السؤال رقم: (4575) حكم تارك الصلاة ؟ وما أدلة ثبوت السنة ؟
نص الفتوى : هل تكفير تارك الصلاة مذكور في القرآن وهل الذي يشك في صحة الأحاديث وأنها قد تكون كذب هل يكفر. هل النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كتابة الأحاديث وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم واستخار أحد الذين في زمنه من أجل أن يكتبه بمعنى أخر كيف أرد بالأدلة على من يقول ذلك وما هي القصة كامله وأين أجدها في كتب وغيره. 22 / 4 / 1440هـ
الرد على الفتوى
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فأولاً: من أدلة القرآن على كفر تارك الصلاة : قول الله تعالى : {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]
ووجه الدلالة في هذه الآية أن الله تعالى اشترط لثبوتالأخوة بيننا وبين المشركين ثلاثة شروط : أن يتوبوا من الشرك وان يقيموا الصلاة وأن يؤتوا الزكاة فإن تابوا من الشرك ولم يقيموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا بإخوة لنا ، وإن أقاموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا بأخوة لنا ، والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حين يخرج المرء من الدين بالكلية فلا تنتفي بالفسوق والكفر دون الكفر .
وقال تعالى أيضا : {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] ووجه الدلالة : أن الله قال في المضيعين للصلاة المتبعين للشهوات : ( إلا من تاب وآمن ) فدل على أنهم حين إضاعتهم للصلاة واتباع الشهوات غير مؤمنين .
لكن كفر تارك الصلاة هنا لمن ترك الصلاة كلية يعني لا يصلي أبداً، أما من كان يصلي أحيانا ويترك أحياناً فلا يكفر كفراً يخرجه من الملة بل يكون قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب.
ثانياً: أما السؤال عن حكم من يشك في صحة الأحاديث ونسبتها للنبي – صلى الله عليه وسلم – فأقول بأنه يجب على كل مسلم أن يؤمن بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كلها – إن صحت عنه – وألا يرد شيئاً منها ؛ لأن أحاديثه وسنته صلى الله عليه وسلم وحي من الله ، والذي يرد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رد الوحي من الله قال تعالى : {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم : 1 – 4] .
وقد أوجب الله تعالى على الناس طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم وأمر بذلك في آيات كثيرة من القرآن أذكر منها:
قال الله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ , فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32]. وقال تعالى : {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور : 56]. وغير ذلك من الآيات الكثيرة.
ومنكر السنة كافر مرتد بإجماع المسلمين. قال السيوطي رحمه الله في رسالته “مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة” :(اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر وخرج عن دائرة الإسلام ، وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة )اهـ
ثالثاً: أما ما جاء عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا حَرَجَ …) رواه مسلم
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم(18/129-130): (قَالَ الْقَاضِي: كَانَ بَيْن السَّلَف مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ اِخْتِلاف كَثِير فِي كِتَابَة الْعِلْم , فَكَرِهَهَا كَثِيرُونَ مِنْهُمْ , وَأَجَازَهَا أَكْثَرهمْ , ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازهَا , وَزَالَ ذَلِكَ الْخِلاف .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث الْوَارِد فِي النَّهْي، فَقِيلَ: هُوَ فِي حَقّ مَنْ يَوْثُق بِحِفْظِهِ، وَيُخَاف اِتِّكَاله عَلَى الْكِتَابَة إِذَا كَتَبَ. وَتُحْمَل الأَحَادِيث الْوَارِدَة بِالإِبَاحَةِ عَلَى مَنْ لا يَوْثُق بِحِفْظِهِ كَحَدِيثِ: ” اُكْتُبُوا لأَبِي شَاه ” وَحَدِيث صَحِيفَة عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَحَدِيث كِتَاب عَمْرو بْن حَزْم الَّذِي فِيهِ الْفَرَائِض وَالسُّنَن وَالدِّيَات. وَحَدِيث كِتَاب الصَّدَقَة وَنُصُب الزَّكَاة الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ كَانَ يَكْتُب وَلا أَكْتُب، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الأَحَادِيث. وَقِيلَ: إِنَّ حَدِيث النَّهْي مَنْسُوخ بِهَذِهِ الأَحَادِيث، وَكَانَ النَّهْي حِين خِيفَ اِخْتِلَاطُهُ بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَمِنَ ذَلِكَ أَذِنَ فِي الْكِتَابَة، وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ كِتَابَة الْحَدِيث مَعَ الْقُرْآن فِي صَحِيفَة وَاحِدَة ; لِئَلا يَخْتَلِط، فَيَشْتَبِه عَلَى الْقَارِئ فِي صَحِيفَة وَاحِدَة. وَاللَّهُ أَعْلَم .ا.هـ. “.
رابعاً: أما عن الكتب التي يمكن الاستفادة منها في ذلك فيمكنك البحث عن الكتب التي تبين حجية السنة أو التي تتناول الدفاع عنها وهي كثيرة في هذا الجانب.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.