السؤال رقم: (4917): حكم زواج الصغيرة بمن يكبرها سنًّا.
نص السؤال: يتزوج بعض الرجال المسلمين المسنّين من فتيات صغيرات لم يكملن في كثير من الأحيان البلوغ، على سبيل المثال: زواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، ما هو الحكم فيما يتعلق بذلك؟
الرد على الفتوى
الجواب: أما الصغيرة التي لم تبلغ، فالعقد عليها صحيح عند أكثر أهل العلم، وقيل لا يجوز أن تُزوَّج الصغيرة التي لم تبلغ؛ لأننا إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر، ولا نقول بالإجبار في البالغة فهذه من باب أولى.
والأولى عدم تزويجها إلا إذا ظهرت مصلحة راجحة مع مراعاة مصلحتها، لا لمجرد رغبة والدها.
أما الدخول بها، فقد ذهب الفقهاء إلى أن من موانع التسليم الصغر، فلا تسلم صغيرة لا تحتمل الوطء إلى زوجها حتى تكبر ويزول هذا المانع؛ لأنه قد يحمله فرط الشهوة على الجماع فتتضرر به. ودخول النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان بعد بلوغها هذا المبلغ، ولذلك تأخر بعد العقد عليها بنحو ثلاث سنوات، كما في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم “تزوجها وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين.
ومما يؤكد مراعاة هذا المعنى قبل زفاف عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: “أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أُقبل عليها بشيء مما تريد حتى أطعمتني القثاء بالرطب، فسمنت عليه كأحسن السمن”. رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني.
فالحاصل أن هناك فرقًا بين: العقد على الصغيرة التي دون البلوغ وبين الاستمتاع بها، بالوطء أو بما دون الوطء. ففرق بين المسألتين، والصغر الذي هو مانع من التسليم ليس هو الصغر المقابل للبلوغ، وإنما هو بمعنى عدم القدرة على الوطء.
وبهذا يتبين أن الدخول بالصغيرة منوط بقدرتها على الوطء، لا بمجرد العقد، والقاعدة الكلية في ذلك هي قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
وهاهنا أمر آخر ينبغي مراعاته لا سيما في أمر الزواج، وهو العرف، فإن اطَّرد باستهجان الاستمتاع بالزوجة الصغيرة التي لا تدرك ولا تميز، فينبغي مراعاة ذلك، فلا تسلم الزوجة قبل إدراكها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى): وإذا كان موجب العقد من التقابض مرده إلى العرف، فليس العرف أن المرأة تسلم إليه صغيرة، ولا يستحق ذلك لعدم التمكن من الانتفاع. اهـ.) ثم إن كل بلد له تنظيمه في هذا الأمر، فعلي الإنسان الالتزام بالنظام الذي لا يخالف نصًا شرعيًا، ولا يسوغ مخالفته.