السؤال رقم:(4639) هل يجوز الرجوع في الوقف واستعادته؟
نص الفتوى : بعد وفاة الوالد اجتمع الورثة وأخرجنا عمارة وقف للوالدين على أن تصرف في أعمال الخير. والآن بعد أربع سنوات عندنا رغبة في نقض هذا الاتفاق وإعادة الوقف إلى التركة وتوزيعه. فهل عملنا هذا صحيح أفيدونا
الرد على الفتوى
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فأولاً: لا يجوز لكم الرجوع فيما أوقفتموه للوالدين، لأنها خرجت من ملككم بالوقف، لما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أراد أن يتصدق بنخل له ، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يوقفه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ ، لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ ) .ولفظ مسلم : ( لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُبْتَاعُ )
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُبْتَاعُ ) يدل على أن الوقف لا يصح بيعه ولا شراؤه .
قال أبو الحسن الماوردي رحمه الله:” شِرَاءُ الْوَقْفِ بَاطِلٌ بِوِفَاقٍ (أي: باتفاق العلماء)” انتهى من “الحاوي”
ثانياً: الذي فهمته من سؤالك أن والديكم – رحمهما الله – أو أحدهما تركوكم على خير عظيم فهل استكثرتم عليهما أن تتصدقوا عنهما بجزء ولو يسير من الخير الذي تركوكم عليه مع أن النصوص الشرعية حثت على ذلك كما في حديث ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّ سَعدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِي اللَّه عَنْهم تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ (اسم لبستانه سمي بذلك لكثرة ثمره ) صَدَقَة عَلَيْهَا . رواه البخاري. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْ يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ *رواه النسائي وعَنْ سَعْدِ ابْنِ عُبَادَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ *رواه النسائي. وعن عَبْد اللَّهِ بْن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ بَيْنَما أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ قَالَ فَقَالَ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ صُومِي عَنْهَا قَالَتْ إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ حُجِّي عَنْهَا . رواه مسلم.
فالحاصل أنه إذا وقف الإنسان شيئا لزم الوقف، وانقطع حق الواقف في التصرف في العين الموقوفة، فلا يباع ولا يوهب ولا يورث. وليس للواقف الرجوع في وقفه، حتى وإن احتاج إليه.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.