السؤال رقم:(4453) ما صحة هذه القصة المنسوبة لسيدنا علي رضي الله عنه ؟

نص الفتوى : ‏”بعد زواجهما يقول سيدنا علي: فأحببتها حباً عظيماً فوالله ما ناديتها يوماً يا فاطمة ولكن كنت أقول يا بنت رسول الله، وما رأيتها يوماً إلا وذهب الهم الذي كان في قلبي، ووالله ما أغضبتها قط ولا أبكيتها قط ولا أغضبتني يوماً ولا أذتني يوماً، ووالله ووالله ما رأيتها يوماً إلا وقبلت يدها” ما صحة هذه القصة ؟

بتاريخ 4-3-1440هـ

الرد على الفتوى

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:

فلا أعلم لما ذكرته سندا ولكن يكفي في ذلك أن فاطمة رضي الله عنها تعلم أنها بنت سيد المرسلين وخاتم النبيين وسيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه، ومع ذلك رضيت بالقليل، ولم تطمع في متاع الحياة الدنيا، ولم تطمح نفسها إلى العيش الراغد، بل ضُرب بها المثل في زواجها اليسير المهر، القليل المؤنة. ولم تكن حياتها في بيت زوجها مُترفة ولا ناعمة بل كانت أقرب إلى التقشف والخشونة؛ لأن علياً رضي الله عنه -على عِظم مكانته لم يكن صاحب حظ من مال، ومن ثم فقد عاشت رضوان الله عليها في بيتها حياة بسيطة متواضعة، فهي تطحن وتعجن خبزها بيديها مع إدارة كافة شؤون بيتها الأخرى، إضافةً إلى حقوق زوجها عليها، وحين تعبت من عمل البيت وأثَّرَ عمل الرَحَى في يديها، طلبت من أبيها صلى الله عليه وسلم خادماً يساعدها، فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم لما هو أفضل لها، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أنَّ فاطمة أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً، وشكتِ العملَ، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما أَلفَيتِيه عندنا) قال: (ألا أدُلُّكِ على ما هو خيرٌ لك من خادمٍ؟ تسبِّحين ثلاثاً وثلاثين، وتحمَدين ثلاثاً وثلاثين، وتكبِّرين أربعاً وثلاثين حين تأخذين مضجعَك). قال القرطبي: “إنما أحالها على الذكْرِ ليكون عِوضاً عن الدعاء عند الحاجة، أو لكونه أحب لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر، وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيماً لأجرها”.

ولا ريب أن زوجة بهذه الصفات التي ذكرناها إن قال فيها زوجها علي رضي الله عنه فهو محق فيما قال لكن ليس لما ذكرته في سؤالك سند يعتمد عليه في ثبوت ما قاله علي رضي الله عنه ولذلك يجب العدول عنه.

والذي صح في كتب السنة ما رواه البخاري، ومسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: (جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي البَيْتِ، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ: انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟ فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ )

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.