السؤال رقم: (5143) هل تنعقد نية العمرة أو الحج بحديث النفس إذا كان من قبيل الوساوس؟

نص السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فضيلة الشيخ حفظكم الله: أنا لدي وسوسة وحديث نفس يقهرني

بخصوص انعقاد النية بالعمرة او الحج، وأنني في بعض الأحيان أحدّث بها نفسي دون التلفظ وأقول اللهم إنني لم أنوِ أن أحرم لا بعمرة ولا بحج ومن هذا القبيل أو اللهم إنني أتبرأ مما يحدث لدي وبسبب هذه الأشياء حجزت مع طبيب نفسي، لأنني قرأت فتوى أنه من انعقد بالنية وجب عليه الإتمام وأتمنى أنكم تشرحون لي انعقاد النية

الرد على الفتوى

الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:

فإن ما ذكره السائل عن نفسه بخصوص انعقاد النية، وما يعرض له عند إرادة العمل ما هو إلا حديث نفس أو وسوسة، يريد الشيطان أن يوقعه بها في الحرج والمشقة والعناء والتعب، وهذه أمور منفية في الشريعة الغراء، وقد نص القرآن على أن مراد الله الشرعي ـ وهو الذي يحبه الله ويرضاه لعباده- إنما هو التيسير ورفع الحرج عن عباده، كما قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: 185]. وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [{المائدة: 6]. وقال: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78].

 وكذلك كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ). رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا). رواه البخاري.

والمقصود تنبيه السائل الكريم على أن تشديده على نفسه من هذا الباب من الوسوسة المذمومة، وهي باب مشهور للوقوع في العنت والمشقة، وغرض الشيطان من تلك الوسوسة أن يلبس على العبد عباداته ‏ويفسدها عليه، وأن يحول بينه وبين ربه، فلا تفتح على نفسك هذا الباب حتى لا تكون فريسة للشيطان، يلبس عليك ويصرفك عن أعمالك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ. قَالَهَا ثَلَاثًا). رواه مسلم.

ولتغلب العبد على الوسواس الذي يصيبه في عبادته وأفكاره عليه أن يصدق في الالتجاء إلى الله ‏تعالى: ويلهج بالدعاء والذكر ليكشف عنه الضر ويدفع عنه البلاء، قال تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما ‏تذكرون). [ النمل: ]‏

ومما ‏يندفع به الوسواس الاستغفار، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم:” إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، فأما لمة الشطيان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، ‏وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن ‏وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم قرأ (الشيطان يعدكم الفقر ويأمر كم بالفحشاء) ” ‏رواه الترمذي.

‏وكذلك من أفضل علاج لهذه الوسوسة هو عدم الالتفات إليها؛ لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها وتمكنها.