً معداً لهم سواء كان حاضراً أم غائباً فلا يفتقر إدخالهم إلى إذن خاص لذلك وحاصله أنه لا بد من اعتبار إذنه تفصيلاً أو إجمالاً” ([50]).
5- ومن آثار العلم الشرعي على المرأة المسلمة حينما تكون زوجة أنها تحافظ على مال زوجها: لقوله ه:(والمرأة رَاعية في بَيت زَوجِها وهي مَسؤولةٌ عَن رَعِيتَها) ([51]). وقال أيضاً كما في حديث أبي أمامة ت:(لا تُنْفِقُ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الطَّعَامُ قَالَ ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا) ([52]).
7- ومن آثار العلم الشرعي على حياة المرأة المسلمة أنه بتعلمها العلم تعلم أن لزوم بيت الزوج وعدم
الخروج منه إلا بإذنه ورضاه عبادة تتقرب به لخالقها.
8- ومن آثار العلم الشرعي على حياة الزوجة أنها لا تصوم تطوعاً وهو حاضر إلا بإذنه ،لقوله ه :(لاََ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)([53]).
9- ومن آثار العلم الشرعي على حياة الزوجة شكر الزوج على ما يقوم به من أعمال تجاهها، وتحذر من كفران العشير، فعن أبي سعيد الخدري ت قال: خرج رسول الله ه في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال : (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) ([54]).
10- ومن آثار العلم الشرعي على حياة الزوجة إبداء النصح والتوجيه لزوجها : فمتى رأت من زوجها تقصيراً في طاعة الله فعليها نصحه بقدر ما تستطيع .
11- ومن آثار العلم الشرعي على حياة الزوجة الحذر من رفع الصوت وبذاءة اللسان.
فهذه جملة من آثار العلم الشرعي على المرأة المسلمة فيما بينها وبين زوجها ([55]).
المطلب الثاني : أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة كأم:
تكثر المشاكل بين الأم وأبنائها في محاولتها لتعويدهم على ما تريد وفي عصيانهم لها، فإذا أرادت الأم تجنب هذه المرحلة الصعبة فلتنظر إلى أثر العلم الشرعي النافع في تربيتها لأبنائها والذي يجنبها بإذن الله تعالى هذه المصاعب التي تواجهها أكثر الأمهات.
إن من أهم آثار العلم الشرعي النافع الذي يعود على الأمهات وعلى الأطفال بالنفع والفائدة العظيمة
هي عدم تعويدهم على مشاهدة ما يهدم ويدمر العقيدة والأخلاق، فرؤية هذه المشاهد وأمثالها تغير الأحكام والقيم عندهم فلا يعرفون بعد ذلك براً ولا ينكرون عقوقاً ويصبح البر بالوالدين أو عقوقهما سواسية عندهم، وما ذلك إلا نتيجة لإهمال التربية الشرعية للأطفال عند الصغر.
ومن هنا لابد أن يظهر للعلم أثره على المرأة نحو أبنائها وذلك في انتمائهم للإسلام، وتمثل أخلاقه، وآدابه، ولا يكون ذلك إلا عندما تعطي من نفسها القدوة لأبنائها، فتحرص تماماً على أن تتمثل فيها كل صفة، تحب أن تجدها في أبنائها، فكلما التزمت بأخلاق الإسلام وآدابه في قولها، وفعلها، وكلما اعتزت بانتمائها للإسلام، نشأ أبناؤها على التحلي بهذه الصفات.
وعليها أن تحرص وخاصة عندما يشب أبناؤها، ويصبحون أكثر وعياً أن تحدثهم عن المسجد، وأثره في المجتمع، وأن تهيئهم، وتؤهلهم للذهاب إلى المسجد بصحبة الأب، أو الأخ الأكبر، بمجرد أن يكونوا قادرين على ذلك وحدود هذه القدرة هي معرفة الوضوء، والطهارة في الثوب، ومعرفة الصلاة… إلخ فإن المسجد جزء أصيل من شخصية المسلم، وعامل مهم من عوامل تربيته.
وأن تحرص على ألا تقع أعين أبنائها في البيت على شيء يغضب الله، أو يخالف شيئاً مما أمر به الإسلام، من تمثال وغيره، أو كلب يعايش الأولاد في البيت، أو صور لا يسمح بها الإسلام، فإن وقوع أعين الأبناء على هذه الأشياء في البيت يعودهم التساهل في أمر دينهم وعبادتهم.
وأن تحرص الأم كذلك على أن تكون مصادر ثقافة أبنائها نقية لا يشوبها شيء من الترهات، والأباطيل، أو المغالطات، وذلك بأن تجعل من القرآن الكريم والسنة النبوية، وسيرة الرسول ه أساساً لمصادر هذه الثقافة. كما أن على الأم أن تختار صديقات بناتها وفق معايير الإسلام، وأخلاقه، وآدابه، وأن تتابع هذه الصداقات، وتحيطها دائماً بالرعاية والاهتمام، وأن تحرص على أن تستمر هذه الصداقة في مجراها الطبيعي المشروع ولا تتجاوزه إلى غيره، مما يتهامس به المراهقات.
وعلى الأم أن تخصص لأبنائها وقتاً بعينه في يوم تجلس إليهم، ولا تنشغل بسواهم من الناس أو الأمور،
وأن تقيم علاقتها بهم على أساس من الود، والاحترام، وأن تتعرف من خلال هذه الجلسات على مشكلاتهم، وما في أنفسهم من متاعب أو مسائل لا يجدون لها حلاً. ([56])
المطلب الثالث: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المعلمة:
المرأة المعلمة مربية وقدوة ومثل أعلى في نظر تلميذاتها وقد تفوق المعلمة منزلة الإقتداء والتأثر بها منزلة الأم في المنزل فنجد التلميذة وخاصة الصغيرة تعتقد الصدق والكمال والمثالية في معلمتها وأنها لا تخطئ ولا تقول إلا الصواب وتناقش هذه الصغيرة والدتها في ذلك مدافعة عن معلمتها.
ونظرة المجتمع بجميع طوائفه للمرأة المعلمة هي نظرة تقدير و تبجيل وأنها صاحبة رسالة شريفة ، وأنها معلمة الأجيال ومربيتهم، وأن مهنة التعليم مهنة أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم وسيادتها.
فإذا علمت المعلمة ما لها من تأثير في حياة التلميذات فإنه ينبغي أن تتعرف على العلم الشرعي الذي يكون له أعظم الأثر في تربية وتعليم الطالبات، لأنها مسؤولة أمام الله تعالى عن كل ما تقوله وتفعله أمام تلميذتها، قال ه:(كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) ([57])، فالمعلمة راعية ومسؤولة عن رعيتها من الطالبات. وأجل ما تربى عليه المعلمة طالباتها أن تربيهن على الدين القويم، والعقيدة الصحيحة؛ حتى ينشأن على الإسلام لا يرضين به بدلًا، ولا يبغين عنه حِولًا. وحتى يتعودن ذلك وتصبح تلك الآداب لهن ملكة وسليقة.
وكذلك تحرص المعلمة على تربية تلميذاتها على كريم الخلال وحميد الخصال، مع الحرص الشديد على تجنيبهن ما ينافي ذلك من مساوئ الأخلاق ومرذول الأعمال؛ فإن لذلك الصنيع أبلغ الأثر في نفوسهن. قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في وصاياه للمعلمين: “أنتم حراس هذا الجيل، والمؤتمنون عليه، والقوَّامون على بنائه، وأنتم بناةُ عقوله ونفوسه؛ فابنوا عقوله على أساس من الحقيقة، وابنوا نفوسه على
صخرة من الفضائل الإنسانية، وأشربوه عرفان قيمتها؛ فإن من لم يعرف قيمة الثمين أضاعه، وقد غُبِنَتْ هذه القيمُ في عصركم فكان ما ترون من فوضى واختلاط.
ربوهم على ما ينفعهم، وينفع الوطن بهم؛ فهم أمانة الوطن عندكم، وودائع الأمة بين أيديكم.
ربوهم على التحاب في الخير، والتآخي في الحق، والتعاون على الإحسان، والصبر إلا على الضيم، والإقدام إلا على الشر، والإيثار إلا بالشرف، والتسامح إلا بالكرامة”([58]).
ومن آثار العلم على حياة المرأة المسلمة كمعلمة أن تجنب طالباتها الانحراف بجميع أنواعه وأسبابه ومسبباته والتي من أخطرها الانحراف الفكري وهو أخطر وأسوأ أنواع الانحراف لما يحدثه من تخريب وإضعاف للعزائم وضياع للشخصية. وعليه فإن المعلمة المسلمة تعمل جادة في وقاية طالباتها من الفكر المتطرف ولتعلم أنه على عاتقها تقع مسؤولية بناء وإعداد الأجيال بصفة عامة وأجيال الأمهات بصفة خاصة المتسلحات بالعلم والمعرفة وحب الوطن والانتماء له، لا سيما وأنها هي المربية التي يمكنها أن ترسخ في الطالبات السمات العامة للوسطية الإسلامية الواضحة، وتجعلها منهجًا لحياتهن.
المطلب الرابع: أثر العلم الشرعي على حياة المرأة المسلمة فيما بينها وبين أبويها:
حق الوالدين على الأبناء لا يستطيع أن يحصيه إنسان، فهما سبب وجود الأبناء والبنات بعد الله عز وجل، ولن يستطيع الأبناء أن يحصوا ما لاقاه الأبوان من تعب ونصب وأذىً، وسهر وقيام، وقلة راحة وعدم اطمئنان من أجل راحة الأبناء والبنات وفي سبيل رعايتهم، والعناية بهم، فسهر بالليل، ونصب بالنهار، ورعاية واهتمام بالتنظيف في كل وقت وحين، وحماية من الحر والبرد والمرض، وتعهد وتفقد لحالة الأبناء من جوع وشبع، وعطش وروى، وتحسس لما يؤلمهم فهما يقومان بالعناية بالولد أشد عناية، فيراقبان تحركاته وسكناته، ومشيه وجلوسه، وضحكه وعبوسه، وصحته ومرضه، يفرحان لفرحه، ويحزنان لحزنه، ويمرضان لمرضه، فالأم حملت وليدها تسعة أشهر في الغالب تعاني به في تلك الأشهر ما تعاني من آلام و مرض ووهن وثقل، فإذا آن وقت المخاض والولادة، شاهدت الموت، وقاست من الآلام ما الله به عليم، فتارة تموت، وتارة تنجو.
والوالد ذلك الرجل الذي يكد ويتعب، ويجد ويلهث، ويروح ويغدو من أجل راحة أبنائه وسعادتهم.
وللوالدين على الأبناء حقوق كثيرة لا تعد ولا تحصى مكافئة لما قاما به من مساعٍ حميدة من أجل راحة الأبناء، وتنشأتهم تنشئة إسلامية، راجين بذلك ما عند الله والدار الآخرة، ثم راجين من الله تعالى حسن الرعاية من أبنائهما إثر تربيتهما لهم.
ومن أعظم آثار العلم الشرعي على حياة المرأة المسلمة فيما بينها وبين أبويها ما يلي:
1- حق الطاعة: والمقصود بالطاعة هنا الاستجابة لأوامرهما ورغبتهما في غير معصية الله. قال الله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا}
[العنكبوت : 8] .
2- الإنفاق عليهما عند الحاجة: فإن من إكرام الوالدين والإحسان إليهما أن يقدم لهما ما يحتاجان إليه من مال وغيره وخاصةً حين يصبحان غير قادرين على العمل .
3- الدعاء لهما: قال تعالى: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء:24] .
4- صلة الرحم وإكرام صديقهما .
5- إجابة ندائهما على وجه السرعة .
6- التأدب واللين معهما في القول والتخاطب .
7- عدم الدخول عليهما بدون إذنهما, ولا سيما وقت نومهما وراحتهما .
8- عدم التضجر منهما عند الكبر أو المرض والضعف, والقيام بخدمتهما على خير وجه.
9- إكرامهما بتقديمهما في جميع الأمور وبخاصة عند الأكل.
المطلب الخامس: أثر العلم الشرعي على حياتها فيما بين إخوانها وأخواتها:
الإخوة والأخوات ثمرات الوالدين وهم اقرب الأرحام وألصقهم بالنفس وأحبهم إلى القلب وهم الذين يقضي الطفل معهم صدر حياته و أيام الطفولة, جنبا إلى جنب في البيت والمدرسة وعلى الطعام والشراب وأثناء الليل والنهار لذلك أمر الله تعالى بالوفاء إليهم وصلتهم والإحسان إليهم , ونهى عن قطيعتهم والإساءة إليهم .
وللعلم آثار شرعية في حياة المرأة حيال إخوانها وأخواتها ومن أعظم هذه الآثار:
1- احترام الإخوة الكبار وتوقيرهم والعطف على الإخوة الصغار والحنان عليهم.
2- معاملة الإخوة والأخوات بالعطف واللين والإحسان.
3- التزام حسن الخلق والتحلي بالتواضع وخفض الجناح والمحبة والإيثار والتعاون.
4- الابتداء بالسلام عند الدخول عليهم والبشاشة في وجوههم.
5- مراعاة شعور الإخوة والأخوات بعدم الفرح أمام حزين وعدم الأكل أمام صائم وعدم الصخب قرب نائم.
6- محبة الخير لهم جميعا والعمل على إيصاله لهم.
7- الشكر على معروفهم ومكافأتهم عليه بأحسن منه.
8- الاهتمام بشؤونهم والتعرف على أحوالهم وتفقد حاجاتهم.
9- بذل النصيحة لهم ودعوتهم إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة وتذكيرهم بأداء الفرائض.
10- الاعتذار منهم عن الهفوات والزلات.
11- الإصلاح بين المتخاصمين منهم وتجنب التقاطع والتدابر والتحاسد وسوء الظن.
12- تجنب إيذاء احدهم باليد أو السب أو الكلام أو المزاح غير المهذب.
13- تجنب التدخل في شؤونهم الخاصة واستخدام أدواتهم دون إذن.
14- مراعاة الحشمة والأدب في الكلام واللباس وخاصة عند اختلاف الجنسين وغض البصر عن النقائص والعيوب .
المطلب السادس: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة الطالبة:
الطالبة قد تكون معلمة المستقبل فينبغي عليها أن تكون على وعي، ومعرفة بما تتلقاه من العلوم والمعارف التي تعرف من خلالها الصالح من الفاسد وتفرق بها بين الغث والسمين فتأخذ ما يناسبها وينطبق على قواعد الشريعة فيكون العلم الشرعي النافع هو المقياس للصالح، والصالح لما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية أما ما عدا ذلك فهو غثاء لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يتم لها ذلك إلا بطلبها للعلم الشرعي واطلاعها على الكتب النافعة، وسماعها للأشرطة المفيدة وعند ذلك يظهر الأثر العظيم للعلم الشرعي النافع في حياتها وطلبها للعلم.
وعندما يكون طلبها للعلم قد ارتبط بالعلم الشرعي فإن آثاره تظهر عليها أيضاً في علاقاتها مع زميلاتها الطالبات، وفي قدوتها من المعلمات فالعلم الشرعي النافع يجعلها مسلمة صالحة مطيعة لله تعالى.
وكذلك العلم الشرعي يجعلها تحسن اختيار من تجعلها قدوة لها من المعلمات فلا تستهويها من تقلد غير المسلمات في لبسها وهيئتها حتى يقال عنها أنها متحضرة ، بل يجعلها تقتدي بالصالحة الطيبة منهن.
وأهم أثر للعلم الشرعي في حياة الطالبة هو مدى احترامها وتوقيرها لمعلماتها ، اللاتي يعلمنها العلم النافع فإذا نظرت إلى العلم الشرعي واطلعت عليه علمت مدى ما للعلم والعالم من الفضل والاحترام والتقدير([59]).
المطلب السابع: أثر العلم الشرعي عليها مع ولاة أمورها:
السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين أصل من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، قلّ أن يخلو كتاب
فيها من تقريره وشرحه وبيانه، وما ذلك إلا لبالغ أهميته وعظيم شأنه، إذ بالسمع والطاعة لهم تنتظم مصالح الدين والدنيا معا، وبالتعدي عليهم قولاً أو فعلاً فساد الدين والدنيا.
ولقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يولون هذا الأمر اهتمامًا خاصًا، لا سيما عند ظهور بوادر الفتنة، نظرًا لما يترتب على الجهل به أو إغفاله من الفساد العريض في العباد والبلاد، والعدول عن سبيل الهدى والرشاد.
وللعلم الشرعي أثر ودور بارز في حياة المرأة المسلمة مع ولاة أمورها ومن آكد آثاره عليها ما يلي:
1 السمع والطاعة لهم في المعروف: من أهم الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة أنها تسمع وتطيع لولاة أمرها فالسمع والطاعة لولاة أمر المسلمين أصل من أصول العقيدة السلفية قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فطاعة الله ورسوله واجبة من كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم ،وإن منعوه عضلهم فما له في الآخرة من خلاق)([60]).
2 الصبر على جورهم : من أهم الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة تجاه ولاة أمورها أنها تصبر على جورهم وما يصدر من ظلم لها ، لقوله ه : (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا) قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ:(أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ)([61]). وقوله كما في حديث ابن عباس ب: (مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)([62])، فبالصبر على جور الأئمة وظلمهم يجلب من المصالح ويدرأ من المفاسد
ما يكون به صلاح العباد والبلاد .
3 بذل النصيحة لهم سراً وعلانية: من أهم الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة تجاه ولاة أمورها أنها تنصح لهم لعموم قوله ه (الدِّينُ النَّصِيحَةُ) قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: (لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ) ([63]). والنصيحة لولاة الأمر تكون بحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الأمة عليهم وكراهية افتراق الأمة عليهم ومعاونتهم على الحق والهدى وتذكيرهم بالبر والتقوى وتنبيههم إلى ذلك في رفق ولطف من غير عنف ولا تشهير ولا منابذة.
4 نصرتهم باطناً وظاهراً: من الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة تجاه ولاة أمورها أنها تقوم بنصرتهم باطناً وظاهراً وذلك ببذل المجهود معهم لما في ذلك من نصر المسلمين وإقامة حرمة الدين وكف أيدي المعتدين.
5 تبجيلهم وتعظيمهم وتوقيرهم: من الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة تجاه ولاة أمورها أنها تعرف لهم حقهم وما يجب من تعظيم قدرهم، فيعاملون بما يجب لهم من الاحترام والإكرام، وما جعل الله تعالى لهم من الأعظام([64]).
المطلب الثامن: أثر العلم الشرعي على حياتها مع خادمها:
للعلم الشرعي أثر في حياة المرأة المسلمة مع خادمها ذكراً كان أو أنثى وذلك لورود النصوص الشرعية التي تأمر بذلك، ومن أعظم أثر العلم الشرعي على حياة المرأة المسلمة حيال خادمتها أو خادمها أداء حقهم من الراتب المتفق عليه، فلا يجوز بخس راتبهما ولا تأخيره عنهما فإن ذلك حق لهما، وهضم الحقوق مخالفة ومعصية لله تعالى.
ومن الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة تجاه الخادم أيضاً أنها تحسن التعامل معه، فإن في ذلك تربية للنفس على التواضع. وقد كان سيد البشر ق خير الناس في معاملة الخادم. يقول خادمه أنس ت:(فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلاَ لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا) ([65]).
ومن الآثار أيضاً أنها لا تهينهما ولا تضربهما فعن أم المؤمنين عائشة ل قالت:(مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ق شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ خَادِمًا إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلاَّ أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) ([66]).
ومن آثار العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة تجاه خادمها أيضاً أنها لا تكلفه من الأعمال ما لا يطيق فإذا كان العبد المملوك لا يكلف إلا ما يطيق فالخادم الحر أولى، فإن كان هناك من عمل لابد منه فيحمل عنه ما هو فوق طاقته لقوله ق : ( إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ) ([67]).
ومن الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة تجاه خادمها أو خادمتها أن تعلمهما ما هو ضروري من أمور دينهما من أمور التوحيد والصلاة والصيام وغير ذلك مما هو ضروري ،وإن كان الخادم أو الخادمة غير مسلمين فدعوتهما إلى الإسلام وفي ذلك خير عظيم للمرأة لقوله ق : (فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ.) ([68]).
ومن الآثار المترتبة على العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة أنها تطعم خادمها مما يطبخ فإذا كان الخادم يطبخ لأهل بيتها فعليها أن تسمح له أن يأكل من طبخه؛ فإنه قد شم رائحة هذا الأكل ورآه فتاقت نفسه إليه؛ فعن أبي هريرة ت عن النبي ق قال:(إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً ، أَوْ لُقْمَتَيْنِ ، أَوْ أُكْلَةً ، أَوْ أُكْلَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلاَجَهُ([69]).) ([70]).
ومن أعظم آثار العلم على المرأة المسلمة أنها لا تخلو بخادمها وأنه لا يرى منها ما يحرم النظر إليه؛ فهو أجنبي عنها أجير لديها، وحكمه في النظر والخلوة حكم الأجنبي([71]).
المطلب التاسع: أثر العلم الشرعي في الحياة الدينية للمرأة المسلمة بصفة عامة والتي هي الطريق إلى الحياة الأخروية الأبدية
هذا الأثر هو المصب الرئيسي الذي تصب فيه جميع الآثار السابقة في حياة المرأة المسلمة فإن للعلم الشرعي النافع أكبر الأثر في حياة المرأة المسلمة الصالحة سواءً كانت أماً أو زوجة أو معلمة أو طالبة أو غير ذلك، فالعلم الشرعي النافع يجعل المرأة من أشد النساء حرصاً على أن يكون بيتها بيت صلاح ودين لا يسمع فيه إلا الذكر لله تعالى وتلاوة القرآن ولا يسمع فيه الغناء ولا الطرب والآثام.
فالعلم الشرعي النافع إذا أدخلته المرأة المسلمة إلى بيتها وحياتها تحول البيت والحياة إلى رياض للمغفرة وبساتين للعرفان وحدائق للحسنات.
والعلم الشرعي النافع يجعل المرأة المسلمة تزداد علماً وفهماً بأمور الدين والعبادة والآخرة وتحرص على تعلم كل ما ينفعها في الحياة الأخروية فالجهل بالآخرة يكون عندما يبتعد المرء عن العلوم النافعة التي تحث على العمل الصالح وترغب فيه، ويكون عندما لا يعرف الإنسان ما ينبغي منه من طاعات وعبادات فيجهل بذلك كل ما يربطه بالآخرة أو الاستعداد لها.
وبالعلم الشرعي النافع تزداد الهمة لطلب ما عند الله تعالى من النعيم الأخروي والحياة الباقية الدائمة، والحرص على الاستعداد للموت وضيق القبر وضمته.
ومن آثار العلم الشرعي النافع في حياة المرأة المسلمة أنه إذا كانت المرأة طالبة للعلم النافع فإنها تعلم أنه مهما عملت من أعمال وعبادات لله تعالى لا بد أن تحس بالتقصير وهذا شأن الصالحين وتحرص على الاستزادة دائماً من العبادات والطاعات للتقرب إلى الله تعالى ثم تسأله تعالى بعد ذلك كله أن يتقبل منها هذه الأعمال التي قامت بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
إن أهم ما يواجه المرأة المسلمة في وقتنا الحاضر هو الدعوات المضللة والشعارات المنحرفة والتي تنادي بتحلل المرأة وأن تترك دينها وعزها وحجابها وأن ترضى بالذل والإنحلال والفساد وغير ذلك مما يروج له
أعداء المرأة في كل مكان من يهود ونصارى وعلمانيين وغيرهم([72]).
فهرس المراجع
1 _ الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة، البهي الخولي، الناشر دار القلم بالكويت الطبعة الثالثة.
2 _ الجامع لأحكام القرآن أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى : 671ه ) دار الكتب المصرية – القاهرة.
3 _ أجنحة المكر الثلاثة، عبد الرحمن حسن حبنّكة الميداني، الناشر: دار القلم دمشق الطبعة الثامنة.
4 _ أخلاق العلماء، أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ البغدادي (ت : 360ه ).
5 _ أدب الدنيا والدين، على بن محمد بن حبيب الماوردي الشافعي.
6 _ الزهد، الحسن بن أبي الحسن يسار، دار الحديث1991م.
7 _ إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت.
8 _ المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، الناشر: دار الحرمين بالقاهرة، 1415ه .
9 _ المرأة المسلمة الداعية، محمد حسن بريغش، الناشر: مكتبة المنار، الأردن.
10 _ تذكير البرية بالحقوق الزوجية، محمد نصر الدين محمد عويضة.
11 _ جامع بيان العلم وفضله، أبي عمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي الناشر: مؤسسة الريان، الطبعة الأولى 1424-2003 هـ .
12 _ حقوق ولاة الأمر، للدكتور عبد الله العسكر.
13 _ حقوق الخدم، د. أحمد حمود الجسار.
14 _ حكم تعليم النساء، محمد منير الغضبان، الناشر: مكتبة التراث الإسلامية.
15 _ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني [ت: 430] الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت الطبعة: الرابعة، 1405هـ .
16 _ دور المرأة في تعزيز الثقافة الإسلامية لدى أبنائها في ظل تحديات العولمة، أ. عزيزة علي.
17 _ ديوان الإمام الشافعي، أبى عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، المتوفى عام 204 هـ .
18 _ سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت.
19 _ سنن الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق : أحمد محمد شاكر.
20 _ سنن ابن ماجة، ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، ت: 273ه، الناشر: مكتبة أبي المعاطي.
21 _ شعب الإيمان، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (ت : 458ه ) الناشر: مكتبة الرشد للنشر بالرياض، الطبعة: الأولى، 1423 هـ ، 2003 م.
22 _ صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، الناشر: دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1407ه – 1987م.
23 _ صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، دار الجيل بيروت.
24 _ صحيح الجامع الصغير وزيادته، محمد ناصر الدين الألباني، دار النشر: المكتب الإسلامي، بيروت الطبعة الثالثة، 1408ه ، 1988م.
25 _ صفة الصفوة، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج الناشر: دار المعرفة، بيروت الطبعة الثانية ، 1399هـ 1979م.
26 _ غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أحمد بن محمد الحنفي الحموي (المتوفى:1098هـ.
27 _ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، الناشر: دار المعرفة – بيروت ، 1379هـ.
28 _ مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، (ت:1421هـ)، جمع وترتيب: فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان، الناشر : دار الوطن.
29 ـ مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت.
30 ـ مجموع الفتاوى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى: 728هـ ) الناشر : دار الوفاء، الطبعة: الثالثة، 1426 هـ / 2005 م.
31 ـ مجلة الوعي الإسلامي وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.
32 ـ معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة للشيخ الدكتور عبد السلام برجس .
33 ـ مسند أحمد، أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني، الناشر: مؤسسة قرطبة – القاهرة.
34 ـ منهاج السنة النبوية، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، أبو العباس، دار النشر: مؤسسة قرطبة 25.
35 ـ نساء شهيرات من نجد، د. دلال الحربي.
الفهرس
م
الموضوع
الصفحة
1
المقدمة:
1
2
تمهيد، وتحته ثلاثة مطالب:
3
3
المطلب الأول: المقصود بالعلم الشرعي:
3
4
المطلب الثاني: فضل طلب العلم الشرعي:
4
5
جملة من فضائل العلم:
4
6
1 ـ العلم مقدَّم على العمل:
4
7
2 ـ العلم نور البصيرة:
5
8
3 ـ العلم يورث الخشية من الله تعالى:
5
9
4 ـ طلب الاستزادة من العلم :
6
10
5 ـ العلم أفضل الجهاد:
6
11
6 ـ التنافس في بذل العلم:
6
12
7 ـ العلم و الفقه في الدين أعظم منة:
7
13
8 ـ العلم مقدم على العبادة:
7
14
المطلب الثالث: وسائل طلب العلم الشرعي:
7
15
المبحث الأول: أهمية تعليم المرأة العلوم الشرعية، وتحته ثلاثة مطالب:
9
16
المطلب الأول: حكم تعليم المرأة المسلمة:
9
17
المطلب الثاني: المرأة وطلب العلم الشرعي:
10
18
المطلب الثالث: لماذا تطلب المرأة العلم الشرعي:
11
19
المبحث الثاني: ملاحظات وآداب لطالبة العلم الشرعي، وتحته مطلبان:
14
20
المطلب الأول: في ذكر بعض الآداب التي ينبغي للمرأة أن تتحلى بها عند طلبها للعلم:
14
21
المطلب الثاني: أخطار في طريق تعليم المرأة:
15
22
المبحث الثالث: تعليم المرأة في زمن النبوة، وتحته أربعة مطالب:
17
23
المطلب الأول: واقع تعليم المرأة المسلمة في عهد النبوة:
17
24
المطلب الثاني: مقارنة بين طلب المرأة للعلم قديماً وحديثاً:
19
25
المطلب الثالث: دور المرأة المسلمة في العلم والتعليم في عهد النبوة:
20
26
المطلب الرابع: جهود نساء السلف في نشر العلم الشرعي في العصور الإسلامية:
22
27
المبحث الرابع: الآثار المترتبة على تعلم المرأة العلم الشرعي، وتحته تسعة مطالب:
27
28
المطلب الأول: أثر العلم الشرعي على حياة المرأة كزوجة:
27
29
المطلب الثاني: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة كأم:
29
30
المطلب الثالث: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المعلمة:
31
31
المطلب الرابع: أثر العلم الشرعي على حياة المرأة المسلمة فيما بينها وبين أبويها:
32
32
المطلب الخامس: أثر العلم الشرعي على حياتها فيما بين إخوانها وأخواتها:
34
33
المطلب السادس: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة الطالبة:
35
34
المطلب السابع: أثر العلم الشرعي عليها مع ولاة أمورها:
35
35
المطلب الثامن: أثر العلم الشرعي على حياتها مع خادمها:
37
36
المطلب التاسع: أثر العلم الشرعي في الحياة الدينية للمرأة المسلمة بصفة عامة والتي هي الطريق إلى الحياة الأخروية الأبدية:
39
37
فهرس المصادر والمراجع:
41
38
فهرس الموضوعات:
43
([1]) المستطرف في كل فن مستظرف، شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح الأبشيهي (1/60).
([2]) رواه البخاري ،كتاب العلم: “باب من يرد الله به خيراً” (71) ومسلم ،كتاب الزكاة : باب النهي عن المسألة (1037).
([3]) رواه الإمام أحمد (5 /196) وأبو داود ،كتاب العلم ، باب الحث على طلب العلم (3641) والترمذي أبواب العلم ، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (2681) وابن ماجه ، افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم ، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم (223) قال الحافظ في “الفتح” ج(1 / 160) “وله شواهد يتقوى بها”.
([4]) رواه مسلم،كتاب الفضائل: باب وجوب امتثال ما قاله الشرع (2363) .
([5]) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (7/130).
([6]) سورة النحل: الآية (43).
([7]) رواه أبو داود ، كتاب الطهارة : باب في المجروح يتيمم (336).
([8])حلية الأولياء لأبو نعيم الأصبهاني (7/305).
([9]) أخلاق العلماء للآجري، ص (53).
([10]) ديوان الإمام الشافعي : ص (26).
([11]) الجامع لأحكام القرآن القرطبي (4/41).
([12]) مفتاح دار السعادة لابن القيم (1 / 70).
([13]) رواه البخاري، كتاب العلم: باب الاغتباط في العلم (73) ، ومسلم ،كتاب صلاة المسافرين: باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه (816) .
([14]) سبق تخريجه : ص(3).
([15]) رواه أبو داود في العلم : باب الحث على طلب العلم (3643) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة ( 223 ).
([16]) رواه الترمذي في العلم : باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (2685) ،وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (4213).
([17]) رواه ابن ماجه في المقدمة (224)، وأبو يعلى في المسند (5/223)، والطبراني في الأوسط (1/7)، وفي الصغير (1/36)، والبيهقي في الشعب باب طلب العلم (2/253)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (183)،
([18]) رواه البخاري في الجمعة: باب الجمعة في القرى والمدن (893)، ومسلم في الإمارة :باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر… (1829) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
([19]) أدب الدنيا والدين ـ للماوردي الشافعي ـ ص (106) .
([20]) منهاج السنة النبوية (8/148).
([21]) صفة الصفوة – ابن الجوزي (2/32) .
([22]) رواه الترمذي في العلم: باب ما جاء فيمن يطلب بعلمه الدنيا(2866) ،وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6383).
([23]) رواه الترمذي في صفة القيامة : باب في القيامة (2416). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (946).
([24]) الزهد للحسن البصري، ص (90).
([25])جامع بيان العلم وفضله أبي عمر القرطبي (192).
([26]) رواه البخاري في كتاب الزكاة : باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة (1352) ومسلم في البر والصلة والآداب: باب فضل الإحسان إلى البنات (2629)
([27]) أي : أمة.
([28]) رواه البخاري في كتاب العتق : باب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده (2410)، ومسلم في الأيمان باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده . . (1665).
([29]) رواه البخاري في كتاب العيدين : باب المشي والركوب إلى العيد والصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة (918)، ومسلم في أوائل كتاب صلاة العيدين (888)..
([30]) رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة :باب تعليم النبي ه أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل (6880): ،ومسلم في البر والصلة والآداب باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه (2633).
([31]) رواه البخاري في أبواب السهر : إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع (1176) ،ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها :باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما . .( 834).
([32]) فتح الباري ( 3/ 106) ( 1/ 365 )
([33]) رواه البخاري في كتاب الغسل ، باب الغسل بالصاع ونحوه (248) ،مسلم في الحيض باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة (320).
([34]) المرجع السابق.
([35]) فتح الباري ( 1/ 365 ).
([36]) رواه البخاري في كتاب العلم : باب الحياء في العلم (130) ،ومسلم في الحيض : باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها (313).
([37]) انظر كتاب أجنحة المكر الثلاثة ص:(588).
([38]) انظر: كتاب دور المرأة في تعزيز الثقافة الإسلامية لدى أبنائها في ظل تحديات العولمة، أ. عزيزة علي، ص (721-782).
([39]) انظر: مجلة الوعي الإسلامي وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت (العدد : 530) بتاريخ 3/9/2010م بحث دور المرأة في العلم والتعليم عبر العصور الإسلامية
([40]) انظر: مجلة الوعي الإسلامي وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت (العدد : 530) بتاريخ 3/9/2010م، بحث دور المرأة في العلم والتعليم عبر العصور الإسلامية.
([41]) رواه أبو داود في كتاب الخراج، باب في إقطاع الأرضين (3073).
([42]) نساء شهيرات من نجد، د. دلال الحربي.
([43]) رواه البخاري في الأحكام: باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (7145)؛ ومسلم في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (1840).
([44]) رواه البخاري في بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم آمين.. (3237)؛ ومسلم في النكاح: باب تحريم امتناعها من فراش زوجها (1436) (122).
([45]) القتب : هو الرحل الذي يوضع حول سنام البعير تحت الراكب.
([46]) رواه ابن ماجة في أبواب النكاح:باب ما جاء في فضل النكاح (1853) وصححه الألباني في الصحيحة (1203).
([47]) رواه الترمذي في الرضاع : باب ما جاء في حق المرأة على زوجها (1196) ، وحسنه الألباني في الإرواء برقم ( 1997).
([48]) رواه البخاري في النكاح : باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه (5195).
([49]) سبق تخريجه، ص35.
([50]) شرح صحيح مسلم (7/115).
([51]) رواه البخاري في الجمعة: باب الجمعة في القرى والمدن (893)، ومسلم في الإمارة : باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر… (1829) (20).
([52]) رواه أبو داود في الإجارة : باب في تضمين العارية (3567) ،وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة ( 2398 )
([53]) سبق تخريجه، ص 36.
([54]) رواه البخاري في كتاب الحيض: باب ترك الحائض الصوم (298). ومسلم في الإيمان: باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (79 ،80).
([55]) انظر في ذلك: كتاب تذكير البرية بالحقوق الزوجية، محمد نصر الدين محمد عويضة، ص (230).
([56]) انظر: كتاب أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة، أم حسن، ص (80).
([57]) سبق تخريجه، ص13 .
([58]) عيون البصائر، ص (299).
([59]) انظر كتاب: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة، أم حسن، ص (108).
([60]) مجموع الفتاوى (35/16-17).
([61]) رواه البخاري ،كتاب الفتن، باب قول النبي e (سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا)(7045).
([62]) رواه البخاري ،كتاب الفتن، باب قول النبي e (سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا)(7045)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر(1849).
([63]) رواه البخاري ،كتاب الإيمان، باب قول النبي e “الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ”(57)، ومسلم في الإيمان باب بيان أن الدين النصيحة رقم (56).
([64]) انظر في ذلك حقوق ولاة الأمر، للدكتور العسكر، ص (51)، ومعاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة للشيخ الدكتور عبد السلام برجس، ص (54).
([65]) رواه البخاري في الوصايا: باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كان صلاحا له..(2768)،ومسلم في كتاب الفضائل : باب كان رسول الله e أحسن الناس خلقاً ( 2309 ).
([66]) رواه مسلم في الفضائل: باب مباعدته e للآثام واختياره من المباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته (2328).
([67]) رواه البخاري في الإيمان: باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك (30)، ومسلم في كتاب الأيمان: باب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه (1661).
([68]) رواه البخاري في كتاب المغازي, باب غزوة خيبر, (3973), ومسلم في كتاب فضائل الصحابة, باب من فضائل علي(2406).
([69]) أي : تحمل مشقة حره ودخانه عند الطبخ وتعلقت به نفسه وشم رائحته.
([70]) رواه البخاري في كتاب العتق ، باب إذا أتاه خادمه بطعامه (2418).
([71]) انظر في ذلك: حقوق الخدم، د. أحمد حمود الجسار.
([72]) انظر كتاب: أثر العلم الشرعي في حياة المرأة المسلمة، أم حسن، ص (114).
مواضيع ذات صلة
-
ماذا لو فعل شخص أمرًا قال به بعض العلماء، ويراه آخرون غ....
الأثنين 27 جمادى الآخرة 1440هـ 4-3-2019م قراءة -
خطبة بعنوان: (أهمية الوفاء بالعهد في حياة المسلم) بتاري....
الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1440هـ 12-2-2019م قراءة -
أنا كنت مريضة ولم أستطع الصوم فهل عليّ شيء ؟....
الأثنين 20 جمادى الآخرة 1440هـ 25-2-2019م قراءة -
مرحباً بالشهر الكريم....
الخميس 23 جمادى الآخرة 1440هـ 28-2-2019م قراءة -
مقتطفات من اللقاء الشهري العشرين في جامع الفرقان بالزلف....
الخميس 13 ذو القعدة 1439هـ 26-7-2018م قراءة -
خطبة بعنوان: (استقبال العام الجديد وصيام عاشوراء) بتاري....
الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م قراءة