السؤال رقم:(4492) كيفية الرد على من ينكرون عدم مشروعية المنبر؟

نص الفتوى:  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يرجى الإفادة حول قيام مجموعة من الشباب بإزالة المنبر الخشب الخاص بالمسجد والذي يخطب من عليه إمام المسجد بحجة أنه بدعة ولا يوجد دليل على سنته ولأنه يقطع صفوف المصلين. مع قيامهم بحفر الجدار وتفريغ مكان منه لوقوف خطيب الجمعة داخله وإلقاء الخطبة. يرجى إتحافنا بالحجة التي تمكنا من التصدي لهم وبيان مشروعية المنبر جزاكم الله خيرًا.
  بتاريخ:  20 / 3 / 1440هـ

الرد على الفتوى

الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فأولاً: روى البخاري ومسلم  عن أبي حازم بن دينار، أن رجالا أتوا سهل بن سعد الساعدي، وقد امتروا في المنبر مم عوده، فسألوه عن ذلك، فقال: والله إني لأعرف مما هو، ولقد رأيته أول يوم وضع، وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة – امرأة من الأنصار قد سماها سهل – (مري غلامك النجار، أن يعمل لي أعوادا، أجلس عليهن إذا كلمت الناس) فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بها فوضعت ها هنا، ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: (أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي)

وعن جابر بن عبد الله، قال: (كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده عليه)

وروى البخاري أيضاً عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، فقال: «من جاء إلى الجمعة، فليغتسل).

وقال الإمام البخاري وقال أنس: رضي الله عنه (خطب النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر).

فهذه أدلة صريحة في اتخاذ النبي – صلى الله عليه وسلم –المنبر للخطبة عليه فمن أين جاء من يقول ببدعية اتخاذ المنبر ولا دليل على سنته.

ثانياً: قولهم بأن المنبر يقطع صفوف المصلين. نقول بأن هذا الأمر معروف عند الأئمة المتقدمين ولم يقولوا ببدعيته ولا بوجوب إزالته

قالَ أحمد -في رواية أبي طالب والمروذي وغيرهما -: إن المنبر لا يقطع الصف. فيكون الصف الأول الذي يلي الإمام، وإن قطعه المنبر، بخلاف المقصورة.

وقال ابن قدامة -رحمه الله –: ” واختلفت الرواية عن أحمد في الصف الأول، فقال في موضع : هو الذي يلي المقصورة ؛ لأن المقصورة تُحمى . وقال: ما أدري هل الصف الأول الذي يقطعه المنبر، أو الذي يليه؟ والصحيح أنه الذي يقطعه المنبر؛ لأنه هو الأول في الحقيقة ، ولو كان الأول ما دونه أفضى إلى خلو ما يلي الإمام . ولأن أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يليه فضلاؤهم ، ولو كان الصف الأول وراء المنبر ، لوقفوا فيه “. المغني (2 / 262)

وسئل الرملي الشافعي: هل يعد المنبر فاصلا حتى يمنع اتصال الصف أو لا، فتحصل فضيلة الصف، كفضيلة الجماعة؟

(فأجاب) بأنه لا يعد المنبر فاصلا بين المصلي ورفقته؛ نظرا للعرف، فإنه يعده صفا واحدا ، كما لو لم يكن منبر ، ولم يقف في قدر مكانه أحد ، فتحصل معه فضيلة الصف ، كفضيلة الجماعة ، فقد أطلقوا أن الصف الأول هو الذي يلي الإمام “. فتاوى الرملي (1/ 250).

وهنا ننبه أنه ينبغي إذا كان المسجد واسعاً أن يتأخر الإمام، حتى يكون الصف الذي خلفه متصلاً بعضه ببعض ، غير مفصول بالمنبر ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتقون الصف بين السواري – أي بين الأعمدة – لأنها تقطع الصف . فأما إذا لم يمكن ، بأن كان العدد كثيراً ، ولا بد من تقدم الإمام ؛ فحينئذ يكون قطع الصف بالمنبر لحاجة ، ولا بأس به.

ثالثاً: لا ينبغي أن يكون مثل ذلك مثارا للخلاف أو الفرقة والشقاق بين المسلمين، ولا ينبغي التسرع بإطلاق القول بالتبديع. أسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين.

والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.