قراءة في كتاب (البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق)

الأحد 19 جمادى الآخرة 1440هـ 24-2-2019م
قراءة في كتاب (البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق)
عادل بن عبد الله باريان

‏الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
ففي قراءة هذا الأسبوع أرجعُ مع القارئ الكريم قرابة ثلاثين عاماً مع بحث فضيلة الشيخ أ.د / عبد الله بن محمد الطيار حفظه الله بعنوان : ” البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق ” ، وقد طُبع بالنادي الأدبي ببريدة ، عام 1408هـ ، والبحث في أصله رسالة تقدمَّ بها فضيلة الشيخ للحصول على درجة الدكتوراه من المعهد العالي للقضاء ، التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولربما قال قائل : لماذا رجعتَ بنا هذه السنون الطوال لتقرأ لنا في هذا الكتاب خاصة؟!.

فأقولُ : إنَّ الناظر والمتصفح لهذا الكتاب لو لم يعلم تأريخ تأليفه ، ولا تأريخ نشره ، سيقول جازماً: إنه مؤلف منذُ أيام قلائل ؛ فهو كتابٌ قديمٌ ،جديد ، تليدٌ ، طريف، وثانياً : هذا السؤال يسأله كل غيور على دينه ، وكل باحث في الاقتصاد الإسلامي ، وكل مهتم بالمصرفية الإسلامية وهو: هل هذه البنوك والمصارف الإسلامية أمرٌ نظري لا حقيقة له في أرض الواقع ، أم هو شيء موجود له صفاته وخصائصه التي تميزه عن النظام الربوي الرأسمالي .

فالبنوك الإسلامية القائمة تدور حولها علامات استفهام من صنفين من الناس:
أ المخلصون من المسلمين يريدون الحقيقة ، وهؤلاء على طبقات ودرجات :
الأولى: صنفٌ من المتحمسين لها الذين حرصوا على تطبيق النظرية الاقتصادية الإسلامية ، وعملوا جاهدين ليروها قائمة على صعيد الواقع ، ولو كان فيها بعض السلبيات .
الثانية: صنفٌ آخر من المتحمسين أيضاً حرصوا على قيام البنوك الإسلامية ، ولكنهم يرون المطبق منها درجة أقل مما ينبغي أن يكون .
الثالثة: صنفٌ من طلاب العلم لم يقتنعوا بفكرة البنوك الإسلامية ، وحينما تسألهم عن السبب يقولون: إنَّ هذه البنوك عملية ترقيع لا تفيد شيئاً ، وإذا سألتهم عن البديل لما تعانيه الأمة الإسلامية من انغماس في الربا وتهالك عليه لا تجد عندهم جواباً .
ب ـ الأعداء الذين يتقمصَّون الشخصية الإسلامية ، ويريدون التشكيك في صلاحية هذه البنوك وقدرتها على الثبات في عالم الواقع ، وهؤلاء حاولوا التشكيك في صلاحية فكرة البنوك الإسلامية ، وأنها خطوة عميقة لن تُجدي شيئاً.
ورغبةً في بيان الحق لهؤلاء الأصناف تجاه حقيقة البنوك الإسلامية ومساهمة في تصحيح الأوضاع القائمة أقدمَ فضيلة شيخنا الدكتور / عبد الله بن محمد الطيار للكتابة في هذا الموضوع ، وفيما يلي ـ بعدَ هذا التمهيد ـ أشرعُ مع القارئ الكريم في تصفح هذا الكتاب ، وأسأل الله لي ولكافة المسلمين العلم النافع والتوفيق والرشاد .

قسمَّ الشيخ حفظه الله بحثه إلى مقدمة ، وسبعة أبواب ، وخاتمة .
المقدمة : جاءت مقدمة الكتاب تحت عنوان ( الاقتصاد الإسلامي بين النُظم الأخرى ) ، وأشارَ الشيخ حفظه الله في هذه المقدمة إلى الفرق الشاسع بين النظم الوضعية والنظام الاقتصادي الإسلامي ؛ وهدفُ ذلك بيان مدى حاجة البشرية إلى النظام الإسلامي بعد أن جربت النظم الوضعية؛ وذاقت منها الويلات وزادتها تأخراً وانحطاطاً إلى الهاوية ، يقول الأستاذ المودودي : ( فنظرية الإسلام الاقتصادية بكلمات مختصرة هي أنَّ الرابطة بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة وثيقة من حيث فطرتهما فمن الواجب أن تكون بينهما الموافقة والمعاونة لا المزاحمة والمصارعة ) .

الباب الأول : جاء بعنوان ( البنوك الربوية ) وقد اشتمل على فصلين :
الفصل الأول: اشتمل على تفصيل القول في البنوك من حيث تعريفها ، ونشأتها ، ووظائفها ، وأنواعها .
الفصل الثاني: تضمَّنَ تعريف الربا ، وأنواعه ، وأدلة تحريم الربا ، ومضار الربا ، وحكمة تحريم الربا في الإسلام ، وشبهات القائلين بحل الربا والرد عليها .

الباب الثاني بعنوان : ( البنوك الإسلامية ) واشتملَ كذلك- على فصلين :
الفصل الأول: عرفَّ فيه المؤلف ـ حفظه الله ـ بالبنوك الإسلامية ، ونشأتها ، وأهم خصائصها التي يميزها عن غيرها من المصارف الربوية .
الفصل الثاني: تضمَّنَ موضوعاً قيماً وهو إسهام البنوك الإسلامية في التصحيح الإسلامي للمسار الاقتصادي .

الباب الثالث : عنونَ له المؤلف ـ حفظه الله ـ بـ ( مصادر الأموال والعقود الحاكمة للتعامل المصرفي في البنوك الإسلامية ) .
وقد اشتملَ هذا الباب على فصلين هما :
الفصل الأول : مصادر الأموال في البنوك الإسلامية ، وقد أشارَ المؤلف في هذا الفصل لمصادر الأموال في البنوك الإسلامية سواء كان جهة المال داخلي أم خارجي .
الفصل الثاني : وقد أشارَ فيه المؤلف ـ أثابه الله ونفعنا بعلمه ـ إلى العقود الحاكمة للتعامل المصرفي في الإسلام ، وقد عرفَّ بأهم العقود في الشريعة الإسلامية ، مع بيان مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع ، ثم أتبع التعريف أهم أحكام تلك العقود على وجه الاختصار والإيجاز ، وقد أشارَ المؤلف في هذا الفصل إلى سبعة مباحث وهي : عقد الوديعة ، عقد الإجارة ، عقد القرض ، عقد الحوالة ، عقد الشركة ، عقد الوكالة ، عقد الضمان .

الباب الرابع : وقد حمل هذا الباب موضوع ( وظيفة البنوك الإسلامية ) ، وقد تحدث المؤلف في فصله الأول عن أبرز الخدمات التي تقدمها البنوك الإسلامية ، وأشار فضيلة الشيخ إلى عشرة مباحث ـ وهي تعتبر أهم الخدمات التي تقوم بها البنوك الإسلامية ـ : الودائع ، الأوراق التجارية ، الاعتماد المستندي ، خطابات الضمان ، التحويلات المصرفية ، تأجير الصناديق الجديدة ، إدارة الممتلكات والتركات والوصايا والزكاة ، بيع الأسهم والسندات والعملات الأجنبية ، عملية الاكتتاب وحفظ الأوراق المالية ، القروض ، وقد تعرضَّ المؤلف لهذه الخدمات مع تعريف كل خدمة والمراد منها ، ثم بيان تكييفها الشرعي وذكر الأقوال ، ثم يقوم الشيخ بترجيح ما يراه راجحاً في كل مسألة من هذه المسائل .
أما الفصل الثاني لهذا الباب فقد تحدث عن موضوع مهم وهو: ( الاستثمار في البنوك الإسلامية ) وقد بينَّ فيه التكاليف التي تحكم استثمار الأموال في الإسلام ، والأسس التي يقوم عليها الاستثمار في الإسلام ، ثم أوضحَ أشكال الاستثمار في البنوك الإسلامية ، وتكييف العلاقة بين المستثمرين والبنك الإسلامي .

الباب الخامس : ( البنوك الإسلامية في تجاربها الأولى ) ، وقد جاء هذا الباب في ثلاثة فصول: الفصل الأول: عن بنوك الادخار وهي: كالتمهيد لقيام البنوك الإسلامية ، وقد تحدثَّ فضيلة الشيخ عن هذه البنوك من حيث: المناخ الذي عاصر بنوك الادخار ، ووضع الخطوات لأول مصرف غير ربوي ، ومبررات إنشاء بنوك الادخار في الريف ، ثم ختمَ هذا الفصل بـ ” مرحلة التوسع في بنوك الادخار ” ، وأما عن الفصل الثاني من فصول هذا الباب فهو بعنوان : ( بنك ناصر الاجتماعي) وقد جاء فيه عن نشأة البنك وأهدافه ، ورأس مال البنك وموارده ، وأوجه نشاط البنك ، ثم ختمَ المؤلف ـ أثابه الله ـ هذا الفصل برأيه في البنك الاجتماعي الإسلامي ، وأما الفصل الثالث فقد خصصه المؤلف للحديث عن البنك الإسلامي للتنمية ، وقد عرفَّ به من حيث نشأته ، وأهدافه ، وعضويته ، ومصادره المالية ، وهيكل البنك الإداري ، والطابع الدولي للبنك .

الباب السادس: ( البنوك الإسلامية بعد تجاربها الأولى ) ، وقد اشتمل على ثلاثة فصول : الأول منها: كان عن بنك دبي الإسلامي ، والثاني عن: بنوك فيصل الإسلامية ، والثالث عن : بيت التمويل الكويتي .
وقد كتب الشيخ ملحوظاته عن هذه البنوك الثلاثة في ختام كل فصل من هذه الفصول ؛ وذلك سعياً للتقويم ، وبياناً للحق .

الباب السابع: ( الخطط الجديدة للبنوك الإسلامية ) ، وقد اشتملَ هذا الباب على ثلاثة فصول: الفصل الأول جاء فيه المشاريع الجديدة للبنوك الإسلامية ، وقد تضمنَّ الحديث عن: البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار ، وبنك البحرين الإسلامي ، والشركات الإسلامية للاستثمار ، وأخيراً : دار المال الإسلامي .
أما ثاني هذه الفصول فكان بعنوان: ( الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ) ، تناول فيه التعريف بنشأة الاتحاد ، والأجهزة العاملة في الاتحاد ، والإنجازات التي حققها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ، أما الفصل الثالث: فيحتوي على مهمات ونفائس، ومن أهم ما تضمنه هذا الفصل: المآخذ على البنوك الإسلامية القائمة ، البنك الإسلامي البديل ، علاقة البنك الإسلامي بالبنوك الربوية ، شبه ومعوقات حول البنك الإسلامي وردها ، عوامل نجاح البنك الإسلامي ، وكيف يتم تصحيح أوضاع البنوك الربوية القائمة .
ثمَّ توجَّ الشيخ حفظه الله بحثه النفيس بخاتمة ومما جاء فيها : ( في نهاية هذا البحث أحمد الله الذي وفقني وأمد في عمري حتى فرغت منه كما أحمده، ـ وهو أهل الحمد وحده ـ … ولهذا فقد ارتضيت أن أسطر في هذه الخاتمة الاقتراحات التي أراها ضرورية لتمام هذا البحث، وما أقترحه اليوم قد يطرأ عليه شيء من التعديل في المستقبل، ولكنها بنات الفكر تسجل في وقتها. أسأل الله أن أكون موفقاً فيما أقدمه من اقتراحات، كما أسأله أن تجد التجاوب التام من المعنيين بها).

ومن هذه الاقتراحات التي جاءت في خاتمة هذا البحث، ما يلي:
1- أقترح أن تقوم الحكومات في البلاد الإسلامية بتصحيح أوضاع البنوك الربوية، وذلك بجعل هذه البنوك دوائر حكومية كغيرها من الدوائر التي تؤدي خدمات للناس، ويعطى الموظفون في هذه البنوك رواتب شهرية كغيرهم من الموظفين في مختلف المصالح الحكومية، وتبقى هذه البنوك تؤدي مهمتها كاملة مبتعدة عن الربا بجميع صوره وأشكاله، وما أيسر ذلك إذا وجد الإيمان الصادق والعزائم القوية.
2- فكرة البنوك الإسلامية لا تزال غامضة لدى عامة المثقفين في البلاد الإسلامية. ولإزالة الغموض عن هذه البنوك ولمزيد شرح فكرتها وبيانها للناس أقترح ما يأتي:
( أ ) تكثيف النشرات التي ترسم خطوات البنوك الإسلامية وكيفية نشأتها، وتوضح أعمالها المصرفية والاستثمارية.
(ب) تكثيف الكتيبات التي تبحث في البنوك الإسلامية وما حققته من إنجازات وما ستقدم عليه من خطوات لتكون المنجزات أمام الناس فيطلعون على الماضي المشرف والمستقبل المرسوم لهذه البنوك.
(ج) القيام بمحاولة استقصاء لما كتب حول الاقتصاد الإسلامي وبالذات البنوك الإسلامية لتكون سهلة التناول بيد الباحثين والمهتمين بشئون الاقتصاد الإسلامي، ولقد أحسن الدكتور نجاة الله الصديقي صنيعاً حينما وضع القائمة الببلوجرافية لمراجع الاقتصاد الإسلامي.
(د) تشجيع الباحثين في المجالات المختلفة التي لها علاقة بالاقتصاد الإسلامي وتقديم كافة التسهيلات لهم ليكون العطاء كثيراً والإنتاج وافراً.
(هـ) التعاون مع بعض الجامعات الإسلامية لتفريغ بعض الباحثين المؤهلين للكتابة في القضايا المختلفة التي تتعلق بالبنوك الإسلامية.

(و) مجلة البنوك الإسلامية من أنجح الوسائل في نظري للتعريف بالبنوك الإسلامية، ولكن ـ مما يؤسف له ـ أن هذه المجلة غير معروفة عند كثير من مثقفي البلاد الإسلامية لقلة انتشارها، والذي أراه محاولة تكثيف انتشارها بمختلف الوسائل الكفيلة بذلك ومن أهمها: عرضها للبيع في الأسواق وإيصالها للمؤسسات التعليمية المختلفة لتصل إلى أيدي المثقفين في كل مكان.
(ز) تكثيف الندوات والمحاضرات لشرح فكرة البنوك الإسلامية، وليلتقي عن طريقها العاملون بالبنوك الإسلامية بجماهير الناس ويجيبوا عن أسئلتهم واستفساراتهم.
(ح) تكثيف الدورات التدريبية للعاملين في البنوك الإسلامية ليتعرف بعضهم على بعض ويتدارسوا مشاكلهم وقضاياهم في جو تسوده الألفة والمحبة والعلم المشترك لغاية واحدة.
(ط) محاولة نشر الميزانية الختامية وتوزيع الأرباح في جميع البنوك الإسلامية بالجرائد والمجلات واسعة الانتشار في مختلف البلاد الإسلامية ليتسنى لعامة المثقفين في هذه البلاد الإطلاع على نتائج أعمال البنوك والحكم عليها من خلال نتائجها، وهذا له أثره الكبير في إقبال الناس على المساهمة في هذه البنوك وتشجيعها لتواصل رسالتها في الحياة.

3- بعض الناس لا يزال يساوره شك في معاملات البنوك الإسلامية، ولهذا أقترح أن تقوم البنوك الإسلامية كل بمفرده بنشر جميع ما تقوم به من خدمات في مجال العمل المصرفي ومجال الاستثمار بكل صوره وأشكاله، وتذكر الأصول الشرعية لهذا التعامل حسب ما أقرته هيئة الرقابة الشرعية للبنك، وباطلاع المسلم على هذه المعلومات يقطع بسلامة وصحة تعامل هذه البنوك، أو يتضح له غبشها وعدم نزاهتها وبالتالي يحدد موقفه منها.
4- البنوك الإسلامية القائمة حالياً تجربة رائدة في الاقتصاد الإسلامي الأمثل، ومحاولة مني في تصحيح بعض الأوضاع لها أقترح أن تبتعد ابتعاداً كلياً عن الأمور التالية:
( أ ) أخذ المصاريف على القروض الحسنة.
(ب) تمويل بعض الأفلام لعرضها في التلفاز أو السينما.
(ج) اقتطاع جزء من الربح للاحتياطي قبل توزيع الأرباح في العمليات الاستثمارية.
(د) أخذ المصاريف قبل قسمة الربح في العمليات الاستثمارية.
(هـ) بيع المرابحة للأمر بالشراء واعتبار العقد ملزماً للطرفين.
(و) اقتطاع جزء من رأس المال في المضاربة يأخذه المضارب مع أن له حصة مشاعة من الربح.
(ز) التصرف في أموال الزكاة بأشكال مستحدثة.
(ح) حسم 5% من المنسحبين في مضاربة التكافل التي هي بديل عن التأمين على الحياة.
(ط) التوسع في عملية بيع التورق بحيث يقترن بها بعض المحاذير الشرعية.

وأخيراً ـ ليكن في علمك أيها المسلم ـ أن العالم الإسلامي من أقصاه يتلهف لعودة المنهج الرباني وهيمنته على مجريات الأمور في كل شئون الحياة ليتفيأ الناس في ظلاله الخير كل الخير في جو تسوده المحبة، والألفة، والتعاون المثمر البناء بين شعوب العالم الإسلامي، وإن الأمة الإسلامية ما أصيبت به أصيبت به ـ من كوارث ونكبات وأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية ـ إلا لبعدها عن منهج الله ويوم أن تفيء إليه ستسعد بإذن الله في العاجل والآجل: {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بهذه الكلمات ختمَ فضيلة الشيخ بحثه النفيس ، لكن الذي يبقى محل السؤال هو : هل استفادت المصارف الإسلامية من تجارب الماضي سعياً لتصحيح أوضاعها المصرفية ومعاملاتها المالية ، أم أنها تلتمس الحيل وتصبغ عليه الصبغة الشرعية ؟!

وقد ختمتُ آخر حلقة من القراءة في كتاب : ” الأزمة المالية العالمية رؤية إسلامية ” للدكتور : أشرف بن محمد دوابه حفظه الله بسؤال وهو : هل المسلمون أصحاب الرسالة والمنهج الشامل الصالح لإنقاذ البشرية جمعاء على مستوى الحدث و التحدي والجاهزية ؟! ، وما أجمل صراحة المصرفي صالح كامل ووضعه للنقاط على الحروف في محاضرة ألقاها في بنك التنمية الإسلامي بمناسبة منحه جائزة البنك حيثُ قال: (إنَّنا عندما نرفع شعار تطبيق الإسلام في المعاملات المصرفية نكون قد ألقينا على عاتقنا التزاماً بأنْ ننهضَ بمقتضيات ذلك الشعار، وأن لا نَهِنَ ولا نضعف وأن لا نركنَ للتبريرات والحيل والرخص ومن المهمِّ في هذا الصدد أن تبدو الفوارق واضحة ملموسة بين ثمرة تطبيق النظام المصرفي الإسلامي وبين نتائج العمل المصرفي الربوي إننا وبكل ثقة واطمئناناً إلى المصادر السماوية لمنهجنا الاقتصادي بشرنا الناس بأن آثار تطبيق الاقتصاد الإسلامي على الأمة ينعكس في قيادتها نحو التنمية الاقتصادية، وإيجاد القيمة المضافة، وزيادة المصادر وتشغيل العاطل وتأهيل العاجز ولكن إذا ما تمادينا في تقليد المصارف التقليدية وآثرنا سلامة توظيف أموالنا فسوف تغيب في التطبيق مميزات العمل المصرفي الإسلامي وتضييق الفوارق بينه وبين النشاط المصرفي التقليدي، وبذلك نكون قد خُنَّا أمانة الاستخلاف

أقول لكم ـ بكل الصدق والتجرُّد ـ إنَّنا لم نكتفِ باختيار اسم البنك فقط، ولكن أخذنا كذلك مفهومه الأساسي وبالتالي لم نستطع أن نوجد لمؤسساتنا المالية مفهوماً ونمطاً يتجاوز مسألة الوساطة المالية، والذي حصل أنَّ الصيغ الاستثمارية المفضَّلة لدى البنوك الإسلامية أصبحت هجيناً بين القرض والاستثمار، وهو هجين يحمل معظم سمات القرض الربوي وعيوب النظام الرأسمالي الغربي … ) .
وبهذه الكلمات أختمُ قراءتي لهذا الكتاب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع من موقع الفقه الإسلامي على الرابط التالي:http://www.islamfeqh.com/News/NewsIt…ewsItemID=1196