السؤال رقم: (5192) لماذا يجعلنا الله نذنب ويجعل بعض البشر مشركين وعبدة أوثان مع أنه لا يحب ذلك ويعذب عليه، وكيف قدر علينا في اللوح المحفوظ ثم نؤاخذ على فعل كتب علينا في اللوح المحفوظ قبل أن نخلق.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فأولاً: الواجب على المسلم أن يرضى ويسلم لأمر الله تعالى ولا يقول لماذا يفعل كذا ولماذا لا يكون في ملكه كذا فهذا إن لم يكن فيه ردة عن الإسلام فهو نقص في إيمان العبد وصاحبه يخشى عليه والواجب على المسلم أن يقول سمعنا وأطعنا فهذا غاية التسليم لأمره ونهيه لأنه سبحانه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} {الأنبياء:23}.
ثانياً: اعلم وفقك الله أن الله سبحانه له الحمد على جميع ما قدره وقضاه، وقد خلق عباده فمنهم كافر ومنهم مؤمن، وقد أدخل أهل النار النار وإن حمده لفي قلوبهم لا يستطيعون غير ذلك كما قال الحسن رحمه الله، واعلم كذلك أنه سبحانه حكيم، فهو يضع الأشياء في مواضعها فيضع الهدى في موضعه والضلال في موضعه، وأما حكمة خلقه للكفار وإيجاده لهم مع علمه بأنهم يكفرون، وأنه سبحانه هو الذي قضى عليهم بذلك. فلأن كثيرا من أنواع العبودية التي يحبها الله تعالى لم تكن لتحصل لولا وجود الكفر والكفار، كعبودية الموالاة في الله والمعاداة فيه، وعبودية الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، أفترى لو لم يكن ثم كفار فكيف كانت تظهر فضيلة الرسل وأتباعهم، ومن كان يتخذ الله شهداء، وكيف كان يتحقق الصبر والمصابرة والمرابطة ونحوها من أنواع العبودية التي يحبها الله تعالى، وأيضا فإنه تعالى ذو الأسماء الحسنى، ولم تكن آثار أسمائه وصفاته لتظهر لولا خلق الكفار، فينتصر لأوليائه منهم ويخزيهم ويعاقبهم ويجعلهم عبرة لعباده ونحو ذلك من آثار أسمائه الحسنى وصفاته العلا، وأيضا فإنه سبحانه يحب أن يحمده عباده على نعمه وأعظمها نعمة الإيمان، وإنما تظهر هذه النعمة وينجلي حسنها بوجود ضدها وهو الكفر، وثم حكم كثيرة لخلق الكفار وإيجادهم تضيق عن بسطها هذه الفتوى المختصرة.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.