السؤال رقم: (4553) حكم اقتناء منتجات ماركات عالمية اتخذت من الصليب شعارًا لها؟

نص الفتوى :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هناك ماركات عالمية أشكال شعاراتها أقرب إلى علامة الزائد المتعارف عليه كماركة فان كليف وغيرها …، س: ما حكم لبسها؟ مع العلم أن الكثير قام بشرائها دون العلم بأن شعارها يقصد به صليب. ولكن أنا أريد أن أعرف كيف للصليب أن تتعدد أشكاله وهو على شكل واحد متعارف عليه، وإن كان قصد أصحاب الماركات بكونه اختصار لشكل الصليب فهو شكل مختلف عنه. عندما يضعون أشكال أخرى للصليب لماذا يحرّم علينا إذا كان شكل الصليب الحقيقي مختلف !! ولماذا قصدهم يؤثر على الحكم الشرعي؛ لأننا إذا ارتديناها لا نعني بذلك أننا نعتقد بما يعتقدونه لكن لكون هذا الشكل جميل، ولو فعلها مسلم أو مسيحي أو حتى يهودي ولم يقصد به شيء لكان جائز؟ أعرف أن التشبه بهم لا يجوز شرعاً ولكن هذا من المباحات كأي حلي يصنعونه ونرتديه كأي لبس، إذا كان شكل الصليب المتعارف عليه فهو أكيد لا يجوز ارتداءه لكن هذا الشكل مختلف. 10 / 4 / 1440هـ

الرد على الفتوى

الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فأولاً: الصليب هو العلامة التي تشير إلى إنسان مصلوب، فتكون من عمودين متقاطعين أحدهما رأسي، والآخر عرضي، ويكون جزء العمود الرأسي من أعلى أقصر منه من الأسفل، لكن الآن ترسم مستوية الأطراف كعلامة الصليب الأحمر، فلا فرق بين ما إذا كان الخط العمودي في الصليب أطول من الأفقي وما إذا كان مثله، ولا بين ما إذا كان الجزء الأعلى من تقاطع الخطين أقصر أو مساو للأسفل منه. وهذه شعارات لبعض الأندية، فإنهم يضعون هذه العلامة على أنها صليب، لا على أنها علامة الزائد التي في الحساب. وهذا من المحرمات التي لا يجوز للمسلم ارتكابها لا بلبس ولا صناعة ولا بيع، بل يتقي الله تعالى ويتحرز عن شعار الكفر الذي افتراه النصارى في دينهم. فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ) رواه البخاري. وعن أُمّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَرَأَتْ عَلَى امْرَأَةٍ بُرْدًا فِيهِ تَصْلِيبٌ، فَقَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: اطْرَحِيهِ اطْرَحِيهِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى نَحْوَ هَذَا قَضَبَهُ) رواه أحمد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:” الصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة، ولا بيعه صليبا، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ) ” انتهى. “مجموع الفتاوى” (22/141)،. أما ما ظهر منه أنه لا يراد به الصليب، لا تعظيما، ولا بكونه شعارا، مثل بعض العلامات الحسابية، أو بعض ما يظهر بالساعات الإلكترونية من علامة زائد، فإن هذا لا بأس به، ولا يعد من الصلبان بشيء لأن الصليب شعار الكفار ورمز كذبتهم التي يزعمون فيها أن المسيح صلب عليه. ثانياً: نقول للسائل: كيف يحل لموحد مسلم أن يلبس شعار الكفر، ويوافقهم على ما زعموه من قتل عيسى عليه السلام، والله تعالى قد نفى ذلك وأبطله كما قال:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:157]. فإن هذا فيه من تعظيمهم ما هو ظاهر. وإن لم يقصد به التعظيم لأن ظاهر الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا فرق بين أن يوضع الصليب من أجل تعظيمه، والإشارة إلى كونه من شعائر النصارى، وبين أن يكون لمجرد الدلالة على هذه الشركة، أو هذا المصنع. والمسلم يجب عليه أن يبتعد عما يكون من شعائر غير المسلمين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه الإمام أحمد وأبو داود. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى عليه ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها) والمسلم الذي رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيا ورسولا يجب عليه اتباع صراط الله المستقيم الذي كان عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته الكرام – رضي الله عنهم -، ومقتضى الاستقامة على هذا الصراط: أن يجتنب المسلم طريق المغضوب عليهم والضالين، من اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار، فلا يتبعهم في ضلالهم ولا يتشبه بهم في أفعالهم وألبستهم، ولا يخالطهم في أعيادهم وكنائسهم ومعابدهم، ولا يظهر الفرح والسرور بمناسباتهم ولا يهنؤهم بها، بل يتبرأ من ذلك كله، فإن مشابهتهم في الظاهر سبب لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل وفي نفس الاعتقادات، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن. كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.