توجيهات للمعتمرين في رمضان

الأربعاء 22 جمادى الآخرة 1440هـ 27-2-2019م

شهر رمضان محطة من محطات الخير يتزود به المسلم عملاً صالحاً، وتقرباً إلى الله ليفوز في الآخرة مع الفائزين، ويسعد في الدنيا بلذة العبادة والأنس بالله، ومن أفضل الأعمال بعد الصيام التي يتقرب بها المسلم إلى ربه أداء العمرة في هذا الشهر المبارك لقوله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)(رواه البخاري ومسلم).
ولكن ينبغي أن ينتبه المسلم لبعض الملاحظات التي بدأنا نلمس آثارها ممن يعتمرون في هذا الشهر المبارك ومن ذلك:
أولاً: بعض المؤذنين والأئمة يعتمرون ويهملون مساجدهم ويترتب على ذلك إهمال جماعة المسجد، ولا ينيب الإمام أو المؤذن غيره، ولا يستأذن من الجهة المسؤولة وهي الأوقاف، ومعلوم أن الأذان والإمامة مسؤولية عظيمة، ويتقاضى المسلم على ذلك مكافأة من الدولة، فكيف يضيع الواجب بحثاً عن السنة وطلباً للأجر.
لكن لو أن الإمام أو المؤذن أناب كل منهما غيره، أو أناب أحدهما الآخر وكان النائب حسن التلاوة، عارفاً بأحكام الصلاة، ضابطاً للوقت، وترتاح له جماعة المسجد، واستأذن من يريد العمرة من الجهة المسؤولة، فهنا يصبح الأمر واسعاً إن شاء الله، ولا يلحق الإمام أو المؤذن حرج في مثل هذه العمرة في هذا الشهر المبارك.
ثانياً: بعض الأئمة يشق على جماعته في أول الشهر ويطيل الصلاة لكي يختم مبكراً ليعتمر في آخر الشهر، وهذا خطأ ظاهر فجماعة المسجد الذين هم أمانة في عنق الإمام أولى بالتخفيف وأحق بالرعاية، ثم إن الإمامة في حقه عمل واجب عليه والعمرة نافلة، فكيف يقصر في الواجب طلباً للنافلة.
ثالثاً: بعض الأسر تذهب في هذا الشهر المبارك إلى مكة وينشغل ولي أمر الأسرة عن الأولاد من البنين والبنات ويهملهم لأنه يتفرغ للعبادة، وهؤلاء الأولاد يحصل منهم من المفاسد ما لا تحمد عقباه لأنهم إذا أهملوا هناك فإن كانوا كباراً فيخشى عليهم ومنهم، وإن كانوا صغاراً فإنهم يزعجون المصلين في المسجد الحرام بالأصوات والعبث وهذا أمر يعرفه الناس جيداً.
إن انشغال ولي الأمر عن بناته يجعلهن يذهبن للأسواق ويزاحمن الرجال، وقد يتعرض لهن أحد بسوء ممن لا يخاف الله، فإذا كانت النساء ممنوعات من مزاحمة الرجال في أماكن العبادة كالطواف والصلاة، فكيف بمزاحمتهم في الأسواق والشوارع، فعلى الناصح لنفسه وأسرته أن يحفظ أولاده إذا ذهب بهم معه إلى مكة، وأن يراقبهم ويتابع خطواتهم لأنه مسؤول عنهم أمام الله جل وعلا.
رابعاً: بعض أولياء الأمور يذهب إلى مكة لأداء العمرة في شهر رمضان ويهمل أسرته في بلده، ويترتب على ذلك من المفاسد الشيء الكثير، ومثل هؤلاء بقاؤهم عند أسرهم ورعايتهم لهم أولى من الذهاب للعمرة لأن رعاية الأسرة والمحافظة عليها وتربية الأولاد واجب شرعي، والذهاب إلى مكة لأداء العمرة في رمضان نافلة مستحبة وتقديم الواجب أمر مقرر شرعاً.
يقول الله تعالى:[ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون](التحريم:6).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم..)(متفق عليه).
فعلى المسلم أن يحافظ على فلذات كبده وليعلم أن مما ينفعه بعد موته ولد صالح يدعو له، ولن يكون ذلك إلا بالتربية الصالحة والتقويم، والأخذ على أيديهم، وعدم تركهم في الشوارع يمرحون ويسرحون، ويؤذون عباد الله في غيبة من ولي أمرهم، فلننتبه لهذا الأمر العظيم.
أسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يحفظ علينا نعمة الأمن والاستقرار، وأن يحفظ ولاة أمرنا ومقدساتنا من كل سوء ومكروه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.