السؤال رقم (2014): ما توجيهكم لمن ابتلي بالوسواس في الذات الإلهية؟

نص الفتوى: أنا أعاني من أفكار قبيحة في ذات الله في الصلاة وفي النوم لا تتركني ولا أعرف إن كنت أنا أم لا وتشهد واغتسلت ثلاث مرات ولكن دون فائدة أعود كما كنت أو أسوأ أتوجه الي الله بكلمات سيئة وأصفه بصفات لا تليق به عز وجل في جسدنا والعياذ بالله وكل يوم لا أعلم أن كنت على الملة أم لا وبدأ ذاك الأمر بعد أن التزمت على الصلاة بأسبوع واحد ولا أعرف إن كان عقاب من الله أم ابتلاء إلا أني أشكر الله كل يوم على أني أعرف ديني أكثر وأستحقر نفسي عندما أتذكر تلك الوساوس ولكن هي لا تتركني وأصبحت أشعر أني مصدقة لها وهي قبيحة جدا لا أعرف كل يوم أتمنى من الله أن يأخذ روحي ولأني لا أريد أن أنتحر وأرسلت فتواي لكثير من المواقع ولكن دون جدوى لا أعرف أكيد العيب في أنا ولا أعرف إن كنت سأحاسب لأني أكتب أم لا ولكن أتمنى أن تجيبوني لا أريد أن يحزن الله مني حتى وأنا أقول ذلك أتوجه اليه بصفات وقحة….. تاريخ السؤال 11 / 11/ 1440هـ

الرد على الفتوى

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:

فأولاً: اعلمي أن ما أصابك أيتها السائلة إنما هو من الوسواس الذي سببه الشيطان فأكثري من الاستعاذة بالله من شرور الشيطان واعتصمي به. قال تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) رواه البخاري ومسلم. وقال أيضاً ( لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ) رواه مسلم.

وإذا قاوم العبد الشيطان على وسواسه وجاهده على ذلك وصبر على بلائه كان مأجورا على ذلك ولم يؤاخذه الله بما حصل منه وكان ذلك دليلا على كمال إيمانه ونور بصيرته. وقد وقع ذلك للصحابة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه. قالوا نعم. قال: ذاك صريح الإيمان) رواه مسلم.

والشيطان حريص أشد الحرص على الهجوم على قلب المؤمن والمؤمنة بالوسوسة فيه لإفساده وإذهاب نوره ولن يتمكن من ذلك بإذن الله ما دام العبد متحصناً بذكر الله. أما الكافر والمنافق فالشيطان مستغن عن الوسوسة في قلبه ليس بحاجة إليه لأن قلبه مظلم بالكفر. فقد جاء الصحابة لابن عباس وقالوا إن اليهود يعيروننا بقولهم نخشع في صلاتنا ولا تخشعون في صلاتكم فقال ابن عباس: وماذا يفعل الشيطان بالبيت الخرب.

فأبشري أيتها السائلة بأنه لن يكون لهذه الوساوس والخطرات نتائج إلا النتائج الطيبة، لأن هذه وساوس يصول بها الشيطان على المؤمنين، ليزعزع العقيدة السليمة في قلوبهم، ويوقعهم في القلق النفسي والفكري ليكدر عليهم صفو الإيمان، بل صفو الحياة إن كانوا مؤمنين.

وليست حالتك بأول حالة تعرض لأهل الإيمان، ولا هي آخر حال، بل ستبقى ما دام في الدنيا مؤمن. ولقد كانت هذه الحال تعرض للصحابة رضي الله عنهم كما سبق في حديث  أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال: ( أو قد وجدتموه؟). قالوا : نعم ، قال : ( ذاك صريح الإيمان) . رواه مسلم.  والمعنى أن حصول الوسواس في نفوسهم مع كراهتهم له ودفعه عن قلوبهم هو من صريح الإيمان وليس المراد أن الوسواس من صريح الإيمان.

ثانياً: نصيحتي لك أيتها السائلة تتلخص فيما يأتي:

  1. الاستعاذة بالله والانتهاء بالكلية عن هذه الوساوس كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
  2. الإكثار من ذكر الله تعالى واستغفاره وضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس.

3.الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالاً لأمر الله، وابتغاء لمرضاته، فمتى التفت إلى العبادة التفاتاً كلياً بجدٍّ وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله تعالى.

  1. اللجوء إلى الله مع الإكثار من الدعاء بمعافاتك من هذا الأمر.

وأسال الله تعالى لك العافية والسلامة من كل سوء ومكروه وأن يقوي إيمانك وينور بصيرتك ويقيك من شرور الشيطان ويحفظك من كيده.

والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.