خطبة بعنوان “الدعوة إلى الجنة”.

الخميس 23 جمادى الآخرة 1440هـ 28-2-2019م

الخطبة الأولى :

الحمد لله نحمده … أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله فتلك وصية الله للأولين والآخرين وهي وصية الأنبياء أجمعين لأممهم وقد أكثر عليها واهتم بها خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .

أيها المؤمنون يقول الله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
تصوروا معي حينما توجه دعوة الشخص منا من أحد أصدقائه أو أقاربه الذين لهم مكانة عنده أو يوجه له دعوة من أحد المسؤولية ما هو مقدار اهتمامه وحرصه على تلبيتها واستعداده لها بأحس الثياب وأجمل المظهر والدقة في الموعد بل إن هذا الشخص سيتحدث عن هذه الدعوة ويفتخر بها ويذكرها لأصدقائه وأقرانه وهي دعوة وقتية سيمحوا الزمن أثرها بل سيفنى الداعي والمدعو لها.
وما ميزان هذه الدعوة في جانب الدعوة العظيمة المبرأة من كل عيب الصادرة من أكرم الكرماء وأرحم الرحماء وأعظم العظماء، هذه الدعوة الصادرة من رب العالمين وقد سجلت في القرآن الكريم هذا الكتاب الخالد المعجز.
وقد تكررت هذه الدعوة وهي دعوة عامة شاملة لكل أحد في كتاب لا يمحى ولا يبد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

أخي المؤمن ! هل انتبهت لهذه الدعوة؟ هل فكرت في إجابتك؟ هل عملت الأساب التي توصلك إليها؟ إنك تعرف الداعي وعظمته إنه رب العالمين الذي بيده أجلك ورزقك ومصيرك الذي بيده النفع والضر، الذي بيده الغنى والفقر والصة والمرض.
أما مكان الدعوة وموضع التكريم فإنه الجنة دار السلام دار الاطمئنان دار النعيم الخالد دار اللذة والسعادة الأبدية التي فيها ما تشتهيه نفسك وتلذ عينك، بل إن فيها ما لا يخطر على بالك من أنواع النعيم والتكريم والملذات، فيما ما لم تره عينك ومالا يتوهمه خيالك ولا سمعته أذنك
.
هذه الدار الفسيحة الواسعة دار الإعزاز والإكرام نعيمها دائم وحورها في الخيام، ورى أبو هريرة رضي الله عنه قال: يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: (لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك الأذفر أي أن جدرانها مطينة بالمسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس ويخلد لا يموت ولا يفنى شبابه).
هذه هي الدار التي دعانا له ربنا سبحانه وتعالى لنكون فيها ن المكرمين ونصبح فيها من الخالدين.

فهنيئا للمؤمنين الذي أجابوا الدعوة ودخلوا الدار وأشرقت على وجوههم علائم البشر والسرور وقد خلد الله ذكرهم بقوله. { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ . لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ . فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ . لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً . فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ . فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ . وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ . وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ . وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}.
وقال عنهم في سورة الدهر : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً . وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً . وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ . قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً . وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً . عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً . وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً . وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً . عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً . إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً}.
هذه الدار هي مكان تكريم الله لعباده المؤمنين عفرها سلفنا الصالح فأخذوا بوضعها وما أعده الله في للسابقين فطاروا إليها رغبة وشغفوا بها حبا ولذاها وموابها واستعذبوا الموت في سبيل الحصول عليها واستهانوا بالحياة وما فيها.

أخوتي في الله !
إن كل عاقل لبيب يرغب في إجابة هذه الدعوة الكريمة ولا يستهين بها والخاسر المغبون هو الذي يفرط في إجابتها ويتساهل في ذلك.
ولكن أتدري يا أخي ما الوسيلة لإجابة الدعوة إنها طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وامتثال الأوامر والنواهي استجابة لأمر الله وندائه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ }.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقو لما سمعتم واستغفروا الله يغفر لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل الجنة دار الطائعين وأشهد أن لا إله إلا الله المنعم الكريم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى دار سلام،صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وشمروا لطلب الجنة فإن سلعة الله غالية وإن سلعته الجنة، ورد عن جابر رضي الله عنه قال: (جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَةِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَأْدُبَةِ فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ).

عباد الله ! وإن من تمام الحمد والشكر أن نحمد الله نشكره على سلامة ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، فنحمد الله جل وعلا أن ألبسه ثوب الصحة والعافية ونسأل الله جل وعلا أن يديم عليه نعمة الصحة ليواصل مسيرة البناء بقوة ونشاط.
اللهم صلى وسلم …
اللهم أعز الإسلام ….