السؤال رقم: (5174) السلام عليكم يا شيخ، معلوم أن الله خالق كل شيء، وهو الذي ينفخ الروح في الجنين، ولكن لماذا في الأحاديث الملك هو الذي ينفخ الروح في الجنين وأنه هو الذي يصوره؟
الجواب: أولا: الله تعالى هو الخالق البارئ، لا يوجد خالق غير الله ، قال عز وجل : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ) الفرقان/ 2 ، وقال سبحانه : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) الزمر/ 62 ، وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) فاطر/ 3
والله تعالى هو الذي يخلق الجنين في بطن أمه، قال تعالى : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) الزمر/6
وهو الذي يصوره كيف يشاء، قال الله تعالى: ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/6 .
ثانيا: لا يلزم من تفرد الله جل جلاله بالخلق والتصوير: أن يباشر ذلك بذاته العلية، من غير توسط ملك من ملائكته ، أو خلق من خلقه ، على ما يشاؤه سبحانه ويقدره ، بل هذا شأن الملوك في الدنيا : أنه ربما تولى أمرا بنفسه مباشرة ، وربما ولى ذلك بعض جنوده أو وزرائه أو بطانته ، ثم الأمر في ذلك أمره .
ثالثا: عن حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ : ( إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً ، بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا ، فَصَوَّرَهَا ، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَجَلُهُ ، فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ رِزْقُهُ ، فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ ) . رواه مسلم (2645)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ )رواه البخاري (3208) ، ومسلم (2643).
وهذا يدل على أن الذي يتولى مباشرة خلق الجنين في بطن أمه : إنما هو الملك الموكل بذلك ، عن أمر الله له ، وإرساله بذلك ، والملك لا يتقدم بين يدي ربه بشيء من ذلك ، ولا من غيره .
فتصوير الجنين وتخليقه وكتابة ما يتعلق به ونفخ الروح فيه يباشره الملك الموكل به ، بأمر من الله تعالى .)